الغنـــــــــــــــــــــــاء بين الحل والحرمة!
2 مشترك
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
الغنـــــــــــــــــــــــاء بين الحل والحرمة!
بسم الله والصلاة والسلام على سيد خلق الله وبعد:
فهذا مختصر وفهرس لموضوع الغناء الذي وضعنا تفاصيل موضوعه في الركن تسهيلا على من يريد:
أولا: مذهب المانعين:
1-الأدلة من القرآن ومدى دلالتها على التحريم:
الدليل الأول:
قال تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين".
الدليل الثاني:
قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" في معرض مدح المؤمنين
الدليل الثالث:
قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور".
الدليل الرابع:
قوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك".
الدليل الخامس:
قوله تعالى: "وأنتم سامدون"
الأدلة القرآنية لمحرمي الغناء ومدى دلالتها
الدليل الأول:
قال تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين".
وجه الاستدلال:
صح عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أن: (لهو الحديث) في الآية هو الغناء ,وأقسم ابن مسعود على ذلك فقال: هو –والله- الغناء! ذكر ذلك ابن القيم وغيره ثم نقل عن الحاكم في التفسير من المستدرك قوله: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند.
وقال في موضع آخر من كتابه: هو عندنا في حكم المرفوع.
قال ابن القيم: وهذا –وإن كان فيه نظر- فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم (انظر إغاثة اللهفان لابن القيم ج1 ص 258).
وذكر الواحدي: أن أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء وهو قول مجاهد وعكرمة (انظر المصدر السابق ص 257 وانظر سنن البيهقي (10/223) وقد زاد: إبراهيم النخعي).
وقفات مع الاستدلال:
الأولى:
أن هذا ليس هو التفسير الوحيد للآية فقد فسره بعضهم بأن المراد به:أخبار وقصص الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث –أحد مشركي قريش العتاة- يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن وقد ذكر ذلك ابن القيم نفسه.
الثانية:
أننا لا نسلم أن تفسير الصحابي في حكم المرفوع إلا فيما كان من سبب نزول ونحوه بل هو في الغالب فهم له في القرآن كثيرا ما يعارضه غيره من الصحابة ولو كان كله مرفوعا ما تعارض ولا اختلف.
الثالثة:
أننا لو سلمنا بصحة هذا التفسير وأنه في حكم المرفوع بل لو كان مرفوعا فعلا لم يكن حجة في موضع النزاع هنا فالآية لا تذم مجرد من يشتغل بالغناء أو لهو الحديث بل تذم وتتوعد بالعذاب المهين من يشتريه ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا وهذا غير ما نحن فيه.
كلمة لابن حزم: وما أبلغ ما قاله ابن حزم في الرد على من احتج بقول ابن مسعود أو غيره هنا:
قال أبو محمد: لاَ حُجَّةَ فِي هَذَا كُلِّهِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ لأََحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ غَيْرَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ نَصَّ الآيَةِ يُبْطِلُ احْتِجَاجَهُمْ بِهَا؛ لأََنَّ فِيهَا " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" وَهَذِهِ صِفَةٌ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ كَافِرًا، بِلاَ خِلاَفٍ، إذَا اتَّخَذَ سَبِيلَ اللَّهِ تَعَالَى هُزُوًا.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأً اشْتَرَى مُصْحَفًا لِيُضِلَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَّخِذُهَا هُزُوًا لَكَانَ كَافِرًا،فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا ذَمَّ قَطُّ، عَزَّ وَجَلَّ، مَنْ اشْتَرَى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيَلْتَهِيَ بِهِ وَيُرَوِّحَ نَفْسَهُ، لاَ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا. وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَغَلَ عَامِدًا عَنْ الصَّلاَةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِقِرَاءَةِ السُّنَنِ، أَوْ بِحَدِيثٍ يَتَحَدَّثُ بِهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ، أَوْ بِغِنَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ اشْتِغَالاً بِمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُحْسِنٌ.(انظر المحلى 9/10).
وما قاله ابن حزم أكده الإمام أبو حامد الغزالي فقال تعقيبا على من احتج بالآية على تحريم الغناء:
وأما شراء لهو الحديث بالدين استبدالا به ليضل به عن سبيل الله فهو حرام مذموم وليس النزاع فيه وليس كل غناء بدلا عن الدين مشترى به ومضلا عن سبيل الله تعالى وهو المراد في الآية ولو قرأ القرآن ليضل به عن سبيل الله لكان حراما.
وأيد هذا بما حكي عن بعض المنافقين: أنه كان يؤم الناس ولا يقرأ إلا سورة عبس لما فيها من العتاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمر بقتله ورأى فعله حراما لما فيه من الإضلال فالإضلال بالشعر والغناء أولى بالتحريم.
انظر الإحياء (2/260) وما بعدها.
دلالة الوعيد الشديد في الآية:
ومما يؤكد ما ذكره ابن حزم والغزالي: أن الآية تضمنت وعيدا شديدا على هذا الفعل مما يدل على أنه ليس مجرد لهو وترويح كما أن الآية التالية للآية المحتج بها تضمنت زيادة بيان لأوصاف هذا الصنف من الناس الذي عنته الآية إذ قال تعالى بعدها: "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم".
وهذا لا يوصف به مسلم يعتقد أن القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
ولذا نجد الإمام ابن القيم –وهو من أشد القائلين بتحريم الغناء- يعترف بأن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا وإذا يتلى عليه القرآن ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا –وهو الثقل والصمم- وإذا علم منه شيئا استهزأ به فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا (انظر إغاثة اللهفان ج1 ص 259).
ومن هنا نرى أن تطبيق الآيتين الكريمتين بما تضمنتا من أوصاف وما اشتملتا عليه من وعيد شديد على مجرد من اشتغل بالغناء تلهيا وترويحا للنفس في غاية البعد لمن أنصف وتدبر القرآن.
يؤيد هذا ما نقله الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره من طريق ابن وهب قال:قال ابن زيد في قوله تعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث.."الآية. قال: هؤلاء أهل الكفر ألا ترى إلى قوله تعالى "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا" فليس هكذا أهل الإسلام.
قال: وناس يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه.(انظر تفسير الطبري (10/41).
وقال الإمام ابن عطية: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو الحديث مضاف إلى الكفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: "ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا" وبالتوعد بالعذاب المهين (انظر تفسير ابن عطية ج11 ص 484).
وهذا هو ما اختاره الإمام الفخر الرازي في تفسيره ولم يذكر غيره فانظره غير مأمور في التفسير الكبير للرازي ج 13 ص 141-142.
الدليل الثاني:
2- قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" في معرض مدح المؤمنين.
وجه الاستدلال:
قالوا: الغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب عن ذلك بأن الظاهر من الآية الكريمة أن المراد من اللغو فيها هو سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك وبقية الآية تنطق بذلك قال تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا أن الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة "اللغو" ككلمة "الباطل" تعني ما لا فائدة فيه وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرما ما لم يضيع حقا أو يشغل عن واجب.
روى عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له أيؤتى يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك فقال لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو وقال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم.
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم والمخالفة فيه مع أنه لا فائدة فيه لا يؤاخذ فكيف يؤاخذ به بالشعر والرقص؟)
على أننا نقول: ليس كل غناء لغوا إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة والمباح طاعة والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء وفي الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وننقل هنا كلمة جيدة قالها الإمام ابن حزم في المحلى ردا على الذين يمنعون الغناء قال:
(وَاحْتَجُّوا فَقَالُوا: مِنْ الْحَقِّ الْغِنَاءُ أَمْ مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَقَالُوا: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ) فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ نَوَى بِاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ عَوْنًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ فَاسِقٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْغِنَاءِ، وَمَنْ نَوَى بِهِ تَرْوِيحَ نَفْسِهِ لِيَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيُنَشِّطَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْبِرِّ فَهُوَ مُطِيعٌ مُحْسِنٌ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ، وَمَنْ لَمْ يَنْوِ طَاعَةً، وَلاَ مَعْصِيَةً، فَهُوَ لَغْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَخُرُوجِ الْإِنْسَانِ إلَى بُسْتَانِهِ مُتَنَزِّهًا، وَقُعُودِهِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مُتَفَرِّجًا وَصِبَاغِهِ ثَوْبَهُ لاَزَوَرْدِيًّا أَوْ أَخْضَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَدِّ سَاقِهِ وَقَبْضِهَا وَسَائِرِ أَفْعَالِهِ) انظر المحلى (9/60) .
يتبع
فهذا مختصر وفهرس لموضوع الغناء الذي وضعنا تفاصيل موضوعه في الركن تسهيلا على من يريد:
أولا: مذهب المانعين:
1-الأدلة من القرآن ومدى دلالتها على التحريم:
الدليل الأول:
قال تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين".
الدليل الثاني:
قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" في معرض مدح المؤمنين
الدليل الثالث:
قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور".
الدليل الرابع:
قوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك".
الدليل الخامس:
قوله تعالى: "وأنتم سامدون"
الأدلة القرآنية لمحرمي الغناء ومدى دلالتها
الدليل الأول:
قال تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين".
وجه الاستدلال:
صح عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أن: (لهو الحديث) في الآية هو الغناء ,وأقسم ابن مسعود على ذلك فقال: هو –والله- الغناء! ذكر ذلك ابن القيم وغيره ثم نقل عن الحاكم في التفسير من المستدرك قوله: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند.
وقال في موضع آخر من كتابه: هو عندنا في حكم المرفوع.
قال ابن القيم: وهذا –وإن كان فيه نظر- فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم (انظر إغاثة اللهفان لابن القيم ج1 ص 258).
وذكر الواحدي: أن أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء وهو قول مجاهد وعكرمة (انظر المصدر السابق ص 257 وانظر سنن البيهقي (10/223) وقد زاد: إبراهيم النخعي).
وقفات مع الاستدلال:
الأولى:
أن هذا ليس هو التفسير الوحيد للآية فقد فسره بعضهم بأن المراد به:أخبار وقصص الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث –أحد مشركي قريش العتاة- يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن وقد ذكر ذلك ابن القيم نفسه.
الثانية:
أننا لا نسلم أن تفسير الصحابي في حكم المرفوع إلا فيما كان من سبب نزول ونحوه بل هو في الغالب فهم له في القرآن كثيرا ما يعارضه غيره من الصحابة ولو كان كله مرفوعا ما تعارض ولا اختلف.
الثالثة:
أننا لو سلمنا بصحة هذا التفسير وأنه في حكم المرفوع بل لو كان مرفوعا فعلا لم يكن حجة في موضع النزاع هنا فالآية لا تذم مجرد من يشتغل بالغناء أو لهو الحديث بل تذم وتتوعد بالعذاب المهين من يشتريه ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا وهذا غير ما نحن فيه.
كلمة لابن حزم: وما أبلغ ما قاله ابن حزم في الرد على من احتج بقول ابن مسعود أو غيره هنا:
قال أبو محمد: لاَ حُجَّةَ فِي هَذَا كُلِّهِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ لأََحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ غَيْرَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ نَصَّ الآيَةِ يُبْطِلُ احْتِجَاجَهُمْ بِهَا؛ لأََنَّ فِيهَا " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" وَهَذِهِ صِفَةٌ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ كَافِرًا، بِلاَ خِلاَفٍ، إذَا اتَّخَذَ سَبِيلَ اللَّهِ تَعَالَى هُزُوًا.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأً اشْتَرَى مُصْحَفًا لِيُضِلَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَّخِذُهَا هُزُوًا لَكَانَ كَافِرًا،فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا ذَمَّ قَطُّ، عَزَّ وَجَلَّ، مَنْ اشْتَرَى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيَلْتَهِيَ بِهِ وَيُرَوِّحَ نَفْسَهُ، لاَ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا. وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَغَلَ عَامِدًا عَنْ الصَّلاَةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِقِرَاءَةِ السُّنَنِ، أَوْ بِحَدِيثٍ يَتَحَدَّثُ بِهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ، أَوْ بِغِنَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ اشْتِغَالاً بِمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُحْسِنٌ.(انظر المحلى 9/10).
وما قاله ابن حزم أكده الإمام أبو حامد الغزالي فقال تعقيبا على من احتج بالآية على تحريم الغناء:
وأما شراء لهو الحديث بالدين استبدالا به ليضل به عن سبيل الله فهو حرام مذموم وليس النزاع فيه وليس كل غناء بدلا عن الدين مشترى به ومضلا عن سبيل الله تعالى وهو المراد في الآية ولو قرأ القرآن ليضل به عن سبيل الله لكان حراما.
وأيد هذا بما حكي عن بعض المنافقين: أنه كان يؤم الناس ولا يقرأ إلا سورة عبس لما فيها من العتاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمر بقتله ورأى فعله حراما لما فيه من الإضلال فالإضلال بالشعر والغناء أولى بالتحريم.
انظر الإحياء (2/260) وما بعدها.
دلالة الوعيد الشديد في الآية:
ومما يؤكد ما ذكره ابن حزم والغزالي: أن الآية تضمنت وعيدا شديدا على هذا الفعل مما يدل على أنه ليس مجرد لهو وترويح كما أن الآية التالية للآية المحتج بها تضمنت زيادة بيان لأوصاف هذا الصنف من الناس الذي عنته الآية إذ قال تعالى بعدها: "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم".
وهذا لا يوصف به مسلم يعتقد أن القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
ولذا نجد الإمام ابن القيم –وهو من أشد القائلين بتحريم الغناء- يعترف بأن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا وإذا يتلى عليه القرآن ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا –وهو الثقل والصمم- وإذا علم منه شيئا استهزأ به فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا (انظر إغاثة اللهفان ج1 ص 259).
ومن هنا نرى أن تطبيق الآيتين الكريمتين بما تضمنتا من أوصاف وما اشتملتا عليه من وعيد شديد على مجرد من اشتغل بالغناء تلهيا وترويحا للنفس في غاية البعد لمن أنصف وتدبر القرآن.
يؤيد هذا ما نقله الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره من طريق ابن وهب قال:قال ابن زيد في قوله تعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث.."الآية. قال: هؤلاء أهل الكفر ألا ترى إلى قوله تعالى "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا" فليس هكذا أهل الإسلام.
قال: وناس يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه.(انظر تفسير الطبري (10/41).
وقال الإمام ابن عطية: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو الحديث مضاف إلى الكفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: "ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا" وبالتوعد بالعذاب المهين (انظر تفسير ابن عطية ج11 ص 484).
وهذا هو ما اختاره الإمام الفخر الرازي في تفسيره ولم يذكر غيره فانظره غير مأمور في التفسير الكبير للرازي ج 13 ص 141-142.
الدليل الثاني:
2- قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" في معرض مدح المؤمنين.
وجه الاستدلال:
قالوا: الغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب عن ذلك بأن الظاهر من الآية الكريمة أن المراد من اللغو فيها هو سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك وبقية الآية تنطق بذلك قال تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا أن الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة "اللغو" ككلمة "الباطل" تعني ما لا فائدة فيه وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرما ما لم يضيع حقا أو يشغل عن واجب.
روى عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له أيؤتى يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك فقال لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو وقال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم.
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم والمخالفة فيه مع أنه لا فائدة فيه لا يؤاخذ فكيف يؤاخذ به بالشعر والرقص؟)
على أننا نقول: ليس كل غناء لغوا إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة والمباح طاعة والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء وفي الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وننقل هنا كلمة جيدة قالها الإمام ابن حزم في المحلى ردا على الذين يمنعون الغناء قال:
(وَاحْتَجُّوا فَقَالُوا: مِنْ الْحَقِّ الْغِنَاءُ أَمْ مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَقَالُوا: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ) فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ نَوَى بِاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ عَوْنًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ فَاسِقٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْغِنَاءِ، وَمَنْ نَوَى بِهِ تَرْوِيحَ نَفْسِهِ لِيَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيُنَشِّطَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْبِرِّ فَهُوَ مُطِيعٌ مُحْسِنٌ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ، وَمَنْ لَمْ يَنْوِ طَاعَةً، وَلاَ مَعْصِيَةً، فَهُوَ لَغْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَخُرُوجِ الْإِنْسَانِ إلَى بُسْتَانِهِ مُتَنَزِّهًا، وَقُعُودِهِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مُتَفَرِّجًا وَصِبَاغِهِ ثَوْبَهُ لاَزَوَرْدِيًّا أَوْ أَخْضَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَدِّ سَاقِهِ وَقَبْضِهَا وَسَائِرِ أَفْعَالِهِ) انظر المحلى (9/60) .
يتبع
عدل سابقا من قبل ابواحمدالبراوي في الجمعة نوفمبر 18, 2011 10:38 pm عدل 2 مرات
<br>
ابواحمدالبراوي- نائب المدير
- الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 257
نقاط : 5416
السٌّمعَة : 7
رد: الغنـــــــــــــــــــــــاء بين الحل والحرمة!
الدليل الثالث:
3-قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور".
وجه الاستدلال:جاء عن بعض السلف تفسير الزور بأنه الغناء.
قال محمد بن الحنفية: الزور هنا: اللهو والغناء.
وكذلك روي عن الحسن ومجاهد وأبي الجحاف. وتسمية الغناء زورا تدل على حرمته.
وقال الكلبي:لا يحضرون مجالس الباطل أي والغناء منها (انظر هذا الأقوال في إغاثة اللهفان (1/260) وبعده).
ولنا مع هذه الأقوال وقفات أيضا:
أولاها: أن بعض المفسرين فسر "والذين لا يشهدون الزور" تفسيرا يبعد به عن مجال الغناء وأمثاله فجعله من الشهادة لا من الشهود يعني أنهم الذين لا تقع منهم شهادة الزور وإن كنت لا أرجح هذا التفسير فعن قتادة قال: الكذب وعن الضحاك قال: الشرك.
ثانيتها:أن بعضهم فسر الزور بأعياد المشركين وما كان فيها من ضلالات الجاهلية وانحرافات الوثنية وتقرب إلى الأصنام ونحو ذلك. رواه الخطيب عن ابن عباس وقريب منه قول عكرمة: لعب كان في الجاهلية (انظر الدر المنثور ج5 ص 80) وقد يلحق بها ما كان في معناها مما يصنعه بعض المبتدعين والمنحرفين حول أضرحة الأولياء وما أشبه ذلك.
والقاعدة:أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
ثالثتها:إن صح تفسير الزور هنا بأنه الغناء فالمراد به: الغناء الذي يحرض على الفسق ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويقترن بالمنكرات.
رابعتها:أن ليس في الآية ما يدل على الوجوب إنما تمدح الآية من فعل ذلك من عباد الرحمن كما مدحتهم آية أخرى بأنهم: "يبيتون لربهم سجدا وقياما" وليس هذا من الواجبات المفروضات بل من الكمالات المستحبة.
الدليل الرابع:
4-قوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك".
وجه الاستدلال: ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بصوت الشيطان في الآية: الغناء.
فعن مجاهد قال:صوته:الغناء والمزامير واللهو.
وقال الضحاك:صوت المزمار.
ويرد عليه بالآتي:
هذا تفسير غير معصوم فلا يلزمنا وقد خالفه آخرون فعن ابن عباس:صوته: كل داع يدعو إلى معصية الله تعالى.
وقيل:بصوتك: أي بوسوستك.(انظر تفسير القرطبي ج 10 ص 288)
وعند وجود الاحتمال يسقط الاستدلال.
والحقيقة:أن الذي يفهم من الآية ليس المعنى الظاهري من الألفاظ بل المقصود هنا أن يقال لإبليس اللعين:اشحذ كل أسلحتك لإضلال بني آدم واجمع عليهم ما تقدر عليه من جندك وكيدك فإنك لن تستطيع أن تضل المخلصين من عباد الله.
الدليل الخامس:
5-قوله تعالى: "وأنتم سامدون"
وجه الاستدلال:
روى عكرمة عن ابن عباس قال: هو الغناء بلغة حمير. يقال: سمد لنا أي غن لنا، فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا.
ولكن رويت في معنى الكلمة تفسيرات أخرى:
عن ابن عباس نفسه فقد روى عنه والوالبي والعوفي: سامدون أي لاهون معرضون.
وقال القرطبي:المعروف في اللغة"سمد يسمد سمودا: إذا لها وأعرض.
وقال الضحاك: سامدون شامخون متكبرون.
وفي الصحاح: سمد سمودا رفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد.
وروي عن علي رضي الله عنه أن معنى "سامدون" أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين الصلاة.
وقال الحسن: واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام.
وقال المبرد: سامدون خامدون؛ قال الشاعر:
أتى الحدثان نسوة آل حرب بمقدور سمدن له سمودا
(انظر في كل هذا تفسير القرطبي ج 18 ص 133).
ومن المقرر أن كل دليل تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
قال الإمام الغزالي ردا على من احتجوا بالآية المذكورة:
ينبغي أن يحرم الضحك وعدم البكاء أيضا لأن الآية تشتمل عليه (يقصد قوله تعالى: "وتضحكون ولا تبكون").
فإن قيل إن ذلك مخصوص بالضحك على المسلمين لإسلامهم فهذا أيضا مخصوص بأشعارهم وغنائهم في معرض الاستهزاء بالمسلمين كما قال تعالى "والشعراء يتبعهم الغاوون" وأراد به شعراء الكفار ولم يدل ذلك على تحريم نظم الشعر في نفسه. (انظر الإحياء ج2 ص 285).
وبهذا البيان نرى أنه لا توجد في القرآن الكريم آية واحدة تنهض للاحتجاج بها على تحريم الغناء.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
انتهى بتصرف يسير من كتاب الشيخ القرضاوي فقه الغناء والموسيقى ص29-39.
3-قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور".
وجه الاستدلال:جاء عن بعض السلف تفسير الزور بأنه الغناء.
قال محمد بن الحنفية: الزور هنا: اللهو والغناء.
وكذلك روي عن الحسن ومجاهد وأبي الجحاف. وتسمية الغناء زورا تدل على حرمته.
وقال الكلبي:لا يحضرون مجالس الباطل أي والغناء منها (انظر هذا الأقوال في إغاثة اللهفان (1/260) وبعده).
ولنا مع هذه الأقوال وقفات أيضا:
أولاها: أن بعض المفسرين فسر "والذين لا يشهدون الزور" تفسيرا يبعد به عن مجال الغناء وأمثاله فجعله من الشهادة لا من الشهود يعني أنهم الذين لا تقع منهم شهادة الزور وإن كنت لا أرجح هذا التفسير فعن قتادة قال: الكذب وعن الضحاك قال: الشرك.
ثانيتها:أن بعضهم فسر الزور بأعياد المشركين وما كان فيها من ضلالات الجاهلية وانحرافات الوثنية وتقرب إلى الأصنام ونحو ذلك. رواه الخطيب عن ابن عباس وقريب منه قول عكرمة: لعب كان في الجاهلية (انظر الدر المنثور ج5 ص 80) وقد يلحق بها ما كان في معناها مما يصنعه بعض المبتدعين والمنحرفين حول أضرحة الأولياء وما أشبه ذلك.
والقاعدة:أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
ثالثتها:إن صح تفسير الزور هنا بأنه الغناء فالمراد به: الغناء الذي يحرض على الفسق ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويقترن بالمنكرات.
رابعتها:أن ليس في الآية ما يدل على الوجوب إنما تمدح الآية من فعل ذلك من عباد الرحمن كما مدحتهم آية أخرى بأنهم: "يبيتون لربهم سجدا وقياما" وليس هذا من الواجبات المفروضات بل من الكمالات المستحبة.
الدليل الرابع:
4-قوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك".
وجه الاستدلال: ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بصوت الشيطان في الآية: الغناء.
فعن مجاهد قال:صوته:الغناء والمزامير واللهو.
وقال الضحاك:صوت المزمار.
ويرد عليه بالآتي:
هذا تفسير غير معصوم فلا يلزمنا وقد خالفه آخرون فعن ابن عباس:صوته: كل داع يدعو إلى معصية الله تعالى.
وقيل:بصوتك: أي بوسوستك.(انظر تفسير القرطبي ج 10 ص 288)
وعند وجود الاحتمال يسقط الاستدلال.
والحقيقة:أن الذي يفهم من الآية ليس المعنى الظاهري من الألفاظ بل المقصود هنا أن يقال لإبليس اللعين:اشحذ كل أسلحتك لإضلال بني آدم واجمع عليهم ما تقدر عليه من جندك وكيدك فإنك لن تستطيع أن تضل المخلصين من عباد الله.
الدليل الخامس:
5-قوله تعالى: "وأنتم سامدون"
وجه الاستدلال:
روى عكرمة عن ابن عباس قال: هو الغناء بلغة حمير. يقال: سمد لنا أي غن لنا، فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا.
ولكن رويت في معنى الكلمة تفسيرات أخرى:
عن ابن عباس نفسه فقد روى عنه والوالبي والعوفي: سامدون أي لاهون معرضون.
وقال القرطبي:المعروف في اللغة"سمد يسمد سمودا: إذا لها وأعرض.
وقال الضحاك: سامدون شامخون متكبرون.
وفي الصحاح: سمد سمودا رفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد.
وروي عن علي رضي الله عنه أن معنى "سامدون" أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين الصلاة.
وقال الحسن: واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام.
وقال المبرد: سامدون خامدون؛ قال الشاعر:
أتى الحدثان نسوة آل حرب بمقدور سمدن له سمودا
(انظر في كل هذا تفسير القرطبي ج 18 ص 133).
ومن المقرر أن كل دليل تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
قال الإمام الغزالي ردا على من احتجوا بالآية المذكورة:
ينبغي أن يحرم الضحك وعدم البكاء أيضا لأن الآية تشتمل عليه (يقصد قوله تعالى: "وتضحكون ولا تبكون").
فإن قيل إن ذلك مخصوص بالضحك على المسلمين لإسلامهم فهذا أيضا مخصوص بأشعارهم وغنائهم في معرض الاستهزاء بالمسلمين كما قال تعالى "والشعراء يتبعهم الغاوون" وأراد به شعراء الكفار ولم يدل ذلك على تحريم نظم الشعر في نفسه. (انظر الإحياء ج2 ص 285).
وبهذا البيان نرى أنه لا توجد في القرآن الكريم آية واحدة تنهض للاحتجاج بها على تحريم الغناء.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
انتهى بتصرف يسير من كتاب الشيخ القرضاوي فقه الغناء والموسيقى ص29-39.
<br>
ابواحمدالبراوي- نائب المدير
- الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 257
نقاط : 5416
السٌّمعَة : 7
رد: الغنـــــــــــــــــــــــاء بين الحل والحرمة!
أدلة مجيزي الغناء -بشروطه- من السنة وآثار الصحابة والتابعين ومن بعدهم
أولا: أدلتهم من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-:
1-عن عائشة قالت إن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان وفي رواية تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وفي رواية يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا. متفق عليه.
وجه الدلالة من الحديث بطرقه ورواياته:
أن هناك غناء مصحوبا بضرب الدف قد وقع من الجاريتين وفي بيت النبوة وأن عائشة سمعته وكذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد أنكر على أبي بكر انتهاره للجاريتين.
وقال بعض المانعين: إن الجاريتين كانتا صغيرتين ولا يوجد في النص ما يدل على ذلك بل إن غضب أبي بكر وانتهاره لهما وقوله ما قال وتخريقه الدفين في بعض الروايات كل هذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين فلو صح ذلك لم تستحقا كل هذا الغضب والإنكار من أبي بكر إلى هذا الحد الذي ذكرته الروايات.
وقال بعض المانعين: جاء في بعض الروايات في وصف الجاريتين بقوله "وليستا بمغنيتين".
وهذا في الواقع لا يدل على أكثر من أنهما غير محترفتين أي ليستا من القيان اللائي يتكسبن بالغناء ولكنهما غنتا وضربتا بالدف فقد وقع منهما الغناء والضرب بالدف وليس كل مغن محترف.
وقال بعض المانعين: الحديث يدل على إباحة الغناء بمناسبة العيد فبقى ما عدا العيد على المنع.
الرد من وجهين:
أولهما:أن العيد لا يباح فيه ما كان محرما إنما يتوسع فيه في بعض المباحات كالتزين وأكل الطيبات ونحوها.
ثانيهما: أن العيد يستحب فيه إدخال السرور على النفس وعلى الناس فيشعر الناس فيه بالبهجة والفرح ويقاس على العيد كل مناسبة سارة ولو كانت مجرد اجتماع الأصدقاء على طعام أو نحوه.
2-روى البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي صبيحة بني بي فجلس على فراشي كمجلسك مني فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في الغد فقال دعي هذه وقولي الذي كنت تقولين.
وفي رواية ابن ماجة عن الحسن المدني قال كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجواري يضربن بالدف ويتغنين فدخلنا على الربيع بنت معوذ فذكرنا ذلك لها فقالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عرسي وعندي جاريتان يتغنيان وتندبان آبائي الذين قتلوا يوم بدر وتقولان فيما تقولان وفينا نبي يعلم ما في غد فقال أما هذا فلا تقولوه ما يعلم ما في غد إلا الله.
وصحح الألباني هذه الرواية الأخيرة في سنن ابن ماجة برقم 1897 والتي أضافت ضربهم الدفوف في يوم عاشوراء.
3-روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو.
وعن عائشة قالت كانت عندي جارية من الأنصار زوجتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة ألا تغنين ؟ فإن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء . رواه ابن حبان في صحيحه
وعن ابن عباس قال أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أهديتم الفتاة قالوا نعم قال أرسلتم معها من يغني قالت لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأنصار قوم فيهم غزل فلو بعثتم معها من يقول ( أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم) رواه ابن ماجة
حسنه الألباني في غاية المرام برقم 398 وفي تحريم آلات الطرب ص 133 وفي الإرواء برقم 1995 .
4-عن بريدة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا". فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل عمر فألقت الدف تحت أستها ثم قعدت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليخاف منك يا عمر إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف .رواه أحمد والترمذي وصححه.
وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2261 وغيرها.
يقول الشيخ القرضاوي: والقائلون بالتحريم يخصون مثل ذلك من عموم الأدلة على المنع.
أما المجوزون فيستدلون به على مطلق الجواز لما سلف وقد دلت الأدلة على أنه لا نذر في معصية الله فالإذن منه –ص- لهذه المرأة بالضرب يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية في ذلك الموطن.
5-عن عامر بن سعد قال دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يغنين فقلت أي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر يفعل هذا عندكم ؟ فقالا اجلس إن شئت فاسمع معنا وإن شئت فاذهب فإنه قد رخص لنا في اللهو عند العرس . رواه النسائي.
وصححه الألباني في المشكاة برقم 3159 وحسنه في سنن النسائي برقم 3383
وقد توقف بعضهم عند كلمة "رخص لنا" في الحديث ليأخذ منها أن الأصل هو المنع وأن الرخصة جاءت على خلاف الأصل وهي مخصوصة بالعرس فتقتصر عليه.
ونسى هؤلاء أن مثل هذا التعبير يأتي فيما يراد به التيسير ولازمه في أمر كان يتوقع فيه التشديد والمنع.
فهو من باب قوله تعالى: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" مع أن الطواف فرض أو ركن.
6- روى النسائي عن السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عائشة أتعرفين هذه؟ قالت لا يا نبي الله . فقال هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك قالت نعم قال فأعطاها طبقا فغنتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد نفخ الشيطان في منخريها.
قال الأدفوي: وسنده صحيح وكذا قال الشوكاني والكتاني.
وصححه الألباني في الصحيحة برقم 3281
يقول الشيخ القرضاوي:دل هذا على إباحة الغناء من القينة لأنه-ص- لا يأذن في حرام.
كما يدل على وجود القينات المغنيات في العصر النبوي ولم ينكر وجودهن.
ودل على إباحة الغناء في غير العيد وفي غير العرس على خلاف ما يقوله دعاة التحريم.
7-وأخرج النسائي وغيره عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح".
وحسنه الترمذي وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ورجح الألباني أنه حسن فقط انظر الإرواء برقم 1994
ثانيا: أقوال الصحابة وأفعالهم -رضوان الله عليهم-:
1-عبد الله بن جعفر:
قال ابن عبد البر في الاستيعاب (2/276) :كان عبد الله لا يرى بسماع الغناء بأسا.
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/456) ترجمة 93:
"كان –أي عبد الله- وافر الحشمة كثير التنعم وممن يستمع الغناء".
وقال العلامة الأدفوي في كتابه الإمتاع:
"وأما عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسماع الغناء عنه مشهور مستفيض نقله عنه الفقهاء والحفاظ وأهل التاريخ الأثبات... "
2-عبد الله بن الزبير وبلال بن رباح :
قال أبو نعيم في أماليه :
حدثنا محمد بن علي ثنا محمد بن الحسن بن قتيبه ثنا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان قال سمعت عبدالله بن الزبير يترنم بالغناء وقال ما سمعت رجلا من المهاجرين إلا وهو يترنم .
ورواه البيهقي وابن دقيق العيد بسنديهما عنه.
وروى نحوه الفاكهي في "أخبار مكة" (3/27) بسند صحيح بلفظ :
« وأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه يتغنى بالنصب » ؟!
وعن وهب بن كيسان قال : قال عبد الله بن الزبير - وكان متكئا - : " تغنى بلال "
قال : فقال له رجل : " تغنى ؟ " فاستوى جالسا ثم قال :
وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب ؟
قال الألباني في تحريم آلات الطرب :
رواه عبد الرزاق ( 19741 ) مختصرا والبيهقي ( 10 / 230 ) والسياق له وإسناده صحيح على شرط الشيخين .
وقال الجديع في كتابه :
(أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/225)، و عبد الرازق في "المصنف"(11/5-6) ، و الفاكهي (3/27 رقم:1735) بإسناد صحيح).
3-حمزة بن عبد المطلب:
ثبت في صحيح مسلم (4/658) أنه كان عنده قينة تغنيه.
4-عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف :
روى البيهقي في سننه (5/68) أن الحارث بن عبد الله بن عياش أخبر أن عبد الله بن عباس أخبره أنه بينا هو يسير مع عمر رضي الله عنه في طريق مكة في خلافته و معه المهاجرون و الأنصار ، فترنم عمر رضي الله عنه ببيت ، فقال له رجل من أهل العراق ليس معه عراقي غيره : غيرك فليقلها يا أمير المؤمنين ، فاستحيا عمر رضي الله عنه من ذلك و ضرب راحلته حتى انقطعت من الموكب .
والشاهد: لعل استحياء عمر –رضي الله عنه- بسبب لفظ قاله في ترنمه وإلا لقال له العراقي: غيرك فليفعلها.
وقد رواها الحافظ ابن طاهر بسنده وقال فيها: وإسناد هذه الحكاية كالأخذ باليد أي في الصحة.
قال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (5/69) بإسناد صحيح)
وروى كذلك (10/224) عن الزهري قال : قال السائب بن يزيد :
بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق الحج و نحن نؤم مكة ، اعتزل عبد الرحمن رضي الله عنه الطريق ، ثم قال لرباح بن المغترف : غننا يا أبا حسان ، وكان يحسن النصب ، فبينا رباح يغنيهم أدركهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته ، فقال : ما هذا ، فقال عبد الرحمن : ما بأس بهذا نلهو ونقصر عنا ، فقال عمر رضي الله عنه : فإن كنت آخذا فعليك بشعر ضرار بن الخطاب .
جود إسناده الألباني في تحريم آلات الطرب ص 129.
وقال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/224) و ابن عساكر في "تاريخه" (24/400) بإسناد صحيح).
وَرَوى عَبدُالرحمن بن حاطبِ بن أبي بَلْتَعَةَ، قالَ:
خَرَجْنا مَعَ عُمَرَ بن الخطابِ في الحج الأكبَرِ، حتى إذا كُنا بالروحاءِ ، كَلمَ القَومُ رَباحَ بنَ المغتَرِفِ، وَكانَ حَسَنَ الصوت بغِناءِ العَرَبِ ، فَقالُوا: أسمِعنا يا رَباحُ، وَقَصر عَنا المسيرَ، قالَ: إني أفرَقُ من عُمَرَ، فكلَمَ القَومُ عُمَرَ، فَقالُوا: إنا كلمنا رَباحاً يُسمِعُنا وبُقصرُ عنا المسيرَ، فأبى إلا أن تأذَنَ لهُ، فَقالَ: يا رَباحُ، أسمِعْهُم، وقصر عنهُم المسيرَ، فإذا أسحَرْتَ (بلغت وقت السَحَر) فارْفَع. قالَ: وَحَدا لهُم من شِعرِ ضِرارِ بن الخطَّابِ، فرَفَعَ عَقيرَتَهَ يتغنى وهُم مُحرِمُونَ.
قال الجديع : (أثر حسن أخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1/658))
قال القاضي المعافى بن زكريا في كتابه (الجليس الصالح) :
حدثنا محمد بن الحسين بن دريد ، قال أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن يونس، قال: جاء عبد الرحمن بن عوف إلى باب عمر بن الخطاب فسمعه وهو يتمثل في بيته:
وكيف مقامي بالمدينة بعدما ... قضى وطرا منها جميل بن معمر
قال القاضي أبو الفرج: ويروي كيف ثوائي بالمدينة، ثم قال: يا يرفأ! من بالباب؟ قال: عبد الرحمن بن عوف، قال: أدخله، فلما دخل قال: أسمعت؟ قال: نعم قال: إنا إذا خلونا في منازلنا قلنا ما يقول الناس. قال القاضي أبو الفرج: هذا جميل بن معمر الجمحي من مسلمة الفتح، قتل على عهد عمر، وليس بجميل بن عبد الله بن معمر العذري الشاعر.
قلت : ومحمد بن الحسين بن دريد هذا وقع في كتاب المتفق والمفترق للخطيب البغدادي باسم : محمد بن الحسن بن دينار وقد روى الخطيب الأثر من الطريق السابق والله اعلم.
قال ابن الأثير في أسد الغابة :
وروى محمد بن يزيد هذا الخبر، فقلبه، فجعل المتغني: عمر، والداخل عبد الرحمن، والزبير أعلم بهذا الشأن.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى، وزاد أبو موسى في نسبه، فقال: جميل بن معمر بن الحارث بن معمر بن حبيب، والأول أصح.
وَعَن أسلَمَ مَولى عُمَرَ بنِ الخطابِ، قالَ: سَمِعَ عُمَرُ رَجُلاً يَتَغنى بفَلاة مِنَ الأرضِ (وفىِ رِوايَة: وَهُوَ يَحدو بغِناءِ الركبانِ)، فَقالَ: الغِناءُ من زادِ الراكبِ.
قال الجديع : (أثر حسن أخرجه البيهقي (10/68) بإسناد حسن)
5-سعد بن أبي وقاص:
روى ابن قتيبة بسنده إلى سليمان بن يسار أنه سمع سعد بن أبي وقاص يتغنى بين مكة والمدينة فقال سليمان: سبحان الله أتفعل هذا وأنت محرم؟ فقال سعد: يا ابن أخي وهل تسمعني أقول هجرا؟
الرخصة في السماع لابن قتيبة ونقله عنه في الإمتاع ص 96 والتراتيب الإدارية للكتاني (2/134) وإيضاح الدلالات ص 13
6-أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري وزيد بن ثابت وقرظة بن كعب الأنصاري:
روى البيهقي بسنده عن الزهري أنه سمع أبو مسعود وهو على راحلته وهو أمير الجيش رافعا عقيرته يتغنى النصب.
السنن الكبرى للبيهقي (10/225) .
وروى الحاكم (1/201) والنسائي (6/135) : أنه كان مع زيد بن ثابت وقرظة بن كعب الأنصاري في عرس لهم وجوار يتغنين فلما سئلوا؟ أجابوا:أنه قد رخص لهم في الغناء في العرس.
(الروايتان جزء من حديث صحيح أخرجه النسائي و الطبراني و الحاكم و غيرهم)
7-بلال بن أبي رباح:
روى البيهقي (10/225) وعبد الرزاق (11/5) بسنديهما إلى عبد الله بن الزبير قال :تغنى بلال وكان متكئا فقال له رجل:تغني؟فاستوى جالسا ثم قال: وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب؟!
وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص 128
8-عبد الله بن الأرقم:
روى البيهقي بسنده إلى الزهري قال:أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أباه أخبره أنه سمع عبد الله بن الأرقم رافعا عقيرته يتغنى.
قال عبد الله بن عتبة:ولا والله ما رأيت رجلا قط ممن رأيت وأدركت أراه قال:كان أخشى لله من عبد الله بن الأرقم.
قال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/225) بإسناد صحيح)
9-عامر بن الأكوع وسلمة بن الأكوع:
روى الشيخان وغيرهما حدثنا عبد الله بن مسلمة : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال :
خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر : يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلاً شاعراً حداء ، فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اتقينا وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من هذا السائق ) . قالوا : عامر بن الأكوع ، قال : ( يرحمه الله ) . قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله ، لولا أمتعتنا به....الحديث.
10-عبد الله بن عمر:
روى ابن قتيبة بسنده أنه كان يدعو عبد الله بن أسلم وخالد بن أسلم فيغنيان له. (الإمتاع ص 10)
وذكر ابن حزم بسنده إلى ابن سيرين إن رجلا قدم المدينة بجوار فنزل على عبد الله بن عمر وفيهن جارية تضرب فجاء رجل فساومه فلم يهو منهن شيئا قال : انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعا من هذا قال : من هو ؟ قال : عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه فأمر جارية منهن فقال : " خذي العود " فأخذته فغنت فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر . . . إلى آخر القصة .
على اختلاف في اسم الآلة التي عزفت بها وصحح إسناده ابن حزم وغلب على ظن الشيخ الألباني أنه صحيح كما قال في رسالته في تحريم آلات الطرب ص 103
11-البراء بن مالك:
روى أبو نعيم والحاكم بسنديهما إلى أنس بن مالك قال: كان البراء بن مالك رجلا حسن الصوت فكان يرجز لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
12-أنجشة:
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم كان له حاد جيد الحداء ، و كان حادي الرجال ، و كان أنجشة يحدو بأزواج النبي صلى الله عليه و سلم ، فلما حدا أعنقت الأبل ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ويحك يا أنجشة رويداً سوقك بالقوارير .
13-حسان بن ثابت:
جاء في السير للذهبي عن الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلاَ يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ تُنْشِدَانِ:
انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ * تُؤْنِسُ دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ
أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ * ـمَحْبِسِ بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ
فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ.
وَفِيْهِ:
يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي الرَّ * يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ
مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ * ـجِ عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ
وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا * حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ
مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلاَ * أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ
أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ * ـرِ وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ
فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى. (2/521)
وجاء في رسالة الشوكاني (إبطال دعوى الإجماع ص2) عن صالح بن حسان الأنصاري قال: كانت عزة الميلاء مولاة لنا وكانت عفيفة جميلة وكان عبد الله بن جعفر وابن أبي عتيق وعمر بن أبي ربيعة يغشونها في منزلها فتغنيهم وكان حسان معجبا بعزة الميلاء وكان يقدمها على سائر قيان المدينة.
وجاء في الكامل للمبرد وذكره الزبيدي في شرح الإحياء وقال:ذكر ذلك أيضا صاحب التذكرة الحمدونية وابن المرزبان (7/569) عن خارجة بن زيد قال: دعينا إلى مأدبة فحضرنا وحضر حسان بن ثابت وكان قد ذهب بصره ومعه ابنه عبد الرحمن فجلسنا جميعا على مأدبة فلما فرغ الطعام أتونا بجاريتين مغنيتين إحداهما: ربعة والأخرى عزة الميلاء فجلست وأخذت بمزهريهما وضربتا ضربا عجيبا وغنتا بشعر حسان:
فلا زال قصر بين بصرى وجلق عليه من الوسمى جود ووابل.
فأسمع حسان يقول: قد أراني هناك سميعا بصيرا وعيناه تدمعان فإذا سكتتا سكنت عينه وإذا غنتا بكى! وكنت أرى عبد الرحمن ابنه إذا سكنتا يشير إليهما أن غنيا!
14-معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص:
روى ابن قتيبة بسنده: أن معاوية سمع عند ابنه يزيد الغناء على العود فطرب لذلك.
15-أسامة بن زيد:
روى البيهقي (10/224) وكذلك عبد الرزاق (11/5) بسنده عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: رأيت أسامة بن زيد جالسا في المجلس رافعا إحدى رجليه على الأخرى رافعا عقيرته قال: حسبته قال:يتغنى النصب.
وصححه الألباني في "تحريم آلات الطرب" ص 128 وقال:إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وفي رواية أخرى عند البيهقي: أنه رأى أسامة بن زيد في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مضجعا رافعا إحدى رجليه على الأخرى يتغنى النصب.
قال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/225) و ابن عبد البر في "التمهيد" (22/197) و إسناده صحيح)
قال مسلم بن الحجاج: والحديث كما قال القوم غير معمر. ذيل بهذا القول البيهقي على الحديث .
وانظر كذلك التراتيب (2/134).
16-عمران بن حصين:
روى البخاري في الأدب المفرد عن مطرف بن عبد الله قال:صحبت عمران من الكوفة إلى البصرة فقل منزل بنزلة إلا أنشدنا فيه الشعر وقال إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب.
صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد برقمي 857 و885
ثالثا: أقوال التابعين وأفعالهم -رضوان الله عليهم-:
1-سعيد بن المسيب:
روى ابن عبد البر: أنه سمع الغناء واستلذ به وضرب برجله وقال: هذا والله ما يلذ سماعه.
نقله عنه الشوكاني في النيل (8/106) والأدفوي ص 106 وأورد القصة كذلك ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 251 وابن السمعاني في الذيل والطبراني.
وروى ابن سعد في الطبقات (5/134) والذهبي في السير (4/241) أن سعيد بن المسيب كان يرخص لبنته في الكبر –يعني في الطبل الكبير- المدور المجلد من وجهين.
2-القاضي شريح:
نقل القاضي أبو منصور البغدادي في مؤلفه السماع قال: كان يصوغ الألحان ويسمعها من القيان.
وقال الغزالي في الإحياء (2/249) والشوكاني في النيل (8/106):
كان يسمع الغناء ويعزف الألحان وكان يصوغ الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف.
3-الشعبي:
نقل القاضي أبو منصور البغدادي قال: كان يقسم الأصوات إلى الثقيل الأول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب.
نقله عنه أبو منصور النابلسي في إيضاح الدلالات ص 17 والشوكاني في النيل (8/106).
وذكر الحافظ ابن طاهر في كتابه (صفوة التصوف) بسنده أن الشعبي مر بجارية تغني:
فتن الشعبي لما....
فلما رأت الشعبي سكتت.
فقال الشعبي قولي:رفع الطرف إليها.
وساقه ابن السمعاني بأسانيده.
4-عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف بابن أبي عتيق:
روى الأستاذ أبو منصور البغدادي (نقله عنه النابلسي في إيضاح الدلالات ص 17) بسنده أنه:
رغم كونه فقيها ناسكا كان يعلم القيان الغناء وسماعه كثير مشهور لا يختلف فيه أهل الأخبار بالأسانيد الجياد وكان كثير البسط والخلاعة مع فقه وزهد ونسك وعبادة.
يقول الشيخ القرضاوي:لا يقصد بالخلاعة ما هو شائع اليوم من الميل إلى الفسق والفجور وإنما يقصد بها التبسط في اللهو والتوسع في رفاهية العيش.
وقال الزبير بن بكار في الموفقيات:
حدثتنا طيبة مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب بن الزبير عن أم سليمان بنت نافع أن ابن أبي عتيق دخل على جارية بالمدينة فسمعها تغني لابن سريج:
ذكر القلب ذكره أم زيد والمطايا بالشهب شهب الركاب
وبنعمان طاف منها خيال يا لقومي من طيفها المنتاب
عللته وقربته بوعد ذاك منها إلى مشيب الغراب
بت في نعمه وبات وسادي بين كف حديثة بخضاب
فسألها ابن عتيق أن تعيده فأبت فخرج من عندها وركب نجيبا فقد مكة وأخذ ابن سريج وأدخله حماما وهيأه ثم جاء به إليها وقال:هذا يغني أحب أن تسمعني منه وتسمعيه قالت:نعم فأمر بالغناء فغنى أبياتا ذكرها الزبير فسألته أن يعيدها فقال له ابن أبي عتيق:خذ نعليك. أتعرفين ابن سريج؟......
ونقل مذهبه في هذا الشوكاني في النيل (8/106).
5-عطاء بن أبي رباح:
روى البيهقي عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن الغناء بالشعر؟ فقال: لا أرى به بأسا ما لم يكن فحشا.
السنن الكبرى (10/225) والفتح (/539)
ونقل ابن قتيبة عن عطاء :أنه ختن ولده وعنده الأبجر يغني.
نقله عنه الشوكاني في النيل (8/106) وصاحب إيضاح الدلالات ص 18
وقد روى هذا الفاكهي في أخبار مكة (3/23) مع زيادة في القصة.
وقال الغزالي: وكان لعطاء جاريتان يلحنان فكان إخوته يستمعون إليهما.
الإحياء (2/248) وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 234.
وقال الأستاذ أبو منصور: إنه كان يقسم الأصوات إلى الثقيل الأول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب.
وروى ابن قتيبة بسنده إلى إبراهيم المخزومي قال:أرسلني أبي إلى عطاء بن أبي رباح أسأله عن مسألة فأتيته فوجدته في دار العقبى وعليه ملحفة معصفرة فقالوا له:يا أبا محمد لو أذنت لنا أرسلنا إلى العريض وابن سريج فقال:افعلوا ما شئتم...فيعثوا إليهما فحضرا وغنيا وعطاء يسمعهما حتى إذا مالت الشمس قام إلى منزله.
6-عمر بن عبد العزيز:
روى ابن قتيبة أنه كان قبل الخلافة يسمع من جواريه خاصة ولا يظهر منه إلا الجميل وربما صفق بيديه وتمرغ على فراشه طربا وضرب برجليه.
انظر النيل (8/106) وإيضاح الدلالات ص 18
وقد أثبت أمثال الذهبي في السير (5/370) وتاريخ الإسلام (5/19) والمزي في تهذيب الكمال (3/1551) وابن حجر في تهذيب التهذيب (11/311) أنه إبان إمرته على المدينة كان يجالس ويأنس بيعقوب بن دينار الماجشون المشهور بتعليم الغناء واتخاذ القيان.
7-يعقوب بن دينار بن أبي سلمة "أبو يوسف الماجشون":
روى الذهبي في السير(5/370) وتاريخ الإسلام (5/19) والمزي في تهذيب الكمال (3/1551) وابن خلكان في وفيات الأعيان (6/276) وابن حجر في تهذيب التهذيب (11/388) عن مصعب بن عبد الله قال: كان يعلم الغناء ويتخذ القيان ظاهرا أمره في ذلك مع صدقه في الرواية.
وقال مصعب الزبيري: إنما سمي الماجشون لكونه كان يعلم الغناء ويتخذ القيان وكان يجالس عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في إمرته للمدينة.
وأورد ابن خلكان بعض أسماء المعازف التي كان يستعملها ومنها الكبر والبربط.
8-وقد نقل الشوكاني في النيل (8/105-106) عن عدد آخر من التابعين مثل سالم بن عمر وعبد الرحمن بن حسان وخارجة بن زيد وسعيد بن جبير ومحمد بن شهاب الزهري وإبراهيم بن سعد الزهري وطاوس بن كيسان.
وعن ابن السمعاني: أنه –أي طاوس- رخص في الغناء.
9-عكرمة مولى عبد الله بن عباس:
ذكر الذهبي في السير (5/27) قال: قال يزيد بن هارون قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس فبينا هو يحدثهم إذ سمع صوت غناء فقال: امسكوا ثم قال: قاتله الله لقد أجاد.
فأما سليمان ويونس فما عادا إليه وعاد إليه أيوب فأحسن أيوب.
10-سالم بن عبد الله بن عمر:
ذكر الحافظ ابن طاهر بسنده أن سالم سمع الغناء من أشعب وساقه ابن السمعاني بأسانيده في أوائل الذيل.
11-سعيد بن جبير:
ذكر ابن طاهر بسنده عن امرأة عمرو بن الأصم قالت: مررنا ونحن جوار بسعيد بن جبير ومعنا جارية تغني ومعها دف وهي تقول:
لئن فتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم
وألقى مفاتيح القراءة واشترى وصال الغواني بالكتاب المنمنم.
فقال سعيد:تكذبين تكذبين!!
ورواه الفاكهي في تاريخ مكة وابن السمعاني في الذيل.
12-سعد بن إبراهيم:
حكاه عنه ابن حزم وابن قدامة الحنبلي وغيرهما.
<br>
ابواحمدالبراوي- نائب المدير
- الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 257
نقاط : 5416
السٌّمعَة : 7
رد: الغنـــــــــــــــــــــــاء بين الحل والحرمة!
رابعا: أقوال تابعي التابعين ومن بعدهم وأفعالهم -رحم الله الجميع-:
*قال الشوكاني في النيل (8/105):
فيما نقله عن ابن النحوي: فهم قوم لا يحصون.
*وذكر منهم الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات عن ابن قتيبة ص 18 في الرخصة:
عبد الملك بن جريج وهو من العلماء الحفاظ والفقهاء العباد المجمع على عدالته وجلالته وكان يسمع الغناء ويعرف الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف وكان يسمع الغناء فتسيل دموعه على لحيته ثم يقول: إن من الغناء لما يذكر بالجنة.
ونقل ذلك عن الإمام الغزالي في الإحياء (2/249) وذكر ذلك أيضا الأستاذ أبو منصور.
قال صاحب التذكرة الحمدونية:قال داود المكي: كنا في حلقة ابن جريج وهو يحدثنا وعنده جماعة منهم عبد الله بن المبارك وجماعة من العراقيين إذ مر به مغن فقال له: أحب أن تسمعني فقال له:إني مستعجل فألح عليه فغناه فقال له: أحسنت أحسنت ثلاث مرات ثم التفت إلينا فقال:لعلكم أنكرتم فقالوا: إنا ننكره في العراق فقال:ما تقولون في الرجز يعني الحداء؟ قالوا: لا بأس به. قال: وأي فرق بينه وبين الغناء!
*أما محمد بن علي بن أبي طالب فقال ابن قتيبة: أنه سئل عن الغناء فقال: ما أحب أن أمضي إليه ولو دخل علي ما خرجت منه ولو كان في موضع لي فيه حاجة ما امتنعت من الدخول.
*أما محمد بن سيرين فقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عون قال: كان في آل محمد (يعني ابن سيرين) ملاك (أي زواج) فلما أن فرغوا ورجع محمد إلى منزله قال لهن (أي للنساء): أين طعامكن؟ قال ابن عون:يعني الدف.
*وأما عبيد الله بن الحسن: فكان من مذهبه إباحة الغناء اتفقت النقلة على ذلك ونصب الفقهاء الخلاف عنه فيه وممن حكاه عنه الساجي في كتابه في الخلاف وابن المنذر في الإشراف والقاضي أبو الطيب وغيرهم.
*إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
ترجم له الذهبي في السير (11/118-121)فقال:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْمُوْنٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، صَاحِبُ المُوْسِيقَى، وَالشِّعْرِ الرَّائِقِ، وَالتَّصَانِيْفِ الأَدَبِيَّةِ، مَعَ الفِقْهِ، وَاللُّغَةِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَالبَصَرِ بِالحَدِيْثِ، وَعُلُوِّ المَرْتَبَةِ.
وبعد أن ذكر شيوخه وتلاميذه وبعض وقائع حياته وثناء العلماء عليه قال:
عَنْ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ كَانَ يَكرَهُ أَنْ يُنسَبَ إِلَى الغِنَاءِ، وَيَقُوْلُ: لأَنْ أُضرَبَ عَلَى رَأْسِي بِالمَقَارِعِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنِّي: مُغَنِّي.
وَقَالَ المَأْمُوْنُ: لَوْلاَ شُهْرَةُ إِسْحَاقَ بِالغِنَاءِ، لَوَلَّيْتُهُ القَضَاءَ.
وفي ترجمته في تاريخ بغداد (6/338-345):
حدثني أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي حدثنا علي بن أحمد بن إبراهيم السرخاباذى حدثنا أحمد بن فارس بن حبيب حدثني محمد بن عبد الله الدوري بمدينة السلام حدثني علي بن الحسين بن الهيثم حدثنا الحسين بن علي المرداسى قال حدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال قال لي أبي قلت ليحيى بن خالد أريد ان تكلم لي سفيان بن عيينة ليحدثنى أحاديث فقال نعم إذ جاءنا فأذكرنى قال فجاءه سفيان بن عيينة فلما جلس أومأت الى يحيى فقال له يا أبا محمد إسحاق بن إبراهيم من أهل العلم والأدب وهو مكره على ما تعلمه منه فقال سفيان ما تريد بهذا الكلام فقال تحدثه بأحاديث قال فتكره ذلك فقال يحيى أقسمت عليك إلا ما فعلت قال نعم فليبكر الى قال فقلت ليحيى افرض لي عليه شيئا فقال له يا أبا محمد افرض له شيئا قال نعم قد جعلت له خمسة أحاديث قال زده قال قد جعلتها سبعة قال هل لك ان تجعلها عشرة قال نعم قال إسحاق فبكرت اليه واستأذنت ودخلت فجلست بين يديه واخرج كتابه فأملى علي عشرة أحاديث فلما فرغ قلت له يا أبا محمد ان المحدث يسهو ويغفل والمحدث أيضا كذلك فان رأيت أن اقرأ عليك ما سمعته منك قال اقرأ فديتك فقرأت عليه وقلت له أيضا ان القارىء ربما اغفل طرفه الحرف والمقروء عليه ربما ذهب عنه الحرف فانا في حل ان أروى جميع ما سمعته منك قال نعم فديتك أنت والله فوق ان تستشفع أو يشفع لك فتعال كل يوم فلوددت ان سائر أصحاب الحديث كانوا مثلك
وقال: حدثنا حسن بن علي المقنعى عن محمد بن موسى الكاتب قال أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن جده عن إسحاق قال بقيت دهرا من دهرى اغلس في كل يوم الى هشيم أو غيره من المحدثين فاسمع منه ثم اصير الى الكسائي أو الفراء أبو بن غزالة فاقرا عليه جزءا من القرآن ثم آتى الى منصور زلزل فيضاربنى طريقين أو ثلاثة ثم آتى عاتكة بنت شهدة فآخذ منه صوتا أو صوتين ثم آتى الأصمعي وأبا عبيدة فأناشدهما وأحدثهما وأستفيد منهما ثم اصير الى أبي فاعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغدى معه فإذا كان العشى رحلت الى أمير المومنين الرشيد.
وانظر كامل ترجمته في تاريخ بغداد.
*إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري (شيخ الشافعي وقد روى له الجماعة):
روى الخطيب البغدادي في تاريخه (6/84) أنه سئل عن الغناء فأفتي بتحليله وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى فقال لقد كنت حريصا على أن أسمع منك فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا فقال إذا لا أفقد إلا شخصك علي وعلى أن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغني قبله وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلى فدعا بعود فقال الرشيد أعود المجمر قال لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت قال نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه
يا أم طلحة إن البين فد أفدا قل الثواء لئن كان الرحيل غدا
فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع قال من ربطه الله قال فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء قال لا والله إلا أن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم
سليمى أجمعت بينا
فأين لقاؤها أينا
وقد قالت لأتراب
لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب
لنا العيش تعالينا
فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم.
*المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي:
وهو ثقة من رجال الحديث المعروفين وكان حسن الصوت وكان له لحن يقال له: وزن سبعة.
وكان يأذن لبناته بضرب الطنبور.
قال شعبة بن الحجاج: أتيت منزل المنهال فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت ولم أسأله.
قال ابن أبي حازم بعد ذكر هذه الحكاية: فإن هذا ليس بجرح إلا إن تجاوز إلى حد التحريم ولم يصح ذلك عنه وجرحه بهذا تعسف ظاهر.
ذكر ذلك كله ابن عدي في الكامل (6/233) والذهبي في الميزان (4/193) وابن حجر في تهذيب التهذيب (10/319).وقال الألباني في تحريم آلات الطرب: وإسناده إلى شعبة صحيح.
وقال الذهبي: وهو لا يوجب غمز الشيخ وقال مثله الحافظ ابن حجر.
*سفيان بن عيينة:
ذكر ذلك عنه الشيخ الماوردي في "الحاوي" (2/548).
وكذلك نقل عنه الحافظ الزبير بن بكار –وهو تلميذه- في الموفقيات (نقله عنه الحافظ النابلسي في إيضاح الدلالات ص 22) في قصة قدوم ابن جامع مكة بمال كثير فقال سفيان لأصحابه: علام يعطي ابن جامع هذه الأموال؟ قالوا :على الغناء .
قال:ما يقول؟ قالوا: يقول:
أطوف بالبيت مع من يطوف وأرفع من مئزري للعمل
وأسجد بالليل حتى الصباح وأتلوا من المحكم المنزل
قال: أحسن وأصلح ثم ماذا؟ قالوا: يقول:
عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل
قال:أفسد الخبيث ما أصلح لا سخرها الله له.
وساقه المبرد في الكامل إلا أنه قال: حلالا حلالا.
*الحافظ إياس بن معاوية:
روى ذلك عنه الفاكهي في أخبار مكة (3/24) بإسناد حسن: حدثنا محمد بن إدريس بن عمر قال: ثنا الحميدي قال: ثنا سفيان عن هشام بن حجير عن إياس بن معاوية قال: إنه ذكر الغناء فقال: هو بمنزلة الريح يدخل من هذه ويخرج من هذه.
قال سفيان: يذهب إلى أنه لا بأس به.
* وقد ذكر الحافظ ابن دقيق العيد في كتابه "اقتناص السوانح" نبذة من ذلك وساق بأسانيده عن الصحابة رضوان الله عليهم ممن قدمنا ذكره ثم قال:
بعد ذكرنا هذه الجملة من الحجة لما بلغني من إنكار جاهل بمعرفة الآثار وما درج عليه المهاجرون والأنصار..
إلى قوله سئل محمد بن كعب القرظي: ما حد الخزلان؟ فقال:أن يقبح الرجل ما كان مستحسنا ويستحسن ما كان قبيحا (انظر إيضاح الدلالات ص22).
*وقال الشوكاني في رسالته في السماع ص 18:
إن السماع بآلة وغيرها من مواطن الخلاف بين أهل العلم ومن المسائل التي ينبغي التشديد في النكير على فاعلها.
وهذا الغرض هو الذي حملنا على جمع هذه الرسالة لأن في الناس من يزعم لقلة عرفانه بعلوم الاستدلال وتعطل جوابه عن الدراية بالأقوال: إن تحريم الغناء بآلة وغيرها من القطعيات المجمع على تحريمها.
وقد علمت أن هذه الفرية ما فيها مرية وجهالة لا محالة وقصر باع بغير نزاع.
فهذا هو الأمر الباعث على جمع هذه المباحث:
لما لا يخفى على عارف أن رمي من ذكرنا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وجماعة من أئمة المسلمين بارتكاب محرم قطعا من أشنع الشنع وأبدع البدع وأوحش الجهالات وأفحش الضلالات فقصدنا الذب عن أعراضهم الشريفة والدفع عن هذا الجناب للعقول السخيفة..أ.هـ
*ويقول ابن كنانة في شرح الخرشي على خليل (3/304): تجوز الزمارة والبوق التي لا تلهي كل اللهو.
ويقول الونشريسي في المعيار (11/108): لما سئل عن الضرب بالطار المزنج والأكف؟ هل ذلك مما يجوز سماعه أو هو مكروه أو محرم.
فأجاب:الطار المزنج والضرب بالأكف لا يقال في ذلك إنه حرام بمجرده إلا أن يقترن به محرم فيحرم بسبب ما صحبه لكن ضرب الأكف من باب اللهو يفتقر ذلك في العرس الذي أباح الشرع فيه بعض اللهو وأما في غير ذلك فهو لعب ولهو ولا يتعاطى ذلك مهتم بدينه أ.هـ
*مسعود الكاساني الحنفي:
جاء في بدائع الصنائع (9/4030) أنه قال في شهادة المغني:
و إن كان يفعل ذلك مع نفسه لدفع الوحشة لا تسقط عدالته لأن ذلك مما لا بأس به ، لأن السماع مما يرقق القلوب ، لكن لا يحل الفسق به .
و أما الذي يضرب شيئاً من الملاهي فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعاً كالقصب و الدف و نحوه لا بأس به و لا تسقط عدالته ، و إن كان مستشنعاً كالعود و نحوه سقطت عدالته ، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه .
*الإمام أبو حنيفة:
نقل ابن قتيبة في الرخصة: عن الإمام أبي حنيفة أنه كان له رجل وكان في كل ليلة يغني وكان يستمع إليه وذات مرة فقد صوته فسأل عنه؟ فقيل: إنه وجد بالليل فسجن فلبس أبو حنيفة عمامته وتوجه إلى الأمير ابن عيسى فشفع فيه فأخرج من سجنه. أ.هـ باختصار. وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد وكذلك أوردها بزيادات كثيرة الحافظ أبو محمد عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي صاحب كتاب (المعجب في أخبار أهل المغرب)
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات ص 20 بتصرف:
تضمنت الحكاية أنه كان يستمع ومع ذلك لم ينكر عليه وما ذلك إلا لأن الغناء مباح وإلا فمقام المفتي والمرشد لا يقر على الخطأ ويشفع لأهله وما ورد عن أبي حنيفة بخلافه يحمل على الغناء المقترن بشئ من الفحش أو المنكر جمعا بين القول والفعل. وذكر هذه الفائدة الكمال الأدفوي في الإمتاع.
حكى صاحب التذكرة الحمدونية أنه سئل هو وسفيان الثوري عن الغناء فقالا: ليس من الكبائر ولا من أسوأ الصغائر.
*الإمام مالك بن أنس:
قال القرطبي في تفسيره (14/55): حكى عنه –أي عن مالك- زكريا الساجي أنه كان لا يرى بالغناء بأسا.
قال الونشريسي في المعيار (11/80): قال معن بن عيسى: أتى ابن سرجون الشاعر إلى مالك وقال له :قلت شعرا وأردت أن تراه وتسمعه فقال مالك: لا –وظن أنه هجاه- فقال: لتسمعنه فقال:هات فأنشده:
سلوا مالك المفتي عن اللهو والغنا وحب الحسان المعجبات العواتك
فيفتيكم أني مصيب وإنما أسلي هموم النفس عني بذلك
فهل محب يكتم الحب والنوى أثام وهل في صحة المتهالك
قال:فضحك مالك وكان قليل الضحك.
وقال مالك: إن اللهو الخفيف مثل الدف والكبر فإني أراه خفيفا. قاله ابن القاسم والخرشي على مختصر خليل (3/304) وانظر التمهيد لابن عبد البر (10/180).
ونقل الشوكاني عن القفال أن مالكا أباح الغناء والمعازف.
وحكى الإباحة عنه أبو القاسم القشيري والأستاذ أبو منصور وغيرهما.
ويقول الزبيدي في الإتحاف (7/575) بعد أن ذكر أنه سأل فضلاء المالكية عن نص عن مالك في الحرمة فأخبروه أنه لا يوجد فقال ما ملخصه:
وبالجملة:فإذا لم يكن له نص في المسألة فما استنبطوه غير متجه إذ هو محتمل وما نقل عنه بالإسناد أنه سئل عنه فقال: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل وأنه لا يجوز: محمول على غناء يقترن به منكر ونحوه جمعا بين النقول التي قدمناها التي هي صريحة وأيضا فقوله: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل أن الذين نعهدهم أو نعرفهم يسمعونه عندنا وصفهم كذا فلا يدل على التحريم كما إذا قلت: ما قولك في المتفرجين في البحر؟ فتقول: إنما يفعله عندنا أهل اللعب والفساد فلا دلالة على تحريم فرجة البحر.
*الإمام الشافعي:
يقول في الأم (6/209): إذا كان يرضى بالغناء لنفسه كان مستخفا وإن لم يكن محرما بين التحريم.
وقال الإمام الغزالي في الإحياء: ليس تحريم الغناء من مذهبه أصلا.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سألت الشافعي رحمه الله عن إباحة أهل المدينة للسماع؟ فقال:لا أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف فأما الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الشعر فمباح. ذكره الزبيدي في شرح الإحياء (2/284).
*الإمام أحمد:
يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 221 :
وقد روينا أن أحمد سمع قوالا عند ابنه صالح فلم ينكر عليه . فقال له صالح : يا أبت أليس كنت تنكر هذا ؟ فقال : إنما قيل لي أنهم يستعملون المنكر فكرهته ، فأما هذا فإني لا أكرهه .
قال المصنف رحمه الله : قلت ، وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء .
وقال بن عقيل في كتابه المسمى بالفصول: صحت الرواية عن أحمد أنه سمع الغناء عن ابنه صالح وذكر ذلك شارح المقفى.
*ترجم البخاري في صحيحه باب سنة العيدين لأهل الإسلام حيث جعل الغناء يوم العيد من سنن الإسلام كما فعل ذلك وقاله رسول الله –ص-.
وترجم الإمام مسلم باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد.
وعددا في صحيحيهما من تلك السنن: غناء الجاريتين في بيت رسول الله –ص-عند عائشة.
,وترجم الحافظ النسائي في سننه "باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد" وترجم في النكاح ب"اللهو والغناء عند العرس".
,وترجم ابن ماجة "باب إعلان النكاح"وذكر الضرب الدف ثم ترجم "باب الغناء والدف".
,ترجم البيهقي في السنن الكبرى باب ما لا ينهى عنه من اللعب وباب لا بأس باستماع الحداء ونشيد الأعراب كثر أو قل.
,ترجم الحاكم في مستدركه بعنوان :"رخصة الغناء في العرس" رواه عنه ابن الجوزي قال: وقد أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري قال : أكثر ما التقيت أنا وفارس بن عيسى الصوفي في دار أبي بكر الابريسمي للسماع من هزارة رحمها الله فإنها كانت من مستورات القوالات .
وعزاه ابن الجوزي لكتاب "تاريخ نيسابور".
*قال الشوكاني في النيل (8/105):
فيما نقله عن ابن النحوي: فهم قوم لا يحصون.
*وذكر منهم الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات عن ابن قتيبة ص 18 في الرخصة:
عبد الملك بن جريج وهو من العلماء الحفاظ والفقهاء العباد المجمع على عدالته وجلالته وكان يسمع الغناء ويعرف الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف وكان يسمع الغناء فتسيل دموعه على لحيته ثم يقول: إن من الغناء لما يذكر بالجنة.
ونقل ذلك عن الإمام الغزالي في الإحياء (2/249) وذكر ذلك أيضا الأستاذ أبو منصور.
قال صاحب التذكرة الحمدونية:قال داود المكي: كنا في حلقة ابن جريج وهو يحدثنا وعنده جماعة منهم عبد الله بن المبارك وجماعة من العراقيين إذ مر به مغن فقال له: أحب أن تسمعني فقال له:إني مستعجل فألح عليه فغناه فقال له: أحسنت أحسنت ثلاث مرات ثم التفت إلينا فقال:لعلكم أنكرتم فقالوا: إنا ننكره في العراق فقال:ما تقولون في الرجز يعني الحداء؟ قالوا: لا بأس به. قال: وأي فرق بينه وبين الغناء!
*أما محمد بن علي بن أبي طالب فقال ابن قتيبة: أنه سئل عن الغناء فقال: ما أحب أن أمضي إليه ولو دخل علي ما خرجت منه ولو كان في موضع لي فيه حاجة ما امتنعت من الدخول.
*أما محمد بن سيرين فقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عون قال: كان في آل محمد (يعني ابن سيرين) ملاك (أي زواج) فلما أن فرغوا ورجع محمد إلى منزله قال لهن (أي للنساء): أين طعامكن؟ قال ابن عون:يعني الدف.
*وأما عبيد الله بن الحسن: فكان من مذهبه إباحة الغناء اتفقت النقلة على ذلك ونصب الفقهاء الخلاف عنه فيه وممن حكاه عنه الساجي في كتابه في الخلاف وابن المنذر في الإشراف والقاضي أبو الطيب وغيرهم.
*إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
ترجم له الذهبي في السير (11/118-121)فقال:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْمُوْنٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، صَاحِبُ المُوْسِيقَى، وَالشِّعْرِ الرَّائِقِ، وَالتَّصَانِيْفِ الأَدَبِيَّةِ، مَعَ الفِقْهِ، وَاللُّغَةِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَالبَصَرِ بِالحَدِيْثِ، وَعُلُوِّ المَرْتَبَةِ.
وبعد أن ذكر شيوخه وتلاميذه وبعض وقائع حياته وثناء العلماء عليه قال:
عَنْ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ كَانَ يَكرَهُ أَنْ يُنسَبَ إِلَى الغِنَاءِ، وَيَقُوْلُ: لأَنْ أُضرَبَ عَلَى رَأْسِي بِالمَقَارِعِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنِّي: مُغَنِّي.
وَقَالَ المَأْمُوْنُ: لَوْلاَ شُهْرَةُ إِسْحَاقَ بِالغِنَاءِ، لَوَلَّيْتُهُ القَضَاءَ.
وفي ترجمته في تاريخ بغداد (6/338-345):
حدثني أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي حدثنا علي بن أحمد بن إبراهيم السرخاباذى حدثنا أحمد بن فارس بن حبيب حدثني محمد بن عبد الله الدوري بمدينة السلام حدثني علي بن الحسين بن الهيثم حدثنا الحسين بن علي المرداسى قال حدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال قال لي أبي قلت ليحيى بن خالد أريد ان تكلم لي سفيان بن عيينة ليحدثنى أحاديث فقال نعم إذ جاءنا فأذكرنى قال فجاءه سفيان بن عيينة فلما جلس أومأت الى يحيى فقال له يا أبا محمد إسحاق بن إبراهيم من أهل العلم والأدب وهو مكره على ما تعلمه منه فقال سفيان ما تريد بهذا الكلام فقال تحدثه بأحاديث قال فتكره ذلك فقال يحيى أقسمت عليك إلا ما فعلت قال نعم فليبكر الى قال فقلت ليحيى افرض لي عليه شيئا فقال له يا أبا محمد افرض له شيئا قال نعم قد جعلت له خمسة أحاديث قال زده قال قد جعلتها سبعة قال هل لك ان تجعلها عشرة قال نعم قال إسحاق فبكرت اليه واستأذنت ودخلت فجلست بين يديه واخرج كتابه فأملى علي عشرة أحاديث فلما فرغ قلت له يا أبا محمد ان المحدث يسهو ويغفل والمحدث أيضا كذلك فان رأيت أن اقرأ عليك ما سمعته منك قال اقرأ فديتك فقرأت عليه وقلت له أيضا ان القارىء ربما اغفل طرفه الحرف والمقروء عليه ربما ذهب عنه الحرف فانا في حل ان أروى جميع ما سمعته منك قال نعم فديتك أنت والله فوق ان تستشفع أو يشفع لك فتعال كل يوم فلوددت ان سائر أصحاب الحديث كانوا مثلك
وقال: حدثنا حسن بن علي المقنعى عن محمد بن موسى الكاتب قال أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن جده عن إسحاق قال بقيت دهرا من دهرى اغلس في كل يوم الى هشيم أو غيره من المحدثين فاسمع منه ثم اصير الى الكسائي أو الفراء أبو بن غزالة فاقرا عليه جزءا من القرآن ثم آتى الى منصور زلزل فيضاربنى طريقين أو ثلاثة ثم آتى عاتكة بنت شهدة فآخذ منه صوتا أو صوتين ثم آتى الأصمعي وأبا عبيدة فأناشدهما وأحدثهما وأستفيد منهما ثم اصير الى أبي فاعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغدى معه فإذا كان العشى رحلت الى أمير المومنين الرشيد.
وانظر كامل ترجمته في تاريخ بغداد.
*إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري (شيخ الشافعي وقد روى له الجماعة):
روى الخطيب البغدادي في تاريخه (6/84) أنه سئل عن الغناء فأفتي بتحليله وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى فقال لقد كنت حريصا على أن أسمع منك فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا فقال إذا لا أفقد إلا شخصك علي وعلى أن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغني قبله وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلى فدعا بعود فقال الرشيد أعود المجمر قال لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت قال نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه
يا أم طلحة إن البين فد أفدا قل الثواء لئن كان الرحيل غدا
فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع قال من ربطه الله قال فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء قال لا والله إلا أن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم
سليمى أجمعت بينا
فأين لقاؤها أينا
وقد قالت لأتراب
لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب
لنا العيش تعالينا
فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم.
*المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي:
وهو ثقة من رجال الحديث المعروفين وكان حسن الصوت وكان له لحن يقال له: وزن سبعة.
وكان يأذن لبناته بضرب الطنبور.
قال شعبة بن الحجاج: أتيت منزل المنهال فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت ولم أسأله.
قال ابن أبي حازم بعد ذكر هذه الحكاية: فإن هذا ليس بجرح إلا إن تجاوز إلى حد التحريم ولم يصح ذلك عنه وجرحه بهذا تعسف ظاهر.
ذكر ذلك كله ابن عدي في الكامل (6/233) والذهبي في الميزان (4/193) وابن حجر في تهذيب التهذيب (10/319).وقال الألباني في تحريم آلات الطرب: وإسناده إلى شعبة صحيح.
وقال الذهبي: وهو لا يوجب غمز الشيخ وقال مثله الحافظ ابن حجر.
*سفيان بن عيينة:
ذكر ذلك عنه الشيخ الماوردي في "الحاوي" (2/548).
وكذلك نقل عنه الحافظ الزبير بن بكار –وهو تلميذه- في الموفقيات (نقله عنه الحافظ النابلسي في إيضاح الدلالات ص 22) في قصة قدوم ابن جامع مكة بمال كثير فقال سفيان لأصحابه: علام يعطي ابن جامع هذه الأموال؟ قالوا :على الغناء .
قال:ما يقول؟ قالوا: يقول:
أطوف بالبيت مع من يطوف وأرفع من مئزري للعمل
وأسجد بالليل حتى الصباح وأتلوا من المحكم المنزل
قال: أحسن وأصلح ثم ماذا؟ قالوا: يقول:
عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل
قال:أفسد الخبيث ما أصلح لا سخرها الله له.
وساقه المبرد في الكامل إلا أنه قال: حلالا حلالا.
*الحافظ إياس بن معاوية:
روى ذلك عنه الفاكهي في أخبار مكة (3/24) بإسناد حسن: حدثنا محمد بن إدريس بن عمر قال: ثنا الحميدي قال: ثنا سفيان عن هشام بن حجير عن إياس بن معاوية قال: إنه ذكر الغناء فقال: هو بمنزلة الريح يدخل من هذه ويخرج من هذه.
قال سفيان: يذهب إلى أنه لا بأس به.
* وقد ذكر الحافظ ابن دقيق العيد في كتابه "اقتناص السوانح" نبذة من ذلك وساق بأسانيده عن الصحابة رضوان الله عليهم ممن قدمنا ذكره ثم قال:
بعد ذكرنا هذه الجملة من الحجة لما بلغني من إنكار جاهل بمعرفة الآثار وما درج عليه المهاجرون والأنصار..
إلى قوله سئل محمد بن كعب القرظي: ما حد الخزلان؟ فقال:أن يقبح الرجل ما كان مستحسنا ويستحسن ما كان قبيحا (انظر إيضاح الدلالات ص22).
*وقال الشوكاني في رسالته في السماع ص 18:
إن السماع بآلة وغيرها من مواطن الخلاف بين أهل العلم ومن المسائل التي ينبغي التشديد في النكير على فاعلها.
وهذا الغرض هو الذي حملنا على جمع هذه الرسالة لأن في الناس من يزعم لقلة عرفانه بعلوم الاستدلال وتعطل جوابه عن الدراية بالأقوال: إن تحريم الغناء بآلة وغيرها من القطعيات المجمع على تحريمها.
وقد علمت أن هذه الفرية ما فيها مرية وجهالة لا محالة وقصر باع بغير نزاع.
فهذا هو الأمر الباعث على جمع هذه المباحث:
لما لا يخفى على عارف أن رمي من ذكرنا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وجماعة من أئمة المسلمين بارتكاب محرم قطعا من أشنع الشنع وأبدع البدع وأوحش الجهالات وأفحش الضلالات فقصدنا الذب عن أعراضهم الشريفة والدفع عن هذا الجناب للعقول السخيفة..أ.هـ
*ويقول ابن كنانة في شرح الخرشي على خليل (3/304): تجوز الزمارة والبوق التي لا تلهي كل اللهو.
ويقول الونشريسي في المعيار (11/108): لما سئل عن الضرب بالطار المزنج والأكف؟ هل ذلك مما يجوز سماعه أو هو مكروه أو محرم.
فأجاب:الطار المزنج والضرب بالأكف لا يقال في ذلك إنه حرام بمجرده إلا أن يقترن به محرم فيحرم بسبب ما صحبه لكن ضرب الأكف من باب اللهو يفتقر ذلك في العرس الذي أباح الشرع فيه بعض اللهو وأما في غير ذلك فهو لعب ولهو ولا يتعاطى ذلك مهتم بدينه أ.هـ
*مسعود الكاساني الحنفي:
جاء في بدائع الصنائع (9/4030) أنه قال في شهادة المغني:
و إن كان يفعل ذلك مع نفسه لدفع الوحشة لا تسقط عدالته لأن ذلك مما لا بأس به ، لأن السماع مما يرقق القلوب ، لكن لا يحل الفسق به .
و أما الذي يضرب شيئاً من الملاهي فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعاً كالقصب و الدف و نحوه لا بأس به و لا تسقط عدالته ، و إن كان مستشنعاً كالعود و نحوه سقطت عدالته ، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه .
*الإمام أبو حنيفة:
نقل ابن قتيبة في الرخصة: عن الإمام أبي حنيفة أنه كان له رجل وكان في كل ليلة يغني وكان يستمع إليه وذات مرة فقد صوته فسأل عنه؟ فقيل: إنه وجد بالليل فسجن فلبس أبو حنيفة عمامته وتوجه إلى الأمير ابن عيسى فشفع فيه فأخرج من سجنه. أ.هـ باختصار. وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد وكذلك أوردها بزيادات كثيرة الحافظ أبو محمد عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي صاحب كتاب (المعجب في أخبار أهل المغرب)
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات ص 20 بتصرف:
تضمنت الحكاية أنه كان يستمع ومع ذلك لم ينكر عليه وما ذلك إلا لأن الغناء مباح وإلا فمقام المفتي والمرشد لا يقر على الخطأ ويشفع لأهله وما ورد عن أبي حنيفة بخلافه يحمل على الغناء المقترن بشئ من الفحش أو المنكر جمعا بين القول والفعل. وذكر هذه الفائدة الكمال الأدفوي في الإمتاع.
حكى صاحب التذكرة الحمدونية أنه سئل هو وسفيان الثوري عن الغناء فقالا: ليس من الكبائر ولا من أسوأ الصغائر.
*الإمام مالك بن أنس:
قال القرطبي في تفسيره (14/55): حكى عنه –أي عن مالك- زكريا الساجي أنه كان لا يرى بالغناء بأسا.
قال الونشريسي في المعيار (11/80): قال معن بن عيسى: أتى ابن سرجون الشاعر إلى مالك وقال له :قلت شعرا وأردت أن تراه وتسمعه فقال مالك: لا –وظن أنه هجاه- فقال: لتسمعنه فقال:هات فأنشده:
سلوا مالك المفتي عن اللهو والغنا وحب الحسان المعجبات العواتك
فيفتيكم أني مصيب وإنما أسلي هموم النفس عني بذلك
فهل محب يكتم الحب والنوى أثام وهل في صحة المتهالك
قال:فضحك مالك وكان قليل الضحك.
وقال مالك: إن اللهو الخفيف مثل الدف والكبر فإني أراه خفيفا. قاله ابن القاسم والخرشي على مختصر خليل (3/304) وانظر التمهيد لابن عبد البر (10/180).
ونقل الشوكاني عن القفال أن مالكا أباح الغناء والمعازف.
وحكى الإباحة عنه أبو القاسم القشيري والأستاذ أبو منصور وغيرهما.
ويقول الزبيدي في الإتحاف (7/575) بعد أن ذكر أنه سأل فضلاء المالكية عن نص عن مالك في الحرمة فأخبروه أنه لا يوجد فقال ما ملخصه:
وبالجملة:فإذا لم يكن له نص في المسألة فما استنبطوه غير متجه إذ هو محتمل وما نقل عنه بالإسناد أنه سئل عنه فقال: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل وأنه لا يجوز: محمول على غناء يقترن به منكر ونحوه جمعا بين النقول التي قدمناها التي هي صريحة وأيضا فقوله: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل أن الذين نعهدهم أو نعرفهم يسمعونه عندنا وصفهم كذا فلا يدل على التحريم كما إذا قلت: ما قولك في المتفرجين في البحر؟ فتقول: إنما يفعله عندنا أهل اللعب والفساد فلا دلالة على تحريم فرجة البحر.
*الإمام الشافعي:
يقول في الأم (6/209): إذا كان يرضى بالغناء لنفسه كان مستخفا وإن لم يكن محرما بين التحريم.
وقال الإمام الغزالي في الإحياء: ليس تحريم الغناء من مذهبه أصلا.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سألت الشافعي رحمه الله عن إباحة أهل المدينة للسماع؟ فقال:لا أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف فأما الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الشعر فمباح. ذكره الزبيدي في شرح الإحياء (2/284).
*الإمام أحمد:
يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 221 :
وقد روينا أن أحمد سمع قوالا عند ابنه صالح فلم ينكر عليه . فقال له صالح : يا أبت أليس كنت تنكر هذا ؟ فقال : إنما قيل لي أنهم يستعملون المنكر فكرهته ، فأما هذا فإني لا أكرهه .
قال المصنف رحمه الله : قلت ، وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء .
وقال بن عقيل في كتابه المسمى بالفصول: صحت الرواية عن أحمد أنه سمع الغناء عن ابنه صالح وذكر ذلك شارح المقفى.
*ترجم البخاري في صحيحه باب سنة العيدين لأهل الإسلام حيث جعل الغناء يوم العيد من سنن الإسلام كما فعل ذلك وقاله رسول الله –ص-.
وترجم الإمام مسلم باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد.
وعددا في صحيحيهما من تلك السنن: غناء الجاريتين في بيت رسول الله –ص-عند عائشة.
,وترجم الحافظ النسائي في سننه "باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد" وترجم في النكاح ب"اللهو والغناء عند العرس".
,وترجم ابن ماجة "باب إعلان النكاح"وذكر الضرب الدف ثم ترجم "باب الغناء والدف".
,ترجم البيهقي في السنن الكبرى باب ما لا ينهى عنه من اللعب وباب لا بأس باستماع الحداء ونشيد الأعراب كثر أو قل.
,ترجم الحاكم في مستدركه بعنوان :"رخصة الغناء في العرس" رواه عنه ابن الجوزي قال: وقد أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري قال : أكثر ما التقيت أنا وفارس بن عيسى الصوفي في دار أبي بكر الابريسمي للسماع من هزارة رحمها الله فإنها كانت من مستورات القوالات .
وعزاه ابن الجوزي لكتاب "تاريخ نيسابور".
<br>
ابواحمدالبراوي- نائب المدير
- الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 257
نقاط : 5416
السٌّمعَة : 7
رد: الغنـــــــــــــــــــــــاء بين الحل والحرمة!
اخي الكريم
ما الحجة من هذه الاقوال
وبعبارة اخرى ... بقى الامر مختلف فيه ام هنالك اجماع حول احد الامرين
هل ترجحة الحلة ام الحرمة
ام الامر متروك للمكلف يتبع ايهما اقرب لفكره ...
يرجى التوضيح
ما الحجة من هذه الاقوال
وبعبارة اخرى ... بقى الامر مختلف فيه ام هنالك اجماع حول احد الامرين
هل ترجحة الحلة ام الحرمة
ام الامر متروك للمكلف يتبع ايهما اقرب لفكره ...
يرجى التوضيح
<br>
مؤمن قريش- عضو جديد
- الديانه : الاسلام
البلد : العراق
عدد المساهمات : 35
نقاط : 4825
السٌّمعَة : 1
مواضيع مماثلة
» حمل كتاب: الفلسفة هي الحل
» اصفرار الأسنان.. ما الأسباب وما هو الحل؟!
» الحل الوحيد للأزمة الاقتصادية بمصر
» الببلاوي: الاقتراض الحل العاجل لتأزم الوضع المالي في مصر
» كتاب "الحل الفلسفي للشيخ" عالم سبيط النيلي
» اصفرار الأسنان.. ما الأسباب وما هو الحل؟!
» الحل الوحيد للأزمة الاقتصادية بمصر
» الببلاوي: الاقتراض الحل العاجل لتأزم الوضع المالي في مصر
» كتاب "الحل الفلسفي للشيخ" عالم سبيط النيلي
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى