المقلوب

وهو إبدال لفظ بآخر في سند الحديث أو متنه بتقديم أو تأخير ونحوه. أي هو الحديث الذي أبدل فيه راويه شيئاً بآخر في السند أو المتن سهواً أو عمداً. وهو قسمان:

أ‌- مقلوب السند:

1- ما وقع سهواً: ما ورد عن اسحاق بن عيسى قال: حدثنا جرير بن حازم عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ".

قال إسحاق بن عيسى: فأتيت حماد بن زيد فسألته عن الحديث فقال: وَهِمَ جرير بن حازم. إنما كنا جميعاً في مجلس ثابت البناني وحجاج بن أبي عثمان معنا، فحدّثنا حجاج عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني".

وقد يكون القلب في اسم الراوي كأن يقول "كعب بن مرة" بدل "مرة بن كعب".

2- ما وقع عمداً: ما رواه عمرو بن خالد الحراني عن حماد بن عمرو النصيبي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً " إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدأوهم بالسلام". فهذا حديث مقلوب السند.

قلبه حماد بن عمرو النصيبي فجعله عن الأعمش وإنما هو معروف عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. (هكذا أخرجه مسلم).

وعرف من هؤلاء الضعفاء: حماد بن عمرو النصيبي، وإسماعيل بن أبي حيه، وبهلول بن عبيد الكندي.

وقد يكون القلب في اسم الراوي كأن يكون الحديث مشهوراً عن "سالم" فيجعله عن "نافع".



ب‌- مقلوب المتن:

1- ما وقع سهواً: كأن توضع كلمة مكان كلمة من متن الحديث.

ما رواه مسلم في حديث: " سبعة يظلّهم الله تحت ظلّه يوم لا ظلّ الا ظلّه …".

فقد جاء في هذه الرواية ( ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ).

وهذا قد انقلب على راويه والحديث مروي في البخاري وغيره من طرق متعددة بلفظ ( حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ).

ومثاله ايضاً حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه ".

وتصحيحه كما قال ابن القيّم في زاد المعاد: " إن حديث أبي هريرة انقلب على بعض الرواة متنه، وأصله ( وليضع ركبتيه قبل يديه ).



2- ما وقع عمداً: كما فعل أهل بغداد مع الإمام البخاري رحمه الله إذ قلبوا له متون وأسانيد مائة حديث. وسألوه عنها امتحاناً لحفظه، فرواها على ما كانت عليه قبل القلب ولم يخطئ في واحد منها.



الأسباب الحاملة على القلب:

1) قصد الإغراب حتى يظن الناس أنه يروي ما ليس عند غيره، فيقبلوا على أخذ حديثه والتحمل عليه.

2) قصد الراوي ورغبته في اختبار حفظ المحدّث، أهو حافظٌ أم غير حافظ ؟ وهل بقي على حفظه أم دخله الإختلاط ؟

3) الوقوع في الغلط والخطأ دون قصد.



حكم القلب:

1- إذا كان بقصد الإغراب: فلا يجوز وهو صنيع محرم، لأن فيه تغييراً للحديث ويقدح في عدالة صاحبه ويدرجه في زمرة الوضّاعين ويكون الحديث عندئذ موضوعاً. ويطلق على هذا النوع أيضا سرقة الحديث.

2- إذا كان بقصد الامتحان: جائز للتثبت من حفظ المحدّث وأهليته بشرط ألا يستمر عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة إليه وأن يبين الصحيح قبل انتهاء المجلس.

3- إذا كان خطأً أو سهواً: صاحبه معذور في خطأه. "ولكن إذا أكثر منه فانه يخلّ في ضبطه ويجعله ضعيفاً".



والحديث المقلوب بشكل عام من الحديث الضعيف المردود ولا يؤخذ به ولا يحتج به.