الإحاطة والرّسوخ.. الخلط بين الثوابت والمتغيرات/ يحي نعيم
صفحة 1 من اصل 1
الإحاطة والرّسوخ.. الخلط بين الثوابت والمتغيرات/ يحي نعيم
ضعف الرّسوخ في العلم ومظاهره
ثانيًا: الخلط بين الثوابت والمتغيرات:
1. الجذور:
ينشأ هذا الخلط من ضعف الرّسوخ في العلم بخصائص الفكرة الإسلاميَّة ورسالتها, ويزداد سوءًا إذا ما صاحبه هوى متبع أو تأويل مُخلّ للنصوص.
2. ماهيَّة الثوابت والمتغيرات:
وقبل أن نستعرض بعضًا من صور هذا الخلل, حبَّذا لو وقفنا في البداية علي ماهيَّة الثوابت, والمقصود بالمتغيرات..
في الدين أو أي فكرة أيديولوجية, جزء صلب لا يجوز المساس به, ولا يُقبَل فيه الاجتهاد والتغيير, لأنَّه بمثابة النَّواة في الفكرة, وأيّ محاولة لتحريفه وتغييره تعني الإخلال بماهيَّة الفكرة وفلسفتها, ومن ثم نسفها.
وجزء آخر مرن, تُقدّم فيه الفكرة مجموعة من الضوابط والمبادئ العامة, دون خوض في التفاصيل التي تختلف باختلاف الأزمان وتتنوَّع بتنوّع البيئات, وهو ما يمنح الأفكار المرونة الكافيَة للتأثير والتكيّف والانتشار.
فما هي الثوابت والمتغيّرات في الفكرة الإسلاميَّة التي يدور في فلكها العمل الإسلامي بهيئاتِه التنظيميَّة المختلفة؟؟
خلاصة قول الدكتور يوسف القرضاوي, والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق, والدكتور جاسم سلطان في هذا الشأن, هو أنَّ الثوابت تتمثَّل في:
العقيدة (مسائل الإيمان) بأركانها الستة: وهي حقائق ثابتة لا تتغيّر, ويفصّل فيها الشيخ عبد الرحمن جزء الغيبيات, كصفات الله والملائكة والجنة والنار واليوم الآخر وغير ذلك من مسائل الغيب, ويقول: “لا وجه في هذا مطلقًا لأيّة إضافة جديدة, لأنَّه لا وصول إلى علمٍ جديدٍ فيها إلا بالوحي, ولا وحي بعد الرسول صلى الله عليه وسلّم”.
العبادات (وأركانها الأربعة): وهذه أسسها العامة ثابتة, وإن كان الاجتهاد يدخل عليها في كثير من التفاصيل.
القيم الخلقيّة: ترغيبًا في الفضائل وترهيبًا من الرذائل.
النصوص قطعيَّة الثبوت: قطعيَّة الدلالة في نظم الحياة المختلفة كنظام الأسرة والمواريث والمعاملات الماليَّة والعقوبات وخلافه.
أما فيما يتعلَّق بالمتغيّرات فهي:
ما يتعلق بتفاصيل الأحكام في شئون الحياة المختلفة: وخصوصًا ما يتصل بالكيفيَّات والإجراءات ونحوها.
الوقائع التي لا نص فيها: وهي ما يُطلق عليها منطقة العفو التشريعي, حيث يدور الحكم مع تحقيق المصلحة, ولكنَّه مؤطّر بمقاصد الشريعة وكليَّاتها كآليَّات الحكم وخلافه.
باب المعاملات.
..وفي ضوء ما تقدَّم, يُمكننا القول بأنَّ مظاهر الخلط بين الثوابت والمتغيّرات في العمل الإسلامي المعاصر تنقسم إلى:
تثبيت المتغير: على نحوِ ما نرى من تقديس البعض في ميدان العمل الإسلامي لأقوال مؤسّسي الحركات, واجتهادات علمائها في جوانب الفكرة المتغيّرة, مثل مراحل العمل وآليَّاته وإجراءاته التنظيميَّة وخلافه, وما يترتَّب على ذلك من تضييق على دعاة التجديد والمعاصرة, بل وتأثيم المتخلفين واستعداء المخالفين, كما لو كان تخلفهم تخلفًّا شرعيًّا أو مخالفتهم مخالفة أصوليَّة.
تمييع الثابت أو وضعه في سياق المتغير: على نحو ما نرى من تساهل في تطبيق قاعدة الانتقاء والاصطفاء في اختيار العناصر التنظيميَّة, أو التجاوز عن سقطات هذه العناصر الأخلاقيَّة وسلوكيَّاتهم المخلّة بثوابت العبادة والعقيدة الصحيحة, بحجّة تكثير السّواد وتأليف الوجوه, وهي بالمناسبة حجّة مردودة قاصرة, إذ ينبغي اختيار وتأهيل أبناء الجماعات الإسلاميَّة على منهاج السنَّة القويم, واشتراط الالتزام الكامل بثوابت الفكرة الإسلاميَّة, فإذا ما قوي بناء الصف, وانتقلنا لمرحلة التعبئة الجماهيريَّة العامَّة, لحسم صراع التغيير والإصلاح, جاز قبول كل من توافر فيه الاستعداد للمشاركة في فعل التغير, والانتصار للحق مع التزامه المجمل بالإسلام, وبراءته المجملة مما يخالفه. “وللدكتور صلاح الصاوي في هذه الإشكاليَّة تفصيل قيّم بكتاب الثوابت والمتغيرات في العمل الإسلامي المعاصر”.
تشويه الثابت بالإضافة أو الحذف: كابتداع البعض في العبادات مظنّة تحسينها أو إتمامها, أو رفض البعض لصحيح النقل إذا ما اشتبه في مخالفته لعقله القاصر..
الخوض في الغيبيَّات: كما هو حال الصوفيَّة ومن نحا نحوهم من خوض في ظنيَّات ومكاشفات وخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان, وأمور لا تُنال إلا بالوحي وهو الأمر الذي انقطع بوفاة الرسول الكريم ولا يحق لأحد كائن من كان إدعاءه والقول به.
ولقد أثمر الخلط بين الثوابت والمتغيّرات علقمًا في مسيرة الدعوة الإسلاميَّة, وكان سببًا رئيسيًّا في طمسِ حقائق الفكرة الإسلاميَّة وتشوّه الخطاب الإسلامي وجمود الحراك الإصلاحي وتنازع أطرافه تنازعًا أذهب الريح وبدد الجهود والطاقات..
وهذا يدفعنا للقول بأهميَّة بل بفرضيَّة العمل لإصلاح هذا الخلل من قِبل علماء الأمّة وأهل الحل والعقد بالجماعات الإسلاميَّة لتتعافى بيئة العمل من انعكاساته السلبيَّة الخطيرة.
وأرجو أن نتبادل ها هنا الرؤى حول الخطوات العلاجية اللازمة لإصلاح هذا الخلل.. فهل من مشمّر؟؟
ثانيًا: الخلط بين الثوابت والمتغيرات:
1. الجذور:
ينشأ هذا الخلط من ضعف الرّسوخ في العلم بخصائص الفكرة الإسلاميَّة ورسالتها, ويزداد سوءًا إذا ما صاحبه هوى متبع أو تأويل مُخلّ للنصوص.
2. ماهيَّة الثوابت والمتغيرات:
وقبل أن نستعرض بعضًا من صور هذا الخلل, حبَّذا لو وقفنا في البداية علي ماهيَّة الثوابت, والمقصود بالمتغيرات..
في الدين أو أي فكرة أيديولوجية, جزء صلب لا يجوز المساس به, ولا يُقبَل فيه الاجتهاد والتغيير, لأنَّه بمثابة النَّواة في الفكرة, وأيّ محاولة لتحريفه وتغييره تعني الإخلال بماهيَّة الفكرة وفلسفتها, ومن ثم نسفها.
وجزء آخر مرن, تُقدّم فيه الفكرة مجموعة من الضوابط والمبادئ العامة, دون خوض في التفاصيل التي تختلف باختلاف الأزمان وتتنوَّع بتنوّع البيئات, وهو ما يمنح الأفكار المرونة الكافيَة للتأثير والتكيّف والانتشار.
فما هي الثوابت والمتغيّرات في الفكرة الإسلاميَّة التي يدور في فلكها العمل الإسلامي بهيئاتِه التنظيميَّة المختلفة؟؟
خلاصة قول الدكتور يوسف القرضاوي, والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق, والدكتور جاسم سلطان في هذا الشأن, هو أنَّ الثوابت تتمثَّل في:
العقيدة (مسائل الإيمان) بأركانها الستة: وهي حقائق ثابتة لا تتغيّر, ويفصّل فيها الشيخ عبد الرحمن جزء الغيبيات, كصفات الله والملائكة والجنة والنار واليوم الآخر وغير ذلك من مسائل الغيب, ويقول: “لا وجه في هذا مطلقًا لأيّة إضافة جديدة, لأنَّه لا وصول إلى علمٍ جديدٍ فيها إلا بالوحي, ولا وحي بعد الرسول صلى الله عليه وسلّم”.
العبادات (وأركانها الأربعة): وهذه أسسها العامة ثابتة, وإن كان الاجتهاد يدخل عليها في كثير من التفاصيل.
القيم الخلقيّة: ترغيبًا في الفضائل وترهيبًا من الرذائل.
النصوص قطعيَّة الثبوت: قطعيَّة الدلالة في نظم الحياة المختلفة كنظام الأسرة والمواريث والمعاملات الماليَّة والعقوبات وخلافه.
أما فيما يتعلَّق بالمتغيّرات فهي:
ما يتعلق بتفاصيل الأحكام في شئون الحياة المختلفة: وخصوصًا ما يتصل بالكيفيَّات والإجراءات ونحوها.
الوقائع التي لا نص فيها: وهي ما يُطلق عليها منطقة العفو التشريعي, حيث يدور الحكم مع تحقيق المصلحة, ولكنَّه مؤطّر بمقاصد الشريعة وكليَّاتها كآليَّات الحكم وخلافه.
باب المعاملات.
..وفي ضوء ما تقدَّم, يُمكننا القول بأنَّ مظاهر الخلط بين الثوابت والمتغيّرات في العمل الإسلامي المعاصر تنقسم إلى:
تثبيت المتغير: على نحوِ ما نرى من تقديس البعض في ميدان العمل الإسلامي لأقوال مؤسّسي الحركات, واجتهادات علمائها في جوانب الفكرة المتغيّرة, مثل مراحل العمل وآليَّاته وإجراءاته التنظيميَّة وخلافه, وما يترتَّب على ذلك من تضييق على دعاة التجديد والمعاصرة, بل وتأثيم المتخلفين واستعداء المخالفين, كما لو كان تخلفهم تخلفًّا شرعيًّا أو مخالفتهم مخالفة أصوليَّة.
تمييع الثابت أو وضعه في سياق المتغير: على نحو ما نرى من تساهل في تطبيق قاعدة الانتقاء والاصطفاء في اختيار العناصر التنظيميَّة, أو التجاوز عن سقطات هذه العناصر الأخلاقيَّة وسلوكيَّاتهم المخلّة بثوابت العبادة والعقيدة الصحيحة, بحجّة تكثير السّواد وتأليف الوجوه, وهي بالمناسبة حجّة مردودة قاصرة, إذ ينبغي اختيار وتأهيل أبناء الجماعات الإسلاميَّة على منهاج السنَّة القويم, واشتراط الالتزام الكامل بثوابت الفكرة الإسلاميَّة, فإذا ما قوي بناء الصف, وانتقلنا لمرحلة التعبئة الجماهيريَّة العامَّة, لحسم صراع التغيير والإصلاح, جاز قبول كل من توافر فيه الاستعداد للمشاركة في فعل التغير, والانتصار للحق مع التزامه المجمل بالإسلام, وبراءته المجملة مما يخالفه. “وللدكتور صلاح الصاوي في هذه الإشكاليَّة تفصيل قيّم بكتاب الثوابت والمتغيرات في العمل الإسلامي المعاصر”.
تشويه الثابت بالإضافة أو الحذف: كابتداع البعض في العبادات مظنّة تحسينها أو إتمامها, أو رفض البعض لصحيح النقل إذا ما اشتبه في مخالفته لعقله القاصر..
الخوض في الغيبيَّات: كما هو حال الصوفيَّة ومن نحا نحوهم من خوض في ظنيَّات ومكاشفات وخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان, وأمور لا تُنال إلا بالوحي وهو الأمر الذي انقطع بوفاة الرسول الكريم ولا يحق لأحد كائن من كان إدعاءه والقول به.
ولقد أثمر الخلط بين الثوابت والمتغيّرات علقمًا في مسيرة الدعوة الإسلاميَّة, وكان سببًا رئيسيًّا في طمسِ حقائق الفكرة الإسلاميَّة وتشوّه الخطاب الإسلامي وجمود الحراك الإصلاحي وتنازع أطرافه تنازعًا أذهب الريح وبدد الجهود والطاقات..
وهذا يدفعنا للقول بأهميَّة بل بفرضيَّة العمل لإصلاح هذا الخلل من قِبل علماء الأمّة وأهل الحل والعقد بالجماعات الإسلاميَّة لتتعافى بيئة العمل من انعكاساته السلبيَّة الخطيرة.
وأرجو أن نتبادل ها هنا الرؤى حول الخطوات العلاجية اللازمة لإصلاح هذا الخلل.. فهل من مشمّر؟؟
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» الإحاطة والرّسوخ.. ظاهرة الآبائية / يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ.. التنازع حول مناهج التغيير/ يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ.. الخطاب الإسلامي المشوَّه /يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ .. الخطاب السياسي المُبدّل (1) / يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ .. الخطاب السياسي المُبدّل (2) / يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ.. التنازع حول مناهج التغيير/ يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ.. الخطاب الإسلامي المشوَّه /يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ .. الخطاب السياسي المُبدّل (1) / يحي نعيم
» الإحاطة والرّسوخ .. الخطاب السياسي المُبدّل (2) / يحي نعيم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى