النسخ الضمني

أن لا ينصّ الشارع صراحةً في تشريعه اللاحق على إبطال التشريع السابق، ولكن يشرّع حكماً معارضاً له (للحكم السابق) ولا يمكن التوفيق بين الحكمين إلا بإلغاء أحدهما، فيعتبر اللاحق ناسخاً للسابق ضمناً، وهو الكثير في التشريع الإلهي.

أمثلة:



(1) قال تعالى كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف).

وقال تعالى : ( يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)



يستدلّ من الآية الثانية على ان الله قسّم تركة كل مالك بين ورثته حسبما افتضت حكمته، ولم يعُد التقسيم حقاً للمورث نفسه. وهذا الحكم يعارض الأول فهو ناسخٌ له على رأي الجمهور.

ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزلت آية المواريث: " إن الله أعطى لكل ذي حقٍّ حقَّه ".



(2) قال تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفّاهن الموت أو يجعل الله لهنّ سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توّاباً رحيماً ).

وقال تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )

فقد نسخ الله حكم الآية الأولى بالآية الثانية وهو الجلد وخصّص بالتغريب عن الوطن في حق البكر وخصص الرجم بالحجارة في حق الثيّب.



(3) قال تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج ).

وقال تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربّصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا )

فهذان حكمان في حق المعتدّة المتوفى عنها زوجها. فقد بيّنت الآية الأولى أن عدّة المتوفى عنها زوجها حول كامل، وبيّنتها الثانية بأنها أربعة أشهر وعشرا. ولا يمكن التوفيق بينهما إلا بإلغاء حكم إحدى الآيتين. فيعتبر اللاحق ناسخاً للسابق. لذا فعدّة المتوفى عنها زوجها هي أربعة أشهر وعشرا، حيث نسخ الحكم الأول.