السعدي يقول في تفسيره إن الله يتوجع!!

---

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي – وهو من كبار شيوخ السلفية، وأشهر
مفسريهم المعاصرين - في تفسيره: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،
عند تفسير الآية 30، من سورة يس:
(قال الله متوجعا للعباد: (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ
مِن رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) أي: ما أعظم شقاءهم، وأطول
عناءهم، وأشد جهلهم، حيث كانوا بهذه الصفة القبيحة، التي هي سبب لكل شقاء
وعذاب ونكال).
انتهى كلام السعدي.
فيبدو أن عقيدة التشبيه قد سيطرت على عقول هؤلاء القوم حتى صاروا يصفون
الله بالنقائص؛ فليت شعري كيف يقول عاقل: إن الله يتوجع؟! وما الفرق بين
قولهم هذا وقول اليهود إن الله - تعالى عما يقولون - قد بكى من الطوفان حتى
رمد وجاءه الملائكة يعودونه من مرضه!! سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
أم أن السلفية سيقولون لنا كعادتهم: إنه يتوجع توجعا يليق به!! ولا يشبه توجعه توجع البشر!!
والغريب أن هؤلاء القوم يدعون اتباع السلف في العقيدة!! فمَن من السلف قال
إن الله يتوجع؟! لقد نقل لنا المفسرون أقوال السلف في تفسير هذه الآية فلم
ينقلوا لنا شيئا من هذا القبيل عن السلف، وحاشاهم.
يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية:
(القول في تأويل قوله تعالى: (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا
يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ): يقول تعالى
ذكره: يا حسرة من العباد على أنفسها وتندما وتلهفا في استهزائهم برسل الله
(مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ) من الله (إِلا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ)، وذُكِر أن ذلك في بعض القراءات (يَاحَسْرَةَ العِبَادِ
عَلى أنْفُسِهَا). وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال
ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (يَاحَسْرَةً
عَلَى الْعِبَادِ) أي: يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضَيَّعت من أمر
الله، وفرّطت في جنب الله. قال: وفي بعض القراءات: (يَاحَسْرَةَ العِبَادِ
عَلى أنْفُسِهَا). حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛
وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن؛ قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن
مجاهد، قوله (يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ) قال: كان حسرة عليهم
استهزاؤهم بالرسل. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن
عليّ، عن ابن عباس، قوله (يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ) يقول: يا ويلا
للعباد. وكان بعض أهل العربية يقول: معنى ذلك: يا لها حسرة على العباد).
ويقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية:
(قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: (يا حسرة على العباد) أي: يا
ويل العباد. وقال قتادة: (يا حسرة على العباد): أي يا حسرة العباد على
أنفسها، على ما ضيعت من أمر الله، فرطت في جنب الله. قال: وفي بعض القراءة:
(يا حسرة العباد على أنفسها). ومعنى هذا: يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة
إذا عاينوا العذاب، كيف كذبوا رسل الله، وخالفوا أمر الله).

طالعت الآية وتفسير السعدي لها في مكتبتي ووجدت كلامه صحيح وثابت ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولكني أري أنه ومن الأفضل أن نحمل المسألة علي أحسن محاملها لتوقع أن يكون السعدي كتبها بصيغة أخري وتم تحريفها، ومع ذلك أري أنه لا وجود لتحريف ولكنه يظل احتمالا