شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

في الإقتصاد

3 مشترك

صفحة 2 من اصل 4 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:49 pm

الفصل4: إدارة المال
أموال النفط
ترويض المال لأهدافنا
المصرف الإسلامي
النقد الإسلامي


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:49 pm

أموال النفط
من باب الورع، وعلى إشراقة هذه الذكرى من تاريخ إمام الأمة فخر الإسلام سيدنا علي عليه السلام، ندخل إلى هذا المطلب من مطالب دولة القرآن، وهو إدارة المال.
منعت يا ولي الله أخاك المملق صاع بر من قمح المسلمين ! خفت الله وعذاب الآخرة فتراءى لك قيء الأفاعي في معجونة الرشوة ! فلو اطلعت على أمراء النفط وما فعلوا بأموال المسلمين !
أكتب هذا الفصل عاشر جمادى الأولى 1403، وقد أعلن العرب النفطيون حرب الأسعار على الدول المصدرة للنفط، ومعظمها دول مستضعفة، حرب ترمي لخفض ثمن البرميل حتى تنكسر السوق، فيربح الاستعمار، وتخسر دول مجاهدة مثل دولة الإسلام في إيران. أكتب ومنذ شهور انكشفت في الكويت فضيحة ما يسمى بسوق المناخ، وهي سوق تدليس وغش وقمار، تباع فيها سهوم شركات وهمية، لا وجود لها. فضيحة تهدد دولة الكويت الغنية، ولا ككنوز قارون، بالإفلاس، لأنها تدخلت لتفدي المقامرين الذين بلغت ديون أحدهم عشرة آلاف مليون دولار. نعم آلاف مليون. عشرة ملايير، عشرة ملايير !
منذ سنوات أعلنت وسائل الإعلام الغربية أن شرذمة من عرب البترول قامرت في ليلة واحدة وقمروها بأربعمائة مليون دولار. والرجل الكويتي يفتخر بأنه ضرب الرقم القياسي العالمي التاريخي في المديونية. وما يفيد أن نعدد الأمثلة والعرب النفطيون يدفعون بلا حساب يمولون الحرب العدوانية على دولة الإسلام في إيران فيقتل المسلمون بعضهم بعضا، وتدمر المدن وتشرد الأسر، وترمل النساء، وييتم الأطفال ؟
على عرب النفط مسؤولية تاريخية لم يسبق لها مثيل في ثقلها وخطورتها. كان سلاح النفط يكون أقوى رادع للاستعمار، ووسيلة لا مثيل لها لمساومة الغرب الذي يمثل النفط الدم الساري في شرايينه الاقتصادية. فلو أن عرب النفط استعملوا سلاح النفط استعمال الرجال لفرضوا على التاريخ المعاصر انحناءة حاسمة يخدمهم من بعدها الناموس الاقتصادي الذي يملكون لو عقلوا مادته الحيوية التي تحكم مصيره من هنا لمائة عام وأزيد.
ولا يبعد الله غير السفهاء ! فعلى دولة الإسلام حين تأخذ زمام الأمر، وزمام النفط، أن تواجه أسلحة الدمار والفناء النووية بسلاح السلام والرخاء، والنفط، في وقت معا مع المواجهة الجهادية الشاملة القائمة في وجه الاستكبار العالمي، تصده عن الإفساد في الأرض.
بمال النفط إن أحسنا إدارته، وبمادة النفط إن طوعنا السوق العالمية لإرادتنا، يمكن أن ندخل على العلاقات العالمية تطورا لصالح الشعوب المستضعفة. فرصة تاريخية، نرجو الله عز وجل أن تكون مدخرة لتساعد الإسلام على الظهور الموعود. حدث تاريخي فريد أن تملك أمة معظم مخزون العالم من مادة يتوقف نشاط العالم وحركته عليها. فباستعمال سلاح النفط يمكننا غدا إن شاء الله أن نفرض إرادتنا على المستكبرين بلا عنف، وأن نرعى مسؤوليتنا الحساسة تجاه المستضعفين، وأن نستبدل بالسمعة السيئة التي استحقها عربي النفط حتى أصبح رمزا للفساد سمعة الأمة الراشدة ذات الرسالة السامية ومعها الوسائل الهائلة لتبليغ الرسالة.
إنها مسؤوليات جسام تنتظرنا، فبوسعنا أن نسيطر على صناديق التمويل العالمية بأموال النفط، وبوسعنا أن نؤسس صندوقا إسلاميا بلا ربا يبيض وجهنا أمام الله عز وجل الذي استخلفنا في الأرض وزودنا بهذه الثروة الكريمة.
العرب النفطيون مسخرة العالم أخلاقا، على هامش التاريخ وتحت أقدام الاستكبار العالمي وجودا لتفاهة الأحلام، ونفسية الأزلام، وذهنية الظلام. وغدا إن شاء الله تعالى بمؤهلنا المعنوي، وهو روح كل شيء وبمؤهلنا المادي، وهو جسم كل شيء، وبتوفيق الله يفتح علينا بركات كل شيء، نعود إلى قيادة العالم، إلى هداية البشر، إلى كفالة المستضعفين، إلى العزة بالله رب العالمين. لا حول ولا قوة إلا به.
بنا إن شاء الله، وفي يدنا مادة الاقتصاد، يحدث الله انقلابا في تاريخ البشرية. وقد بدأ بالفعل هذا الانقلاب بثورة المسلمين في إيران، ثورة أدهشت العالم بمشاركة ملايين المومنين العزل في إسقاط خامس أقوى دولة في العالم، من ورائها طاغوت الاستكبار الأمريكي. ويقر العالم اليوم أن دولة المسلمين في إيران، بعد أن قطعت يد التلصص على أموالها النفطية التي كان الشاه المطرود يرعيها أولياءه الكفار، أرشد إدارة في أموالها من كل ما حواليها من حطام. فبينما يصرخ البعثي العراقي يستنجد ويقترض بغير حساب، فبينما يدفع عرب النفط آلاف الملايين بغير حساب، يعترف صرافو العالم أن خزائن إيران الإسلامية تمتلئ من الخير، وتدير احتياطاتها إلى الخير.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:50 pm

ترويض المال لأهدافنا
مشكلة النظامين الجاهليين، الرأسمالية والاشتراكية، الأولى، ومصيبة العصر الأدهى والأمر، هي أن المال، ملكته الأفراد وملكته الدولة، يؤدي وظيفة طاغوتية لأنه يناقض العمل، ويهدر قيمته، ويسجنه، ويخنقه. فالمال سيد جبار، ملكته الدولة أو ملكه الأفراد. إنه أخطبوط يمتص مادة الحياة من المجتمع، ويستعبد البشر، ويقيد الحريات، ويفرض على المجتمع سلوك العبد. رأس المال أخطبوط في حد ذاته، وحش كاسر أنيابه الربا. فمن يتحكم في رفع مقدار الربا وخفضه، من يتصرف في المال كما يتصرف الحاوي في ثعابينه، يمكنه أن يتسلط، ويتلصص، ويتحكم. وإنما هي اليهودية لعنها الله، الرابضة في حجر الاستكبار، متحفزة عادية، تقتنص خيرات الأرض، وتسلب الدم والروح من الإنسانية.
على دولة القرآن أن تروض المال حتى يصبح أليفا، وأن تطوعه ليكون خادما مطيعا لا جبارا يقصم ظهر المستضعفين. عليها أن تؤسس بيوت التمويل الإسلامية، يكون التعامل معها على أساس القراض الشرعي، والشراكة المباحة، لا على أساس الربا والغرر والمقامرة.
بإلجام المال وترويضه بالقوانين الإسلامية يصبح من الممكن ربط مصالح العمل برأس المال ربطا لا يجحف بالعامل، ولا يعطى صاحب المال فرصة لتجاوز حقه. وبتلك القوانين يمنع صاحب المال من الإضرار بمصالح الجماعة، ومن السيطرة على السوق كما يسيطر رأس المال المنساب من كل قيود. وبها يلزم المالك أن يوظف المال ويستثمره فيما ينفعه وينفع الناس، لا في الإنتاج، مطلق الإنتاج، للنافع والضار والقاتل.
بإلجام المال بالقوانين الشرعية يمكن أن يوضع حد للاحتكار، فلا يجيء المشروع الضخم، بوسائل مالية ضخمة، ليقضي على المشاريع الصغيرة، ويقذف بها إلى الإفلاس.
لا يصح في الإسلام أن تحتكر الدولة المشاريع كما هو حل الاشتراكية، كما لا يصح أن تسمح أن يحتكر الأغنياء السوق. فإن من قواعد الاقتصاد في الإسلام أن لا يكون المال دولة بين الأغنياء، أي أن لا يسمح للأغنياء بتضامن مالي على حساب المتوسطين والفقراء، ولا بتآمر احتكاري.
تطلق الرأسمالية حرية المالك في ماله بحيث لا يمنع من أي تحرك اقتصادي منتج مادام لا يصطدم نشاطه بحرية باقي المنتجين. هذا في المبدإ النظري. لكن التطبيق يعري عن وجود إمكانيات للتلوي عن القوانين الرأسمالية، وممارسة الاحتكار والكارتل والتكتل المسيطر، في شركات تكون دولة وسط الدولة، ويغلب قانونها قانون الدولة لوزنها الاقتصادي الهائل.
تطوق الاشتراكية رأس المال إذ تجعله وقفا على الدولة، فتصبح الدولة هي رأس الاحتكار. وفي الإسلام القاعدة النبوية "لا ضرر ولا ضرار". وهي قاعدة تقضي ألا يضار المالك ولا العامل، وألا يتضار المنتجون فيما بينهم بالمنافسة غير الشريفة. ومما يساعد على تطبيق هذه القاعدة وجود وجهين للملكية في الإسلام : ملكية الأفراد وملكية الجماعة، هذه توازن تلك وتضبطها وتحد من غلوائها. وقد اضطر المذهبان الماديان، الرأسمالية والاشتراكية، للاعتراف بالملكية المزدوجة، استثناء من قاعدة كل منهما. فالملكية الجماعية استثناء من الملكية الفردية في المذهب الرأسمالي، والملكية الفردية استثناء من قاعدة التملك الجماعي الاشتراكي. وهو اعتراف فرضته ضرورة الإدارة المتوازنة للمال عليهم. وفي الإسلام تكون الملكية المزدوجة أصلا، والتوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة فرعا عنها، ناظرا إلى قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، مطبقا لها.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:50 pm

