شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

في الإقتصاد

3 مشترك

صفحة 3 من اصل 4 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 5:59 pm

اقتصاد قريب رفيق
نعني بالدولة الإسلامية، كلما ذكرناها، دولة الوحدة التي يمتد سلطانها حول الكرة الأرضية على مآت الملايين من الخلق، وعلى المساحات الشاسعة، والشعوب المنبثة في السهول والجبال، والجزر والقفار. ونستعمل كلمة "الدولة الإسلامية" للدلالة على الدولة القطرية المرحلية التي لا هدف لها أسبق من الوحدة ولا أعلى. نطلق على الجزء اسم الكل في توجه مستقبلي.
فهل يمكن الوفاء بالعدل والإحسان إن كان اقتصاد الدولة الإسلامية اقتصادا مركزيا ؟ هل يستقيم إنتاج وافر، وتوزيع عادل، وتكافل إحساني رحيم، إن كانت القرارات تتخذ بعيدا عن المنتج والمحتاج، ومن فوق رؤوس الجميع، وعن جهل حتمي بدقائق ما يجري في الربوع، وما تنتظره فئات الشعوب، وفصائل الناس، من أرفاق وأرزاق ؟
إن من خصائص الاقتصاد العصري، ومن ضرورياته، الحجم الكبير، الكفيل وحده بإعطاء مردودية اقتصادية. حجم التخصص الذي يجعل من دولة ما المنتج الأول للبضاعة الفلانية، يعطيها الحجم الكبير مقومات الصدارة في حلبة المنافسة : حجم المعمل الذي يستورد المادة الخام بأعداد وأوزان كبيرة فترخص نفقات شرائه، وتتقلص نفقات تسييره الإداري والتجاري، فتترك العملية هامشا من الربح مهما. حجم السوق المفتوحة أمام المنتجات يناسب حجم الإنتاج ويكون بالنسبة إليه الهواء الضروري والمجال الحيوي.
الإنتاج المسلسل الكمي يقتضي تجميع قوى الإنتاج في شركات رأسمالية حرة أو رأسمالية دولية كبيرة. وفي كلا التجميعين يلحق العمال بالبضاعة المنتجة والمادة المصنعة، فيصبحون أرقاما متسلسلة تعيش في عالم أصم أعمى لا إنساني. حركة الآلة الضخمة تغطى شكوى الإنسان، ويكتم ضجيجها أنينه. ويمس المجتمع مس الجنون التضخمي فتحل عرى القرب والمودة في المدن الضخمة التي تفقد فيها فرص اللقاء والتعارف والجوار، بله التجالس والتباذل، والتحاب والتراحم.
هكذا ينشأ تناقض بين حاجات الإنسان وحاجات الآلة، بين إرادته ومنطق نظام الإنتاج، بين حريته والعبودية للآلة التي تفرضها إيقاعات الإنتاج، بين وقت الإنسان وتوقيت الاقتصاد، بين الإنسانية الآدمية وبين الوحشية الغالبة. وفي مجتمعاتهم ينجرف الإنسان، ويتبع الآلة، ويكون أحد خدماتها. تدخل الآلية في حركته، ووقته، وتهيمن الآلات على ليله ونهاره.
وباجتماع عامِلَي المركزية والضخامة يتفتت المجتمع تفتتا لا أمل في جمعه. تفتت الأسرة، والجوار، والمدينة، والصداقة، والإرادة، والحرية، والنفسية، والفكر. هوس يضيع معه الإنسان في الكم : البضائع، كم المعلومات، كم الإشهار، كم كل شيء، ألهاكم التكاثر !


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:00 pm

تضخم السكان
مهمة الدولة الإسلامية شاقة في محاربة التبذير، وفي معالجة نقيضه وهو تكاثر النسل، وتكاثر الأفواه الجائعة، والأجسام المحتاجة لكساء، وغطاء، وسكن، وعناية، صحية، والعقول المحتاجة لتعليم، والشخصيات الآدمية المحتاجة لتربية رفيقة، تبلغها كرامتها وتريحها من عناء الحرمان، وكفر الفقر، لتتوجه لما خلقها الله من أجله وهو معرفة ربها والتهيؤ للرحلة الحميدة إلى رحاب الآخرة في دار النعيم.
إن تكاثر النسل بركة إلهية على الشعوب التي لما يصنع الاقتصاد المتطور الممكنن من أفرادها آلات أنانية تفضل المرأة فيها أن تخدم الآلة بدل خدمة الأطفال، وتعجز بعد يوم من الكدح خارج البيت جريا وراء المواعيد العاتية، ووراء وسائل النقل، وانكبابا على مهنة شاقة، عن السهر ليلها مع الطفل المريض.
بركة هي هذه الأعداد الهائلة من خلق الله التي تبرزها قدرته سبحانه إلى الوجود. وفي طي هذه البركة ابتلاء. "وإذا الموؤودة سئلت، بأي ذنب قتلت". قتلها الاحتكار الجاهلي لخيرات الأرض، وقتلتها الحضارة المادية التي تردت بالإنسان إلى مرتبة الرقم المحايد، وقتلتها أنانية الرجل والمرأة بعد أن أفسد مجتمع الاستهلاك، وتجمعات الإنتاج الضخمة، فطرتهما.
لن ندخل هنا في مباحث فقهية عن تحديد النسل وحرمة أن يكون نظاما عاما. ولا عن شروط العزل في حالات مرض المرأة أو عذرها الشرعي. إنه موضوع من الأهمية بمكان كبير، بل هو مشكل يوضع على الدولة الإسلامية أول ما يوضع عليها.
لن ندخل في التفاصيل الفقهية فليس هذا الكتاب مكانها. لكن اتصالها بموضوع الاقتصاد، وبموضوع العدل والإحسان، وبعمليات التوزيع والإنتاج، تدرجها هنا في هذا الفصل.
إن تضخم السكان إذا أضيف إلى تضخم آلة الاقتصاد أو خراب هذه الآلة وانعدامها، ومركزية القرار السياسي والاقتصادي، يتمم معادلة مجتمع القطيع الذي يعامل فيه الإنسان بالجملة، وتغتال فيه الحرية، ويتعطل التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، ويسود الاستبداد، وتعيث المكتبية في الأرض فسادا.
من كل هذا يتبين الاقتصاد المركزي ينبني على ضخامة حجم الاقتصاد المواتية للمنافسة العالمية والمردودية، وعلى مركزية القرار المناسبة لهيمنة الدولة على العملية الاقتصادية لئلا تؤول إلى الفوضى، وعلى ضرورة تنظيم الأعداد الضخمة من الناس.
هذه الضرورات السياسية الاقتصادية أدت عندهم إلى اختيارات متناقضة تمام التناقض مع الغاية الإحسانية والهدف العدلي. من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر اقتصادا عملاقا لا يسمع ولا يبصر ؟ كيف يكون أمر الأمة شورى بينها إن كانت قطيعا مرقما ؟ كيف التراحم، والتزاور، والتجالس، والتباذل، والتناصح، بين خلائق مفتت وقتهم، وسكنهم، وهمهم، وفكرهم، وعاطفتهم، حتى بلغ التفتت والتفكك أخص محاضن الرحمة والمحبة وهي الأسرة، وحتى مسخت فطرة الرجل والمرأة فكرها الولد الذي جعل الله في نفوس البشر الأسوياء محبتهم من أوثق عرى نسيج الفطرة ؟
أما مذهب تحديد النسل فلا مكان لذكره، حتى التلفظ به. وحرمته واضحة قبل الشاهد كما يعبر الشاطبي. قال الله عز وجل : "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق. نحن نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطئا كبيرا". وإنما يدعو من يدعو لتحديد النسل مخافة أن يموت المخلوقات جوعا. وإنه لابتلاء من الله عز وجل لقدرتنا على الكسب، وعلى تطويع الاقتصاد لئلا ينتج مادة الترف بل مادة الحياة الأساسية. واسمعوا يا مومنين منادي القدرة الإلهية ينادي على رؤوسكم : "نحن نرزقهم وإياكم". فاتخذوا الأسباب. أنتم مرزوقون مثلهم. فاجعلوا من رزقكم أن تكسبوا وتنتجوا.
لا مجال في الإسلام أن يتخذ تحديد النسل مذهبا، والاجتهاد لكسب قوت العيال عبادة، والله عز وجل يرزقنا وإياهم، وهو الرزاق ذو القوة المتين.
بعد هذا ومعه تتقدم إلى دولة القرآن مسألة التضخم السكاني وما يسير في موكبه الرهيب من انحطاط في العناية بالطفولة، ومن تسيب في الأخلاق، ومن بطالة لعجز الدولة عن تأمين العمل وتنظيم البشر، ومن تفشي الأمراض من كل نوع. وكل هذا يدفع في عجلة التخلف إلى الوراء. وكل هذا يؤذن بمزيد من البؤس للجميع. وكل هذا يهدد الأمة، رأي العين وفي حساب الأسباب، وهي سنة الله العليم الحكيم، بمصير مأساوي. وأنت تدافع عن مشروع تكثير النسل ! ! !
تسود في كتابات الإسلاميين في عصرنا فكرة الدفاع عن تكثير النسل قبل الشاهد وبلا مناقشة. ولا يتساءل أحد عن الأحاديث الصحيحة التي وردت عن عزل الصحابة رضي الله عنهم عن أزواجهم وسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. ولو كان العزل، وهو الوسيلة الطبيعية لمنع الحمل، منكرا لغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يصلنا أنه صلى الله عليه وسلم سأل أحدا عن سبب عزله. فإذن بقيت مسألة العزل أو عدمه قضية شخصية متعلقة بذمة فاعله واختياره. هو يقدر السبب ويتخذ القرار. كانت هذه الأسباب راجعة لمرض الزوجة أو لشيء غير ذلك. هذا لم يتدخل فيه الشرع.
ولا يسأل أحد عن اجتهادات فقهائنا رضي الله عنهم الذين اجتهدوا للرجل أن يعزل عن زوجته بشرط واحد هو موافقتها. واجتهدوا له أن يعزل عن أمته إن خاف أن ينقص الحمل من قيمتها، وقيمتها في جمالها وتخففها من الولد.
فإذا كان العزل، وهو منع الحمل، متروكا في الشرع لتقدير الزوجين، لا يسألان عن السبب، فإن تحملهما لمسؤولية الإنجاب عن وعي كامل بنتائج قراراتهما على ذريتهما وعلى مستقبل الأسرة ومستقبل الأمة أحرى بالاعتبار الشرعي.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاب الكثرة الغثائية في حديثه الذي رواه أبو داود والإمام أحمد وغيرهما بسند صحيح بمجموع طرقه عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها". فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال صلى الله عليه وسلم : "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهْن". فقال قائل : يا رسول الله، وما الوهن ؟ قال صلى الله عليه وسلم : "حب الدنيا وكراهة الموت".
بهذا تكون الكثرة العددية مع الغثائية وقلة الجدوى والوهن والضعف والهزيمة والتخلف بكل معانيه التي أوردناها في فصل سابق أسبابا ومسببات مرتبطة في سلسلة واحدة.
ويكون العمل على تربية نشء صالح قوي مجاهد ناصر لدين الله في الأرض قادر على حمل رسالة الإسلام مساهمة أساسية لإحياء الأمة وانتشالها من وهدة الغثائية.
ولا يمكن بحال أن نوهم أنفسنا أنه يمكن للدولة الإسلامية مهما كان سلطانها، وللدعوة ينير طريقها قرآنها، أن تقوما بشيء من ذلك والأبوان في راحة من كل مسؤولية، قد فرغا من كل هم. وقيل لهما كلام الغلط والكذب أن الدولة كافلة والدعوة كافية، فهما يفرخان للشارع ويحملان غيرهما كل البؤس الذي يعيشه المستضعفون في أعشاش الهوان.
لا يمكن بحال أن يتخذ تحديد النسل مذهبا، لكنه لا يمكن للغثائية أن تنفك عنا إن تركنا الحبل على الغارب ليتكاثر ذكران الناس وإناثهم كالأرانب.
إيقاظ الآباء والأمهات إلى مسؤوليتهم الجسيمة مرتبطة بمسؤوليتهم التربوية، وتهذيب الناس وترفيع وعيهم إلى مصلحتهم ومصلحة ذريتهم التي هي مصلحة الأمة، واجب تربوي تعليمي يبسط أمام دولة القرآن والعدل والإحسان مجالا فسيحا لبذل الجهود التربوية مقرونة بجهود الإنصاف والعدل في المعايش من توفير سكن ومدارس ومشافي ومشاغل. توفير شروط الرخاء وظروفه. كان الله في عوننا إنه هو العلي القدير.
أما الوسائل الأخرى لفك التناقضات بين منطق الاقتصاد، المتكلم بلغة المركزية والحجم والمردودية، وبين أهداف العدل وغاية الإحسان، فمنها ما هو سياسي نعود إليه إن شاء الله في غير هذا المكان عن الحكم المحلي، ومنها ما هو حضاري اقتصادي تعرضنا لبعضه في الفصول السابقة ونستمر إن شاء الله في عرضه هنا في هذا الفصل.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:00 pm

تخطيط لا يشل الاقتصاد
كنا نتحدث في فصل سابق عن التخطيط من زاوية تعارضه مع غريزة الكسب الفردية، وقلنا كلمة عن أهداف التخطيط الأساسية. فنرجع هنا لاعتباره بين ضرورة تنظيم الإنتاج الكمي والتوزيع على أعداد كثيرة، وبين ضرورة الحفاظ على حيوية الغريزة ونشاط الاقتصاد الحر المسؤول.
إن اللبرالية الرأسمالية والاشتراكية الماديتين تختاران موقفا متطرفا إزاء النوازع الفردية الأنانية. اللبرالية الرأسمالية تطلق العنان لحرية الفرد بينما تحاول الاشتراكية القضاء الجذري عليها. أما الإسلام فيقف من النوازع الأنانية موقف القبول، يعتبرها قوة لا يصلح أن يرخى لها الحبل على الغارب، ولا يمكن استئصالها. فيعطيعها الإسلام وجهة لا تعطلها ولا تمكنها من العدوان، لكي تحقق مصالح الفرد دون أن تضر بمصالح الجماعة. من هذا التوجيه تجد توازنها : كلما مالت إلى إرضاء الهوى زجرها الوعيد، وكلما عافت العمل ومالت إلى الكسل نشطها الوعد بما أعد الله للكاسبين من الطيبات، المنفقين في سبيل الله ونشطها حب المال.
فيدخل المسلم إلى السوق وعليه رقابتان رقابة ذكر الله عز وجل تمنعه من معصية الله في الأخذ والعطاء، وحسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خارج.
لكن هاتين الرقابتين لا تتدخلان في اختيار الناس ما يجب إنتاجه، وماله الأسبقية على غيره. فمجال الحلال واسع، الضروري منه والحاجي والتحسيني. بل حتى الكمالي منه يعتبره الواحد من المسلمين رزقا طيبا، ولا سبيل للرقابة العامة عليه مادام في حدود الحلية لا يتعداها. بعبارة أخرى يختار المسلم الفرد ما ينتج وما يستهلك غير واع بما ينبني على اختياره من انعكاسات على الحياة الاقتصادية للأمة. فبما أن آليات السوق تدور حول العرض والطلب، وبما أن دائرة الحلال فيما يعرض ويطلب فضفاضة تعم الضروري والحاجي والتحسيني والكمالي، فقد تشجع آليات السوق إنتاج بضائع ترفية، إذا اعتبرت نسبة الناس بعضهم إلى بعض، دون أن يستطيع أحد لوم أحد على إخلاله بالمصلحة العامة. يجيب الملوم بأنه لم يرتكب حراما، ولم يبع أو يشتر مكروها في الدين. بعبارة أخرى تتناقض رغبات الفرد المشروعة في الإنتاج والاستهلاك والربح مع حاجة الأمة في مجموعها إذا كان معيار اختيار الفرد حلية البضاعة أو حرمتها بقطع النظر عن أي اعتبار لظروف الأمة.
بهذا المعيار الفضفاض المجرد يمكن لساكن قطر خصب غني، ويمكن لمتمول قاطن بين فقراء، أن يتمتع بالكماليات، بينما سكان قطر فقير، والجار الجنب المسكين، لا يحصلون على ما يسد الرمق. هذا ينافي العدل وينافي الإحسان. ولتقويم هذا الاعوجاج يلزم التخطيط، وهو سياسة شرعية لا تصطدم بمقاصد الشريعة، بل تساعد على تحقيقها. يلزم تخطيط ما ينبغي أن يعرض في السوق عرضا سخيا ليرخص ثمنه ويكون في متناول الفقير، وما ينبغي أن تضرب عليه الضرائب من الأشياء المتاخمة للترف، وما ينبغي أن يقل عرضه، فيرتفع ثمنه، فينصرف المنتجون والمستهلكون عنه إلى الضروري.
هذه السياسة الشرعية لا يأتي بها إلا تخطيط تفرضه الدولة. لأن أقطار الإسلام متفاوتة في إمكاناتها الاقتصادية تفاوتا كبيرا. وتوزيع الثروات العادل بين كل المسلمين مطلب شرعي. فلو تركنا كل قطر يختص بأمواله وموارده، ويزعم سكان القطر الغني أن هذه الأموال المغدقة عليهم نعمة من نعم الله، لهم الحق أن يتصرفوا فيها، لا لوم ولا عتاب عليهم، إذن لبقي سكان بنغلادش وغيرها من البلاد الفقيرة عرضة للجوع والهلاك بينما تقتل التخمة، من "الحلال" غيرهم من المسلمين.
كيف يكون حلالا أن يموت بعض المسلمين جوعا، وبعضهم تخمة ! هنا يكون الفقه المجرد عن اعتبار وحدة الأمة وظروف التفاوت من قطر لقطر، ومن طبقة لطبقة، عماية لا علما. ويكون التخطيط المركزي لتوزيع الثروات هو الفقه.
ثم إن الحجم الكبير الضروري لازدهار الاقتصاد يساير التوزيع العادل للثروات على القاعدة الواسعة ليكون بوسع كل المسلمين اقتناء بضائع إسلامية رخيصة الثمن. يجد في ذلك منفعته كل من المنتج والمستهلك. ذاك يجد سوقا واسعة، وهذا يستفيد من سعتها بما يتيحه الإنتاج المسلسل من خفض التكاليف، فخفض الأثمان.
مطلب العدل يساعد على بلوغه التخطيط لإنتاج مسلسل، وتوزيع على أعداد ضخمة متزايدة من السكان.
لكن مطلب الحيوية الأشد ضرورة لازدهار الاقتصاد لا يساير التخطيط. وإن فقدت الحيوية، التي تضمنها فقط الحرية، فقد الباعث الفطري على السعي والكسب والاجتهاد، فانهار الاقتصاد، فحل الفقر العام، فانتقى العدل. وليس ملجأ العجزة والعاطلين مجتمع عدل.
إذا تدخل التخطيط المركزي في كل صغيرة وكبيرة، وزعم أنه لا تتحرك متحركة إلا عن إشارته، ولا يشرع في عمل إلا بتقديره وتقريره، فهو الشلل.
فالمشكل هو الجمع بين ضرورتين، كلتاهما يتوقف عليها الازدهار والعدل : التخطيط المركزي، والحرية اللامركزية. وهما متناقضان رأي العين.
إنه التناقض الذي تحاول الآن كل من الرأسمالية والاشتراكية عقد الصلح بين طرفيه. فالرأسمالية تفرض عليها الظروف المعقدة للاقتصاد داخل كل بلد، وفي النطاق العالمي، مزيدا من تدخل الدولة، ومن ترتيب السوق، وحفظ التوازنات المالية والتجارية، ومسك النقد أن ينفلت من كل عقال. حتى حرية المنافسة التي تعد محرك السوق اضطرت الرأسمالية أن تحدها بتحديد الأسعار، وحصار البضائع الأجنبية بالضرائب الجمركية. فبعد أن كانت المنافسة بين أفراد وشركات، تدخلت الحكومات، فشهرت كل منها سلاحها في وجه الدول الأخرى لحماية اقتصادها.
واضطرت الاشتراكية بعد فشلها النسبي أن تعيد إلى الحياة روح المنافسة، فشجعت الإنتاجية بالمكافآت المادية بعد أن كانت تزعم أن ثورية العمال يجب أن تظهر في تعاليهم على المكافآت المادية، وأن تكون حوافزهم ثورية خالصة. ومن الاشتراكيات ما اخترع نظام التسيير الذاتي الذي يحاول أن يجمع بين مزايا التخطيط ومزايا المنافسة، بين مزايا التنسيق المركزي ومزايا المبادرة اللامركزية.
يعبر أحد قادة الغرب، الجنرال دوكول الرئيس الفرنسي، عن أهمية التخطيط إذ يسميه "ضرورة ساخنة".
في بيئة عالمية تستعر فيها حروب الأسعار، وتضطرب بها الأزمات كقطع الليل المظلم، والمنافسة التجارية، وعدوان الشركات المتعددة الجنسية، وتصدي الحكومات لحماية اقتصادها، لابد لدولة الإسلام أن تتدخل في الاقتصاد. وهو حيثية أخرى، زائدة على ما تقدم، تؤيد التخطيط.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:00 pm

تخطيط مرن
لا يبصر صاحب المشروع الاقتصادي الحر من موقعه المحلي حاجات الأمة، فيحتاج إذا أراد أن يساهم في الجهاد الاقتصادي أن يأتيه العلم بالحاجة العامة من أعلى، من الدولة المطلعة على الواقع. فإن كان ممن لا يحب الجهاد أرغمته الخطة العامة على التزام حدود المصلحة العامة، ثم تترك له حرية التنفيذ. وهكذا يلتقي قرار الدولة مع قرار صاحب المشروع ورغبته في أن تثمر جهوده، فيأكل منها طيبا، ويخدم أمته ليرضي ربه. من أعلى تأتي القرارات الإجمالية، والتسهيلات، والتوجيهات. ومن أدنى يجتهد المنفذون، تحثهم الفطرة، ويحفظهم الوازع القرآني والسلطاني، ليعبئوا المواد الأولية، واليد العاملة، والإمكانات المحلية، لتوفير رأس المال، واستثماره، والتلاؤم مع معطياته.
لا يمكن أن يفرض من أعلى ومن خارج التفاني في العمل، واليقظة والابتكار. إنما يأتي كل أولئك من حرص صاحب الشغل والعامل على كسب الربح والأجرة الحسنة هنا وكسب الثواب في الآخرة. ولا يمكن صيانة المنشآت وتجديد التكنولوجيا واتخاذ القرارات اليومية بأوامر من خارج ومن بعيد. ولا يمكن معرفة آراء المستهلك وتلقي نقده ومساعدته إلا محليا. إنما يمكن ذلك بحضور المالك، وحرصه، وعنايته.
باللامركزية الملازمة للمبادرة الحرة يمكن تلافي بطء التخطيط، وجمع الجهود والخبرات، ومواجهة تقلبات الأحداث ومفاجآتها التي لا يمكن أن يلاحظها المخطط من بعيد ولا أن يتنبأ بها. وعلى التخطيط أن ينظم بين قطاعات الاقتصاد، ويواصل بينها، ويشيع المعلومات، ويوزع المساعدات، ويراقب ويحاسب. هكذا تلتقي الحرية بالمسؤولية.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:01 pm

الفصل9: النطاق الإيماني
ولو أن أهل القرى…
ذكر الله في السوق
آداب الـمـكـتـسـب
اللقمة الحلال
ورع الـتـاجـر
الـغـش حرام
إتقان الصنعة
التكسب بنشاط
محاربة الترف
تسامح وصدقة
معاشرة الأغنياء والفقراء
الفقير الصابر


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:01 pm

ولو أن أهل القرى…
كنا في الفصول السابقة مع الحكومة وتخطيطها، والغريزة وبواعثها. وكل حديث إسلامي عن الظواهر الخلقية والأسباب الكونية إنما يكون مبتدأ بلا خبر، وجسما بلا معنى، إن لم يبن على نبإ الأسباب والظواهر خبر الفاعل القادر وهو الله تبارك وتعالى.
حاولنا أن نتحدث بلغة الاقتصاد دون أن نتجرد عن لغة القلب والإيمان. وهنا نود الإنابة إلى الله عز وجل إنابة المومن بأن قدر الله عز وجل سابق لشرعه سبق الروح للجسد، وبأن الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة بإذن الله إن كان الإيمان سلاحها. وما المعارك الاقتصادية الهائلة التي تنتظر الدولة الإسلامية إلا قتال فئة قليلة الحول، وإن كانت متكاثرة الأعداد، مع فئة الاقتصاد المتطور الشديدة البأس، المستكبرة في الأرض، المحتكرة للأرض والجو، والبر والبحر، والمال والعلم، والخبرة والدراية.
سبقونا إلى الصناعة فهم فرسانها، ونحن رجالة حفاة. وصنعوا السلاح، ونحن عزل. واكتفوا ثم بشموا من الشبع، ونحن غرثى عالة. فمن أين التباري معهم والقوى غير متكافئة ! بل أنى لنا الفكاك من قبضتهم، والخلاص من إسارهم، إلا بإذن من الله عز وجل وبركة وتوفيق !
ألا وإن وعد الله حق، وأعظم أسباب النمو الاقتصادي والفلاح والنصر اللجأ إليه سبحانه. وليخسأ كل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقرا. وقر العلمانية التي فرغ أهلها من نفي كل فاعلية إلا فاعلية الأرقام، وجحود كل جدوى إلا جدوى التنظيم البشري. وقر الثوريين الذين لا حديث لهم إلا عن النضال، وتعبئة الجماهير، ووضع الخطة الاقتصادية. ومع وقر أولئك وهؤلاء يد ذليلة ممدودة إلى الحليف الجاهلي. فمالنا إن اتخذنا أسباب الحساب والتنظيم، وأسباب تجنيد الأمة ورسم المنهاج، لا نمد أيدي الضراعة لنصيرنا ومولانا ليسدد ويوفق ! الأسباب شريعته، وقدره من ورائها.
قال الله تبارك وتعالى : "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض". هاهو ذا مفتاح التوفيق الإلهي الذي لا تحسبه العدادات الإلكترونية، ولا يحصيه المخطط. فيكون مقدمة علم الاقتصاد الإسلامي، ومداره، ومحوره، علم التقوى والإيمان الكفيلين بفتح بركات الأرض والسماء.
كان الأولى أن نفتتح هذه الفصول في الاقتصاد بهذا، لولا أننا نراعي من يفتح الكتاب ومعه مسبقات فكرية، يصدمه ولا يفيده أن يقرأ الحق الذي لا مراء فيه، وهو أن نجاح الاقتصاد الإسلامي مضمون من رب العالمين إن وفى المسلمون الشرطين : الإيمان والتقوى. وربما تكون صدمته أقل إن جاءه، أول لقائه بهذه الفصول، حديث عن مألوفه في التعلق بالأسباب والوقوف معها.
ورب سائل يسأل : ما بال القوم الكافرين تغدق عليهم الأرزاق، ويرتعون في حلل العافية، والغنى، والرفاهية، والقوة ؟ بأي إيمان وبأية تقوى استحقوا ذلك ؟ والجواب من الكتاب العزيز. قال الله عز وجل : "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون. فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا. ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء. حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا. والحمد لله رب العالمين".
بسط الله عز وجل لهم في العلم والحذق والأرزاق ابتلاء بالنعماء، فتح عليهم أبواب كل شيء فكفروا المنعم، ليقيم الله عليهم الحجة في الآخرة والدنيا. وتتبع ذكر الله عز وجل القرى الظالمة من قوم عاد وثمود وغيرهما كيف بسط الله عليهم النعم فكفروا وكذبوا الرسل فأخذهم أخذا أليما شديدا. وما هي من الظالمين ببعيد.
ونحن، الأمة المرحومة، مبتلون أيضا بالفقر والتخلف، مبتلون بهذه الأموال النفطية المفاجئة. من كان يظن أن الحفاة العراة رعاء الشاء، سكان الخيام والقفار، سيشيدون ما ترى وتسمع من باذخ البناء، وسيرفلون في سيارات الذهب، وسيحلقون في طيارات صنعت خاصة لهم إلى... أوكار القمار والفساد في أركان المعمور ؟
قال الله تعالى : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات. وبشر الصابرين". وقال عز من قائل : "ونبلوكم بالشر والخير فتنة. وإلينا ترجعون".
وقد رتب الله عز وجل إنعامه على العباد باستقامتهم له. فمن أهم ما نتخذ من أسباب للخروج من التخلف، واستدرار الرزق، أن نرجع إلى الله ربنا. قال نوح لقومه : "استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهارا".
التوبة والإيمان والتقوى علاج تخلفنا وبؤسنا التاريخي. وشعب الإيمان بضع وسبعون، احسب منها إن شئت حسن تصريف الأموال، وجهاد العدو للتحرر من التبعية له، والحرص على الكسب الحلال، وإيتاء الزكاة بعد إقامة الصلاة، إلى غيرها من العلم والابتكار وإصلاح الزراعة وتوطين الصناعة، ومحاربة الاحتكار والتبذير الشيطاني.
نعطي الأسباب حقها الشرعي بفطانة عقولنا، ونشاط جوارحنا، والطاعة في ذلك كله لأمر ربنا. نتعرض باحترام شرعه وانفتاح قلوبنا إليه لقدر ينجينا. وما بوسائلنا وحيلتنا نفلح إن أخطأنا التوفيق، وفاتتنا البركة. قال الله تعالى يبصرنا بمواقع القدر السابق لكل الأسباب : "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ؟ لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون : إنا لمغرمون، بل نحن محرومون. أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون. لو نشاء جعلناه أجاجا. فلولا تشكرون. أفرأيتم النار التي تورون، أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون. نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين. فسبح باسم ربك العظيم".
سبحان ربنا العظيم، جعل لنا تاريخ الأمم من حركة وسكون، من بسط وقبض، من عطاء ومنع، من ظهور وخفاء، من نصر وهزيمة، من رخاء وعسر، من نماء ونقص، تذكرة لكيلا ننساه فينسينا أنفسنا. وإن نسيناه وشمرنا تشمير المعتد بحوله، المزهو بنفسه، لا تشمير المتوكل، فإنما نحن همل من هذه السوائم البشرية.
نورد في هذا الفصل إن شاء الله نبذة من الأحكام والآداب الإسلامية المتعلقة بالاقتصاد، ننقلها بألفاظها من كتابات علمائنا الذين سبقونا بإيمان. إن تغير شكل الاقتصاد وتعقدت علاقاته، فإن التوبة والإيمان والتقوى وشيجة بيننا وبينهم رحمهم الله لا تبليها الأيام. ربهم الرزاق ربنا، فلا وحشة بل أخوة. وما الزمان بيننا وبينهم إلا ستار شفاف لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:01 pm

ذكر الله في السوق
ألهاكم التكاثر ! والسوق مركز الملهاة، وموطن الغفلات. لذلك سن لنا أن نذكر الله فيه. وليس لكلمة "سوق"، لمن يعتبر العلة في الأحكام وينفذ إلى المقاصد العليا، مدلول المكان المعين خاصة. بل ذكر الله من خلال كل العمليات الاقتصادية مطلوب شرعا. صلاة الاستسقاء عبادة تعرض فيها الحاجة الاقتصادية في الموقف المتضرع بين يدي المولى عز وجل. وصلاة الإمام على مؤتي الزكاة، أي دعاؤه لهم، سنة يقلد فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكلمة "اللهم ارزقني" واردة في الأدعية النبوة. وشكر النعم قربة. ولا يحل لنا أكل ما لم يذكر اسم الله عليه. وهكذا تصبح كل العمليات الاقتصادية بالنية، وطاعة الله ورسوله، والذكر الدائم، عبادة.
إن ذكر الله في المكان المسمى سوقا سنة. قال أبو طالب المكي رحمه الله : "كان ابن عمر رضي الله عنه إذا دخل السوق يقول : "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفسوق، ومن شر ما أحاطت به السوق. اللهم إني أعوذ بك من يمين فاجرة، وصفقة خاسرة". قال : ولذكر الله في السوق ما لا يوجد في سواه. فليعتمد ذكر الله تعالى في ساعات الغفلة، وحين تزاحم الناس في البيع والشراء. وكان الحسن (البصري) يقول : ذاكر الله في السوق يجيء يوم القيامة وله ضوء كضوء القمر، وبرهان كبرهان الشمس. ومن استغفر الله في السوق غفر له بعدد أهله. وفي الخبر العام : "ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارين، وكالحي بين الأموات". وفي الخبر الخاص : "من دخل السوق فقال : "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. كتب له ألف ألف حسنة".
وكان ابن عمر ومحمد بن واسع رضي الله عنهما يدخلان السوق قاصدين، يذكران الله عز وجل طلبا للفضيلة. (يدخلان السوق لا قصد لهما إلا ذكر الله ليحصلا على الفضيلة الواردة في حديث : من دخل السوق...).
قال : فإذا دخلت سوقا أو كنت فيه فلا يفوتنك التهليل والذكر، فهو عمل وقتك (لا إله إلا الله : الكافر يقول : الوقت من ذهب، والمومن يقول : الوقت لذكر الله !). ولا تقعدن في السوق لغير ذكر الله أو غير معاش، فقد كره ذلك. وإذا سمعت التأذين للصلاة فلتأخذ في أمر الصلاة، ولا تؤخرها عن الجماعة، وإلا كنت فاسقا عند بعض العلماء.
قلت : ينبغي أن يوقت العمل في الحقل والمصنع والمتجر والمكتب، لا على أوقات الأكل والشرب والراحة، بل على أوقات الصلاة لتحترم مواعيدها. وإلا كان اقتصادنا فاسقا، وذهبت البركة والنعمة، وحل الخسار والنقمة. والعياذ بالله.
قال رحمه الله : فإدراكه لتكبيرة الإحرام في الجماعة أحب إليه من جميع ما يربح من الدنيا إلى أن يموت. وفوتها أشد عليه من جميع ما يخسر من الدنيا. (...) وقد كان السلف من أهل الأسواق إذا سمعوا الأذان ابتدروا المسجد يركعون إلى وقت الإقامة. وكانت الأسواق تخلو من التجار. وكان في أوقات الصلاة معايش للصبيان وأهل الذمة. وكانوا يستأجرونهم التجار بالقراريط والدوانق يحفظون الحوانيت إلى أوان انصرافهم من المساجد. وهذه سنة قد عفت، من عمل بها فقد أنعشها.
قلت : الله ! الله ! لو أطلعت أخي على زماننا ! ويرحم الله من أحيى تلك السنة. يتأكد ترك التجارة وكل شغل إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، كما جاء بذلك الأمر المطاع. وعلى الدولة أن تسهر على تطبيق العطلة عن كل شغل يوم الجمعة، وأن تستبدل بعطلة اليهود والنصارى عطلة المؤمنين. ومن المعلوم عند علمائنا أن العقود باطلة إن أشهد عليها تلك الساعة الخاصة من اليوم المبارك. قال مالك رحمه الله : يحرم البيع حتى يخرج الإمام يوم الجمعة.
قال رحمه الله : وجاء في تفسير قوله عز وجل : "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة" قيل : كانوا حدادين وخرازين. وكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الإشفا فسمع الآذان لم يخرج الإشفا من الغرزة، ولم يرفع المطرقة، ورمى بها، وقاموا إلى الصلاة".
والحديث الذي أورده أبو طالب رحمه الله جاء هكذا عند الترمذي وابن ماجة بسند حسن : عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت. بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة" وفي رواية عوض الثالثة : وبنى له بيتا في الجنة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:02 pm

آداب الـمـكـتـسـب
ننقل عن أبي طالب المكي نور الله مقامه هذه الآداب كما رتبها، منها الواجب والحرام والمستحب :
1) "وليجتنب هذا السوقي البيوع الفاسدة مثل بيع الغرر والخطر والمجهول. ومثل بيعتين في بيعة، إحداهما مصارفة ومشاطرة. ولا يبيع ما ليس عنده، ولا ما اشتراه حتى يبدو صلاحها ويؤمن عليها العاهة.
2) "ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش. وهو أن يعطي بسلعة شيئا وهو لا يريد أن يشتريها بشيء ليغر غيره". (وقلت : هذه حيلة المتظاهر بالمساومة من رفقاء البائع. أصبحت اليوم فنا شيطانيا يلعب به السماسرة بأسواق الناس وأموالهم. فيا للحسبة !) قال رحمه الله : "ولا يبتاع شيئا من ذهب وخرز مثل القلادة ونحوها حتى يفصل كل واحد على حدته. كذلك السنة". قلت : فن العرض وتجميل السعلة وتغليفها للدعاية لها خداع لا يقبله الإسلام.
3) "وليتوق كل بيع وشراء أخبر العلم ببطلانه، أو خروج من حكم العلم به. فإن ذلك كله منقصة للدين، مخبثة للكسب. فإن أشكل عليه شيء من هذه الأمور بخفائها سأل أهل العلم والفتيا، فيأخذ منهم على مذهب الورعين ورأي المتقين. ويحتفظ لدينه، ولينظر لنفسه، ولا يغمض في أمر آخرته. فذلك خير له وأحسن توفيقا.
4) "وليجتنب الصنائع المحدثة من غير المعروفة، والمعايش المبتدعة في زماننا هذا فإن ذلك بدعة ومكروه، إذ لم يكن فيما مضى من السلف.
قلت : يعني رحمه الله بالصنائع المحدثة الحرف الترفية التي طرأت على الأمة. وإلا فتعلم الصنائع النافعة واجب كما سنرى ذلك في فصل "بأس الحديد" بعد حين إن شاء الله. والتطور السريع في عصرنا لأساليب الصناعة يوجب علينا أن نبذل جهدا خاصا في تأسيس معاهد للبحث العلمي، إذ في تلك الميادين تربح أو تخسر المعارك.
5) "وكل ما كان سببا للمعصية من آلة وأداة فهو معصية، فلا يصنعه ولا يبعه فإنه من المعاونة على الإثم والعدوان. وكل ما أخذ من المال على عمل بدعة ومنكر فهو بدعة ومنكر. وكل معين لمبتدع أو عاص فهو شريكه في بدعته ومعصيته. وأخذ المال على جميع ذلك من أكل المال بالباطل.
6) "ومن أكل الحرام فقد قتل نفسه وقتل أخاه، لأنه أطعمه إياه. قال الله تعالى : "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل". وقال تعالى : "ولا تقتلوا أنفسكم". وليس هذا من سبيل المومنين. وقد قال الله تعالى : "ويتبع غير سبيل المومنين نوله ما تولى ونصله جهنم".
7) "ولا ينبغي للسوقي أن يشغله معاش الدنيا عن الآخرة، ولا تقطعه تجارة الدنيا عن تجارة الآخرة، ولا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة، لأنه من الموقنين. وبيوت الله عز وجل في الأرض هي أسواق الآخرة. قال الله عز وجل : "لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة". وقال الله عز وجل : "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال". فليجعل العبد طرفي النهار لخدمة سيده، يذكره ويسبحه في بيته صلاة وأورادا، وفي السوق يذكره بحسن المعاملة. وقد كان عمر رضي الله عنه يأمر التجار فيقول : اجعلوا أول نهاركم لله عز وجل، وما سوى ذلك لنفوسكم".
قلت : ينبغي في دولة الإسلام أن يبكر الناس إلى العمل. فقد ورد في حديث نبوي رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة : "اللهم بارك لأمتي في بكورها". فإن المؤمن لا ينام كالجيفة حتى تفوته صلاة الفجر. والجلسة بعد الفجر لذكر الله وتلاوة كتابه أفضل ما يفتتح به العبد يومه. فحبذا لو تكون تلك السويعة المباركة موعدا في مساجد المدينة، ومساجد المعامل، ومساجد الإدارات، للقاء المؤمنين، وتجالسهم في الله للذكر والعلم والتذكير. إثرها مباشرة، مع طلوع الشمس، يبدأ النشاط اليومي لينتهي في ساعات مبكرة من المساء. وينبغي أن نتحرر من تقليد الكفار في ترتيب نهارهم وليلهم، فنخرج في الزمان العلماني، والتوقيت العلماني لنساير مواقيت الصلاة والتسبيح والتكبير. ثم لنخصص آخر اليوم لتبليغ الدعوة، وللتطوع في الخيرات، وللتعليم والتعلم.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:02 pm

اللقمة الحلال
كتب العلامة ابن الحاج رحمه الله قال : "ولم يزل السلف الماضون رضي الله عنهم يتحفظون على القوت الذي يدخل أجوافهم التحفظ الكلي. وفيه كان تورعهم، والوساوس التي تدخل عليهم فيه يدفعونها عن أنفسهم بتركه. قال ابن العربي رحمه الله : وقد ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله ! من المؤمن ؟ قال : "المؤمن إذا أصبح سأل من أين قرصه (خبزه)، وإذا أمسى سأل من أين قرصه". قلت : يا رسول الله ! لو أن الناس كلفوا علم ذلك لتكلفوه. قال : "علموا ذلك، لكن غشموا (خلطوا) المعيشة غشما". وقال عليه الصلاة والسلام : "طلب الحلال فريضة على كل مسلم بعد الفريضة" أي بعد فريضة الإيمان والصلاة (...) وفي الصحيح : "أحل ما أكل الرجل من كسب يده".


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:02 pm

ورع الـتـاجـر
قال أبو طالب المكي رحمه الله: "وقد سئل بعض العلماء عن الورع في المبايعة فقال: لا يصح الورع في البيع إلا بحقيقة النصح. قال: وكيف ذلك قال : إذا بعته شيئا بدرهم نظرت: فإن صلح لك أن تشتريه بدرهم فقد نصحته في البيع. وإن كان يصلح لك بخمسة دوانق، وقد بعته بدرهم، فإنك إن لم ترض له ما ترضى لنفسك فقد ذهب النصح. قال: فإذا عدم النصح ذهب الورع. ويقال: إن البائع يوقف يوم القيامة مع كل رجل باعه شيئا وقفة، ويحاسب عن كل واحد محاسبة، حتى عدد من عامله ومن اشترى منه في الدنيا.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:02 pm

الـغـش حرام
وقال رحمه الله : "والغش في البيوع والصنائع حرام على المسلمين، ومن كثر ذلك منه فهو فاسق. ومن الغش أن ينشر على المشتري أجود الطرفين من المبيع، أو يظهر من المبيع أجود الثوبين، أو يكشف من الصنعة أحسن الوجهين. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما، فأعجبه ظاهره، فأدخل يده فرأى بللا. فقال ما هذا : فقال : أصابته السماء (أي المطر) فقال : هلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ؟ من غش فليس منا" قلت : والحديث في الصحيح.
قال رحمه الله : "فينبغي للبائع والصانع أن يظهرا من المبيع والمصنوع أردأ ما فيه، ليقف المشتري والصانع على عيوبه، ويكونا على بصيرة من باطنه" قلت : شتان بين من يتحرى لآخرته، ومن يزين البضاعة ويشهد شهادة الزور بجودتها في أبواق الدعاية وألوان العرض ليغري المشتري.
قال رحمه الله : "وأستحب له أن يتوخى في الشراء والبيع، ويتحرى أهل التقوى والدين، ويسأل عمن يريد أن يبايعه ويشاريه. وأكره له معاملة من لا يرغب عن الحرام، أو من الغالب على ماله الشبهة". قلت : إن مقاطعة الغشاشين، وذوي الدمم الخربة، وسماسرة الكفار، وإخراجهم من دورة الاقتصاد، واجب جماعة أهل كل سوق تجارية أو صناعية أو مالية.
قال رحمه الله : ولا يمدح إذا باع أو صنع صنعة، ولا يذم إذا اشترى أو استعمل صانعا. فإن هذا لا يزيد في رزقه، ولا ينقص منه تركه. وهذا من اليقين في الرزق في هذا الباب. وفعله يزيد في الذنوب فينقص من الدين.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:03 pm

إتقان الصنعة
قال رحمه الله : "وعلى الصانع أن يبلغ غاية النصح في صنعته لمستعمله، لأنه أعرف بصلاح صنعته وفسادها وبسرعة فناء الصنعة وكثرة بقائها. فينبغي أن يتقن نهاية علم الصنائع بصلاح الصنعة وحسن بقائها، مع نهاية بغية مستعمله من تجويدها وإحكامها. ويتقي من فساد يسرع إلى فنائها ما لا يفطن له مستعمله. فإذا فعل الصانع والتاجر ذلك كانا قد عملا بعلمهما، وسلما من المطالبة والمساءلة عنه. وإلا فهما يسألان، فيقال لهما : ماذا عملتم فيما عملتم ؟ إذا كانوا على علم من التجارة والصناعة، وبهذه الأشياء عمارة المملكة (يعني المملكة الإلهية). فلابد أن يسألا (يوم القيامة) عن ذلك كما يسأل من كان على علم بالدين والإيمان. لأن لهم في علوم العقل والتمييز من أبواب الدنيا أجرا أيضا ومقامات من حيث كان عليهم في ذلك تكليف وعبادات. ويقال : إذا أثنى على الرجل جيرانه في الحضر، وأصحابه في السفر، ومعاملوه في الأسواق، فلا تشكوا في صلاحه".
قلت : هذا كلام نفيس. فالمسؤولية الاقتصادية مسؤولية دينية يترتب على رعايتها صلاح الصانع والتاجر والعامل في دنياه وأخراه. وإتقان الصنعة نصح للمسلمين. وانظر كيف أصبح اقتصاد الاستهلاك الجاهلي قائما على عدم جودة البضاعة ليسرع إليها الفناء فيسرع المستعمل إلى تعويضها، فتروج وتستمر المعامل في دورانها. روح الكفر سرت في كل أوجه حياتهم والعياذ بالله.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:03 pm

التكسب بنشاط
وقال رحمه الله : "قال الله تعالى : "وجعلنا النهار معاشا" فذكره فيما عدده من آياته ونعمته. وقال عز وجل : "وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون". فجعل المعاش نعمة طالب بالشكر عليها. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم بطلب المعاش". قال صلى الله عليه وسلم: "أحل ما أكل المرء من كسب يده، وكل عمل مبرور". وفي لفظ آخر : "أحل ما أكل العبد من كسب يد الصانع إذا نصح". وفي الخبر : "التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء", وقد جاء في الحديث : "من طلب الدنيا حلالا، تعففا عن المسألة، وسعيا على عياله، وتعطفا على جاره، لقي الله عز وجل ووجه كالقمر ليلة البدر". وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع أصحابه ذات غداة، فنظروا إلى شاب ذي جلدة وقوة، وقد بكر يسعى، فقالوا : ويح هذا لو كان شبابه وجلده في سبيل الله عز وجل ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولوا هذا ! فإنه إن كان يسعى على نفسه ليكفها عن المسألة، ويغنيها عن الناس فهو في سبيل الله. وإن كان يسعى على أبوين ضعيفين أو ذرية ضعاف ليغنيهم ويكفيهم فهو في سبيل الله. وإن كان يسعى تفاخرا وتكاثرا فهو في سبيل الشيطان".
"وقال ابن مسعود : إني لأمقت الرجل أراه فارغا، لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة. وقال إبراهيم النخعي رحمه الله : كان الصانع بيده أحب إليهم من التاجر، وكان التاجر أحب إليهم من البطالة".
قلت : هنا حكمة توافق فيها مصلحة الأمة اختيار السلف الصالح رضي الله عنهم. فإن الصناعة من فلاحة وحرف هي عمدة الاقتصاد، وتضخم الجهاز التجاري يؤدي إلى طفيلية اقتصادية تعطل عن العمل المنتج أموالا وجهودا نحن في حاجة أن تنشط فيما يزيد من فرص الشغل للعاطلين، لا فيما يساعد على المضاربة (بالمعنى العصري للكلمة لا بمعناها الشرعي) والجري وراء الربح العاجل السهل، والسمسرة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:03 pm

محاربة الترف
قال رحمه الله : "حدثت عن أحمد بن عبد الخالق قال : حدثنا أبو بكر المروزي قال : سألت أبا عبد الله (أحمد بن حنبل) عن الرجل يدعى إلى الوليمة، من أي شيء يخرج (أي ما هي البدع التي إن وجدها في الوليمة خرج منها نهيا عن المنكر) ؟ فقال : خرج أبو أيوب حين دعاه ابن عمر فرأى البيت قد ستر (عليه ستور). ودعي حذيفة فخرج، وإنما رأى شيئا من زي الأعاجم. قلت : فإن لم يكن البيت مستورا ورأى شيئا من فضة. فقال : ما كان يستعمل ! يعجبني أن يخرج ! وسمعت أبا عبد الله يقول : دعانا رجل من أصحابنا قبل المحنة (محنته على يد المامون العباسي في مسألة خلق القرآن)، وكنا نختلف إلى عفان، فإذا فضة ! فخرجت، فاتبعني جماعة. فنزل بصاحب البيت أمر عظيم (تألم لذلك). قلت لأبي عبد الله : فالرجل يدعى فيرى المكحلة رأسها مفضض. قال : هذا لا يستعمل فاخرج منه ! (...).
"سألت أبا عبد الله عن الرجل يدعى فيرى فرش ديباج، ترى أن يقعد عليه، أو يقعد في بيت آخر ؟ قال : يخرج ! قد خرج أبو أيوب وحذيفة، وقد روي عن ابن مسعود. قلت : فترى أن يأمرهم ؟ قال : نعم، فيقول : هذا لا يجوز ! (...) قلت : الرجل يدعى فيرى تصاوير ؟ قال : لا ينظر إليه ! قلت : فقد نظرت إليه ! قال : إن أمكنك خلعه خلعته".


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:04 pm

تسامح وصدقة
قال رحمه الله : "فينبغي للتاجر أن يكثر من الصدقة ليكون فيها كفارة خطاياه وأيمانه وكذبه. فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم التاجر بالصدقة لذلك.
"فينبغي للتاجر والصانع أن يكونا مستعملين لهذه الخصال، فإنها جامعة له، تشتمل على جمل أعمال البر. فليأخذوا أنفسهم بها، فإنها من أخلاق المومنين، وطرائق المتقدمين. وقد ندبوا إلى جميعها. فمنها أن يسمح إذا باع، ويسمح إذا اشترى، ويحسن إذا قضى، ويحسن إذا اقتضى. وليمش الرجل بدين غريمه إليه، ولا يحوجه إلى اقتضائه فيشق عليه. وليصبر صاحب الدين على أخيه، ويحسن تقاضيه، ويحسن له النظرة، ويؤخر حقه إلى ميسرة. وليغتنم دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم على ذلك فيتنافسوا في مدحه لمن فعل ذلك.
"فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "اسمح يسمح لك" وقال : "خير الناس أحسنهم قضاء". وقال : "خذ حقك في عفاف، وافيا كان أو غير واف، يحاسبك الله حسابا يسيرا". وقال رحم الله عبدا سمح البيع، سمح الشراء، حسن القضاء، حسن الاقتضاء" وقال : "من مشى إلى غريمه بحقه أظلته الملائكة". وقال : "من أنظر معسرا أو ترك له حاسبه الله حسابا يسيرا". وفي خبر آخر : "أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله".
وذكر صلى الله عليه وسلم "رجلا كان مسرفا على نفسه. حوسب فلم يجد له حسنة فقيل له : هل عملت خيرا قط ؟ فقال : لا ! إلا أني كنت رجلا أداين الناس، وأقول لغلماني : سامحوا الموسر، وأنظروا المعسر". وفي لفظ آخر : وتجاوزوا عن المعسر. قال الله عز وجل : نحن أحق بذلك منك ! فغفر له".
وفي خبر آخر : "من أقرض دينا إلى أجل فله بكل يوم صدقة إلى أجله. فإذا حل الأجل فأنظره بعده، فله بكل يوم مثل ذلك الدين صدقة". وفي حديث : "من أدان دينا وهو ينوي قضاءه وكل به ملائكة يحفظونه ويدعون له حتى يقضيه". وكان جماعة من السلف يدانون وهم واجدون لأجل هذا الخبر. وكان جماعة لا يحبون أن يقضيهم غرماؤهم دينهم لأجل ذلك الخبر الأول، إذ له بكل يوم تأخر قضاؤه صدقة".
قلت : أولئك قوم يتَّجرون مع الله عز وجل فطوبى لهم، وقد نقلت هذه الأحاديث عن رجل من الصالحين ليس من أهل الحديث، ولعل فيها ضعيفا. ومعلوم من كلام شيخ المحدثين الإمام أحمد أنه يستشهد بالضعيف في فضائل الأعمال. وكان الضعيف في مصطلحه غير ما تعارف عليه المحدثون من بعد. لكن هذه الأحاديث هنا لا تتنافى مع روح التسامح الإسلامي. وتزكيها جميعا آية : "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة".
تطرق الشيخ رحمه الله في هذه الصفحة إلى باب مهم من أبواب المعاملات، ألا وهو الإحسان في التداين والتقاضي والتبايع وتداول المصالح. وهو فضيلة زائدة على العدل الذي يخول الدائن أن يطلب حقه من القضاء، والبائع أن يشترط، والمشتري أن يدقق في فحص البضاعة. إن حضارة قائمة على التسامح والإحسان الذي كتبه الله على كل شيء لهي حضارة الأخوة بين الناس. نقيضها حضارة المشاحة والشراسة ويبس العاطفة، وهي الحضارة المادية التي شدت أطنابها على أرضنا.
نرجع إن شاء الله لموضوع الخصومات والمشاحة والملاجة أمام المحاكم في غير هذا المكان. لكن نشير هنا إلى أن التسامح الأخوي ينبغي أن لا يكون ثغرة منها يدخل علينا المحتالون ليحدثوا الفوضى في المعاملات. ذلك أن ارتباط الصانع والتاجر، خاصة في المشاريع المهمة، بمواعيد وتكفلات لا يسمح لهما أن يجعلا للمماطل بالدين ذريعة لتعطيل عملهما. فإن تعطل المشروع توقف العمل، وقذف بالعمال والكسبة في الشارع، وضاعت الخلائق. وهو فساد اجتماعي جرت إليه العناية بمصلحة فردية. ودرء المفاسد سابق على جلب المصالح كما هو مقرر. ويبقى التخلق الفردي والتسامح فضيلة أساسية بشرط أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه القائل : "لست بالخب ولا الخب يخدعني !".
في حدود هذه الملاحظة، وعندما تستقيم الذمم، وتذهب كزازة الأنفس وقسوة القلوب، وعندما يؤمن استغلال طيبوبة الناس، تحتل الأخلاق الإسلامية مكانتها في المعاملات الاقتصادية، فتميزنا في السوق كما تميزنا في السياسة والحياة اليومية.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:04 pm

معاشرة الأغنياء والفقراء
إن هدف العدل، وهدم الحواجز الطبقية، وتقريب الشقة بين الأغنياء والفقراء في اتجاه أكبر قدر ممكن من المساواة في القسمة، أهم ما يجب أن تتصدى له الدولة الإسلامية. هذا الهدف الاجتماعي مرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد وتنظيمه، وازدهاره، وتوزيع الأرزاق بواسطته.
أما الإحسان، وهو المحسن اللاحق بالعدل، المكمل له، فهو من شأن الدعوة، والتربية، ومخالقة المسلمين بعضهم بعضا بالخلق الحسن، وتعارفهم، وتباذلهم، وتواسيهم، وتكافلهم. ولكل هذا السلوك آداب مستحبة، ودقائق من الرعاية والعناية، تمهد لتسود الألفة بين المسلمين عبر الفروق الاجتماعية، ولكي يصان شرف الفقير فلا تجرح عواطفه.
نسردها سياقا لأحد الخبراء بالتربية والآداب الإحسانية من رجال هذه الأمة، وهو الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني رحمه الله. قال : "أما الصحبة مع الأغنياء فالتعزز عليهم، وترك الطمع فيهم، وقطع الأمل مما في أيديهم، وإخراج جميعهم من قلبك. وحفظ دينك من التضعضع لهم لتواليهم كما جاء في الحديث. وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "من تضعضع لغيره من أجل ما في يده ذهب ثلثا دينه". فنعوذ بالله من فعل ينقص به الدين، وصحبة أقوام ينثلم بهم الدين، وتنقطع عراه، ويطفئ نور الإيمان شعاع أموالهم وبريق دنياهم كما جاء في الحديث.
"غير أنك إذا ابتليت بصحبتهم في سير أو سفر أو مسجد أو رباط مجمع، فحسن الخلق أول ما يستعمل، وهو حكم عام شامل في صحبة الأغنياء والفقراء. فلا ينبغي لك أن تعتقد لنفسك فضيلة عليهم. بل تعتقد أن جميع الخلق خير منك لتتخلص من الكبر. ولا تطلب لنفسك فضيلة الفقر. ولا تعتقد لها خطرا (أهمية) في الدنيا ولا في الآخرة. ولا تر لها قدرا ولا وزنا كما قيل : من جعل لنفسه قدرا فلا قدر له، ومن جعل لها وزنا فلا وزن له. فأدب الغني بالإحسان إلى الفقير، وهو إخراج المال من كيسه إليه. ويكون فارغا من ماله مستخلفا فيه غير متهالك عليه. وأدب الفقير إخراج الغني من قلبه. ويكون قلبه فارغا من الغني وماله، بل من الدنيا والآخرة أجمع".
قلت : يقصد الشيخ رحمه الله بفراغ القلب من الآخرة التعلق بخالق الدنيا والآخرة، فإنما الآخرة خلق. وهذا هو مقام الإحسان. ولا يعنى هذا، معاذا الله ! الاستخفاف بأمر الآخرة، ولا جحود أي حقيقة من حقائق بعث الأجسام والنعيم والعذاب الحسيين في الجنة والنار، نستجير بالله من عذاب النار ونسأله الفردوس الأعلى من الجنة بمنه وكرمه. قال رحمه الله : "ولا يجعل لشيء من الأشياء في قلبه موطنا ومحلا ومدخلا، بل يتصفي من ذلك كله ويخلو منه. ثم يترقب امتلاءه بربه عز وجل (امتلاء القلب بحبه سبحانه). فلا يكون لغيره في قلبه وجود، ولا حول ولا قوة. فيأتيه عند ذلك فضل الله عز وجل. فحينئذ يحصل الغنى به عز وجل من غير تعب ولا هم.
"وأما الصحبة مع الفقراء فبإيثارهم وتقديمهم على نفسك في المأكول والمشروب والملبوس والملذوذ والمجالس وكل شيء نفيس. وترى نفسك دونهم. ولا ترى لها عليهم فضلا في شيء من الأشياء البتة".
قلت : هذه الآداب الرفيعة ليست في متناول عامة الناس ممن لم تتهذب نفوسهم. وإنما ندرجها هنا، نحكيها بلسان حكيم مرب، ليجدها جند الله المجاهدين في سبيل تجهيز الأمة بحاجاتها الاقتصادية، فتذكرهم بواجبهم التربوي الدعوي، وترفعهم إلى آفاق الإحسان، فلا تستولي عليهم هموم الدولة، وعنف توالي الأحداث، ومخالطة ضجيج العالم، تلك المخالطة التي لا مناص منها. فلعل تكرار ذكر الصالحين والمتادبين بالآداب النبوية يبدلهم بعدوى تلك الخلطة بركة صحبة أهل الله.
قال رحمه الله : "عن أبي سعيد بن أحمد بن عيسى قال : صحبت الفقراء ثلاثين سنة، ولم يجر بيني وبينهم كلام قط تأذوا به. ولا جرى بيني وبينهم منافرة استوحشوا منها. قيل له : كيف ذلك ؟ قال : لأني كنت معهم على نفسي أبدا. وإذا دخلت عليهم أدخلت عليهم سرورا ورفقا، واستعملت معهم خلقا : هدية وأدبا أو سببا من الأسباب".
قلت : الفقراء في اصطلاح الشيخ عبد القادر وأمثاله هم المتجردون عن الدنيا، المتفرغون للعبادة. وتلك كانت إحدى صور اعتزال الصالحين للفتنة. وليس الوقت الآن لذلك، فالقعود والدروشة والهروب بالدين للجبال لا يليق بالرجال والأمة محتلة مهددة. والدرس الأخلاقي السلوكي من تلك العهود وصية حية لنا مفيدة.
قال رحمه الله : "ومن آداب الصحبة مع الفقراء أن لا تحوجهم إلى مسألتك. وإن اتفق فاستقرض الفقير منك شيئا فتقرضه في الظاهر ثم تبرئه منه في الباطن، وتخبره عن قريب بذلك. ولا تبدأه بالعطاء على وجه الصلة لئلا يتحشم بحمل المنة منك بذلك.
ومن الأدب معهم مراعاة قلبه بتعجيل مراده، دون تنغيص الوقت عليه بطول الانتظار.
لأن الفقير ابن وقته كما ورد : ابن آدم ابن يومه، وليس له وقت لانتظار المستقبل.
ومن الأدب معهم أنك إذا علمت أنه ذو عيال وصبيان فلا تفرده بالارتفاق معه، بل تتخلق معه بقدر ما يتسع له ولمن يشتغل به قلبه".
قلت : ما أجمل أن تسود هذه الأخلاق الأخوية المجتمع، وأن يكون إدخال السرور على أخينا المسلم وعلى عياله خلقا نتخلق به ! وقد وردت أحاديث شريفة في الحث على ذلك.
قال رحمه الله : "ومن الأدب معهم الصبر على ما يذكر الفقير من حاله، وأن تتلقاه في حال ما يخاطبك بوجه طلق مستبشر، ولا تلقاه بالعبوس، ولا بالنظر الشزر، ولا بالكلام الوحش. وإذا طالبك بما لا يحضر في الوقت، فاصرفه بالوجه الجميل إلى مساعدة الإمكان، ولا توحشه بيأس الرد على الجزم، لئلا يعود بحشمة الإخفاق وعدم الإصابة بحاجته عندك، والندم على إفشاء سره إليك حسيرا".
قلت : وهذا أدب نبوي من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : "والكلمة الطيبة صدقة"، فالكلمة الطيبة تواسي بها أخاك المحتاج إن لم يكن معك وجد تسد أبواب التباغض. قال رحمه الله : "وربما يغلب عليه طبعه، وتستولي عليه نفسه، فيظهر عليه الجهل بحاله والسخط عليك، والاعتراض على الرب عز وجل فيما قسم له من الفاقة إلى الخلق والتبذل لهم. فيعمى قلبه، وينطفئ نور إيمانه. فكنت أنت مؤاخذا بذلك كله".


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:05 pm

الفقير الصابر
في الكتاب والسنة ذكر الصبر على البلاء، والشكر على النعماء. ومازال الصالحون من الأمة يتدبرون أيهما أحب إلى الله عز وجل : الغني الشاكر أم الفقير الصابر. ومازال الأغنياء الظالمون، والقراء المزورون، والبله الخاملون، يخلطون بين شرع الله الذي يأمر بإنصاف الفقير المحروم من الغني البخيل وبين قدره سبحانه في قسمة الأرزاق. فيزينون للمحروم السكوت عن حقه، والتبلد السلبي، باسم الصبر.
بعد أداء حق الله وحق المستضعفين في المال للفقراء، يبقى الصبر إحسانا يصل العبد بربه. صبر له معنى غير معنى السكوت عن الحق، وباعث غير التبلد السلبي.
قال الشيخ رحمه الله : "قال الله جل وعلا : "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة". صبروا على الإفلاس في الدنيا، وردوا التصرف في الأنفس والأموال والأولاد إلى ربهم عز وجل، وسلموا الكل إليه جل جلاله، سوى الأوامر والنواهي".
قلت : هذا هو العلم : التسليم للقدر بعد إقامة الأوامر والنواهي الشرعية.
قال رحمه الله : "وامتثلوا الأوامر، وانتهوا عن النواهي، وسلموا في المقدور، وتحرزوا من الخليقة، وتجوهروا عن الإرادة والأماني والهمم (هموم الدنيا) في الجملة (أي بالكلية). فشغلهم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. كما قال جل وعلا : "إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون". فهكذا الفقير إذا فعل ذلك في الدنيا وتحقق بظاهر القرآن، باع حينئذ الجنة بربه عز وجل. وطلب الجار قبل الدار (...) كما قال الله عز وجل : "يريدون وجهه".


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:05 pm

الفصل10: القومة الزراعية
أرقام ناطقة
استصلاح الأرض
الأرض لمن يزرعها


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:06 pm

أرقام ناطقة
ناطقة مفصحة عن وضعنا المزري وعجزنا المخزي عن إنتاج طعامنا وكفايتنا من المنتوجات الزراعية. إنها أرقام تنذر بغد أكثر بؤسا وهزيمة وتبعية، وتشكل بتصاعدها من سنة لسنة الخط البياني الذي يقيس هبوطنا في سلم الحضارة، وتدهورنا في دركات التخلف والعوز، كلما ارتفعت حاجاتنا من ضرورات الغذاء وكماليات الاستهلاك الترفي. أرقام تشير باللسان البليغ، لسان الحال الأفصح من لسان المقال، إلى كوننا عالة في كفالة الدول المنتجة، لحما على وضم بين يدي الدول النشيطة الخبيرة.
في سنة 1981 من تاريخ النصارى استورد العرب من الموارد الغذائية بثلاثة عشر مليون دولار. وأعلن "مسؤول" عربي عند إعلان أرقام الإفلاس هذه بأن عجز العرب عن إنتاج غذائهم راجع إلى تدبير قوى خفية تحاول أن تزيد العجز الغذائي العربي، وتساهم بوسائل مختلفة في توجيه الاقتصاد العربي نحو الحاجة والتبعية.
قوى خفية من سوس الاستعمار الداخلي واحتكار الكافل الجاهلي. لابد أن تضع الحكومة الإسلامية في مقدمة واجباتها حريتها لتغيير هذا المنكر بإصلاح زراعي، أو ثورة زراعية. قومة في أول الأسبقيات، سمها ما شئت.
يمثل العرب 3,6 بالمائة من سكان العالم، ويملكون الأراضي الزراعية عشرة بالمائة من أراضي العالم. حصة كفيلة أن تضمن الكفاية الغذائية ثلاثة أضعاف لو استعملت الأموال العربية الوافرة، والطاقات البشرية، ومصادر المياه، وغيرهما من المقومات التي في يد سفهاء العرب، استعمالا حكيما منتجا.
لكن العرب دخلوا في حلبة الاستهلاك الجنوني الذي بمقتضاه يموت مجاهد أفغانستان ولاجئ المسلمين في مخيمات الفلسطينيين، وفلاح بنغلاديش، جوعا ليتأتى لمترف البترول إقامة مآدب برمكية بمناسبة "الزفاف" رقم20. وبمقتضاه يصرف الحاكم موارد الدولة لتشييد مصانع للأبهة والسمعة تعمل بعشرة بالمائة من طاقتها بينما تهمل الأرض والفلاحة لأنها نشاط لا يعبر عن "التقدم" مثلما تعبر المصانع المتألقة أبراجها المعدنية في صحراء العرب.
في سنة 1970 من تاريخ النصارى استورد العرب بمائة مليون دولار من المنتجات الزراعية. قفز الرقم في سنة 1979 إلى 800 11 مليون دولار : مائة ضعف وثمانية عشر ضعفا في عشرة أعوام ! تصاعد فظيع، إن وضعته في أفق العشر سنوات المقبلة أخبرك عن مصيرنا إلى الهاوية.
استورد العرب، حسب إحصاءات 1979 وعلى أساس معدل الصادرات الغذائية العالمية بين سنتي 1977 و1979، النسب التالية : 17%من القمح المصدر في العالم، 15%من الأرز، 10%من السكر، 40%من الأغنام الحية، 11%من لحم الضأن، 13%من الألبان، 53%من زيت بذرة القطن، 12%من زيت دوار الشمس.
لم تأت الإحصائية بمقدار ما استورده المترفون من المخدرات والخمور وعظائم الفجور. الأغنام حلال، ولا بأس في فقه الاسترخاء والتبلد من استيراد أغنام العالم لولائم المبذرين إخوان الشياطين.
وهاك أرقاما أخرى منبئة عن تبذير الجاهلين الذين يساهم إفسادهم في الأرض مع إفساد مترفينا في تجويع العالم المستضعف. قال رجاء كارودي : "إن طعام الفقراء تغذى به أنعام الأغنياء. يمثل سكان الدول المصنعة سدس سكان العالم. وهم ينتجون ويتصرفون في 60%من حبوب العالم، يعلفون تلثي هذه الحصة أنعامهم بالإضافة إلى الصوجا وعلف الفول السوداني ودقيق السمك. وبذلك يزيدون جوع المستضعفين في العالم فداحة. (...) كيلو واحد من الصوجا يعطي الإنسان من البروتينات الغذائية مثل ما تعطيه ثلاث كيلوات من لحم البقر، أو عشر لترات من اللبن، أو ستون بيضة. ومع ذلك فثلاثة بالمائة فقط من إنتاج الصوجا في العالم يستعمل غذاء للإنسان. الباقي يعطى علفا للأنعام، أو يستعمل لاستخراج الألياف الصناعية".


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:06 pm

استصلاح الأرض
يكون جهاد عمارة الأرض، واستصلاحها. وتهيئها للإنتاج، وحسن توزيعها، وتسيير العمل فيها، من آكد أنواع الجهاد. لأن بعمارة الأرض تحصل الأمة المجاهدة الأزواد وتضمن الأمن الغذائي. ثم إن صلاح الزراعة قاعدة ضرورية لتأسيس اقتصاد صحي يأتي التصنع مكملا له. فإن خربنا الأرض لنبني طرق الأسفلت، وبنايات الإسمنت، ومزابل لنفايات الاستهلاك، مقابر للسيارات "الخربانة" كما يقول سواق الأمير عن السيارة الكادلاك بعد أول وأدنى عطب يصيب محركها، فستلفظنا الأرض كما تلفظ بعض الحشرات المؤذية. هات يا فلاح دمك ليستبدل الأمير سيارته الخربانة !
قال الإمام علي كرم الله وجهه لعامله : "وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة. ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلا. فإن اشتكوا ثقلا (ثقل الخراج المؤذي)، أو علة، أو انقطاع شرب (انقطاع ماء السقي)، أو بالة (رطوبة) أو إحالة أرض (إفسادها للبذور) اغتمرها غرق، أو أجحف بها عطش، خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم. (...) وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها".
هكذا كانت عنايتهم بالفلاح ومشاكله وباستصلاح الأرض. وهكذا كان فهمهم رضي الله عنهم لعمادية الفلاحة في الاقتصاد.
إن القومة الزراعية تتطلب إعادة النظر في ملكية الأرض، وتوزيع عوامل الإنتاج توزيعا متوازنا بين أنواع الصناعة وأنواع الزراعة، والعدل في أجور اليد العاملة بين عمال الحواضر والبوادي، وحماية الفلاح، وضمان أمنه، واستقراره، وحاجاته، لحبس الهجرة من البادية لحاضرة مدن القصدير، واختيار أنسب التقنيات للإنتاج، وتيسير الإدارة، ورفع وصاية الحكومة عن الفلاح، وتشجيع التعاونيات الفلاحية الإنتاجية والتسويقية، ودعم الإنتاج الزراعي بتيسير أثمان المخصبات، والآلات، ودفع قروض سخية لأكثر المنتجين نفعا، وتوجيه الزراعة للإنتاج المغذي بدل إنتاج التصدير، وحبس استيراد المواد الكمالية من الخارج، والتدرج في إيقاف استيراد الحاجيات لتشجيع السوق الداخلية الإسلامية.
أقصد بالخارج البلاد التي في يد غير المسلمين، وإلا فالتبادل التجاري والزراعي، خاصة بين البلاد الإسلامية، لا يتنافى مع الاعتماد على قوانا الخاصة حتى إن كان من أقطارنا ما لا يزال تحت الحكم الغاصب الجبري. أما شراء التجهيزات الآلية والخبرة الضرورية لتنمية زراعتنا فلابد فيه من التوجه للبلاد المصنعة، خاصة البلاد الصناعية الجديدة التي تناسب تقنياتها مستوى تطورنا.
ويعتبر في استيراد الحاجيات الاستهلاكية والتجهيزات ما يكفي بدون سرف لتغطية الحاجات الاستهلاكية والتنموية لأمة تدخر من قوت يومها لتؤسس كفاية غدها وقوته.
ويكون من الأهداف الأولية في هذا المجال الزراعي، كما يكون في كل مجالات الاقتصاد، استعمال أنماط الإنتاج التي تقلل البطالة وتعتمد على اليد العاملة أكثر مما تعتمد على تشغيل الآلات التي ندفع فيها أموالنا لتأتي إلينا تعطل الإنسان عن العمل. وهذا ما يسمى بتصدير البطالة، لأن صانع الآلة عندهم يشتغل دواما، فتأتينا آلته لتنشط عندنا عمر الزهور، عمر السيارة "الخربانة" المرمية في الصحراء بعد أول زكام أصاب المحرك، وليتعطل الإنسان !
على أن معظم أرضنا جافة. وما يسقط فيها من مطر، وما يأتي من زرع، يطلب السرعة في الحراثة والحصاد وسائر العناية. والسرعة تعني ضرورة الآلة. وصلابة الأرض تريد قوة الآلة، وتعميق الحرث يريد الآلة فإصلاح التناقض بين الآلة واليد العاملة يقيم لنا إن شاء الله تقنية من نتاج أدمغتنا وأيدينا. ومن فضله تبارك وتعالى نطلب البركة ونستسقي الغيث.
من أوليات القومة الزراعية نزع الملكية الجائرة وتحديدها، وتقسيم الأرض قسمة تمنع من احتكارها في يد الملاك الغائب، وتجميعها لمنع التشتت في بقع صغيرة يضيع معها حيز مهم في رسم الحدود ولا تساعد على العمل المنظم كما تساعد الملكية المتصلة.
وإن تربية الفلاحين لمن أعز الأهداف، وتأطيرهم بمرشدين يقنعونهم في آن معا بواجبات العبادة وواجبات الإنتاج وهو صورة أخرى للعبادة، يقنعونهم بتبني الأساليب العلمية الرفيعة، وبالتعاون والنظام. وعلى الدولة الإسلامية أن تحمي سوق المنتوجات الضرورية من الوسطاء، وشركات الاحتكار، ومن المرابين.
إن الأمة الإسلامية محاصرة، فما ظنك بجيش حاصره العدو ومنع عنه الطعام ! إما أن يموت جوعا وإما أن يستسلم خنوعا. والثالثة أن نحقق استقلالنا الغذائي بالإنتاج الوفير، ثم بالتقلل، فإن المومن يأكل في معي واحد كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم. وليس من الممكن ولا من اللائق مروءة ولا من المباح شرعا أن يستهلك العرب وهم 3%من سكان العالم 40%من الغنم المصدرة في العالم. لا ولا من المباح أن نباري الكفار الذين يأكلون في سبعة أمعاء، في التبذير ومستوى المعيشة المترفة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:07 pm

الأرض لمن يزرعها
قال الإمام ابن حزم رحمه الله وغفر لنا وله : "يأخذ السلطان الناس بالعمارة وكثرة الغراس ويقطعهم الإقطاعات في الأرض الموات. ويجعل لكل أحد ملك ما عمَّره، ويعينه على ذلك فيه. لترخص الأسعار، ويعيش الناس والحيوان، ويعظم الأجر، ويكثر الأغنياء وما تجب فيه الزكاة". سبحان الله ! هم المومنين أن ترخص الأسعار، ويعيش الإنسان والحيوان. يا من تعلفون كلابكم طيبات الأرض تكرمون الحيوان بإفقار العالم وقتله جوعا ! هم المومنين أن يكثر الأجر جزاء لعمارة الأرض التي أمرنا بها. فهل تعمر الأرض إن احتكرها من يعطلها، أو يتاجر فيها، أو يفسد فيها ؟ قال العلامة ابن حزم : "لا يجوز كراء الأرض بشيء أصلا. لا بدنانير ولا بدارهم، ولا بعرض، ولا بطعام مسمى، ولا بشيء أصلا. ولا يحل في زرع الأرض إلا أحد ثلاثة أوجه :
1) إما أن يزرعها المرء بآلته وأعوانه وبذره وحيوانه. (قلت : فإن عطلها ثلاث سنوات اعتبرت مواتا).
2) وإما أن يبيح لغيره زرعها، ولا يأخذ منه شيئا. فإن اشتركا في الآلة والحيوان والبذر والأعوان دون أن يأخذ منه للأرض كراء فحسن.
3) وإما أن يعطي لمن يزرعها ببذره وحيوانه وأعوانه وآلته بجزء. ويكون لصاحب الأرض مما يخرج الله تعالى منها مسمى".
ذكرنا في غير هذا الكتاب كيف يجوز للسلطان نزع الملكية الخاصة لمصلحة الجماعة، ومن هذه الملكية الأرضُ. والحكم في تحول الأرض إلى موات إن عطلت ثلاث سنوات معروف. فتتسع النصوص لاستنباط قوانين شرعية تربط ملكية الأرض بالإنتاج، وتعتبر الإهمال الجزئي تعطيلا للأرض، فيكون ذلك رادعا يكمل حوافز الجهاد الزراعي الإيجابية. والله ولي الرشاد.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:07 pm

الفصل11: بأس الحديد
تصنيع خاسر
قام الإسلام بالقرآن والحديد
صناعة ثقيلة
التكامل الإسلامي
تصنيع ذو أهداف
توطين التكنولوجيا


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:07 pm

تصنيع خاسر
أمرنا الله تعالى أن نعد القوة، والقوة بأس الحديد في عصرنا يعني التصنيع الناجح. ولئن ألححنا فيما سبق على ضرورة إعطاء الأسبقية للفلاحة فما ذاك عن قلة إدراك للضرورة الأخرى : الصناعة. ليس التصنيع في حد ذاته من أسباب تأخر الزراعة، بل بالعكس. لكن المغرورين بالغرب ونمطه الاقتصادي يتبارون في تقليد الآخرين، ويغطون فشلهم في التصنيع معا والفلاحة بشعارات ونظريات استهلكت في بلاد غير بلادنا، فهي مما يستورد للاستهلاك.
نريد تصنيعا يأتي كاللباس على جسم هو جسمنا، على مقاساتنا، خادما لأهدافنا، من ترتيبنا وتخطيطنا، ومن بنات اختراعاتنا في مختبراتنا، وبأدمغتنا وأيدينا. إلى هذا يؤول جهدنا إن شاء الله بعد فترة الاقتباس. لا عبرة بكون الصناعة ثقيلة أو خفيفة بقدر ما هي العبرة بمواءمة الصناعة لنظامنا السياسي والاجتماعي، بمواءمتها لطاقاتنا البشرية الموكول إليها تشغيل الآلة الصناعية وصيانتها، بمواءمتها لحاجاتنا المحلية والإسلامية مواءمة تكثر على سلعنا الطلب، وتفتح لها الأبواب، ويتسع لها السوق، وتتطور بذلك الصناعة، وتتقوى، وتتفرع، وتتجدد، وتتوطن !
إن التصنيع الخاسر هو ذلك الذي ينبني على البريق الكاذب للمعامل العصرية الضخمة المشتراة جاهزة، التي لا توائم الإنسان ولا المكان، ولا تنتج حاجة الشعوب المستضعفة وإنما تتعطل، أو تشتغل إن اشتغلت بجيش من الخبراء الأجانب، ولسوق استعمارية، بإدارة الشركات الكبرى.
كأنك ما رأيت وسمعت الحكام المغربين ينتقلون من مكان لمكان "لوضع الحجر الأساسي"، لمعامل براقة، هياكل يختفي وراءها سر الفشل والخسار !
إننا بحاجة لصناعة ثقيلة وخفيفة لإنتاج السلاح، والآلات الفلاحية، والبضائع الضرورية. لكن التصنيع على النمط المغرب لن يعطينا شيئا من ذلك. فإن الاستقراض بلا حدود، وتبنى التكنولوجيا الغربية بلا تمييز، حبال تربطنا بالجاهلية، بل سلاسل في أعناقنا تتبعنا لهم تبعية الأسير والعبد. وعجزنا عن التحكم في سير عملية التصنيع يثبت دعائم التخلف، ويحرك ماكينته من فشل إلى فشل، من درك إلى درك.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:08 pm

قام الإسلام بالقرآن والحديد
ذلك خسران تصنيع عائم لا أصل له في نفوسنا ولا في عقيدتنا، ولا قدرة له من ثم على تلبية حاجاتنا. وتتغير النظرة عندما نعود إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله لنؤصل حوافز التصنيع، ونوجهه نحو أهدافنا الإيمانية.
إن الجهاد قوامه الرشاش، والمدفع، والطيارة، والدبابة، والصاروخ والتجهيزات الإلكترونية المعلوماتية، والاستقلال الغذائي والصناعي. هناك القرآن وبينات الهدى، وهناك الحديد وسيلة لنصر القرآن. قال الله عز وجل: "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط. وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب. إن الله قوي عزيز".
القوة والعزة ونصر الله منوطة باجتماع المصحف والسيف، وتلاحم الدعوة القرآنية والدولة الحديدية. مصحف بعكاز من خشب، ذلك رمز الإسلام المنقاد للحاكم. ومصحف بجانب رشاش، ذلك رمز إسلام المجاهدين المنيع العزيز. وما العزة إلا بالله العزيز الحميد.
قال الله تعالى يحكي نعمته على عبده داود عليه وعلى نبينا وإخوانهما أفضل الصلاة وأزكى السلام، ويجدد أمره للعباد الصالحين: "ألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد. واعملوا صالحا. إني بما تعملون بصير" كان خليفة الله داود ونبيه حدادا يصنع من الزرد دروعا. أمره الله عز وجل أن يصنعها سابغات، أي وافيات. وأمره أن يقدر في السرد، أي أن يتقن المقاييس والصنع. وأخبرنا وإياه أنه سبحانه وتعالى بصير بمثل هذا العمل الصالح، يجزي به ويحبه. فعندما يصبح التصنيع عبادة، والاشتغال والإتقان عملا صالحا يدخر ليوم الحساب، ويمارس بمراقبة الرب البصير تبارك وتعالى، نقترب من الفلاح والاستقلال عن حوافز الجاهلية وهيمنتها.
ما بلغنا أنه كان للمسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صناعة واسعة للحديد. لكن السنة والسيرة العطرة يخبران عن الاستعمال العتيد لبأس الحديد.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على اقتناء الأسلحة. وكان صلى الله عليه وسلم يلبس لامته للحرب، ويظاهر بين درعين. وكانت كتيبة المهاجرين والأنصار تسمى الكتيبة الخضراء، أي السوداء، لكثرة ما عليها ومعها من حديد.
وقد أرسل صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود وغيلان بن سلمة إلى جرش، من أعمال دمشق، ليتعلما صنعة العرادات والمنجنيق والدبابات. وهي أسلحة متطورة بالنسبة لذلك العصر. فالمنجيق آلة لرمي الحصون بالحجارة الثقيلة، والعرادة نوع منه، والدبابة درع جماعية يضعها المهاجمون للحصون على ظهورهم لتقيهم أسلحة العدو ونيرانه وقذائفه. وقد استخدم صلى الله عليه وسلم هذه الآلات في حصار الطائف حتى طلب العدو الصلح.
أجمع الفقهاء على أن إقامة الحرف والصناعات فريضة على الأمة، يأثم الجميع بتركها. وقد برع المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في فنون الصناعة، وطوروها بعد اقتباسها. فصنعوا السفن وغزوا عليها. وكانت دروعهم الخفيفة التي لا تثقل الفارس ولا الفرس أدوات متطورة بالنسبة للدروع الثقيلة التي كانت وقاية الصليبيين، تثقل حركتهم في ساحة المعركة. كما كانت سيوفهم الرشيقة وسهامهم الرقيقة أقدر على بلوغ المراد مما كان مع أعدائهم. كانوا دائما على رأس التطور الصناعي حتى بزغ فجر العصور الحديثة، عصور تصنع فيها الجاهليون وتقننوا، وقعدنا عن ذلك الجهاد لما ثقلنا عن كل جهاد.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

في الإقتصاد - صفحة 3 Empty رد: في الإقتصاد

مُساهمة من طرف عمرالحسني الخميس أكتوبر 20, 2011 6:08 pm

صناعة ثقيلة
لا تستطيع الزراعة أن تتطور بدون صناعة تسعفها وتكملها. ولا تكفي الزراعة وحدها، على أهميتها القصوى، لتحقيق التنمية الاقتصادية، وبناء القوة الضرورية لاستقلال الأمة، ورخائها، وتقدمها.
الصناعة الخفيفة تلبي حاجات الاستهلاك، وتناسب الاقتصاد اللامركزي الذي يقرب الشغل إلى القواعد المحلية، ويساعد على توزيع الثروات، ويشجع الإنتاج بما يتيح من مواءمة مستمرة بالسوق، وبما ينهض عليه من مبادرات حرة يسهر عليها من قريب، وفي حوار مباشر مع اليد العاملة، رجال الأعمال النشطون.
لكن الصناعة الثقيلة، مثل صناعة الصلب والحديد، والصناعات الكيماوية والكهربائية، وصناعة آلات الإنتاج هي المدخل الصحيح للتصنيع الشامل. هي المحرك للعملية الاقتصادية الصناعية، تجرها جرا، وتدفعها إلى التوسع دفعا. ثم إنها، قبل كل شيء، ضرورية لإعداد القوة، والتمكن من بأس الحديد الملازم اللازم للنصر في آيات الهدى والفرقان.
أنزل الله عز وجل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. فمن كونه فيه بأس شديد تكون صناعاته الثقيلة الحربية أساسا أولا. ومن كونه فيه منافع للناس تكون تفرعاته أساسا ثانيا.
إن الصناعة الخفيفة التي تعتمد على آلات الإنتاج المستوردة، وعلى تحويل المواد الخام محليا، وعلى تقليد البضائع المستوردة المألوفة وتعويضها محليا، تفتقر دائما إلى استيراد آلات الإنتاج وقطع الغيار، بالإضافة إلى افتقارها للخبرة المستوردة. وكل أولئك يربطوننا ربط التابعين لمصدري تلك الآلات والقطع والخبراء كما تربطنا بهم حاجتنا للسلاح. تبعية سياسية واقتصادية لن تزداد إلا فداحة إن لم نبن اقتصادا متكاملا مستقلا، بأصوله الصناعية الثقيلة، وفروعه الصناعية الخفيفة. أما أن نبتاع بنات صناعتهم، وهن تلك الآلات الواردة ومعها دفتر كيفية الاستعمال، فلن يمكننا توطين الصناعة ببلادنا لأن البنات القاصرات دائمات الحنين إلى أمهاتهن، يجفلن ويرفضن الحركة. فإما ترمي بالسيارة الخربانة إلى مقبرة السيارات إن كنت سفيها، وإما تتوسل، وتقبل الشروط المجحفة، وتتنازل عن سيادتك إن كان توقف الآلة أو انعدام قطع الغيار مسألة إفلاس اقتصادي أو هزيمة عسكرية.
لا مناص للدولة الإسلامية من السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي كما تحقق الاكتفاء الذاتي الفلاحي، لكيلا تكون في قبضة الاستراتيجيات الاستكبارية، ولكيلا تزدردها المصالح الاقتصادية المتصارعة.


<br>
عمرالحسني
عمرالحسني
كـاتــــب
كـاتــــب

قلم مبدع
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
ذكر
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6239
السٌّمعَة : 12
متسامح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 3 من اصل 4 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى