ذات الصواري..معركة الانتصار الزائف
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الحوار الموضوعي بين الأديان
صفحة 1 من اصل 1
ذات الصواري..معركة الانتصار الزائف
هذه المعركة التي ادعى مؤرخو العرب أنها حدثت هام 34 هـ وانتصر فيها المسلمون على الأسطول البيزنطي بقيادة الصحابي.."عبدالله بن سعد بن أبي السرح".. وألحقوا بالبيزنطيين شر هزيمة ..وهذا يعني أنها حدثت في زمن الخليفة .."عثمان بن عفان"..الذي اغتيل في ثورة شعبية عام 35 ه أي بعد هذه المعركة بعام.
وطبقاً لفلسفة التاريخ لا يمكن أن يمر زمن المعركة وبعدة زمن الاغتيال مرور الكرام، هذا يعني أن ثمة رابط بينهما سيتضح في هذه الدراسة، وهي الفائدة من وراء البحث في إثبات دوافع أخرى غير التي ساقها المؤرخون للثورة على عثمان..
بديهياً أن تنتصر على الأـسطول البيزنطي فهذا إنجاز كبير يُحسب للخليفة وللقادة، وعليه فمبرر إطلاق ثورة شعبية ضد الخليفة قد يضعف أمام قوة مؤيديه وحجتهم في الانتصارات والتوسعات السياسية، فهل يعقل مثلاً أن يثور المصريون ضد السادات وهو في نشوة إنجازه العسكري ضد إسرائيل؟..وهل يعقل أن ينقطع تاريخ المسلمين من هذه البقعة.."ذات الصواري"..بعد هذه المعركة مباشرةً؟؟
هذا يعني أن ثمة تحريف قد حدث وأخفى الأحداث الحقيقية للمعركة ونتائجها، بل ربما ذكرت روايات معكوسة عن ما رافق وتلا هذه الغزوة..وفي هذه الدراسة نناقش ذات الصواري في بضعة نقاط..
أولاً: تاريخ المعركة مختلف عليه بين المؤرخين، فابن عبدالحكم قال أنها حدثت عام 34 هـ..(فتوح مصر والمغرب 1/217)..ووافقه المسعودي في (التنبيه والإشراف 1/135)..والذهبي في (العبر 1/25) (وتاريخ الإسلام 3/530) برواية الليث.........بينما في الطبري اختلف زمنها عن الواقدي قال أنها حدثت عام 31هـ..(تاريخ الطبري 4/288)..ووافقه ابن الجوزي في (المنتظم 5/12)..والمراكشي في (البيان المغرب 1/14).
وهذا يعني أنها حدثت إما على قول الواقدي عام 31 ه، أو على قول الليث بن سعد عام 34 هـ، وفي قول ثالث –غير مشهور-أنها حدثت عام 35 هـ..وتحديد زمن المعركة مهم جداً في تصوّر الحالة السياسية قبيل الثورة على عثمان.
ثانيا: في ويكبيديا باللغة اليونانية في تعريف العرب قالوا أنها حدثت عام 653 م..وهذا العام يوافق 32 بالتقويم القمري، أي أن كلام الواقدي هو الأقرب للصحة بالقياس بينه وبين رواية اليونان واختلاف التقويمين القمري والشمسي قد يتقدم القمري عام، أي أن المعركة كانت قبيل اغتيال عثمان على الأقل بثلاث سنوات.
وعليه فالسؤال مطروح..إذا كان المسلمون قد انتصروا على الروم وسحقوا جيشهم وأغرقوا أسطولهم فما الذي دعا المسلمون للثورة على عثمان بعد هذا الإنجاز؟!
ثالثا: روى المؤرخون نتائج المعركة فقال الذهبي عن أبي السرح قائد المسلمين.." وغزا ذات الصواري، فالتقى الروم وكانوا في ألف مركب، فقتلهم مقتلة عظيمة لم يقتلوا مثلها"..(تاريخ الإسلام )..وابن كثير يضيف .." فقتل منهم ما صبغ وجه الماء من الدماء"..(البداية والنهاية 7/345)..وابن الجوزي كان أكثر خيالاً حيث قال.." واقتتلوا أشد القتال، ووثب الرجال على الرجال يضربون بالسيوف على السفن، ويتواجئون بالخناجر حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج، وطرحت الأمواج جثث الرجال ركاما حتى صارت كالخبال العظيم عند الساحل، وقتل من الفريقين خلق كثير، ثم نصر الله المسلمين فقتلوا منهم مقتلة عظيمة لم ينج منهم إلا الشريد، وانهزم قسطنطين"..(المنتظم 5/12)
تأملوا قول ابن الجوزي..إنه يصف حال الروم بالانهيار التام..وعليه السؤال: إذا كان الروم قد انهاروا في المعركة هذا يعني أن أراضيهم باتت مفتوحة لجيش أبي السرح، فما الذي منع المسلمين من التقدم نحو القسطنطينية لفتحها؟..هذا ما سنراه في النقطة التالية.
رابعا: المعركة حسب رواية اليونان حدثت على ساحل.."خلقدونية"..مقابل القسطنطينية.."اسطنبول حاليا"..وهذا يعني أن الهدف من ذات الصواري كان السيطرة على القسطنطينية، وبالطبع لم يذكر المؤرخين المسلمين ذلك، فموقع ذات الصواري نفسه لا يعرفونه، وكل ما وصلهم من خبر المعركة أن المراكب كانت بصواري..وهو خبر قاصر لا يعطي ولو لمحة بسيطة عن المكان..!
خامساً: لم يذكر مؤرخو المسلمين أي تقدم للجيش العربي تجاه القسطنطينية، وهذا يعني أن نتائج المعركة لم تكن في صالح العرب.. تأملوا قول ابن الجوزي.." وأقام عَبْد اللَّهِ بذات الصواري أياما بعد هزيمة القوم، ثم أقبل راجعا"..(المنتظم 5/12)..فما الذي دفعه للرجوع وقد كان في إمكانه التقدم خصوصاً وأن من نجا منهم الشريد والطريد ، وأن الروم قد هزموا وقتّلوا مقتلة عظيمة..!!
سادسا: الإجابة على السؤال السابق موجود في صفحة ويكبيديا باللغة اليونانية عن العرب، قالوا في نتائج هذه المعركة بالترجمة للغة العربية.."أنه قد دمر الأسطول العربي في عاصفة على ساحل خلقدونية عام 653م".. وهذا يعني أن عاصفة هي التي أغرقت الأسطول العربي، أو قد يكون المقصود بالعاصفة شئ آخر كما سنرى..!
سابعاً: رواية -ذكرها ابن خلدون- أن العرب خاضوا ذات الصواري دفاعاً عن الإسكندرية، وهذا يعني أن المعركة دارت في البحر المتوسط أو ما يعرف وقتها ببحر الروم..وليس بحر مرمرة المقابل للقسطنطينية..
يقول ابن خلدون.." خرج قسطنطين بن هرقل غازيا الى الإسكندرية في ستمائة مركب وركب المسلمون البحر مع ابن أبي سرح ومعه معاوية في أهل الشام. فلما تراءى الجمعان أرسوا جميعا، وباتوا على أمان والمسلمون يقرءون ويصلّون. ثم قرنوا سفنهم عند الصباح واقتتلوا ونزل الصبر واستحرّ القتل، ثم انهزم قسطنطين جريحا في فلّ قليل من الروم، وأقام ابن أبي سرح بالموضع أياما ثم قفل وسمى المكان ذات الصواري والغزوة كذلك لكثرة ما كان بها من الصواري، وكانت هذه الغزاة سنة احدى وثلاثين وقيل أربع وثلاثين. وسار قسطنطين الى صقلّيّة وعرّفهم خبر الهزيمة فنكروه وقتلوه في الحمام"..(تاريخ ابن خلدون 2/575)
هنا أخطأ ابن خلدون..وقال أن قسطنطين مات بعد أن عرف أهل صقلية خبر هزيمته، والمعركة كانت 31 أو 34 هـ ..بينما قسطنطين -حسب المراجع اليونانية -مات عام 668 م وهو الموافق عام 47 في التقويم القمري، أي مات قسطنطين بعد المعركة ب13 عام..فهل خفيت هزيمة الرجل 13 عام عن أهل صقلية حتى قتلوه؟؟!!!
الإجابة في معارك قسطنطين نفسه، فقد خاض معاركه –بعد ذات الصواري- مع السلاف في نهر الدانوب عام 658 ومع الطليان عام 661م حتى تم اغتياله عام 668، وهذا يعني أن الرجل ظل زعيماً بعد المعركة، وأنه قاد الجيوش كمنتصر وليس كمهزوم، وهذه قرينة على أن نتائج المعركة ليست كما حكاها مؤرخي العرب.
ثامنا: كان عبدالله بن أبي السرح واليا على مصر إبان هذه الغزوة، وحسب رواية مؤرخي العرب أنه خرج بالأسطول من مصر دفاعاً عن الإسكندرية، وهذا يعني أن أكثرية الجنود كانوا مصريين.
وقد علمنا أن الثوار على عثمان كان أكثرهم من مصر، وكذلك كانوا ثواراً على ابن أبي السرح، وهذا يطرح سؤالا...هل الثوار المصريين على عثمان ثاروا عقابا له -ولابن أبي السرح- على التضحية بأبنائهم في ذات الصواري؟؟
كل المراجع تقريباً عربية وأجنبية تتفق على أن الأسطول العربي قُتل منه خلق كثير، وهذا يعني أن الشعب المصري فقد المئات بل وربما الآلاف من أبنائه في معركة يقول اليونان أنها كانت للسيطرة على القسطنطينية ويقول العرب أنها كانت دفاعاً عن الإسكندرية، وفي كلتا الحالتين فالمصريون تضرروا كثيراً من هذه المعركة، ومعنى الثورة على عثمان وابن أبي السرح -بعد ذات الصواري بعامين أو ثلاثة- يعني أن ثمة تحريض حدث على عثمان انتقاماً من المصريين لأبنائهم الضحايا..
التاريخ يقول أنه ما من ثورة إلا كانت ورائها الدماء، فالثائر مثلاً على الفساد يكفيه قتل مظلوم واحد لرفع القصاص كمطلب عادل، وهذا يعني أن الثورة على الصحابي عثمان بن عفان كان الدم فيها حاضرا وليس كما روى بعض المؤرخين أن الثوار كانوا خوارج فحسب ويكفيهم تكفير عثمان وإباحة دمه..!!
تاسعاً: كل الشواهد حتى الآن تعطي نتيجة لذات الصواري مختلفة تماماً عن النتيجة التي رواها المؤرخون العرب..فذكر مجرد الانتصار في معركة ما -خصوصا لو كانت بحرية- يعني اكتساب أرض جديدة، وهذا لم يحدث في ذات الصواري، بل ذكر المؤرخون أن عبدالله ابن أبي السرح -قائد الأسطول- عاد إلى الشام بعد الانتصار..بينما العودة دون أرض أو قادة أو أسرى تعني هزيمة.
عاشراً: مات عبدالله بن أبي السرح فيما بين عامي 36 و37 هـ، أي بعد المعركة بسنوات قليلة وبعد مقتل عثمان بعام أو عامين، وهذا سياسياً يعني أن مصير عبدالله كان مرتبط بمصير عثمان، وأنه لم يجد العون النفسي والسياسي على البقاء، فماذا لو أنجز الرجل في معركة هامة مع الروم..ألا يُصبح هذا الإنجاز عوناً له على المقاومة؟
أستطيع تخيل الوضع، فعبدالله كان باختصار.."كارت محروق"..انتهى بعد اغتيال عثمان، حتى لو أنجز في ذات الصواري فلن يشفع له، وقد يقال أن السبب لو كان دما لانتقام المصريين فلماذا لم يقتلوا ابن أبي السرح؟..الإجابة أن ابن أبي السرح لما علم بمقتل عثمان هرب لفلسطين..واستقر هناك في عسقلان حيث كان أقرب لولاية معاوية وفي حمايته..وتكاد تجمع المصادر التاريخية أنه توفى خارج مصر..وبالاستقراء يظهر أن عبدالله كان مستهدفاً ضمن قائمة الاغتيال..فما الذي يدفع المصريين لاغتياله وقد أنجز معركته ضد أكبر امبراطورية عرفها البشر في ذلك الحين؟؟!!
في تقديري أن المعركة حدثت ولكن بأحداث مختلفة عن التي ساقها العرب.. وأن ثمة تضخيم حدث طبقاً لروايات شفهية تحدثت عن بطولات ما وراء البحار..وإلا لو كان ابن أبي السرح منتصرا لدخل بِخَيلهِ القسطنطينية واحتفلت المراجع والمنطقة كلها بهذا الانتصار.
حادي عشر: ثمة إشكال في قادة المعركة، هل هو ابن أبي السرح أم .."بسر بن أرطأة"..أم.."معاوية ابن أبي سفيان"..؟!..كل المصادر القديمة حتى القرن الثامن الهجري اتفقوا على أن ابن أبي السرح كان هو القائد، واختلفوا في معاونيه..قال البعض معاوية وقال آخرون بن أرطأة..لكن الدكتور طه عبدالمقصود في كتابه .."موجز عن الفتوحات الإسلامية"..حل هذا الإشكال وقال:
"تذكر المصادر العربية أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح "أمير مصر" خرج بأسطوله البحري من "رشيد" قاصدا أسطول الروم، وفي الوقت نفسه خرج "بسر بن أبي أرطأة" -وهو أحد قادة معاوية- بأسطوله من "صور"، وتلاقى الاثنان في البحر بالقرب من ساحل "ليكيا" "عند فونيكة" -في جنوب أنطاكية- حيث دارات المعركة هناك"..
هنا حل الإشكال..فبسر بن أرطأة كان مبعوث معاوية خرج بأسطوله من الشام، وعبدالله كان والي مصر خرج بنفسه على رأس الأسطول، هنا اجتمعوا في ساحل ليكية جنوب إنطاكية حيث دارت المعركة، وهذا يعني أن ذات الصواري حسب رأي الكاتب حدثت بالقرب من أنطاكية، وهي مدينة جنوب تركيا بعيدة عن القسطنطينية الواقعة على بحر مرمرة في الشمال، وهذا يعني أن ثمة اختلاف أزلي على مكان هذه الغزوة..
بالعموم ظهر أن معركة ذات الصواري لم تكن بالصورة التي حكاها مؤرخي العرب، وأن ثمة تناقض وتعاكس مع روايات اليونان، فضلاً على وجود إشكالات منطقية في عدم تقدم العرب صوب القسطنطينية ، وبقاء الإمبراطور قسطنطين الثاني ملكا محارباً بعد الغزوة ، هذا يعني انتصار روماني بيزنطي على العرب، ورد أسطول ابن أبي السرح مهزوماً..
السؤال المطروح الآن: ما الفائدة في ذكر هزيمة جيش العرب في ذات الصواري؟.وهل البحث في تلك المعركة البائدة نوع من التدقيق أم من الحشو؟..
الإجابة أن هذه المعركة كانت مفصلية كما ظهر في تحديد مصير الخليفة عثمان بن عفان وواليه في مصر عبدالله بن أبي السرح، ويظهر معها أن ما يسمونهم المؤرخين العرب بالخوارج الثائرين على عثمان لم يكونوا خوارج، بل كانوا مواطنين ثائرين على دماء أبنائهم في ذات الصواري، وربما لجأ المؤرخين لهذا التحريف والزيف لإخفاء السبب الأصلي للثورة على عثمان.
طبيعة الشعب المصري في ثورته ليست بهذا العنف الذي يقتل الحاكم في قصره وهو يتعبد لله كما روى المؤرخين، أعطوا انطباعاً عن المصريين في شدة العنف لم يحدث في تاريخهم حتى في عصور الاضمحلال الفرعونية، هذه الطبيعة لم تكن لتسافر مئات الأميال لمحاصرة الأمير وقتله، وقد كان ابن أبي السرح بجوارهم يكفي لإفراغ نزعاتهم الانتقامية.
في تقديري أن ثمة غموض في فترة ولاية عثمان تحاشى ذكره المؤرخون، وقد يكون هذا البحث محاولة لاستجلاء وتصور هذه الفترة بموضوعية واستقراء منطقي، فالأمويون مثلاً هم كَتَبة التاريخ أو أكثرهم، وطبيعي أن يتحاشوا ذكر أي نقيصة حصلت في عهد عثمان الذي كان يتمتع بصلة قرابة مع معاوية، وبعد مقتله رفع الأمويون المصاحف على أسنة الرماح للقصاص من قتلتة الذين اكتفت المصادر التاريخية العربية بذكرهم بوصف مجرد وهو.."الخوارج"..
أخيرا: اطلعت على بعض الروايات-الغير عربية-عن هذه الغزوة، وقرأت أخبار -غير موثقة- عن مؤرخين أجانب يقولون بانتصار أسطول المسلمين، وكلها وردت في مصادر عربية مما يعني أنها قد تكون من اختراع بعض المتحمسين العرب، أو قد تكون صحيحة ولكن مصادر هؤلاء المؤرخين كانت عربية، لأنهم لم يجيبوا على الإشكال المهم..كيف يُهزم الإمبراطور قسطنطين في ذات الصواري ثم يخوض المعارك بعدها على مدار 13 عام مع الطليان والسلاف؟؟؟!
ولماذا لم يتقدم الأسطول العربي إلى معقل الدولة البيزنطية ويعلن نهاية حكمها للأبد؟..ولماذا عاد ابن أبي السرح إلى مصر ولم يمكث في ذات الصواري إلا بضعة أيام؟..ولماذا ثار المسلمون على عثمان بعد هذه الغزوة؟.ولماذا هرب ابن أبي السرح إلى عسقلان؟؟.ومن هو قائد المسلمين هل ابن أبي السرح أم بسر بن أرطأة؟..ولماذا قالت المصادر القديمة بقيادة ابن أبي السرح، ثم جاء الأخلاف وأضافوا قيادة بسر؟..وبعضهم قالوا بقيادة معاوية؟؟..وهل كانت الغزوة للدفاع عن الإسكندرية أم للهجوم على القسطنطينية؟..وما علاقة ساحل أنطاكية بالمكانين؟..!
كلها أسئلة بحاجة لإجابات منطقية مدعومة بشواهد تاريخية تحكي هذه الفترة والغموض الذي رافقها نتيجة تدخل العابثين بحقائق التاريخ..
فمعنى وجود هذه الإشكالات يعني ثمة تحريف كبير قد حدث، وأن المعركة كدوافع وطبيعة ونتائج مختلفة تماماً عن الموروث في الذهن العربي، وأن حل هذه الإشكالات قد يفضي لتصور صحيح للوضع السياسي لدولة المسلمين في خلافة الصحابي عثمان بن عفان، وعليه يمكن استنتاج الدوافع الصحيحة للثورة عليه..بل وأحداث هذه الثورة دون تضخيم أو تزييف..
وطبقاً لفلسفة التاريخ لا يمكن أن يمر زمن المعركة وبعدة زمن الاغتيال مرور الكرام، هذا يعني أن ثمة رابط بينهما سيتضح في هذه الدراسة، وهي الفائدة من وراء البحث في إثبات دوافع أخرى غير التي ساقها المؤرخون للثورة على عثمان..
بديهياً أن تنتصر على الأـسطول البيزنطي فهذا إنجاز كبير يُحسب للخليفة وللقادة، وعليه فمبرر إطلاق ثورة شعبية ضد الخليفة قد يضعف أمام قوة مؤيديه وحجتهم في الانتصارات والتوسعات السياسية، فهل يعقل مثلاً أن يثور المصريون ضد السادات وهو في نشوة إنجازه العسكري ضد إسرائيل؟..وهل يعقل أن ينقطع تاريخ المسلمين من هذه البقعة.."ذات الصواري"..بعد هذه المعركة مباشرةً؟؟
هذا يعني أن ثمة تحريف قد حدث وأخفى الأحداث الحقيقية للمعركة ونتائجها، بل ربما ذكرت روايات معكوسة عن ما رافق وتلا هذه الغزوة..وفي هذه الدراسة نناقش ذات الصواري في بضعة نقاط..
أولاً: تاريخ المعركة مختلف عليه بين المؤرخين، فابن عبدالحكم قال أنها حدثت عام 34 هـ..(فتوح مصر والمغرب 1/217)..ووافقه المسعودي في (التنبيه والإشراف 1/135)..والذهبي في (العبر 1/25) (وتاريخ الإسلام 3/530) برواية الليث.........بينما في الطبري اختلف زمنها عن الواقدي قال أنها حدثت عام 31هـ..(تاريخ الطبري 4/288)..ووافقه ابن الجوزي في (المنتظم 5/12)..والمراكشي في (البيان المغرب 1/14).
وهذا يعني أنها حدثت إما على قول الواقدي عام 31 ه، أو على قول الليث بن سعد عام 34 هـ، وفي قول ثالث –غير مشهور-أنها حدثت عام 35 هـ..وتحديد زمن المعركة مهم جداً في تصوّر الحالة السياسية قبيل الثورة على عثمان.
ثانيا: في ويكبيديا باللغة اليونانية في تعريف العرب قالوا أنها حدثت عام 653 م..وهذا العام يوافق 32 بالتقويم القمري، أي أن كلام الواقدي هو الأقرب للصحة بالقياس بينه وبين رواية اليونان واختلاف التقويمين القمري والشمسي قد يتقدم القمري عام، أي أن المعركة كانت قبيل اغتيال عثمان على الأقل بثلاث سنوات.
وعليه فالسؤال مطروح..إذا كان المسلمون قد انتصروا على الروم وسحقوا جيشهم وأغرقوا أسطولهم فما الذي دعا المسلمون للثورة على عثمان بعد هذا الإنجاز؟!
ثالثا: روى المؤرخون نتائج المعركة فقال الذهبي عن أبي السرح قائد المسلمين.." وغزا ذات الصواري، فالتقى الروم وكانوا في ألف مركب، فقتلهم مقتلة عظيمة لم يقتلوا مثلها"..(تاريخ الإسلام )..وابن كثير يضيف .." فقتل منهم ما صبغ وجه الماء من الدماء"..(البداية والنهاية 7/345)..وابن الجوزي كان أكثر خيالاً حيث قال.." واقتتلوا أشد القتال، ووثب الرجال على الرجال يضربون بالسيوف على السفن، ويتواجئون بالخناجر حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج، وطرحت الأمواج جثث الرجال ركاما حتى صارت كالخبال العظيم عند الساحل، وقتل من الفريقين خلق كثير، ثم نصر الله المسلمين فقتلوا منهم مقتلة عظيمة لم ينج منهم إلا الشريد، وانهزم قسطنطين"..(المنتظم 5/12)
تأملوا قول ابن الجوزي..إنه يصف حال الروم بالانهيار التام..وعليه السؤال: إذا كان الروم قد انهاروا في المعركة هذا يعني أن أراضيهم باتت مفتوحة لجيش أبي السرح، فما الذي منع المسلمين من التقدم نحو القسطنطينية لفتحها؟..هذا ما سنراه في النقطة التالية.
رابعا: المعركة حسب رواية اليونان حدثت على ساحل.."خلقدونية"..مقابل القسطنطينية.."اسطنبول حاليا"..وهذا يعني أن الهدف من ذات الصواري كان السيطرة على القسطنطينية، وبالطبع لم يذكر المؤرخين المسلمين ذلك، فموقع ذات الصواري نفسه لا يعرفونه، وكل ما وصلهم من خبر المعركة أن المراكب كانت بصواري..وهو خبر قاصر لا يعطي ولو لمحة بسيطة عن المكان..!
خامساً: لم يذكر مؤرخو المسلمين أي تقدم للجيش العربي تجاه القسطنطينية، وهذا يعني أن نتائج المعركة لم تكن في صالح العرب.. تأملوا قول ابن الجوزي.." وأقام عَبْد اللَّهِ بذات الصواري أياما بعد هزيمة القوم، ثم أقبل راجعا"..(المنتظم 5/12)..فما الذي دفعه للرجوع وقد كان في إمكانه التقدم خصوصاً وأن من نجا منهم الشريد والطريد ، وأن الروم قد هزموا وقتّلوا مقتلة عظيمة..!!
سادسا: الإجابة على السؤال السابق موجود في صفحة ويكبيديا باللغة اليونانية عن العرب، قالوا في نتائج هذه المعركة بالترجمة للغة العربية.."أنه قد دمر الأسطول العربي في عاصفة على ساحل خلقدونية عام 653م".. وهذا يعني أن عاصفة هي التي أغرقت الأسطول العربي، أو قد يكون المقصود بالعاصفة شئ آخر كما سنرى..!
سابعاً: رواية -ذكرها ابن خلدون- أن العرب خاضوا ذات الصواري دفاعاً عن الإسكندرية، وهذا يعني أن المعركة دارت في البحر المتوسط أو ما يعرف وقتها ببحر الروم..وليس بحر مرمرة المقابل للقسطنطينية..
يقول ابن خلدون.." خرج قسطنطين بن هرقل غازيا الى الإسكندرية في ستمائة مركب وركب المسلمون البحر مع ابن أبي سرح ومعه معاوية في أهل الشام. فلما تراءى الجمعان أرسوا جميعا، وباتوا على أمان والمسلمون يقرءون ويصلّون. ثم قرنوا سفنهم عند الصباح واقتتلوا ونزل الصبر واستحرّ القتل، ثم انهزم قسطنطين جريحا في فلّ قليل من الروم، وأقام ابن أبي سرح بالموضع أياما ثم قفل وسمى المكان ذات الصواري والغزوة كذلك لكثرة ما كان بها من الصواري، وكانت هذه الغزاة سنة احدى وثلاثين وقيل أربع وثلاثين. وسار قسطنطين الى صقلّيّة وعرّفهم خبر الهزيمة فنكروه وقتلوه في الحمام"..(تاريخ ابن خلدون 2/575)
هنا أخطأ ابن خلدون..وقال أن قسطنطين مات بعد أن عرف أهل صقلية خبر هزيمته، والمعركة كانت 31 أو 34 هـ ..بينما قسطنطين -حسب المراجع اليونانية -مات عام 668 م وهو الموافق عام 47 في التقويم القمري، أي مات قسطنطين بعد المعركة ب13 عام..فهل خفيت هزيمة الرجل 13 عام عن أهل صقلية حتى قتلوه؟؟!!!
الإجابة في معارك قسطنطين نفسه، فقد خاض معاركه –بعد ذات الصواري- مع السلاف في نهر الدانوب عام 658 ومع الطليان عام 661م حتى تم اغتياله عام 668، وهذا يعني أن الرجل ظل زعيماً بعد المعركة، وأنه قاد الجيوش كمنتصر وليس كمهزوم، وهذه قرينة على أن نتائج المعركة ليست كما حكاها مؤرخي العرب.
ثامنا: كان عبدالله بن أبي السرح واليا على مصر إبان هذه الغزوة، وحسب رواية مؤرخي العرب أنه خرج بالأسطول من مصر دفاعاً عن الإسكندرية، وهذا يعني أن أكثرية الجنود كانوا مصريين.
وقد علمنا أن الثوار على عثمان كان أكثرهم من مصر، وكذلك كانوا ثواراً على ابن أبي السرح، وهذا يطرح سؤالا...هل الثوار المصريين على عثمان ثاروا عقابا له -ولابن أبي السرح- على التضحية بأبنائهم في ذات الصواري؟؟
كل المراجع تقريباً عربية وأجنبية تتفق على أن الأسطول العربي قُتل منه خلق كثير، وهذا يعني أن الشعب المصري فقد المئات بل وربما الآلاف من أبنائه في معركة يقول اليونان أنها كانت للسيطرة على القسطنطينية ويقول العرب أنها كانت دفاعاً عن الإسكندرية، وفي كلتا الحالتين فالمصريون تضرروا كثيراً من هذه المعركة، ومعنى الثورة على عثمان وابن أبي السرح -بعد ذات الصواري بعامين أو ثلاثة- يعني أن ثمة تحريض حدث على عثمان انتقاماً من المصريين لأبنائهم الضحايا..
التاريخ يقول أنه ما من ثورة إلا كانت ورائها الدماء، فالثائر مثلاً على الفساد يكفيه قتل مظلوم واحد لرفع القصاص كمطلب عادل، وهذا يعني أن الثورة على الصحابي عثمان بن عفان كان الدم فيها حاضرا وليس كما روى بعض المؤرخين أن الثوار كانوا خوارج فحسب ويكفيهم تكفير عثمان وإباحة دمه..!!
تاسعاً: كل الشواهد حتى الآن تعطي نتيجة لذات الصواري مختلفة تماماً عن النتيجة التي رواها المؤرخون العرب..فذكر مجرد الانتصار في معركة ما -خصوصا لو كانت بحرية- يعني اكتساب أرض جديدة، وهذا لم يحدث في ذات الصواري، بل ذكر المؤرخون أن عبدالله ابن أبي السرح -قائد الأسطول- عاد إلى الشام بعد الانتصار..بينما العودة دون أرض أو قادة أو أسرى تعني هزيمة.
عاشراً: مات عبدالله بن أبي السرح فيما بين عامي 36 و37 هـ، أي بعد المعركة بسنوات قليلة وبعد مقتل عثمان بعام أو عامين، وهذا سياسياً يعني أن مصير عبدالله كان مرتبط بمصير عثمان، وأنه لم يجد العون النفسي والسياسي على البقاء، فماذا لو أنجز الرجل في معركة هامة مع الروم..ألا يُصبح هذا الإنجاز عوناً له على المقاومة؟
أستطيع تخيل الوضع، فعبدالله كان باختصار.."كارت محروق"..انتهى بعد اغتيال عثمان، حتى لو أنجز في ذات الصواري فلن يشفع له، وقد يقال أن السبب لو كان دما لانتقام المصريين فلماذا لم يقتلوا ابن أبي السرح؟..الإجابة أن ابن أبي السرح لما علم بمقتل عثمان هرب لفلسطين..واستقر هناك في عسقلان حيث كان أقرب لولاية معاوية وفي حمايته..وتكاد تجمع المصادر التاريخية أنه توفى خارج مصر..وبالاستقراء يظهر أن عبدالله كان مستهدفاً ضمن قائمة الاغتيال..فما الذي يدفع المصريين لاغتياله وقد أنجز معركته ضد أكبر امبراطورية عرفها البشر في ذلك الحين؟؟!!
في تقديري أن المعركة حدثت ولكن بأحداث مختلفة عن التي ساقها العرب.. وأن ثمة تضخيم حدث طبقاً لروايات شفهية تحدثت عن بطولات ما وراء البحار..وإلا لو كان ابن أبي السرح منتصرا لدخل بِخَيلهِ القسطنطينية واحتفلت المراجع والمنطقة كلها بهذا الانتصار.
حادي عشر: ثمة إشكال في قادة المعركة، هل هو ابن أبي السرح أم .."بسر بن أرطأة"..أم.."معاوية ابن أبي سفيان"..؟!..كل المصادر القديمة حتى القرن الثامن الهجري اتفقوا على أن ابن أبي السرح كان هو القائد، واختلفوا في معاونيه..قال البعض معاوية وقال آخرون بن أرطأة..لكن الدكتور طه عبدالمقصود في كتابه .."موجز عن الفتوحات الإسلامية"..حل هذا الإشكال وقال:
"تذكر المصادر العربية أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح "أمير مصر" خرج بأسطوله البحري من "رشيد" قاصدا أسطول الروم، وفي الوقت نفسه خرج "بسر بن أبي أرطأة" -وهو أحد قادة معاوية- بأسطوله من "صور"، وتلاقى الاثنان في البحر بالقرب من ساحل "ليكيا" "عند فونيكة" -في جنوب أنطاكية- حيث دارات المعركة هناك"..
هنا حل الإشكال..فبسر بن أرطأة كان مبعوث معاوية خرج بأسطوله من الشام، وعبدالله كان والي مصر خرج بنفسه على رأس الأسطول، هنا اجتمعوا في ساحل ليكية جنوب إنطاكية حيث دارت المعركة، وهذا يعني أن ذات الصواري حسب رأي الكاتب حدثت بالقرب من أنطاكية، وهي مدينة جنوب تركيا بعيدة عن القسطنطينية الواقعة على بحر مرمرة في الشمال، وهذا يعني أن ثمة اختلاف أزلي على مكان هذه الغزوة..
بالعموم ظهر أن معركة ذات الصواري لم تكن بالصورة التي حكاها مؤرخي العرب، وأن ثمة تناقض وتعاكس مع روايات اليونان، فضلاً على وجود إشكالات منطقية في عدم تقدم العرب صوب القسطنطينية ، وبقاء الإمبراطور قسطنطين الثاني ملكا محارباً بعد الغزوة ، هذا يعني انتصار روماني بيزنطي على العرب، ورد أسطول ابن أبي السرح مهزوماً..
السؤال المطروح الآن: ما الفائدة في ذكر هزيمة جيش العرب في ذات الصواري؟.وهل البحث في تلك المعركة البائدة نوع من التدقيق أم من الحشو؟..
الإجابة أن هذه المعركة كانت مفصلية كما ظهر في تحديد مصير الخليفة عثمان بن عفان وواليه في مصر عبدالله بن أبي السرح، ويظهر معها أن ما يسمونهم المؤرخين العرب بالخوارج الثائرين على عثمان لم يكونوا خوارج، بل كانوا مواطنين ثائرين على دماء أبنائهم في ذات الصواري، وربما لجأ المؤرخين لهذا التحريف والزيف لإخفاء السبب الأصلي للثورة على عثمان.
طبيعة الشعب المصري في ثورته ليست بهذا العنف الذي يقتل الحاكم في قصره وهو يتعبد لله كما روى المؤرخين، أعطوا انطباعاً عن المصريين في شدة العنف لم يحدث في تاريخهم حتى في عصور الاضمحلال الفرعونية، هذه الطبيعة لم تكن لتسافر مئات الأميال لمحاصرة الأمير وقتله، وقد كان ابن أبي السرح بجوارهم يكفي لإفراغ نزعاتهم الانتقامية.
في تقديري أن ثمة غموض في فترة ولاية عثمان تحاشى ذكره المؤرخون، وقد يكون هذا البحث محاولة لاستجلاء وتصور هذه الفترة بموضوعية واستقراء منطقي، فالأمويون مثلاً هم كَتَبة التاريخ أو أكثرهم، وطبيعي أن يتحاشوا ذكر أي نقيصة حصلت في عهد عثمان الذي كان يتمتع بصلة قرابة مع معاوية، وبعد مقتله رفع الأمويون المصاحف على أسنة الرماح للقصاص من قتلتة الذين اكتفت المصادر التاريخية العربية بذكرهم بوصف مجرد وهو.."الخوارج"..
أخيرا: اطلعت على بعض الروايات-الغير عربية-عن هذه الغزوة، وقرأت أخبار -غير موثقة- عن مؤرخين أجانب يقولون بانتصار أسطول المسلمين، وكلها وردت في مصادر عربية مما يعني أنها قد تكون من اختراع بعض المتحمسين العرب، أو قد تكون صحيحة ولكن مصادر هؤلاء المؤرخين كانت عربية، لأنهم لم يجيبوا على الإشكال المهم..كيف يُهزم الإمبراطور قسطنطين في ذات الصواري ثم يخوض المعارك بعدها على مدار 13 عام مع الطليان والسلاف؟؟؟!
ولماذا لم يتقدم الأسطول العربي إلى معقل الدولة البيزنطية ويعلن نهاية حكمها للأبد؟..ولماذا عاد ابن أبي السرح إلى مصر ولم يمكث في ذات الصواري إلا بضعة أيام؟..ولماذا ثار المسلمون على عثمان بعد هذه الغزوة؟.ولماذا هرب ابن أبي السرح إلى عسقلان؟؟.ومن هو قائد المسلمين هل ابن أبي السرح أم بسر بن أرطأة؟..ولماذا قالت المصادر القديمة بقيادة ابن أبي السرح، ثم جاء الأخلاف وأضافوا قيادة بسر؟..وبعضهم قالوا بقيادة معاوية؟؟..وهل كانت الغزوة للدفاع عن الإسكندرية أم للهجوم على القسطنطينية؟..وما علاقة ساحل أنطاكية بالمكانين؟..!
كلها أسئلة بحاجة لإجابات منطقية مدعومة بشواهد تاريخية تحكي هذه الفترة والغموض الذي رافقها نتيجة تدخل العابثين بحقائق التاريخ..
فمعنى وجود هذه الإشكالات يعني ثمة تحريف كبير قد حدث، وأن المعركة كدوافع وطبيعة ونتائج مختلفة تماماً عن الموروث في الذهن العربي، وأن حل هذه الإشكالات قد يفضي لتصور صحيح للوضع السياسي لدولة المسلمين في خلافة الصحابي عثمان بن عفان، وعليه يمكن استنتاج الدوافع الصحيحة للثورة عليه..بل وأحداث هذه الثورة دون تضخيم أو تزييف..
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الحوار الموضوعي بين الأديان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى