شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيرة الشيخ تقي الدين النبهاني رحمة الله

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

سيرة الشيخ تقي الدين النبهاني رحمة الله Empty سيرة الشيخ تقي الدين النبهاني رحمة الله

مُساهمة من طرف هانى الإخوانى الأربعاء يوليو 13, 2011 5:58 am

الجذور…
في قرية "اجزم" الواقعة جنوب مدينة حيفا والتي على أنقاضها أقيمت مستعمرة "كيرال مهرال" سنة 1949م، كانت تعيش أسرة كريمة ذات مكانة علمية ودينية مرموقة هي أسرة النبهاني التي يعود نسبها إلى عشيرة النبهانيين من قبيلة " الحناجرة في بئر السبع".

وبنو نبهان بطن من بني سماك من سلائل لخم المنتشرين في الديار الفلسطينية ولخم هو مالك بن عدي أخو جذام وعاملة وعم كندة، ولخم ذوو شعوب وقبائل كثيرة. وكانت لخم قبل الإسلام منتشرة في الشام والعراق وباديتهما وفي مواقع متعددة من بلادنا فلسطين، وفي أواخر القرن الثاني للميلاد نزلت فرقة من بني لخم جنوبي فلسطين ومن أعظم مفاخرها أن تميم الداري الصحابي المشهور منها.

في هذه العائلة العريقة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ برز عالم جليل أثر أشد التأثير في حياة الشيخ تقي الدين النبهاني الذي نتحدث عنه في هذه الصفحات التاريخية، هذا العالم الشاعر الأديب وأحد رجال القضاء هو يوسف بن إسماعيل النبهاني.

اسمه ومولده ونشأته

هو الشيخ محمد تقي الدين بن إبراهيم بن مصطفى بن إسماعيل بن يوسف النبهاني، ولد في قرية اجزم سنة 1909م أو 1910م ، في بيت علم ودين، حيث كان والده شيخاً متفقهاً في الدين، وكان يعمل مدرساً للعلوم الشرعية في وزارة المعارف الفلسطينية، وكانت والدته على قدر من الإلمام ببعض الأمور الشرعية التي اكتسبتها من والدها الشيخ يوسف النبهاني، وكان جده لأمه الشيخ يوسف النبهاني أحد العلماء البارزين في الدولة العثمانية.
يروي الشيخ أحمد الداعور زميل الشيخ تقي الدين النبهاني في الأزهر الشريف ورفيق دربه لنشر أفكار حزب التحرير عن طفولة تقي الدين : "أن رجلاً بهائياً جاء إلى جده يوسف وهو يحمل رسالة فيها دعوة للبهائية –إحدى الفرق المرتدة عن الإسلام- فنادى الشيخ يوسف على حفيده تقي الدين وطلب منه أن يحضر علبة كبريت ليحرق الرسالة، فسأل تقي الدين جده لماذا تحرقها؟ فأجابه الجد الشيخ: لأنها أحقر من أن أنظر فيها".

لقد كان لهذه النشأة الدينية التي أنشئ عليها الشيخ تقي الدين الأثر البالغ في تكوين شخصيته وتوجيهه الوجهة الدينية، فحفظ القرآن كله غيباً في سن مبكرة وهو لم يتجاوز الثالثة عشر عاماً بعد، وتأثر بوعي جده الشيخ يوسف، واستفاد من علمه الغزير، وأل بالقضايا السياسية الهامة التي كان لجده دراية بها من خلال صلته الوثيقة برجال الحكم في الدولة العثمانية، كما أنه أفاد من حضور المجالس والمناظرات الفقهية التي كان يعقدها جده الشيخ يوسف النبهاني، وقد لفت نظر جده نبوغته ونباهته، عندما كان يشارك في مجالس العلم، فاهتم به اهتمامً كبيراً وأقنع والده بضرورة إرساله إلى الأزهر لمواصلة تعليمه الشرعي.

علمه ودراسته

تلقى مبادئ العلوم الشرعية على والده وجده، وحفظاه القرآن الكريم وهو دون سن البلوغ، إلى جانب دراسته في المدارس النظامية الحكومية، حيث درس فيها الابتدائية، وذلك في مدرسة قرية اجزم، ثم انتقل إلى مدرسة عكا لمتابعة دراسته الثانوية، ولم يكمل الثانوية النظامية في عكا، وإنما سافر للقاهرة بغية الالتحاق بالأزهر الشريف تحقيقاً لرغبة جده الشيخ يوسف النبهاني، وبالفعل التحق الشيخ تقي الدين بالثانوية الأزهرية عام 1928م، واجتازها في نفس العام بتفوق فنال شهادة الغرباء، والتحق إثرها بكلية دار العلوم والتي كانت آنذاك تتبع الأزهر، وإلى جانب ذلك كان يحضر حلقات علمية في الأزهر الشريف على شيوخ أرشده إليهم جده من مثل الشيخ محمد الخضر حسين -رحمه الله- حيث كان نظام الدراسة القديم في الأزهر يسمح بذلك. ورغم جمع الشيخ النبهاني بين النظام الأزهري القديم، وبين دار العلوم فإنه أظهر تفوقاً وتمايزاً في جده واجتهاده، ولفت أنظار أقرانه ومعلميه لما عرف عنه من عمق في الفكر ورجاحة في الرأي وقوة الحجة في المناقشات والمناظرات الفكرية التي كانت تعج بها معاهد العلم آنذاك في القاهرة وغيرها من بلاد المسلمين.

شهاداته العلمية

الشهادات التي يحملها الشيخ النبهاني هي الثانوية الأزهرية، وشهادة الغرباء من الأزهر، ودبلوم في اللغة العربية وآدابها من كلية دار العلوم في القاهرة، وحصل من المعهد العالي للقضاء الشرعي التابع للأزهر على إجازة في القضاء، وتخرج من الأزهر عام 1932م حاصلاً على الشهادة العالمية في الشريعة.

المجالات التي عمل فيها

يقول الأستاذ إحسان سمارة في كتابه مفهوم العدالة الاجتماعية في الفكر الإسلامي المعاصر: "رجع الشيخ تقي الدين النبهاني إلى فلسطين عقب إنهاء دراسته ليعمل في وزارة المعارف الفلسطينية، مدرساً للعلوم الشرعية في مدارس حيفا الثانوية النظامية، إلى جانب تدريسه في المدرسة الإسلامية بحيفا، وقد تنقل في أكثر من مدينة وأكثر من مدرسة منذ سنة 1932م، وحتى سنة 1938م، حيث قدم طلباً للمحاكم الشرعية، لأنه كان يفضل العمل في مجال القضاء وذلك لأنه يرى أن التأثير الغربي الاستعماري في التعليم أكثر نه في القضاء لا سيما الشرعي منه، وفي هذا الصدد يقول النبهاني -رحمه الله- : (… أما الفئة المثقفة فإن الاستعمار في مدارسه التبشيرية قبل الاحتلال، وفي المدارس كلها قبل الاحتلال قد وضع بنفسه مناهج التعليم والثقافة على أساس فلسفته هو، وحضارته… ومفاهيمه الخاصة عن الحياة. ثم جعل الشخصية الغربية الأساس الذي تنتزع منه الثقافة… كما جعل تاريخ الغرب ونهضته المصدر الأصلي لما نحشوا به عقولنا…).

لهذا فإن الشيخ تقي الدين النبهاني آثر الابتعاد عن المجال التعليمي في وزارة المعارف، وراح يفتش عن عمل آخر يقل فيه النفوذ الغربي فما وجد أفضل من المحاكم الشرعية التي كان يرى فيها أنها تطبق الأحكام الشرعية، فيقول النبهاني: (… أما النظام الاجتماعي الذي يعين علاقة الرجل بالمرأة، وما يترتب على هذه العلاقة أي الأحوال الشخصية، فإنها لا تزال تطبق -الشريعة الإسلامية- حتى الآن رغم وجود الاستعمار ووجود حكم الكفر، ولم يطبق غيرها مطلقاً حتى الآن…) وعليه فإن النبهاني حرص على العمل في مجال المحاكم الشرعية التي كان يعمل فيها العديد من زملائه الذين درسوا معه في الأزهر الشريف وبمساعدتهم تم تعيينه كاتباً في محكمة بيسان، ثم نقل إلى طبريا، غير أن طموح النبهاني وتطلعه إلى القضاء دفعاه أن يتقدم إلى المجلس الإسلامي الأعلى بمذكرة يطلب فيها إنصافه وإعطائه حقه حيث يرى في نفسه الكفاءة لتولي منصب القضاء ولما نظر المسؤولين في طلبه قرروا نقله إلى حيفا بوظيفة رئيس كتاب (باش كاتب) في المحكمة الشرعية بحيفا، ثم عين في سنة 1940م بوظيفة (مشاور) أي مساعد قاضي، وبقي في تلك الوظيفة حتى سنة 1945م، حيث نقل قاضياً لمحكمة الرملة وبقي فيها حتى سنة 1948م، وبعدها خرج من الرملة إلى الشام على أثر سقوط فلسطين في يد اليهود. وفي نفس العام أرسل إليه صديقه الأستاذ أنو الخطيب برسالة يطلب منه فيها الرجوع إلى فلسطين ليعينه قاضياً لمحكمة القدس الشرعية، فاستجاب النبهاني وعين قاضياً لمحكمة القدس الشرعية سنة 1948م، ثم اختاره مدير المحاكم الشرعية ورئيس محكمة الاستئناف آنذاك سماحة الأستاذ عبد الحميد السائح عضواً في محكمة الاستئناف، وبقي في هذا المنصب حتى سنة 1950م، حيث قدم استقالته إثر ترشيح نفسه في المجلس النيابي، وفي عام 1951م قدم النبهاني إلى عمان حين عرض عليه إلقاء محاضرات على طلبة المرحلة الثانوية بالكلية العلمية الإسلامية، واستمر فيها حتى بداية سنة 1953م حيث تفرغ للحزب الذي أنشأه ما بين سنة 1949، سنة 1953م".

ويذكر الشيخ عبد العزيز الخياط أن الشيخ تقي الدين اشتغل مدرساً للعلوم الشرعية في دائرة المعارف الفلسطينية وليس وزارة المعارف الفلسطينية كما ذكر، ويضيف قائلاًً : "تعليل تفضيل العمل في المحاكم الشرعية على العمل في وزارة المعارف لدى الشيخ تقي الدين غير صحيح إذ أن معرفتي بالشيخ تدل على خلاف هذا وكثيراً ما كان يحث الشباب على التدريس والعمل بالتعليم ليتمكن المعلمون من غرس الأفكار الإسلامية في عقول الشباب ونفوسهم، ومحاربة الاغتراب في المناهج والكتب المدرسية. وفي رأيي أنه اختار العمل بالمحاكم الشرعية لأنها كانت متطلع المتخرجين من الأزهر في ذلك الوقت من حيث الراتب والاستقلال عن سيطرة حكومة الانتداب في فلسطين".

أما السيد زياد سلامة فيذكر تسلسلاً آخر للمجالات التي عمل بها الشيخ تقي الدين النبهاني وذلك بعد متابعته الأمر من خلال سجلات المحاكم الشرعية في فلسطين حيث يقول: " بعد أن عاد النبهاني من الأزهر عام 1932م عمل مدرساً في مدارس حيفا (وكان من تلاميذه الأستاذ إحسان عباس) ثم عمل في مدرسة الخليل الثانوية حتى عام 1938م ثم انتقل النبهاني إلى القضاء فعين كاتباً في بيسان ثم انتقل إلى طبريا ومن عام 1940م وإلى عام 1942م كان كاتباً في محكمة يافا ثم نقل إلى محكمة حيفا ليعمل بها رئيس كتاب حتى 28/4/1945م ومن 29/11/1945م وحتى 20/12/1945م كان في وظيفة مشاور في محكمة القدس الشرعية ثم انتقل إلى محكمة الخليل الشرعية قاضياً حتى 1/2/1947م ، وبعدها عمل لمدة أربعة أيام فقط قاضياً لمحكمة القدس الشرعية، ثم عين في نهاية عام 1948م في محكمة الاستئناف الشرعية وعمل مفتشاً للمحاكم الشرعية، ثم عضواً في محكمة الاستئناف الشرعية وظل يعمل في المحكمة إلى ربيع 1951م حيث استقال واستعد لدخول الانتخابات".

أما البروفيسور أمنون كوهين فيذكر في كتابه الأحزاب السياسية في الضفة الغربية في ظل النظام الأردني أن الشيخ تقي الدين النبهاني كان مدرساً في الكلية الإبراهيمية بالقدس سنة 1952م

أوصافه

يقول الأستاذ زهير كحالة الذي يعمل مديراً إدارياً للكلية العلمية الإسلامية والذي كان ملازماً للشيخ تقي الدين منذ أن وطأت قدماه أرض الكلية بقوله: "قام الشيخ تقي الدين النبهاني بتدريس مادة الثقافة الإسلامية للصفوف الثانوية الثلاث باعتبارها مرحلة النمو الحساسة التي تتشكل فيها أفكار الطالب، فقام بعمله خير قيام، وكان يعمل ليل نهار بدأب عجيب إلى أن استقال من التدريس في الكلية في نهاية عام 1952م، ولقد أثمر تدريسه في طلابه فتعلقوا بمبحث الثقافة الإسلامية التي ولدت عندهم استعدادات لمناقشة أية أفكار غريبة دخيلة على الإسلام كما أسست لديهم قاعدة فكرية يستطيعون بها تمثل التعاليم الإسلامية وحملها إلى العالم.

كان رجلاً نزيهاً، شريفاً ونظيفاً، مخلصاً متفجر الطاقة، متحرقاً ومتألماً لما أصاب الأمة من جراء زرع الكيان الإسرائيلي في قلبها.

كان ربعة، متين البنية، جم النشاط، حاد المزاج بارعاً في الجدل، مفحم الحجة، متصلباً فيما يؤمن به أنه الحق، وكان ذا لحية متوسطة يخالطها الشيب، محافظاً على ارتداء زي العلماء: الجبة والقفطان والعمامة، ذا شخصية قوية، مؤثراً حين يتحدث مقنعاً حين يحاجج، يكره بعثرة الجهود، والانكفاء على الذات، والانعزالية عن مصالح الأمة، ويكره أن ينشغل المرء بأمور حياته الشخصية، ولا يعمل لخير الأمة، متمثلاً قول الرسول ((من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم )). وكان يكثر من ترداده والاستشهاد به وكان ينعي على الإمام الغزالي صاحب (( الإحياء )) تركه الصليبيين يغزون البلاد الإسلامية منكفئاً في المسجد يؤلف كتبه.

وكان الشيخ النبهاني النبهاني يحترم الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ويقدر جهوده في جمع الشباب المسلم وهدايته، وكان يأخذ على علماء الشام إغراقهم في العواطف الدينية، وعدم تحركهم في دائرة النشاط السياسي الإسلامي.

أفرغ الشيخ تقي الدين النبهاني أفكاره كلها في سلسلة من الكتب الإسلامية ابتدأها بكتاب (( الشخصية الإسلامية )) وكان متأثراً بكتب سيد قطب وبخاصة في أفكاره وطروحاته حول العدالة الاجتماعية في الإسلام التي خصها الشهيد سيد قطب بكتاب يحمل هذا العنوان وكان الشيخ يقوم بتدريس الكتاب لطلاب الكلية العلمية الإسلامية. كان الشيخ واضح الخط السياسي، يعرف عدوه جيداً ويضع على رأس القائمة السوداء بريطانيا ويثني بأمريكا، ويثلث بالاتحاد السوفيتي، ويطلق على الجميع لفظ كافر مستعمر. عرف النبهاني باهتمامه بالشؤون العامة، وقام سنة 1952م بالإعلان عن إنشاء حزب التحرير الذي يدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية وقيام الدولة الإسلامية، وتفرغ لقيادة الحزب فاستقال من التعليم في الكلية وأخذ يتنقل بي الأردن وسورية ولبنان يحمل دعوة الحزب التي شملت هذه الأقطار وامتدت إلى عدة أقطار عربية وإسلامية أخرى".

ويعلق الشيخ عبد العزيز الخياط قائلاً: "… والحقيقة أنه -الشيخ تقي الدين النبهاني- كان يلبس الجبة فوق الصدرية والبنطال ولم أره يلبس القفطان ، وربما كان ذلك في صغره"، ويضيف: "لم يبدأ الشيخ تقي الدين النبهاني أول كتبه بكتاب (( الشخصية الإسلامية )) فهذا الكتاب الرابع…".

أما السيد زياد سلامة يرى أن كتاب (( الشخصية الإسلامية )) هو الكتاب التاسع فقد سبقه الكتب التالية: 1- تنظيم المجتمع. 2- إنقاذ فلسطين. 3- رسالة العرب. 4- نظام الإسلام. 5- نظام الحكم في الإسلام. 6- النظام الاجتماعي في الإسلام. 7- النظام الاقتصادي في الإسلام. 8-الدولة الإسلامية (في طبعاتها الأولى).

إنشاء حزب التحرير والسير فيه

ابتدأ النبهاني نشاطه السياسي مبكراً، حيث تأثر بجده الشيخ يوسف النبهاني حين كان يحضر مناظراته للمفتونين بالحضارة الغربية أمثال محمد عبده وأصحاب دعوات التجديد، والماسونيين وغيرهم ممن كانوا يناهضون الدولة العثمانية وقد كانت مناقشات النبهاني وتحركاته في أوساط الطلاب أثناء وجوده في الأزهر الشريف وكلية دار العلوم تكشف عن اهتماماته السياسية، وقد نقل أكثر من واحد من زملائه مواقف له تصدى فيها لدعوات التحدي التي كانت تسود الأوساط الأزهرية آنذاك إلى جانب مناقشته لعلماء الأزهر فيما ينبغي أن يقوموا به من دور فعال لإنهاض الأمة الإسلامية. وعند عودة الشيخ تقي الدين النبهاني من القاهرة إلى فلسطين وأثناء عمله في وزارة المعارف الفلسطينية، كان له نشاط ملحوظ في توعية الطلاب الذين يدرسهم، والناس الذين يلتقي معهم على الأوضاع التي كانت سائدة آنذاك ويثير الضغينة في نفوسهم على الاستعمار الغربي، ويستحث هممهم للالتزام بالإسلام عن طريق الخطابة والحوار والمناقشة.

أخذ الشيخ تقي الدين يدرس بعمق واهتمام الأحزاب والحركات والتنظيمات التي نشأت منذ القرن الرابع الهجري، درس أساليبها وأفكارها وأسباب انتشارها أو فشلها، وكان الدافع لدراسة هذه الأحزاب هو إحساس الشيخ بوجوب وجود تكتل إسلامي يعمل لإعادة الخلافة، فبعد تعطيلها على يد مصطفى كمال أتاتورك لم يسطع المسلمون إعادتها على الرغم من وجود تنظيمات إسلامية تعمل آنذاك، ولما وجدت دولة إسرائيل في أيار عام 1948م على أرض فلسطين وظهور ضعف العرب أمام عصابات اليهود ربيبة الانتداب البريطاني الذي كان يتحكم في الأردن ومصر والعراق، ثار إحساس الشيخ تقي الدين، فأخذ يدرس الأسباب الحقيقية التي تنهض بالمسلمين، فحاول عن طريق الفكر القومي إنهاض الأمة، وكتب ذلك في رسالتين هما: 1- رسالة العرب، 2- وإنقاذ فلسطين، واللتان صدرتا في عام 1950م، ولم تكن نزعته القومية التي ظهرت في هاتين الرسالتين مجردة عن فكر وعقيدة ورسالة الأمة الحقيقية في الوجود وهي رسالة الإسلام وهذا الفرق بينه وبين دعاة القومية العربية الذين جردوا أمتهم من رسالتها ونادوا برسالات ومذاهب وأيدلوجيات غريبة عن هذه الأمة ومناقضة لعقيدتها وخلقها وقيمتها. ثم عاد تقي الدين عن هذا الخط الذي سلكه في أول أمره وأخذ يحاور ويستمع لكل الطروحات الموجودة على الساحة إلا أنه لم يقتنع بها جميعاً.
اختلط بالشيخ حسن البنا المرشد والمؤسس لجماعة الإخوان المسلمين والذي قال فيه : (( لقد وجدت الشيخ البنا عالماً ذكياً مجداً مجتهداً )) واستمع إليه وحاوره، إلا أنه لم يجد بغيته في الطريق الذي رسمه الشيخ البنا مع تقديره واحترامه لجهوده ولجهود الجماعة التي أسسها، فقد كان منهج النبهاني عدم الطعن في الهيئات و الأشخاص الذين يعملون للإسلام.

وكانت حجته قوية في كل ما يعرض له من موضوعات وقضايا، وكان عنده قدرة فائقة على الإقناع، وما أن انتقل إلى القضاء حتى أخذ يتصل بالعلماء الذين عرفهم والتقى معهم في مصر وراح يعرض عليهم فكرة إنشاء حزب سياسي على أساس الإسلام لإنهاض المسلمين وإعادة عزهم ومجدهم، وتنقل لهذا الغرض بين أكثر مدن فلسطين يعرض الأمر الذي اختمر في فكره على الشخصيات البارزة من العلماء وقادة الفكر، وساعده على ذلك وجوده في محكمة الاستئناف في القدس، حيث كان يقوم بعقد الندوات، وجمع العلماء من شتى مدن فلسطين، وفي هذه الأثناء كان يحاورهم في طريق النهضة الصحيحة، وكان كثيراً ما يناقش القائمين على الجمعيات الإسلامية والأحزاب السياسية والقومية والوطنية، مبيناً لهم خطأ سيرهم، وعقم عملهم، وفساد أمرهم، كما أنه كان يعرض للعديد من القضايا السياسية في خطاباته التي كان يلقيها في المناسبات الدينية في كلٍ من المسجد الأقصى، ومسجد إبراهيم الخليل وغيرهما من المساجد، حيث كان يهاجم النظم العربية بقوله أنها من صنائع الاستعمار الغربي، ووسيلة من وسائله يستعين بها لإبقاء بلاد المسلمين في قبضته، وكان يكشف المخططات السياسية للدول الغربية ويفضح نواياهم ضد الإسلام والمسلمين، وكان يبصر المسلمين بواجبهم ويدعوهم للتحزب على أساس الإسلام مما أغضب الملك عبد الله بن الحسين عليه فاستدعاه على أثر خطاب ألقاه في مسجد نابلس الكبير وأجلسه في مجلسه واستجوبه بنفسه عن سبب تهجمه على النظم العربية بما فيه النظام في هذا البلد… فلم يجب الشيخ تقي الدين النبهاني على ذلك وتظاهر بعدم السماع، مما جعل الملك عبد الله يكرر السؤال ثلاث مرات، ولكن الشيخ تقي الدين لم يجبه، فغضب الملك وقال له :" هل توالي من نوالي وتعادي من نعادي" فقال الشيخ في نفسه "إذا ضعفت عن قول الحق اليوم فماذا أقول لمن ورائي ممن أتكلم إليهم… فوقف وقال " عاهدت الله أن أوالي من يوالي الله وأعادي من يعاديه، وأبغض النفاق والمنافقين" فأغضب بذ1لك الجواب الملك مما جعل الملك عبد الله أن يأمر بإخراجه من المجلس وإلقاء القبض عليه، وبالفعل ألقي القبض عليه من قبل البادية… إلا أن الملك عبد الله قَبِل تشفع بعض العلماء فيه فأمر بإخلاء سبيله ولم يبت في محبسه، وعاد إلى القدس وعلى أثر ما حدث له قدم استقالته وقال:" الأولى أن لا يعمل مثلي في أي وظيفة حكومية" ثم تقدم الشيخ تقي الدين ورشح نفسه إلى مجلس النواب… ونظراً لمواقفه المتعنتة ونشاطه السياسي وعمله الجاد لإنشاء حزب سياسي، وتمسكه الديني كل ذلك ساعد على ظهور النتائج في الانتخابات لغير صالحه.

ولم يتوقف نشاط النبهاني السياسي ولم تفتر عزيمته، وبقي على اتصالاته ومناقشاته حتى استطاع أن يقنع مجموعة من العلماء الأفاضل والقضاة المرموقين، والشخصيات السياسية الفكرية البارزة بإنشاء حزب سياسي على أساس الإسلام، وشرع يعرض عليهم الإطار الحزبي والأفكار التي يمكن أن تكون الزاد الثقافي لهذا الحزب، فلاقت أفكاره عند هؤلاء العلماء الرضى والقبول. وتوج نشاطه السياسي بتشكيل حزب التحرير الإسلامي.
بدأ العمل لتشكيل الحزب في مدينة القدس، حيث كان يعمل الشيخ في محكمة الاستئناف الشرعية هناك، وقد اتصل بعدد من الرجال آنذاك منهم الشيخ أحمد الداعور من قلقيلية، والسيدان نمر المصري وداود حمدان من اللد والرملة، والشيخ عبد القديم زلوم من مدينة الخليل، وعادل النابلسي، وغانم عبده، ومنير شقير، والشيخ أسعد بيوض التميمي، وغيرهم.

في بداية الأمر، كانت اللقاءات بين الأفراد المؤسسين عشوائية وغير منظمة، وكان معظمها يتم إما في القدس أو في الخليل لتبادل الآراء واستقطاب أفراد جدد. وتركز فيها النقاش على المواضيع الدينية، واستمر الوضع كذلك حتى أواخر سنة 1952م عندما بدأ أولئك الأفراد يأخذون صفة الحزب السياسي.

وفي السابع عشر من شهر تشرين الثاني سنة 1952م، تقدم خمسة من الأعضاء المؤسسين للحزب بطلب رسمي لوزارة الداخلية الأردنية، بهدف الحصول على رخصة إنشاء حزب سياسي، وهم:
1. تقي الدين / رئيساً للحزب
2. داود حمدان / نائباً للرئيس وسكرتيراً للحزب
3. غانم عبده / أميناً للصندوق
4. د. عادل النابلسي / عضواً
5. منير شقير / عضواً
وبناءً على تقديم هذا الطلب الذي أشعر فيه الدولة بتشكيل حزب سياسي، قام الحزب باستئجار مقر له في مدينة القدس أمام باب العامود علق عليه لافتة تحمل اسمه، وفتح له مكتب آخر للحزب في عمان في عمارة في أول طلعة الشابسوغ من جهة شارع الملك فيصل.
وبعد نظر سعيد المفتي –وزير الداخلية ورئيس الوزراء بالوكالة في حينه- شخصياً في الطلب قام برفضه.

أما أسباب رفض الطلب كما نشرتها وزارة الداخلية فتنبع من طبيعة الحزب المزمع إنشاؤه، وليس بسبب أفراد فيه. كما أخبروا أن الحزب المزمع إنشاؤه يعارض الدستور الأردني نصاً وروحاً. فعلى سبيل المثال –كما بينت وزارة الداخلية الأردنية- لم يقبل ذلك الحزب بمبدأ التعاقب (( أي أن يخلف الحاكم/الملك من يرثه وهكذا )) الذي يقره الدستور الأردني، فوثيقة ذلك الحزب تطالب بحاكم منتخب. وكذلك لم تعترف بالقومية العربية أساساً سياسياً للدولة، بل لا بد وأن يحل الدين الإسلامي محلها.

وهذا نص الكتاب الذي وجهته وزارة الداخلية إلى حزب التحرير تحظر عليه ممارسة النشاط الحزبي:
رقم : ن د/70/52/916
ت : 14/آذار/1953م
فضيلة الشيخ تقي الدين النبهاني وجميع مؤسسي حزب التحرير المحترمين اطلعت على ما نشرت جريدة الصريح بعددها الصادر اليوم تحت عنوان:
"هيئة التحرير" "تسجيل الحزب رسمياً في القدس"
أرجو أن أفيدكم أن ما نشر عن تسجيل الحزب رسمياً في القدس عارٍ من الصحة وأن الوصل الذي تسلمتموه من رئيس ديواني إشعاراً بتسلم طلبكم. في القانون الأساس لا يعتبر إذناً في السماح لكم. ذلك أن السماح بتشكيل الأحزاب والاعتراف بها منوط بمتصرف اللواء الذي أبدى لكم في أكثر من كتاب بعث بها لفضيلتكم عدم الموافقة على تأسيس الحزب.

نائب وزارة الداخلية
علي حسنة

وبناءً عليه فقد هاجمت قوات الشرطة المقر ونزعت اللافتات عنه، ومنع الحزب من ممارسة أي نشاط سياسي، ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا والحزب غير مرخص له بالعمل، ونشاطاته ممنوعة.

عقد حزب التحرير العزم على استئناف قرار وزير الداخلية إلى المحكمة العليا إلا أنه سرعان ما قرر اتباع خطى الإخوان المسلمين في مصر، ووفقاً لقانون الجمعيات العثماني الذي كان لا زال سائداً في الضفة الغربية يمكن تشكيل جمعية بمجرد إعلان النية في صحيفة محلية.
وهكذا أبلغ الحزب محافظ القدس وهو ممثل وزير الداخلية في الضفة الغربية عن عزمه تشكيل جمعية وليس (( حزباً سياسياً )) وقد أعلن عن ذلك في صحيفة الصريح المحلية أبلغ وزير الداخلية أنه لا ينوي فعلياً تشكيل حزب سياسي ولهذا فإنه يسحب الطلب لأصلي لتشكيل حزب التحرير نتيجةً لعدم استجابة الوزير لهذا الطلب؟ ولم تقبل السلطات هذا التحايل الشكلي وبقيت تنظر إليه على أنه حزب سياسي محظور عليه النشاط السياسي لمخالفته دستور الدولة.

وفي الخامس والعشرين من آذار سنة 1953م، تم اعتقال أفراد الجماعة، ولكن أطلق سراحهم بعد أسبوعين فقط، ليوضعوا تحت الإقامة الجبرية. غير أن وزارة الداخلية واجهت العديد من المصاعب في إخبار الجماهير بأنها ضربت بيد من حديد على أيدي تلك الجماعة.
إلا أن الشيخ تقي الدين النبهاني لم يقم وزناً لهذا المنع، وأصر على المضي قدماً في حمل الرسالة التي أسس الحزب عليها، وكان عمله معلقاً في إنهاض الأمة الإسلامية على هذا الحزب الذي شكله ووضع فلسفته وفق مواصفات خاصة استقاها من النصوص الشرعية وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لذا فإن فضيلة الشيخ تقي الدين النبهاني، راح يعمل بسرية، وشكل قيادة جديدة للحزب كان هو أميرها وأطلق على هذه القيادة اسم لجنة القيادة.

ومن ساحات الأقصى أخذ الحزب بحملة تثقيف جماهيرية لاستئناف الحياة الإسلامية وأبدى نشاطاً واسعاً مما اضطر السلطات الأردنية لاتخاذ خطوات قوية لمنعه من تشكيل نفسه وتقوية تنظيمه، فاضطر النبهاني إلى ترك البلد في نهاية عام 1953م من تلقاء نفسه إلا أنه منع من العودة إليها ثانية، وغادر أيضاً داود حمدان عام 1956م. وكذلك تم إلقاء القبض على بعض دعاته وسجنوا على فترات متقطعة في بداية عام 1955م وعام 1958م وعام 1964م.

في تشرين الثاني عام 1953م رحل الشيخ النيهاني مرغماً إلى دمشق التي لم يلبث فيها إلا قليلاً حيث قامت المخابرات السورية بحمله وإلقائه على حدود سورية مع لبنان، إلا أن السلطات اللبنانية هي الأخرى منعته من دخول أراضيها، فطلب من مسؤول مركز الشرطة اللبناني في وادي الحرير أن يسمح له بالاتصال مع شخص يعرفه في داخل لبنان فسمح مسؤول الأمن اللبناني له بإجراء الاتصال، فطلب الشيخ النبهاني من صديقه ذاك أن يتصل بالمفتي الشيخ حسن العلايا مفتي لبنان، فلما تناهى الخبر إلى مسامع الشيخ العلايا تحرك بسرعة إلى المسؤولين اللبنانيين ليأمروا فوراً بإدخال الشيخ النبهاني إلى الأراضي اللبنانية وإلا فإنه سيعمل على نشر هذا الخبر في كافة البلاد التي تدعي الديمقراطية وتمنع عالماً من علماء الدين الإسلامي أن تطأ قدماه أرضها، فما كان أمام السلطات اللبنانية إلا الخضوع والتسليم لأمر مفتي لبنان.

ومنذ أن حل الشيخ النبهاني في لبنان عمل على نشر أفكاره ومبادئه وعاش في حرية كاملة تقريباً إلى عام 1958م حيث أخذت السلطات اللبنانية تضيق الخناق عليه بعد أن أدركت خطورة أفكاره عليها فاضطر الشيخ للرحيل من بيروت إلى طرابلس متخفياً ولاحقته المخابرات اللبنانية في طرابلس فاضطر إلى ترك فيها وسكن في بيت آخر بعد أن اضطر إلى حلق لحيته وخلع عمامته وقفطانه ولبس لباساً مموهاً ليخفي شخصيته وتمكن بهذا من أن يبقى بعيداً عن أعينهم مجاوراً إلى عام 1962م أحد أصدقائه القدماء الذي تعرف عليه في جمعية الاعتصام بحيفا في الأربعينيات والذي كان يزوده بالطعام والجرائد والأخبار، بل كان النبهاني يسلمه مخصصه الشهري الذي وضعه الحزب له مقابل تعطله عن الكسب والعمل وكانت مخصصاته لا تزيد عن 150 ليرة لبنانية بما يعادل في ذلك الحين 15 ديناراً أردنياً ينفق منها على نفسه وعياله ويدفع منها إيجار بيته الذي يسكنه متخفياً وإيجار البيت الذي تسكنه عائلته.

يقول راوينا وهو من الثقات العدول: "كان الشيخ يقضي جل وقته في القراءة والكتابة والمذياع أمامه يستمع منه أخبار العالم ليكتب منشوراته السياسية القوية. وكان تقياً نبيهاً اسمه وعفيفاً في بصره ولسانه ولم أسمع منه يوماً أن شتم أو ذم أو حقر أحداً من المسلمين خاصة دعاة الإسلام على اختلاف اجتهاداتهم، ولم أعرف عن موته إلى بعد أسبوع من ذلك بعد أن أدخل المستشفى باسم مستعار وخرج منه ميتاً ودفن في مقبرة الشهداء في (( حرش بيروت )) تحت حراسة مشددة دون أن يشيعه إلا القليل من أهله رحمه الله.

المجالات التي برع فيها النبهاني

أولاً:- المجال الفكري

رأى الشيخ تقي الدين النبهاني أن العقل هو أداة الفهم للواقع وللنصوص. وهو القوة الواعية في الإنسان التي يجب مخاطبتها، فلا بد من معرفة كنه العقل وماهيته وكيف يحصل، فتبنى تعريفاً دقيقاً للعقل لم يُسبَق إليه حيث اعتبر العقل هو نقل الإحساس بالواقع إلى الدماغ مع وجود معلومات سابقة يفسر بها هذا الواقع، وإصدار الحكم عليه، فالعقل عنده أو الإدراك أو الفهم أو الفكر أسماء لمسمى واحد، ومكوناته أربعة هي: الدماغ الصالح، والواقع، والحواس، والمعلومات السابقة التي يفسر بها الواقع.

وبذلك يكون الشيخ تقي الدين النبهاني قد اختط طريقةً معينة في التفكير فجاءت أحكامه دقيقة منطبقة على الواقع تمام الانطباق.

وعرَّف المجتمع مبيناً أن المجتمع لا يتكون من أفراد فقط كما هو الحال في فهم الرأسماليين، بل المجتمع مكون من أفراد وأفكار ومشاعر وأنظمة، فمن أراد أن يغير مجتمعاً فعليه تغيير العناصر السائدة فيه وهي الأفكار والمشاعر والأنظمة. وعرف النهضة بأنها الارتفاع الفكري وليس هي الارتفاع في مستوى المعيشة أة المستوى العلمي أو المظاهر المادية، لأن هذه الأخيرة قد تكون مظاهر أو نتائج للنهضة كما هو الحال في الدول المتقدمة كأمريكا وفرنسا، وقد لا تكون ناتجة عن النهضة كما هو الحال في الكويت والإمارات.

ثم بين أن النهضة لا تكون إلا بمبدأ، وعرف المبدأ بأنه عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام ورأى أن الرابطة المبدئية هي الرابطة الصالحة لربط الإنسان بالإنسان، وأما الروابط الأخرى كالوطنية والقومية والمصلحية فهي روابط مؤقتة وعاطفية وغير إنسانية، لأنها عاجزة عن ربط وتنظيم علاقة الإنسان بالإنسان، ولا تحتوي على نظام لإشباع غرائز وحاجات الإنسان.
ثم فرق بين الحضارة والمدنية، وبين الثقافة والعلم.. وبين المنهج العلمي والمنهج العقلي في البحث، وصحح كثيراً من المفاهيم الني تأثرت بالفلسفات الأخرى والتي اعترتها عوامل التغشية والإبهام، وأعادها إلا ما كانت عليه زمن الصحابة الكرام مبعداً عنها التأثر بالفلسفات الأجنبية، فبحث مسألة القضاء والقدر، والهدى والضلال، وأجلى مفاهيمها.
كما اتخذ موقفاً من الاصطلاحات الفكرية والسياسية الحديثة، فاصطلاح الدستور أو القانون، والنهضة، والكفاح السياسي والتحريك السياسي، والاصطلاح الذي يدل على واقع يقره الإسلام لم يأخذ به كاصطلاح العدالة الاجتماعية، والديمقراطية، والجمهورية، والحريات بمفهومها الغربي.

والإنسان عنده مكون من مادة أودع الله فيها خصائص وهي الغرائز والحاجات العضوية والتفكير، وميز بين الروح التي هي سر الحياة وبين الروح المكتسبة وهي إدراك الصلة بالله، وهي لا توجد إلا عند المؤمن بالله. والإنسان عنده في جميع العصور هو الإنسان، فغرائزه وحاجاته العضوية لا تزيد ولا تنقص، لذلك كان النظام الذي ينظم إشباع هذه الغرائز والحاجات العضوية الإشباع الصحيح هو الذي يضمن لإنسان لطمأنينة في الدنيا، والسعادة في الآخرة، وهو نظام الإسلام الذي هو صالح لكل زمان ولكل مكان، ويصلح للإنسان مهما كان جنسه ولونه أو دينه.

لقد عرض تقي الدين النبهاني هذه الأفكار عرضاً فكرياً واضحاً معتمداً على طريقته في التفكير بحيث يستطيع كل إنسان مهما كانت ثقافته أن يدركها، لأنه خاطب الإنسان العاقل بغض النظر عن وجهة نظره في الحياة. وبذلك يكون قد وضع طريقة جديدة في التفكير، وخاطب بهذه الطريقة الإنسان باعتباره إنساناً يملك دماغاً وحواساً ولديه معلومات سابقة عن الواقع الذي هو محل التفكير.

ثانياً:- المجال السياسي

وفي هذا المجال اختط طريقاً مميزاً عن سائر السياسيين في عصره فوضع قواعد ثابتة يسير عليها في السياسة فهماً وتحليلاً وممارسةً، فوضع تعريفاً دقيقاً لمفهوم السياسة من أنها مباشرة رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وعد التفكير السياسي أعلى وأصعب أنواع التفكير، واعتبر العقيدة الإسلامية عقيدة سياسية، وأن على السياسي أن يتزود بالتجربة السياسية وأن يتميز بدوام اليقظة والتتبع لجميع الحوادث اليومية حتى يتمكن من التفكير السياسي.

وفرق بين العالم بالسياسة وبين المفكر السياسي، فالأول لديه معلومات تمكنه من أن يكون معلماً للعلوم السياسية أو محللاً لها، ولا يرقى أن يكون سياسياً، أما الثاني فهو الذي يفهم الأخبار والوقائع الجارية ومدلولاتها ويصل إلى المعرفة التي تمكنه من العمل وهو رعاية شؤون الأمة من وجهة النظر التي يتبناها.

لذلك نجده في كتاب مفاهيم سياسية لحزب التحرير لم يسر على نهج من سبقوه ممن كانوا يُعدون سياسيين، بل درس واقع العالم وما فيه من دول وصنف الدول من حيث تأثيرها في الموقف وفي السياسة الدولية، ودرس طبائع شعوب العالم كالشعب الإنجليزي والأمريكي والروسي والصيني والألماني وغيرها وأثر طبائع هذه الشعوب على سياسة دولها، واعتبر فهم السياسة الخارجية أمراً جوهرياً لحفظ كيان الدولة الإسلامية وأمراً أساسياً للتمكن من حمل الدعوة الإسلامية إلى العالم وعملاً لا بد منه لتنظيم علاقة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم على وجه صحيح.

ولذلك وجدنا الشيخ تقي الدين النبهاني قد تتبع الأعمال السياسية التي تجري في العالم ولاحظ الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض وفي المناورات السياسية، التي تقوم بها هذه الدول، وإدراك حقيقة الموقف في العالم الإسلامي على ضوء فهم الموقف الدولي، مما جعله قادراً على تصور الأساليب اللازمة "لإقامة دولة الخلافة في مثل هذا العالم المتصارع على المصالح والنفوذ من خلال علاقات الدولية المعقدة والمتشابكة.

ولما كان الشيخ يرى أن الموقف الدولي لا يظل ثابتاُ على حالٍ واحدة، فهو يتغير حسب تغير الأوضاع الدولية كان حريصاً على رصد الأحداث الدولية المؤثرة في الموقف الدولي، فنجده كلما تغيرت الموازين الدولية يبين الموقف الدولي الجديد، وأوضاع دول العالم بناء على هذا الموقف، وأثر ذلك على العالم الإسلامي بشكلٍ خاص، وعلى إمكانية إقامة دولة الخلافة وحماية كيانها تحديداً… وكان رحمه الله بناء على القواعد التي أرساها لفهم السياسي يصدر نشرات في الأحداث السياسية العالمية والمحلية، وكانت الأمة الإسلامية والمهتمون بالسياسة، ينتظرون هذه النشرات، ولا سيما عندما تختلط عليهم الأمور بفارغ الصبر، فلم يكد يمر حدث ذو بال، أو يتم تحرك سياسي أو تحاك مؤامرة على الأمة إلا كان لها بالمرصاد محللاً أو كاشفاً أو طالباً من الأمة موقفاً لإحباطها. وقد ترك في هذا المجال آلاف البيانات والتحليلات السياسية التي تعتبر تاريخاً مفصلاً ومرجعاً دقيقاً لفهم كافة الأحداث السياسية التي مرت على المنطقة والعالم منذ سنة 1953م.

ولقد كان الشيخ تقي الدين ذا حس مرهف، وفكر ثابت متقد، يكاد أن يرى في الأمور السياسية ما وراء الجدار، وقد كشف أحداثاً ومؤامرات دولية قبل وقوعها، وتوقع أحداثاً قبل أن تقع بزمن، فأصدر نشرة بين فيها المؤامرة على بقية فلسطين قبل تنفيذها في الخامس من حزيران سنة 1967م بأكثر من ثلاثمائة يوم وحذر جمال عبد الناصر من مؤامرة الإنجليز على الوحدة بين سوريا ومصر قبل أن يتم الانفصال سنة 1961م ولم يتف الشيخ تقي الدين بكشف المؤامرات على الأمة بل قام بعدة أعمال سياسية، وأرسل وفوداً إلى الحكام مباشرة، وحاول أن يحرك الأمة لإحباط تلك المؤامرات.

وكان يتميز ببعد نظره السياسي حتى في الأحداث الدولية والعالمية، فقد بين في كتابه نظرات سياسية لحزب التحرير ص51 المطبوع سنة 1973م ما نصه وسيظل الاتحاد السوفيتي يرفع الفكرة الاشتراكية أو الفكرة الشيوعية عملياً إلى أن تصل إلى فكرة رأسمالية مرقعة. وقد كشف سياسية الوفاق الدولي بين العملاقين خروتشوف وكندي سنة 1961م، ولم تكشفه الصين إلا بعد ذلك بسنوات، كما فضح أكذوبة منظمة عدم الانحياز وبين الدول المستعمرة التي وراء تشكيلها مثلها مثل الجامعة العربية والجامعة الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي وعصبة الأمم وهيئة الأمم ومجلس الأمن وأهداف كل منظمة من هذه المنظمات.

وقد أرشد رحمه الله في سياق أبحاثه السياسية عن الدول الطامعة في العالم الأسلامي والمستعمرة له إلى كيفية التعامل مع هذه الدول حين قيام دولة الخلافة، مبيناً أسباب قوة كل دولة منا وخطرها، ومواطن ضعفها، ومقاتلها…

ثالثاً:- المجال الفقهي

درس الشيخ تقي الدين النبهاني في الأزهر فجمع بين النظامين الأزهري القديم والنظام الجديد في دار العلوم، وأظهر تفوقاً في جده واجتهاده، واطلع على ما حوته مكتبة الأزهر في ذلك الوقت من مراجع لغة وأصول وفقه وغيرها…

ولقد مكنه هذا الاطلاع الواسع من أن يقعد قواعد خاصة له في علم أصول الفقه بناءً على قوة الدليل التي ترجح لديه، وحاكم الكثير من القواعد الشرعية مبيناً خطأ بعضها وصحة بعضها ومصوباً بعضها. وقد وضع طريقة خاصة في الاجتهاد بعد تحديد مصادر التشريع الإسلامي بالمصادر الأربعة: القرآن والسنة وإجماع الصحابة والقياس، التي قام الدليل القطعي على أنها مصادر شرعية، مستبعداً سائر المصادر الأخرى التي لم يتوفر دليل شرعي يقيني على حجيتها، لأنه يرى أن مصادر التشريع شأنها شأن العقيدة في لزوم توفر الدليل اليقيني على اعتبارها.

واعتمد الطريقة الصحيحة في الاجتهاد التي تقوم على تحقيق المناط وفهم الواقع أولاً ثم دراسة النصوص الشرعية المتعلقة بهذا الواقع وتمحيصها للتأكد من أنها وردت للحكم على هذا الواقع المراد معالجته، ثم فهم معاني النصوص حسب معطيات اللغة العربية ثم إصدار الحكم الشرعي المستفاد من هذه النصوص وبموجب هذا النهج ففي الاجتهاد، أصبحت الطمأنينة قائمة على أن الأحكام التي استنبطها كانت أحكاماً شرعية مدعمة بقوة الدليل الشرعي، ولا يفوتنا أن ننوه أنه يعتبر رأيه صواباً يحتمل الخطأ، ورأي من خالفه خطأ يحتمل الصواب.

وعلى الرغم من كونه مجتهداً متمكناً من البحث في جميع أبواب الفقه إلى أنه اقتصر في اجتهاداته على ما يلي:

أولاً: ما يلزم للحزب لتمكينه من حمل الدعوة الإسلامية…

ثانياً: ما يلزم للدولة الإسلامية من أحكام شرعية تمكنها من تطبيق الإسلام وحمله…
ثالثاً استنبط أحكاماً شرعية لما استجد من أمور لم تكن موجودة زمن المجتهدين السابقين… مثل: التأمين والشركات الساهمة والمخترعات الحديثة.

من نهجه في أبحاثه الفقهية أنه كان يتعرض إلى الأنظمة غير الإسلامية كالرأسمالية والاشتراكية فينقض طريقها في المعالجة وفهمها للمشكلة ثم يطرح بعدئذ الأحكام الشرعية التي تنظم هذه المعالجات…

ومما تميزت به طريق الشيخ تقي الدين النبهاني في الاستنباط والاجتهاد، أن جعل الواقع محلاً للتفكير وليس مصدراً له، وأخضع الواقع للمعالجة بالحكم الشرعي، وأصبح الواقع يتشكل بالإسلام ولا يتأثر الحكم الشرعي بالواقع كما جرى لكثير من العلماء والمتأخرين الذين أصبحوا يلوون أعناق النصوص لتلائم الواقع، ولترضي أهواء السلاطين.

مؤلفات النبهاني

خلف الشيخ تقي الدين النبهاني من الكتب الهامة ما يعد ثروة فكرية هائلة تدل على أنه كان يكتب كل أفكار الحزب ومفاهيمه سواءً أكانت من الأحكام الشرعية أم من الشؤون الفكرية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما دفع بعض الباحثين إلى القول بأن حزب التحرير هو تقي الدين النبهاني.

يغلب على مؤلفات الشيخ تقي الدين النبهاني أنها كتب تنظيرية، تنظيمية، أو كتب يراد منها الدعوة إلى استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية.

لذلك امتازت كتب النبهاني بشمولها واستيعابها لمجالات الحياة ومشكلات الإنسان فيها سواء أكانت فردية أم سياسية ودستورية واجتماعية، واقتصادية عامة، لأن هذه الكتابات ألفت لتكون دليلاً فكرياً وسياسياً لحزب التحرير الذي كان الشيخ تقي الدين موتوراً له، ولكثرة المجالات التي ألف فيها الشيخ تقي الدين، فإن نتاجه الفكري زاد عن ثلاثين كتاباً. هذا فضلاً عن المذكرات السياسية التي عالج فيها قضايا سياسية وتنظيمية هامة، والعديد من النشرات والبيانات الفكرية والسياسية الهامة. ويمتاز نتاج النبهاني الفكري السياسي بالوعي والدقة، والبلورة، والمنهجية الخاصة التي أبرز الإسلام من خلالها كنظرية مبدئية متكاملة مستنبطة من الأدلة الشرعية في الكتاب والسنة. ويعتبر نتاجه الفكري أول جهد يقدمه مفكر مسلم في هذا العصر على هذا النحو.

وأبرز مؤلفاته التي ضمن فيها أفكاره واجتهاداته هي:

1. نظام الإسلام.
2. التكتل الحزبي.
3. مفاهيم حزب التحرير.
4. النظام الاقتصادي في الإسلام.
5. النظام الاجتماعي في الإسلام.
6. نظام الحكم في الإسلام.
7. الدستور.
8. مقدمة الدستور.
9. الدولة الإسلامية.
10. الشخصية الإسلامية في ثلاثة أجزاء.
11. مفاهيم سياسية لحزب التحرير في ثلاثة أجزاء.
12. نظرات سياسية.
13. نداء حار.
14. الخلافة.
15. التفكير.
16. الدوسية.
17. سرعة البديهة.
18. نقطة الانطلاق.
19. دخول المجتمع.
20. إنقاذ فلسطين.
21. رسالة العرب.
22. تسلح مصر.
23. الاتفاقيات الثنائية المصرية السورية واليمنية.
24. حل قضية فلسطين على الطريقة الأميركية والإنكليزية.
25. نظرية الفراغ السياسي حول مشروع أيزنهاور.

هذا بالإضافة إلى آلاف النشرات الفكرية، والسياسية والاقتصادية، وعدد من الكتب التي أصدرها بأسماء أعضاء في الحزب ليتسنى له نشرها، بعد أن صدر حظر قانوني لتداول كتبه ونشرها.

ومن هذه الكتب:
1. السياسة الاقتصادية المثلى.
2. نقض الاشتراكية الماركسية.
3. كيف هدمت الخلافة.
4. أحكام البينات.
5. نظام العقوبات.
6. أحكام الصلاة.
7. الفكر الإسلامي.

ولتأليف كتابه (( التفكير )) قصة يرويها غانم عبده تدل على دقة ملاحظة الشيخ وحدة ذكائه. يقول الأستاذ غانم عبده: "كان الشيخ النبهاني في زيارة لنا عندما جاء ابن أختي الصغير وهو يحمل كتاب قراءة وفيه بعض التصاوير لبعض الحيوانات، فسأل الشيخ رحمه الله طفلنا عن صورة الديك فجابه الطفل: ديك، ثم سأله عن صورة أخرى فأجابه، وعندما سأله عن صورة الأسد، أجاب الطفل: حصان. توقف الشيخ عن طرح الأسئلة على ابن أختي، وأخذ يناقش سبب اختلاف الإجابة عن حقيقة الواقع، فقاده هذا النقاش إلى تأليفه كتاباً خاصاً في (( التفكير)) الذي بناه على أن: الواقع هو أساس الفكر، والفكر إنما هو تعبير عن الواقع، أو حكم على ذلك الواقع. فالواقع هو أساس الفكر، وهو أساس التفكير، وبدون وجود الواقع، لا يمكن أن يوجد فكر لا تفكير. ثم أن الحكم على الواقع، بل أن كل ما في الإنسان وما ينتج عنه، إنما هو مرتبط بالدماغ، فالدماغ هو المركز الرئيسي والأساسي في الإنسان، لذلك لا يمكن أن يوجد فكر إلا بعد وجود الدماغ، والدماغ نفسه واقع، ولهذا فإن وجود الدماغ شرط أساسي لوجود التفكير… الخ كلام الشيخ تقي الدين النبهاني".

وفاته

يذكر شباب حزب التحرير أن الشيخ تقي الدين النبهاني سافر في آخر حياته إلى العراق وهناك تم اعتقاله على أساس أنه أحد شباب حزب التحرير، وفي التحقيق سئل عن سبب قدومه إلى العراق – كان الشيخ يحمل اسم مستعار بهوية وجواز سفر- فقال: إني شيخ عجوز جئت أريد العلاج. نعم لقد كان الشيخ يريد علاج الأمة، وقاموا بتعذيبه أشد تعذيب ولكنه لم يقل "أخ"، واستمروا بالتعذيب حتى أصيب بالشلل النصفي، فتركوه وغادر مباشرةً إلى لبنان. وفي لبنان توفي الشيخ تقي الدين النبهاني إثر إصابته بشلل دماغي نقل على أثره إلى المستشفى وتوفي هناك. وتم مواراة جثمانه في مقبرة الشهداء بحرش بيروت.

أما تاريخ الوفاة فقد تعددت، ففي كتاب مفهوم العدالة الاجتماعية يذكر الكاتب أن تاريخ الوفاة 25/رجب/1398هـ الموافق 20/ حزيران/1977م ، وذكرت جريدة الدستور أن وفاته تمت يوم الخميس 19/1/1938هـ الموافق 29/12/1977م، ونعاه الحزب في بيان قال أن وفاته تمت في الأول من المحرم 1398هـ الموافق 11/12/1977م .


من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
هانى الإخوانى
هانى الإخوانى
المراقب العام
المراقب العام

وسام التميز 2
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 1177
نقاط : 6502
السٌّمعَة : 17
العمر : 41
متسامح
العمل/الترفيه :

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سيرة الشيخ تقي الدين النبهاني رحمة الله Empty رد: سيرة الشيخ تقي الدين النبهاني رحمة الله

مُساهمة من طرف احمد الكنزاري الخميس يوليو 21, 2011 10:05 pm

جهد موفق هاني الاخواني مشكور والله يعطيك الف عافيه


<br>
احمد الكنزاري
احمد الكنزاري
عضو مشارك
عضو مشارك

الديانه : الاسلام
البلد : تونسي
ذكر
عدد المساهمات : 52
نقاط : 4946
السٌّمعَة : 0
عادي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى