الحديث الصحيح

وهو الحديث الذي اتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط من أوله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّة.



شروطه:

أ‌- اتصال السند: أي أن كل راوٍ أخذ مباشرة عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه.

ب‌- عدالة الرواة: وهي مَلَكَة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب المعاصي وما يخلّ بالمروءة فيشترط أن يكون الراوي:

- مسلماً

- بالغاً

- عاقلاً

- غير فاسق (تقيّ)

- غير مخروم المروءة. ومن خوارم المروءة (التبول في الطريق دون ضرورة، كثرة السخرية والاستخفاف، السفه وضعف العقل، خِسّة النفس ودناءة الهمّة، كثرة المزاح والخلاعة والمجون، كثرة الكلام، سماع الغناء، اللعب بالشطرنج والنرد، اللعب بالحمام والديوك).



وأسباب الطعن في العدالة هي:

- الكذب

- التهمة بالكذب

- الفسق

- البدعة

- الجهالة

ت‌- ضبط الرواة: أي أن يكون الراوي تام الضبط. إما ضبط الصدر أو ضبط كتاب فلا ينسى ولا يسهو.



وأسباب الطعن في الضبط هي:

- فُحْش الغلط

- سوء الحفظ

- الغفلة

- كثرة الأوهام

- مخالفة الثقات

ث‌- عدم الشذوذ: أي أن يكون الحديث خالياً من الشذوذ، فلا يخالف الثقة من هو أوثق منه, وينقسم إلى قسمين:

أ‌- شاذ في السند

ب- شاذ في المتن

والشاذ مردود لا يقبل لأن راويه – وإن كان ثقة – لكنه لما خالف من هو أوثق منه علمنا انه لم يضبط هذا الحديث.

ج‌- عدم العلّة: والعلّة سبب خفيّ غامض يطرأ على الحديث فيقدح في صحته، وقد تكون العلة في السند وقد تكون في المتن، مع أن الظاهر السلامة منها.



أمثلة على الحديث الصحيح:

(1) ما رواه البخاري ومسلم قالا:



حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال:" جاء رجل إلى رسول الله فقال:يا رسول الله من أحق الناس بصحبتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك "



فهذا الحديث صحيح لتوفر شروط الصحة فيه. فهو صحيح الإسناد – متصل بسماع العدل الضابط عن مثله – من أول السند إلى منتهاه، من غير شذوذ، ودون علّة.

فالبخاري ومسلم إمامان جليلان في هذا الشأن. وشيخهما قتيبة بن سعد وهو ثقة. وجرير بن عبد الحميد ثقة. وعمارة بن القعقاع ثقة. وكذا أبو زرعة التابعيّ ثقة. وأبو هريرة صحابي جليل.

فرجال هذا السند كلهم ثقات، وتسلسل الإسناد معروف عند المحدّثين، وليس ثمّةَ ما يخالفه، والمتن كذلك موافق لما وردت به الأدلة.

فالحديث صحيح لذاته.



(2) ما أخرجه البخاري في صحيحه:

حدثنا عبدالله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال:

" سمعت رسول الله قرأ في المغرب بالطور ".

فهذا الحديث صحيح لأن سنده متصل، ورواته عدول ضابطون، ولأنه غير شاذ، وليس فيه علّة.

فالبخاري إمام جليل، وعبد الله بن يوسف ثقة متقن. ومالك بن أنس إمام حافظ. وابن شهاب الزهري فقيه حافظ متفق على جلالته وإتقانه. ومحمد بن جبير ثقة. وجبير بن مطعم صحابي.

فرجال هذا السند كلهم ثقات، وتسلسل الإسناد معروف عند المحدثين، وليس ثمة ما يخالفه، والمتن كذلك موافق لما وردت به الأدلة.

فالحديث صحيح لذاته.



حكم الحديث الصحيح



أجمع المحدثون والفقهاء والأصوليون على أن الحديث الصحيح حجة في العمل (أي يجب العمل به) سواء كان راويه واحداً لم يروه غيره، أو رواه معه راوٍ آخر أو اشتهر بروايته ثلاثة فأكثر، وسواء روي في الصحيحين أم لم يروَ فيهما بينما روي في غيرهما. فكل ما صحّ يجب العمل به ولو لم يخرجه الشيخان.



مراتب الحديث الصحيح

ينقسم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب هي:

(1) ما اتفق عليه البخاري ومسلم (وهو أعلى المراتب)

(2) ما انفرد به البخاري

(3) ما انفرد به مسلم

(4) ما كان على شرطهما ولم يخرّجاه

(5) ما كان على شرط البخاري ولم يخرّجه

(6) ما كان على شرط مسلم ولم يخرّجه

(7) ما صح عند غيرهما من الأئمة كابن خزيمة وابن حبّان.



ما المراد بقولهم:

" هذا حديث صحيح": أي أن الشروط الخمسة (اتصال السند، عدالة الرواة، ضبط الرواة، عدم الشذوذ، وعدم العلة) قد تحققت فيه. لا أنه مقطوع بصحته في نفس الأمر، لجواز الخطأ والنسيان على الثقة.



" هذا حديث غير صحيح": أي أنه لم يتحقق فيه شروط الصحة الخمسة، كلها أو بعضها. لا أنه كذب في نفس الوقت، لجواز إصابة من هو كثير الخطأ.