شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:04 pm

بحث للدكتور طه جابر العلواني

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Auth_taha_jabir_alawani

فأجأنا الدكتور الجابري بمقالته –في صحيفة الاتحاد الإماراتية- والتي اعتمد فيها على موضوع مختلف فيه أفرزته ظروف معيَّنة، وينتهي جُملةً وتفصيلاً إلى أفكار السجال والصراع التي نشأت في بعض فترات التاريخ الإسلامي، ألا وهي فكرة النسخ. ففكرة النسخ فكرة خلافية قديمة طُرحت على العقل المسلم باعتبارها تحديًا من تحديات الثقافة الشفوية التي كانت سائدة في بعض المناطق العربية في عصر التنزيل، وعززتها اتجاهات السجال التي جرت بعد ذلك بين بعض الطوائف والفرق الإسلامية بعد حدوث الفرقة وبروز الاختلاف.


وقد استُغلَّ النسخُ في تلك الفترات من مختلف المتساجلين وجرّ إلى بروز بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمختلقة المقتبسة من الثقافة الشفوية ومن التراث الموبوء الذي دخل مجالات تفسير القرآن وانتقل منه إلى علوم القرآن ثم إلى علم أصول الفقه.

ومع أن أهل العلم قد أعطوا تفسيرات عديدة لنظرية النسخ، واختلفوا فيه اختلافًا كبيرًا: في حقيقته، ومعناه، وكيفية الحكم به، وما إذا كان قضية مفترضة جائزة عقلاً أو أنها مع جوازها العقلي كانت قد وقعت. وأكثر الناسُ فيها كثيرًا، وذهبوا فيها مذاهب شتى ولا نستطيع أن نتصور باحثًا في مثل وزن الدكتور الجابري قد فاته ذلك الأمر أو الجدلُ فيه. كما لا نظنّ أن باحثًا يحترم نفسه ويعرف التراث الإسلامي حق المعرفة، ويقف منه موقف الناقد، لا يدري أن هذه القضية لا تدل –لا من قريب ولا من بعيد- على تحريف القرآن الكريم. فقد يكون التحريف شيئًا يمكن أن يُردَّ به على القائلين ببعض أنواع النسخ مثل الرواية الهزيلة: رواية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله) التي نسبوا إلى عمر -زورًا- أنه قال بأنها كانت مما يُقرأ في سورة "الأحزاب"، وهي نسبة لا يمكن أن تصحّ بأي حال من الأحوال، ولكنها قُبلت!. وحقيقة الأمر أن هذا النص (الشيخ والشيخة إذا زنيا..) هو نص من التوراة، وما يزال موجودًا بألفاظ مختلفة في أكثر من سفر من أسفارها. والذين نسبوه إلى القرآن كانوا مخطئين.

وحتى لو صحّت أية رواية من تلك الروايات بأنه كان هناك نصٌّ بهذا اللفظ أو قريبٍ منه لمجرد أن الرواية قالت: "كان فيما أنزل"، و"ما أنزل" هنا يمكن أن يُراد به، ما أنزل في التوراة أو ما أنزل في القرآن، أو الإنجيل. وحمله على أنه كان مما أنزل في القرآن حملٌ خاطئ لا يصحّ وإن تبنّاه بعضهم. ولا نطنّ أنّ مثل الدكتور الجابري – الذي نَقَد العقل: تكوينه وبنيته- يُعجزه أن ينقد نظرية النسخ ويبيّن كيف شاعت ويقوم بتفنيدها، بدلاً من أن يقفز إلى القول بما قد يلزم عن بعض الأقوال الواردة فيها.

ولتجلية هذا الأمر الذي كنّا نتمنى ألا يسقط أحد – في مستوى الأستاذ الجابري وفي هذه المرحلة من حياة الأمة – في إثارته على المستوى العام، وأن يبقى في دوائر أكاديمية قادرة على ممارسة النقد والتفكيك والتركيب، ولها مران وخبرة وقدرة على دراسة ومناقشة أمثال هذه القضايا. ولقد كتبنا دراسة في هذا الأمر أثبتنا فيها وبشكل نحسبه علميًّا خطأ القول بهذه النظرية، وناقشنا بتفصيل وإسهاب وبأسلوب أكاديمي -يعرفه المتخصصون- هذه القضية، وشرحنا جميع الروايات التي هوّل الجابري بها، وأسرج لها خيله وركابه، واعتبرها أدلة وهي أوهن من بين العنكبوت ليثبت بها دعوى يصعب علينا أن نجد لها تأويلاً وعوزًا في هذه المرحلة إلا الرغبة بالانضمام إلى ركب بابا الفاتيكان وأصحاب الصور الكاريكاتورية والجوقة البوشية في مهاجمة القرآن ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والشريعة الإسلامية، ومصادر التشريع والتنظير، وكأنها فرصة يجدها الغزو الخارجي والطابور الخامس الداخلي للإجهاز على مقومات الإسلام وحقائقه، غير مدركين أنهم بذلك يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:05 pm

ولكي نضع القّراء الكرام في صورة المسألة، ونوضح لهم بالتفصيل الدقيق ما أجلب الجابري عليه بخيله ورَجِله دون أن يكلف نفسه عناء التوضيح والبيان، بل اكتفى بإطلاق الدعوى المفتراة، لتفعل فعلها في عقول العامة وليكون الطوفان ما دام ذلك يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الشهرة للكاتب وإلى إعلان انضمام للأجواق المعادية لهذا الدين وأهله، فنقول وبالله التوفيق:

لمن نشغل القراء بالاختلافات الكثيرة حول حقيقة "النسخ" ومعانيه، فلقد نطقت بذلك كتبنا الأصولية، وفي مقدِّمتها كتاب "المحصول" - بتحقيقنا – وكتب "علوم القرآن". ولذلك فإننا سنتجه فورًا إلى مناقشة ما بنى الجابريّ عليه دعواه:




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:06 pm

* من أين جاء الخلل؟

إنَّ القول بالنسخ، وتأكيده بالشكل الذي نراه لدى علماء القرآن وجمهرة علماء الأصول إنَّما نجم عن أسباب كثيرة إضافة إلى ما أشرنا إليه سابقا، لعل من أبرزها تلك الروايات التي سبقت إلى الأذهان واستقرت فيها، وانشغلت بها العقول والقلوب زمنا طويلا حتى صارت مسلَّمات ضروريَّة، وأكثر الرواة من ترديدها وذكرها حتى صارت شهرتها صارفة عن البحث في صحتها من عدمها. إضافة إلى أسباب أخرى:

أولها: عدم الالتفات بقدر كاف إلى "الوحدة البنائيَّة" للقرآن المجيد؛ باعتبارها محدِّدًا منهاجيًّا، بل وضعت في إطار الفضائل، وشاعت قراءته مفرَّقاً، مجزءًا كأنّه أعضاء مفرَّقة، ومما ساعد على شيوع هذا النوع من القراءة انصراف الأذهان إلى الأحكام الفقهيَّة الجزئيّة في الوقائع الجزئيّة، وسيادة الفكر الثنائي التقابليّ بدافع من التفكُّر الفقهيّ الجزئيّ والانفعال بالمأثور، وعدم ملاحظة منطق القرآن ومحاولة الكشف عنه وبناء منهجه، وقد قاد ذلك –كلُّه- إلى الوقوع في براثن هذه الآفة آفة النسخ، وتحويل "النسخ" إلى علم من علوم القرآن ألقى على القرآن المجيد كثيراً من الظلال القاتمة.

ثانيا: عدم تحديد مفهوم "النسخ" تحديداً دقيقاً، فلو أنَّ المتأخرين التزموا بما فسّر المتقدمون "النسخ" به لما وقع ذلك الاضطراب الشديد الذي نشهده في هذه القضيّة لدى علماء القرآن والأصوليين ومن بعدهم لدى الفقهاء والمفسّرين.

ثالثا: لقد اعتبر المتقدِّمون "النسخ" بمعنى "النقل" أو حقيقة في النقل فحسب، فالنّص الذي يشير إلى الانتقال من حالة إلى أخرى عدوه ناسخاً لما سبقه، إذا كان تخصيصاً لعام أو تقييداً لمطلق أو بياناً لمجمل، مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} (الزمر:53) وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} (النساء:116) وقوله: {وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى} (طه:82) فالنسخ -عندهم- لا يعدو أن يوجد نصَّان يردان – في ذهن الفقيه - على قضية واحدة، أحدهما أو السابق منهما- بالذات- يدل على حكم في حالة، واللاحق يدل على انتقال عن ذلك الحكم، وتَحَوَّل في تلك الحالة إلى إطار الأمور الثلاثة التي ذكرنا (التقييد والتخصيص والبيان)، فهو أمر لغويّ يدور أحياناً على أدوات التخصيص اللّغويّ داخل الآية الواحدة، أو تقييد المطلق، وبيان المجمل في آيتين، فجاء المتأخِّرون ليضيفوا إليه المعاني التي جعلتنا في مقدمة هذه الدراسة نعتبر "النسخ نظريَّة" لا مصطلحاً، وقد شجَّع على ذلك النظر الجزئيّ، وظهور فكرة ومقولة "تناهي النصوص وعدم تناهي الوقائع"(1)، وحصر آيات الأحكام بعدد قيل: "240، وقيل 340 وقيل خمسمائة"، وكذلك حصر أحاديث الأحكام، فقيل: خمسمائة بقدر الآيات، وقيل: تسعمائة، وقيل ألف ومائة... إلخ.

رابعا: في إطار ثقافة المأثور شاع ظنُّ ارتباط القرآن ببيئة النزول وبالمخاطبين في تلك البيئة. واعتبروا عصر القرآن عصر زمن الرسالة، والمطلوب تعميم الفهم الذي وقع للصدر الأول، لا تجدُّد فهم النّص وتجدُّد المخاطبة به في كل عصر وقرن، ولعل قول الشاطبي بعدم جواز فهم شيء من القرآن خارج دائرة فهم القرون الثلاثة الخيِّرة قد بناه على ذلك التصور وهو تصور فيه نظر(2).




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:06 pm

* الإسراف في دعاوى النسخ

لقد أسرف الأصوليُّون والكاتبون في علوم القرآن في دعاوى النسخ إسرافاً جاوز الحدود، وتباروا في بناء دعائمه وأركانه، ولعل بعضهم كان يتحرى ما يزيد به على سابقيه من دعاوى، وكأنّه نوع من الاجتهاد والكشف العلميِّ يتبارون فيه ويتسابقون إليه.

ونظرة سريعة على إحصاء لقضايا النسخ في بعض كتب هذا الفن والكتب التي تتناول أساساً بعض أنواع النسخ، وهو ما نسخ حكمه وبقي رسمه، باعتباره أكثر الأقسام وقوعاً عندهم يبيِّن إلى أي مدى انشغل العلماء بهذه القضية، وكم أنفقوا من الجهود الغالية المضاعفة فيها ومن هذه الكتب:

1. كتاب قتادة بن دعامة ت 117، عالج حوالي (40) قضية نسخ.

2. كتاب محمد بن حزم ت 978 (وهو غير ابن حزم الظاهري): (214) قضية.

3. كتاب أبي جعفر النحاس ت 245: (134) قضية.

4. كتاب هبة الله بن سلامة (213) قضية في الموضوع.

5. كتاب مكي بن أبي طالب (195) قضية.

6. كتاب ابن الجوزي (148) قضية.

7. كتاب العتائقي:(224) قضية.

8. كتاب ابن البارزي (249) قضية(3).

أما السيوطي في الإتقان فقد حصر النسخ في عشرين قضية، وأقام الأدلة عليها، ثم نظم قصيدة فيما ترجح لديه، ومطلع نظمه:

وقد أكثر الناس في المنسوخ من عـدد وأدخلوا فيه آيًا ليس تنحصـر

وهاك تحرير آي لا مزيد لهـــــا عشرين حررها الحذاق والكبر(4)

وحصرها الشيخ أحمد شاه دهلوي (المتوفى سنة 1179) في خمس آيات فقط(5)، ناقضاً ما أورده السيوطي في الإتقان، وحصرها الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في حوالي تسع آيات فقط(6)، وحصرها الدكتور مصطفى زيد في ست آيات فقط(7)، وهذا التباين الواسع يوضح مدى ما تحتاجه قضية النسخ ومسائلها المختلفة إلى جهد لتحرير قضاياه، ونفض اليد منه، وتنقية مقرّرات التعليم منها نهائيًّا وإلى الأبد.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:08 pm

* وجهة مقابلة:

وقد شعر غير واحد من أئمة المتقدمين بمدى حاجة هذه القضية الخطيرة إلى تحرير وتنقيح، فهذا الإمام مكي بن أبي طالب، يقول: "اعلم أنَّ أكثر القرآن في أحكامه وأوامره ونواهيه ناسخ لما كان عليه من قبلنا من الأمم، وقد أدخل أكثر المؤلفين في الناسخ والمنسوخ آياً كثيرة، وقالوا: نسخت ما كانوا عليه من شرائعهم، وما اخترعوه من دينهم وأحكامهم، وآياً كثيرة ذكروا أنَّها نسخت ما كانوا عليه مما افترض عليهم، وكان حق هذا ألا يضاف إلى الناسخ والمنسوخ، لأنَّا لو اتبعنا هذا النوع لذكرنا القرآن كلَّه في الناسخ والمنسوخ"!!.

وهذا ابن الجوزي يقول في مقدِّمة كتابه: "أمَّا بعد فإنَّ نفع العلم بدرايته، لا بروايته. وأصل الفساد الداخل على العلماء: تقليد سابقيهم، وتسليم الأمر إلى معظَّميهم من المتقدِّمين، من غير بحث عما صنَّفوه، ولا طلب للدليل عما ألَّفوه، وإنيِّ رأيت كثيراً من المتقدِّمين على كتاب الله -عز وجل- بآرائهم الفاسدة… ثم إني رأيت الذين وقع منهم التفسير صحيحاً قد صدر عنهم ما هو أفظع فآلمني، وهو الكلام في الناسخ والمنسوخ، فإنَّهم قد أقدموا على هذا العلم فتكلموا فيه، وصنّفوه، وقالوا بنسخ ما ليس بمنسوخ ومن نظر في كتاب الناسخ والمنسوخ للسدي رأى التخليط والعجائب، ومن قرأ كتاب هبة الله المفسر رأى العظائم، وقد تداوله الناس لاختصاره..(8)"(9).

ويقول بعد أن ذكر ما زعمه جماعة من المفسرين في حصر السور التي تضمنت الناسخ والمنسوخ قال: واضح بأنَّ التحقيق في الناسخ والمنسوخ يُظهر أنَّ هذا الحصر تخريف من الذين حصروه) 10).

ويقول السيوطي: "إنَّ الذي أورده المكثرون أقسام: قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص ولا علاقة له بهما بوجه من الوجوه، وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ ومنه قوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } (البقرة:221) قيل: إنه نسخ بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } (المائدة: 5) وإنما هو مخصوص به، وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهليَّة، أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن، كإبطال نكاح نساء الآباء، ومشروعيَّة القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث، وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب، ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكيٌّ وغيره ووجَّهوه بأنَّ ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه؛ إذ كلُّه أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب. قالوا: وإنَّما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية فإذا علمت ذلك فقد خرج من الآيات التي أوردها المكثرون الجم الغفير مع آيات الصفح والعفو إن قلنا إنَّ آية السيف لم تنسخها(11).

وقال ابن العربي: قوله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (التوبة:5) ناسخة لمائة وأربع عشرة آية، ثم صار آخرها ناسخاً لأولها وهي قوله تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَواةَ وَءاتَوُاْ الزَّكَواةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (التوبة:5) قالوا: وليس في القرآن آية من المنسوخ ثبت حكمها ست عشرة سنَّة إلا قوله في الأحقاف: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } (الأحقاف:9) وناسخها أول سورة الفتح. قال ابن العربي: ومن أغرب آية في النسخ قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199) أولها وآخرها منسوخان ووسطها محكم(12)!! فتأمّل!!

وهذا التصور لحدوث النسخ في الآية الواحدة تصور يعارض مفهوم "النسخ" ذاته، وكما فهموه من حيث هو إبدال آية مكان آية، من جهة أنَّ الآية الأولى "فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ.." (التوبة:5) تأمر بقتل المشركين بعد نهاية هذه الأشهر إلا إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وليس في هذا الشرط نسخ أو تغيير في الحكم. آما الآية الثانية: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } (الأحقاف:9) فهي حوار مع أهل مكة كما يتضح من سياقها داخل السورة، فهي آية مكيَّة لا علاقة لها بأول سورة الفتح المدنية التي نزلت عند الانصراف من الحديبية نوعاً من البشارة للنبيِّ –صلى الله عليه وآله وسلَّم- والمسلمين، والآية تدل على أنّ "عدم دراية النبيّ" تنصب على نتائج علاقته بقومه التي ساءت بسبب الدعوة بدليل قوله: "إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إليّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ " (الأحقاف:9) كما أنَّها توكيد لبشرَّيته –صلى الله عليه وآله وسلَّم- وبيان أنّه بشر مثلهم ولكنّه بشر رسول، شأنه شأن بقيّة المرسلين الذين اصطفاهم الله –تعالى- وهم يدعون الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته، لا لأنفسهم، والله –تبارك وتعالى- هو المتصرّف الأوحد في شئون عباده كافّة ومنهم الرسل والله –تبارك وتعالى- قد أمره أن يقول لأهل الكتاب: {وَإِنَّا أو إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أو فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} وهو على يقين أنّهم على ضلال مبين وأنّه على هدى، فذلك أسلوب خطاب لا علاقة له بالأحكام.

والقول في الآية الثالثة "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ" (الأعراف:199) بأنَّ أولها منسوخ بالزكاة وآخرها منسوخ بالأمر بالقتال قول لا يستقيم، بل هو من قبيل التزيّد، بل المجازفة التي لا سند لها ولا يليق ذكرها وتدوينها في مباحث القرآن المجيد، وتداولها بين الباحثين فيه.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:08 pm

* بقاء ما ادُّعي نسخه في القرآن

وإذا فرضنا قبول نظريَّة النسخ –على سبيل الإجمال والتنزل– فلماذا بقيت الآيات التي زعم الزاعمون نسخها في القرآن تتلى فيه ويتعبَّد الناس بتلاوتها مثلها مثل سائر آيات القرآن الكريم، ما دامت قد فقدت وظيفتها التشريعيَّة وحكموا بنسخها – ولم يبق منها – حسب زعمهم – إلا ألفاظ مفرغة، حيث إن ما اشتملت عليه من تشريع هو أساس التعبُّد بها؟!

لقد ذهب بعضهم إلى أنَّ بقاء النصوص المنسوخة إلى جانب النصوص الناسخة يعد أمراً ضروريًّا؛ وذلك لأنَّ حكم المنسوخ يمكن أن يفرضه الواقع مرة أخرى(13)، وقد أدرك العلماء ذلك حين ناقشوا موقف النّص بين أمر المسلمين بالصبر على أذى الكفار وبين أمره بقتالهم، وقالوا: إنَّ الأمر بالصبر من قبيل "المنسأ"(14) الذي يتأجل العمل به، أو يلغى إلغاءً مؤقتاً أي: انتظارًا لتغير الظروف – وهو ما يعرف عندهم بإيقاف العمل بالنّص لعدم وجود المحل، كما قالوا في سقوط غسل الرجلين أو مسحهما في الوضوء عن فاقد قدميه - فإذا عادت الظروف إلى ما كانت عليه قبل ذلك عاد حكم المنسأ إلى الفعاليَّة والتأثير، فكان كل أمر يرد يجب امتثاله في وقت مّا لعلة مّا توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل عنه بانتقال تلك العلّة إلى حكم آخر، وليس بنسخ، إنَّما النسخ الإزالة حتى لا يجوز امتثاله أو العمل به أبداً..، قالوا: ومن هذا قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (المائدة: 105) ومثله قوله تعالى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ} (الكافرون:6)، حيث إن مثل هذه الآيات نزلت والجماعة الإسلاميَّة في طور التكوين، فهي في حاجة لأن تصرف كامل عنايتها لعمليَّة التكوين والبناء الذاتيّ قبل أن تنطلق لدعوة الآخرين، فلما تمّ بناء الجماعة وكمل تكوينها الذاتي وصارت قادرة على حمل الرسالة إلى الآخرين والشهود بها عليهم، نزلت الآيات الموجِّهة لهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيصال الهدى والنور إلى سواهم، ثم لو فرض وقوع الضعف كما أخبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلَّم- في قوله: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ"(15) ينسأ التكليف بحمل الرسالة إلى الآخرين بالشكل الجماعيّ، وقال -صلى الله عليه وآله وسلَّم- "حتى إذا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كل ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ"(16) (يَعْنِي اهتم بإصلاح نفسك). وهو -سبحانه وتعالى- حكيم أنزل على نبيه - صلى الله عليه وآله وسلَّم- حين كانت الأمَّة في طور تكوينها ما يليق بتلك الحال، رأفة بمن اتَّبعه ورحمة، إذ لو وجبت لأورث ذلك حرجاً ومشقة؛ لأنَّه من قبيل "تكليف ما لا يطاق"، فلما تم بناء الجماعة والأمّة، وأصبحت قادرة على حمل الأعباء ودعوة الأمم والتفاعل معها أنزل عليه من الخطاب ما يكافئ تلك الحالة من مطالبة الكفار بالإسلام، أو بأداء الجزية إن كانوا أهل كتاب أو الإسلام أو القتل إن لم يكونوا أهل كتاب، بل كانوا من مشركي العرب.

فإذا تغيَّرت الحال أخذت كل حال ما يناسبها من الحكم والتوجيه، وليس حكم المسايفة ناسخاً للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن وليست بديلاً عنها. وكذلك العكس، بل كل منهما يجب امتثاله في وقته(17).

إنَّ بعض الكاتبين في علوم القرآن قد أخرجوا هذا "المنسأ" من باب "الناسخ والمنسوخ" وجعلوه شيئاً آخر يعطي فرصة للتخلُّص من تلك الأحكام القلقة - التي لا دليل على وقوع النسخ فيها، بل هو أقرب إلى التأويل الذي قد يجعل المنسوخ -كلَّه- من باب "المنسأ" ويكون معنى التبديل في الآيات التي ناقشناها قبل ذلك هو تبديل الأحكام في أنظار المجتهدين لا تغيير النصوص ذاتها، ولا إبطال وإلغاء القديم وإبداله بآخر جديد لفظاً وحكماً، فذلك يعني أنَّ فهم معنى "النسخ" بأنَّه الإزالة التامَّة للنّصِّ يتناقض مع تصوُّرهم لوظيفة النسخ؛ كما أنَّ الحكم على مدلول آية مَّا بأنّه منسأ لا بد له من دليل –كما قدَّمنا-، وإلا فإنّه سوف يؤدي إلى الإيهام، حيث لا يدري المكلَّف ما إذا كان مطالبا بإيقاع الفعل على الفور أو أنّه منسأ، ومنسأ إلى متى؟ أيكون منسأً إلى وقت حدّده الشارع، أو إلى وقت يحدّده المكلّف وكيف؟!(18).




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:09 pm

* أقسام الناسخ والمنسوخ عند القائلين به

لم يقتصر الاضطراب في هذه المسألة على المفهوم ذاته ولا على القضايا التي قال من قال بوقوع النسخ فيها أو نفيه عنها، بل تجاوز ذلك إلى تقسيماتهم للناسخ والمنسوخ، وإلى أنماط النسخ ذاته مما يدل على عمق الاضطراب فيها، وقد اختلفت تقسيمات علماء القرآن فيها عن تقسيمات الأصولييِّن، ولكن أشهر التقسيمات التي جرت عليها غالبيّة الفريقين التقسيم الثلاثيُّ، حيث قسموا المنسوخ إلى ثلاثة أقسام هي: منسوخ التلاوة دون الحكم، ومنسوخ الحكم دون التلاوة، ومنسوخ الحكم والتلاوة معاً.

والزركشيّ كما ينتسب إلى علماء القرآن ينتسب إلى الأصولييَّن فقد كتب البرهان في علوم القرآن، كما كتب البحر المحيط في أصول الفقه، وقد تبنى في البرهان التقسيم الثلاثي، لكنَّه في البحر المحيط جعل الأقسام ستة مع إمكان إرجاع بعضها إلى بعض، لكن اختيار هذا التقسيم قد يكون أوضح، فقال الزركشيّ في البحر المحيط: "قسّمه أبو إسحاق المروزيّ والماورديّ وابن السمعانيّ وغيرهم إلى ستة أقسام:

الأول: ما نسخ حكمه وبقي رسمه وثبت حكم الناسخ ورسمه، كنسخ آية الوصيَّة للوالدين والأقربين بآية المواريث، ونسخ العدّة حولاً بأربعة أشهر وعشر، فالمنسوخ ثابت التلاوة مرفوع الحكم، والناسخ ثابت التلاوة والحكم.

الثاني: ما نسخ حكمه ورسمه، وثبت حكم الناسخ ورسمه، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وصيام عاشوراء برمضان(19)!!

الثالث: ما نسخ حكمه، وبقي رسمه، ورفع اسم الناسخ وبقي حكمه، كقوله تعالى: "فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أو يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً" (النساء:15) بقوله: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله"، وزاد في البرهان: فيعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول(20).

الرابع: ما نسخ حكمه ورسمه، ونسخ رسم الناسخ وبقي حكمه، كالمروي عن عائشة رضي الله عنها "كان فيما أنزل عشر رضعات..."(21).

الخامس: ما بقي رسمه وحكمه، ولا نعلم الذي نسخه كالمروي أنّه كان في القرآن "لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لابتغى أن يكون له ثان، ولا يملأ فاه ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب"،(22) وكخبر أصحاب بئر معونة(23)، قال الزركشيُّ: هكذا ذكر الماورديُّ هذا القسم في الحاوي، ومثّله بالحديث الأول، وفيه نظر كما قال السمعانيُّ، وقال: هذا ليس بنسخ حقيقة، ولا يدخل في حده، وعده غيره مما نسخ لفظه وبقي معناه، وعده ابن عبد البر في التمهيد مما نسخ خطه وحكمه، وحفظه ينسى مع رفع خطه من المصحف، وليس حفظه على وجه التلاوة، ولا يقطع بصحته عن الله، ولا يحكم به اليوم أحد، قال: ومنه قول من قال: إنَّ سورة الأحزاب كانت نحو سورة البقرة والأعراف.

السادس: ناسخ صار منسوخاً، وليس بينهما لفظ متلو، كالتوارث بالحلف والنصرة نسخ بالتوارث بالإسلام والهجرة، ثم نسخ التوارث بالهجرة، ذكره الماورديُّ. قال ابن السمعانُّي: وهذا عندي يدخل في النسخ من وجه. ثم قال: وعندي أنَّ القسمين الأخيرين تكلُّف.

وذكر أبو إسحاق في وجوه النسخ في القرآن شيئاً أُنسي، فرُفع بلا ناسخ يعرف، فلم يبق له رسم ولا حكم، مثل ما روي أنَّ سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة فرفعت(24).

وقد نحى الإمام مكيُّ بن أبي طالب منحى خاصًّا في تقسيم النسخ، فقد أدار أقسامه مع معاني النسخ في لغة العرب، ثم بقي عليه قسم لم يندرج معه تحت أيّ معنى مما ذكره فأفرده، كما أنّه أورد معنى لغويّاً من معاني النسخ لم يستقم مع أيّ من أقسام النسخ محل التقسيم، وحاصل ما ذكره ستة أقسام أيضا.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:09 pm

قال -يرحمه الله تعالى-: النسخ يأتي في كلام العرب على ثلاثة أوجه:

الأول: أن يكون مأخوذاً من قول العرب: نسخت الكتاب، إذا نقلت ما فيه إلى كتاب آخر، فهذا لم يتغيرَّ المنسوخ منه، وإنَّما صار له نظيراً مثله في لفظه ومعناه، وهما باقيان، وهذا المعنى ليس من النسخ الذي قصدنا إلى بيانه، إذ ليس في القرآن آية ناسخة لآية أخرى كلاهما بلفظ واحد، ومعنى واحد، وهما باقيتان، وهذا لا معنى لدخوله فيما قصدنا بيانه، وقد غلط في هذا جماعة، وجعلوا النسخ الذي وقع في القرآن مأخوذاً من هذا المعنى، وهو وهم، وقد انتحله النحاس.

الثاني: أن يكون مأخوذاً من قول العرب: نسخت الشمس الظل: إذا أزالته وحلت محله، وهذا المعنى هو الذي عليه الجمهور في منسوخ القرآن وناسخه، وذلك على ضربين:

الضرب الأول: أن يزول حكم الآية المنسوخة بحكم آية أخرى متلوَّة، أو بخبر متواتر، ويبقى لفظ المنسوخة متلواً، نحو قوله تعالى في الزواني: {فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} (النساء:15) وقوله {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فآذُوهُمَا} (النساء:16) فأمر فيها بالسجن والضرب، ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين، الذي تواتر به الخبر والعمل، المنسوخ لفظ تلاوته، وبالجلد مائة في البكرين المذكورين في سورة النور.

الضرب الثاني: أن تزول تلاوة الآية المنسوخة مع زوال حكمها، وتحل الثانية محلها في الحكم والتلاوة، وهذا إنّما يؤخذ من طريق الأخبار الثابتة، وذلك نحو ما تواتر (!!) به النقل عن عائشة -رضى الله عنها- أنهَّا قالت: "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات" قالت عائشة: فنسخهن خمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- وهن مما يقرأ من القرآن". ترى من الذي أزالها من القرآن إن كانت تتلى بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلَّم-؟!

قال مكيُّ: فهذا على قول عائشة -رضي الله عنها- غريب في الناسخ والمنسوخ، فالناسخ غير متلوّ، والمنسوخ غير متلوّ، وحكم الناسخ قائم، ولهذا المعنى اختُلف في ذلك، وعلى هذين المعنيين أكثر الناسخ والمنسوخ في القرآن.

الثالث: أن يكون النسخ مأخوذاً من قول العرب نسخت الريح الآثار، إذا أزالتها فلم يبق منها عوض، ولا حلت الريح محل الآثار، بل زالا جميعاً، وهذا النوع من النسخ إنما يؤخذ من جهة الأخبار، نحو ما رُوي أنَّ سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة طولاً، فنسخ الله منها ما شاء، فأزاله بغير عوض، وذهب حفظه من القلوب!! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

ودليل ذلك –كلّه- قوله عز وجل: "أو نُنْسها" أي نُنْسِكَها يا محمد، فأعلمه أنه ينسيه ما شاء من القرآن. وقد وهم من ذهب إلى ذلك، فالآية لبيان القدرة الإلهيَّة لا لبيان الوقوع، وهي مثل قوله تعالى: "وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً" (الإسراء:86)




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:09 pm

وهذا النوع أيضا جعلوه على ضربين:

أحدهما: أن يزول اللفظ من الحفظ، ويزول الحكم(25).

الثاني: أن تزول التلاوة، واللفظ، ويبقى الحكم والحفظ للفظ، ولا يتلى على أنّه قرآن ثابت، نحو آية الرجم التي تواتر الإخبار عنها أنَّها كانت مما يتلى، ثم نُسخت تلاوتها(26) وبقي حكمها معمولاً به، وبقي حفظها منقولاً لم تثبت تلاوته في القرآن وهي ليست بآية من القرآن المجيد، لكنّها مما جاء في التوراة، وهي ما تزال في بعض نسخ التوراة بلفظها واختلط الأمر على بعض الرواة الذين ظنوا أنَّ قوله: "كانت مما أنزل الله" أي في التوراة، وتوهم البعض فظنوا أنَّ المراد "مما أنزل الله" أي في القرآن وفي بعض الروايات "كانت فيما يتلى" وتوهم البعض أنَّ المراد "فيما يتلى من القرآن" وليس الأمر كذلك، بل المراد: "فيما يتلى من التوراة". ولا أدري من أين جاء مكيّ بدعوى التواتر لما سمّى "بآية الرجم"؟! وفي تفسير الطبري روايات أوردها تعضّد هذا الذي ذكرنا وتؤكد أنَّها من نصوص التوراة(27).

وبقي من أصناف المنسوخ صنف، وهو أن يزول حكم الآية بغير عوض متلوّ، ويبقى لفظها غير محكوم به، نحو ما فرض الله من شروط المهادنة التي كانت بين النبي -صلى الله عليه وآله وسلَّم- وبين قريش، والمذكورة في سورة الممتحنة، فنسخها زوال حكم المهادنة، لأنَّها إنّما كانت شروطاً معلَّقة بعهد، فلما زال العهد زال حكم الشروط، فهو زوال حكم بغير عوض، وبقي لفظ الشروط متلوًّا غير محكوم به(28). وهذا عجيب، لأنَّه لا يندرج تحت مفهوم النسخ ولا ينطوي حدّه عليه، فاعتباره من المنسوخ تعسُّف شديد.

ثم عاد مكيٌّ بعد ذلك فعقد باباً لأقسام المنسوخ، والذي يهمنا في هذه القسمة السداسيَّة التي أدرج فيها أقسام المنسوخ. فقال: المنسوخ من القرآن ستة أقسام:

الأول: ما رفع الله جل ذكره رسمه من كتابه بغير بدل منه، وبقي حفظه في الصدور، ومنع الإجماع على ما في المصحف من تلاوته على أنّه قرآن، وبقي حكمه مجمعاً عليه، نحو "آية الرجم"!!

الثاني: ما رفع الله حكمه من الآي بحكم آية أخرى، وكلاهما ثابت في المصحف المجمع عليه متلوٌّ، وهذا هو الأكثر في المنسوخ، وتمثيله في آية الزواني المنسوخة بالجلد المجمع عليه في سورة النور!!.

الثالث: ما فُرض العمل به لعلَّة، ثم زال العمل به لزوال تلك العلة، وبقي متلوا ثابتاً في المصحف، نحو قوله تعالى: {وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إلى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} (الممتحنة: 11) أمروا بذلك كلّه، وفُرض عليهم لسبب المهادنة التي كانت بين النبي -صلى الله عليه وآله وسلَّم- وبين قريش.

الرابع: ما رفع الله رسمه وحكمه، وزال حفظه من القلوب، وهذا النوع إنما يؤخذ من أخبار الآحاد، قلت: كيف يؤخذ بأخبار الآحاد في الحكم على القرآن المتحدى به المعجز القطعيّ؟! وذلك نحو ما روي عن زر(29) أنه قال: قال لي أبيٌّ: يا زِرُّ كانت سورة الأحزاب لتعدل سورة البقرة، ومنه ما روي عن أبي موسى أنه قال: نزلت سورة براءة، ثم رفعت؟!!

الخامس: ما رفع الله جل ذكره رسمه من كتابه فلا يتلى، وأزال حكمه، ولم يرفع حفظه من القلوب، ومنع الإجماع من تلاوته على أنّه قرآن، وهذا أيضا إنما يؤخذ من طريق الأخبار، نحو حديث عائشة رضي الله عنها في العشر الرضعات والخمس.

السادس: ما حصل من مفهوم الخطاب، فنسخ بقرآن متلو، وبقي مفهوم ذلك منه متلوا، نحو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَواةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} (النساء: 43) فُهم من هذا الخطاب أنَّ السكر في غير قرب الصلاة جائز، فيكون فيه نسخان: نسخ حكم ظاهر متلوّ، ونسخ حكم ما فُهم من متلوه. وهناك تقسيم الإمام الرازي في المحصول وهو تقسيم ثلاثيّ جمع فيه الأقسام الستة، وجعلها مدرجة فيه(30).




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:10 pm

* آثار هذه التقسيمات.. والأفكار التي أملتها

تفرز هذه التقسيمات والأمثلة التي مُثل بها عددًا من المشكلات:

المشكلة الأولى: قضية "نسخ القرآن المجيد بالسنّة"، والجدال الذي قاده الإمام الشافعيّ حول هذا الموضوع، والذي تبدو فيه الإشكاليّة بحجمها الطبيعيّ بينه -يرحمه الله- وبين معاصريه والذين جاءوا من بعده، وخلاصتها: ما أورده الإمام في الرسالة (الفقرات 108-113)؛ حيث قال: "وهكذا سنَّة رسول الله: لا ينسخها إلا سنَّة لرسول الله، ولو أحدث الله لرسوله في أمر سنَّ فيه غير ما سنَّ رسول الله لسنَّ فيما أحدث الله إليه، حتى يبيِّن للناس أنَّ له سنَّة ناسخة للتي قبلها مما يخالفها. وهذا مذكور في سنته -صلى الله عليه وآله وسلَّم-، ثم قال: فإن قال قائل: أيحتمل أن تكون له سنَّة مأثورة قد نُسخت، ولا تؤثر السنَّة التي نسختها؟ وأجاب عن هذا السؤال بقوله: فلا يحتمل هذا، وكيف يحتمل أن يؤثر ما وضع فرضه، ويترك ما لزم فرضه؟ ولو جاز هذا خرجت عامة السنن من أيدي الناس؛ بأن يقولوا: لعلها منسوخة، ثم قال بعد ذلك: فإن قال قائل: هل تُنسخ السنَّة بالقرآن؟ قيل: لو نُسخت السنَّة بالقرآن كانت للنبي فيه سنَّة تبين أنَّ سنته الأولى منسوخة بسنته الأخرى، حتى تقوم الحجة على الناس بأنَّ الشيء ينسخ بمثله.

ثم قال رضي الله تعالى عنه: "ولو جاز أن يقال: قد سن رسول الله، ثم نسخ سنّته بالقرآن، ولا يؤثر عن رسول الله السنَّة الناسخة، جاز أن يقال فيما حرم رسول الله من البيوع كلها قد يحتمل أن يكون حرمها قبل أن ينزل عليه {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة: 275)، وفيمن رجم من الزناة: قد يحتمل أن يكون الرجم منسوخا؛ لقول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} (سورة النور: 2)(31).

ومما نقلناه من كلام الإمام الشافعي يتبين لنا ما يلي:

1. أنَّ الإمام قرر بوضوح "أنَّ الشيء لا ينسخ إلا بمثله"، فلا ينسخ القرآن إلا قرآن، وبذلك تسقط جميع الدعاوى التي بنيت على أحاديث ادعى من ادعى أنَّها ناسخة لآيات قرآنيَّة، ولا ينسخ السنَّة إلا سنَّة مثلها، وذلك يسقط سائر الدعاوى التي ورد فيها ما يشير إلى أنَّ آية قرآنيَّة قد نسخت سنَّة من السنن.

2. أنَّ الإمام - فيما قاله- لم يكن يتحدث عن الناسخ والمنسوخ -من حيث الواقع، ونفس الأمر- وإنما كان حديثه عن الحكم بالنسخ.

3. لم يكن كلام الإمام عن جواز نسخ السنَّة بالقرآن أو العكس، حديثا عن الجواز أو عدمه من حيث العقل أو السمع، فإنَّ حديثه لا يمكن حمله إلا على أنّه بيان لكيفيَّة الحكم بالنسخ.

وعلى هذا فيمكن القول بأنَّ معظم الذين تحدثوا عن رأي الإمام في هذه المسألة، تحدثوا عنه وفي أذهانهم أقوال العلماء الآخرين ونزاعاتهم في المسألة، ولذلك فهموا من قول الإمام أنه قول مقابل للأقوال المنقولة عن الأئمة الآخرين فاستهجنوه، مع أنَّنا نرى أنَّ قوله إنَّما هو في أمر آخر، غير أمر "الجواز والامتناع والوقوع" التي عليها مدار أقوال الآخرين، وإنمَّا هو في حكم المجتهد على النّص بالنسخ: متى يحكم به؟ وكيف؟.

فالإمام لا يرى للمجتهد الحق بأن يحكم بأنَّ هذه السنَّة منسوخة بالقرآن ولا العكس، وإنَّما يحكم بنسخ السنَّة إذا وجد سنَّة مماثلة تصلح ناسخة لها، وآنذاك تكون الآية مقوية للحكم بنسخ تلك السنة. وكذلك الحال بالنسبة للقرآن؛ فإنَّ المجتهد لا يحق له أن يحكم بأنَّ الآية منسوخة إلا إذا وجد آية تصلح أن تكون ناسخة لها، وتكون السنَّة الواردة في الموضوع مبيِّنة لكون الآية الناسخة ناسخة، والمنسوخة منسوخة، والإمام حين قرَّر ذلك كان يهدف إلى حماية أحكام كتاب الله وسنَّة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- من أي تغيير أو تعطيل من قبل من تحدثه نفسه بذلك تحت ستار النسخ.

وقد ذكر الماوردي في أدب القاضي (1/348) ثلاثة أوجه تصلح لإيضاح قول الإمام رضي الله عنه وهي:

1. أنه لا توجد سنَّة إلا ولها في كتاب الله تعالى أصل كانت السنَّة فيه بيانا لمجمله، فإذا ورد الكتاب بنسخها كان نسخا لما في الكتاب من أصلها، فصار ذلك نسخ الكتاب بالكتاب. قلت: وهذا لا نجد ما يدل على أنَّه مراد للإمام.

2. أنَّ الله تعالى يوحي إلى رسوله بما يخفيه عن أمته، فإذا أراد نسخ ما سنَّه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلَّم- أعلمه به حتى يظهر نسخه، ثم يرد الكتاب بنسخه تأكيدا لنسخ رسوله، فصار ذلك نسخ السنَّة بالسنَّة. قلت: الكتاب تبيان لكل شيء، والسنَّة بيان قوليٌّ وعمليٌّ وتطبيقيٌّ للقرآن وليست معارضًا له، ولا بديلاً عنه، بل يستحيل أن تعارضه؛ كيف ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- مأمور باتّباع الكتاب؟!.

3. أنَّ نسخ السنَّة بالكتاب يكون أمرا من الله تعالى لرسوله بالنسخ، فيكون الله تعالى هو الآمر به، والرسول هو الناسخ له، فصار ذلك نسخ السنَّة بالكتاب والسنَّة.

قلت: ومن أعلم المارودي بذلك وما دليله عليه؟!

ولقد اقترب ابن السبكي كثيرا إلى فهم مراد الإمام -رضي الله تعالى عنه- حيث قال في جمع الجوامع(32): "وحيث وقع (نسخ القرآن) بالسنَّة فمعها قرآن (عاضد لها يبيِّن توافق الكتاب بالسنة) أو (نسخ السنة) بالقرآن فمعه سنَّة عاضدة (له) تبين توافق الكتاب والسنة. وما بين الأقواس للشارح الجلال، وراجع قول الجلال أيضا ص (80) منه.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:10 pm

ومما يعضد نحو قول ابن السبكي ما قاله الإمام الشافعي بعد الكلام عن صلاة الخوف، حيث قال: "وفي هذا دلالة على ما وصفت به قبل هذا، في هذا الكتاب (يعني الرسالة): من أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- إذا سن سنة، فأحدث الله إليه في تلك السنَّة نسخها أو مخرجا إلى سعة منها سن رسول الله سنَّة تقوم الحجّة على الناس بها، حتى يكونوا إنما صاروا من سنته إلى سنته التي بعدها".

فنسخ الله تأخير الصلاة عن وقتها في الخوف إلى أن يصلوها كما أنزل الله وسن رسوله في وقتها، ونسخ رسول الله سنته في تأخيرها بفرض الله في كتابه ثم بسنته، صلاها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- في وقتها، كما وصفت(33).

ومع ما في مذهب الإمام الشافعي من وجاهة؛ حيث حاول أن يحمي الكتاب والسنَّة معا من شبهة التعارض والتناقض بينهما، كما حاول أن يضع معالم الاتصال والانفصال بين الكتاب والسنَّة، لكي لا تنمحي الفواصل بينهما، بيد أنَّ العلماء عارضوا ما ذهب إليه معارضة شديدة.

قال ابن السبكي(34): وقد استنكر جماعة من العلماء ذلك منه –رضى الله عنه– حتى قال الكيا الهراسي: "هفوات الكبار على أقدارهم ومن عد خطؤه عظم قدره". وكان القاضي عبد الجبار بن أحمد كثيرا ما ينصر مذهب الشافعي في الأصول والفروع، فلما وصل إلى هذا الموضوع قال: "هذا رجل كبير، لكنّ الحق أكبر منه"، قال: والمغالون في حب الشافعي لما رأوا هذا القول لا يليق بعلو قدره -كيف وهو الذي مهد هذا الفن ورتَّبه، وأول من أخرجه- قالوا: لا بد أن يكون لهذا القول من هذا العظيم محمل، فتعمقوا في محامل ذكروها، وأورد الكيا الهراسي بعضها. ثم قال: واعلم أنَّهم صعبوا أمرا سهلاً، وبالغوا في غير عظيم، وهذا إن صح عن الشافعي فهو غير منكر، وإن جبن جماعة من الأصحاب عن نصرة هذا المذهب فذلك لا يوجب ضعفه، ولقد صنف شيخ الدنيا أبو الطيب سهل بن أبي سهل الصعلوكي كتابا في نصرة هذا القول، وكذلك الأستاذان الكبيران أبو إسحاق الإسفراييني، وتلميذه أبو منصور البغدادي، وهما من أئمة الأصول والفقه، وكانا من الناصرين لهذا الرأي.

ولو قدر لما ذهب إليه الإمام الشافعي أن ينتشر ويقبل لربما خفف كثيرا من الآثار الجانبيّة لهذه الإشكاليّة الخطيرة "إشكاليّة النسخ".

أما نحن فإننا نستطيع أن نرى بوضوح أنَّ الإمام الشافعي -وهو إمام جليل القدر من أئمة أهل السنَّة- أراد نفي النسخ عن القرآن جملة وتفصيلا، وأنَّ كل ما ادعي نسخه إنما هو آيات قابلة للفهم والتفسير لا تناقض بينها ولا تعارض ولا تعادل ولا اختلاف؛ فالقرآن المجيد قد عصمه منزِّله -تبارك وتعالى- وحفظه من كل تلك الأمور.

وأراد -رحمه الله- أن يؤكد للمجتهدين حرمة الحكم بنسخ آية بآية من آيات الكتاب الكريم إلا إذا جاءت آية مثلها تنص على أنها إنَّما نزلت لتنسخ الآية الأخرى وهذا ما لا وجود له في القرآن على الإطلاق.

وأما مذهبه -رضي الله عنه- في أنه لا تنسخ السنَّة بالقرآن، واشتراطه أن يأتي حديث ناسخ، فيه ما ينص على أنه جاء ناسخا لسنَّة أو لحديث جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- قبله، فإنَّه أراد أن يقضي على ذلك التساهل والإسراف في دعاوى النسخ، ويحصره في نحو قوله -صلى الله عليه وآله وسلَّم-: "كنت قد نَهَيْتُكُمْ عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا"(35)، والحديثان -حديث النهي وحديث الإذن- أصلهما في كتاب الله ظاهر في آيات الأمر بالنظر والتفكر في مصائر الهالكين، وما جاء في قوله تعالى: { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} (التكاثر: 1-2) ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- نهى عن زيارة القبور والناس حديثو عهد بالإسلام، وحديثو عهد بالكفر والجاهليَّة، فمن المناسب أن يقطع كل ما يمكن أن يذكرهم بالجاهلية، ويمهد السبيل أمامهم للعودة إلى ما فيها، ومن ذلك تعظيم القبور، وتعظيم الأموات، وعبادة الأصنام التي ترمز إلى صلحاء قد ماتوا، فحين يأذن بذلك وينسبه إلى العبرة والدرس الذي ينبغي الحرص على استفادته من الزيارة ألا وهو تذكُّر الآخرة، بعد أن خالط الإيمان بشاشة القلوب، واستقر التوحيد في الضمائر، ولم يعد لديه -صلى الله عليه وآله وسلَّم- أي خوف على عقائد الأمة من زيارة القبور التي من شأنها أن تقلِّل من نزعة التكاثر، وحبّ الدنيا والانشغال به عن الله تعالى وعن الدار الآخرة أذن بذلك، وبين هذه المعاني وبين النسخ الذي أسرفوا في فهمه فوارق كبيرة، ومع ذلك فإنَّ الإمام الشافعي اعتبر حصر النسخ في السنَّة في نحو ذلك أقل خطرا وضررا من ذلك التعميم الذي ذهب إليه جماهيرهم.

ولذلك فإننا نرى أنَّ نظر الشافعي في هذا الأمر دقيق، وأنه لو قدر لعلماء الأمة أن يفهموه ويتبنَّوه وينشروه لما واجهنا اليوم هذه الإشكاليّة بهذا الحجم، رحمه الله رحمة واسعة.

أما المشكلة الثانية: فتبدو في ذلك الاستسلام التام لسلطة المرويّ والمأثور والموروث، والتساهل اللافت للنظر في تمحيصه ونقده، وخاصة أنَّ هذه المرويَّات تتعلق بكتاب الله المعجز المطلق الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يناله الاختلاف، وهو معصوم محفوظ، معجز، فكان عليهم أن يحتاطوا أشد الاحتياط فلا يسمحون بتداول أي شيء من تلك الرّوايات إذا لم يخضعوه لكل أنواع النقد والتمحيص دراية ورواية معا. وأنَّ التسليم ببعضها يستلزم أقوالاً خطيرة في حق القرآن المجيد، قد يكون منها الوقوع في الكفر بنوعيه الأصغر والأكبر!! ولقد رأيت كيف كان المتقدمون والمتأخرون يتسابقون، بل ويتنافسون في الكشف عما هو ناسخ ومنسوخ في المرحلة المكيَّة.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:11 pm

لقد صار المتأخرون مجرد جُمّاع للروايات الغثيثة الفجَّة، أكثرهم علما أكثرهم رواية، وقد يجتهد بعض هؤلاء ليزيدوا مرويّاتهم؛ إثباتا للقدرة وسعة الاطلاع، والإتيان بما لم يأت به من سبقوهم، وإيحاء بأنَّهم قد استقرءوا كل ما في المسألة من أقاويل، وتجاوزوا في تقسيم المسائل حدود القسمة العقليَّة، وأوردوا من النماذج والأمثلة نماذج لا تنسجم مع كثير من الأحكام البديهيَّة المتعلقة بالقرآن، ومنها ما أجمعوا عليه مع سائر علماء الأمة كامتناع واستحالة وانتفاء وقوع تغيير أو نسخ بعد وفاته عليه الصلاة والسلام؛ ومع ذلك فقد رددوا روايات نحو "الشيخ والشيخة" و"الرضعات العشر" و"لا ترغبوا عن آبائكم" وغيرها باعتبارها مما توفي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- وهي مما يقرأ، إذن من الذي رفعها، وكيف، ولماذا؟ وأين هذه من لغة القرآن ولسانه ونظمه وأسلوبه وبلاغته وفصاحته وتحدّيه؟

إنَّ حديث "الرضعات العشر" رواه مسلم على النحو التالي: "قالت عائشة: كان مما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات، توفي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- وهى مما يقرأ من القرآن" رواه مسلم.

وقد ذهبوا مذاهب شتى في تأويل قولها "وهنّ أو وهي مما يُقرأ"؛ حيث إنَّ ظاهره بقاء التلاوة إلى ما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، إذن: من الذي رفعها؟ وكيف؟ وبدلا من ردّ هذه الروايات لتعارضها مع النّص القرآني على حفظ القرآن وعصمته أو لعدم وجود مستوى لسان القرآن فيها، ولا أسلوب نظمه لا في التحدي ولا في إعجاز النّظم ولا في مستوى الأسلوب ولا في أيّ وجه من وجوه أساليب القرآن، فإنَّهم آثروا المحافظة عليها بالتأويلات(36) فمنهم من أجاب: بأنّه عليه الصلاة والسلام قارب الوفاة، أو أنَّ التلاوة كانت قد نسخت، لكن ذلك لم يبلغ جميع الناس إلا بعد وفاته -صلى الله عليه وآله وسلَّم- فتوفى وبعض الناس يقرؤها، وهنا نود أن نتساءل: هل كانت أم المؤمنين عائشة من بين أولئك الناس الذين لم يعلموا بالنسخ وهى من نسبوا إليها رواية الحديث؟!

لقد كانت سلطة المأثور -على ما يبدو- سلطة مطلقة لا تقاوم، والعقليَّة الجزئيّة -وهي تمارس تشظّياتها وانشطاراتها- لم تلاحظ أيَّة ملازمات عقليَّة أو منطقيَّة أو منهجيَّة يمكن أن تترتَّب على تلك التخرُّصات والتأويلات الهزيلة التي من بينها أنَّ بعض القرآن يمكن أن ينسى ويندرس كالكتب القديمة، ويكون -في نظرهم- نسخا سائغا ومقبولا. وأنَّ نسخا للقرآن وقع بعد وفاته عليه الصلاة والسلام. إنَّهم لأجل المحافظة على سلطة الحديث والرواية الضعيفة والأثر جازفوا بعصمة القرآن، ولو أنَّهم تقيَّدوا بفهم المتقدِّمين للنسخ، وجعلوه منحصرا في دائرة النقل الذي يحدث للنّص عند تقييد المطلق وتخصيص وبيان المجمل لهان الأمر، ولم يعطوا هذا النسخ سلطة عليا تشتمل على إلغاء النصوص حكما وتلاوةً، وتلاوةً مع بقاء الحكم، وحكما مع بقاء التلاوة، وغير ذلك من تحكّمات بشريَّة جائرة في النّص القرآني الذي لا يجوز التحكم فيه؛ إذ له الحاكميَّة المطلقة.

ولو أنَّهم التفتوا إلى البعد الفلسفيّ في فكرة الإمام الشافعيّ بحصر مجالات تحرك "سرطان النسخ" في داخل النّص الواحد، وعدم تعديه إلى النّص الآخر لربما خفّف ذلك من بعض تلك الآثار الخطيرة، ولحصر مخاطر كثير من تلك المرويَّات في دائرة مرويّات مثلها لا تطاول القرآن المجيد، ولا تتطاول إلى عليائه .

ومع اتفاق جمهرة علماء أصول الفقه وعلماء القرآن والمفسرين على التقسيمات الأساسية التي ذكرناها -لكن بعضهم ألحن بحجّته من بعض- فإنَّ بعضهم وهو يمارس عملية التأويل لبعض المروي يأتي بالعجائب، فينقل الزركشي عن الواحدي (37) قوله: "وإذا جاز أن يكون قرآنا يعمل به ولا يتلى (؟!) وذلك لأنَّ الله أعلم بمصالحنا، وقد يجوز أن يعلم من مصلحتنا تعلق العمل بهذا الوجه".

لعل الواحدي هنا يشير إلى "الشيخ والشيخة إذا زنيا" فهذا قد اعتبروه مما نسخ تلاوته وبقي حكمه، وقالوا بوجوب العمل به إذ تلقته الأمة بالقبول(38).




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:11 pm

إنَّ الله سبحانه وتعالى جعل حد الزنا "مائة جلدة" {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} ولم تفرق الآية الكريمة بين الأعزب والمتزوج في العقوبة؛ لأنَّ الآثار المترتّبة على الزنا واحدة، سواء وقع الزنا من أعزب أو متزوج؛ لكنّ "الوعى الفقهيّ" مترع بالتوجُّهات القياسيّة، والقياس لا يقبل التسوية بين المتزوج والأعزب، فالمتزوج لديه الزوجة فيستطيع قضاء وطره معها، وليس كذلك الأعزب، إذن فالتسوية بينهما في العقوبة كما فعل القرآن لا بد له من تتمة يبحث عنها فما وجدوا إلا حديث "الشيخ والشيخة إذا زنيا، الذي هو نص من نصوص التوراة"(39)، وليتهم اعتبروا هذا مخصصا لعموم القرآن، لكنَّهم لم يكفهم إلا القول بالنسخ لورود الروايات التالية:

رُوي أنّه كان في سورة النور "والشيخ والشيخة" إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله، ولهذا قال عمر: لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله، لكتبتها بيدي، رواه البخاري في صحيحه معلقا. وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي بن كعب قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، فكان فيها "والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما"(40).

وإذا كان الزركشي يذهب إلى أنَّ امتناع عمر بن الخطاب عن كتابة هذه الآية في القرآن، راجع إلى اعتقاده أنها من أخبار الآحاد التي لا يثبت بها القرآن، فإنَّ السيوطي يرى أنَّ ذلك مردود: فقد صح -في نظره- أنه تلقاها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، وأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف فمرا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- يقول: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلَّم- فقلت: أكتبها؟ فكأنه كره ذلك. فقال عمر: ألا ترى أنَّ الشيخ إذا زنا ولم يحصن جُلد، وأنَّ الشاب إذا زنا وقد أحصن رجم. قال ابن حجر في شرح المنهاج: فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها(41).

وهذا ينبه إلى أنَّ هذا لو صح عن عمد فإنّه ينفي نفيا قاطعا أن يكون عمر قد ظن في لحظة من اللحظات أنَّ هذه يمكن أن تكون آية من آيات القرآن الكريم المعجز في خصائصه ونظمه وأسلوبه، وإذا كانت قرآنًا فكيف يكره النبيّ –صلى الله عليه وآله وسلَّم- كتابتها، وهل يبيح العمل على غير الظاهر من عمومها إلغاء قرآنيتها؟ ومن الذي يملك سلطة إلغاء شيء من القرآن؟!.

ويرى آخر أنَّ الحكمة في نسخ التلاوة مع إبقاء الحكم ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمّة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظنِّ من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام، والمنام أدنى طرق الوحي(42). وهذا قول متهافت لا يتفق مع قوله تعالى { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (النساء: 165)، ولا يتفق مع كون القرآن الكريم تبيانا لكل شيء، ولا مع قوله تعالى: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} (النحل: 39) وقد أغنانا الله بكتابه الذي أحصى كل شيء، وأحاط بكل شيء علما عن هذه التخرّصات وأمثالها مما نهانا الله عنه في قوله تعالى: }قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ{ (الأنعام: 148)، وذمّه الذين يتبعون الظنّ. وكل ما في هذه الشريعة جاء بكتاب فصله الله على علم، وبيَّنه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- بوحي، وأقام عليه البرهان والحجة والأدلة العلميَّة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (مريم: 64)، وهذه التأويلات والتخرصات هي التي فتحت عقول الكثيرين من المسلمين للظنون والأوهام والتخرُّصات، وهيأت للشياطين اجتيالهم عن المحجة البيضاء.

وإذا كان الامتناع عن التدوين مصدره النبي نفسه فليس وراء هذا دلالة على أنهَّا ليست جزءًا من النّص الذي نعلم الحرص على تدوينه من جانب النبيّ، وتفسير نسخها بأنَّ العمل بها على غير الظاهر من عمومها أمر عجيب(43).

ويغرب السيوطي أكثر حين يقول: وخطر لي في ذلك نكتة حسنة، وهو أنَّ سبب التخفيف على الأمّة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف، وإن كان حكمها باقيا لأنّه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود، وفيه الإشارة إلى ندب الستر. قلت: إنَّ الستر لا يحتاج إلى هذا الاتجاه الوعر الخطر؛ إذ إنَّ الستر قد تحقق بإفراد الزنا وحده من بين سائر المعاصي بضرورة إشهاد أربع عليه.

أما القول بأنَّ إخفاء ما ادّعي أنه آية رجم طلبا للستر، فإنّها دعوى تفتقر إلى كثير من المنطق لتستقيم، وأنَّى لها أن تستقيم!!. _يتبع_

* أ.د. طه جابر العلواني: رئيس المجلس الفقهي لشمال أمريكا




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty رد: ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)

مُساهمة من طرف سامح عسكر السبت أبريل 16, 2011 11:12 pm

* الهوامش:

[1] هذه المقولة شاعت وانتشرت في "جيل الفقه"وبها احتج القائلون "بحجيَّة القياس" ثم استرسلوا في الاحتجاج بها في الأدلة المختلف فيهل – كلها – وبذلك صيَّروا "القرآن المطلق" نسبيَّاً و"الوقائع النسبية الحادثة" مطلقا!!
[2] قد ناقشنا مذهب الشاطبي هذا في الحلقة الخاصة "بالوحدة البنائية" وهي الحلقة التي نشرت ثالثة في هذه السلسلة فلا نعود إليه وراجعه هناك ففيه الكثير من الفوائد.
أما قضية مخاطبة من لم يكن مولودا في عصر الرسالة بالقرآن الكريم وبخطاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فهي المسألة التي عرفت عند الأصوليين بمسألة "تكليف المعدوم" ولهم في ذلك جدل طويل لا ضرورة له لولا سيطرة بعض الأفكار الكلاميَّة مثل قضية الحسن والقبح، ووجوب الأصلح، وعدم جواز تكليف من هو غير مؤهَّل للتكليف، والخلط بين تعلّق الخطاب بما يتناوله العموم، ومن يتناوله، وبما لا يتناوله العموم ومن لا يتناوله، وخلط البعض - كذلك – بين التعلّق التنّجيزي الذي يراد به إنجاز الفعل أو القيام به ساعة الخطاب به، وبين ضرورة القيام به عند توافر شروطه، واستيفاء المكلَّف به لشروط الإنجاز، وقد أخذ الله –تبارك وتعالى- العهد من البشر وهم في "عالم الذر" بقوله تعالى " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِىءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَآ أن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أو تَقُولُواْ إنمَآ أَشْرَكَ ءَابَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ "( الأعراف: 172 – 173 ) وهو خطاب منه – سبحانه وتعالى – للبشر وهم في حالة لا يمكن أن يتعلّق بها الخطاب تعلّقا تنجيّزيا يقتضي القيام بالفعل حين الخطاب، ولكنه يصدق عليه أنَّه خطاب مستوف لكل أركان الخطاب لمخاطَب مؤهّل للفهم والإدراك ليذكَّر به عندما يصبح قادرا على إنجاز ما فهمه، بحيث يتعلق الخطاب - آنذاك - بفعل المخاطب تعلّقا "تنجيّزيا"، بعد أن تعلق به تعلُّقًا صلوحيّاً.
كما أنَّ نصوص الكتاب والسنَّة متضافرة على عموم هذه الرسالة وشمولها "وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً" (سبأ: 28) "قُلْ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا" ( الأعراف: 158 ) "إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ" (الأنعام: 90 ) والعالمون شاملة لمن كانوا في عهد الرسالة ووقت تلقي الخطاب وللذين يأتون من بعدهم ويندرجون تحت هذا المفهوم إلى يوم الدين، وقد كان في مقدور العلماء الذين أنفقوا كثيرا من الوقت والجهد في مناقشة هذا الأمر أنَّ لا يأسروا أنفسهم في المسائل التي جرهم إليها الجدل الكلاميِّ مثل مسألة الحسن والقبح، ومفاهيم الشيء، والمعدوم، وتحديد مقولات الوجود وما إلى ذلك بالطرق التي فعلوها ليوفروا على أنفسهم وعلى الأمة ذلك الجدل العقيم ويمكنك مراجعة المسألة بتفاصيلها وبتعليقنا عليها بهامش المحصول( 2/55 ) وما بعدها فستجد تلخيصا وافيا ودقيقا، ومناقشة مستفيضة كتبناها لهذه المسألة. فاحرص على الاطلاع عليها هناك.
[3] قام بهذا الإحصاء الدكتور حاتم الضامن في مقدمته لتحقيق كتاب ناسخ القرآن لابن البارزي.
[4] الإتقان، ( 2/30).
[5] كتاب حجة الله البالغة( 1/259).
[6] مناهل العرفان، (2/152-162).
[7] مناهل العرفان، (2/152-162).
[8] وما زال ليومنا هذا أكثر كتب النسخ المتداولة، وقارن ما قاله ابن الجوزي في حق ابن سلامة نفسه في مقدمة كتابه في حق المفسرين، حيث قال (ص8)" لما رأيت المفسرين قد تهالكوا هذا العلم، ولم يأتوا منه وجه الحفظ، وخلطوا بعضه ببعض ألفت هذا الكتاب.." أنَّ مثل هذه العبارات تدل على مدى عمق المشكلة، كما تدل العبارات المتبادلة بينهم على أنَّهم مع إحساسهم بالمشكلة لم يستطيعوا بما قدموه مجاوزتها أو الوصول إلى القول الفصل فيها لأسباب لا تخفي على المطلع على تراثنا في هذه الجوانب.
[9] نواسخ القرآن لابن الجوزي، ص (74-76) و(123).
[10] نواسخ القرآن، ص ( 123).
[11] الإتقان (2/22).
[12]راجع البرهان للزركشي 2/40-41.
[13]وهذا غير مقبول بحال فإنَّ النسخ لا يمكن أن يقع -عند القائلين به- خارج عصر الرسالة فلا تصح دعاوى ناسخ ومنسوخ بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- حسب مذهب القائلين بالنسخ، كافّة فمن الذي يزيل صفة المنسوخ عنه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام؟!! فكيف يقال هذا؟ ومن الذي يملك هذه الصلاحيَّة؟؟
[14] الإنساء هو التأجيل، والتأجيل في الأحكام الشرعيَّة يتوقف على دليل يقوم على ذلك، وإلا فإنَّه يكون تحكمّا في النّص بلا دليل، كما أنَّ القول بالإنساء ليس فيما نحن فيه، بل ذلك خروج عن موضع النزاع ودخول في موضوع آخر ليس هذا موضع بحثه، كما أنَّ من لم يسلم النسخ لن يستطيع قبول مبدأ الإنساء، لأنَّه لا دليل عليه من ناحية، ومن ناحية أخرى يجعل النّص تابعا للواقع في حين أنَّ قطع القرآن عن أسباب النزول في العرضتين الأخيرتين واتخاذه صفة الإطلاق يجعل المطلوب من المخاطبين صياغة أسئلة الواقع على أنَّها أسئلة نرفعها إلى القرآن ليجيب القرآن عنها بدون أن يتحكم المجتهدون في الآيات، بل يتحكمون في صياغة وقائعهم وأسئلتهم والقرآن يجيب عنها.
[15] صحيح مسلم كتاب الإيمان، بَاب بيان أنَّ الإسلام بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا وإنه يَأْرِزُ بين الْمَسْجِدَيْنِ (1/130) رقم 14.
[16] صحيح ابن حبان ذكر إعطاء الله -جل وعلا- العامل بطاعة الله ورسوله في آخر الزمان أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ( 2/108 رقم 385).
[17] الزركشي في البرهان (2/42-43).
[18] هذا ولإمام الحرمين في البرهان فرضيَّة افترضها وناقشها، وقد تلقي ضوءًا على ما نحن فيه، وستناولها في آخر هذه الدراسة إن شاء الله، فراجعها في البرهان (2/880 وما بعدها).
[19] أخرج البخاري بسنده من طريق عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت (كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قبل أن يُفْرَضَ رَمَضَان وكان يَوْمًا تُسْتَرُ فيه الْكَعْبَةُ فلما فَرَضَ الله رَمَضَان قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - من شَاءَ أن يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أن يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ). صحيح البخاري كتاب التفسير، بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (جَعَلَ الله الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ) (2/578 رقم 1515) ولكي يقال: إن استقبال بيت المقدس منسوخ لا بد من وجود الدليل القوليّّ الدال على وجوب استقباله، ليعلم أنّه قد نسخ بالدليل الأمر بالتوجة إلى الكعبة، وإلا فسيكون من قبيل نسخ الفعل النبوي بالقرآن، وذلك ما لم يقرّه الإمام الشافعي وآخرون.
[20]) البرهان، (2/35)، وام يذكر شيئًا عن الشروط أو الضوابط التي تجعلنا قادرين على الحكم بأنَّ الأمّة قد تلقته بالقبول!!.
[21] أخرج مسلم بسنده عن عَمْرَةَ عن عَائِشَةَ أنها قالت (كان فِيمَا أُنْزِلَ من القرآن عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ من القرآن)
صحيح مسلم كِتَاب الرِّضَاعِ بَاب التَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ ( 2/1075 رقم 1452).
قال النووي: ومعناه أنَّ النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا حتى أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا متلوا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أنَّ هذا لا يتلى. شرح النووي على صحيح مسلم (10/29) قلت: وهل "العشر" مما يتلى؟!
[22] أخرج البخاري بسنده من طريق عَطَاء قال سمعت ابن عَبَّاسٍ يقول سمعت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلَّم – يقول: (لو أنَّ لابن آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا، لَأَحَبَّ أن له إليه مثله، ولا يَمْلَأُ عَيْنَ بن آدَمَ إلا التُّرَابُ وَيَتُوبُ الله على من تَابَ) قال ابن عَبَّاسٍ: فلا أَدْرِي من القرآن هو أَمْ لَا؟ قال: وَسَمِعْتُ ابن الزُّبَيْرِ يقول ذلك على الْمِنْبَرِ. صحيح البخاري، كتاب الرقاق، بَاب ما يُتَّقَى من فِتْنَةِ الْمَالِ( 5/2364 رقم 6073).
[23] أخرج البخاري بسنده عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال دَعَا رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- على الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ غَدَاةً على رِعْلٍ وَذَكْوَان وَعُصَيةَ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قال إنسٌ: أُنْزِلَ في الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قرآن قَرَأْنَاهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أن قد لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عنه) كتاب التفسير بَاب فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ الله من فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لم يَلْحَقُوا بِهِمْ من خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عليهم ولا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ من اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } (3/1036 رقم 2659).
[24] البحر المحيط،( 5/252-258). لست أدري كيف سوَّغ هؤلاء العلماء لأنفسهم تناقل هذه الروايات التافهة التي انفرد بها راو عرف بالأوهام، لا ثقة فيما يرويه للنيل من مسلَّمة عقديّة لا يجوز الشك فيها، فمجرد الشك بأنَّ الله – تبارك وتعالى – لم يحفظ كتابه الذي أعلن أنه هو الذي يتولى حفظه وجمعه وقرآنه، وإقراءه لنبيه، وهذه الرّوايات الساقطة التافهة الغثيثة تصادم ذلك - كله - بل تنفيه تماما، وإذا كان الشغف بالرّوايات من بعض الناس لأية أسباب قد حمل هؤلاء على ترديد ورواية تلك الروايات الساقطة فلم رددها هؤلاء العلماء ومنحوها الحياة وجعلوها تتنزل من جيل إلى جيل، وهل هذه الروايات ومن رواها من أهل الأوهام والأغراض أغلى وأعز على الناس من مسلَّمة "سلامة القرآن وعصمته" بحفظ الله له؟!!
[25] ترى كيف يزول وجود الشيء الذهني والواقعي ومع ذلك يحكمون عليه بالبقاء أو الزوال؟!
[26] أخرج البخاري بسنده عن ابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال عُمَرُ: (لقد خَشِيتُ أن يَطُولَ بِالنَّاسِ زمان حتى يَقُولَ قَائِلٌ لَا نَجِدُ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا الله، ألا وَإن الرَّجْمَ حَقٌّ على من زَنَى وقد أَحْصَنَ إذا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أو كان الحمل أو الِاعْتِرَافُ، قال سُفْيان كَذَا حَفِظْتُ ألا وقد رَجَمَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلَّم- وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ) صحيح البخاري، كتاب المحاربين، بَاب الاعْتِرَافِ بِالزِّنَا (6/2503 رقم 6441).
[27] فراجعها في تفسيره (3/156) وما بعدها، ط، دار المعرفة في لبنان المصورة عن الأميريّة.
[28] الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه، لمكي بن أبي طالب، ص (41-49).
[29] زِرُّ بن حبيش –بكسر أوله وتشديد الراء- بن حبيش بن حباشة بن أوس بن بلال وقيل: هلال بن سعد بن نصر بن غاضرة بن مالك بن ثعلبة بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، أبو مريم، ويقال أبو مطرف الكوفي، مخضرم أدرك الجاهلية. يروى كثيرًا عن أبيّ، وهو الذي رويت عنه سائر الروايات النافية لقرآنيَّة الفانحة والمعوذتين. كان يتشيَّع لأمير المؤمنين عليّ عليه السلاِم ويقدمه على عثمان –رضي الله عنه- وثقة بن معين:، وقال اين سعد: إنه كان كثير الحديث.
قال عاصم: وكان زِرٌّ من أعرب الناس وكان عبد الله يسأله عن العربيّة، وقال العجلي: وكان شيخًا قديمًا إلا أنّه كان فيه بعض الحمل على علي بن أبي طالب t، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة. وعن زِر رويت كل تلك العظائم، فهل كان ذلك بدافع من معارضته لعثمان، ومحاولة للنيل من "المصحف" الإمام، والنيل من زيد انتصارًا لموقف ابن مسعود؟ كل ذلك محتمل. والله أعلم.
له ترجمة تهذيب الكمال (9/335) ومعرفة الثقات (1/370) وسير أعلام النبلاء (4/ 166) وتهذيب التهذيب (3/ 277) وتقريب التهذيب (1/ 215).
[30] فمراجعة في المحصول: (3/322- 324) بتحقيقنا. أما إمام الحرمين فله في موضوع النسخ –كلّه- موقف خالف فيه القاضي في بيان حقيقة النسخ، فالإمام يشير إلى أنَّ النسخ –عنده- "في حكم البيان لمعنى اللفظ.. فالمكلفون قبل وروده (أي: الناسخ) لا يقطعون بتناول اللفظ الأول (أي الذي عدّوه منسوخًا) جميع الأزمان" على التنصص، وإنّما يتناولها ظاهرًا معرضًا للتأويل.
وعلى هذا فإنّه يرى فيه ما يقرب أن يكون قسيمًا للتخصيص الذي يبيّن زوال العموم المحتمل، والنسخ يبيِّن زوال التأبيد المحتمل الذي لم ينصّ عليه. فراجع البرهان (2/842) الفقرة (1413). وعقّب على ما ذكره القاضي الباقلاني بقوله: "وهذا الذي ذكره القاضي عندنا تشغيب غير مستند إلى مأخذ" فقرة (1417).
وقال في الفقرة (1419): ".. ولا يسوغ فهم الناسخ والمنسوخ مع تنزيه كلام الله –تعالى- عن التناقض ويبسّط الموضوع بشكل كبير حين يقول يرحمه الله: ".. فإذاً الحكم الذي يرد النسخ عليه في علم الله –تعالى- غير مؤيّد، ولا لبس على الله –تعالى- وإنمّا حسب المتعبّدون أمرًا بأن خلاف ماحسبوه، ولو تحققوا لكانوا في استمرار الحكم الأول مجوّزين للتقدير الذي ذكرنا فلا يكونون إذا قاطعين بالتأبيد في الحكم مع تجويزهم ورود ما ينافيه..." ويرجع يرحمه الله الأمر كلّه إلى انعدام شروط دوام الحكم الأول الذي يظهره النص الآخر.
[31] الرسالة ص 109 - 111.
[32] (2/78-79) بحاشية البنانى.
[33] انظر الرسالة، ص (183-184).
[34] في الإبهاج (2/159-160).
[35] صحيح مسلم، كتاب الجنائز، بَاب اسْتِئذان النبي -صلى الله عليه وسلم- رَبَّهُ في زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، 2/672 رقم 977.
[36] هذه التأويلات نقلها الزركشى في البرهان (2/39)، وتبنى بعض هذه التأويلات النووي في شرحه لحديث عائشة في صحيح مسلم (10/29).
[37] البرهان (2/41).
[38] البرهان (2/35). وقولهم: "تلقته الأمة بالقبول" قول فضفاض لا علم بسنده ولا دليل يعضده، وضعوه وتعلق به من تعلق ليتخذ منه وسيلة لتعزيز ما لا يمكن إقامة دليل على قبوله.
[39] انظر تفسير الطبري (3/156) وما بعدها. طبعة دار المعرفة، وانظر الكتاب المقدس سفر التثنية الإصحاح الثاني والعشرين رقم (21)، والإصحاح الثالث والعشرين.
[40] المصدر نفسه.
[41] المصدر نفسه.
[42] المصدر نفسه.
[43] مفهوم النص، نصر أبو زيد، ص 146.

المصدر: إسلام أون لاين




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28508
السٌّمعَة : 23
العمر : 44
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

ردًّا على الجابري: النسخ... ليس تحريفًا للقرآن (1/2)  Empty ردّ على قضية التحريف...

مُساهمة من طرف ???? الأحد أبريل 17, 2011 12:41 am

بسم الله الصلاة و السلام على رسول الله...

أخي أبو عبد الرحمن , قضية الناسخ و المنسوخ لا دلو لي فيها فهي من اختصاص العلماء....و الباحثين أمثالك حفظكم اللّه... ما يهمّني هو أن القرآن محفوظ و مصون من الله تعالى بدليل القرآن نفسه:’’انّ علينا جمعه و قرآنه....’’ سورة المدثّر .الآية 17.18.19..
فالله عزّ و جلّ توكلّ بحفظه و جمعه و بيانه... اذن لا محال للتحريف.... فالقرآن أصدق و أبلغ من قول الدكتور جابر العلواني.

و السلام..
Anonymous
????
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى