الحفاظ على البيئة من واجبات المواطن العنكبوتي

الحفاظ على البيئة من واجبات المواطن العنكبوتي
والعادات الذكية تدخّر الطاقة عند استعمال الأجهزة الالكترونيّة
العدد السادس والثلاثين - 2007-09-30

عــودة
من دون استئذان دخل الحاسوب حياة الانسان المعاصر، وان كان البعض يعتبره أداة تسلية فالبعض الآخر يراه وسيلة ضرورية لإنجاز العمل. وطرح وجوده المادي والمعنوي إشكاليات لم تعرفها مجتمعاتنا قبلاً. وفي إطار تلك الإشكاليات، تأتي الأسئلة التي تطرح حول محاسن ومساوئ هذه الآلة؛ في أي مكان في البيت توضع؟ وهل يجب توفير حاسوب لكل فرد في العائلة؟ وما هي أهمية الحاسوب النقال؟ ويبدو المستقبل واعداً بالنسبة لتطور التكنولوجيا الرقمية، اذ تسير متغيراتها في سرعة الضوء، وكأن كل يوم يأتي بجديده في هذا المجال.

وفي سياق هذا الإيقاع اللاهث، قد يغفل البعض أن الكومبيوتر جهاز كهربائي أيضاً، بل مجموعات أجهزة وآلات الكترونية وكهربائية؛ تستهلك كميات من الطاقة؛ كما تتطلب صيانة دائمة.

كم مرّة يخطر في البال أن من الممكن توقيف هذه الآلة عن العمل إرادياً، خلال العمل، بدل انتظار توقفها بسبب من خلّل تقني مثلاً؟ إذاً، فلتفادي استهلاك زائد للكهرباء وللاعتناء بالحاسوب ومكوناته، يجب ان نعرف بعض الأمور مثل ان كل مكونات الكومبيوتر تستهلك الكهرباء (الشاشة، الوحدة المركزية، الطابعة، الخ.). يستهلك حاسوب عادي بين 100 و250 واط في الساعة، بينما يستهلك كومبيوتر اليد بين 25 و50 واط في الساعة. وتُقدر بعض أجهزة الاتحاد الأوروبي أن

عمل الحاسوب لمدة ساعة ونصف الساعة يُكلّف 0.04 يورو، وتصل كلفة استعمالة لمدة شهر في شكل متواصل الى قرابة 20 يورو.

وتحتاج شاشة الحاسوب نصف ما يستهلكه من الكهرباء، وكلما كبر حجم الشاشة ازداد الاستهلاك. وتحتاج الأنواع القديمة منها لثلاثة أضعاف ما تتطلبه الشاشات المسطحة. ويحتاج المُعالج الأساسي «مايكروبروسيسور» في الحاسوب إلى طاقة كبيرة مقارنة ببقية المُكوّنات، واستطراداً، فإن تشغيل لعبة ثلاثية الأبعاد يستهلك أكثر مما يستهلكه برنامج لمعالجة النصوص مثلاً. وفي حال تحميل ملفات ضخمة، مثل الأفلام والصُور، من الأنترنت، يُنصح بايقاف تشغيل الشاشة، لتوفير ما تستهلكه من الكهرباء مع الإشارة إلى أن هذه الخطوة لا تؤثر على ذلك العمل.

وأما بالنسبة الى إطفاء جهاز الكومبيوتر تماماً، فلا يجب القيام به تكراراً، لأنه أمر ليس لمصلحة لا الحاسوب ولا اقتصاد الطاقة. يُشبه الأمر عملية التشغيل الأولي لمحرك السيارة مثلاً عند الانطلاق، فهو يحتاج إلى طاقة إضافية أكبر مما سيحتاجه أثناء استمراره في الدوران. وفي المقابل، فإن التشغيل المستمر للحاسوب يجعل أجزاءه ومكوناته الداخلية «تشيخ» قبل الأوان. كما يحمل الارتباط باستمرار مع الشبكة العنكبوتية خطر التعرض لهجمات قراصنة الكومبيوتر، وكذلك الإصابة بالفيروسات الالكترونية.


وتسمح البرامج الداخلية للحاسوب باختيار توقفات بحسب المدة الزمنية المرغوب فيها لتجعل الآلة تستعمل نصف الطاقة؛ مثل التوقف الأوتوماتيكي للشاشة أو الوحدة الأساسية. هناك كذلك الاستعمال الاقتصادي في كثير من الاختيارات بالنسبة للكثير من البرامج. ويجدر القول إن استخدام بعض المكونات الخارجية مثل أدوات التخزين الضخمة والأقراص الصلبة الخارجية، يستهلك من الطاقة أكثر من استعمال الوحدة الاساسية في الكومبيوتر. ويمكن الاستفادة من هذه المعلومات في اقتصاد الطاقة، وخصوصاً بالنسبة للحاسوب المحمول الذي يعمل بالبطاريات.

وتبقى النصائح الأساسية هي ايقاف تشغيل الشاشة كلما تعدى التوقف ربع ساعة، وعدم ترك الآلات المصاحبة للحاسوب في حال تشغيل من دون حاجة مثل الطابعة والناسخ الضوئي ومُكبّر الصوت وغيرها؛ وكذلك ايقاف الحاسوب كلياً عند التوقف عن العمل لأكثر من ساعة.


شركات الـ«هاي تيك» في حماية البيئة:
تُبدي شركات الكومبيوتر عناية كبيرة بمسألة الاقتصاد في الطاقة. وعلى سبيل المثال، قررت الشركة الأميركية العملاقة «هوليت باكارد» Hewlett-Packard ، التي تُشتهر باسمها المختصر «اتش بي» HP خفض استهلاكها للطاقة بنسبة 20 في المئة، خلال السنوات الثلاث المقبلة في ما يتعلق بأجهزة التبريد في الكومبيوترات الضخمة الأساسية للشركة. وكمساهمة منها في التخفيف من حدّة التلوث، قرّرت الشركة عينها خفض نسبة تنقلات مستخدميها بواسطة الإكثار من الاجتماعات الافتراضية التي تستعمل انظمة الفيديو، ما يجعل المستخدمين قادرين على تفادي الانتقال جسدياً الى أمكنة الاجتماعات. وكذلك قَرّرتْ أن تستثمر في استعمال الطاقة النظيفة في أقسام مصانعها التي تُنتج حبر الطابعات.

ولا يبدو هذا الهاجس الايكولوجي جديداً. فمنذ فترة، شرعت شركة «غوغل» Google محرك البحث الأشهر على الانترنت؛ في استعمال لوحات الطاقة الشمسية. وقد أثنت منظمة «غرين بيس» Green peace النشطة في حماية البيئة أكثر من مرّة على جهود شركات «ديل» Dell و «نوكيا» Nokia و «اتش بي» HP في مجال الانتقال الى الطاقة النظيفة. وتحتل شركة «آبل» Apple المرتبة الأخيرة في هذا المجال، إذ لم تقم بشيء يذكر بالنسبة للمواد الخطرة التي تستعملها في انتاج أدواتها، أو لإطالة عمر منتجاتها؛ وكذلك لا تُقبل على إعادة تدوير تلك المواد المستعملة؛ بل رفضت حتى نشر لائحة المواد الخطرة التي تستخدمها على رغم أن الرأي العام أصبح واعياً بأهمية حماية البيئة. وفي هذا السياق، يُذكر أن منظمة «غرين بيس» أصدرت النسخة الثانية من كتاب «دليل من اجل تكنولوجيا عالية مسؤولة». وعلى عكس تلك الصورة، تُقبل شركة «نوكيا» الفنلندية المجتهده في ما يتعلق بحماية البيئة؛ على تحويل منتجاتها إلى أدوات صديقة للبيئة. والحال أنها تجيء في طليعة شركات التكنولوجيا الالكترونية اهتماماً بالبيئة.

وعلى غرار ذلك، يمكن الإشارة إلى المجهود الجبار الذي تبذله شركة «ديل» في تغيير الكثير من المواد التي تستعملها، لتصبح أكثر استخداماً للمواد الأقل خطورة على البيئة. وتحاول هذه الشركة أن تطبّق فكرة إمكانية التوفيق الفعلي بين المحافظة على البيئة والربح التجاري.

مصطفى العروي
المصدر: الحياة