القرضاوي للشباب: حافظوا على حياتكم فالذي يجب أن يحرق هم الطغاة
2 مشترك
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
القرضاوي للشباب: حافظوا على حياتكم فالذي يجب أن يحرق هم الطغاة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه.
(وبعد)
يطيب لي أن أتمثل بقول الشاعر:
همو نقلوا عني الذي لم أفه به وما آفة الأخبار إلا رواتها
لقد أساء بعض الناس فهم حديثي عن الشاب التونسي
الحر الكريم، الذي أحرق نفسه، بعد أن ضاق ذرعا بالحياة والأحياء، وأغلق
المسئولون أمامه أبواب الرزق، فهو جامعي لم يجد عملا، إلا أن يشتري عربة
يبيع عليها الخضار، يكسب منه رزقه، فمنعه رجال الأمن وصادروا عربته، فحاول
أن يشتري عربة أخرى فلم يمكن ذلك، واشتكى إلى الشرطة، فصفعته شرطية على
وجهه، ولجأ إلى الوالي يشكو إليه فطرده، وهنا قرر أن يذهب إلى الساحة التي
كان يبيع فيها، ويوقد النار في جسده أمام الملأ، احتجاجا على الجوع من
ناحية، وعلى امتهان كرامته من ناحية أخرى، وهو عربي من بني هلال، ولهذا
تسمى المنطقة (أبو زيد)، نسبة إلى أبي زيد الهلالي، الفارس المشهور.
هذا هو الشاب محمد أبو عزيزي، الذي كان إحراقه
نفسه الشرارة التي أشعلت الثورة العظيمة في الشعب التونسي الذي استجاب له،
وانتقلت من مدينة إلى أخرى، ومن ولاية إلى ولاية، ومن فئة إلى أخرى، حتى
تحولت تونس الخضراء إلى شعلة حمراء، التهمت نارها الطغاة والظالمين.
أود أن أقول: إني لم أكتب فتوى في هذا
الموضوع، ولكني علَّقت عليه في برنامجي (الشريعة والحياة) وقلت: إني أتضرع
إلى الله تعالى وأبتهل إليه أن يعفو عن هذا الشاب ويغفر له، ويتجاوز عن
فعلته التي خالف فيها الشرع الذي ينهى عن قتل النفس، كما قال تعالى: {وَلَا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
[النساء:29]، ودعوت الإخوة في تونس والمسلمين عامة: أن يدعوا الله معي،
ويشفعوا عنده لهذا الشاب الذي كان في حالة ثورة وغليان نفسي، لا يملك فيها
نفسه وحرية إرادته، فهو أشبه بحالة الإغلاق التي لا يقع فيها الطلاق، "لا
طلاق في إغلاق". رواه أحمد.
وأنا هنا أوجب على الأنظمة الحاكمة أن تسأل نفسها: ما الذي دفع هذا الشاب أن يحرق نفسه، وتحاول أن تجد لمشكلته حلا.
وهنا أنبِّه إلى قاعدة شرعية مهمة، وهي أن
الحكم بعد الابتلاء بالفعل، غير الحكم قبل الابتلاء به، فقبل الابتلاء
بالفعل ينبغي التشديد حتى نمنع من وقوع الفعل، أما بعد الابتلاء بوقوعه
فعلا، فهنا نلتمس التخفيف ما أمكن ذلك. وفي ذلك أمثلة وأدلة كثيرة. فهذا ما
قلته، وما لا أزال أقوله.
وأنا أنادي شباب العرب والمسلمين في مصر
والجزائر وموريتانيا وغيرها، الذين أرادوا أن يحرقوا أنفسهم، سخطا على
حاضرهم، ويأسا من مستقبلهم: أيها الشباب الحر: {لاَ تَيْأَسُواْ مِن
رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ
الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87]، وإن مع العسر يسرا، وبعد الليل فجرا،
وأشد ساعات الليل سوادا وظلمة هي السويعات التي تسبق الفجر.
أيها الشباب: حافظوا على حياتكم، فإن
حياتكم نعمة من الله يجب أن تشكر، ولا تحرقوا أنفسكم، فإن الذي يجب أن يحرق
إنما هم الطغاة الظالمون، فاصبروا وصابروا ورابطوا، فإن مع اليوم غدا، وإن
غدا لناظره قريب، وصدق رسول الله إذ يقول: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا
أخذه لم يفلته" ثم تلا قوله: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ
الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102].
ولدينا من وسائل المقاومة للظلم والطغيان ما يغنينا عن قتل أنفسنا، أو إحراق أجسادنا. وفي الحلال أبدا ما يغني عن الحرام.
والله من وراء القصد، وهو يهدي سواء السبيل.
يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
(وبعد)
يطيب لي أن أتمثل بقول الشاعر:
همو نقلوا عني الذي لم أفه به وما آفة الأخبار إلا رواتها
لقد أساء بعض الناس فهم حديثي عن الشاب التونسي
الحر الكريم، الذي أحرق نفسه، بعد أن ضاق ذرعا بالحياة والأحياء، وأغلق
المسئولون أمامه أبواب الرزق، فهو جامعي لم يجد عملا، إلا أن يشتري عربة
يبيع عليها الخضار، يكسب منه رزقه، فمنعه رجال الأمن وصادروا عربته، فحاول
أن يشتري عربة أخرى فلم يمكن ذلك، واشتكى إلى الشرطة، فصفعته شرطية على
وجهه، ولجأ إلى الوالي يشكو إليه فطرده، وهنا قرر أن يذهب إلى الساحة التي
كان يبيع فيها، ويوقد النار في جسده أمام الملأ، احتجاجا على الجوع من
ناحية، وعلى امتهان كرامته من ناحية أخرى، وهو عربي من بني هلال، ولهذا
تسمى المنطقة (أبو زيد)، نسبة إلى أبي زيد الهلالي، الفارس المشهور.
هذا هو الشاب محمد أبو عزيزي، الذي كان إحراقه
نفسه الشرارة التي أشعلت الثورة العظيمة في الشعب التونسي الذي استجاب له،
وانتقلت من مدينة إلى أخرى، ومن ولاية إلى ولاية، ومن فئة إلى أخرى، حتى
تحولت تونس الخضراء إلى شعلة حمراء، التهمت نارها الطغاة والظالمين.
أود أن أقول: إني لم أكتب فتوى في هذا
الموضوع، ولكني علَّقت عليه في برنامجي (الشريعة والحياة) وقلت: إني أتضرع
إلى الله تعالى وأبتهل إليه أن يعفو عن هذا الشاب ويغفر له، ويتجاوز عن
فعلته التي خالف فيها الشرع الذي ينهى عن قتل النفس، كما قال تعالى: {وَلَا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
[النساء:29]، ودعوت الإخوة في تونس والمسلمين عامة: أن يدعوا الله معي،
ويشفعوا عنده لهذا الشاب الذي كان في حالة ثورة وغليان نفسي، لا يملك فيها
نفسه وحرية إرادته، فهو أشبه بحالة الإغلاق التي لا يقع فيها الطلاق، "لا
طلاق في إغلاق". رواه أحمد.
وأنا هنا أوجب على الأنظمة الحاكمة أن تسأل نفسها: ما الذي دفع هذا الشاب أن يحرق نفسه، وتحاول أن تجد لمشكلته حلا.
وهنا أنبِّه إلى قاعدة شرعية مهمة، وهي أن
الحكم بعد الابتلاء بالفعل، غير الحكم قبل الابتلاء به، فقبل الابتلاء
بالفعل ينبغي التشديد حتى نمنع من وقوع الفعل، أما بعد الابتلاء بوقوعه
فعلا، فهنا نلتمس التخفيف ما أمكن ذلك. وفي ذلك أمثلة وأدلة كثيرة. فهذا ما
قلته، وما لا أزال أقوله.
وأنا أنادي شباب العرب والمسلمين في مصر
والجزائر وموريتانيا وغيرها، الذين أرادوا أن يحرقوا أنفسهم، سخطا على
حاضرهم، ويأسا من مستقبلهم: أيها الشباب الحر: {لاَ تَيْأَسُواْ مِن
رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ
الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87]، وإن مع العسر يسرا، وبعد الليل فجرا،
وأشد ساعات الليل سوادا وظلمة هي السويعات التي تسبق الفجر.
أيها الشباب: حافظوا على حياتكم، فإن
حياتكم نعمة من الله يجب أن تشكر، ولا تحرقوا أنفسكم، فإن الذي يجب أن يحرق
إنما هم الطغاة الظالمون، فاصبروا وصابروا ورابطوا، فإن مع اليوم غدا، وإن
غدا لناظره قريب، وصدق رسول الله إذ يقول: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا
أخذه لم يفلته" ثم تلا قوله: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ
الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102].
ولدينا من وسائل المقاومة للظلم والطغيان ما يغنينا عن قتل أنفسنا، أو إحراق أجسادنا. وفي الحلال أبدا ما يغني عن الحرام.
والله من وراء القصد، وهو يهدي سواء السبيل.
يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
هانى الإخوانى- المراقب العام
-
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 1177
نقاط : 6705
السٌّمعَة : 17
العمر : 41
العمل/الترفيه :
رد: القرضاوي للشباب: حافظوا على حياتكم فالذي يجب أن يحرق هم الطغاة
حفظ الله شيخنا الجليل، وبارك الله في الكاتب والناقل
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» سيكولوجية الطغاة، والمستبدين. - ناصر أحمد سنه
» حين بكى الشيخ القرضاوي
» ترجمة الشيخ يوسف القرضاوي
» القرضاوي: لا يجوز للمسلم السوداني التصويت للانفصال
» الاسلام يوحد بين الدين والعلم د.يوسف القرضاوي
» حين بكى الشيخ القرضاوي
» ترجمة الشيخ يوسف القرضاوي
» القرضاوي: لا يجوز للمسلم السوداني التصويت للانفصال
» الاسلام يوحد بين الدين والعلم د.يوسف القرضاوي
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى