شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الوطن والمواطنة (المبحث الثاني)

اذهب الى الأسفل

الوطن والمواطنة (المبحث الثاني) Empty الوطن والمواطنة (المبحث الثاني)

مُساهمة من طرف سامح عسكر الجمعة أغسطس 26, 2011 9:54 am

المبحث الثاني
الوطنيـة العقيدة والهويـة
مخطط البحث
1- مدخل.
2- تعريف الوطنية والوطن.
3- تطور فكرة الوطن والوطنية في ضمير هذه الأمة:
آ- من القبلية إلى الدولة.
ب- من دولة المدنية إلى دولة العقيدة.
جـ- من الوطن الحجازي إلى الوطن العربي.
د- من الوطن العربي الصغير إلى الوطن العربي الكبير.
هـ- من الوطن العربي إلى الوطن الإسلامي.
و- التجزئة مؤقتة ومصطنعة.
ز- الذود عن الوطن.
ح – الخلافة العثمانية.
4- القرن الأخير:
آ- التجزئة وليدة الاستعمار.
ب- نص وثيقة معاهدة سايكس بيكو.
جـ- الاستقلال والمحافظة عليه.
د- الجامعة العربية تكرس الاستقلال والتجزئة.
هـ- منظمة المؤتمر الإسلامي والتجزئة.
5- بين الإسلام وبين الوطنية المقدسة.
6- الرئيس القوتلي نموذج العقيدة الوطنية.
7- حكم الإسلام في الوطنية العلمانية.
8- رابطة العقيدة فوق رابطة الوطنية.
9- الإسلام والرابطة الوطنية.
10- الوطنية والإسلام يتلاحمان.
11- الاعتراف بالواقع الوطني.
12- ملخص البحث.

*أولا- مدخل
تحدثنا عن المواطنة ودولة القانون، وهانحن نتناول الحديث عن الوطنية، الهوية والعقيدة، حيث تمثل الوطنية اليوم في واقعنا محوراً كبيراً يلتقي عليه أكثرية المواطنين، وتصل الرابطة الوطنية عندهم إلى الحد الذي لا يُقبل فوقها أي رابطة، ويُحكم على الناس بالخيانة إن أخلوا فيها أو قدموها على غيرها، ويعتبرون هذا المنطلق هو الذي ينهي كل التمزق الديني والعرقي والمذهبي في الأمة، ولا يجوز الانطلاق من غيرها.
وها نحن نتعرف على هذه الوطنية في العرف السياسي، ثم نتحدث عن تطورها في واقعنا العربي والصورة التي تبلورت عليها اليوم.

*ثانيا- تعريف الوطنية والوطن:
آ- تعريف الوطنية: في القاموس السياسي يقولون:
الوطنية: هي حب المرء لبلده الذي يستلزم الاستعداد للدفاع عنه وتفضيله، وغالباً ما يخلط بين الوطنية والقومية، ولكنها فكرة أقدم مصحوبة بعناد نظري أقل أهمية، فالقومية تفترض مسبقاً أن توحد الأمم ككيانات واقعية متميزة، أما الوطنية فيمكن بالمقابل أن تعني ببساطة التعلق بمنطقة أو مكان أو أسلوب حياة ولا تحتاج إلى الاشتمال على فكرة البلد المجردة، والوطنية شعور أكثر منها فكرة سياسية، ولكنها يمكن أن تدفع إلى العمل بصور مختلفة، بصورة أخص في زمن الحرب، ويمكن أن يعتقد أنها تتبع النزعة المحافظة بصورة طبيعية إلا أنه يجب أن نلاحظ أن الأنظمة الاشتراكية قد لجأت بصورة واسعة إلى الولاء الوطني، وهكذا أشار إليها مثلاً الاتحاد السوفياتي في الحرب الكبرى المسماة: الحرب الوطنية والحرب العالمية الثانية)([35]).
ب- تعريف الوطن:
الوطن هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه بها وانتمائه إليها حتى وإن كان هذا البلد خاضعاً لدولة أخرى أو كانت هذه الأمة لم تنتظم دولة بعد)([36]).

*ثالثا- تطور فكرة الوطن والوطنية في ضمير الأمة
لا نبالغ إذا قلنا إن مفهوم الوطن إنما نشأ وترعرع في ظل الإسلام، فقد كان في الجاهلية موقوفاً على مكان النشأة، ولهذا وجدنا الشعر العربي كله في استهلاله يقوم على البكاء على الأطلال، وكان استهلال كل قصيدة هو في الوقوف على الربع والبكاء، وتتبع آثار الأحبة:
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
أكل قؤول قال شعراً متيم
وفي أعلى مستوياته كان يصل إلى مستوى الحفاظ على أرض القبيلة، وكان مفهوم الغزو في الحياة العربية مفهوماً مشروعاً بحيث تحتل قبيلة مواقع قبيلة أخرى، وتقوم الدماء والتارات دفاعاً عن شرف القبيلة وأرضها، لكن عملية الارتحال سعياً وراء الكلأ أضعف هذا الدافع، وجعل فكرة الغزو مشروعة باحتلال أرض جديدة، والفخر بهذا الاحتلال، وكما يقول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:
(... ديننا أن يقتل بعضنا بعضاً، وإن كان أحدنا ليقتل ابنته وهي حية كراهة أن تأكل من طعامه)([37]).
فما هو الانقلاب الجديد الذي قام به الإسلام في نطاق الوطنية.
آ- من القبيلة إلى الدولة:
لقد كان قيام دولة الإسلام في المدينة يعني أن هذه الدولة هي الوطن الجديد للمسلمين، وخلال عشر سنين قامت أعنف الحروب لغزو المدينة واحتلالها، لكن الصمود العظيم الذي شهدته يثرب في أُحد حال دون أن يتقدم العدو شبراً واحداً نحو أرض المسلمين، والسبعون من الشهداء الذين رووا ثرى جبل أحد حيث كانت المعركة هم الدليل العملي على هذا الجهاد، ومن هنا اختلط حب الوطن بالدم، وتبادل الوطن حب أبنائه كما يقول عليه الصلاة والسلام: (( أُحد جبل يحبنا ونحبه)).
ب- من دولة المدينة إلى دولة العقيدة:
وانطلق الإسلام بمفهوم الوطن من دولة المدينة إلى دولة العقيدة، فكل مكان فيه مسلمون هو وطن للمسلمين.
وإذا كانوا مضطهدين فلا بد من الدفاع عنهم وتحرير أرضهم من سيطرة الكفر عليها.
] وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله، والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً [([38]).
من تحرير المواطن إلى تحرير الوطن المحتل:
لقد بقي المهاجرون خارج وطنهم الأصلي مكة، يحنون له ويشتاقون إليه، ويحلمون بدخوله وعلى رأس هؤلاء سيد المهاجرين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رأى في المنام وهو بالمدينة أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام.
وأخذ مفتاح الكعبة، وطافوا واعتمروا، وحلق بعضهم وقصَّر بعضهم، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا, وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم هذا، وأخبر أصحابه أنه معتمر فتجهزوا للسفر)([39]).
وحين انتهى الأمر بصلح الحديبية، وحيل بين المسلمون وبين وطنهم الغالي مكة أن يدخلوه جاء القرآن الكريم ليبشرهم بتحرير أرضهم ودخول المسجد الحرام كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤياه الحق التي تأتي كفلق الصبح.
] لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً [ ([40]).
وحقق الله موعود نبيه في عمرة القضاء ثم في فتح مكة وعودة أهلها لها، وإقامة شعائر الإسلام فيها، وصارت مكة والمدنية هما الوطن الإسلامي للمسلمين، وكوَّنا دار الإسلام في الأرض.
جـ- من الوطن الحجازي إلى الوطن العربي:
ويمضي الإسلام قُدماً في توسيع رقعة الوطن، بحيث يدخل فيه مواقع كل القبائل التي انضوت تحت راية الإسلام وانضمت إليه، وصار لزاماً على المسلمين المحافظة على وطنهم ليبقى مناراً للإسلام فكانت حروب المرتدين التي ماجت بها الجزيرة العربية كلها، وتم تحريرها من براثن الشرك تحت قيادة واحدة هي قيادة الصديق رضي الله عنه، وغدت جزيرة العرب كلها هي الوطن العربي آنذاك يُذاد عنه بالروح والدم، وليس قبائل متصارعة تفني بعضها بعضاً.
د- من الوطن العربي الصغير إلى الوطن العربي الكبير:
وبعد توحيد طاقات الأمة في جزيرة العرب، والتي أُعيد تكوينها من الفرد والقبيلة إلى الأمة العربية المسلمة انطلقت بهذه الراية إلى الوطن العربي الكبير، الشام والعراق ومصر والمغرب، في أعظم جهاد شهدته البشرية، تحمل الشريعة العادلة والأخلاق الفاضلة إلى العرب كافة، ومما يؤسى له أن الدول العربية التي كانت قائمة في الشام والعراق أو القبائل المحالفة لها إنما كانت صنيعة بيد الفرس والروم، وكانت قذيفة المدفع في وجه التيار الإسلامي العربي القادم من الجزيرة لتشهد بعد اليرموك في الشام والقادسية في العراق، والاسكندرية في مصر قيام وطن عربي واحد يحكم بشريعة الإسلام على رأسه أعظم قادة الأرض بعد رسول الله وصاحبه عمر بن الخطاب الذي اقترن اسمه بالعدل في الأرض، حتى لم يرتفع اسم حاكم فوقه بهذا المجال.
هـ- من الوطن العربي إلى الوطن الإسلامي:
وبقي الزحف الإسلامي يمضي قدماً لا يعرف حدوداً ولا قيوداً حتى أرست بواخره جنوب فرنسا في أوربا، وبسط جناحه على الصين في الشرق، ويحمل معه القرآن كتاب الله تعالى المنزل بلغة العرب، فتلقت الأمم الأخرى الإسلام بعد هزيمة العقائد الأخرى أمامه، تلقت رسالة الله تعالى إلى خلقه معتبرة حياتها به.
وقامت دول إسلامية تخفق راياتها تحت كل نجم يرفرف عليها راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويعيش في ظلها المسلمون والنصارى واليهود والمجوس في تعايش كامل وعدل وارف، وسعادة غامرة وتوجه الإحساس لدى هذه الشعوب جميعاً في ولائها للوطن الإسلامي الذي يحمل في ثناياه أمماً شتى وأجناساً مختلفة، ساهمت كلها في صنع المجد الإسلامي لهذا الوطن.
و- التجزئة مؤقتة ومصطنعة:
وعلى مدار التاريخ كله، كانت التجزئة كثيراً ما تقع، وتحاول الدويلات أن تحدد وطناً خاصاً بها منفصلاً عن الوطن الأم, لكنها لا تثبت أبداً أمام عوامل الوحدة الكامنة في هذا الدين.
فتنهار الدول، وتتبدل الحدود، لكن هذه التجزئة لم تكن لتمنع الوحدة الثقافية والفكرية والشرعية في الأمة، ولا يقف حد ولا قيد أمام المسلم أو الذمي يتنقل في أرجاء الوطن الإسلامي كله، فيكون وزيراً في دولة ومفتياً في أخرى، وحاكماً في ثالثة، وتاجراً في رابعة، معلناً تقسيم العالم إلى دار إسلام هي الوطن الإسلامي كله، ودار عهد تعيش في أمان وسلام مع دار الإسلام ودار كفر هي التي تقوم الحدود بينها وبين دار الإسلام، وتقوم الحروب، وتقوم الخصومات الفكرية والسياسية والعسكرية لتتحول بعد ذلك إلى دار عهد أو دار إسلام ؛ كلاهما جزء من الوطن الإسلامي الواحد.
ز- الذود عن الوطن:
هذا الوطن الإسلامي المترامي الأطراف، المتعدد الأمم، الموحد العقيدة، جاءته أعظم موجات الغزو في التاريخ، التتار والصليبيين، فهب للدفاع عنه أبناؤه والعجيب أن الأمم التي فتح الإسلام أرضها هي التي قادت المقاومة فالمماليك والعثمانيون والأيوبيون والزنكيون هم الذين قادوا المقاومة وواجهوا العدو، وحطموا أسطورة تفوقه، ففي الوقت الذي سقطت فيه بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية على يد التتار عام 656 هـ وبعد سنتين فقط كانت معركة عين جالوت 658 هـ حيث ذاق التتار علقم الهزيمة المرة على يدي قطز وبيبرس، وفي الوقت الذي جثم العدوان الصليبي على الأرض الإسلامية مائتي عام تم إجلاء الصليبيين على يد آل زنكي وصلاح الدين، والناصر قلاوون، وكلها قيادات إسلامية غير عربية، كان ذوداً عن الدين، وذوداً عن الأرض التي تقام فيها شعائره، وتقوم فيها دولته.
ح- الخلافة العثمانية:
إنها الخلافة التي استمرت ثمانية قرون أكثر من نصف تاريخنا الإسلامي الممتد خمسة عشر قرناً من الزمان، انضم وطننا العربي إليها أربعة قرون، حيث وقفت كالأسد الهصور تتحدى دول أوروبا، وتواجه زحوفها على أرض الإسلام، وتضع بصمتها فيها فترفرف راية الإسلام في البلقان وغيرها من دول أوربا الشرقية رداً على الهجوم الصليبي السافر السابق، ومن ذروة المجد إلى ابتداء الانحدار الذي نزل بالدولة العثمانية، انتهى الأمر فيها أن غدت المعلم الإسلامي الوحيد في الأرض لتواجه الدول الأوروبية الكبرى التي أرادت أن تحطم هذه القلعة، وفي ظلها يعيش العرب والترك وكل الأمم المسلمة تنتمي إلى هذا الوطن وتذود دفاعاً عنه.
وعرف الغرب أن لا سبيل إلى هدم هذه القلعة إلا بتفكيك أوصالها وتفتيت شعوبها، فكانت النغمة القومية، والحركة الشعوبية وقاد هذا الاتجاه عملاء دول الغرب ابتداءً، ثم دعاة الإصلاح الذين قاموا لفرض الطورانية المطروحة بديلاً عن الإسلام.

*رابعا- القرن الأخير
وهو قرن الشرخ الكبير في جسم الخلافة، حيث كانت الثورة العربية ضد دولة الخلافة التي أصبحت الدولة التركية، ومع كل هذا الشرخ فقد كان العالم يتوازعه ثمان دول عظمى، كانت دولة الخلافة إحدى هذه الدول، وعندما قامت الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 انقسم العالم إلى معسكرين ؛ في أحده دولة الخلافة، وكان نصيب هذا المعسكر الهزيمة الكبرى، وغدت الفرصة مواتية لتمزيق دولة الخلافة وتوزيعها حصصاً على دول الغرب.
وتأجج الشعور الوطني والقومي ابتداءً ضد الأتراك، وانتهاءً ضد دول الغرب، وقام مصطفى كمال بإعلان إنهاء الخلافة العثمانية، ووصلت النار إلى العرب فأكلتهم، ومزقت الوطن العربي إلى الدويلات المذكورة، وصارت الرابطة الوطنية هي سمة هذا القرن.
هذا هو واقعنا المعاصر، فقد غدت الوطنية فكراً وعقيدة، وليست حنيناً وعاطفة فقط، وعمر هذا الاتجاه من بداية هذا القرن لكنه تجلى تماماً بعد إلغاء الخلافة الإسلامية.
أ‌- التجزئة وليدة الاستعمار:
فـ (قد جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو في القاهرة في 16 أيار (مايو) 1916.. وهي اتفاقية متممة للاتفاق الرئيسي بين الدول الثلاث ؛ انكلترا وفرنسا وروسيا والقاضي بتقسيم الدولة العثمانية بعد نجاح الحرب فيما بينها، وتعتبر هذه الاتفاقية من أهم الاتفاقات الاستعمارية ذات الأمر البعيد في تاريخ الوطن العربي والقضية الفلسطينية بعد الحرب العالمية الأولى، فقد مزقت سورية ولبنان وفلسطين والعراق شر تمزيق، ولم يُنظر إلى الوضع الطبيعي والاجتماعي والسياسي للبلاد بل روعي في ذلك استعمار هذه البلاد للحيلولة دون وحدتها في يوم من الأيام...
لقد بقيت هذه الاتفاقية سرية لم يسمع العرب بوجودها إلا في كانون الأول (ديسمبر) / 1917، عندما استولى الحزب البلشفي في روسيا على السلطة، ونشر نصوص اتفاقية / 1916، فقام الأتراك بتقديمها للشريف حسين بغية الكف عن مناوأتها والسير في ركاب الحلفاء)([41]).
ب‌- نص الوثيقة([42]) (معاهدة سايكس بيكو):
المادة الأولى: إن فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدتان أن تعترفا وتحميان دولة عربية مستقلة أو حلف دول عربية تحت رئاسة رئيس عربي في المنطقتين (أ) داخلية سورية و(ب) داخلية العراق، المبينتين في الخريطة الملحقة، وبهذا يكون لفرنسا في منطقة (أ) وإنكلترا في منطقة (ب) بتقديم المستشارين والموظفين الأجانب بناءً على طلب الحكومة العربية أو حلف الحكومات العربية.
المادة الثانية: يباح لفرنسا في المنطقة الزرقاء (شقة سورية الساحلية) ولإنكلترا في المنطقة الحمراء (شقة العراق الساحلية من بغداد حتى خليج فارس) إنشاء ما ترغبان فيه من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة أو من المراقبة بعد الاتفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية.
المادة الثالثة: تنشأ إدارة دولية في المنطقة السمراء (فلسطين) يعين شكلها بعد استشارة روسيا وبالاتفاق مع بقية الحلفاء وممثلي شركة مكة)([43]).
وقامت الحركة الوطنية لتواجه الاستعمار في كل أرض، وتخرجه من بلادها، وقام على رأس هذه الحركات دعاة متخلون عن دينهم في كثير من الأحيان، فنهجوا العاطفة الوطنية لتواجه هذا العدو المحتل وأعطوا قدسية لهذه المواجهة بحيث تكون هي العقيدة والانطلاق والمبدأ، وصار تقسيم الناس إلى فريقين وطني وخائن، وارتفعت الرابطة الوطنية عند أبناء الوطن الواحد فوق كل الروابط، وأصبحت هي الهوية وهي المنطلق وهي الجنسية، وهذا نموذج للواقع الجديد الذي قام في الوطن العربي والإسلامي بعد زوال دار الإسلام ودار الكفر، وأصبح لكل دولة عربية أو إسلامية حدودها وعلمها ودستورها وجنسيتها ونظام الحكم المناسب لها.
جـ- الاستقلال والمحافظة عليه:
ولأن الاستعمار كان جاثماً على صدر العرب والمسلمين، فقد غدا الحلم عند كل قطر أن يتحرر من براثن الاستعمار، وصار الهم الأكبر للمواطنين في كل دولة هو تحقيق هذا الاستقلال، والتضحية بالروح والدم في سبيله، واحتلت فكرة تحرير الوطن من العدو المحتل قدسية في نفوس أبناء الشعب كله، لكن ماذا بعد تحرير الأرض من العدو.
رافق هذا الشعور فكرة المحافظة على تراب الأرض وحدودها من كل عدو خارجي، وبذلك لم يعد مكان للوحدة العربية بين الدول العربية، والوحدة الإسلامية بين الدول الإسلامية، لا من خلال التراضي بين أنظمة الحكم، وتنازل بعضها للآخر، ويكاد يكون هذا من المستحيل، وواقع الأمة يؤكد على ذلك، فالوحدة التي تمت بين سورية ومصر لم تعش أكثر من ثلاث سنوات ثم قضي عليها بعد ذلك، والوحدة بين اليمنيين لم تتم إلا من خلال بحر من الدماء.
والأنظمة العربية القومية التي جاءت إلى الحكم للقضاء على التجزئة وإنهاء التمزق، وإقامة الوحدة العربية حافظت على التجزئة محافظة كاملة، وخاضت حروباً من أجل ذلك.
لقد ارتفعت راية الوطنية حتى غدت وثناً يُعبد، فالزركلي يقول:
لهممت أعبد ذلك الوثنا
وشوقي يقول:
أدير إليك قبل البيت وجهي
إذ أقمت الشهادة والمتابا
د- الجامعة العربية تكرس الاستقلال والتجزئة:
والمظهر العربي الوحيد المستمر منذ نصف قرن هو الجامعة العربية، وما استمرت إلا لاعترافها بواقع التجزئة واستقلال كل دولة على حدة، وهي ملهاة للجمع بين الرابطة القومية والرابطة الوطنية.
فمن ميثاقها منع أي اعتداء على أي قطر عربي من أقطار الجامعة، وحل الخلافات بينهم بالحوار بعيداً عن العنف، ولم يعد من حق أي دولة أن تغزو دولة أخرى على أساس أنها جزء منها، وما قيل عن الجامعة العربية يُقال كذلك عن منظمة المؤتمر الإسلامي التي تعترف بكل دولة من هذه الدول وتعترف بحريتها واستقلالها وحدودها وتؤمن بالتعاون فيما بينها كما ينص الميثاق:
هـ- منظمة المؤتمر الإسلامي والتجزئة:
ولم تختلف منظمة المؤتمر الإسلامي عن الجامعة العربية بالنسبة للتجزئة، فأهدافها:
1- تعزيز التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء.
2- دعم التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي.
3- توحيد الصف المسلم في المنظمات الدولية.
4- العمل على إزالة التفرقة العنصرية والقضاء على الاستعمار
5- العمل على تحرير الأماكن المقدسة والحفاظ على سلامتها ودعم كفاح الشعب الفلسطيني([44]).
ونصل إلى أن زوال الخلافة العثمانية التي كانت دولة واحدة تضم العرب والمسلمين، وكانت دولة كبرى هي إحدى الدول العظمى في مستهل هذا القرن، وكانت الرابطة العثمانية الإسلامية هي التي يتجمع العرب والمسلمون حولها، تحولت إلى خمس وخمسين دولة ممزقة تعتز باستقلالها وتجزئتها وتربي المواطنين على الولاء لهذه الأقطار.

*خامسا- بين الإسلام وبين الوطنية المقدسة:
في ظل سيطرة العقيدة الوطنية التي تجعل هذه الرابطة هي الأعلى نجدها تعترف بالدين شعائر في المسجد أو الكنيسة، وعقيدة في القلب والضمير تتاح لها الحرية في ذلك، وانتهى الأمر.
أما أن تكون شريعة تحكم في الحياة، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً، والمدى الوحيد المتاح للإسلام في ظل العقيدة الوطنية أن تعطي رئيس الدولة شرط الإسلام حين يكون المسلمون هم الأكثر في المجتمع، وتقوم المعركة الكبرى حول أن يكون دين الدولة الإسلام أم لا، لأن أساس وجودها هو فصل الدين عن الدولة.
ولو فرضنا أن تغلَّب تيار المتدينين في الأمة وقُبِل أن يكون دين الدولة هو الإسلام فهذا لا يعني أبداً أن تكون شريعة الإسلام هي الحاكمة، ونقدِّم نماذج على ذلك من دستور سورية، لأن الشرق العربي وبلاد الشام قد مثلوا هذا التيار بغلوه الكامل، من قيادات قد تكون متدينة وتؤدي الشعائر الإسلامية، وقد تكون علمانية متحللة لا تؤمن برب ولا دين في الوقت نفسه.
فيما يمثل رابطة الوطنية هي الأعلى نجدها في الدساتير السورية التي تنص على ذلك:
المادة 6- السوريون لدى القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف ولا تميز بينهم في ذلك بسبب الدين أو المذهب أو الأصل أو اللغة)([45]).
هذه المادة موجودة في دستور 1928، وموجودة حتى في دستور 1920.
المادة 10- السوريون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات)([46]).
وموجودة في دستور البعث الذي لا يزال يحكم سورية إلى الآن، دستور سورية عام 1973.
المادة 25-3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات)([47]).
المادة 25-2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة.
ولم ينص الدستور على عدم التمييز لأنه اعتبر (حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة..)([48]).
أما حشر الإسلام في زاوية العقيدة والشعيرة فنجده في دستور 1920.
المادة 13- لا يجوز التعرض لحرية المعتقدات والديانات ولا منع الحفلات الدينية لطائفة من الطوائف على أن لا تخل بالأمن العام أو تمس بشعائر الأديان والمذاهب الأخرى)([49]).
ونجدها في دستور 1928:
المادة 15- حرية الاعتقاد مطلقة، وتحترم الدولة جميع المذاهب والأديان الموجودة في البلاد وتكفل حرية القيام بجميع شعائر الأديان والعقائد على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب، وتضمن الدولة أيضاً للأهلين على اختلاف طوائفهم احترام مصالحهم الدينية وأحوالهم الشخصية)([50]).
ونجدها في دستور البعث:
( 35- 1- حرية الاعتقاد مصونة وتحترم الدولة جميع الأديان)([51]).
2- تكفل الدولة حرية القيام بجميع الشعائر الدينية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام.
والملاحظ هو التسوية التامة بين الأديان والمذاهب والطوائف، وعدم تخصيص الإسلام بشيء إلى دين رئيس الدولة.
هذا وقد تميز دستور 1949 باعترافه بأن يكون دين الدولة الإسلام، وباعترافه بأن يكون الإسلام مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع وهو ما نص عليه دستور البعث (المادة 3-1 الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع)([52]).
وأما إلغاء شريعة الإسلام، وجعل الشعب هو مصدر التشريع فنجده في دستور 1920:
المادة 60- القوانين المدنية والجزائية والتجارية والبحرية والقوانين المتعلقة بالصحة العامة وبالتأليف.. وقوانين العمال والقوانين المتعلقة بالأمور الخاصة بالحكومة العامة تصدر من المؤتمر وتكون نافذة الحكم في جميع المقاطعات) مع ملاحظة أن المؤتمر هو (المادة 47- يتألف من مجلسي النواب والشيوخ) (4).
وفي دستور 29- الأمة مصدر كل سلطة.
المادة 30- السلطة التشريعية منوطة بمجلس النواب)([53]).
وفي دستور البعث 1973:
المادة 50-1- يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية على الوجه المبين في الدستور)([54]).
والوجه المبين في الدستور هو أن يكون (الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع)([55]) لكن ليس هو المصدر الوحيد ولا الرئيسي، فيؤخذ منه ومن غيره لكنه هو الأهم، ومع هذا فهو خطوة متقدمة حسب القوانين 1920 و1928، الذي لا يعترف بالفقه الإسلامي أصلاً كمصدر للتشريع، وهو تأكيد لدستور 1949 الذي نص بالمادة نفسها على ذلك.
ونصل بعد هذا الاستعراض الشامل طيلة قرن من الزمان على استبعاد التشريع الإسلامي أن يكون هو الذي يسود الشعب والوطن، وهذا ما حرص عليه دعاة الوطنية، بينما كان الهدف الرئيسي لدعاة الإسلام هو تحكيم شريعة الله في الأمة والوطن.
هذا هو الإسلام عند دعاة الوطنية التي تعتبر الرابطة الوطنية أعلى الروابط.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

الوطن والمواطنة (المبحث الثاني) Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28718
السٌّمعَة : 23
العمر : 45
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الوطن والمواطنة (المبحث الثاني) Empty رد: الوطن والمواطنة (المبحث الثاني)

مُساهمة من طرف سامح عسكر الجمعة أغسطس 26, 2011 9:55 am

سادسا- الرئيس القوتلي نموذج العقيدة الوطنية:
لقد كان القوتلي رئيس سورية، وعضو العربية الفتاة في المجال القومي، وزعيم الحزب الوطني في المجال الوطني يمثل هذه النزعة الوطنية العليا التي لا تقبل الاحتكام إلى شريعة الله إلا إلى الشعب، وفي خطابه التاريخي بعيد الجلاء ورغم تضمينه لكثير من الآيات القرآنية فيه فقد كان الدين عنده أن لا يُذكر الإسلام بكلمة واحدة عن عند وتصميم، إنما هي الوطنية والعروبة والقومية والأعراف الدولية، نود أن نعرض لأهم فقرة في الخطاب ونتعلم كيف يفكر هؤلاء الدعاة الوطنيون كنموذج عنهم في كل صقع، ما هي أحلامه وهو أعلى رجل في الدولة, وما هي آماله.
[ إن مثلنا الأعلى الذي نتطلع إليه ليدعو اليوم أبناء هذه الأمة إلى التجرد عن الهوى، والترفع عن الصغار، وإيثار المصلحة العامة على الخاصة، والتفاني في رعاية القانون، واحترام النظام، والولاء للدولة، ومعرفة أن لقاء كل حق للفرد لا بد من واجب عليه.
وتقوم قواعد المجد الآتي من ناحية أخرى على تحلي الحكومة بالعدل مقروناً بالحزم، وبالسهر على مصالح الشعب وتغليب سلطان القانون العادل على كل سلطان، وتنمية الكفايات ومعرفة أن ما كان يجوز في عهد الانتداب والاحتلال قد لا يجوز في عهد السيادة والاستقلال، وإني لأرجو على ضوء ما أسلفت أن نمضي في عهدنا الإنشائي في مساواة لا تفرق بين الأديان والمذاهب، ولا تقيم وزناً لعصبيات الأعراق والطوائف، فنحن حقاً أمة واحدة موحدة، لا أقليات فيها ولا أكثريات.
أما في سياستنا الخارجية فنمحض دولة هيئة الأمم المتحدة أصدق المودة، وستكون صلاتنا في ميادين الاقتصاد والثقافة والشؤون العالمية الأخرى الصلات التي تقتضيها طبيعة الحياة الدولية وضرورة المساواة في النشاط العالمي على اختلاف ميادينه وتعدد مناحيه، على أن نقف في ذلك على قدم المساواة مع غيرنا، وعلى أن لا تمس سيادتنا الوطنية...
أما صلتنا بالجامعة العربية التي هي حصن العرب المنيع، فصلة الولاء الخالص لمبادئها، والعمل الدائب على ترقيتها وتحقيق أهدافها، فعلى هذه الجامعة المباركة يعقد الرجاء، وبها تُناط الآمال، وفيها تلتقي مثلنا العليا، وفي تقويتها وإعزازها وتوطيد دعائمها عزة الجانب، ووفرة الكرامة، وبلاد الشام التي شعَّ منها نور العربية في عهدها الزاهر وحملت رسالة الحضارة بين أولى الدول العربية إلى الآفاق البعيدة ورفعت راية العربية على ضفاف اللوار وروابي الأندلس وأسوار الصين تعلن اليوم أنها تؤمن بالعروبة في أوسع معانيها، وتساهم في إيمان بأداء رسالة العروبة للحضارة الإنسانية، وهي رسالة سامية قائمة على الحق المطلق والسلام العادل.
ولقد أعربت عن مشاعركم ورميت عن قوس عقيدتكم حين قلت بالأمس وأقول اليوم، إننا لن نقبل أن يرتفع فوق علم هذه البلاد سوى علم واحد هو علم الوحدة العربية.
وإنه لمن مقتضيات اعتناقنا العقيدة القومية أن تقف سوريا من الأقطار والشعوب التي تشكو بعض القيود تقيد سياستها وتعمل جاهدة على فكها والإفلات من ربقتها موقف المتضامن معها المؤيد الظهير لها الثابت في نصرتها، وأما فلسطين العزيزة الجزء الجنوبي من ديار الشام، فقضيتها قضيتنا، وخلاصها من خطر الصهيونية ركن أساسي من أركان سياستنا، وفي إنقاذها ضمانة لسياسة بلادنا، ومستقبل أبنائنا، ونحن مطمئنون إلى تضامن الدول والشعوب العربية في نصرة قضيتها، وإيمان إخواننا العرب من أبنائها سيكفل لعروبة فلسطين بالنصر المؤزر والفوز المبين، إن فلسطين عربية وستبقى عربية، ولو أطبقت عليها شعوب الأرض ].
ولنا هذه الملاحظات السريعة على نموذج الفكر الوطني المذكور:
1- هذه صفحة واحدة من سبع صفحات هي خطاب الرئيس السوري في يوم الجلاء لم يذكر الإسلام في كلمة واحدة، حتى عندما تقتضي الضرورة ذكره وهو يتحدث عن رسالة العروبة التي امتدت من ضفاف اللوار إلى أسوار الصين وحملت رسالة الحضارة، إنه الحديث حقيقة عن رسالة الإسلام، ولكن عن سابق تصور وتصميم لا يمكن أن يذكر الإسلام.
2- وفي كل آماله وطموحاته ومثله العليا في السياسة الداخلية والقومية والدولية والعربية، ليس عنده أي أمل أو رغبة أو مشاركة في تحقيق شريعة الله في الأرض، بل ويحرِّم الحديث عنها في خطبته التاريخية.
3- وهناك الإصرار بالمقابل على الأمة الواحدة الموحدة والمساواة التي لا تفرق بين الأديان والمذاهب [فنحن حقاً أمة واحدة موحدة لا أقليات فيها ولا أكثريات ] فقد محى الإسلام عنده لصالح الوطنية المحضة، هذا الإسلام الذي يدين به ثمانين بالمئة من الشعب السوري، لا وزن عنده لذلك، فالمساواة هي الأساس عنده.
4- ولا يجد حرجاً أبداً أن يتحدث عن القومية عقيدة ومبدأ لا عاطفة وفطرة [ وإنه لمن مقتضيات اعتناقنا العقيدة القومية.. ] وكذلك العقيدة الوطنية [ ولقد أعربت عن مشاعركم ورميت عن قوس عقيدتكم حين قلت.. ].
5- وفلسطين ليس فيها إلا الجانب الوطني، الجزء الجنوبي من ديار الشام، والجانب القومي [ إن فلسطين عربية وستظل عربية ولو أطبقت عليها شعوب الأرض ]، أما الجانب الإسلامي فيها فلا يُذكر إطلاقاً على لسانه.
6- والقوتلي رغم أنه أحد أعمدة القومية والوطنية، لكنه كان من المعتدلين في الساحة، وعنده جانب من التدين الشخصي، ومع ذلك نلحظ هذه القناعات التي يطرحها على الأمة، لكننا لا نجد هذه الصورة بهذه الحدة والصرامة في المغرب العربي، فالعروبة والإسلام وجهان لعملة واحدة عندهم ولا تتحرج القيادات في الحديث عن العروبة والإسلام.
أما هذا الفصل التام بين الوطنية والإسلام، وبين العروبة والإسلام فهو من نتاج التيار القومي العلماني في الشام، وعلى رأسه العربية الفتاة التي قامت على أساس فصل الدين عن الدولة.
ونصل بعد هذا الاستعراض الشامل طيلة قرن من الزمان على استبعاد التشريع الإسلامي أن يكون هو الذي يسود الشعب والوطن، وهذا ما حرص عليه دعاة الوطنية، بينما كان الهدف الرئيسي لدعاة الإسلام هو تحكيم شريعة الله في الأمة والوطن.
هذا هو الإسلام عند دعاة الوطنية التي تعتبر الرابطة الوطنية أعلى الروابط.
فما هو حكم الإسلام في دعاة الوطنية العلمانية التي تصر على إبعاد الدين عن التشريع للأمة؟.

*سابعا- حكم الإسلام في الوطنية العلمانية:
المنطلق الذي تنطلق منه الفكرة الوطنية هي أن أبناء الوطن ذوو أديان ومذاهب وطوائف متعددة، ولا يجوز أن نفرق في أبناء الوطن الواحد بتمييز دين على آخر أو عقيدة على أخرى.
ومن أجل هذا نبحث عن عقيدة تجمع جميع أبناء الوطن الواحد، فتترك التشريع للشعب يختار ما يريد، وحين يأخذ بالقوانين الفرنسية والإنجليزية فلا يتهم بالتعصب لطائفة أو مذهب أو عقيدة.
إنه يريد أن يجعل الوطن مجتمعاً على أمة واحدة، ويريد التوفيق بين هذه الأديان والمذاهب المتصارعة، وهذا المنطق ليس جديداً على الساحة، فقد قال الله تعالى فيه:
] ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً، فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً، أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً [([56]).
فالآيات في كتاب الله من الوضوح والصراحة، بحيث تحول الإسلام زعماً لمن يرفضون الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله، ونقف عند مبررات هذا الرفض فإذا هي مبررات رفض سدنة الوطنية لها، الإحسان والتوفيق بين الأديان المختلفة والمذاهب المختلفة بحيث يستوي الحق والباطل عندهم.
لقد بلغ الهزء بدين الله أن دُعي أحد علماء السلطة يوماً ليلقي كلمة في الجيش السوري البعثي، وشُدِّدت التوصية عليه أن يبتعد عن الآيات التي تتعرض لليهود والنصارى مراعاة لمشاعرهم في الجيش، واختار آيات بعيدة عن العقيدة موغلة في الجانب الخلقي، وعندما انتهى من محاضرته، سأل كيف رأيتم؟ هل حققت الهدف؟ فكان الجواب: لقد خربتها يا شيخ، لقد استعذت بالله من الشيطان الرجيم، وعندنا في الجيش عبدة الشيطان، لقد أثرت الطائفية في كلمتك.
الإحسان والتوفيق عندهم بين الشيطان والرحمن، بين الكفر والإيمان فلا يجوز أن تذكر الدين أبداً وإلا فأنت متهم بإثارة النزعات الطائفية، وخارج عن الخط الوطني.
وحادثة أخرى تؤكد المعنى نفسه، وذلك في افتتاح المركز الثقافي في إحدى المناطق القريبة من دمشق أيام الوحدة بين سورة ومصر، حيث طُلب من مدير المركز الذي يحمل مسحة من التدين أن يفتتح الحفل بالقرآن الكريم، لكن بآيات بعيدة عن إثارة النعرات الطائفية واختار القارئ آيات سورة لقمان وموعظته لابنه التي تتناول الجانب الأخلاقي البحت، ثم عُتب وحوسب لقد افتتحت الآيات بقوله عز وجل:
] وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم [.
أليست هذه الآيات تمس النصارى وغيرهم من الذين يُشركون بالله؟ فكيف يعالجون هذه المشكلة؟
( إنهم ما أرادوا أن يتحاكموا إلى الطاغوت، قد يكون هنا هو عرف الجاهلية، إلا رغبة في الإحسان والتوفيق.
وهي دائماً دعوى كل من يحيدون عن الاحتكام إلى منهج الله وشريعته، إنهم يريدون اتقاء الإشكالات والمتاعب والمصاعب التي تنشأ من الاحتكام إلى شريعة الله، ويريدون التوفيق بين العناصر المختلفة والاتجاهات المختلفة والعقائد المختلفة، إنها حجة الذين يزعمون الإيمان وهم غير مؤمنين، وحجة المنافقين الملتوين، هي هي دائماً في كل حين)([57]).
ويحسم القرآن الأمر في الحكم على دعاة هذا التيار بقوله عز وجل: ] فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً [([58]).
فلا إيمان لمن يحتكم لشريعة الله، ولمن لم يقبل حكم الله ورسوله، ولا يكفي أن يحتكم مذعناً غير مقتنع، ولو فعل ذلك لما كان مؤمناً، لا بد من الاحتكام بدون أي حرج وبتسليم كامل وقناعة مطلقة أن ما حكم به الله ورسوله هو الحق وهو الأصوب وهو الأحسن.

*ثامنا- رابطة العقيدة فوق رابطة الوطنية:
فإذا كان أعلى العواطف وأغلاها هي رابطة حب الوطن، فالأعلى والأغلى منها هي رابطة العقيدة، وهوية العقيدة.
] ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم، ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً، وإذن لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً، ولهديناهم صراطاً مستقيماً [([59]).
فالله تعالى لم يمتحن المؤمنين بقتل أنفسهم والخروج من ديارهم، ولو امتحنه ما فعله إلا قليل منهم لقوة تمكن حب النفس وحب الوطن من القلب، لكن الجيل الأول امتحن بكليهما، واستجاب لذلك.
فكانت الهجرة من الوطن في سبيل العقيدة، وكان الجهاد في سبيل الله، والقتل في سبيل الله من أجل العقيدة، ] فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين [.
والمهاجرون الذين استجابوا لداعي الإيمان كانوا هم المثل الأعلى في ذلك.
].... فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم، وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله، والله عنده حسن الثواب [([60]).
حب الوطن عاطفة لا يُتنازع فيها أحد، ونتمثل هذا الحب في النصوص التالية:
1- روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عدي، والإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة والحاكم وابن جميع عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الحزورة([61]) فقال:
((والله إنك لخير أرض الله وأحب أرضٍ إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك))([62])
2- وتلك مشاعر المسلمين يوم نزلوا المدينة وتحرك حنينهم لوطنهم.
وكان بلال إذا عركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته فقال
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بفخٍ([63]) وحولي إذخـر([64]) وجليل([65])
وهل أردن يوماً مياه مجنـةٍ([66])
وهل يبدون لي شامة([67]) وطفيـل([68])
قالت عائشة رضي الله عنها، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم فقلت: إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد...))([69]).
3- وحبب الله تعالى له وللمسلمين المدينة، حتى ليحن إليها ويشتاق إليها كلما غادرها عليه الصلاة والسلام (( ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه))([70]).
4- ولعمق هذه العاطفة كانت الهجرة من الوطن ثقيلة جداً على النفس لا يقدم عليها إلا أولو العزم كما يقول سبحانه:
] ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم، ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خراً لهم وأشد تثبيتاً [.
فقد قرن الله تعالى قتل النفس بمغادرة الوطن لصعوبة ذلك على النفس الإنسانية.
5- وحب الوطن فطرة بشرية إنسانية مركوزة في النفس الإنسانية مثل حب الأهل والولد والزوج والعشيرة، ومن أجل ذلك حين تقتضي عقيدة المسلم أن يهاجر عن أرضه ووطنه في سبيل الله فيحاول الشيطان أن يثنيه عن ذلك من خلال هذا الحب كما في الحديث المروي عن سيرة بن أبي الفاكه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟ فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك.. فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد، فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسَّم المال؟ فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقاً على الله أن يدخله الجنة...)).
فكان حب العقيدة وحب الروح وحب الزوج قرين حب الوطن، وكلها مرتكزات قابعة في أعماق النفس البشرية.
6- والدفاع عن الوطن وبذل الروح في سبيل ذلك هو فطرة من جهة، وعقيدة للمسلم من جهة ثانية فلو وطئ الكفار بلاد المسلمين فماذا يجب عليهم:
( فإن وطئوها وغشوا المسلمين وعلم كل واقف عليه من الكفار أنه إن أخذه قتله فعليه أن يتحرك ويدفع عن نفسه ما أمكن يستوي في ذلك الحر والعبد والمرأة والأعمى والأعرج والمريض ولأنه قتال دفاع عن الدين لا غزو فلزم كل مطيق) ([71]).

*عاشرا- الوطنية والإسلام يتلاحمان:
وعندما كان العدو الكافر يحتل أرض الإسلام، وهو العربي نفسه الذي يحتل وطنه، توحد الشعور بين الرابطتين، فكان دعاة الإسلام على رأس الحركة الوطنية في كل صقع، هم يقودون الثورات ويشعلونها ضد الاستعمار من أقصى أرض الإسلام إلى أقصاها، وكان الشعور الوطني والديني توأمان يغذي أحدهما الآخر، فقاد الحركة الوطنية في مصر مثل سعد زغلول ومصطفى كامل، كانوا تلاميذ الإمام محمد عبده، وقاد الحركة الوطنية في سورية تلاميذ الشيخ بدر الدين الحسيني الذي أشعل الثورة السورية الكبرى عام 1925، وفي فلسطين كان الشيخ القسام وعبد القادر الحسيني وأمين الحسيني هم رواد المقاومة الفلسطينية.
وفي الجزائر ترعرعت الثورات وتربت على ثورة الأمير عبد القادر الجزائري، وفي ليبية يقودها الشيخ عبد الكريم الخطابي، وفي العراق يقوم رشيد عالي الكيلاني والشيخ الزهاوي..
وعندما قامت الحركات الإسلامية كانت هي فوهة المدفع ضد الاستعمار، فالإخوان المسلمين في العالم العربي طلائع التحرير ضد العدو المحتل، وضد اليهود في فلسطين، وضد الإنكليز في القناة، وكان للإمام الشهيد حسن البنا، وللشيخ الدكتور مصطفى السباعي، وللشيخ الصواف في العراق وغيرهم دور قيادة حركة التحرير الداخلي من الظلم والخارجي من الاحتلال.

*الحادي عشر- الاعتراف بالواقع الوطني:
رغم أن أجيالنا العربية المسلمة في هذا القرن ثارت على التجزئة ولا تزال تطالب دائماً بالوحدة، لكن لا بد من الاعتراف أن الوطنية الضيقة صارت في شعورنا وفي دمنا، وصارت جزءاً من تركيبنا، فالانتماء السوري عندنا نموذجاً مثل الانتماء الأردني والفلسطيني والمصري والتونسي وغيره، لقد تكونت أوطان صغيرة في هذا الوطن العربي وفي هذا الوطن الإسلامي، وليس لنا خيار في التعامل معها والولاء لها، والاعتراف بدساتيرها وحدودها، وتتأجج هذه المشاعر عندما يتعرض هذا الوطن لعدوان خارجي، ولعل وجود إسرائيل اليوم واستمرارها في اغتصاب فلسطين، جعل الشعب الفلسطيني هو الضحية الأولى والوقود للمعركة.
لكن المشكلة تقوم عندما يقوم صراع الحدود بين أجزاء الوطن العربي الواحد، وتقع المعارك والحروب بين الأشقاء عندها تكون الإقليمية البغيضة والولاء الأعمى للوطن الصغير، إنه لا حرج أبداً من الانتماء إلى سورية بحدودها القائمة وشعبها بكل ألوانه وأطيافه على أن لا يكون ذلك بديلاً عن الانتماء العربي والانتماء الإسلامي وقد أصبح لكلمة سوريا مساحة كبيرة في أعماقنا كما هي الحال لكلمة مصر عند الأخ المصري، والمغرب عند الأخ المغربي والسعودية عند الأخ السعودي، لكنها تخضع في النهاية للمصلحة الأكبر، وللرابطة الأكبر.
نحن لسنا أمام عواطف متناقضة إنما نحن أمام مشاعر متكاملة، ونحن نعيش ضمن الدوائر الثلاثة التي تنتمي إليها بلا حرج الدائرة الوطنية، والدائرة العربية القومية، والدائرة الإسلامية والأصل أنه عندما يقع اعتداء على قطر من الأقطار العربية أو الإسلامية أن تكون الأمة في كل أقطارها يداً واحدة في صد هذا الاعتداء.
هذا ولا بد من الحديث بوضوح أكثر حول العاطفة الوطنية مع تعدد الأعراق والأديان والذي يبرز أكثر ما يبرز في سورية ولبنان والعراق، ففي سورية مثلاً طوائف دينية مختلفة كالنصارى والمسلمين وطوائف إسلامية مختلفة بين سنّة وشيعة ودروز ونصيريين واسماعيليين، كما أن هناك تنوع عرقي مثل العرب والأكراد والشركس والتركمان والآشوريين، وغير ذلك وأصبحوا جميعاً يشكلون الشعب السوري وأرضهم هي الوطن السوري، وتكوَّن الوطن السوري والشعب السوري من هذه الأطياف جميعاً، يجمع بينها مصلحة هذا الوطن وحبه والحنين إليه والذود عنه، وحق كل مواطن أن يكون شريكاً رئيسياً في الاستمتاع بخيراته وحكم نفسه والدفاع عنه وقبول الديمقراطية أساساً للتعامل السياسي بحيث تحكم الأكثرية دون أي مساس بحق الأقلية كما هو الحال في كل أوطان العامل ودوله المتحضرة وكما يقول الميثاق الوطني المطروح أساساً للتعامل السياسي في سورية والذي تقدمت به جماعة الإخوان المسلمين للأمة: وكما أن انتماء قطرنا إلى إسلامية مرجعيته وهوية غير مضر بوحدته الوطنية فإن انتماءه إلى عروبته لا يحمل أي بعد عنصري أو استعلائي ليجد أبناء الوطن أجمع سر مواطنتهم في روح العدل والتآخي والمساواة والمشاركة التاريخية في سراء الوطن وخبراته على حد سواء).

* الثاني عشر- ملخص البحث:
ونخلص بعد هذا العرض إلى النتائج التالية:

1- الإسلام هو الذي أنشأ الوطن والوطنية، ونقل الأمة من البكاء على الأطلال والعصبية القبلية إلى وطن المدينة في الوطن الحجازي ثم الوطن العربي في الجزيرة ثم الوطن العربي الشامل ثم الوطن الإسلامي.
2- ربط الإسلام بين الدين والوطن حيث اعتبر الوطن دار الإسلام وعليه أن يحميه ويذود عنه بالمال والدم.
3- وكان الجهاد في سبيل الله لحماية ثغور المسلمين في الأرض، والرباط على الحدود، كما جعله فرض عين عندما يغزو العدو بلاد المسلمين لا يعذر أحد في التخلي عنه.
4- ورفض الإسلام التجزئة لأن الأصل أن يفيء المسلمون إلى خليفة واحد، ولهذا كانت التجزئة مؤقتة لا تدوم، ولا يعترف بحدود لها ولا قيود.
5- ورغم التجزئة المصطنعة، فقد كان المسلم والذمي يتنقل في الوطن الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه دون أن يعترض سبيله أحد، ويمكن أن يكون وزيراً في بلد ورئيساً في آخر ومفتياً في ثالث.
6- جاءت الخلافة العثمانية وحكمت العالم الإسلامي ثمانية قرون منها أربعة قرون في الوطن العربي، وثأرت للمسلمين من الغزو الصليبي على أراضيهم، وأدخلت الإسلام في قلب أوربا الصليبية.
7- من عجائب التاريخ أن تكون الأمم التي فتح الإسلام أرضها، أن تكون هذه الأمم هي التي تحمل راية الدفاع عن المسلمين وأوطانهم في وجه الغزو التتري والغزو الصليبي، وتحقق الانتصارات الباهرة عليه.
8- شهد القرن الأخير الانسلاخ عن الإسلام أمام التيارات الوطنية والقومية، ووقف الإسلام ورجاله مع هذه التيارات في مواجهة الغزو الاستعماري والاحتلال الأوربي الكافر وكان القادة المسلمون هم قادة التحرير لشعوبهم وأوطانهم.
9- الوطنية والتجزئة في هذا القرن هي وليدة الاستعمار الذي وضع الحدود في معاهدة سايكس بيكو ومزّق الدولة العثمانية.
10- ارتبطت الوطنية بفكرة الاستقلال، ومحاربة الاستعمار فأخذت بعداً مقدساً دينياً هيأت الجو للعقيدة الوطنية التي تطغى على كل ما سواها من أفكار.
11- الإسلام يعتبر العاطفة الوطنية فطرة إنسانية، وحب الوطن مركوز في النفس الإنسانية.
12- وأصبح الإسلام وجهاً لوجه أمام التيار الوطني والقومي الذي أراد إلغاء شريعة الإسلام ورفض تحكيمها على الأكثرية المسلمة، وجعل رابطة الوطنية والقومية فوق رابطة العقيدة الإسلامية ومنع حتى ذكر الإسلام على أرضه وفي خطه الرسمي الذي يمثل دولته وقياداته.
13- حين يقبل التيار الوطني بأن تكون رابطة العقيدة أكبر منه ويتحرك ضمن إطار العاطفة لا العقيدة، فلا خلاف على الساحة معه، وحين يصر التيار القومي والوطني على العلمانية فالإسلام وتياره في حرب معه، وهي حرب بين الإيمان والكفر.
14- والواقع الذي عشناه ضمن الإطار الوطني يفرض علينا الانطلاق من هذا الإطار الذي يستوعب كل الألوان العرقية والدينية في الوطن الواحد ليجد أبناء الوطن أجمع سر مواطنتهم في روح العدل والتآخي والمساواة والمشاركة التاريخية في سراء الوطن وضرائه على حد سواء، من دون الإخلال بالرابطة العربية انتماء والرابطة الإسلامية هوية وحضارة.




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

الوطن والمواطنة (المبحث الثاني) Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28718
السٌّمعَة : 23
العمر : 45
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى