هل شخصية القعقاع بن عمرو حقيقية أم مصطنعة

جذبني إسم هذا المسلسل الذي عُرض مؤخرا..قيل أنه صحابي وأن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه قد مدحه..هذه الشخصية من بني تميم وسمعت من الشيخ الدكتور عدنان ابراهيم أن هذه الشخصية ليست موجودة حقيقة وأن جميع الروايات التاريخية والتي نقلها الطبري عددها ما يقارب ال 735 رواية تاريخية..كلها منقولة من راوي كذاب إسمه.."سيف بن عمر"..وهو راوي متهم بالزندقة عند ابن حبان وبالكذب عن ابن معين...في حين تحدي الشيخ حفظه الله أن يأتي واحد بذكر القعقاع بن عمرو قبل سيف بن عمر والذي توفي في أواخر القرن الثاني الهجري..

الإستشكال هنا كبير..إذ لو ثبت نقض قصة القعقاع بن عمرو فهذا دليل علي مكذوبية قصة مسلسل الحسن والحسين...إذ اعتد الكاتب بتاريخ الطبري وما فيه من روايات عن نفس الراوي المتهم بالزندقة...في هذا الموضوع نودّ أن نبحث سويا عن حقيقة هذه الشخصية..وبالذات حقيقة ذكره من غير طرف الراوي.."سيف بن عمر التميمي"..والواضح أن قبيلة بني تميم كانت لها دور في هذه القصة..إذ القعقاع تميمي..وسيف بن عمر تميمي..فهل تدخلت العصبية القبلية في إنشاء شخصية تاريخية وهمية ملأت كتب التاريخ؟؟

نرجو من الجميع الإفادة والمشاركة قدر الإستطاعة..

اطلعت علي موسوعة قصة الحضارة لوول ديورانت فلم أجد أي ذكر "مفصّل" لتلك الحُقبة..واطلعت علي بعض كُتب المغازي ومنها .." الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار للدكتور الصلابي-وتاريخ الإسلام للذهبي-وقصة الفتنة للدكتور السرجاني-وبحث ليسانس بعنوان الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان"..فوجدت في جميع هذه الكتب ذكرا للقعقاع ولكن عن سيف بن عمر ولا رواية عن غيره...

اطلعت علي بقية المكتبة التاريخية فلدي عشرات الكتب التاريخية "المنفصلة" التي تحكي هذه الحُقبة وذلك بصيغة الشاملة المفهرسة أذكر منها

1-أخبار الدولة العباسية
2-والسلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي
3-البدء والتاريخ للمطهر المقدسي
4-تاريخ أبي يعلى
5-تاريخ ابن معين رواية الدوري
6-تاريخ ابن معين رواية الدارمي
7-مقاتل الطالبيين
8-فوات الوفيات
9-وعصر الخلافة الراشدة للدكتور أكرم العمري
10-وقعة صفين لابن مزاحم المنقري

فلم أجد ذكرا للقعقاع بن عمرو في هذه الكتب.

هناك فترة زمنية بين الراوي للقعقاع وهو سيف بن عمر والإمام الطبري..سيف توفي 180هـ..والطبري توفي 310هـ..حتي الآن لم أجد من كان يعيش في تلك الفترة ناقلا عن سيف ..وهذا معناه أن الطبري هو أول من نقل تاريخ سيف بن عمر للتراث الإٍسلامي..

تأكيدا لصحة هذه المعلومة....فالبخاري في تاريخه الكبير لم ينقل عن سيف.. البخاري توفي 256 هـ..ولا يحي القطان توفي 198هـ..ولا وكيع بن الجراح توفي 197هـ...ولا يحي بن معين توفي 233هـ.......حتي ان ابن معين قال عن سيف.."فِلس خير منه"..

هذا يعني أن تلك الحُقبة التاريخية الهامة فيما بين القرنين الثاني والثالث الهجري لم يكن فيها تاريخ سيف معروفا لدي الأئمة..وأن أول من أخرج تاريخ سيف بن عمر للنور هو الإمام الطبري -رحمه الله ..ولكن الطبري يبدو أنه معذور بيد أنه قد أعلن منهجه في التأريخ وهو تدوين كل موجود إسنادا..