المصرف الإسلامي
بلغت في هذه الفترة ديون المصارف الربوية العالمية على الدول المستضعفة والقروض من دولة مصنعة غنية لدولة فقيرة أزيد من ستمائة مليار دولار. والرقم وحده مع اعتبار الجوائح والكوارث الطبيعية التي يعاني منها عالم الفقراء كاف للدلالة على ظلم النظام المالي العالمي، وإجحافه بحقوق الشعوب المحتاجة. وتستغل المصارف الربوية العالمية احتياج المستضعفين لتفرض عليهم شروطا مثل الزيادة في الإنتاج الصالح للتصدير. وذلك مما يحول النشاط الاقتصادي إلى العمل على إرضاء المجتمعات الغنية لا إرضاء حاجات الشعب. تفرض عليهم شرط تسهيل الاستثمارات الأجنبية، وذلك ما يمكن الرأسمالية من سف الأرباح محليا وإخراجها من البلد. تفرض تقليص نفقات الدولة على حساب الرخاء الاجتماعي. تفرض تخفيض الأجور وخفض قيمة العملة، وذلك مما يجحف بمستوى معاش الملايين من العمال وذوي الدخل المحدود. ولها بعد ذلك وسائل كبعض الوسائل التي يستعملها الذئب مع الحمل تمكنها من ترسيخ سيطرتها الاقتصادية والسياسية والمالية.
مشكلة البرنامج التنموي في البلاد المتخلفة هي مشكلة التمويل، فتترك الدول الغنية المخططات التنموية تبرز حتى يظن أهلها أنهم قادرون عليها، ثم تنعطف عليهم بالقروض المشروطة، وترفض كل طلب، وكل مشروع، لا يتفق مع مصالحها. فتمول مثلا النشاط التجاري أكثر مما تمول المشاريع الصناعية التي قد تزاحمها في السوق. وتوضع في رقبة الدول الفقيرة ربقة "التقويم الهيكلي" كما توضع السلسلة في عنق السجين في بلاد الظلم وعصور الظلام.
لهذا وجب على دولة الإسلام أن تعتمد على التمويل الداخلي، وأن تعمل على التحرر من التبعية المالية، بتأسيس نظام مصرفي إسلامي يكون مفتاح التنمية، وتساير أهدافه أهداف الدولة الإسلامية، وتربط النزاهة والأخلاقية فيه بمبدإ الإنتاجية والجدوى. نظام نابع من واقعنا، ناظر إلى مستقبلنا، مبناه التعاون على البر والتقوى كما أمر ربنا الغني الحميد.
وقد نجحت نماذج من البنوك الإسلامية بلا فائدة نجاحا لا بأس به. على الدول الإسلامية القطرية المتحررة أن تتعامل معها حتى ولو كانت في ملكية رؤوس لا تدين لما ندين له. لا مفر من التعامل من دولة لدولة مع الأنظمة المتسلطة في بلاد المسلمين، ضرورة مرحلية. ثم هي أموال المسلمين لنا فيها حق، فإن لم نحرر الأصل ورأس المال، فلا أقل من أن نستفيد من التسهيلات حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:50 pm

النقد الإسلامي
كان سلفنا الصالح يحدون من يتلاعب بالنقد، يقطع الدراهم، أو ينقص وزن الفضة والذهب مثلا، أو يزور الفلوس. يعدون ذلك إفسادا في الأرض كما جاء عن الإمام سعيد بن المسيب. قال القاضي ابن العربي : "كسر الدراهم والدنانير ذنب عظيم. لأنها الواسطة في تقدير قيم الأشياء والسبيل إلى معرفة كمية الأموال، وتنزيلها في المعاوضات. حتى عبر عنها بعض العلماء إلى أن يقولوا : إنها القاضي. (...) وقد قال علماؤنا المالكية : إن الدراهم والدنانير خواتيم الله، عليها اسم الله. ولو قطع على قول أهل التأويل من كسر خاتما لله لكان أهلا لذلك، إذ من كسر خاتم سلطان عليه اسمه أدب. وخاتم الله تقضى به الحوائج، فلا يستويان في العقوبة".
يقول الرأسماليون إن النقد مخزن للقيمة، هذا المعنى المادي نشرفه ونسلمه فنعتبر النقود خواتيم الله في الأرض. ولا تكون كذلك إلا إذا قضيت بها الحوائج كما عبر قاضينا. لا تكون لها حرمة إن كان مدار قيمتها على ارتفاع قيمة الربا، وانخفاضها، ولا تكون لها رجاحة القاضي وثباته إن كانت تسرع بها المطابع للظهور بلا رصيد فتساهم في التضخم المالي الذي يستنزف أرزاق الضعفاء ويزيد الأغنياء غنى. لا حرمة لها إن اعتبرناها سلعة في ذاتها لا خادمة وواسطة لقضاء الحوائج.
ينبغي أن تكون إرادة الدولة الإسلامية هي التي تملي على النقد وظيفته لا مصالح الاستعمار التي جعلت من الدولار في زماننا سلاحا احتكاريا يتحكم في مصائر الدول والشعوب. عندما تتحرر دولتان إسلاميتان قطريتان يكون من أهم مظاهر ووسائل التعاون والتوحيد بينها إصدار عملة إسلامية.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:51 pm

الفصل5: الاقتصاد
مقدمتان
المقدمة الأولى : المقاصد والعقبات
المقدمة الثانية : نحن في العالم
عمران الأرض


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:51 pm

مقدمتان
بعد أن مهدنا بحثنا في الاقتصاد بفصول عن التخلف، وعن ضرورة التحرر من التبعية، وعن الأموال في التشريع الإسلامي، ندخل هنا في صميم الموضوع بحول الله الرازق ذي الطول.
إن المذهب الاقتصادي الإسلامي طبق في عهود خلت لم يكن فيها مفهوم الاقتصاد معروفا كما يحدده الاصطلاح العصري. كانت الأمور تمشي عفويا إلى حد كبير، ولم يكن للدولة أي أثر يذكر، ولا أي هم مقيم مقعد فيما يتعلق بحالة أرزاق العباد. اللهم إلا ما كان من ظلم الحكام الذين طغوا في البلاد يجمعون الأموال من غير حلها، وينفقونها في غير مصارفها.
أما اليوم فالاقتصاد غول مخيف يقض شبحه مضاجع الحكام، على نجاحه يتوقف نجاح كل نظام حاكم، ومن خلاله يتدخل الاستعمار، وبواسطته يتحكم الأغنياء والأذكياء الماكرون والمحتكرون على الرقاب والأرض وما عليها.
وتحتاج الدولة الإسلامية لنظرية اقتصادية إسلامية متكاملة واضحة المعالم تستند عليها في الاختيارات والقرارات. فإن السياسة هي اتخاذ القرار باختيار هذا الحل على ذلك نظرا للأهداف التي تفضلها على غيرها، ونظرا للوسائل التي معك، ونظرا لما تتوقعه من رضى الناس بقرارك لما يأتيهم به من خير. ولب الاختيارات والقرارات التي تتخذها الدولة الحديثة لها مساس مباشر وثيق بالاقتصاد، بل جلها اقتصادية، بل كلها. فيحق القول أن الاقتصاد هو زمام السياسة وجسمها، وحواسها.
وردت كلمة "قصد" و"اقتصاد" في الكتاب والسنة بمعنى الاتجاه إلى الهدف المقصود، وبمعنى التوسط في الأمر، في مثل قول الله عز وجل : "واقصد في مشيك" حكاية عن لقمان يوصي ابنه، وفي مثل قوله عز وجل : "ومنهم مقتصد" وهو المتوسط. وجاء في الحديث الشريف لفظ القصد والاقتصاد بمعنى التوسط والمداومة والسير.
نحتاج لنظرية اقتصادية واضحة المعالم لكي نبني نموذجنا طبقا لروح ديننا، استجابة وتحقيقا لعقيدتنا وطموحنا في الكفالة الذاتية والرخاء والقوة. شأن أمة لها قصد، قادرة على سلوك الطريق إلى أهدافها المعنوية والتاريخية، بمداومة واستمرار، عبر عالم مليء بالعقبات.
إننا معشر المسلمين يعيش معظمنا في حزام حول الأرض يتميز بالمناخ المداري الحار الجدب، فأرضنا يحتاج استصلاحها إلى جهد خاص، وأسلوب خاص، واقتصاد خاص. وإننا ننتمي إلى فئة من الشعوب الحيوية في التناسل والتوالد، يتكاثر عدد سكانها من المواليد أربعة أضعاف نمو المنتوج الزراعي. وإن لنا أموالا مبددة شذر مذر. طاقات بشرية هائلة لو جندت، وأرض تحتاج لجهد خاص لتخصب، وموارد مالية وطبيعية وافرة لولا النهب الخارجي والتبذير الداخلي، ولولا الذهنيات المتخلفة، والحاجات التكاثرية المصنوعة المتزايدة.
فالمطلوب مذهب الإسلام في الاقتصاد لتتفاعل هذه المعطيات تفاعلا إيجابيا، فنحصل على القوام المادي الضروري لبقائنا ووجودنا وطموحنا.
بين يدي هذه الصفحات العاجزة في الموضوع غير المتخصصة أضع مقدمتين.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:51 pm

المقدمة الأولى : المقاصد والعقبات
إن الغاية من خلق الله عز وجل هذا الكون، هي أن يعطي خلقه من الجن والإنس إطارا حياتيا يكون ظرفا لوجودهم، ولكسبهم أسباب السعادة أو الشقاء من الأعمال، ولنشرهم بعد الموت، ولحشرهم إلى دار الجزاء، إلى جنة أو نار. يقول الله تبارك وتعالى : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". فالمقصود من الخلق هو الفرد من الجن والإنس يريد له الله الخالق الرازق أن يحقق عبوديته لخالقه. والآيات التي تخبرنا أن هذا الكون خلق من أجلنا، وسخر لنا، دنياه وآخرته، سماؤه وأرضه، كثيرة.
فأنت إذن أيها العبد درة الوجود، حولك يدور، وأنت عروسه ومعناه ومغزاه. ما خلقت لتكون عجلة من عجلات الاقتصاد، ولا دابة تأكل وتتمتع بلا هدف. فلا يجوز أن يعتبر الفرد في المجتمع الإسلامي مجرد خادم للاقتصاد، ولا عبدا للجماعة، ولا عاملا أصم من عوامل الإنتاج. ينبغي أن توفر له الدولة ويوفر له الاقتصاد حريته في اختيار الدين الذي يدين به، وحريته في الرأي، وحريته في السعي إلى تحقيق غاية وجوده، وبالتالي اللازم، حريته في كسب معاشه. لأنه إن استعبد واضطهد وضيق عليه في معاشه فقد سائر الحريات، وضل عن غايته. وحريته في الكسب تعنى أن يكدح ويتعب ويعمل بِجد ليأكل من عرق جبينه، لا أن يعيش طفيليا. فإنه إن عاش طفيليا على المجتمع، بالكسب الحرام من ظلم، وابتزاز، وغش، وكسل، وحيلة، ودروشة، وتواكل، فقد خان قانون العبودية لله عز وجل.
إنسان حر، عبد بالخلق خيره الله بما أعطاه من حرية بين أن يكون عبدا بالالتزام للشريعة قانون العبودية، وبين أن يكون عبدا لهواه. فيناسبه اقتصاد حر، ونظام سياسي يمكنه من التشاور واختيار حكامه بحرية، ويناسبه تحرك في المجتمع وفي العالم بحرية.
الاقتصاد الحر نعني به اقتصاد العبد السائر على قانون ربه الذي حدد الحلال والحرام، والواجب والحق، ونظام الملكية والميراث، وحقوق الأجير والشريك، وحق الله في المال، ومصرفه للبائس والسائل والمحروم، وحث على السعي والنشاط في الكسب، وحذر من الاغترار بالحياة الدنيا والمتعة الدوابية. فإذا اختار الإنسان داخل المجتمع الإسلامي ألا يدين بالإسلام، فالإسلام يضمن حريته الكاملة في التصرف داخل حدود العبودية لله لا خارجها. وإن تبين للجماعة أن الإنسان الفرد في المجتمع الإسلامي سفيه لا يستحق الحرية حجر عليه كما يحجر على الصبي غير المسؤول. وإن كان الإنسان الفرد في المجتمع الإسلامي اختار أن يكون عبدا لهواه، مستهترا بأحكام الرب جل وعلا، سلبت منه تلك الحرية الاقتصادية والسياسية وأقيم عليه الحد والتعزير.
الاقتصاد الحر بالمفهوم الرأسمالي يعني حرية الغاب، وأخلاق المنافسة الغابوية، والربا، والاحتكار، وظلم الشعوب، واستعباد العامل، ودرجه في عداد آلات الإنتاج، وجعل الإنسان دابة تكدح وتستهلك. وتعنى الكلمة في الإسلام نقيض كل ذلك دون أن يكون في ديننا ما يبيح للدولة أن تحتكر النشاط الاقتصادي، ولا ما يبيح السيطرة السياسية بغير حق.
ليكن هذا واضحا في أذهاننا التي ألفت أن ترى في الرأسمالية نموذج النظام الحر، وفي الاشتراكية نقيضا له. الاقتصاد الإسلامي حر بمعاني الحرية الغائية المقيدة هنا في الدنيا بقيود الشرع. وبهذا يكون النظام الإسلامي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري نقيضا للنظامين الجاهليين، لا من حيث التطبيقات العملية الجزئية فقط، بل من أساسه ومن غايته. الجاهلية ترى الإنسان دابة لا معنى لها، والإسلام يراه آدميا مكرما بآدميته، محشورا إلى ربه بعد الموت، سعيدا عنده، أو شقيا في دار الخلود.
يبقى أن يتشخص النموذج الاقتصادي الإسلامي في واقع متحرك، يجمع تفاصيل الأحكام الشرعية في مذهبية، وتنظيم، وإدارة، وإنتاج، وتوزيع، منصبة على الإنسان، على شكل زاد لسفره إلى الله، وعلى شكل جهاز مادي لضيافته في الدنيا، وعلى شكل قوة للأمة، وبركة عليها وعلى المستضعفين، وهم أمة الدعوة، لا يستثنون من اهتمامنا أبدا، ولو كانوا لا يزالون على الفطرة المحرفة لم تبلغهم الدعوة، أو شوهت سمعتها لديهم.
ما دون تشخيص النموذج الإسلامي عقبات لاختلافه في الغاية والأهداف عن مقاصد الاستكبار العالمي، ولمشاكل التخلف الداخلية فينا. ونستعمل كلمة التخلف بالمفهوم الذي بيناه في فصل سابق، نعترف بتقصيرنا دون أن نسحب الكلمة على ما عندنا بحمد الله من الإيجابيات، ورأسها إيمان الأمة بالله ورسوله واليوم الآخر. وهو رأس الأمر، أعز ما هناك.
من العقبات ما يحول دون تمليك الإنسان المسلم والمجتمع المسلم حريتهما ليصبحا فاعلين لا مفعولين سياسيا واقتصاديا. فالعقبات السياسية والتخلف السياسي عائقان اقتصاديان، والعكس صحيح. والمجالان مترابطان ترابطا صميما. ومن العقبات ما يحول دون ترويض المال ليخدم الإنسان بدل أن يكون قوة عمياء تتصرف في مصير الإنسان من خلف مكامنها وأوكارها. من العقبات ما يقف حجر عثرة في طريق الإنسان والمجتمع إلى التحكم في فوضى متابعة الربح وإرضاء نزعات الشح والأنانية. عقبات سياسية اقتصادية نفسية.
لا يمكن أن يستبدل بالنظام الاقتصادي الذي ورثته الدولة الإسلامية عن ماضي الفتنة نظام إسلامي جاهز بين عشية وضحاها. نظام الفتنة، بل فوضاها، مرتكز على الاستبداد السياسي، والاحتكار الاقتصادي، والهوى الأناني. والجهد المطلوب لكي يحول ويبدل إلى اقتصاد مركز على خدمة الإنسان والمجتمع كبير. جهد لينهض الإنسان من كسله وعبوديته للبشر فيصبح منتجا حرا واعيا بوظيفته وشرفها. جهد لإنصاف العامل من صاحب المال. جهد لتنظيم العمال وتنمية التضامن النقابي. جهد لتحرير الشعب من استعلاء الحاكم وصنائعه. جهد لفك الطبقية المستغلة لجهود الناس. جهد للتنظيم الاجتماعي تنظيما غير تنظيم سوق الأنعام، بسوط الشرطي وتعسف الإداري. جهد للإصلاح الزراعي. جهد للتصنيع. جهد الجهود لإقامة دولة العدل والإحسان جهاد في جهاد في جهاد.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:52 pm

المقدمة الثانية : نحن في العالم
أهم عائق للنمو الاقتصادي داخل بلادنا هو الراجع إلى العلاقة المنكوسة التي تجعل المحكوم عبدا للحاكم، والعامل مملوكا لصاحب المال، والعاطل كما مهملا. وأهم العوائق الخارجية علاقتنا المنكوسة بالدولة المصنعة الاستعمارية سابقا، ولاحقا، وطبعا.
ماذا تكون علاقة دولة الإسلام بالعالم ؟ أنحتاج إلى العالم، ومن بين العالم الدول المستكبرة، أم هو يحتاج إلينا ؟ أنعامله أم نقاطعه ؟ وعلى أي أساس، وبأي قانون، ومن أي موقف ؟
يسمون بمصطلحهم المقنع لقاء الذئاب بالخراف حوارا بين الشمال والجنوب. رهان هذا الحوار الموارد الطبيعية، وأهمها النفط، التي يحتاج إليها الغرب المصنع احتياجا كبيرا، بل احتياجا مأسويا فيما يتعلق بالنفط. فأمنهم الاقتصادي والعسكري متوقف على امتلاك تلك الموارد المدخرة في أرضنا معشر المستضعفين المسمين جنوبا. وكثيرا ما تستدعي المصطلحات الجغرافية لتخفي تحت قناعها عيب الواقع ونية التضليل، فيسمون مثلا، بلاد المسلمين شرقا أوسط أو شرقا أدنى كما سموا المستضعفين جنوبا لينتقل اهتمام السامع من بني الإنسان، ومن خصوصيات الإنسان وشخصيته، إلى الأرض وجهاتها.
محتاجون هم إلى مواردنا احتياجا كبيرا لا يفي عوضا عنها الأثمان البخسة التي يضطروننا إلى قبولها. وإنما يبخسوننا ويستفيدون من فائض الربح الكبير في تبادلهم المجحف معنا، لأن احتياجنا لخبرتهم وآلاتهم، خاصة لرأس المال، ولقمحهم وسلاحهم، يستعبدنا لهم، ويحلنا محل التابع الذليل.
من الضروري لهم أن يتوسعوا في بلادنا، لأن نموهم الاقتصادي الذي لا يعرف حدودا يحتاج إلى مجال حيوي، إلى مواد خام، وإلى سوق لصرف المنتوجات.
وليس من الممكن أن نقلد نموذجهم في التنمية، لأننا لا نملك قاعدة صناعية، ولا اكتفاء فلاحيا، ولا قوة عسكرية لكي نجعل العالم مجالنا الحيوي بالمعنى الاستعماري، ولكي نتعامل معهم بالمثل. نحن في موقف ضعف، وتقليدنا لنموذجهم يزيدنا ضعفا إذ يعرض محاولاتنا التنموية للفشل، نظرا لانعدام الشروط التي سمحت لهم في ماضيهم وحاضرهم بالهيمنة السياسية والاقتصادية.
تتلاشى فرص نجاحنا كلما أخرجنا من تحت أيدينا موادنا الخام التي لا تعوض لمحدودية الأرض وذخائرها. وقد قال أحد اقتصادييهم : "لو أن أوربا في القرن التاسع عشر صدرت جل فحمها إلى الخارج لكانت اليوم بكل تأكيد دولا متخلفة".
على الدولة الإسلامية أن تضع حدا لأساليب التنمية الحمقاء التي تعتمد على استيراد تكنولوجيا متقدمة، صنعت في الغرب وللغرب المهيمن على خيرات الأرض بينما تصدر المواد الخام الضرورية لتغذية الصناعة.
تناقض يجعل الجائع العاري الجاهل الأعزل يجري وراء سراب القفزة التي تحمله إلى الكواكب على مركبة الأحلام.
المصانع والآلات الإنتاجية المستوردة من الغرب تستعمل تكنولوجيا متطورة، فعندما يستوردها البلد المتخلف، يستورده معها خبراء، ويبقى تابعا سرمديا، مفتقرا ليدربوه، ويمولوه تمويلا مشروطا، ويعطوه قطع الغيار. وما من آلة من بلادهم إلا وتأتينا بنصيب من تلك التبعية. ذلك بالإضافة إلى أن الآلة الإنتاجية المتطورة تلتهم العمل التهاما، وتقضي على أهل البلد بالبطالة، لاسيما إن جاءت تلك الآلة لتحل محل إنتاج محلي سابق.
إن اهتمام الدولة الإسلامية يجب أن ينصرف عن أسلوب استخراج المعادن لتصديرها، وعن أسلوب المصانع المستوردة، لينصب على دعم الصناعة الصغيرة والمتوسطة والتقليدية. لابد لنا من صناعة ثقيلة أيضا. ولابد قبل توطينها من الاستعانة بما تتيحه السوق العالمية. لكن الاكتفاء الذاتي، وهو هدف تحرري له الأسبقية، لا يسمح بحال أن يكون كل اقتصادنا تابعا تحكمه إرادة غيرنا. ونرجع بعد حين إن شاء الله للصناعة والتصنيع.
إن اهتمام الدولة الإسلامية يجب أن ينصرف عن المشروعات الزراعية الواسعة، المخططة المؤممة، الموجهة للتصدير، إلى المشروعات الفلاحية المحلية المسؤولة، الموجهة إلى الإنتاج الغذائي.
وإن استمرار التخلف ودوام التبعية راجعان إلى جملة من العوامل منها وجود اقتصاد عصري منفصل عن الاقتصاد البلدي. وجود اقتصاد ممكنن متطور، قائم على التبادل التبعي للخارج، معتمد على تكنولوجيا، أي آلات وخبرة، غير مستوطنة في بلادنا، ومع التكنولوجيا تدخل إلينا وتستفحل فينا أفكار الغرب وأنماطه الحياتية. وبهذه الكيفية تعيش على هامش الشعب وفوقه طبقة مديري الاقتصاد العصري التي لا يعنيها من أمر الشعب صعوبات الحصول على الغذاء، ولا البطالة الناشئة عن المكننة العاتية التي لا تراعي المصلحة العامة وإنما تلتمس ارتفاع الإنتاجية والأرباح بأي ثمن.
وتبقى كتلة الاقتصاد البلدي مهملة، ويبقى السواد الأعظم من الأمة محروما غير مكترث إلا بهمومه وآلامه، ولا مشارك في عملية التنمية التي لا يفهم لها معنى لأنهم لم يخصصوا له منها ناقة ولا جملا، ولا فتحوا له رجاء وأملا.
يقابل هذا التشطر بين الاقتصاد العصري والاقتصاد البلدي التقليدي في الداخل تشطر يسمى "توزيع العمل" على المستوى العالمي. بمقتضى هذا التوزيع المفروض على الشعوب المستضعفة بحكم تخلفها، بل تخليفها، يصنع الغرب موادنا الخام، يشتريها منا، لا بل يبتزها ابتزازا، بثمن بخس، ثم يبيعنا المنتجاب بالثمن الباهض، بعد أن أضاف إلى قيمتها المادية قيمة فنية تعطيها جاذبية إن كانت سلعة استهلاك، وتعطيها الفعالية الجهنمية إن كانت سلاحا، وتعطيها على كل حال السمعة والهيبة لأنها تحمل وسام "صنع بالولايات المتحدة الأمريكية".
توزيع العمل العالمي استعمار اقتصادي يساعد على إبقائنا في التخلف، والشطر العصري من الاقتصاد في بلادنا إنما هو ذئب تابع للشركات الكبرى، واسفنجة لامتصاص دمائنا.
هنالك مفاوضات بين الشمال والجنوب كما يقولون. هذه المفاوضات لا تضع موضع التساؤل والنقد والرفض قسمة العمل المجحفة، ومبدأ تهريب المواد الخام من بلادنا، ومبدأ احتكار التكنولوجيا التي تضفي على هذه المواد هذه القيمة الفنية التي تعطى رطل النحاس الذي اشتري بثمن التراب مآت أضعاف قيمته الأصلية بعد التصنيع. إنما تدور هذه المفاوضات، كما يريد الاستعمار، حول تحسين قيمة التبادل، وحول إنشاء صندوق موازنة لدعم أثمان المواد الأولية عند انهيار السوق، وحول التعاون التقني الذي لا يتناول إلا تقنيات المصانع المتطورة الجاهزة لا التقنيات المتكيفة بحاجاتنا، وحول النسبة المائوية مِن دَخْل الدول المصنعة التي يجب أن تخصص (يا للرحمة المتصدقة !) لمساعدة الدول الفقيرة. ثم لا تتمخض المفاوضات إلا عن كل ما يضمن مصلحة الأقوياء الأغنياء.
يجب أن تكون دولة الإسلام سابقة إلى التيقظ، بجانب المستضعفين، لأصول اللعبة الاقتصادية، وأن تساوم من موقف القوة على مواد العالم الضعيف، مدركة أن العالم المصنع بفقره من المواد الخام، فقرا نسبيا على كل حال، وبالحروب الاقتصادية بين دولة ودولة، وبالمنافسات التي يضغط بعضهم بها بعضا، لم يبق في مكانة يستطيع منها أن يسيطر على اقتصاد العالم كما كان يفعل من قبل. يشكل وجود اليابان ذلك الوجود الساطع في سماء الاقتصاد وبروز "التنينات الأربع" في جنوب شرق آسيا، وبدايات دول مثل البرازيل، وأفق تصنيع الصين غير البعيد فجوة في الكتلة المصنعة، منها ندخل إن شاء الله إلى عالم تكنولوجيا مبسطة متكيفة بحاجاتنا، فجوة تشكل فرصة تاريخية لكسر احتكار الغرب، وضرب استعماره. ثم إن للكتلة الإسلامية بعد التحرير مؤهلا ذاتيا بإسلامها وإمكاناتها لخرق تلك العقبات، بإذن الله وحوله وقوته.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:53 pm

عمران الأرض
عندما يزعم الغرب الجاهلي والشرق الجاهلي أن أسولبهما في التنمية هو الأسلوب الوحيد الممكن، أو هما الأسلوبان اللذان لا ثالث لهما، فإنما يستعمل سلاح الغزو الفكري ليوطد به ويديم استعماره الاقتصادي والحضاري. وإن الناطقين باسم "الاشتراكية القومية"، أو باسم "الطريق الثالثة" للتنمية، أو باسم "الاشتراكية الإسلامية"، والإسلام الاشتراكي، وما إلى هذا من الخزعبيلات، ما يكثرون الاحتجاج والصياح بتلك الشعارات إلا تغطية لفقدهم أصلا منه يستمدون. فهم إلى أساليب الغرب يعودون، أو إلى أساليب الشرق الجاهليين. وكل نظام ملفق ما هو إلا هجين وابن غير شرعي مرفوض هنا وهناك. الهجناء من جانب الإسلام مرفوضون بتاتا، وإن كان الجانب الجاهلي يصفق في أعماقه للطرق الثالثة الهجينة لمعرفته بما تخفي الشعارات من تنكر للأصل باسم الأصالة، ومن غرام وجودي بالجاهلية يكتمه الهجناء بمساحيق ذر الرماد في العيون.
إن أصلنا كتاب الله، وإن عمارة الأرض واجب فرضه الله على الأمة المستخلفة في الأرض. فالباعث الإسلامي على النشاط الاقتصادي باعث ديني، من صميم الدين. والقوانين التي توجه هذا النشاط شرع منزل. قال الله تعالى يحكي رسالة عبده ورسوله صالح عليه السلام إلى المسلمين : "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، فاستغفروه ثم توبوا إليه. إن ربي قريب مجيب".
استعمركم في الأرض : طلب إليكم أن تقوموا بعمرانها، فإن أطعتم فهي عبادة. عبادة اقتصادية متفقة في اللفظ والمعنى وإن كانت مختلفة في الشكل والوسائل مع عمران آخر، هو عمارة المسجد. قال الله عز وجل : "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الله فعسى أولئك أن يكونوا من المفلحين". عمارتان أختان، كلاهما عبادة، ليرزق الجن والإنس والبهيمة، والوحش، والطير، وكل الخلق.
العمارة ضد الخراب كما قال الراغب الاصفهاني رحمه الله. وكل ما من شأنه أن يساعد على عمران الأرض لتصلح مأوى لائقا لبني آدم المكرمين، ووطن سلام وأخوة ودار بركة وخير، فهو عبادة يؤجر عليها العبد وتؤجر عليها الأمة.
فإذا كنا نستعمل ألفاظ العصر للتعبير عن أشياء الاقتصاد وحركياته، فعن العمران المأمور به شرعا نتحدث. ومن وراء جملنا وعباراتنا الموحية بالمعاني المشتركة من جراء احتكاكها المادي واستعمالها العادي على لسان الماديين، قصدنا أن يقرأ الربانيون عالم الاقتصاد من خلال منظار المفاهيم القرآنية الإسلامية. أرزاق العباد، البركات، النعم، الجهاد، الخير، الشكر، البذل، الزكاة، الصدقة، زينة الله التي أخرج لعباده، الطيبات، الخبائث، الرزق الحسن، الأنعام حمولة وفرشا، شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، الزرع، الزيتون، النخيل، الأعناب والثمرات لعلنا نشكر. هذه المفاهيم القرآنية يقرأها المسلمون الخاملون قراءة ناعسة لا يدرون أن من وراء "كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور" وعيد "فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم، وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل. ذلك جزيناهم بما كفروا وهل يجازى إلا الكفور".
أعرضت سبأ عن أمر ربها فبدلهم الله بالجنتين الطيبتين جنتي شوك وجدب. ولو لم نعرض عن أمر ربنا لما أخذنا بالسنين ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبالتخلف الاقتصادي، والهزيمة العسكرية الحضارية. قال صالح عليه السلام مهددا قومه لأنهم لم يستعمروا الأرض استعمار الصالحين كما أمرهم الله عز وجل : "أتتركون فيما هاهنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فرهين" ؟ لكنهم عصوه وعقروا الناقة، فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها، فلا يخاف عقباها. وإننا لنرجو أن نتلقى أمر الله عز وجل من جديد بنية الطاعة ونشمر عن ساعد الجد ونستعمر الأرض الاستعمار الصالح، فيبارك الله جهدنا، وتبقى ذكرى التخلف موعظة من باب قوله تعالى : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات. وبشر الصابرين". الخوف والجوع والنقص تكون بمجموعها معادلة التخلف. عسى ذلك يكون لنا عبرة. ومن الإقبال على الله عز وجل بتوبة اقتصادية أن نحارب ثلاث موبقات : الربا، والطغيان الرأسمالي، والتعسف الشيوعي.
يجب القضاء الحتمي في دولة الإسلام على القروض التي تجر فائدة أو نفعا، كانت قروض استهلاك أو قروض إنتاج، كانت خاصة أو حكومية، قليلة أو كثيرة. ويقنن مجلس الفتوى والاجتهاد حدود الضرورة التي تؤدي بالدولة إلى الاقتراض من الخارج، كما يقنن التعامل في المصارف الإسلامية بشأن الحسابات الجارية، والودائع الاستثمارية، والكمبيالات، والشيكات، وخطابات الاعتماد، وعمولة المصرف في كل هذه العمليات، وما إلى ذلك.
يجب نبذ النموذج الرأسمالي عدو الإنسان، ذلك الوحش الذي يحمل في طبيعته خطر العدوان على المجتمع البشري بما فيه من أنانية لا تعرف إلا مصلحة الفرد، تجيز له افتراس الآخرين بالناب والمخلب. لا نستطيع بالرأسمالية أن نلبي حاجة الشعب للتجهيزات الأساسية، والصحة، والتعليم، والرخاء، وسائر مقومات الحياة الكريمة العامة. فالرأسماليون يوجهون السوق، ويتحكمون فيها، ولا يستثمرون إلا في المشاريع السريعة الربح، لا يأبهون بعمل العاطل، ولا بحق المسكين.
يجب نبذ النموذج الجاهلي الآخر، الشيوعي، لأنه عاجز عن إعادة التوازن إلى العلاقات الاقتصادية في العالم مع أن منطلقه كان محاربة الإمبريالية، أي السيطرة الرأسمالية. نترجم بكلمة "السيطرة" مفهوم الإمبريالية الذي أسكن فيه لينين فلسفة كاملة عن طغيان الرأسمالية الصناعية. وذابت الفلسفة وبقي اللفظ. وبدا وجه الإمبريالية الرأسمالية كالحا كوجه شقيقته الاشتراكية العلمية في زعمها. والتبعية لأي من الأمبرياليتين تبقى تبعية مكره لعدوه، فإذا اخترنا نموذج إحداهما فقد دققنا لها في أرضنا أوتاد التخييم، بل مهدنا لها بين ظهرانينا مثوى الساكن المقيم. يجب أن نبني لأنفسنا بنيانا اقتصاديا على أساس التقوى من أول يوم. نضع حجرة الأساس يوم نعلنها دولة قرآنية لا من غرب الجاهلية ولا من شرقها.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:53 pm

الفصل6: الإنتاج
عمر يعلم الناس علم الكسب
الحث على الكسب
طلب الحلال
هل يكون اقتصادنا اقتصاد سوق ؟
المبادرة الحرة
التخطيط وعقلنة الاقتصاد
أهداف التخطيط


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:54 pm

عمر يعلم الناس علم الكسب
روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالسوق، ويضرب الناس بالدرة يعلمهم علم الكسب ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا، شاء أم أبى.
إن النشاط الاقتصادي في الإسلام ليس عملا وثنيا ماديا بمعزل عن الدين والأحكام الشرعية. بل إطاره الحلال والحرام، الطيب والخبيث. لا طيب إلا ما طيبه الشارع، ولا يجوز ممارسة شيء من أعمال الإنتاج إلا بضوابط شرعية يفصلها علم العقود. وهي راجعة كلها إلى الأبواب الستة الأصلية: البيع، الربا، السلم، الإجارة، الشركة، القراض. ولكل من هذه الأبواب شروط وصور تطبيقية اجتهد فقهاؤنا السابقون في ملاءمة واقعهم الاقتصادي لها، ومواءمته بها.
يلزم الدولة الإسلامية لهذا العصر اجتهاد لإخراج الاقتصاد من فوضى القانون الرأسمالي إلى نظام الإسلام، ومعايير الحلال والحرام. وفي أصولنا وفقهنا المؤثل سعة لاستيعاب وجوه الكسب والإنتاج. فإن فقهاءنا استنبطوا من الأحكام ما لم يشعر معه المسلمون بحرج في معاملاتهم التجارية والصناعية على طول هذه القرون التي كان القانون الإسلامي فيها سيدا في السوق، وإن كان في نظام الحكم فساد. وفقهنا قادر بحول الله على استيعاب وجوه المعاملات المستحدثة.
ففي القراض استنبطوا أحكاما تلجم رأس المال بشروط، وتحدد وجوه تقاسم الربح، كما تحدد علاقة العامل بصاحب المال.
وفي الشركة قيدوا شركة المفاوضة وشركة الأبدان، وشركة الوجوه (وهي نوع من استغلال النفوذ) بقيود تبطلها لوقوع الغرر والإجحاف بالشركاء. وأطلقوا شركة العنان بالإباحة، وبينوا كيفية دخول النقد والعروض في حساب الشركة ومعاملاتها.
مرد الأحكام الإسلامية في فقه الكسب إلى منع الظلم، والاحتكار، وتزييف الحسابات، وغش المعامل، وترويج البضاعة بالكذب، والربا، وتطفيف المكيال والميزان، واللعب بالأسعار، والتغابن، وسائر أنواع الفساد التي كان يضرب أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الناس بالدرة ينبههم إلى فقهها.
كانت الدرة العمرية رمز وازع السلطان، وعدة الحسبة، وسلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان وازع القرآن هو الباعث في ذلك المجتمع الفاضل الخير على طلب الفقه في الدين، لأن المنتج، تاجرا وصانعا، كان حريصا على دينه، شحيحا بآخرته. فكان الإنتاج عبادة يؤدي بها العبد فرض الكفاية عن الأمة المحتاجة إلى صناعات وتجارات، تصلح شأنها، وتؤمن معاشها. وكان انتظام حياة المجتمع هم التاجر والصانع الصالح. وكانت نية الاستعفاف بطلب الحلال، ونية الإنفاق على العيال، ونية الإفاضة من فضول الرزق على العباد محرك تلك الهمم. كانوا أمة لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
لعل بالمقارنة إلى ما آل إليه أمر المسلمين في موقفهم الوثني إزاء الكسب تتبين لنا الشقة البعيدة التي يلزم أن نقرب منها هذا الاقتصاد الجامح مع الهوى إلى معاني التعبد والتقرب إلى الله من خلال السعي في الأرض، وابتغاء فضل الله الدائم في الآخرة. من خلال حسن التصرف فيما يتفضل به هنا على عباده الكاسبين. إن إنسان العصر الوثني يصف نفسه بأنه حيوان سياسي، وحيوان اقتصادي. وتنم عبارة الناس عن دخائلهم. وما الرأسمالي إلا وحش كاسر في غابة تمجد الفردية الأنانية، وتحترم كل همزة لمزة جمع مالا وعدده. وفي الجانب الآخر من الجاهلية دولة وحش كاسرة.
بالمقارنة مع فقه المعاملات الإسلامي، وبتركيب منظار الحلال والحرام، والطيب والخبيث على أعيننا تتبين لنا مجاري الظلم والظلام اللذان دخلا علينا حين خربت الضمائر وفسدت الذمم، ومارس المسلمون الربا وسائر أنواع الجرائم الاقتصادية، فأعرضوا بكفر نعمة المولى عز وجل عن عمارة الأرض التي أمروا بها كما أمروا بسائر العبادات.
فإصلاح الاقتصاد وتشجيع الكسب والإنتاج يمران من طريق الدعوة، ويدخلان من بابها. ولن نخرج من تخلف الأعرابية القاعدة الخائنة المنافقة فنستحق الخلافة في الأرض إلا عندما تكون في ضمائرنا وفي قوانيننا المعاملات الاقتصادية فيما بيننا جزءا لا يتجزأ من معاملتنا مع المولى عز وجل. لن نخرج من التخلف بذهنية الزهادة والهروب من الكسب والخمول والدروشة ادعاءا للورع، وخوف الوقوع في الشبهات. فذلك دين المؤمن الضعيف. وإنما يصلح الأمة جهاد اقتصادي يعم أصناف الناس، ويغطي كل الحرف، ويؤمن كل حاجات الأمة. رادع الخوف من الحساب يوم القيامة، والتناهي عن المنكر، قيود تكف الشهوة والهوى وحب الدنيا أن تصول وتعتو وتفتك بقيم الأمة المادية والمعنوية. فهي سوالب. لكن الحافز القوي، حافز اعتبار الإنتاج الجيد، الحلال، النظيف، يسبق في النظر والاعتبار كما يسبق إعداد الفرس إعداد اللجام.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:54 pm

الحث على الكسب
عقد الإمام الغزالي رحمه الله بابا في الحث على الكسب قال : أما من الكتاب فقوله تعالى : "وجعلنا النهار معاشا"، فذكره في معرض الامتنان. وقال تعالى : "وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون"، فجعلها ربك نعمة وطلب الشكر عليها. وقال تعالى : "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم". وقال تعالى : "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله". وقال تعالى : "فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله". وأما الأخبار فقد قال صلى الله عليه وسلم : "من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة". وقال عليه السلام : "التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء" (رواه الترمذي وحسنه والحاكم من حديث أبي سعيد). (...) وقال صلى الله عليه وسلم : "أحل ما أكل الرجل من كسبه، وكل بيع مبرور" (رواه أحمد والبزار والحاكم بنحوه وصححه). وفي خبر آخر : "أحل ما أكل العبد كسب يد الصانع إذا نصح" (رواه أحمد من حديث أبي هريرة وحسنه العراقي). (...) وقال عليه السلام : "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير من أن يأتي رجلا أعطاه الله من فضله فيسأله، أعطاه أو منعه" (متفق عليه من حديث أبي هريرة)".


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:54 pm

طلب الحلال
جبل الإنسان على حب الدنيا، والتسابق مع أقرانه في جمع متاعها، والتكاثر. زين الله عز وجل له ذلك في جبلته، وأخبره بذلك، وحذره منه. قال تبارك وتعالى : "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث. ذلك متاع الحياة الدنيا. والله عنده حسن المآب". وقال عز من قائل : "ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر".
لا سبيل إلى دفع تلك الجبلة ومقاومتها إلا لمن وقاه الله شح نفسه، أو هذبه بالإيمان فزال منه الحرص وطول الأمل اللذان أخبر عنهما الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأنهما يشيبان مع المرء ويلزمانه.
لكن الممكن والواجب لأمة تريد الحياة، وتريد استعادة عزها بالإسلام، أن توجه طبيعة حب الامتلاك، من حيث هو امتلاك إلى طلب الحلال، وربط هذا الطلب الفردي بالهدف الاجتماعي الاقتصادي للأمة. وإن الله عز وجل حين خلق آدم وبنيه ليعمروا الأرض، وحين أمر عباده بعمرانها بالخير، زودهم سبحانه بهذه الغريزة لكيلا تتعطل وظيفتهم هذه. والتنافس على الدنيا من التدافع الذي أسس الله سبحانه وتعالى عليه عمارة الأرض، تفسد الأرض وتخرب بغيابه. قال عز من قائل : "ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".
فمن الخير العميم، والنعمة الشاملة، أن تسخر غريزة التنافس في عمارة الأرض بعد أن يهذبها الإيمان ويوجهها ويسكبها في قوالب القوانين الشرعية. وكما يكون التنافس الحيواني محرك الرأسمالية الفردية، فإن التنافس الآدمي يكون محرك العمران الإسلامي. وكما يتنافس الجاهليون فيما بينهم أيهم يستحوذ علينا، ينبغي لأمة الإسلام أن يصبح طلب الحلال وترا في قوس اقتصادها لترمي بإنتاجها أهداف العدو وتكسر احتكاره، وتغزو سوقه. العالم كله اليوم سوق، والمنافسة قانونه. منافسة بين الشركات والدول الغربية. الاقتصاد الغربي مهدد بحذق اليابانيين وجودة منتوجاتهم، يشكو تلك المنافسة، ويتخذ الإجراءات الجمركية لحماية أسواقه. وذلك خرق لمبدإ الحرية الرأسمالية الغابوية. منافسة بين روسيا وأمريكا. وكأن ستالين وخرتشوف حين كانا يعلنان لدولتهما وللعالم أن روسيا ستنتج مثل أمريكا وستفوتها إنما يدخلان في سياق رأسمالي مع الرأسمالية. كأنهما اعترفا أن رأسماليتهما، وهي رأسمالية الدولة، أجود من الرأسمالية الأخرى.
السعي على العيال من الحلال واجب في حق الفرد، والتنافس الجهادي واجب في حق الأمة مع الإنتاج الذي يغزو أسواقنا. من الحلال ما هو مباح فهو حلال رخاء وتوسع. ومنه ما هو واجب فتحصيله وإنتاجه والعناية به وإعداد العدة له فرض مؤكد على كل مسلم ومسلمة، وعلى الدولة الإسلامية.
كتب الإمام الغزالي رحمه الله هذه السطور النيرة في الموضوع : "الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين لازب وصلصال، ثم ركب صورته في أحسن تقويم وأتم اعتدال، ثم غذاه في أول نشوئه بلبن استصفاه من بين فرث ودم سائغا كالماء الزلال، ثم حماه بما آتاه من طيبات الرزق عن دواعي الضعف والانحلال، ثم قيد شهوته المعادية له عن السطوة والصيال، وقهرها بما افترضه عليه من طلب القوت الحلال، وهزم بكسرها جند الشيطان المشمر للإضلال، ولقد كان يجري من ابن آدم مجرى الدم السيال، فضيق عليه بعزة الجلال المجرى والمجال، إذ كان لا يبذرقه (لا يبلغه) إلى أعماق العروق إلا الشهوة المائلة إلى الغلبة والاسترسال، فبقي لما زمت بزمام الحلال خائبا خاسرا ماله من ناصر ولا وال، والصلاة والسلام على محمد الهادي من الضلال".
ها نحن نتحدث في الاقتصاد بلسان رباني، ولغة قرآنية، تصل العبد بمولاه، وتبرزه عروس الخليقة، أحسن الله سبحانه صورته واعتداله وغذاه بالرزق الطيب، وركب فيه الشهوة ليبلوه ويختبره، وسلط عليه العدو الموسوس لعنه الله، يجلب عليه بخيله ورجله، وزم سبحانه وتعالى حرية العبد المؤمن بزمام الحلال والحرام، لكي يكون طلبه للرزق طلبا جميلا، لا ينفذ معه الشيطان إلى قلبه، ولا تحمله المنافسة فيه إلى السطوة على الناس.
وعقب الإمام الجليل رحمه الله هذه المقدمة بأبواب في فضيلة الحلال ومذمة الحرام، وفي مراتب الشبهات، وفي وجوب البحث والسؤال والتثبت في مسائل الحلال والحرام، وفي كيفية خروج التائب عن المظالم المالية، وفي إدرارات السلطان (عطائه) المالية وما يحل منها وما يحرم، وفي الدخول على السلاطين.
عند أمثال الغزالي تنشد ضالة الورعين، وفي مدرسته غنيمة لكل تائب يرعى حقوق رب العالمين. فالورع الذي كان زينة الصالحين مكمل إحساني لفقه الأحكام والحدود الذي تخصص الفقهاء الأمجاد رحمهم الله في عرضه وتقنينه وحفظه. ولا يكفي لتهذيب الغرائز الجامحة، كالشهوة، والتنافس، والشح، والاحتيال للدرهم، فقه المفتى وسلطة المحتسب والقاضي. بل التربية الإيمانية الإحسانية وحدها كفيلة بالنفاذ إلى الأعماق الداخلية حيث منبع الخير والشر في الفرد، منه تخرج إلى المجتمع صلاحا أو فسادا، عدلا أو جورا، عمرانا أو تخريبا.
فهاهي ذه أدوات معالجة الاقتصاد من وجهة إسلامية. معايير كمية مادية، وأخرى قانونية شرعية، وأخرى نفسية تربوية. ومن تفاعل الحقائق التي تتناولها هذه المعايير ينتج المذهب الإسلامي في الاقتصاد. فلا يمكن مقارنته بالمذاهب البشرية لغياب العنصر النفسي الأخلاقي التربوي في تركيبها، وخاصة لتنافي قانونها الأرضي مع قانون السماء الشرعي.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:55 pm

هل يكون اقتصادنا اقتصاد سوق ؟
إن منهاج الإنتاج والكسب الإسلامي يتميز عن أساليب الرأسمالية والاشتراكية بجمعه بين الباعث الحيوي الديناميكي، معذرة عن كلمة أخرى من بنيات العصر، وبين الرادع القانوني.
تمتاز الرأسمالية بقدرتها الفائقة على الإنتاج لوجود الغريزة التنافسية في البشر التي تتخذها الرأسمالية مطية لأغراض الوفرة. ومبدأ اللبرالية هو أن تدع الغريزة حرة والتنافس يتصارع في فوضى ينتظر أن يخرج من تناقضها نظام.
حيوية على كل حال شهدت بها النتائج.
وتريد الاشتراكية أن تخضع عملية الإنتاج للعقل، والتخطيط والضبط والنظام. فالنية جيدة، لأن الفوضى لا يرجى منها خير. لكن الاشتراكية، خاصة في صيغتها القصوى في روسيا والصين حيث لا ملكية تذكر إلا ملكية الدولة، تقتل الحيوية وتضعف الإنتاج بوضعها الغريزة في الأغلال، وقمعها المبادرة الفردية، وإحالة وظيفة الحركة على المكتبية التي من طبيعتها أن تميل للتباطؤ والإهمال والتطويل.
وإن نحن ذكرنا هنا المذهبين الجاهليين في الإنتاج فلكي نبصر بالمقارنة أية استعدادات للتفوق يملكه نظامنا الحنيف إن طبق تطبيقا كاملا، تربية وقانونا، دعوة ودولة، باعثا إيمانيا وورعا شرعيا، تنافسا في الحلال وسباقا للواجب، وورعا عن المحرم والشبهة.
لا ينكر الإسلام غريزة التنافس، ولا يكبتها، ولا يقمعها. كما لا ينكر غريزة التناسل وسائر الغرائز. إنما يوجهها إلى الخير، ويزمها بزمام الشرع، لتنصرف الشهوة إلى البناء لا إلى الهدم، إلى العمران لا إلى التخريب. كيف ينكر الغرائز خالق الغرائز سبحانه وتعالى ! قال الله تعالى يخاطب فينا غريزة المنافسة ويوجهها : "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون". وقال عز من قائل : "سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض". وقال سبحانه : "سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله". تنافس يهيب به الوحي أن يصعد ويرقى، لا يرذله إلا تعلقه بالسفساف.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:55 pm

المبادرة الحرة
يكون المال واستثماره شؤما إن كان مع الجمع والعد صد عن سبيل الله، وهوى متبع، وشح مطاع. أما استثمار المال الصالح في الأهداف الصالحة فهو نعم العمل. وقد ثبت بالكتاب والسنة قاعدة التراضي في المعاملات باعتباره أساسا للأخذ والعطاء، وأساسا للعقود، وأساسا للنشاط الاقتصادي. كما وردت أحاديث في احترام أسعار السوق. وكل هذا يفيد أن صاحب المال الذي يخاطر بماله في التجارة أو الصناعة، ويتحمل مسؤولية السهر على ماله، ومشقة السعي والكد فيما يصلح الحياة الاجتماعية، ويبذل وقته وقوته، من حقه أن يشترط ربحا يعوض جهوده.
ويفيد هذا، على مستوى الاقتصاد الكبير، أن المبادرة الحرة مؤسسة يعترف بها الإسلام، بل يجعلها أساسا منه تستثنى الحالات التي يقع فيها الضرر على المصلحة العامة من سوء تصرف الملاك. إذا طغت الغريزة التملكية التنافسية وتجاوزت حدها المحدود صارت سفها، وسمي مطاياها سفهاء، وحجر عليهم.
إن رفض الرأسمالية لا يعني رفض وجود رؤوس أموال حرة، بل يعني رفض الأمراض الأنانية التي تطرأ على الفطر فتجمح بها. وإن رفض الرأسمالية لا يعني رفض المبادرة الحرة الشخصية أو الجماعية في شركات، إنما يعني إبعاد التضامنات الاحتكارية، ورفع الأسعار التعسفي، وطلب الربح المادي على حساب المصلحة الاجتماعية، واستعباد العامل الأجير واستغلاله.
إن إلغاء المبادرة الحرة يهدد الاقتصاد بالشلل لتعطيل الغريزة التي جعلها الله فينا محركا للتدافع الذي يكون به العمران.
في روسيا وإمبراطوريتها ركود اقتصادي دائم، إلا في المعامل التي يمكن فيها التجنيد العسكري للعمال. وفي بلاد اشتراكيات أوربا مثل السويد تعاني الدولة مشكلة عزوف الناس عن العمل منذ جاءتهم تلك الاشتراكية من نوع خاص بمساواة في الأجور، وأممت الاقتصاد، وقضت على كل مزية اجتماعية، إذ يستوي في الأجر والحرمة البائع المتجول، والمغني الماجن، وأستاذ الرياضيات في الجامعة.
لماذا يبذل العامل الاشتراكي جهدا، ولماذا يسهر المكتبي الاشتراكي، والمدبر الاشتراكي، على إنجاز الواجبات في المواعيد مادامت أجرتهما لن تتأثر بنتائج أعمالهما ؟ المالك للمعمل والحقل والمؤسسة غائب أعمى يسمى الدولة. فمن العبث أن يقتل المرء نفسه وعين الرقابة الشرطية ملتفتة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:55 pm

التخطيط وعقلنة الاقتصاد
إن مما أصبح مقبولا في عالم الاقتصاد، وأصبح ضرورة مفروغا منها، التخطيط الاقتصادي. يحب الحكام أن يروا على الورق مستقبل التطور مكتوبا محصيا خمس سنوات معدودات تبدأ بتاريخ كذا وتنتهي بتاريخ كذا. وتصطف الأرقام والتواريخ كأنها جنود مطيعة للإرادة الحاكمة.
هذه محاولة لعقلنة الاقتصاد. وتعني عقلنته إخضاعه لمنطق العقل الذي لا مجال فيه لاحتمالات الرفض، وتردد الإرادة، ونزوة العاطفة، وتحرك الغريزة. العقلنة الاقتصادية محاولة لمحاربة الفوضى الناشئة عن التناقضات بين نفس الإنسان وعقله، بين اتجاه الفرد واتجاه الجماعة، بين المطالب الاقتصادية المتزاحمة على الباب كل منها يريد أن تعطاه الأسبقية.
لكن التأميم المبرمج، وما يتبعه من تولي إدارة متناسلة، متثاقلة، مهملة، بعيدة، غير مكترثة، تؤول إلى برمجة الفوضى وتعميمها. قد تكون برمجة التوزيع لهدف العدل في القسمة إجراء معقولا في النظر. لكن برمجة الإنتاج على نطاق الدولة، وما يستلزم ذلك من التعامل بالجملة، ومن بعيد، وعن عمى بدقائق المكان والزمان والناس مما لا تبصره الأرقام الصماء، تغرير بالاقتصاد. وحتى برمجة التوزيع، بتأميم التجارة، يفضي إلى ما أثبتته التجربة من اختلاس رغم المحاسبة، ومن سوق سوداء، ومن رشوة، ومن إضاعة البضائع والأموال نتيجة للإهمال.
إذا طلبنا إلى الحكام السياسيين في أنظمة الفتنة أن يَعْقِلُوا شيئا في الاقتصاد، فأحرى أن يخططوا له تخطيطا معقولا قابلا للتطبيق فإنما نطلب مستحيلا. ومع ذلك لا تسمع إلا ذكر الخطة، والتغني بالخطة، وتمجيد الخطة.
في دولة الإسلام ينبغي، بل يتعين واجبا، ألا يكون الإمام رجل الخطة الاقتصادية، إن كانت له دراية بالموضوع والتقنية أصلا، لكيلا يغرق في الأرقام في الوقت الذي تطلبه تربية الرجال، وتوجيه سياسة الدولة، ونشر الدعوة في العالم. من شأن المتخصصين والتقنيين في الحكومة الإسلامية أن يخططوا مبصرين عيوب التخطيط ومساوئ المكتبية. على أن لا يكون مجال التخطيط إلا المرافق العامة ومؤسسات الإنتاج القاعدية.
المسلسل الاقتصادي الإسلامي هو أن تكون المبادرة الحرة هي الأساس، وتدخل الدولة طارئا، ويكون التخطيط محدودا. وكل تخطيط يجعل التأميم هو القاعدة والمبادرة الحرة هي الاستثناء فإنما يعرض الاقتصاد للخطر. فمن خطط التوزيع الاجتماعي، مع خراب آليات الإنتاج وشلل محركه الفطري وهو المبادرة الحرة، فإنما يخطط لتوزيع البؤس والفاقة.
المسلسل الاقتصادي الإسلامي يشكل نظاما مستنبطا من الأحكام السماوية. ففي مصدره السماوي ضمان لنجاحه، لا يدخله الخلل إلا من قلة فهمنا عن الله، وقلة فقهنا لروح الشريعة ومقاصدها. فإن الله عز وجل الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا وهو الضامن النجاح والفلاح لمن اتبع هداه لا هوى النفس، واتبع الفهم عنه لا تحكم العقلانية، ووظف العقل فيما خلق له من استماع أمر الله وآياته المنزلة ثم تكييف الواقع لها لا العكس، ووظف الغريزة المهذبة الموجهة في النشاط العمراني، ولم يتركها تنزو عليه وتركبه. ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت في نظام الكون، ودوران الكواكب، ورتابة حركتها، ولزوم كل منها حدوده، فلا اصطدام ولا فوضى. خالق ذلك النظام وضامن حركته هو منزل الشريعة وضامن صلاحها بشرط التقوى منا، والفهم عنه، والفقه لأسرار أحكامه. وهذا لا يتنافى في شيء مع استعمال العقل في أقصى ما يستطيعه لترتيب العملية.
بإخضاع التخطيط لهذا النظام الإلهي يمكن إصلاح أخطائه وتجنب محاذيره، كما يمكن تفادي السخف الذي يجعل من الرأسمالية المطلقة الرسن مجنونا رهيبا يصطنع الحاجات بالإعلان، ويزيف البضائع بالأصباغ والأشكال، ويصنع من الإنسان دابة لا هدف لها إلا الإنتاج والاستهلاك.
إن التخطيط العاقل عن الله، المدرك لنواميس الله في الكون يمكننا، في حدود الشريعة، من إصلاح الوسائل الموجودة لدينا بتوفير الجهد، والاقتصاد في استعمالها، وتصويبها نحو أهدافنا الاجتماعية والدفاعية والاستقلالية. كما يمكننا من تنسيق الجهود الفردية وإعطائها الانسجام الذي تفتقر إليه لو بقيت تنافسا مفتوحا. ونعم الزمام تخطيط يحمى للفقراء والجماعة حمى اقتصاديا لئلا تطيش بمصلحة الفقراء والجماعة نزعات الأنانية ونزغات الشيطان.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:56 pm

أهداف التخطيط
ما كان للدولة الإسلامية أن تبقى محايدة في عملية الإنتاج الاقتصادي، وإلا لكان ذلك منها سفها. إذ الأمر جهاد، ومسألة بقاء الأمة أو فنائها.
فبجانب حيوية المبادرة الحرة يسير الموجه السلطاني القرآني يهدي الكسبة إلى أهداف الأمة، ويقوم الاعوجاج، ويرشد، ويتابع، ويراقب، ويمهد العسير، ويربط حبل الاتصال، وينسق الأعمال.
هدفان أساسيان ترمي إلى تحقيقهما الدولة الإسلامية : العدل الاجتماعي في الداخل، والقوة على جهاد العدوان الخارجي. وعنهما تتفرع الأهداف الأخرى.
فالعدل حد أدنى من تعميم الرخاء. وحسن القسمة يقتضي استخراج ثروات الأرض، واستثمار أموال الأمة، وتعبئة اليد العاملة، والعقل المبتكر، لإنتاج ما به تكون الكفاية. فإنه لا عدل هناك ممكنا إن لم يكن لدينا ما نقسم، وما نرضي به حاجة المحتاج. وبعد العدل الرخاء في المطعم، والملبس، والمسكن، والتعليم، والصحة. وكل ذلك يريد أن نقتصد في استعمال مواردنا ونصرفها تصريفا حكيما.
والقوة الجهادية تقتضي أن نسخر كل طاقاتنا لنستقل، ونصنع السلام، ونجهز الجند، بلا تبذير، ولا إيثار للترف على الخشونة، ولا اعتماد على غير جهودنا.
ولابد أن نعلم كل هذا المبادرة الحرة، ونوجهها إليه، ونراقبها ونقسرها عند الحاجة عليه.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:56 pm

الفصل7: التوزيع
مراتب الحاجة
الاحتكار
التبذير
التكافل


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:56 pm

مراتب الحاجة
عندما ينظر الفقيه والمربي المسلم في حاجات الإنسان، لا يخص حاجاته المادية المعاشية بالاهتمام والاعتبار، بل ينظر نظرة شمولية تعم حاجات الإنسان المعاشية والإيمانية، الدنيوية والأخروية، العبادية والتعاملية. فبذلك تتخذ كلمة "اقتصاد" معنى فريدا، إذ تدل على وجود قصد وقاصد، غاية ووسائل. إننا ننتقل نقلة بعيدة عندما نرفع أعيننا عن قراءة هراء الماديين العصري في إخبارهم عن الحاجات والاقتصاد لننظر في حديث الربانيين عن حاجات العبد ومقاصد الشريعة.
ننتقل من حيز تسوده الوسائل التي لا غاية لها إلى جو يسبق فيه الاهتمام بالغاية ذكر الوسائل.
نقرأ بتؤدة هذه الفقرات من كتاب الموافقات للإمام الشاطبي رحمه الله لننظر كيف تدخل الحاجات، المادية المعاشية في الحساب الإجمالي لحياة المسلمين جنبا إلى جنب، بل تابعا لمتبوع، ووسيلة لغاية، مع حاجاته الأخلاقية الإيمانية المَعادية.
قال رحمه الله : "تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق. وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام. أحدها أن تكون ضرورية. والثاني أن تكون حاجية. والثالث أن تكون تحسينية.
1) "فأما الضرورية فمعناها أنه لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا. بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج (فوضى) وفوت حياة. وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين (...) فأصول العبادات راجعة إلى حفظ الدين من جانب الوجود (أي بأفعال إيجابية لا بتروك) كالإيمان، والنطق بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وما أشبه ذلك.
والعادات راجعة إلى حفظ النفس والعقل من جانب الوجود أيضا، كتناول المأكولات، والمشروبات، والملبوسات، والمسكونات، وما أشبه ذلك. والمعاملات راجعة إلى حفظ النسل والمال من جانب الوجود، وإلى حفظ النفس والعقل معا لكن بواسطة العادات. والجنايات ـ ويجمعها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ ترجع إلى حفظ الجميع من جانب العدم (أي بمنع لضرر)".
2) "وأما الحاجيات فمعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب (...). ففي العبادات كالرخص المخففة بالنسبة إلى تخوف المشقة بالمرض والسفر. وفي العادات كإباحة الصيد والتمتع بالطيبات مما هو حلال مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ومركبا وما أشبه ذلك. وفي المعاملات كالقراض والمساقات والسلم (...)".
3) "وأما التحسينيات فمعناها الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأموال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات. ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق(...).
ففي العبادات كإزالة النجاسة، وبالجملة الطهارات كلها، وستر العورة، وأخذ الزينة. (...) وفي العادات كآداب الأكل والشرب، ومجانبة المآكل النجسات، والمشارب المستخبثات، والإسراف، والإقتار (التضييق) في المتناولات".
هكذا يكون تقسيم أعمال الإنسان ومجالاته الحياتية والمعادية في نظرة لا تعزل الدين عن الدولة، ولا الاقتصاد المادي عن الاقتصاد بمعنى القصد إلى غاية من وراء الحياة الدنيا، ولا الغذاء البدني عن الغذاء الإيماني.
ويسري الاعتبار الشرعي في كل الأحكام المتعلقة بالمعايش أمرا ونهيا، إتيانا ومنعا، من جانب الوجود ومن جانب العدم كما يعبر الشاطبي رحمه الله.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:57 pm

الاحتكار
الاحتكار آفة اقتصادية على المجتمع، وآفة دينية على المحتكر. فمن حارب الأمة في ضروريات معاشها وحاجياته ومحسناته كمن حاربها في سائر شؤون دينها. والاحتكار جريمة اقتصادية بعرف القانون الوضعي، لكنه في الإسلام إثم من الآثام، وذنب يوبق من رحمة الله كما يوبق ترك الصلاة ومنع الزكاة. لأن منع المسلمين من تناول حاجياتهم المعاشية، وحجزها عنهم، صد عن سبيل الله، وتعطيل لمقصد من مقاصد الشريعة وهو حفظ النفس والعقل. فمن منع توزيع الأرزاق على العباد عرضهم لضياع نفوسهم، وشغل عقولهم بهَمِّ القوت والملبس والمسكن عما خلقوا من أجله وهو عبادة الله عز وجل، وهو التهيؤ للقائه، وهو التزود للدار الآخرة دار النعيم لمن آمن وعمل صالحا فرحمه ربه الرحيم.
ويشتد نكير الإسلام على محتكر الضروريات. قال أبو طالب المكي رحمه الله : "ويجتنب التاجر الاحتكار لما يؤكل ويقتات من القطنية وغيرها. وأشد ذلك الحنطة التي هي قوت الكافة. فقد روي في كراهة الاحتكار والتشديد فيه أخبار كثيرة. روى حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من احتكر طعام المسلمين فليس منا". وفي خبر آخر : "من احتكر الطعام أربعين يوما ثم تصدق به لم تكن صدقة، بل كفارة لاحتكاره". (...) ومن العلماء من كان يجعل الاحتكار في كل مأكول من الحبوب والإدام، مثل العدس والباقلا والسمن والعسل والشيرج (زيت السمسم) والجبن والتمر والزيت. ويكره احتكار جميع ذلك. وروي نحو هذا عن ابن عباس في قوله عز وجل : "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" قيل : الاحتكار من الظلم".
على أن الاحتكار المنهي عنه لا يقتصر على احتكار المأكولات وادخارها. بل يعم كل منع للناس من الوصول إلى أرزاقهم، والإجحاف بحقوقهم. فإذا كان الاحتكار مؤامرة منظمة على أرزاق المسلمين، كما تتيح ذلك الرأسمالية المعاصرة، كان أشد نكرا وأسوأ سبيلا.
وعلى الدولة الإسلامية أن تردع أنواع الاحتكار : احتكار الأرض والأموال، والسلع، والخدمات، والعلم عن طالبه، والخبرة عن المحتاج إليها، والعلاج عن المريض. أمر سيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه عامله الأشتر قال : "واعلم مع ذلك أن في كثير منهم (من التجار وأصحاب الصناعات) ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكما في البياعات. وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة. فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله منع منه. وليكن البيع سمحا، بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع. فمن قارف حكره بعد نهيك إياه فنكل به، وعاقب في غير إسراف"


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:57 pm

التبذير
إن تبذير الثروات، والإسراف في استهلاكها لَمِن أخبث جرائم الاقتصاد الجاهلي. ينهى الإسلام عن الإسراف والتبذير نهيا شديدا، ويسرد الله عز وجل المسرفين والمبذرين مع الشياطين : قال تعالى : "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين". وقال عز من قائل : "وكلوا واشربوا، ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين".
الصورة الأشنع للتبذير هي التي تتجاوز سلوك الفرد، يأكل كثيرا، وينفق في غير منفعة، إلى السلوك الاجتماعي. وهي صورة التبذير والإسراف في النفقات الترفية. وذلك حين تدخل عادات المجتمع في مرحلة الانحلال التاريخي كما وصفها ابن خلدون. وحين لا يكتفي المجتمع بالضروريات والحاجيات، بل يسرف في التحسينات والكماليات فتضيع قواعد الاقتصاد وتستعلى الطبقة المترفة، ويفسد العمران. قال الشيخ الحكيم أحمد ولي الله الدهلوي رحمه الله : "إنه إذا اجتمع عشرة آلاف إنسان مثلا في بلدة، فالسياسة المدنية تبحث عن مكاسبهم. فإنهم إن كان أكثرهم مكتسبين بالصناعات، وسياسة البلدة، والقليل منهم مكتسبين بالرعي والزراعة فسد حالهم في الدنيا. (قلت : لأن تضخم العمالة في ميدان الصناعة والخدمات على حساب الإنتاج الأولي يشوه بنية الاقتصاد فتصبح تشييدا في الفضاء).
قال رحمه الله "وإن تكسبوا بعصارة الخمر وصناعة الأصنام كان ترغيبا للناس في استعمالها على الوجه الذي شاع بينهم. فكان سببا لهلاكهم في الدين. فإن وزعت المكاسب وأصحابها على الوجه المعروف الذي تعطيه الحكمة، وقبض على أيدي المتكسبين بالأكساب القبيحة صلح حالهم.
"وكذلك من مفاسد المدن أن ترغب عظماؤهم في دقائق الحلي واللباس والبناء والمطاعم وغيد النساء ونحو ذلك، زيادة على ما تعطيه الارتفاقات (الاحتياجات) الضرورية التي لابد للناس منها، واجتمع عليها عرب الناس وعجمهم. فيكتسب الناس بالتصرف في الأمور الطبيعية لتتأتى منها شهواتهم (أترجم : يصرفون عوامل الإنتاج عن توفير الضروريات إلى إرضاء الشهوات وإشباع الغرائز). فينتصب قوم إلى تعليم الجواري الغناء والرقص والحركات المتناسبة اللذيذة. وآخرون إلى المطربة في الثياب، وتصوير صور الحيوانات والأشجار العجيبة والتخاطيط الغريبة فيها. وآخرون إلى الصناعات وآخرون إلى الأبنية الشامخة وتخطيطها وتصويرها".
وبتعود الناس لهذا النمط الترفي من المعيشة يصبح الترف حاجة وضرورة كما يقول ابن خلدون، وبذلك يسرع الخراب للدولة.
إن مهمة الدولة الإسلامية شاقة في محاربة التبذير والإسراف، وهما السمتان البارزتان في الاقتصاد الجاهلي الشيطاني. وكما يجب عليها محاربة التفاوت في الأرزاق وإقامة العدل، يجب عليها أن تحول مجرى الاقتصاد من مساره التبذيري إلى مسار اقتصاد التقلل الكفيل وحده بتوفير الخير للجميع. إن الشيطان الجاهلي يبذر مدخرات الأرض هباء منثورا، لا تفكر أنانيته المجرمة في حاضر الإنسانية البائسة ولا في مصيرها. الأمريكي الواحد في غرب الولايات المتحدة يستهلك من الطعام والطاقة وسائر المنتوجات أربعمائة ضعف ما يستهلكه الفلاح الهندي. أي أن عشرة ملايين شيطان من هذا النوع تستهلك ما يكفي ضرورات سكان الأرض الأربعة ملايير لو أنهم اكتفوا بما يقيم صلب الفلاح الهندي.
عندما يدعو الجاهليون الشعوب الضعيفة مثلنا إلى تحديد النسل، ويخوفون العالم بالمجاعة، فعن الذهنية الشيطانية التبذيرية يصدرون. يخافون أن يزاحمهم المستضعفون على خيرات الأرض، ويحرصون على أن يبقى مستوى معيشتهم في الارتفاع الجنوني الذي يسمونه تنمية.
لمحاربة هذه الجنونية وتحويل الاقتصاد من مجراه الرهيب يجب على الدولة الإسلامية أن تحول نظام الضرائب لتقمع الترف وبضائعه، وتحول التكنولوجيا الشيطانية لتعوضها بتكنولوجيا مقتصدة، وتحول الخطة الاقتصادية بما يكفل التوزيع العادل وتحسين مداخيل الفقراء، ورفع أجور العمال، وضمان الطعام المغذي للشعب، والتربية المجانية، والصحة الجيدة، والمرافق السكنية، والنقلية، والعامة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:58 pm

التكافل
إن في إمكان الدولة، ومن واجبها، أن تحل العدل في القسمة محل احتكار الأغنياء، وظلم الحكام، وتبذير السفهاء، والعدل يضمن الحد الأدنى الضروري، يتناول مجال الضروريات والحاجيات حسب التقسيم الشاطبي. والزكاة عماد من أعمدة هذه القسمة العادلة.
أما المكمل المحسن للقسمة فهو الإحسان بعد العدل، الذي يغطي مجال التحسينيات. والإحسان لا تستطيع الدولة الوفاء به، لأنه من دقائق الأرفاق، يتعلق بذمم المؤمنين، ويكون اللحمة المادية للولاية بين المسلمين. أمر الله عز وجل بالعدل والإحسان، ليسد الإحسان التطوعي ثغرات العدل الإلزامي. فإن الدولة لا تستطيع أن تزور المريض، وتواسي الحزين، وتهرع إلى إغاثة الملهوف، وحمل الكل، والإعانة على نوائب الحق. إنما يستطيع ذلك ذو القربى، والجار، والصديق، والشفيق. روى الإمام أحمد والطبراني والحاكم بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "قال الله تعالى : وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في، والمتزاورين في".
هنا أيضا، في الميدان الاقتصادي من حيث التكافل، تتعانق الدعوة والدولة ويكمل وازعُ القرآن وازعَ السلطان في توجيه سلوك الأمة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:58 pm

الفصل8: اقتصاد لامركزي
حرية مسؤولة
اقتصاد قريب رفيق
تضخم السكان
تخطيط لا يشل الاقتصاد
تخطيط مرن


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 2 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:59 pm

حرية مسؤولة
يتعهد الإسلام بإعطاء الحرية الاقتصادية للأفراد داخل دائرتين لا يسمح للفرد بتعديهما. الدائرة الأولى هي حدود الله المتمثلة في أحكام الواجب والمحرم، في البواعث الحافظة لمقاصد الشريعة من جانب الوجود، كما يعبر الشاطبي رحمه الله، وفي الروادع الحافظة لها من جانب العدم. الدائرة الأولى التي تحدد مسؤولية الأفراد أمام الدولة هي دائرة الأحكام الشرعية التي يسهر على تطبيقها المحتسب، ويطالب بها المسلمون بعضهم بعضا تآمرا بالمعروف وتناهيا عن المنكر، ويفصل في نوازل خرقها القاضي، وتنفذ أحكامه على الجاني يد الدولة. هذه دائرة العدل.
أما الدائرة الثانية التي لا تخنق الحرية لكن تصعدها لتستعلي على الأنانية، فهي دائرة الإحسان، وهو أن يعبد المومن الله تعالى كأنه يراه. أي أن يراعي وجهه الكريم في كل ما يأتي وما يذر من أعمال، ليكون سعيه في الأرض ابتغاء لوجه الله عز وجل. وقد رأينا في آخر فقرة من الفصل السابع كيف يمكن للدولة أن تقيم صلب الكيان الاجتماعي بواسطة القسمة العادلة، بينما تعجز عن التوسعة المادية والمعنوية التي تريد أن يعيش المسلمون بعضهم قريبا من بعض، وبعضهم حانيا على بعض، مستمعا لشكواه، مسرعا لمساعدته.
فهل يتأتى الإحسان، وهو تبادل وتزاور وولاية عاطفة، مع التنظيم الرأسمالي المبني على الحرية الشخصية، وهل يتأتى العدل ؟ أم هل ننتظر عدلا وإحسانا من نظام اشتراكي يكون المالك لوسائل الإنتاج، والمكلف بالتوزيع، آلة صماء، عمياء، متحجرة، معدنية، تسمى الدولة ؟
إن حرية الرأسمالية لا تقف عند حد رغم وجود قوانين. ولولا المنافسة وحقائق السوق التي تحد من غلوائها لبرزت وحشا على حقيقته مكشر الأنياب على قارعة الطريق.
إن تعسف الدولة في الجانب الآخر من الجاهلية يخنق عواطف الإنسان حين يحرمه من حريته ويصادر كل مبادرة تأتي من جانبه.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6270
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 4 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى