استشكال حول تعزير المنتقل من مذهب الي مذهب الا لغرض محمود

وإن كنا تلاميذا بين يدى الأستاذ ابن وهب
إلا أن لى فى هذه المسألة رأى
وهو أن هذا التقييد الشديد فى المنع من الانتقال من مذهب لآخر كان ناشئا من المذهبية الصرفة , وانشغال هؤلاء الأفذاذ عن الاجتهاد بالتقليد داخل المذهب .
وإن كنت أرى أن هذا كان فيه خيرا كثيرا للأمة حيث وصلنا بسببه تراث ضخم وهائل للأئمة الأعلام من المجتهدين . إلا أنه كان من جهة أخرى عامل أثر سلبا على تطور الفقه والتشريع الإسلامى لقرون طويلة وذلك من جراء الفتاوى بغلق باب الاجتهاد وأشهرها فتوى الإمام ابن الصلاح رحمه الله فى هذا الصدد .
ما ترنب عليه سيطرة المذهبية والتعصب لمذهب الإمام الذى يتبعه كل إمام مقلد ـ اللهم إلا ما ندر ـ فكانت النتيجة الطبيعية أن تأتى الفتاوى بهذه الصورة .
وإن كانت الفتاوى التى أوردها أستاذنا ابن وهب على قدر كبير جدا من الموضوعية والإتقان إلا أنها لا تفى بكل ما نطمح له , فما ضر مسلم وجد فى مذهبه حرج ـ حتى ولو فى أمر دنيوى ـ أن يأخذ برأى عالم أو مذهب آخر يجد فيه ما يقنعه شرعا ويرفع عنه الحرج .

وما أجمل مذهب العلامة القرضاوى حينما يبحث دائما عن الأيسر فى الأمور والمسائل الخلافية فيختار الأيسر دائما للسائل , بل إنك تكاد لا تشعر أنه يجتهد فى هذه المسائل بقدر ما يبحث عن الأيسر والأفضل لمصالح العباد .فنجده مرة يأخذ بفتاوى ابن تيمية رحمه الله فى أمور كالطلاق ثلاثا , وبعض أحكام الطهارة التى يجد فى المذاهب شدة فيها مثل أحكام لمس المصحف للجنب وغيرها كثير يطول تعداده .
ثم تجده فى مسائل أخرى يرفض ويترك مذهب الإمام ابن تيمية إذا رأى فيها تشددا وحرجا على الناس .


ولا أنسى ـ ولعلها فى غير الموضوع ـ كلام فضيلة الشيخ على جمعة عند حدبثه عن اختلاف العلماء فى تفسير كلمة قروء . ويقول كان المفتى يسأل المستفتى ويتقصى منه ليعرف أى المدتين أطول عند الزوجة المطلقة , فأذا وجد أن مدة الطهر تجعل العدة أطول زمنا أفتاه بأن تكون العدة ثلاث طهرات , وإن وجد المدة أطول إذا حسبت على عدد الحيضات أفتاه بذلك . وذلك حتى يتسنى من طول المدة ما قد ييسر العودة والحنين لداعى العشرة فيرجع الزوج لزوجه ولا يهدم بيت مسلم .والله أعلــــــــــم