شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)

اذهب الى الأسفل

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)  Empty الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)

مُساهمة من طرف سامح عسكر الخميس نوفمبر 11, 2010 10:15 am

* حوارات مع مدرسة "التشيع السني": ولكي تتضح هذه القواعد المنهجية في ذهن القارئ الكريم أكثر، نختم هذه الدراسة بمقارنة سريعة لمنهج ابن تيمية وأهل الحديث في دراسة الخلافات السياسية بين الصحابة وبين منهج ابن العربي وتلامذته المعاصرين – ممن أدعوهم مدرسة التشيع السني - حتى تتضح المساوئ المنهجية السائدة في تناول هذه القضايا اليوم.

يعتبر القاضي أبو بكر ابن العربي (468-543 هـ) علما من أعلام المذهب المالكي وفاضلا »من فضلاء المالكية« (304). وهو من علماء الأندلس الذين لهم مشاركة في علوم شتى منها التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه والأصول والأدب والنحو والتاريخ. ذكر السيوطي أنه »جمع وصنف وبرع في الأدب والبلاغة، وبعد صيته. وكان متبحرا في العلم، ثاقب الذهن، موطَّأ الأكناف، كريم الشمائل« (305) وأضاف الذهبي أنه »أدخل الأندلس علما شريفا وإسنادا منيفا« (306). ووصفه ابن فرحون بأنه »الإمام العلامة الحافظ المتبحر، ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحفاظها« (307) كما وصفه ابن كثير بأنه »كان فقيها عالما وزاهدا عابدا« (308).

وقد ألف ابن العربي في مختلف العلوم. ومن أشهر مؤلفاته "أحكام القرآن" و"سراج المريدين" و"القبس في شرح موطإ الإمام مالك بن أنس" و"عارضة الأحوذي في شرح سنن الترمذي".

ومن ضمن كتب القاضي ابن العربي كتاب سماه "العواصم من القواصم" بسط فيه العقائد الإسلامية على طريقة الأشاعرة، وضَمَّنه فصلا عن الخلافات السياسية بين الصحابة وخصوصا حربيْ الجمل وصفين.

وقد نشر المرحوم الشيخ محب الدين الخطيب هذا الفصل في مجلد واحد صغير، وكتب بعض التعليقات على الكتاب، لا تخرج عن منهج ابن العربي في التناول، أغلبها من كتب التاريخ والأخبار، بل إن بعضها منسوب إلى كتاب معاصرين، لا شأن لهم بهذا الأمر، ولا علم لديهم به. ثم توالت طبعات الكتاب واشتهر، وانتشر بين طلبة العلم، وتوالت عليه التحقيقات، وعم معه أسلوب كاتبه بين كثير من الشباب وطلبة العلم.

والنسخة التي نعتمدها من الكتاب هنا من طبع "دار الجيل" في بيروت عام 1994، وقد كتب على صفحتها الأولى بعد عنوان الكتاب: "حققه وعلق حواشيه العلامة الشيخ محب الدين الخطيب. خرج أحاديثه وعلق عليه الأستاذ محمد مهدي الإستانبولي. وثقه وزاد في تحقيقه والتعليق عليه الدكتور محمد جميل غازي" !!

ومع كل ذلك ظل الكتاب بحاجة إلى الكثير من التحقيق والتعليق !! * مآخذ منهجية على ابن العربي: ولا بأس أن نعرض بعضا من المساوئ المنهجية التي انطبعت بها كتابات القاضي ابن العربي رحمه الله، وورثها أتباعه المعاصرون. وحتى لا نتحامل على الرجل – وهو علم من أعلام المسلمين الذين نجلهم – نترك الحديث لبعض المحققين من العلماء الأقدمين الذين انتبهوا إلى هذه المساوئ ونبهوا عليها:

أولا: السطوة والشدة: قال السيوطي في معرض حديثه عن حياة القاضي ابن العربي: »..ولي قضاء إشبيلية، فكان ذا سطوة وشدة ..« (309). وليست هذه السطوة والشدة بعيب مطلق، بل ربما كانت نافعة للقاضي في قضائه أحيانا. وقد افتخر القاضي ابن العربي – وحق له – بصرامته في القضاء، فقال: »ولقد حكمت بين الناس، فألزمتهم الصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، حتى لم يك في الأرض منكر، واشتد الخطب على أهل الغصْب، وعظم على الفسقة الكرْب« (310) كما امتَدح القاضي عياض ابنَ العربي بذلك »قال القاضي عياض: واستُقضِيَ [ابن العربي] ببلده، فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه. وكانت له في الظالمين سوْرة مرهوبة« (311). لكن المناظرات العلمية غيرُ القضاء، فالسطوة والشدة فيها في أمر سلبي، يدفع صاحبه إلى تجاوز حدود العدل والتوسط والإنصاف في التعامل مع المخالف. وهو ما وقع فيه ابن العربي، مع الأسف.

ثانيا: التحامل على المخالفين، وغمطهم حقهم، والوقوع فيهم دون إنصاف. ولا بأس بإيراد أمثلة من ذلك مع تعليق المنصفين من أهل العلم:

- قال ابن العربي متحدثا عن العلامة ابن حزم: ».. سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم … زعم أنه إمام الأمة يرفع ويضع، ويحكم ويشرع، وينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب عنهم، وخرج على طريق المشبهة في ذات الله تعالى وصفاته فجاء فيه بطوام … وعضدته الرياسة بما كان عنده من أدب ونسبة كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه ويحمونه، لما كان يُلقي إليهم من شُبه البدع والشرك ..« (312) وكأنما نسي ابن العربي أن »مما يعاب به ابن حزم وقوعه في الأئمة الكبار بأقبح عبارة وأشنع رد« (313) فارتكب نفس الخطإ. وقد علق الحافظ الذهبي على كلام ابن العربي بإيراد كلام مَن أنصف ابن حزم، ثم قال: »قلت: هذا القائل منصف، فأين كلامه من كلام أبي بكر بن العربي وهضمه لمعارف ابن حزم؟« (314).

- وقال القرطبي وهو ممن يجلون ابن العربي وينقلون عنه كثيرا: »وقد أوغل ابن العربي على أبي حنيفة في الرد والإنكار حين لم ير الإشعار [إشعار الهدي] فقال: "كأنه لم يسمع بهذه الشعيرة! لهي أشهر منه في العلماء"« (315) ثم بين القرطبي بأسلوب علمي رصين أن أبا حنيفة لا يجهل هذه الشعيرة كما أوهم ابن العربي، لكنه ردها بنصوص أخرى من السنة تنهى عن تعذيب الحيوان والتمثيل به. فالخطب سهل، والأمر لا يستدعي تحاملا ولا تجهيلا.

- وقال المباركفوري: »قال ابن العربي: "اعتقد قوم من الغافلين منع أسئلة النوازل حتى تقع" .. وهو كما قال، إلا أنه أساء في قوله "الغافلين" على عادته .. « (316).

- وقال ابن العربي في الرد على الطبري: »والعجب من الطبري يرى أن طرفْي النهار الصبح والمغرب، وهما طرفا الليل... قال الطبري: "والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح، فدل على أن الآخر المغرب". ولم يُجمع معه على ذلك أحد« وقد علق القرطبي على ذلك بقوله: »قلت: هذا تحامل من ابن العربي في الرد، وأنه لم يُجمِع معه على ذلك أحد. وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح.. « (317).

ثالثا: رد الأحاديث الصحيحة والوقائع الثابتة إذا خالفت رأيه الفقهي أو رؤيته السياسية. وهاك بعض الأمثلة :

- قال ابن حجر: »وقد حكى [القاضي] عياض عن هشام وعباد أنهما أنكرا وقعة الجمل أصلا ورأسا، وكذا أشار إلى إنكارها أبو بكر بن العربي في "العواصم" وابن حزم. ولم ينكرها هذان أصلا ورأسا، وإنما أنكرا وقوع الحرب فيها على كيفية مخصوصة، وعلى كل حال فهو مردود، لأنه مكابرة لما ثبت بالتواتر المقطوع به« (318).

- وقال الشوكاني: »روى ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح عن ابن المسيب قال: "أول من أحدث الأذان في العيد معاوية". وقد زعم ابن العربي أنه رواه عن معاوية من لا يوثق به« (319).

- قال القرطبي: »قال ابن العربي: وقد بلغت الجهالة بأقوام إلى أن قالوا: يقتل الحر بعبد نفسه، ورووا في ذلك حديثا عن الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل عبده قتلناه" وهو حديث ضعيف .. قلت: هذا الحديث الذي ضعفه ابن العربي وهو صحيح أخرجه النسائي وأبو داود .. قال البخاري عن علي بن المديني: "سماع الحسن من سمرة صحيح"، وأخذ بهذا الحديث. وقال البخاري: "وأنا أذهب إليه". فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان الإمامان، وحسبك بهما« (320).

- قال ابن حجر: »وأغرب القاضي أبو بكر بن العربي، فحمل قوله "أذَّن" على الأذان المشروع، وطعن في صحة حديث ابن عمر، وقال: "عجبا لأبي عيسى [الترمذي] كيف صححه، والمعروف أن الأذان إنما كان بحديث عبد الله بن زيد" انتهى. ولا تُدفع الأحاديث الصحيحة بمثل هذا مع إمكان الجمع كما قدمناه. وقد قال ابن منده في حديث ابن عمر: إنه مجمع على صحته« (321).

رابعا: التكلف والتعسف في إثبات الرأي الموافق ونفي الرأي المخالف.

- قال المباركفوري عن حديث "الخال وارث من لا وارث له": »وقد تعسف القاضي أبو بكر بن العربي في الجواب على هذا الحديث، فقال: المراد بالخال بالسلطان« (322) وقال الشوكاني: »ومن الأجوبة المتعسفة قول ابن العربي: إن المراد بالخال السلطان« (323).

خامسا: الإطلاق في نفي الأدلة التي لم تصل إلى يده أو لم تستحضرها ذاكرته. ومن أمثلة ذلك:

- قال ابن حجر: »ومن المستغرب قول ابن العربي: "لم يرد في الثوب الأصفر حديث"، وقد وردت فيه عدة أحاديث« (324).

- وقال ابن حجر: »قال ابن العربي: "لم أر للقميص ذكرا صحيحا إلا في الآية المذكورة وقصة أُبيّ، ولم أر لهما ثالثا فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم" قال هذا في كتابه "سراج المريدين"، وكأنه صنفه قبل [تأليفه] شرح الترمذي، فلم يستحضر حديث أم سلمة، ولا حديث أبي هريرة.. ولا حديث أسماء بنت يزيد.. ولا حديث معاوية بن قرة.. ولا حديث أبي سعيد.. وكلها في السنن، وأكثرها في الترمذي« (325).

- نقل الشوكاني عن القرطبي قوله: »ومن العجيب أن ابن العربي قال: "إن قولهم (الممسوخ لا نسل له) دعوى، فإنه أمر لا يعرف بالعقل، وإنما طريقه النقل، وليس فيه أمر يعول عليه". وكأنه لم يستحضره من صحيح مسلم« (326).

- قال الشوكاني: »وقد بالغ ابن العربي فقال: لم يرد في الظهار حديث صحيح« (327).

سادسا: التهويل والمبالغة : وممن انتبهوا لذلك الحافظ ابن حجر فقال:

- »..فجرى [ابن العربي] على عادته في التهويل والإقدام على نقل الإجماع مع شهرة الاختلاف« (328).

- »وبالغ ابن العربي على عادته، فقال: إن ذكر سعد بن معاذ في قصة الإفك وهم .. « (329).

- »قلت: بالغ [ابن العربي]كعادته في تضليل من حمل الحديث على ظاهره، وليس ما قاله غيره ببعيد« (330).

سابعا: نقل الإجماع في الأمور الخلافية. وقد ورد في الفقرة السابقة ما قاله ابن حجر في ذلك، ولا بأس بتعزيزه هنا ببعض التفصيلات. قال ابن حجر:

- »وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أن خديجة أفضل من عائشة، ورُدَّ بأن الخلاف ثابت قديما، وإن كان الراجح أفضلية خديجة« (331).

- »وأما قول ابن العربي [في الركعتين قبل المغرب]: "اختلف فيها الصحابة، ولم يفعلها أحد بعدهم"، فمردود بقول محمد بن نصر: "وقد روينا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون الركعتين قبل المغرب " ثم أخرج ذلك بأسانيد متعددة« (332).

- »وأغرب ابن العربي فحكى الإجماع على أن السعي ركن في العمرة .. « (333).

- »وأغرب ابن العربي فنقل الإجماع على أنها [الجمعة] لا تجب حتى تزول الشمس... وقد نقله ابن قدامة عن جماعة من السلف« (334).

- وقال القرطبي: ».. إلا أن القاضي أبا بكر بن العربي ذكر في كتابه المسمى بـ"القبس": قال علماؤنا رحمة الله عليهم: "هذا الحديث مردود بالإجماع". قلت: وهذا لا يصح، وقد ذكر هو وغيره الخلاف والنزاع، فلم يصح ما ادعوه من الإجماع، وبالله التوفيق« (335).

ثامنا: حدة الطبع: فالقاضي – رحمه الله – ممن يكتبون بأسلوب متوثب يكاد صاحبه ينقض على خصمه باليد، ولا يكتفي باللسان. واسمع إليه وهو يعلق على أقوال "الغرابية" – وهي طائفة من غلاة الشيعة - فيقول: إن هذه الأقوال »كفر بارد، لا تسخِّنه إلا حرارة السيف، فأما دفء المناظرة فلا يؤثر فيه« (336). ولا تخطئ عين القارئ لكتابيه "أحكام القرآن" و"العواصم" ما يعضد هذا الانطباع. وربما لم يجد البعض بأسا في مثل هذا التعامل في التصدي للمبتدعة، لكنهم ينسون الأثر السلبي لذلك على المتصدي نفسه في سلامة تحليله، وعدالة حكمه.

ولا بد من التأكيد هنا على أن ذكر هذه المساوئ المنهجية التي تتسم بها كتابات ابن العربي ليس الهدف منه تتبع العورات، وإنما التنبيه على أثر هذه المساوئ على تناوله للخلافات السياسات بين الصحابة، وما ورَّثه ابن العربي للشباب المسلم وطلبة العلم المعاصرين من انحراف في المنهج في تناولها.

لقد جعلت هذه المساوئ المنهجية كتابات القاضي في موضوع الخلافات السياسية بين الصحابة بعيدة عن منهج الاتزان والاعتدال الذي دعا إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، فجاءت ردة فعل عنيفة، تجاوزت حدود العدل والتوسط. والذي يتأمل الجدل الشائع الآن في الساحة الإسلامية حول هذا الموضوع يدرك إلى أي حد تتحكم هذه المساوئ المنهجية فيه: سطوة وشدة، وتحامل على المخالفين، ورد الأحاديث الصحيحة والوقائع الثابتة، وتكلف وتعسف في النقل والتحليل، وإطلاق في نفي الأدلة التي لم تصل المُناظر، ومبالغات وتهويل، ونقل للإجماع في أمور فيها خلاف معتبر..الخ

ونحن نحاول هنا التنبيه على بعض الأخطاء العلمية والمنهجية التي وقع فيها ابن العربي في كتاب "العواصم" واتبعه في أكثرها محققوا الكتاب، ومئات الآلاف من طلبة العلم الآخرين، حتى يتبين القارئ الكريم الفرق الهائل بين منهج ابن العربي ومنهج ابن تيمية: منهج الاتزان والاعتدال والتحقيق العلمي، ومنهج التهويل والتعميم وعدم التحقيق. وحتى يدرك الجميع أن منهج أهل السنة ليس إفحام الخصم بالحق وبالباطل، وإنما هو منهج العدل والاتزان والتوسط.

ولسنا نغض من قيمة جهد ابن العربي – معاذ الله - بل نعترف له بالفضل، وندعو الله تعالى أن يتقبل منه جهده، وأن يثيبه على قدر نيته ومحبته للصحابة رضي الله عنهم. لكن القصد الحسن أمر، والتحقيق العلمي أمر آخر، والغلو يدخل على الناس مع حسن النية كما يدخل مع سوئها، ويكفي ما فسر به ابن حجر ظاهرة وجود الخوارج، قال رحمه الله: »وكان أكثر أهل العراق من القراء الذين يبالغون في التدين ، ومن ثم صار منهم الخوارج« (337). * ملاحظات على كتاب "العواصم": وفيما يلي بعض الملاحظات على الكتاب، نصنفها إلى ثلاثة أصناف: أحكام على النصوص، وأحكام على الوقائع، وأحكام على الرجال.

أولا: أحكام على النصوص :

المثال الأول: أنكر ابن العربي أن مروان بن الحكم هو الذي قتل طلحة يوم الجمل وكان في جيشه، فقال: »ومن يعلم هذا إلا علام الغيوب؟ ولم ينقله ثبت« ثم علق محقق الكتاب يقول: »آفة الأخبار رواتها... وهذا الخبر عن طلحة ومروان لقيط لا يعرف أبوه ولا صاحبه. وما دام لم ينقله ثبت بسند معروف عن رجال ثقات فإن للقاضي ابن العربي أن يقول بملء فيه: ومن يعلم هذا إلا علام الغيوب؟!« (338). والواقع أن الأثبات نقلوا هذا الخبر وصححوه: قال ابن حجر: »وروى ابن عساكر من طرق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه [رمى طلحة] فقتله منها. وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة« (339). وقال الذهبي : »عن قيس قال رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم، فوقع في ركبته، فما زال ينسح حتى مات« وقد أخرجه الحاكم وابن سعد بسند صحيح (340) وقال الهيثمي: »رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح« (341). وممن ذكر مقتل طلحة على يد مروان من المحدثين الآخرين ابن عبد البر، وزاد: »ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه« (342) ومنهم العجلي (343) وابن حبان (344) والكلاباذي (345).

المثال الثاني: أنكر ابن العربي حديث "الحوأب" وقال: »ما كان شيء قط مما ذكرتم، ولا قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث، ولا جرى ذلك الكلام« (346) ثم علق الشيخ محب الدين قائلا: »إن الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى النبي صلى الله عليه وسلم، وزعموا أن عائشة ذكرته عند وصولهم إلى ذلك الماء ليس له موضع في دواوين السنة المعتبرة« (347). والواقع أن الحديث صحيح، وأنه موجود في دواوين السنة المعتبرة، ومنها مسند الإمام أحمد، ومستدرك الحاكم، وصحيح ابن حبان، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى. وقد صححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وقال ابن حجر: "سنده على شرط الصحيح" وقال ابن كثير: "وهذا إسناد على شرط الشيخين" وقال الهيثمي في رواية أحمد له: "رجال أحمد رجال الصحيح" وقال في رواية البزار: »رواه البزار ورجاله ثقات« (348).

المثال الثالث: في دفاع ابن العربي عن الوليد بن عقبة قال: »وأما الوليد فقد روى بعض المفسرين أن الله سماه فاسقا في قوله: "إن جاءكم فاسق بنبإ … " فإنها في قولهم نزلت فيه … وقد اختلف فيه، فقيل: نزلت في ذلك [يعني الوليد] وقيل: في علي، والوليد في قصة أخرى« (349). ثم علق الشيخ محب الدين على ذلك بتعليق طويل ذكر فيه أنه عكف على دراسة الأخبار الواردة في هذا الموضوع، قال: »فوجدتها موقوفة على مجاهد أو قتادة أو ابن أبي ليلى أو يزيد بن رومان، ولم يذكر أحد منهم أسماء رواة هذه الأخبار في مدة مائة سنة أو أكثر مرت بينهم وزمن الحادث« وشن هجومه على الذين »ملأوا الدنيا أخبارا مريبة ليس لها قيمة علمية«. ثم ذكر أن الخبرين الموصولين بهذا الأمر عن أم سلمة رواتهما ضعفاء أومجاهيل …الخ (350). ويبدو أن الشيخ الخطيب قد خانه الاستقراء هنا أيضا: فقد أخرج هذا الحديث أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه عن الحارث بن أبي ضرار، وهو صحابي ووالد أم المؤمنين جويرية، كما أنه أصدق شاهد عيان، إذ هو سيد قبيلة بني المصطلق التي أُرسل إليها الوليد، وهذه غير رواية أم سلمة، وغير الأخبار الموقوفة التي ركز عليها الشيخ الخطيب. وقال السيوطي في الحديث بهذا الطريق »سنده جيد« (351) وقال الهيثمي: »رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات« (352). أما قول ابن العربي: »وقيل في علي« فما أعلم أحدا سبقه إليه، أو لحقه فيه، خصوصا وأن المفسرين أطبقوا على نزول هذه الآية في الوليد، حتى نقل النسفي إجماعهم على ذلك (353). وأصل قول ابن العربي هذا هو أن بعض أهل العلم ذكروا أن الآية :"أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون" نزلت في الوليد بن عقبة وعلي بن أبي طالب (354) لكنهم ميزوا المؤمن من الفاسق، ولم يكن أمرهم عليهم غمة، ولذلك قال الشاموخي بعد إيراد هذه الرواية: »فالمؤمن علي بن أبي طالب، والفاسق الوليد بن عقبة« (355). وأرجو أن لا يكون حماس ابن العربي لتبرئة الوليد قد دفعه إلى القول بما يوهم تفسيق أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

المثال الرابع: وفي محاولة لتدعيم رأي ابن العربي حول قصة الوليد استدل الشيخ محب الدين بحديث للبيهقي يفيد بأن الوليد كان صبيا يوم الفتح، فلا يتأتى أن يتم إرساله إلى بني المصطلق (356) لكنه نسي أن في سنده مجهولا. قال الحافظ المزي: »والحديث منكر مضطرب لا يصح« (357). وقد أكد ابن حجر وابن عبد البر وغيرهما أن الوليد كان يوم الفتح رجلا (358). وورد من وقائع حياته ما يفيد ذلك: ويكفي من ذلك ما رواه بعض أصحاب المسانيد »أن امرأة الوليد أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله إن الوليد يضربها – قال نصر بن علي في حديثه: تشكوه – قال [النبي صلى الله عليه وسلم]: قولي له قد أجارني. فلم تلبث إلا يسيرا حتى رجعت، فقالت ما زادني إلا ضربا. فأخذ هُدْبة من ثوبه فدفعها إليها فقال: قولي له إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجارني، فلم تلبث إلا يسيرا حتى رجعت فقالت: ما زادني إلا ضربا. فرفع يديه فقال: اللهم عليك بالوليد أثِم بي مرتين« (359).

المثال الخامس: قال الشيخ محب الدين الخطيب: »روى الإمام الترمذي عن أبي إدريس الخولاني من كبار علماء التابعين وأعلم أهل الشام بعد أبي الدرداء أن عمر بن الخطاب لما عزل عمير بن سعد الأنصاري الأوسي عن حمص وولى معاوية، قال عمير: لا تذكروا معاوية إلا بخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اهد به". ويروى أن الذي شهد هذه الشهادة لمعاوية أمير المؤمنين عمر..« لكن الشيخ الخطيب أغفل أمرين هنا يقتضي البحث العلمي عدم إغفالهما: أولهما أنه لم يذكر تعليق الترمذي على الحديث، فقد ورد في سنن الترمذي بعد إيراد الحديث مباشرة: »قال أبو عيسى هذا حديث غريب، قال: وعمرو بن واقد يضعف« (360) وثانيهما أن رواية القصة عن عمر لم تصح فكان التنويه بذلك حريا بمن وعد قراءه بتخليصهم من أكاذيب المؤرخين والإخباريين. فقد أورد الذهبي هذا الحديث عن عمر ثم قال: »هذا منقطع« (361).

ثانيا: أحكام على الوقائع:

المثال الأول: قال محقق الكتاب الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله: »وبيعة علي هذه [يعني بعد ستة شهور من بدء خلافة الصديق] هي الثانية بعد بيعته الأولى في سقيفة بني ساعدة« (362). وهذا أمر مخالف لمنطوق الحديث الوارد في الصحيحين عن عائشة. وقد أشرنا إلى هذا الحديث من قبل، ونورد هنا كامل نصه: »عن عائشة أن فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال"، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا، ولم يُؤْذِن بها أبا بكر، وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجهٌ حياةَ فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر: أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك، كراهية لمحضر عمر، فقال عمر: لا والله لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عسيتهم أن يفعلوا بي، والله لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي فقال: إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبا، حتى فاضت عينا أبي بكر. فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته. فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر وتشهد علي، فعظم حق أبي بكر وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر، ولا إنكارا للذي فضله الله به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستبد علينا، فوجدنا في أنفسنا، ففرح بذلك المسلمون وقالوا: أصبت. وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف« (363).

والعجب أن الشيخ الخطيب نقل جزءا من هذا الحديث من صحيح البخاري حتى بلغ قوله: »فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته« ثم توقف، ولم يذكر الجملة التالية:" ولم يكن بايع تلك الأشهر".. لأنها لا تنسجم مع رؤيته المسبقة للأحداث. وهذا أمر غريب حقا، خصوصا وأن ابن العربي ومحب الدين الخطيب ظلا يحذران على طول صفحات الكتاب من الأخبار التي يرويها غير الثقات، ويلحان على الاعتماد على المحدِّثين فقط، حتى اتهم ابن العربي كل المفسرين والمؤرخين بالكذب. ومما يزيد الاستغراب أن الشيخ محب الدين اشترك في تحقيق كتاب "فتح الباري" مع المرحوم العلامة محمد فؤاد عبد الباقي، فليس هو بالذي يجهل أحاديث البخاري في الموضوع. ثم جاء تعليق الشيخ محمود مهدي الاستانبولي منسجما مع منهج ابن العربي ومحب الدين في التهويل، وضرب عرض الحائط برواية الصحيحين، فقال: »لقد اضطربت الروايات في بيان موقف علي بن أبي طالب من خلافة أبي بكر الصديق، ولعبت الدسائس دورها، ونسجت الافتراءات والأكاذيب حولها بقصد زعزعة الثقة بالإسلام بصورة عامة، وبالصحابة بصورة خاصة، وإظهارهم بمظهر الجشع والمتهالك على المناصب والأموال ولو بمخالفة الشريعة. ونحن هنا ننقل فيما يلي أصح الروايات عن موقف علي النبيل، ثم نأتي على بعض الروايات الأخرى التي تقول بامتناعه عن البيعة حتى وفاة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونوضح زيفها وكذبها« (364).

ولا بد أن القارئ سينتظر من الشيخ الاستانبولي مباحث علمية رصينة، وسيتحمس إلى متابعة القراءة له، خصوصا وأنه يقدم رأيه في إطار الدفاع عن أعراض الصحب الكرام ومكانتهم. لكن ظنه سيخيب قطعا حينما يقرأ الفقرة التالية لكلامه هذا، حيث قال: »قال العلامة محمد عزة دروزة في كتابه "الجنس العربي" ..!!« ثم أورد قصة اقتبسها الأستاذ دروزة من تاريخ الطبري، تقول إن عليا »أتى إليه الخبر عن جلوس أبي بكر للبيعة، فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء، عجلا كراهية أن يبطئ في بيعته« (365) وعقب الشيخ الإستانبولي بقوله: »وهناك روايات أخرى مختلطة ومكذوبة في رفض علي وبني هاشم بيعة أبي بكر، ضربنا عنها صفحا لتهافتها، وللروايات الكثيرة التي تثبت مسارعة علي لبيعة أبي بكر ..« (366). وبالنظر في أصل القصة في تاريخ الطبري نجد في سندها سيف بن عمر الإخباري المشهور الذي امتلأت كتب الجرح والتعديل تحذيرا منه ومن أكاذيبه، وهذا بعض ما قاله فيه علماء الرجال: قال الذهبي: »متروك باتفاق« (367) وقال ابن حبان: »يروي الموضوعات عن الأثبات« (368) وقال العقيلي: »هو ضعيف« (369) وقال ابن العجمي: »كان سيف يضع الحديث وقد اتُّهم بالزندقة« (370) وقال النسائي والدارقطني: »ضعيف« (371) وقال ابن أبي حاتم: »متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي« (372) وقال أبو نعيم الأصفهاني: »متهم في دينه، مرمي بالزندقة، ساقط الحديث، لا شيء« (373).

فهل قصة من رواتها سيف بن عمر - نقلها الشيخ الاستانبولي عن تاريخ الطبري نقلا غير مباشر - تصلح معارضا لحديث البخاري ومسلم؟ أم يصلح كتاب "الجنس العربي" منافسا علميا للصحيحين؟ وأين ما وعد به الشيخ من إيراد "أصح الروايات عن موقف علي"؟ وأين هي " الروايات الكثيرة التي تثبت مسارعة علي لبيعة أبي بكر"؟! وهل روايات الصحيحين داخلة في الروايات "المختلطة والمكذوبة في رفض علي وبني هاشم بيعة أبي بكر"؟

لقد كان في وسع الشيخ محب الدين والشيخ الاستانبولي الاستشهاد لرأيهما – على ما فيه من تكلف – بما ذكره ابن حجر، قال: »وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر« (374) يعني البيعة العامة التي كانت في المسجد في اليوم التالي لبيعة السقيفة. فهذه الرواية أقوى من روايات الطبري، وإن كان يشوش عليها أمران:

1. تساهل ابن حبان في تصحيحاته، حتى أعرض معظم علماء الحديث والمعاصرين عن تصحيحاته. ومن هؤلاء من الأقدمين: الذهبي وابن حجر والسخاوي والصنعاني، ومن المعاصرين عبد الفتاح أبو غدة وشعيب الأرنؤوط وحسين سليم أسد (375) والسبب أن لابن حبان منهجا في التصحيح شذ فيه عن منهج أهل الحديث الآخرين، فهو يقول بتوثيق المجهولين من الرواة، وهذا تساهل مفرط خالف فيه عامة المحدثين. وقد أثر ذلك سلبا على "صحيح ابن حبان" فورد »في تقاسيمه من الأقوال والتأويلات البعيدة والأحاديث المنكرة عجائب« حسب تعبير الحافظ الذهبي (376). وفي ترك ابن حجر – وهو الناقد المدقق - العهدة على ابن حبان في هذا إشارة كافية إلى ضعف هذا الخبر.

2. أن رواية الصحيحين المذكورة أعلاه – وقد رواها ابن حبان كذلك! – بلغت من الصراحة والوضوح ما لا يمكن دفعه، إذ كيف يمكن فهم عبارات مثل: "استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته" إذا كان علي قد بايع من قبل؟ وما معنى قول عائشة: "وذكر [أبو بكر]شأن علي وتخلفه عن البيعة"، بل ما معنى قولها: "ولم يكن بايع تلك الأشهر" إذا كان علي سبق أن بايع الصديق؟

إن كل هذا التكلف سببه الغلو والتهويل، والانطلاق من مقدمات خاطئة، مثل القول إن تخلف علي عن بيعة الصديق يقتضي "زعزعة الثقة بالإسلام بصورة عامة، وبالصحابة بصورة خاصة، وإظهارهم بمظهر الجشع والمتهالك على المناصب والأموال ولو بمخالفة الشريعة"!! حسب تعبير الشيخ الاستانبولي. وليس الأمر كما فهم الشيخ، ولا هكذا فهمه أئمة أعلام سلخوا حياتهم في الدفاع عن الصحب الكرام، من أمثال ابن تيمية والذهبي والقرطبي. وقد أوردنا من قبل تعليل ابن تيمية لتخلف علي عن بيعة الصديق بأن عليا »كان يريد الإمرة لنفسه «(377) وتعليله لتخلف سعد بن عبادة عن بيعة الصديق بأن سعدا: »كان قد استشرف إلى أن يكون هو أميرا من جهة الأنصار، فلم يحصل له ذلك ، فبقي في نفسه بقية هوى. ومن ترك الشيء لهوى لم يؤثر تركه« (378). فهل كان غرض ابن تيمية هنا "زعزعة الثقة بالإسلام بصورة عامة، وبالصحابة بصورة خاصة" !! أم أنه وجد التزام الحق أولى بالاتباع؟

الحقيقة أن لا شيء يدل على عظمة الصحابة رضي الله عنهم – وأبي بكر وعلي تخصيصا – مثل رواية الصحيحين، فهي تدل على استعداد علي لمراجعة الحق والدخول في جماعة المسلمين، مضحيا في سبيل ذلك بغرضه الشخصي وطموحه الدنيوي، كما تظهر سماحة الصديق في ذهابه إلى بيت علي وهو خليفة المسلمين - رغم أن عليا هو المخطئ هنا - إكراما للبيت النبوي، وتألفا للمسلمين، وتوحيدا لكلمتهم. وما أحسن ما قاله القرطبي في مدلول هذه القصة: »قال القرطبي: من تأمل ما دار بين أبي بكر وعلي من المعاتبة ومن الاعتذار، وما تضمن ذلك من الإنصاف، عرف أن بعضهم كان يعترف بفضل الآخر، وأن قلوبهم كانت متفقة على الاحترام والمحبة، وإن كان الطبع البشري قد يغلب أحيانا، لكن الديانة ترد ذلك، والله الموفق« (379). وتلك هي عظمة النفس البشرية التقية كما وصفها القرآن الكريم: »إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون« (380) لا عظمة الملائكة التي يتكلف ابن العربي وتلامذته لإيجادها، فيسلبون حياة الصحابة من معناها الشرعي ومغزاها الإنساني.

لكن للقصة مدلولا آخر يتجاوز الخليفتين الراشدين أبي بكر وعلي رضي الله عنهما، وهو أن الخلافة الراشدة هي وليدة مجتمع راشد: فرغم مكانة علي بن أبي طالب العظيمة في قلوب المسلمين، فإنه "استنكر وجوه الناس" حينما شذ عن الجماعة "فالتمس مبايعة أبي بكر ومصالحته". وقد أشار ابن حجر إلى أثر سلطان الجماعة هنا على بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما فقال في شرح الحديث: »قوله: "وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة" أي كان الناس يحترمونه إكراما لفاطمة، فلما ماتت واستمر على عدم الحضور إلى أبي بكر قصر الناس عن ذلك الاحترام، لإرادة دخوله فيما دخل فيه الناس، ولذلك قالت عائشة في آخر الحديث لما جاء وبايع "كان الناس قريبا اليه حين راجع الأمر بالمعروف"، وكأنهم كانوا يعذرونه في التخلف عن أبي بكر في مدة حياة فاطمة لشغله بها وتمريضها، وتسليتها عما هي فيه من الحزن على أبيها صلى الله عليه وسلم، ولأنها لما غضبت من رد أبي بكر عليها فيما سألته من الميراث رأى علي أن يوافقها في الانقطاع عنه« (381).

لقد راجع علي رضي الله موقفه من بيعة الصديق لسببين: أولهما ما في قلبه من تقوى وبر يجعله يتذكر ويراجع الحق، وثانيهما ما لقيه من صدود من الجماعة المسلمة. وهكذا فإن سلطان الجماعة لم يكن أقل شأنا من سلطان التقوى في الخلافة الراشدة، وهو ما ضيعته المجتمعات الإسلامية بعد ذلك فضاعت.

وقد كان علي فيما بعد يُثني على الشيخين أبي بكر وعمر أعطر الثناء، ومما رويَ في ذلك: »عن عبد خير قال: قام علي بن أبي طالب على المنبر، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر، فعمل بعمله وسار بسيرته حتى قبضه الله، ثم استُخلف عمر، فعمل بعملهما وسار بسيرتهما حتى قبضه الله على ذلك« (382) كما »كان أبو بكر يستعيذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن« (383) يعني عليا. ويكفي هذا دلالة على أن روح المحبة هي التي كانت سائدة، وأن الخلاف السياسي بينهما لم يكن سوى سحابة صيف.

وقد ودع عليٌّ عمرَ إلى مثواه الأخير بأعطر الثناء: »عن ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنَّفه الناس يدعون ويصلُّون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفتَ أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر« (384) كما خرج علي من الدنيا وهو يثني على أبي بكر أعطر الثناء: »عن أبي وائل قال: قيل لعلي [وقد أشرف على الوفاة]: ألا تستخلف علينا؟ قال: ما استخلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستخلفُ، ولكن إن يرد الله بالناس خيرا فسيجمعهم بعدي على خيرهم، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم« (385).

المثال الثاني: أورد ابن العربي حوارا بين معاوية وابن عمر حول بيعة يزيد، مقتضاه أن ابن عمر يتمنع من المبايعة ليزيد. فعلق الشيخ محب الدين قائلا: »هذا الخبر معارَض بما في كتاب المغازي من صحيح البخاري عن ابن عمر أن أخته أم المؤمنين حفصة نصحت له بأن يسرع بالذهاب إلى البيعة، وقالت: الحقْ، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في تخلفك عنهم فرقة« (386) ويشير الشيخ الخطيب إلى حديث البخاري » عن عكرمة بن خالد عن بن عمر قال: دخلت على حفصة ونوساتها [=ضفائرها] تنطف [=تقطر ماء]، قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يُجعَل لي من الأمر شيء، فقالت: الحقْ فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعْه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليُطلِع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان. قال حبيب: حُفظتَ وعُصمتَ« (387).





صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28478
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)  Empty رد: الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)

مُساهمة من طرف سامح عسكر الخميس نوفمبر 11, 2010 10:17 am

لكن الشيخ الخطيب جانبه التحقيق في هذا أيضا لعدة أسباب:

أولها: أن هذا الخبر لا علاقة له ببيعة يزيد أصلا، بل هو حول اجتماع الحكمين بدومة الجندل كما بينه الحافظ ابن حجر في شرحه له، بل صرحت بذلك رواية كل من عبد الرزاق والطبراني للحديث. قال ابن حجر: »قوله: "فلما تفرق الناس" أيْ بعد أن اختلف الحكمان وهما أبو موسى الأشعري وكان من قِبل علي، وعمرو بن العاص وكان من قِبل معاوية. ووقع في رواية عبد الرزاق عن معمر في هذا الحديث: "فلما تفرق الحكمان"، وهو يفسر المراد ويعيِّن أن القصة كانت بصفِّين« (388) ثم رد ابن حجر على الذين فسروها بغير ذلك، فقال: »وجوز بعضهم أن يكون المراد الاجتماع الأخير الذي كان بين معاوية والحسن بن علي ورواية عبد الرزاق ترده« (389) ثم زاد الأمر توضيحا اعتمادا على رواية الطبراني فقال: »ثم وجدت في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر قال: لما كان في اليوم الذي اجتمع فيه علي ومعاوية بدومة الجندل، قالت [لي] حفصة: إنه لا يجمُل بك أن تتخلف عن صلح يصلح الله به بين أمة محمد، وأنت صهر رسول الله، وابن عمر بن الخطاب، قال: فأقبل معاوية يومئذ على بختيٍّ عظيم، فقال: من يطمع في هذا الأمر أو يرجوه أو يمد إليه عنقه.. الحديث أخرجه الطبراني« (390). وقد أوردنا نص رواية الطبراني من قبل في الفقرة الخاصة بالملاحظات على منهج ابن تيمية، وكذلك نص رواية ابن سعد في الطبقات وهي أصرح من سابقتيْها إذ ورد فيها ».. لما كان موعد علي ومعاوية بدومة جندل ما كان أشفق [=أخْوفَ] معاوية أن يخرج هو وعلي منها [= من الخلافة].. « (391).

فذكْرُ "افتراق الحكمين" في رواية عبد الرزاق، و"اجتماع علي ومعاوية بدومة الجندل" في رواية الطبراني، و"موعد علي ومعاوية بدومة جندل" في رواية ابن سعد.. لا يترك مجالا للشك في أن القصة تتعلق بحادثة التحكيم، وأن لا علاقة لها ببيعة يزيد.

ولا يتحمل الشيخ الخطيب وحده مسؤولية هذا الخطأ على أية حال، فقد سبقه إليه الهيثمي (392) وابن الجوزي (393).

ثانيها: أن أم المؤمنين حفصة لم تنصح أخاها بالإسراع إلى بيعة أحد – يزيد أو غيره - بل باللحاق بجماعة المسلمين وهي تبحث عن صلح، ولفظ الحديث برواية الطبراني ناطق بذلك، فقد قالت حفصة لأخيها: "إنه لا يجمُل بك أن تتخلف عن صلح يصلح الله به بين أمة محمد، وأنت صهر رسول الله، وابن عمر بن الخطاب.." ومن الواضح من هذا النص أن عبد الله بن عمر لم يأت إلى دومة الجندل لبيعة أحد، بل لحضور الصلح، ولوضع ثقله المعنوي وراء ذلك الصلح. بل كان ابن عمر نفسه من المرَشَّحين لتولي الخلافة يومئذ، لو نجحت خطة الصلح. قال ابن العماد الحبنلي: »وكان قد عُيِّن للخلافة يوم التحكيم مع وجود علي والكبار رضي الله عنهم« (394) وقال الحافظ الذهبي: » قلت: كادت تتم البيعة له يومئذ مع وجود مثل الإمام علي وسعد ابن أبي وقاص، ولو بويع لما اختلف عليه اثنان« (395) وقال فيه أيضا: »أحد الأعلام في العلم والعمل، شهد الخندق، وهو من أهل بيعة الرضوان، وممن كان يصلح للخلافة، فعين لذلك يوم الحكمين مع وجود مثل الإمام علي وفاتح العراق سعد ونحوهما رضي الله عنهما« (396).

وكانت بيعة عبد الله بن عمر لو تمت ستكون انقلابا على معايير الجاهلية السياسية التي بدأت تطل برأسها يومذاك، ورجوعا بالأمة إلى الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. لكنه لم يبايَع بكل أسف، لأن معاوية لم يقبل، وأعلن أنه أوْلى بالأمر من عبد الله بن عمر ومن أبيه!! وقد أوردنا من قبل رد الذهبي عليه بأن عبد الله بن عمر كان أوْلى بالأمر من يزيد "ومن أبيه وجده".

ومهما يكن فإن سياق الحديث ناطق بأن ابن عمر لم يكن يومذاك مستعدا لمبايعة معاوية – فكيف بيزيد - ولا كان يرى أيا منهما أهلا للخلافة. ولذلك همَّ أن يقول لمعاوية: "أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام".

صحيح أن عبد الله بن عمر بايع معاوية فيما بعد، ثم بايع يزيد، ثم عبد الملك بن مروان من بعد ذلك، طبقا لمنهجه في السير مع الجماعة بعد أن أفقدها طموح الطامحين خيارها، وقد اتضح هذا المنهج من رسالة بيعته لعبد الملك التي قال فيها:»بلغني أن المسلمين اجتمعوا على البيعة لك، وقد دخلتُ فيما دخل فيه المسلمون« (397). لكن من الصحيح أيضا أن ابن عمر ندم في أواخر أيامه على حياده، وتحسر على عدم قتال الفئة الباغية تحت راية علي بن أبي طالب: »عن ابن عمر قال: لم أجدني آسَى على شيء إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي« (398) وفي رواية: »عن ابن عمر أنه قال حين حضرته الوفاة: ما أجد فى نفسى من أمر الدنيا شيئا إلا أنى لم أقاتل الفئة الباغية مع على بن أبى طالب« (399) وفي أخرى: »قال ابن عمر حين احتضر ما أجد في نفسي شيئا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب« (400) وربما ورد بصيغة مختلفة: »عن ميمون بن مهران قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: كففت يدي فلم أقدم والمقاتل على الحق أفضل« (401) قال أبو عبد الله الحاكم: »هذا باب كبير رواه عن عبد الله بن عمر جماعة من كبار التابعين« (402) وقال أبو عمر بن عبد البر: »»وصح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من وجوه أنه قال: ما آسي على شيء كما آسي أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية مع علي رضي الله عنه« (403) وزاد: »وكان رضى الله عنه لورعه قد أشكلت عليه حروب على رضى الله عنه وقعد عنه وندم على ذلك حين حضرته الوفاة« (404).

لقد عاش عبد الله بن عمر عمرا مديدا حتى تكشفت له آثار الردة السياسية التي حاقت بالمجتمع المسلم، ورأى نتائج الانحراف سافرة: مذبحة ضد البيت النبوي في كربلاء، واستباحة المدينة النبوية في وقعة الحرة، وغزو مكة وإحراق الكعبة، والتخلي عن مبادئ الشورى والعدل في الحكم والقسْم، وسيادة الظلم السياسي والإيثار والاستئثار بالسلطة والثروة.. فلذلك ندم على الحياد، وهذا الندم هو الذي يعبر عن حقيقة موقفه الأخير وخلاصة تجربته في الحياة، وصدق القائل: إن الفتنة إذا أقبلتْ أشكلتْ، وإذا أدبرتْ أسفرتْ.

وليس ما توصل إليه عبد الله بن عمر ببعيد مما توصل إليه ابن تيمية، وأوردناه في من قبل: "إن الظالم يظلم فيُبتَلى الناس بفتنة تصيب من لم يظلِم، فيعجز عن ردها حينئذ، بخلاف ما لو مُنع الظالم ابتداء، فإنه كان يزول سبب الفتنة".

ثالثا: أحكام على الرجال:

المثال الأول: قال ابن العربي في حكمه على شخص مروان بن الحكم: »مروان رجل عدل من كبار الأمة عند الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين، أما الصحابة فإن سهل بن سعد روى عنه، وأما التابعون فأصحابه في السن، وإن كان جازهم باسم الصحبة في أحد القولين. وأما فقهاء الأمصار فكلهم على تعظيمه، واعتبار خلافه، والتلفت إلى فتواه، والانقياد إلى روايته. وأما السفهاء من المؤرخين والأدباء فيقولون على أقدارهم « (405).

ولنا وقفة مع هذا التقييم لشخصية مروان:

أما أنه رجل عدل فهو أمر يرجع إلى الخلاف الاصطلاحي في مفهوم العدالة، فإن كانت عدالة الرواية فنعمْ، فقد كان مروان بن الحكم – على أفاعيله - لا يتهم بالكذب في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد له بذلك عروة بن الزبير فقال: »كان مروان لا يتهم في الحديث« (406) وهو غير متهم في الرواية عند جمهور المحدثين، »وقد روى عنه سهل بن سعد الساعدي الصحابي اعتمادا على صدقه« (407) كما روى عنه جملة من فقهاء التابعين كما قال ابن العربي بحق، وأخرج له البخاري في صحيحه، وإن لم يسلم البخاري من الانتقاد على ذلك. قال ابن حجر: » وعاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعد من موبقاته أنه رمى طلحة أحد العشرة [المبشرين بالجنة] يوم الجمل، وهما جميعا مع عائشة فقتله، ثم وثب على الخلافة بالسيف« (408) وقال: » تُكُلِّم فيه لأجل الولاية« (409).

والكلام في رواية مروان لا يخلو من وجاهة، خصوصا بعد أن كذَّبته عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري: »كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايَع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: "والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني.."، فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري« (410) وفي رواية النسائي: »عن محمد بن زياد قال ثم لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه "والذي قال لوالديه أف لكما" الآية، فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذب والله ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن والد مروان ومروان في صلبه، فمروان فضض من لعنة الله« (411). قال ابن حجر: »وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد، أخرجها الطبراني وغيره، غالبها فيه مقال، وبعضها جيد، ولعل المراد تخصيص الغلمة المذكورين بذلك« (412). ومنها مما هو جيد الإسناد مارواه البزار ».. قال مروان أنت الذي نزلت فيك "والذي قال لوالديه أف لكما"، فقال عبد الرحمن: كذبت، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك« (413).

وقد اعتذر ابن حجر عن الصحابي سهل بن سعد، وبعض خيار التابعين في روايتهم عن مروان بقوله: »فإنما حمل عنه سهل بن سعد، وعروة [بن الزبير]، وعلي بن الحسين، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث - وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في صحيحه - لما كان أميرا عندهم بالمدينة، قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير ما بدا، والله أعلم« (414). فهم رووا عنه – حسب تعليل ابن حجر – قبل أن يتلطخ بما تلطخ به، وليس في ذلك دليل على عدالته عندهم بعد ذلك. وليس مما يعاب على أهل الخير أن يرووا عن مروان قبل أن يفعل أفاعيله، ومثل هذا حدث مع ابنه عبد الملك بن مروان الذي كان معدودا من أهل الفقه قبل أن يتلوث بدماء المسلمين في سعيه إلى توطيد ملكه غير الشرعي بالقوة. قال ابن القيم »وكان عبد الملك بن مروان يعد في المفتين قبل أن يلي ما ولي« (415).

أما إن المراد بعدالة مروان عند ابن العربي عدالة السلوك، كما يفهم من قوله "عدل من كبار الأمة" فليس مروان من أهلها بكل أسف، والله يغفر لنا وله. فحتى العلماء الذين دافعوا عن الرواية عنه شهدوا عليه بما لا ينسجم مع تلك العدالة. قال الذهبي: » هو تابعي له تلك الأفاعيل« (416) وقال ابن حجر عن مروان وزياد بن أبيه والمختار بن أبي عبيد: »والعجب أن هؤلاء الثلاثة أنسابهم متقاربة، وكذا نسبتهم إلى الجور في الحكم« (417) وحسبك بمن هذان صاحباه !!

فهل مَن هو مِن طبقة زياد بن أبيه والمختار بن أبي عبيد الثقفي يصلح وصفه بأنه "من كبار الأمة"؟ وهل الذهبي وابن حجر والهيثمي – وكلهم صحح حديث مقتل طلحة على يد مروان وبينوا أفاعيله – داخلون ضمن "السفهاء من المؤرخين والأدباء" الذين عناهم ابن العربي، أم هم من »الذين يبردون الغِل الذي في قلوبهم بالطعن في مروان ومن هو خير من مروان« حسب تعبير الشيخ الخطيب؟ كل من لديه علم وإنصاف يدرك أنهم لا من هؤلاء ولا من أولئك، بل هم أعلام من أهل الورع والتحقيق، آثروا الحق على الخلق، ولم يروا مسوغا للدفاع عن مروان بالباطل.

أما الإيحاء بأن مروان من الصحابة في قول ابن العربي: "..وإن كان جازهم باسم الصحبة" فهو مما لا يستقيم نقلا: »قال الترمذي سألت محمدا - يعني البخاري - قلت له: مروان بن الحكم رأى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا" (418) و»قال أبو زرعة لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم« (419) وقال الذهبي: »لم يصح له سماع« (420).

ولم أجد من شرف مروان برؤية النبي صلى الله عليه وسلم غير الإخباري الكذاب الواقدي، قال الباجي في ترجمة مروان: »قال الواقدي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه شيئا!!« (421) فمن ذا الذي يترك قول البخاري وأبي زرعة والذهبي - وهم قمة التحقيق والدراية بعلم الرجال - إلى قول الواقدي الذي أجمع الجميع على ترك روايته؟!

إن الذي يدرس الخلافات السياسية في صدر الإسلام، بمنهج العدل والإنصاف، لا بمنهج "التشيع السني" الذي نهجه ابن العربي وتلامذته المعاصرون، يدرك أن مروان بن الحكم كانت له اليد الطولى في بذر الفتنة وفي هدم أركان الخلافة الراشدة، وقد اتبعه في ذلك ابنه عبد الملك وآخرون من ذريته، ولولا أن الله أخرج من بني مروان الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز لصح تعميم هذا الحكم عليهم. ولذلك فهِم عدد من الصحابة والتابعين قول النبي صلى الله عليه وسلم »هلكة أمتي على أيدي غلمة من قريش« على أن المعني به بنو مروان. قال الإمام البخاري: »حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد قال: أخبرني جدي قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ومعنا مروان، قال أبو هريرة سمعت الصادق المصدوق يقول: هلكة أمتي على أيدي غلمة من قريش، فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هريرة لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت. فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام، فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا: عسى هؤلاء أن يكونوا منهم، قلنا: أنت أعلم« (422) ورواية أحمد أوضح وأصرح: »عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: أخبرني جدي سعيد بن عمرو بن سعيد، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هلاك أمتي على يد غلمة من قريش. قال مروان في الحلقة قبل أن يلي شيئا: فلعنة الله عليهم غلمة. قال [أبو هريرة]: أما والله لو أشاء أقول بنو فلان وبنو فلان لفعلت، قال فكنت أخرج أنا مع أبي وجدي إلى بني مروان بعدما ملكوا فإذا هم منهم، ومن يُبايَع له وهو في خرقة [صبي في المهد] قال لنا: عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الذين سمعت أبا هريرة يذكر، إن هذه الملوك يشبه بعضها بعضا« (423) قال ابن حجر في شرح حديث البخاري: » والمراد أنهم يهلكون الناس بسبب طلبهم الملك والقتال لأجله، فتفسد أحوال الناس، ويكثر الخبط بتوالي الفتن. وقد وقع الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم« (424).

أما قول مروان: "لعنة الله عليهم غلمة" فالسبب هو أن أبا هريرة حدث بهذا الحديث في عهد معاوية كما يقول ابن حجر، وقبل أن يتقلد مروان أي منصب سياسي كما توضحه رواية أحمد. وقد علق ابن حجر على ذلك بقوله: » تنبيه: يُتعجب من لعن مروان الغلمة المذكورين مع أن الظاهر أنهم من ولده. ولعل الله تعالى أجرى ذلك على لسانه ليكون أشد في الحجة عليهم لعلهم يتعظون. وقد وردت أحاديث في لعن الحكَم والد مروان وما ولد، أخرجها الطبراني وغيره، غالبها فيه مقال، وبعضها جيد، ولعل المراد تخصيص الغلمة المذكورين بذلك« (425). وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:

أولها: تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري الذي تحدث عنه ابن تيمية و"لين عريكته" الذي تحدث عنه ابن حجر. وقد أشار ابن عبد البر إلى هذا التأثير بقوله إن مروان »استكتبه عثمان وضمه إليه فاستولى عليه« (426) وكلام ابن عبد البر هنا منسجم مع ما نبه عليه ابن تيمية من أن ذا النورين رضي الله عنه أسنَّ في الخلافة، ولم يعد ممسكا بأزمَّة الأمور. قال ابن تيمية: »وعثمان رضي الله عنه كان قد كِبر، وكانوا يفعلون أشياء لا يعلمونه بها« (427).

وثانيها: دوره في الفتنة التي أدت إلى مقتل عثمان وفي حرب الجمل. قال الذهبي: »كان [مروان] ابن عم عثمان، وإليه الخاتم، فخانه. وأجلبوا بسببه على عثمان، ثم نجا هو، وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان، فقتَل طلحة يوم الجمل ونجا – لا نُجِّي – ثم وليَ المدينة غير مرة لمعاوية« (428). والذي يدرس تلك الحقبة التاريخية بإمعان، بعيون الوقائع لا الافتراضات التبريرية، سيجد أن دور مروان في الفتنة كان أنكى من دور أي شخص تاريخي آخر. وأقول: "شخص تاريخي آخر" لأني لا أُدخل في هذا التعميم عبد الله بن سبأ المختلف في وجوده التاريخي أصلا، إذ أن أقوى ما لدينا عن دور ابن سبأ هو رواية سيف بن عمر التميمي وقد قال ابن حجر: »لا يصح إسنادها« (429).

وثالثها: قتله طلحة بن عبيد الله غدرا يوم الجمل، وطلحة أحد السابقين الأولين، والعشرة المبشرين بالجنة وهو من كبار أصحاب رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد رأينا كيف غدر به مروان وهو في جيشه، وقد خرج معه بدعوى الطلب بدم عثمان رضي الله عنه. وقد علق الذهبي على قصة قتل مروان لطلحة بقوله: »قلت: قاتل طلحة في الوزر بمنزلة قاتل علي« (430) وكفى ذلك بشاعة.

ورابعها: استيلاؤه على السلطة بالدم والقوة بعد أن بايعت كل الأقطار الإسلامية عبد الله بن الزبير خليفة شرعيا للمسلمين بعد البيعة لابن الزبير، و»تضعضع أمر بني أمية حتى كاد يندثر« (431). قال ابن حجر: »فبايع معظم الآفاق لعبد الله بن الزبير، وانتظم له ملك الحجاز واليمن ومصر والعراق والمشرق كله وجميع بلاد الشام حتى دمشق، ولم يتخلف عن بيعته إلا جميع بني أمية ومن يهوى هواهم، وكانوا بفلسطين« (432).

ولم يكن مقتل ابن الزبير مستبشعا فقط لأنه »كان صواما قواما، مستغرق الساعات في الطاعات، بطلا شجاعا« (433) بل لأن مروان بخروجه على ابن الزبير هدم آخر أمل للمسلمين للعودة إلى نهج الخلافة الراشدة.

قال ابن العماد الحنبلي: »وذكر ابن عبد البر والذهبي وغيرهما مخازي مروان، بأنه أول من شق عصا المسلمين بلاشبهة، وقتَل النعمان بن بشير أول مولود من الأنصار في الإسلام، وخرج على ابن الزبير بعد أن بايعه على الطاعة، وقتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل« (434).

ولسنا نقول إن مروان وحده السبب في هدم أركان الخلافة الراشدة، وإنما نقول ما قاله ابن تيمية: »إن قتل عثمان والفتنة لم يكن سببها مروان وحده، بل اجتمعت أمور متعددة من جملتها أمور تنكر من مروان« (435) لكنها أمور ليست بالسهلة، وإنما يدرك خطورتها من درس تلك المرحلة التاريخية بتجرد، لا بمنهج التشيع السني أو التشيع الشيعي. * روابط ذات صلة :

- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (6/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (4/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (2/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (1/6) الهوامش :

[304] ابن حجر: فتح الباري 10/238 والمباركفوري: تحفة الأحوذي 6/149
[305] السيوطي: طبقات الحفاظ 2/468
[306] الذهبي: تذكرة الحفاظ 4/1295
[307] ابن فرحون: الديباج المذهب 2/281
[308] ابن كثير: البداية والنهاية 12/228
[309] السيوطي : طبقات الحفاظ 2/469 وقارن مع الذهبي : تذكرة الحفاظ 4/1295
[310] ابن العربي: العواصم من القواصم ص 143
[311] ابن فرحون : الديباج المذهب 2/283 وقارن مع السيوطي : طبقات المفسرين 2/105
[312] الذهبي : تذكرة الحفاظ 3/1149
[313] ابن حجر : لسان الميزان 4/199
[314] تذكرة الحفاظ 3/1152
[315] تفسير القرطبي 6/38
[316] تحفة الأحوذي 8/335 وقارن مع فتح الباري 8/280
[317] تفسير القرطبي 9/109
[318] ابن حجر: تلخيص الحبير4/44
[319] الشوكاني : نيل الأوطار 3/364 وقارن مع المباركفوري : تحفة الأحوذي 3/62
[320] تفسير القرطبي 2/249
[321] فتح الباري 2/81
[322] تحفة الأحوذي 6/236
[323] نيل الأوطار 6/181
[324] فتح الباري 10/305
[325] فتح الباري 10/267
[326] نيل الأوطار 8/289-290 وقارن مع فتح الباري 9/667
[327] نيل الأوطار 7/54
[328] فتح الباري 13/161
[329] فتح الباري 8/472
[330] فتح الباري 11/321
[331] فتح الباري 7/139
[332] فتح الباري 2/108
[333] فتح الباري 3/499
[334] فتح الباري 2/ 387 وقارن مع العظيم الآبادي: عون المعبود 3/300
[335] تفسير القرطبي 5/360
[336] العواصم ص 259
[337] فتح الباري 13/289
[338] العواصم من القواصم ص 160
[339] ابن حجر الإصابة 2/222 وقارن مع فتح الباري 7/82
[340] انظر : سير أعلام النبلاء 1/35-36
[341] مجمع الزوائد 9/150وقارن مع مصنف ابن أبي شيبة 7/536
[342] الاستيعاب 2/766
[343] العجلي: معرفة الثقات 2/155
[344] انظر كتابْي ابن حبان: مشاهير علماء الأمصار 1/7 والثقات 2/283
[345] انظر: الكلاباذي: رجال صحيح البخاري 1/371
[346] العواصم ص 162-163
[347] العواصم ص 164 الهامش
[348] انظر: سير أعلام النبلاء 2/177-178 (الهامش) ومجمع الزوائد 7/234 ومستدرك الحاكم 3/129 وصحيح ابن حبان 15/126 ومسند أبي يعلى 8/282 ومسند الإمام أحمد6/52 ومسند إسحاق بن راهويه 3/891 وفتح الباري 13/55 وتعليق الألباني في ختام كتاب "العواصم" ص 276-278
[349] العواصم ص 102-103
[350] العواصم ، هامش ص 102-103
[351] انظر السيوطي : الدر المنثور في التفسير بالمأثور 6/91 ، والشوكاني : فتح القدير 5/80 ، وابن القيم : بدائع التفسير 4/17، وابن أبي حاتم : تفسير القرآن العظيم 10/3303
[352] مجمع الزوائد 7/ 109وانظر مسند الإمام أحمد4/279 ومعجم الطبراني الكبير 3/274
[353] النسفي: مدارك التنزيل 3/1677
[354] انظر تفسير القرطبي 14/105-106 وفضائل الصحابة لعبد الله بن الإمام أحمد 2/610 وتاريخ بغداد 13/321
[355] أحاديث الشاموخي ص 45
[356] البيهقي: السنن الكبرى 9/55
[357] المزي: تهذيب الكمال 31/56
[358] الإصابة 6/616
[359] الهيثمي: مجمع الزوائد 4/332 وقال رواه عبد الله بن أحمد والبزار وأبو يعلى ورجاله ثقات، والمقدسي : الأحاديث المختارة 2/332 وقال المحقق: إسناده حسن
[360] سنن الترمذي 5/687
[361] سير أعلام النبلاء 3/126
[362] العواصم ص 55 الهامش 15
[363] صحيح البخاري 4/1549 ومسلم 3/1380 وابن حبان 11/153
[364] العواصم ص 55 هامش 16
[365] العواصم ص 56 هامش 16
[366] العواصم ص 56 هامش 16
[367] الذهبي: المغني في الضعفاء 1/292
[368] ابن حبان: كتاب المجروحين 1/345
[369] العقيلي: الضعفاء 2/175
[370] ابن العجمي: الكشف الحثيث 1/131
[371] ابن الجوزي: كتب الضعفاء والمتروكين 2/35
[372] ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 4/278
[373] أبو نعيم الأصفهاني: كتاب الضعفاء 1/91
[374] فتح الباري 7/495
[375] انظر: محمد عبد الله أبو صعيليك: "الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان البستي" ص 163-166
[376] الذهبي: سير أعلام النبلاء 16/97
[377] منهاج السنة 7/450
[378] منهاج السنة 8/335
[379] فتح الباري 7/494
[380] سورة الأعراف، الآية 201
[381] فتح الباري 7/494
[382] أحمد 1/128 وقال الهيثمي: "رجاله ثقات" (مجمع الزوائد 5/175-176)، والمقدسي: الأحاديث المختارة 2/287 وقال محققه عبد الملك بن دهيش: "إسناده صحيح"، وابن أبي عاصم: السنة 2/552 وقال محققه الشيخ ناصر الدين الألباني: "إسناده جيد"
[383] فتح الباري 13/343
[384] البخاري 3/1348 وابن ماجه 1/37 والنسائي 5/39
[385] الحاكم 3/84 وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال المباركفوري: "صححه البيهقي في الدلائل" انظر: تحفة الأحوذي 6/396
[386] العواصم ص 223 الهامش 418
[387] البخاري 4/1508
[388] فتح الباري 7/403
[389] فتح الباري 7/403
[390] فتح الباري 7/403
[391] ابن سعد: الطبقات الكبرى 4/182
[392] مجمع الزوائد 4/208
[393] انظر رد ابن حجر على ابن الجوزي في فتح الباري 7/403
[394] ابن العماد: شذرات الذهب 1/310
[395] سير أعلام النبلاء 3/225
[396] الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/27
[397] رواه ابن سعد بسند صحيح. انظر سير أعلام النبلاء 3/231
[398] الهيثمي: مجمع الزوائد 7/242 وقال: "رواه الطبراني بأسانيد وأحدها رجاله رجال الصحيح"
[399] الاستيعاب 3/953
[400] سير أعلام النبلاء 3/231-234
[401] المستدرك 3/643 والاستيعاب 3/951 والطبقات 4/164
[402] المستدرك 3/125
[403] الاستيعاب 8/77
[404] الاستيعاب 3/951
[405] العواصم 102
[406] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1390 وابن حجر: تهذيب التهذيب 10/82
[407] مقدمة فتح الباري 1/443
[408] ابن حجر: تهذيب التهذيب 10/82
[409] مقدمة فتح الباري 1/463
[410] البخاري 4/1826
[411] النسائي 6/458 وقارن مع الحاكم 4/528 والهيثمي: مجمع الزوائد 5/241 والإصابة 4/327 وانظر أيضا السيوطي: الدر المنثور 7/444 والشوكاني: فتح القدير 5/270
[412] فتح الباري 13/11
[413] مجمع الزوائد 5/241 وقال الهيثمي: "رواه البزار وإسناده حسن"
[414] ابن حجر: مقدمة فتح الباري 1/443
[415] ابن القيم: إعلام الموقعين 1/26
[416] الذهبي: المغني في الضعفاء 2/651
[417] ابن حجر: لسان الميزان 2/493
[418] أحمد بن عبد الرحيم الكندي: تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل 1/298 وقارن مع ابن حجر: تهذيب التهذيب 10/82
[419] العلائي: جامع التحصيل 1/276
[420] الذهبي: الكاشف 2/253
[421] سليمان بن خلف الباجي: التعديل والتجريح 2/731
[422] البخاري 3/2985
[423] أحمد 2/324
[424] فتح الباري 13/9
[425] فتح الباري 13/11
[426] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1388
[427] منهاج السنة 6/ 248
[428] سير أعلام النبلاء 3/477
[429] ابن حجر: لسان الميزان 3/289
[430] سير أعلام النبلاء 1/36
[431] ابن العماد: شذرات الذهب 1/287
[432] فتح الباري 13/195
[433] ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب 1/308
[434] ابن العماد: شذرات الذهب 1/279
[435] منهاج السنة 6/248

المصدر: خاص - الوحدة الإسلامية




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28478
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى