شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:14 pm

بحث للدكتور طه جابر العلواني

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Auth_taha_jabir_alawani

* خطورة القول بوقوع نسخ في القرآن

قضية نسخ بعض آيات القرآن الكريم قضية يرفضها القرآن الكريم ولا يستسيغها الحس العلمي الذي بناه القرآن المجيد في عقول وقلوب وأنفس المسلمين، وهي من الأمور المعقَّدة تماما التي أخذت مدى في العقل الإنسانيّ قبل الإسلام، وكانت موضع نقاش واختلاف وأخذ ورد وفي فترات تاريخيَّة كثيرة، وما من دين من الأديان السماويَّة والوضعيَّة إلا واجه هذه المشكلة بشكل أو بآخر؛ ذلك لأنَّ قدرات البشر وطاقاتهم في عمليات إنزال القيم الدينية على واقع الحياة قدرات محدودة يشوبها القصور في كثير من الأحيان، ولذلك يختلف الناس وينقسمون إلى فرق في مواقفهم من أصول الأديان، فهناك من يعمد إلى التأويل بقراءات بشريَّة ليكون قادرا على إيجاد حالة التوافق والانسجام بين ما يريده الدين الذي يتديَّن به وبين الواقع وإمكاناته والإنسان نفسه وطاقاته واحتياجاته وما إلى ذلك، وأحيانا يلجأ إلى إيقاف العمل بالنّص، وإيجاد مسوغات لذلك الإيقاف لا تجعل منه متمردا على ما جاء دينه به، ومن ذلك دعوى النسخ.

فدعوى النسخ قد أسيء استعمالها وفهمها وتفسيرها لدى أمم سابقة كثيرة؛ فاليهود حينما جاءهم عيسى بالبينات ورفضوه وأكدوا أنه ليس المقصود ببشارات موسى وأنبيائهم قبله، قالوا: إنَّ شريعتنا ثابتة، وديانتنا دائمة ومؤبَّدة، ولسنا بحاجة إلى أيّ تغيير أو التصديق برسالة المسيح وبما أنزل إليه، يعني أنَّنا لا نقبل فكرة النسخ ولا نقر بأنَّ رسالة موسى وما جاء به رسالة منسوخة، وطرحوا فكرة "البَدَاءِ" وقالوا: إنَّه يزعم أنَّ الله أرسله، وكأنَّ الله قد بدا له أن يرسل نبيا من بعد موسى، ولدينا ما يؤكد أنَّه لن يأتي بعد موسى نبيٌّ عدا المسايا، وصفات المسايا لا تنطبق -حسب زعمهم- على السيد المسيح، حيث إنَّهم درجوا على إنكار من يأتيهم بعد رسول قد جاءهم، والقرآن الكريم أشار إلى هذا، قال تعالى: }وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولا{ (غافر: 34)، فكلما هلك رسول قالوا: لن يبعث الله من بعده رسولاً، ولذلك درجوا على قتل الأنبياء وإنكار نبوَّاتهم ظنا منهم أنَّهم بذلك يحافظون على الثبات، وإن كان أحبارهم قد أعطوا لأنفسهم في بعض مراحل حياتهم حق التغيير والنسخ، وحرَّفوا بعض النصوص وغيَّروا فيها واستبدلوها بسواها وغيَّروا أحكاما كثيرة واردة في التوراة ومنه الحكم في رجم الزناة(44).

ومع أنَّهم استوطنوا الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلَّم- بسبعة قرون انتظارًا لبعثته، وخالطوا العرب وحملوا أسماءهم وانتموا إلى قبائلهم طمعا في أن يكون النبيُّ الخاتم من أبنائهم، ولكنهم حين جاءهم من كانوا ينتظرون بالبينات تنكروا له وأنكروه وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم -كما فعلوا مع السيد المسيح قبله- وحاولوا اغتياله وقتله مرات عديدة، وموَّلوا كثيرا من حملات المشركين ضدَّه، وكانت حجتهم في رفض الاعتراف بنبوته عليه السلام أنَّ شريعتهم ثابتة، ودينهم كامل، وأنَّ الله -تبارك وتعالى- لا يمكن أن يغيِّر رأيه ويرسل بعد موسى رسولا ينزل عليه شريعة تغاير شريعة موسى، وكما وضع قارئهم كفه على النّص القائل بوجوب رجم الزناة في التوراة، وهو "الشيخ والشيخة إذا زنيا..."، فقد غيّروا في صفات خاتم النبيين في توراتهم وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وعملوا كل ما استطاعوه لينزعوا عن الشريعة الإسلاميَّة العالميَّة النازلة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلَّم- صفاتها الواردة في سورة الأعراف {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأٌّغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 157) وفي مقدمتها التخفيف والرحمة وإزالة الإصر والأغلال ليؤكدوا بذلك أنّه -عليه الصلاة والسلام- ليس هو المقصود ببشائر التوراة وتشبثوا بنفي النسخ.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:15 pm

وفي إطار الجدل الذي أثاره الكلاميُّون لإثبات ورود النسخ، وأنَّ النسخ خاصَّة من خواصّ الشرائع، دخلت فكرة النسخ إلى العقل المسلم، وصارت تتردَّد على بعض الألسن، وحملتها روايات دخلها الكثير من الإسرائيليّات والثقافة الشفويَّة لتجعل من النسخ وسيلة لهدم حجَّة اليهود في رفض الإيمان بالمسيح أولا ثم برسول الله محمد -صلى الله عليه وآله وسلَّم- ثانيا، فتحول بعد ذلك إلى سلاح وجِّه إلى العقل المسلم ذاته وارتدَّ إليه، وإذا ببعض العلماء يتبنَّون فكرة النسخ ويدخلونها إلى تفاصيل شريعة القرآن وبيانها في سنَّة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- ظنًًّا منهم أن القول بالنسخ سوف يحمل اليهود على التسليم بنبوّة ورسالة رسول الله -صلى الله علية وآله وسلَّم- وحين وجد الفقهاء -خاصَّة- في النسخ سهولة في التخلُّص من عمليَّات التعارض الموهوم بين النصوص خاصَّة في مجال السنَّة النَّبويَّة المطهرة التي لا شك أنَّها قد وقع فيها النسخ؛ لأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- كان يتحرك في واقع له خصائصه وطرائقه في الاستجابة إلى النّص والتفاعل معه، ولذلك كثر في سنن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- ما يمكن اعتباره نسخا في المعاني اللُّغوية التي وردت بها أحاديث مثل قوله: "نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عن لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ فَأَمْسِكُوا ما بَدَا لَكُمْ"(45)، ومنه نهيه عن أكل الحمر الأهلية(46) خوفا من أن تحدث أزمة في المواصلات.

فهو عليه الصلاة والسلام -وكان يتحرك في ذلك الواقع بقيم القرآن منزِّلا لها في ثنايا الواقع متابعا ردود فعل ذلك الواقع وطرائقه في استقبال آيات القرآن الكريم- كان يلاحظ - صلوات الله عليه وهو الرءوف الرحيم الحريص على أن يجنِّب أمته أيَّ عنت- الأولويَّات والمقاصد والمآلات وسائر الجوانب التربويَّة بحكمته وبما يوحى إليه ليمكّن للقرآن عقيدة وشريعة ونظم حياة في واقع الأمة المؤمنة.

وهنا عندما حصلت عمليَّة الخلط والمزج بين الكتاب والسنة- لأسباب كثيرة تناولناها في دراستنا عن السنَّة النَّبويَّة المطهرة وعلاقتها بالقرآن الكريم- فمن الطبيعي أن يختلط لدى البعض موضوع النسخ فينقل من دائرة السنَّة النَّبويَّة إلى دائرة القرآن الكريم، وهنا برزت هذه الإشكاليّة بشكلها الحادّ.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:15 pm

ولذلك حين وجدنا الإمام الشافعي -رحمه الله- وهو من هو في تعزيز موقف أهل الحديث، والانتصار للسنَّة النَّبويَّة، حينما بلغ الأمر القول بنسخ الكتاب بالسنَّة والعكس وقف موقفه الصلب الذي أساء كثير من معاصريه فهمه، كما أنَّ أتباعه غاب عليهم مرماه ومقصده، فجاءوا "بنظريَّة المعضِّد" لتمييع تلك الفكرة الجليلة التي كان الإمام الشافعيُّ يرى نفسه وكأنّه المسئول عن تصحيحها بعد أن مهدت دراساته وانتصاراته لأهل الحديث لعمليَّة الخلط والتسوية بين الكتاب والسنَّة، بحيث أصبح الفارق بينهما ينحصر بأنَّ الكتاب معجز، متحدَّى به، متعبَّد بتلاوته وليست السنَّة كذلك، وكلاهما وحي، وتجرأ البعض على أن يقول: "الوحيان"، وهو أمر قد عالجناه في دراستنا المشار إليها حول علاقة السنَّة بالقرآن الكريم فارجع إليه يتضح لك أنَّ هذا المزج أمر لا يقبله القرآن الكريم ولا السنَّة النَّبويَّة المطهرة، فالعلاقة بينهما علاقة بيان ومبيَّن دون أن يعني ذلك أي غضّ من السنَّة النَّبويَّة المطهرة أو المساس بحجيَّتها، ولكنَّها عملية وضع للأمور في مواضعها، والابتعاد عن الخلط المرفوض.

من هنا نستطيع أن نقول بناءًا على المبدأ الذي طرحه الإمام -ولم يُبن عليه، ولم يتمَّ تفصيله- بأنَّه لا نسخ في القرآن بإطلاق قولا واحدا، فلا القرآن ينسخ بعضه بعضا لأنَّه من عند الله تعالى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (النساء: 82)، كما لا يُنسخ بالسنَّة أبدا؛ لأنَّ مهمة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- هي تلاوة الكتاب وإبلاغه للناس واتِّباعه وتعليمهم مع الكتاب كيفيَّة اتِّباعه وتنفيذ ما فيه، وبالتالي فإنَّ جميع هذه الأقسام التي ذكرها الكاتبون في علوم القرآن والأصوليُّون هي من التراث المصاب الذي لا بد من إخضاعه لتصديق القرآن وهيمنته واستيعابه وتجاوزه، وأنَّ بعضها مما يمكن أن نلتمس له بعض التأويلات فيقال بأنَّه روي بالمعنى وتصرف الراوي فيه -حسب فهمه- أو أنَّ هناك ما يطعن في صحة الرواية أو دقتها، ولكن -والأمر يتعلق بالقرآن الكريم- لا بد من الحسم، ولا بد من القول بأنَّه لا نسخ في القرآن على الإطلاق، وأنَّ كل ما ادّعي نسخه لم يكن يحتاج إلا إلى جهد يسير، يجمع فيه بين القراءتين، وتلاحظ فيه الوحدة البنائيَّة في القرآن الكريم، وبقيّة خصائص الخطاب القرآنيّ ليفهم ويتضح، وتبرز معانيه، وأنَّ عملية فهم الآيات التي ادعي وقوع النسخ فيها استمرّت منذ القرن الثاني الهجري في التناقص كلما اتضح للناس معنى يزيل التعارض من أذهان المجتهدين أو العلماء رفعت من بين الآيات التي أدخلت في النسخ حتى بلغت عند المتأخرين ست آيات فقط أو خمسة.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:16 pm

وإليك معاني هذه الآيات الكريمة الستّ:

1. قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِى مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: 240). قالوا: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (البقرة: 234) ظنا منهم أنَّ الآيتين قد وردتا على مورد واحد ألا وهو فترة العدة التي تعتدها المتوفى عنها زوجها.

والحق أنَّ مورد الآيتين مختلف تماما؛ إذ إنَّ قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} جاء مراعيا لعادات الأمم وأعرافها، فللأمم عادات مختلفة في التعبير عن تكريم الأحياء لموتاهم، واحترامهم لذكراهم، وإعطاء الانطباعات الإيجابيّة بأنَّهم كانوا في موقع الحب والتقدير لدى أهلهم وذويهم، وأنَّ هذا المتوفَّى له ذكرى طيبِّة واحترام وقدر عند المتَّصلين به، والخواص من المنتمين لأسرته.

واختلفت تقاليد الأمم في التعبير عن هذه المشاعر ولا تزال مختلفة، وقد راعى القرآن الكريم هذه المشاعر الإنسانيّة أحسن مراعاة وأجملها، فمنزل الرجل الذي شهد حياته مع زوجته وبنيه يبقى وكأنّ تغييرًا لم يحدث بهذه الوفاة، تخفيفا على المنتمين للأسرة كلِّها وفي مقدِّمتهم الزوجة، فامرأته قائمة فيه، وأبناؤه وذووه يترددون عليه، وذكراه بينهم، لكي يأخذ كل منهم فرصته الكافية للصبر والسُّلوّ، وتجاوز الإحساس بالموت والفراق، والإسلام جاء للعرب والشعوب الأميَّة من حولهم، والشعوب الكتابية تقاليدها وعاداتها في هذا المجال، ولا شك أنَّ زوج المرأة منها لبمكان كما عبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم(47 )، وهناك براءة الرحم من ماء المتوفَّى وهي التي تكفيها القروء الثلاثة، وهناك فترة الإحساس النفسي الثَّقيل الشديد على المرأة وتكفيها أربعة أشهر وعشر، وهناك فترة إعادة ترتيب الحياة بالنسبة لها ولأبنائه بعد هذه التغيُّرات الحادّة الماديَّة منها والمعنويَّة، وفترة إعادة ترتيب الحياة لا يمكن أن تتم بشكل ملائم في أقلَّ من حَوْل، سواء أكان الناس ينتمون إلى مجتمع زراعيّ تتعلق حياته بالمواسم، أو مجتمع رعويّ تتعلَّق حياته بالماء والكلأ، أو مجتمع تجاريّ ترتبط فيه الحسابات بحولان الحول، وكذلك الزكاة وحساباتها، وإذا كان البيت مستأجرا فتغلب أن تكون الإجارة مرتبطة بالحول، فالحول يعتبر بمثابة الوحدة الصغرى لإعادة تنظيم شئون الناس وحياتهم، خاصة بعد مصيبة كبيرة مثل "مصيبة الموت" كما سماها القرآن الكريم (48) بأن تُعطى الزوجة المفجوعة في زوجها فرصة عام لتعيد ترتيب أمورها وأمور صغارها، ولتعوّد نفسها على تحمل المسئوليَّات -منفردة- بعد اجتياز الصدمة العاطفيَّة وبراءة الرحم وما إلى ذلك، وذلك أمر معهود في أحكام القرآن الكريم القائمة على التخفيف والرحمة ومراعاة مختلف المشاعر والقضايا الإنسانيَّة وفي مقدّمتها "الأسرة" التي هي حجر الزاوية في بناء المجتمع. وعنها تتفرع شبكة واسعة من العلاقات الاجتماعيَّة التي يحرص الإسلام على إنمائها والمحافظة عليها .




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:17 pm

فالتربُّص بالنفس لاستبراء الرحم وللتهيُّؤ لاستئناف دورة حياتيَّة جديدة قد تكون الأربعة أشهر وعشر ليالي حدا أدنى كافيا لذلك، وقد يكون كافيا لتسوية الجانب النفسيّ والجسميّ للمرأة، وأما الحول فهو حد للتسويات المختلفة خاصّة الماديَّة منها، المتعلقة بإعادة ترتيب الحياة. وحين نلتفت إلى بعض العلوم المعاصرة خاصّة علوم النفس والاستفتاءات التي يقوم بها الباحثون بين المتوفى عنهن أزواجهن، وملاحظة مختلف الجوانب العاطفيَّة نجد توضيحا لكثير من المعاني التي ربما لم يلاحظها المفسِّرون؛ لأنَّ أعينهم كانت مشدودة إلى الحكم الفقهيّ الجزئيّ التكليفيّ، لكنَّهم لو لاحظوا الأمور الأخرى لحكموا بإحكام الآيتين، وأنَّه لا نسخ بينهما، فكل منهما اتجهت جهة؛ فالآية الأولى متجهة نحو الزوجة في بدنها ونفسها ورحمها وخروجها من تأثيرات مصيبة الموت، أما آية الحول فهي وصية من الله -تبارك وتعالى- للأزواج وللأسرة والورثة وللأمّة في أن تعطي الزوجة المتوفى عنها زوجها فرصة إعادة ترتيب حياتها الماديَّة التي صار لها فيها شركاء آخرون هم بقية الورثة، فهي في حاجة إلى تلك الفرصة بقطع النظر عن طبائع العلاقات بين أبناء المجتمع، وبالتالي فليس هناك تعارض أو تناقض أو تصادم بين الآيتين يستدعي القول بتخريجها على قواعد النسخ نفسها -عند القائلين بها- لينسخ المتأخر بالمتقدم، وللدخول في تلك التأويلات المتعسِّفة، ما دام من الممكن فهم الآيتين اللتين اختلف موضوع كل منهما عن موضوع الأخرى وانتفى التعارض بينهما.

وأما تلك الروايات التي رويت بناءًا على هيمنة أفكار النسخ، والنظر إليه على أنَّه من المسلَّمات، فإنَّها لا تقف أمام هيمنة القرآن الكريم على ما عداه، ولا تصلح لنسخ حاكميته لجعل غيره حاكما عليه.

2. قوله تعالى: {وَاللاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابا رَّحِيما} (النساء: 15– 16).

ذهب أكثر المفسرين إلى أنَّ هاتين الآيتين منسوختان، غير أنَّهم اختلفوا في الناسخ وفي كيفيَّة النسخ؛ فذهب جماعة منهم إلى أنَّ الآية الأولى نسخت بالثانية وإلى أنَّ الثانية نسخت بآية النور وبحديث عبادة بن الصامت الذي ورد فيه أنَّ الحد كان الحبس، ثم نسخ بالإيذاء، ثم نسخ الإيذاء بآية النور الجلد للبكر، والرجم للمحصن وبـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"(49)، وعكس بعضهم الأمر فقال: إنَّ الآية الثانية نسخت بالأولى؛ حيث كان حد الزنا في نظر هؤلاء الإيذاء، ثم نسخ الإيذاء بالحبس، ثم نسخ الحبس بالجلد والرجم، قائلين: إنَّ الآية الثانية كانت سابقة للأولى في النزول، وذهبت فرقة ثالثة منهم إلى أنَّ الآيتين نزلتا معا، وأنهما نسختا معا بآية النور وحديث عبادة، أي الجلد للبكر والرجم للثيب.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:18 pm

وقد أثارت دعوى النسخ هذه إشكاليَّات عديدة، منها: تجويز نسخ القرآن الكريم بأحاديث الآحاد التي روي جلُّها بالمعنى، وقد يكون الراوي أخطأ في فهم المعنى، فيكون الحديث كلّه موضع نظر!! واستدراكات عائشة وعمر وغيرهما كافية للفت الأنظار إلى هذا الاحتمال الكبير، وقد حاول بعضهم الخروج من هذا المأزق ببعض التأويلات، وهي تأويلات ساقطة يصعب قبولها إن لم يتعذر كما قال ابن الجوزي في زاد المسير (2/36)، ناقلا عن قوم: بأنَّه يحتمل أن يكون النسخ قد وقع بقرآن رفع رسمه وبقي حكمه!! وهو تأويل بعيد جدا، وعمليَّات التجويز وفرض الاحتمالات هذه عبارة عن فرضيَّات بشريَّة ما كان لمن له مسكة من علم أن يسقطها على القرآن المجيد، فآيات الكتاب الكريم لا تخضع لفرضيَّات إنسانيَّة لا سند لها بإطلاق، وإلا فما الذي أبقيناه لأهل الكتاب الذين وقعوا في التبديل والتحريف، حينما اجتالتهم الشياطين وفتحت أمامهم سبل الافتراض والآراء الخطيرة التي لا يقوم عليها دليل ليسقطوها على كتبهم وما جاءهم أنبيائهم به عن الله تبارك وتعالى؟!!

قال القاضي أبو يعلى: وهذا وجه صحيح يخرَّج على قول من لم ينسخ القرآن بالسنة، قال: ويمتنع أن يقع النسخ بحديث عبادة لأنَّه من أخبار الآحاد والنسخ لا يجوز بذلك، وردَّ بعض المفسرين والفقهاء دعوى نسخ الآية، ومن هؤلاء الخطابي في معالم السنن حيث قال:

لم يحصل النسخ في الآية ولا في الأحاديث، وذلك أنَّ الآية تدل على أنَّ إمساكهنَّ في البيوت ممتد إلى غاية وهي أن يجعل الله لهن سبيلا، وذلك السبيل كان مجملا فلما قال -صلى الله عليه وآله وسلم- (خذوا عني الثيب ترجم والبكر تجلد وتنفى) صار هذا الحديث بيانًا لتلك الآية لا ناسخا لها، وصار أيضا مخصصا لعموم آية الجلد (فالمهم أنَّ الحكم الذي دلت عليه الآية يغيّر ويبّدل بحديث الآحاد سواء سمَّوه ناسخًا أو مخصصًا، أو مبيّنا لإجمال مزعوم في الآية؛ فالنتيجة واحدة).

وقد نقله النيسابوري عنه في غرائب القرآن (3/204)، واعترض على القول بالنسخ الإمام الرازي في الكبير (9/230- 234)، والقرطبي في الجامع (5/282 – 285)، وأبو حيان في البحر المحيط (3/194، 195)، والسيوطي في الإكليل ص (35)، ورشيد رضا في المنار (4/438 – 440) نقله أولا عن محمد عبده وأيده وتبنَّاه، وكذلك السعدي في تيسير الكريم الرحمن 2/37، وعبد الكريم الخطَّابي في التفسير القرآني للقرآن (4/718 – 721).




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:19 pm

ونقل رد القول بالنسخ عن مجاهد وانتصر له أبو مسلم الأصفهاني وأيده بكثير من الأدلة، وأبطل دعوى النسخ، وقد تولى الإمام الرازي تفصيل مذهب أبي مسلم، فقال -بعد أن ذكر القول الأول والقول الثاني وهو اختيار أبي مسلم الأصفهاني-: إنَّ المراد بقوله تعالى {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ} المساحقات وحدُّهن الحبس إلى الموت، وبقوله {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا} أهل اللواط وحدُّهما الأذى بالقول والفعل، والمراد بآية النور {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} (النور:2) الزنا بين الرجل والمرأة وحده في البكر الجلد، وفي المحصن الرجم، واحتج أبو مسلم عليه بوجوه منها: أنَّ اللاتي يأتين مخصوص بالنسوان، و"اللذان" مخصوص بالرجال، وعرض الإمام الرازي بقية أدلة أبي مسلم والتي تؤكد على أنَّ الجهة منفكة، وأنَّ آيتي سورة النساء لم تتجها لبيان حد، بقدر ما كان توجُّه الآيتين لبيان كيفية صيانة المجتمع من إشاعة السحاق واللواط، ولما كان الزنا بين رجل وامرأة، وليس بين رجلين أو امرأتين، فإنَّ آية النساء غير ما ورد في سورة النور، ورد عليه القائلون بالنسخ بتمسكهم بما قرروه، وبالتأكيد على أنها متجهة للموضوع ذاته ألا وهو الزنا، وهناك مفسرون رووا هذه الأقوال كما هي دون أن يتبنَّوا شيئا منها.

وتمسَّك مصطفى زيد بما تمسَّك به الجمهور، وناقش أدلة أبي مسلم لأنَّها عنده من بين الآيات الخمس التي دخلها النسخ في نظره.

وقد علمت مما تقدم أنه لم يقع تعارض ولا تعادل بين الآيات الثلاث؛ فالأولى تتعلق بالنساء الشاذّات السحاقيَّات اللَّواتي يملن إلى إناث مثلهن، وهي فاحشة تؤدي إلى اكتفاء النساء بالنساء، وهدم الأسرة والمجتمعات، والخروج من العهد الإلهي، والتمرُّد على عهد الاستخلاف، والإخلال بالكرامة الإنسانيَّة، والحيلولة دون قيام مجتمعات إنسانيّة تحقّق العمران في هذه الأرض. وحبسهن بالبيوت حتى يتوفاهن الموت إجراءٌ وقائيٌّ يحول بينهنَّ وبين إشاعة هذه الفاحشة في المجتمع، والترويج للفاحشة بين بنات جنسهن.

وأما الآية الثانية فإنهَّا في اللِّواط واللُّوطييِّن، وهو انحراف يقع بين الذكور، وهو فاحشة لا تقل خطرا عن الانحراف والشذوذ الذي يقع بين الإناث، والأذى يناسبه، وقد يوقف هذه الظاهرة، ويحمي المجتمع منها، فالأذى يدخل في باب التعاذير، والمجتمع والأمة وولاة الأمر يستطيعون الاستفادة من التشريعات التعزيرية لحماية المجتمع المسلم من ظواهر الانحراف والشذوذ بكثير من الشذوذ.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:19 pm

وأما آية النور فهي في الزنا الذي يقع بين الرجل والمرأة، فالجهة منفكة، ولا تعارض ولا تعادل ولا شيء يقتضي القول بالنسخ. وأما القول المضطرب القائم على حكم التوراة ونصّها" الشيخ والشيخة..." وادعاء نسخ آية الجلد في حق المحصن بنص من التوراة التي زعم البعض أنها آية قرآنيَّة منسوخة التلاوة، فهو قول في غاية الغرابة.

وقبول الروايات الواردة في هذا الشأن تترتب عليها مجموعة من العظائم، منها الطعن في الصحابة الكرام، وفي مقدمتهم عمر وعثمان وزيد وكتاب الوحي ومن عملوا في جمع القرآن المجيد بشتى صيغ الجمع، فكل هؤلاء تنتفي عنهم الأمانة والدقة والضبط، وتوجّه إليهم تهمة التفريط في تدوين آيات قرآنيَة توفي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهي مما يقرأ.

ومنها: أن الله -تبارك وتعالى- الذي تكفل بحفظ القرآن كما تكفل بإنزاله وجمعه وأنَّه -تعالى عن أقوالهم وعما تؤدي إليه أقوالهم- قد أخلف وعوده وفرّط في ذلك كلّه وتركه أو بعضه لهوى الرواة إن شاءوا أثبتوا وإن شاءوا محوا.

ومنها: الطعن ببلاغة القرآن وفصاحته ونظمه وأسلوبه وتميّزه في ذلك -كلِّه- واعتبار هذا القول الركيك المترجم عن التوراة: "الشيخ والشيخة..." كان آية من آياته وكأنَّ الصحابة لم يتمكنوا من إدراك الفروق الهائلة بين أساليب القرآن المتحدي المعجز. فلم يشر أي منهم وهم من ذؤابة فصحاء العرب إلى ركاكة هذا المرويّ الذي لا يرتقي إلى مستوى أحاديث أفصح من نطق بالضاد -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأنى له أن يطاول فصاحة القرآن وبلاغته وهو بتلك الركاكة. لقد برزت هذه الدعوى أو الشبهة أول ما برزت في حديث جاء في موطأ الإمام مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني – صاحب الإمام أبي حنيفة ومستشار الخليفة العباسي هارون الرشيد. وتوفي الشيباني سنة (189) هـ حيث جاء في هذا الحديث: "أخبرنا مَالِكٌ حدثنا يحيى بن سَعِيدٍ أنّه سَمِعَ سَعِيد بن الْمُسَيَّبِ يقول لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ من مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةً بَطْحَاءَ ثُمَّ طَرَحَ عليها رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ فقال اللهمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَضَعُفَتْ قُوَّتِي وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غير مُضَيِّعٍ وَلاَ مُفَرِّطٍ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَ الناس فقال أَيُّهَا الناس قد سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ وَفُرِضَتْ لَكُمُ الفرائض وَتُرِكْتُمْ على الْوَاضِحَةِ إلا أن تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالاً وَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الأُخْرَى ثُمَّ قال إِيَّاكُمْ أن تَهْلِكُوا عن آيَةِ الرَّجْمِ أن يَقُولَ قَائِلٌ لاَ نَجِدُ حَدَّيْنِ في كِتَابِ الله فَقَدْ رَجَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَوْلاَ أن يَقُولَ الناس زَادَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ في كِتَابِ الله تَعَالَى لَكَتَبْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ فإنَّا قد قَرَأْنَاهَا، قال سَعِيدُ بن الْمُسَيَّبِ: فما انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حتى قُتِلَ عُمَرُ -رَحِمَهُ الله-.(50) وقد ناقشنا هذا الخبر أو الأثر مناقشة مستفيضة تناولنا فيها سنده ومتنه، وذلك في دراستنا قيد الإنجاز في "حد الرجم" نورد شيئا مما قلناه هناك:

1- الحديث نسبوا إلى سعيد بن المسيب روايته عن عمر، وسعيد قد ولد قبل استشهاد عمر بسنة واحدة، وذلك يعني أنه يستحيل على مثله التحمّل والأداء. إذن فهناك حلقة مفقودة، فما هي؟.

2- إنَّنا لا ننفي عن هذا الإصحاح -من إصحاحات التوراة كونه منها؛ ولكنّنا ننفي عنه- القرآنيّة، بل نذهب إلى استحالة ذلك. ونؤكد استحالة أن يكون حديثا من أحاديث أفصح من نطق بالضاد، فلفظ الحديث "يبدأ بالشيخ والشيخة.. "، ولم يعرف في العربية، ولا في الاصطلاحات الفقهية أنَّ الشيخوخة تفيد الإحصان(51).

3-إنَّ القرآن حين ذكر جريمة السرقة بدأ بذكر الذكر "السارق والسارقة"، لأنَّ الغالب أن تقع السرقة من الرجال، وأما الزِّنا فإنَّ القرآن قد بدأ بذكر الزانية لتوقُّف هذه الجريمة على استعدادها ورضاها.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:20 pm

إلى غير ذلك من مناقشتنا للمتن والسند فليحرص على الرجوع إليه في ذلك البحث.

3. قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (النساء:43) قيل: إنّها نسخت بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة: 90)

ونحن نرى أنَّ الآيتين كل منهما قد وردت في موضع منفصل عن موضع الآية الأخرى وعلى مورد مغاير؛ فالآية الأولى منعت الإنسان من أن يصلي وهو سكران، فموضوعها حينما نريد تحديده إنما هو "صلاة السكران"؛ لأنَّ السكر لا يتناسب والصلاة التي يفترض أن يقوم الإنسان بها بكامل وعيه مستجمعا كل طاقاته العقليَّة والنفسيَّة ليتحقق بالفهم لما يقرأ، والفهم لما يفعل، والخشوع الذي هو لباب الصلاة، والذي يجعل منها شيئا ينهى عن الفحشاء والمنكر؛ فالنهي منصبٌّ على منع الصلاة للسكران.

وأما الآية الثانية: فموضوعها بيان حكم مجموعة من موروثات الجاهليَّة، منها الخمر ومعها الميسر والأنصاب والأزلام، فانصبت على منع ممارسة أي شيء من ذلك، وضرورة اجتناب كل هذه المحظورات، فلا تشترى ولا تباع ولا تُصنَّع ولا يجري تداولها، فما هو مأمور باجتنابه هو غير ما نهي عنه في الآية الأخرى؛ فالجهة منفكة تماما، ولكن حديث أمنا عائشة في البخاري هو الذي أوحى بفكرة التدرُّج، وهو في الحقيقة تدرُّج في التربية والاستعداد، وتهيئة نفسيَّة الإنسان لقبول هذا التغيير في نظم حياته.

4. قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَّكُن مِّنْكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ . الآَنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنْكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}(الأنفال: 65- 66) هاتان الآيتان وردتا في سورة الأنفال، وسورة الأنفال اشتملت على آيات كثيرة تنبه إلى أنَّ السياق سياق تشجيع وتعبئة نفسيَّة للمؤمنين؛ فقد سبقت هذه الآيات آيات أخرى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ . وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ . إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال: 9- 12)،




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:20 pm

{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمْرِ وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ . وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} (الأنفال: 43- 44) فسياق السورة كله يدور حول رفع معنويات المسلمين الذين وجدوا أنفسهم في معركة لم يكونوا يتوقعون حدوثها، بل كانوا لا يريدونها، كما قال تعالى { كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } (الأنفال: 5) وبالتالي فهذا كلُّه يؤكد أنَّ هذه السورة الكريمة هي سورة تعبئة للجماعة المسلمة لتحقق نصرا بإذن الله يغيِّر من موازين القوى على مستوى الجزيرة العربية كلها، ويفتح أمام الإسلام سائر الأبواب المغلقة، ويزيل كثيرا من العقبات، فأعطوا هذا السقف، وربطوا بأنَّ تغلبهم على عدوهم أمر لا بد أن يتحقق بإذن الله، ولأنَّ عدوهم وصف {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} فالتفوُّق حاصل بقطع النظر عن العدد الذي لم يلتفت سياق السورة إليه كثيرا، فإدخالها في مجال الأعمال التكليفية أمر لم يكن واردا، خاصة أنه ما من فعل تكليفي إلا وقد علَّقه الله تبارك وتعالى -فضلا منه ونعمة- بالاستطاعة بما في ذلك التقوى، ورفع الحرج وعدم تكليف ما لا يطاق في الحروب القائمة على المسايفة تعتبر العشرة عددًا كبيرًا مقابل الواحد، وفي بدر نفسها التي جاءت السورة الكريمة لتبين لنا ما جرى فيها لم يكن التفوق العددي للمشركين يتجاوز (ثلاثة إلى واحد)، ومع ذلك أيَّد الله -تبارك وتعالى- بكل ما أيَّد عباده المؤمنين به.

5. قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المجادلة: 12-13).

ذهب جمهرة العلماء إلى أن الآية الأولى منسوخة، واختلفوا في ناسخها، فروى الطبري وابن عباس أنها نسخت بالزكاة، وروى عن عكرمة والحسن البصري أنها نسخت بالآية التالية لها، كما أنهم اختلفوا في وقت النسخ، فقال أبو حيان: إن هذا الحكم نسخ قبل العمل به، وقال قتادة: عمل به ساعة من نهار، وقال مقاتل: عمل به عشرة أيام، فانظر الطبري ( 28 /15)، وأبو حيان في البحر (8/237).

وأما الإمام الرازي فقد علل الأمر بتقديم الصدقة بأن الحاجة كانت ماسة إلى تمييز المنافقين عن المؤمنين، فإن المنافقين لا يتوقع منهم أن يقدموا صدقة ليناجوا الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعللها آخرون بأن الله -سبحانه وتعالى- رأفة بنبيه الذي أكثر الناس عليه، وكان كل منهم يحرص على مناجاته أنزل هذا الأمر نوعا من التقييد لذلك، ولهم في ذلك أقوال كثيرة وتعليلات مختلفة، ومنها أن الصدقة التي أمر بها أمر بها على سبيل الاختيار والندب، وأنها غير محددة المقدار ولا النوع، ويمكن أن تكون ذكرا –أي أمرًا معنويا- ويمكن أن تكون أمرا ماديا، وأن الذي أثار شبهة النسخ في هذه الآية هو تصور أن الله -تبارك وتعالى- أراد أن يؤدِّب الناس ليعاملوا رسوله الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم- كما تعامل الشعوب من حول الجزيرة ملوكها وأباطرتها ليدركوا هيبتهم وعظمتهم، وعدم سهولة الوصول إليهم، وهذا أمر لا يمكن أن يكون مقصودا للشارع الحكيم الذي ميَّز بين رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين أولئك الملوك والحكام، ولكن لا يبعد -بالرغم من ذلك- أن يقيس الناس النبي الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- على من حولهم من عظماء، ألم يقل مشركو مكة { لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ( الزخرف: 31) فكأنه قيل: إنَّ هذا النبي الكريم أعظم من كل أولئك الذين يشيرون إليهم، وفي تقديم الصدقة قبل مناجاته - صلى الله عليه وآله وسلم- إعداد وتربية للجماعة المؤمنة على أفضل أنواع السلوك معه بأن لا ينادوه من وراء الحجرات، وأن يلتزموا أرقى أنواع السلوك في تعاملهم معه، فإنه حتى لو قدموا بين يدي نجواهم صدقات فليس ذلك بكثير عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- خاصة وأن فوائد ذلك إنما تعود عليهم أولا وآخرا، ففقراؤهم هم المستفيدون بتلك الصدقة، وقوله تعالى { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ} ليست بناسخة لما سبقها، بل هي محكمة إحكامها، ومتممة لمعانيها، فإن كثيرا من الناس قد أشفقوا على أن ذلك قد يحرمهم من مناجاة نبيهم الذي هو أحب إليهم من نفوسهم لقلة ذات اليد(52) وقد يستأثر بملاقاته ومناجاته الأغنياء، ولذا قال تعالى {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ }ثم أردفها بقوله -جل شأنه- (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فكأنَّه أراد أن يقول إذا كانت الصدقة فيها نوع من الإثبات والدليل على حبكم للرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- واحترامكم له، فإن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله تطهركم وتزكيكم وتجعلكم مؤهلين لمناجاته -عليه الصلاة والسلام- فإنها نوع من اتباعه -صلى الله عليه وآله وسلم- التي تدل على محبتهم المشار إليها في قوله تعالى: { قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} (آل عمران: 31) – ففيها معنى عميق كالمعنى المشار إليه في فهم القرآن الكريم كما قال -جل شأنه-: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} (الواقعة: 79) فالاستفادة بمناجاته -صلى الله عليه وآله وسلم- لا تحصل إلا لقوم تزكوا وتطهروا وتهيئوا لملاقاة المتلقي الأول لكتاب الله -جل شأنه- ففي الآيتين معا تهيئة نفسية على أعلى مستوى لأولئك الذين يريدون مناجاة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ويتأثرون بصحبته ويستفيدون بها، وإذا كانت الصدقة الماديّة قد تكون وسيلة لتمييز المنافق الذي أحضرت نفسه الشح، والذي لا يرى أهمية لمناجاته لرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو غير مؤمن به فإن المؤمنين لا يأتون إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلا بقلب سليم تطهره مختلف أنواع وسائل التزكية والتطهير، فلا ناسخ ولا منسوخ بين الآيتين، وجنس ذلك مراعى في الآداب التي علَّم الله المؤمنين عليها، والآداب التي أمرنا بالتحلي بها عند مقاربة القرآن أو مقاربة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، لكن العقل الفقهي يحرص على الدوام أن يترجم كل شيء إلى حلال وحرام، وأمر ونهي، وناسخ ومنسوخ، وعمليات بناء الأمم وتربيتها لا تتوقف على التقنين الفقهي وحده.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:21 pm

وإذا صحت الآثار التي نقلها بعض المفسرين بأن هذا الأمر قد أريد به تمييز المنافقين عن المؤمنين فإنه لا يعارض ما ذكرنا -بل يعززه- لأن الله - تبارك وتعالى- حين أمر رسوله بأخذ الزكوات علل ذلك بقوله جل شأنه { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} (التوبة: 103) ويكون الأمر بتقديم الصدقة بين يدي النجوى بمثابة القيام بالتزامات لا بد من الوفاء بها قبل لقاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- التي يحدث بها تطهيرهم وتزكيتهم وصلاته عليهم، فأمروا بالتطهر وتهيئة القلوب والعقول والنفوس للقاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بحيث يكونون مؤهلين لاستغفاره لهم، وصلاته عليهم، وتعليمهم وتزكيتهم وتطهيرهم. فالمقصود هو التطهر قبل المناجاة، وهو قصد يمكن تحققه بكل أنواع العبادة، صدقة أو صلاة أو ذكرًا.

وحينما ننظر إلى كل تلك الآيات وترابطها فإننا لا نجد أنفسنا بحاجة إلى الاقتراب من القول بالنسخ أو مجرد إثارته بفضل الله. ومفهوم "الصدقة" مفهوم واسع جدًا فالكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، والكد على العيال صدقة. ويبدو أن البعض قد ذهبت أوهامهم إلى أن الأمر منصرف إلى صدقة المال بخصوصها فحصل لديهم شيء من الإشفاق بأن ذلك قد يحول بين الفقراء، ومناجاته -صلى الله عليه وآله وسلم- فطمأنهم القرآن بأن الله –جل شأنه- يتوب عليهم، ويطهرهم بأي نوع من البر يفعلونه، ويعدهم نفسيا لمناجاة رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- بحيث يتلقون ما يتلقونه منه بالجدية اللازمة. والله أعلم.

6- قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً . نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} (المزمل: 1-4).

زعم القائلون بالنسخ أن هذه الآيات الثلاث قد نسخت بقوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (المزمل:20).

واختار القول بالنسخ ابن سلامة وابن حزم والخازن والكلبي والفيروز آبادي والشنقيطي وبعض المحدَثين مستدلِّين بروايات عن عائشة وابن عباس والحسن وعكرمة ومقاتل والشافعي وابن كيسان. ورد القول بالنسخ الحسن وابن سيرين وسعيد بن جبير والطبرسي وآخرون. ووقف مجموعة من المفسرين موقف الحيدة بين الفريقين فلم يذهبوا إلى القول بالنسخ ولم يردوه، ويمكن أن نضع من بين هؤلاء الماوردي والزمخشري والرازي والقرطبي والبيضاوي والنيسابوري والبغوي والألوسي والشوكاني ومن إليهم. ومن بين هؤلاء أناس لم يشيروا إلى قضية النسخ في هذه الآيات ومنهم الإمام الطبري وابن العربي وأبو حيان وابن كثير وغيرهم.

ونحن لا نرى ما يسوغ الحديث عن وقوع نسخ بين الآيات الثلاث المذكورة، وما زعم أنَه ناسخ لها { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ...} ذلك أن كل ما في الأمر أن هذه الآيات من أوائل آيات القرآن الكريم نزولا على الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأن الوحي وتلقيه وعملية تبليغه للناس وتلاوته عليهم وتعليمهم وتزكيتهم به كل هذه الأمور أمور في غاية الخطورة والأهمية، يعجز البشر بطاقاتهم المحدودة وقدراتهم عن القيام بها، والنهوض بأعبائها، فهي تحتاج إلى معية الله -تبارك وتعالى- في كل منها والارتباط الدائم به، والحضور الدائم بين يديه -سبحانه وتعالى- وذلك لا يتحقق إلا بالصلة الدائمة به – سبحانه- الصلة المستمرة التي لا تنقطع بحال من الأحوال، ولذلك فإن الأمر في هذه الآيات قد علل بقوله تعالى { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً} (المزمل:5)؛ أي إن من شأنه أن يحتاج منك إلى أن تكون في معية الله -تبارك وتعالى- على الدوام، فأمر -عليه الصلاة والسلام- بأن يقوم الليل، ويكون على ذكر دائم لله -تبارك وتعالى-، يذكره في نفسه تضرعا وخفية، ويذكره بين الملأ، ويذكره قائما وقاعدًا وعلى جنبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- وهناك أصحاب كرام كانوا يحيطون به -صلى الله عليه وآله وسلم- يقتدون به ويتبعونه ويتأسون به لا يسألون عما إذا كان واجبًا عليهم أو مندوبا أو غيره فالمهم عندهم اتباعه -صلى الله عليه وآله وسلم- في كل ما يأتي وما يدع، وما يفعل وما يصنع، فأراد الله -تبارك وتعالى- أن يدرك هؤلاء برحمته فبيّن لهم أنه يعلم الفرق بين نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين غيره، ولذلك يمكن أن تخرَّج على ما جرى بالنسبة لصلاة التراويح وقيام رمضان؛ فرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين رأى الأصحاب قد انضموا إليه في صلاة التراويح امتنع عن الذهاب إلى المسجد وقال: "خشيت أن تفرض عليكم" (53)، فقيام الليل كان مفروضا على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأنه من ضرورات التأهيل لتلقي القول الثقيل، ولذلك قال تعالى: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} (الإسراء:79)، وبقي بالنسبة للأمة أمرا مندوبا إليه وما زال يمارسه كثير من المسلمين ويعتبرونه من أهم وسائل التزكية وتطهير النفس والتقرُّب إلى الله -تعالى-، والعلاقة بالله -تبارك وتعالى- كما رسمها القرآن العظيم علاقة لا تخضع لقضايا التقنين الفقهي والأحكام التكليفية وما إليه، بقدر ما تخضع للعلاقة القائمة على حب الله -تعالى- والرغبة إليه، وطلب القرب منه وحب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- والتأسي به فلا داعي لتحويل كل شأن إلى نوع من العلاقة القانونية والفقهية التي تخضع للناسخ والمنسوخ، ورسول الله كثيرا ما كان يواصل وينهى الآخرين عن الوصال، ويقول: (لستم مثلي إنِّي أبيت يطعمني ربي ويسقيني)(54)، فهو يتحمل ما لا يتحمله الآخرون، ورأفته ورحمته بهم مستمدة من رحمة الله -تبارك وتعالى- بهذه الأمة، وبالتالي فإن السورة محكمة –كلُّها- ليس فيها ناسخ ولا منسوخ.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:21 pm

النسخ وصفة القدم:

القرآن كلام الله -تعالى- قديم غير مخلوق، وأخطر المعارك الفكرية التي وقعت في تاريخنا تلك المعركة التي ما زالت آثارها عالقة في تراثنا الفكري، وهى التي عُرفت بمعركة "خلق القرآن" يوم ذهب المعتزلة إلى القول بالخلق، وخالفتهم الأمة -كلها- في توكيد قدم القرآن المجيد وإطلاقه ونفي تاريخانيته، وأنه كلامه -تعالى- غير مخلوق. ولقد دفع بعض علماء الأمة حياتهم ثمنا لذلك، ودفع بعضهم حريتهم في هذه المعركة، ولم يسأل المسرفون في دعاوى "النسخ" أنفسهم حول مدى قيمة أو أهمية هذه القضية إذا قيل بالنسخ خاصة نسخ التلاوة، وكيف يستقيم لهم القول بالنسخ والقول بقدم القرآن المجيد في وقت واحد؟ إنها عقلية التجزئة، تقول القول، وتتجاوز لوازمه المنطقية، أو تتغافل عنها لعدم الخضوع لمنهج صارم يضبط حركة العقل الإسلامي وهو يقرأ الخطاب القرآني.

والعجب من الأشاعرة ومن إليهم من القائلين "بالكلام النفسي" كيف يتقبلون القول "بنظرية النسخ" ويروِّجون لها مع القول "بالكلام النفسي"، الذي اعتمدوه لتوكيد صفة القرآن المجيد الأساسية ألا وهي "القدم"، مقابل القول "بخلق القرآن" الذي تبنته المعتزلة، فإن القدر المشترك بين سائر معاني النسخ التي ذكروها "كالرفع والبيان والنقل والإزالة والتبديل والإبطال وما إليها" وغيرها إنما هو "التغيير"؛ ففي كل تلك المعاني تغيير ما، وهذا يتنافى مع القول "بقدم القرآن" باعتباره كلام الله -تعالى- وصفة من صفات ذاته العلية لا يقبل التغيير، والفوائد والحكم التي ذكروها للنسخ لا تكفي للتخلص من هذا الإشكال، فإما القول بقدم القرآن، -وآنذاك- لا بد من نفي النسخ كليا بسائر معانيه، أو تحويل كل ما ادّعي وقوعُ النسخ فيه إلى أمور أخرى يمكن أن تشكل أدوات لفهم المجتهد، لا أحكاما تسري على الخطاب القرآني، ولا تتناقض واتصافه "بالقدم"، كأن يعتبر النصان المتعارضان أو المتعادلان -في ذهن المجتهد- من قبيل عام وخاص، فيخصَّص العام بالخاص، أو يقيّد المطلق بالمقيَّد، أو يبيّن المجمل بالمبيّن، أو نحو ذلك مما لا يعد تغييرًا ولا يخل بصفة القدم أو يعارضها.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:21 pm

* نقول فيها نظر

هناك نقول متناقضة مهدَّت لنظرية النسخ التي رأيت ما فيها لروايتها وتداولها واستمرار تناقلها جيلا بعد جيل وقد نقل السيوطي(55) روايات كثيرة في هذا الصدد منها:

قال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: "لا يقولَنَّ أحدكم قد أخذت القرآن -كله-، وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن قد أخذت منه ما ظهر" (). وقال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: "كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن"(57)!!.

وقال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن المبارك بن فضالة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال في سورة الأحزاب: "اثنتان وسبعون آية أو ثلاث وسبعون آية، قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم، قلت: وما آية الرجم، قال: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم" (58).

وقال حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت:" لقد أقرأنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة بما قضيا من اللذة"(59).

وأخرج ابن الضرير في فضائل القرآن عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب في الناس، فقال: "لا تشكُّوا في الرجم فإنَّه حق، ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبَّي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا استقرؤوها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فدفعت في صدري وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر"، قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهو الاختلاف(60)؟ أهو الاختلاف يا حافظ الأمة أم الاختلاق؟.

وقال حدثنا حجاج عن أبى جريح أخبرني ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس قالت: "قرأ على أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة: { إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولى، قالت قبل أن يغير عثمان المصاحف"(61).

وقال حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا أوحى إليه أتيناه فعلمنا ما أوحى إليه، قال: فجئت ذات يوم فقال: إنَّ الله يقول: "إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو أنَّ لابن آدم واديا لأحب أن يكون إليه الثاني، ولو كان إليه الثاني لأحب أن يكون إليهما الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب"(62).

وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبى بن كعب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ، "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين" ومن بقيتها: لو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه سأل ثانيا فأعطيه سأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب، وأن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية والنصرانية ومن يعمل خيرًا فلن يكفره"(63).

وقال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أبى حرب بن أبي الأسود عن أبي موسى الأشعري قال: "نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب"(64).

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال: كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات نسيناها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة(65).

وقال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن سعيد عن الحكم ابن عتيبة عن عدى بن عدى قال: قال عمر "كنَّا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم، ثم قال لزيد بن ثابت: أكذلك؟ قال نعم"(66).

وقال حدثنا ابن أبي مريم عن نافع بن عمر الجمحي حدثني ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف ألم تجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنَّا لا نجدها؟ قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن(67).

وقال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري عن أبي سفيان الكلاعي أنَّ مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين من القرآن لم يكتبا في المصحف، فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال ابن مسلمة: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون، والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون(68).

وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فذكرا له ذلك فقال: إنها مما نسخ فالهوا عنها(69).

وفي الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا وقنت يدعو على قاتليهم، قال أنس: ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع: أن بلغوا عنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا.

وفي المستدرك عن حذيفة قال: ما تقرءون ربعها، يعني براءة(70)، قال الحسين بن المناري في كتابه الناسخ والمنسوخ: ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتي القنوت في الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد(71).

وبعد: فإن إشكالية "النسخ" لا تنفصل عن قضايا جمع القرآن وتاريخه وتدوينه وأسباب نزوله وقراءاته وتناقله، ومن المتعذر تصور جوانبها – كلِّها – دون الإحاطة بذلك كلّه، والنظر فيه بشكل منطقي مترابط، وكذلك النظر في اختلافات الصحابة في تلك المرحلة، ومآخذ بعضهم على سيدنا عثمان، ومآخذ بعضهم على اللجنة التي شكّلها لكتابة القرآن في المصاحف، وتنافسهم في نيل ذلك الشرف، وما ورد من اعتراضات على عثمان وزيد من قراء آخرين مثل ابن مسعود وابن عباس وسواهما، فكل ذلك لا بد أن يؤخذ بنظر الاعتبار، وكذلك لا بد أن يؤخذ بنظر الاعتبار تناول البعض من الذين اطّلعوا على بعض مصاحف الصحابة، والخلط بين ما كتبوه باعتباره قرآنا يتلى وبين ما كتبوه تعليقا واستنباطات فقهية، أو تفسيرات وتأويلات لهم، وتلك مصاحف شخصية كان كل واحد من الصحابة يحتفظ بمجموعة من السور في مصحفه، إما لكونه لا يحفظها في ذاكرته، أو لأنه كتبها أمام الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-، مثل مصحف ابن مسعود الذي كان يشتمل على سبعين سورة، ومصاحف آخرين من الصحابة كانت تشتمل على سور معينة.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:22 pm

كذلك لا بد أن يأخذ الباحث في هذه المسائل بنظر الاعتبار الخلافات التي ثارت بين أهل الشام وأهل العراق والتي جعلت حذيفة وغيره يهربون إلى عثمان بحثا عن علاج لتلك الظواهر التي بدأت تبرز وتنميها الفتن، وتقويها الاختلافات، ولو أن علماء القرآن وعلماء أصول الفقه التفتوا إلى مثل هذه الأمور التي لا يستطيع أن يتجاهلها أي مهتم "بعلم الاجتماع الديني" و"علم اجتماع المعرفة" الذي نبَّه كثير من أئمتنا إلى قواعده، بدءا بالإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري، وانتهاءً بابن خلدون وابن تيمية ومن إليهم، ولذلك فإن لنا كبير الأمل في أن ترفع تلك الروايات الغثيثة في قضايا "الناسخ والمنسوخ" من برامج التعليم في "علوم القرآن وفي علم أصول الفقه"، وتحال مسائلها إلى التراث الذي يرجع إليه الباحثون المتعمقون والمتخصصون في هذه المجالات، لمعرفة كيف تنعكس مشاكل المجتمعات وتطور الفتن على مواقفها من مرجعيتها وأصول تلك المرجعية، ويعرف الناس ما حاكه الكفار والمشركون والمنافقون والمغفلون من شبهات حول القرآن المجيد.

ولعلنا في هذا الذي قدمناه قد رسمنا معالم منهج في المراجعات التي نحتاجها لمراجعة كثير من جوانب تراثنا، مراجعة علمية منهجية، لعلها تساعد على تنقية هذا التراث مما أصابه، والتصديق عليه بالقرآن المجيد والهيمنة عليه، واستيعاب ما يصدق القرآن عليه وتجاوز ما لا أصل له، لعل ذلك يعيد إلى العقل المسلم فاعليته وتألقه وقدرته، وثقته في تراثه، ويعيد بناء الشخصية المسلمة بناء يتسم بتحقيق الإرادة والفاعلية، وبناء قواعد الشرعية، والله الموفق.

لقد حفظ الله القرآن المجيد من داخله، ولم يتركه لروايات الرواة حفظوا أو نسوا، ولم تتكرر معه تجربة الاعتماد على ذاكرة وحفظ الربانيين والأحبار الذين فرطوا بالكتب السابقة وأضاعوها، بل جعل نظم القرآن نفسه حافظا له من داخله والله تولى حفظه من خارج، والنظم قد جعل القرآن كله قولاً واحدًا متصلاً يتمتع بوحدة بنائية تلمسها في محدِّدات منهاجية دقيقة، وجعل كل سورة من سوره بمثابة غرفة في البناء الواحد متكاملة لا نقص فيها، لها عمودها الذي تدور حوله أجزاؤها من الحرف حتى الآية الكاملة، وكل السور بعد ذلك تمثِّل كلمة إلهية واحدة، ترفض التأويلات المنحرفة والتفسيرات الشاذة، والقراءات المبتورة إذا أحسن الناس تدبُّره والكشف عن خصائص نظمه.

لكن الرزيَّة كل الرزيَّة جاءت من تلك القراءات المبتورة التي يمكن أن توصف "بالتعضية" والتجزئة، والتي تجعل القارئ كثيرًا ما ينسى أجزاء، ويتذكر أجزاء أخرى { فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ...} ( المائدة:14) إن القراءات المبتورة جعلتنا نختلف في تفسيرنا للقرآن وفهمنا له، وننقسم حول معانيه وندخل مراحل الفتن والصراع المختلفة، ولم يعد القرآن بالنسبة لنا حبل الله المتين الذي نعتصم به فتجمع كلمتنا عليه.

إن القول بالنسخ وبالطريقة التي سار عليها المتأخرون من علماء الأصول والقرآن والتفسير تطرح تساؤلات في غاية الخطورة، ولذلك فلا بد من التوقف عن الأخذ به أو قبوله بأي حال من الأحوال. ولعل من بين هذه التساؤلات:

1. إذا قلنا بالنسخ في تلك الفترة الزمنية المحدَّدة فترة المدينة أفلا يستدرجنا ذلك إلى القول بالنسخ، أو التوقف عن التطبيق أو استبدال تلك التشريعات التي مضت عليها القرون تشريعات أخرى مغايرة؟ لذات الأسباب التي ذكرت لتسويغ النسخ في عصر النبوة؟.

2. كيف يقع النسخ داخل الآية الواحدة، والقرآن خصه بالآية "مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ" على فرض أنَّ المراد هو الآية القرآنية وليس المراد جزءا من آية على مذهب القائلين بالنسخ لو تنزلنا للتسليم به؟.

3. كيف يقع النسخ بين نصيَّن مختلفي المرتبة والنسبة؟ (موضوع نسخ الكتاب بالسنَّة والعكس)؟.

4. كيف يُدّعى النسخ بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وبمثل تلك الرايات المتهافتة؟.

5. كيف ينسخ النص القرآني الثابت القطعي بأخبار آحاد لم تثبت وفي كل منها مقال؟ خاصة وقد أكد العلماء عدم جواز نسخ القرآن بأحاديث الآحاد، وفي مقدمتهم أولئك القائلون بالنسخ!!.

6. كيف يعدون ما ليس فيه إعجاز، ولا ما يقرب منه قرآنًا؟.

7. كيف ينسخ القرآن المتواتر المتلو بمروي لا يتجاوز في حالة صحته أن يكون خبر آحاد، أورده صاحبه بالمعنى أخطأ في فهمه أو نسي؟ وكيف يحكم بمثل هذا على كتاب الله المتحدي المعجز الذي { لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء: 88).

لذلك فإن أملنا كبير أن يرفع هذا الموضوع من برامج التعليم في سائر المؤسسات التعليمية التي ينبغي أن تكون مهمتها -على الدوام- تعزيز الإيمان بالقرآن المجيد وتحديه وإعجازه وإطلاقه وهدايته للتي هي أقوم في كل شيء، وأن كل ما فيه -من حرف وكلمة وآية أو بعض آية- إنما هي صادرة عنه -سبحانه وتعالى- فلا ريب فيه، ولا تناقض ولا اختلاف.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وجلاء همومنا وأحزاننا، ونور أبصارنا وبصائرنا، إنك سميع مجيب.

* أ.د. طه جابر العلواني: رئيس المجلس الفقهي لشمال أمريكا




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:23 pm

* هوامش

[44] وإذا جاريناهم في هذا المنطق فهذا يعني أنَّ عليهم أن يرفضوا رسالة موسى؛ لأنه جاءهم بعد إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف.
[45] صحيح مسلم، كتاب الجنائز، بَاب استئذان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رَبَّهُ في زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ 2/672 رقم 977.
[46] أخرج البخاري بسنده عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- جَاءَهُ جَاءٍ فقال: أُكِلَتْ الْحُمُرُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فقال: أُكِلَتْ الْحُمُرُ فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فقال: أُفْنِيَتْ الْحُمُرُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى في الناس (إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عن لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ)، فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإنهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. صحيح البخاري، كتاب المغازي، بَاب غَزْوَةِ خَيْبَرَ، 4/1539 رقم 3963.
[47] أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق ابن إسحاق قال: "لما انصرف رسول الله e راجعا إلى المدينة من أحد لقيته حمنة بنت جحش فنعي لها الناس أخاها عبد الله بن جحش فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعى لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعى لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت، فقال رسول الله e: إنَّ زوج المرأة منها لبمكان، لما رأى من صبرها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها"، دلائل النبوة (3/301).
[48] المائدة آية (106).
[49] أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ قال: قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم-: "خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قد جَعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ" كِتَاب الْحُدُودِ بَاب حَدِّ الزِّنَى (3/1316، رقم 1690).
[50] انظر موطأ الإمام مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني باب الرجم ص (241) رقم (693) بتعليق وتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف. ط ثانية – المكتبة العلميَّة.
[51] وقد بيَّنا المراد بمفهوم "الإحصان" في دراستنا لحد الرجم، فارجع إليه.
[52] ومن جنسه وينبه إليه شكوى الفقراء من استئثار الأغنياء بالأجور مثل ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: جاء الْفُقَرَاءُ إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ من الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ من أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بها وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، قال (ألا أُحَدِّثُكُمْ بأمر إن أَخَذْتُمْ به أَدْرَكْتُمْ من سَبَقَكُمْ ولم يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ وَكُنْتُمْ خَيْرَ من أَنْتُمْ بين ظَهْرَانَيْهِ إلا من عَمِلَ مثله تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كل صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فقال بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَنَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَرَجَعْتُ إليه فقال تَقُولُ سُبْحان اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ حتى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) صحيح البخاري كتاب الصلاة، بَاب الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ 1/289 رقم 807
[53] أخرج البخاري بسنده عن عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (صلى ذَاتَ لَيْلَةٍ في الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صلى من الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ الناس، ثُمَّ اجْتَمَعُوا من اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أو الرَّابِعَةِ فلم يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلما أَصْبَحَ قال: قد رأيت الذي صَنَعْتُمْ، ولم يَمْنَعْنِي من الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ في رَمَضَانَ) صحيح البخاري أبواب التهجد، بَاب تَحْرِيضِ النبي صلى الله عليه وسلم على صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ من غَيْرِ إِيجَابٍ (1/380 رقم 1077).
[54] أخرجه الإمام البخاري، كتاب الصوم، باب الوصال 4/177.
[55] الإتقان في علوم القرآن (2/66).
[56] الحديث ضعيف فيه عبد الله بن لهيعة ضعيف. انظر الكاشف للذهبي.
[57] الحديث ضعيف فيه عبد الله بن لهيعة ضعيف. انظر الكاشف للذهبي.
[58] فيه عاصم بن بهدلة بن أبي النجود صدوق له أوهام. انظر تقريب التهذيب 1/384، وهذا من أوهامه لأنه لم يتابعه أحد عليه فيكون ضعيفا.
[59] فيه عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث صدوق كثير الغلط. انظر تقريب للتهذيب 1/308
[60] انظر فتح الباري (12/143).
[61] فيه حميدة بنت أبي يونس مجهولة.
[62] صوّب بعضهم أنَّه حديث قدسي أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/218 رقم 21956)، وقال شعيب الأرناؤط: إسناده ضعيف من أجل هشام بن سعيد المدني.
[63] فيه عاصم بن بهدلة بن أبي النجود صدوق له أوهام. انظر تقريب التهذيب (1/384)، وهذا من أوهامه لأنه لم يتابعه أحد عليه فيكون ضعيفا. وهل أراد عاصم برواية هذه الأوهام أن يغرب أو أن يعزِّز توجُّهه في القراءآت، فيضفي على نفسه صفة المحدث تعزيزا لرواياته في القراءآت؟! أو للطعن في عثمان والمصحف الإمام والذين قاموا بكتابته الله أعلم.
[64] فيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف. انظر تقريب التهذيب (2/37 ).
[65] أخرج مسلم بسنده عن أبي الْأَسْوَدِ قال: بَعَثَ أبو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إلى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلَ عليه ثلاثمائة رَجُلٍ قد قرؤوا القرآن فقال (أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقُرَّاؤُهُمْ فأتلوه ولا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ كما قَسَتْ قُلُوبُ من كان قَبْلَكُمْ، وَإنا كنا نَقْرَأُ سُورَةً كنا نُشَبِّهُهَا في الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةَ فَأُنْسِيتُهَا غير أَنِّي قد حَفِظْتُ منها لو كان لابن آدَمَ وَادِيَان من مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا ولا يَمْلَأُ جَوْفَ بن آدَمَ إلا التُّرَابُ، وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كنا نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ فَأُنْسِيتُهَا غير أَنِّي حَفِظْتُ منها ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لَا تَفْعَلُونَ فَتُكْتَبُ شَهَادَةً في أَعْنَاقِكُمْ فَتُسْأَلُونَ عنها يوم الْقِيَامَةِ) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، بَاب لو أنَّ لابن آدَمَ وَادِيَيْنِ لَابْتَغَى ثَالِثًا (2/726 رقم 1050) فأبو موسى هنا شهد على نفسه بالنسيان وقسوة القلب، وكان يحاول أن يقدم لقراء البصرة نصيحة بضرورة تعاهد ما يحفظون من القرآن وعدم إهماله فينسون كما نسي هو وغيره، أفيكون ما بقي في ذاكرته مضافا إليه مزيدا عليه لا يلتقي مع بلاغة القرآن في شيئ حجة على كتاب الله المعجز؟!!
قلت: ولعله يقصد بالسورة الأولى سورة آل عمران لأنَّ هناك رواية أخرى رواها عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/132 رقم 21241 ) قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ القواريري ثنا مسلم بن قُتَيْبَةَ ثنا شُعْبَةُ عن عَاصِمِ بن بَهْدَلَةَ عن زِرٍّ عن أبي بن كَعْبٍ قال: قال لي رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أمرني أن أَقْرَأَ عَلَيْكَ قال فَقَرَأَ عَلَىَّ لم يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا من أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حتى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مَطْهَّرَةً فيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وما تَفَرُّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ الا من بَعْدِ ما جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ غَيْرُ الْمُشْرِكَةِ وَلاَ الْيَهُودِيَّةِ وَلاَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَمَنْ يَفْعَلْ خَيْراً فَلَنْ يُكْفَرَهُ - قال شُعْبَةُ: ثُمَّ قَرَأَ آيَاتٍ بَعْدَهَا - ثُمَّ قَرَأَ لو أنَّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ من مَالٍ لَسَأَلَ وَادِياً ثَالِثاً وَلاَ يَمْلأ ُجَوْفَ بن آدَمَ الا التُّرَابُ قال ثُمَّ خَتَمَهَا بِمَا بَقِىَ منها) قلت: إنَّ أبا موسى أراد أن يؤكد على قراء البصرة ضرورة تعاهد حفظهم للقرآن الكريم وعدم الغفلة عن المراجعة الدائمة لما يحفظون، ويشير من خلال خبرته وتجربته إلى أنه قد نسى سورا كان يحفظها لعدم مداومته على تعاهد = حفظه ومراجعته المستمرة، فكانت النتيجة أنه نسي ما كان يحفظ وبقيت معاني أو رءوس موضوعات فقط في ذهنه، فأراد أن يحذرهم جميعا من الوقوع في مثل ما وقع فيه، ويبدو أنَّ بعضهم قد فاته فهم ما قال ووهم بأنه كان يتحدث عن سور قد رفعت من القرآن، وهو لم يكن يريد ذلك، بل كان يريد أن يقول بأنَّ هذه انمحت من ذاكرته وذهنه وحفظه هو فلم يعد يتذكر منها إلا بعض رءوس الموضوعات الأساسيّة التي علقت بذاكرته وردت فيها، ورءوس الموضوعات التي أشار إليها هي من موضوعات سورة آل عمران التي قد تكون هي السورة التي كان قد نسيها أبو موسى لعدم تعاهده لحفظها، وحملها الرواة الغفلة على ما كان مستقرا في أذهانهم من أن هناك سورا في القرآن أنزلت ثم محيت من أذهانهم ورفعت من مصاحفهم، وليس الأمر كذلك، إذ أنَّ في هذا تأكيدا من أولئك الغفلة على أنَّ القرآن منقوص، وأنَّ ما بأيدي الناس هو ليس كل ما قد أوحي، وهذا كفر صحيح إذا قاله الإنسان بوعي وبقصد، لقوله تعالى " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " (الحجر: 9 ) وقوله تعالى " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ" (القيامة: 17) وقوله تعالى " سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى" (الأعلى: 6) وكل النصوص الدالة على عصمة هذا القرآن وإعجازه وتحديه بنظمه وبأسلوبه، ولست أدري ما الذي ترك هؤلاء للمشركين وأعداء القرآن ونفاة حجيته وحفظه من أقوال، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأما ما نقلوه عنه من قوله "لم تقولون ما لا تفعلون" فواضح أنَّ الرجل بعد أن أقر على نفسه بالنسيان قد ذكر طرفا من آية كما في كتاب الله وهي قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ" (الصف: 2)، وأضاف هو أو أضاف النقلة الغفلة فيه معنى قد قام في ذهنه بأنَّ دعوى الإنسان فعل ما لم يفعل يجعله ملتزما بالفعل الذي دلت دعواه عليه، فإن لم يفعل كان كاذبا، ويكون بمثابة شهادته على نفسه بحيث يسئل عن ذلك يوم القيامة، وذلك يعني أنه ربما كان يحفظ سورة الصف ونسيها لانشغاله بالإمارة عن تعاهد القرآن، فكل ما في الأمر أنه كان خائفا على القراء من أن ينشغلوا عن تعاهد القرآن فينسونه، فأراد تحذيرهم، وبيان تجربته لهم ليأخذوا منه درسا، وليس ما قاله شهادة على القرآن الكريم بالنقص أو التحريف كما ذكر المغفلون أو الحاقدون، وأن ما بقي في ذاكرته مما كان يحفظ معان رواها فيها ألفاظ قرآنية، وفيها معان بقيت في الذهن عبَّر عنها!!.
[66] هذا حديث نبوي أخرجه البخاري قال: حدثنا أَصْبَغُ بن الْفَرَجِ حدثنا بن وَهْبٍ أخبرني عَمْرٌو عن جَعْفَرِ بن رَبِيعَةَ عن عِرَاكٍ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – قال (لَا تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ فَمَنْ رَغِبَ عن أبيه فَهُوَ كُفْرٌ) صحيح البخاري كِتَاب الْفَرَائِضِ، بَاب من ادَّعَى إلى غَيْرِ أبيه (6/2485 رقم 6386)، فكيف يجعلونه من القرآن الكريم؟ ولعل هذا يذكرنا بنهي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن أن يكتب أي شيئ مع القرآن الكريم لئلا تحدث مثل هذه الأوهام ومثل هذا الخلط الذي أدى إلى مثل هذه الدعاوى، بحيث أدرج البعض آراء الصحابة أو فتاواهم التي علقوها على هوامش مصاحفهم - مثل ما أدرجوا ما علقته السيدة عائشة وابن مسعود وغيرهما – وذلك دليل على أنَّ مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ماحقة للبركة، مؤدية للوقوع في المحذور، فلو تمسَّك هؤلاء جميعا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وخافوا من مخالفة أمره لما وقعوا وأوقعوا غيرهم في هذه المشكلات، ولجردوا مصاحفهم من كل ما لا علاقة له بالقرآن، إذ مهما قيل عن أذواقهم البلاغيَّة وفصاحتهم فإنَّ إدمانهم القراءة قد يجعلهم يقولون أو يكتبون عبارات قد توحي للأجيال بعدهم وهي دونهم بكثير في الفصاحة والبلاغة – كما حدث – أنها آيات واردة في مصاحفهم، وهي لم تكن غير تفسيرات = وتعليقات علقوها على مصاحفهم، ظنّاً منهم أنَّ مصاحفهم هذه ستبقى محصورة في الإطار الشخصيّ ولا يطلع عليها سواهم.
[67] إنه يقصد أنها سقطت من حفظه.
[68] فيه ابن لهيعة ضعيف. انظر الكاشف (1/590).
[69] الحديث ضعيف جدا فيه عباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن حنظلة الواقفي متروك الحديث. انظر (تقريب التهذيب 1/293).
[70] أخرجه الحاكم في المستدرك (2/361 رقم 3274 ) وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وهذا وهم منهما، بل الحديث ضعيف لأنَّ فيه عبد الله بن سلمة المرادي، قال فيه البخاري: لا يتابع في حديثه.(تهذيب التهذيب 5/ 213) وفيه - أيضا – القاسم بن الحكم العرني، قال أبو حاتم: لا يحتج به (الجرح والتعديل 7/109)، وقال ابن حجر: صدوق فيه لين (تقريب التهذيب 1/ 449)
[71] هذا الذي ادعاه الحسين بن المنارى ليس عليه دليل إلا زعم البعض أنه كان موجودا في مصحف أبي، وهؤلاء لم يأتوا بدليل، بالإضافة إلى أنَّ القنوت الذي فيه الحفد ليس مأثورا عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-، بل هو مما أثر عن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -، ولعل أبى كان كتبه في مصحفه تعليقا فظنوه قرآناً.

المصدر: إسلام أون لاين





صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (2/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى