نشأة المذاهب الفقهية
2 مشترك
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
نشأة المذاهب الفقهية
نشأة المذاهب الفقهية
المؤلف : أ 0 د 0 يوسف قاسم
المؤلف : أ 0 د 0 يوسف قاسم
كان لاتجاهات الصحابة والتابعين وأساليبهم في البحث والاستنباط أثر كبير في نشأة المذاهب الفقهية في البلدان الإسلامية علي اختلافها 0
واستطيع أن أقول : أن جمهور المجتهدين من علماء الأمة الذين تأثروا بأساليب الصحابة والتابعين تأثيرا عليما مجردا عن أي غرض آخر هم : الذين يطلق عليهم أهل السنة والجماعة 0
وهناك من تأثر – كما اشرنا – بأحداث الفتنة الكبري – فالشيعة تمسكوا بطريقة خاصة في قبول الحديث ، مما كان له أثر علي اتجاهاتهم الفقهية ، ومثل ذلك الخوارج 0
أولا : مذاهب أهل السنة والجماعة
سبق أن أشرنا أن هذا الاصطلاح يطلق علي المذاهب الاصطلاح يطلق علي المذاهب التي تتمسك بالكتاب والسنة لذاتهما دون التأثر بأي اتجاه آخر 0
فلقد رأينا أن أهل السنة والجماعة يأخذون بحديث رسول الله r يعملون بمقتضاه متي كان صحيحا ، أي ثبتت نسبته إلي النبي r بغض النظر عن طريقة وصوله ما دام طريقا سليما وسندا صحيحا 0
وأشهر مذاهب أهل السنة التي بقيت حتي الآن هي المذاهب الأربعة المعروفة وهي حسب الترتيب التاريخ :
1- المذهب الحنفي 2- المذهب المالكي
3- المذهب الشافعي 4- المذهب الحنبلي
ومن المذاهب السنية أيضا مذاهب داود الظاهري ( 270هـ ) الذي كاد يندثر لولا أن العلامة ابن حزم ( 450 هـ ) قد أسهم بمؤلفاته في وصول المذهب إلي القرون التالية 0
1- المذهب الحنفي :
ينسب هذا المذهب إلي الإمام أب حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي ، وهو من أصل فارسي كما قلنا 0
ولد – رحمه الله – بالكوفة سنة 80 هـ تلقي العلم فيها علي طائفة من أعيان العلماء وكان في أول حياته ينزع إلي علم الكلام ( 1 ) ثم اتجه بعد ذلك إلي دراسة الحديث والفقه فأخذهما عن كثير من العلماء وكان من أشهر هؤلاء : حماد بن سليمان الذي لازمه مدة طويلة حتي نبغ في علم الفقه وبرع
(( وكان في زمان أبي حنيفة أربعة من الصحابة – رض الله عنهم -: أنس بن مالك – بالبصرة ، وعبد الله بن أبي أوفي بالكوفة ( 2 ) وسعيد بن سعد الساعدي بالمدينة وأبو الطفيل عامر بن وائل بمكة غير أن أبا حنيفة لم يتلق بواحد منهم فهو إذان من اتباع التابعين )) ( 3 )
وإذا كان المؤرخون قد تكلموا عن روعه وتقواه وخشيته من الله التي بلغت حدا كبيرا ، فذلك أمر لا غرابة فيه فالشأن في ائمة الفقه هكذا من التقوي والروع وقيام الليل ومداومة المراقبة لله – عز وجل – وتلاوة كلامه اناء الليل وأطراف النهار ، وإذا لم يكن الأئمة هكذا فمن يكون إذان ؟
وقد شهد لأبي حنيفة أئمة الفقه وعلماء الأمة فقد قال عنه الشافعي : (( الناس في الفقه عيال علي أب حنيفة ))
توفي أبو حنيفة – رحمه الله – سنة 150هـ 0
أصول المذهب الحنفي :
يروي المؤرخون عن أبي حنيفة رحمه الله أنه كان يقول : اخذ بكتاب الله فإن لم أجد فيه أخذت بسنة رسول الله r والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه مَن شئت وأدع قول مَن شئت ثم لم اخرج عن قولهم إلي قول غيرهم فإذا انتهي الأمر إلي إبراهيم والشعبي وسعيد بن المسيب وعَد رجالا من التابعين فلي أن أجتهد وهي علي النحو التالي :
* كتاب الله العزيز 0
* سنة رسول الله r الثابتة الصحيحة 0
* إجماع الصحابة 0
* القول الذي يترجح في نظره من أقوال الصحابة عند اختلافهم
* الاجتهاد
ومن هنا يظهر لنا بوضوح مدي تمسك الإمام أبي حنيفة بالحديث بل واثار الصحابة فالمستفاد من العبارة السابقة أنه لم يتوسع في الاجتهاد ( الرأي والقياس ) إلا في الحالات التي لم يثبت فيها حديث تتوافر فيه الشروط اللازمة لقبول الحديث في نظره 0
فهو يشترط لقبول الحديث المروي بالطريق الفردي :
1- أن لا يعمل الراوي بخلاف ما رواه وإلا كان ذلك علامة علي نسخ الحديث 0
2- ألا يكون الحديث في المسائل التي يكثر وقوعها ، لأنه إذا كان كذلك فلابد أن يرويه عدد كبير ، وإذن فالرواية الفردية من علامة ضعفه 0
ويلاحظ من ناحية أخري : أن أبا حنيفة إذا كان يأخذ بقول أحد الصحابة عند اختلافهم فإنه يجتهد في الترجيح بين اراء الصحابة ولا يخرج عن مجموع أقوالهم في الجملة 0
أما قول أحد الصحابة بمفرده في مسألة فإنه لا يأخذ به إلا بشروط خاصة ، وهذا سائغ بل من باب أولي ومن أظهر هذه الشروط : أن يكون الصحابي فيما لا يقال بالرأي ، أي من الامور التي لا مجال للاجتهاد فيها ، لأنه في هذه الحالة يعتبر قول الصحابي ليس من عنده ، وإنما أثر سمعه من ثم بعد ذلك إذا لم يجد نصا من الكتاب أو السنة ، أو أثرا من آثار الصحابة ، فإنه يجتهد أي يعمل بالقياس وغيره من المصادر الاجتهادية الاخري مثل الاستحسان ، كما أنه يأخذ بالعرف 0
أصحاب أبي حنيفة :
للإمام أب حنيفة النعمان تلاميذ كثيرون أسهموا في تكوين المذهب وتدوينه وأشهرهم : زفر ، وأبو يوسف ، ومحمد 0
زفر : هو زفر بن الهزيل بي قيس الكوفي ولد سنة 110 هـ وتتلمذ علي يد أبي حنيفة فكان من أبرز تلامذته وكان يتوسع في القياس ، ولكن حيث لا توجد النصوص كما كان يفعل أستاذه ( 4 ) توفي – رحمه الله – سنة 158 هـ 0
أبو يوسف : هو يعقوب بين إبراهيم الأنصاري ولد بالكوفة سنة 113 هـ سمع الحديث واشتغل بروايته حتي عد من المحدثين ، تلقي الفقه عن ابن أبي ليلي ( 5 ) ثم تفقه علي أبي حنيفة فكان من أكبر أصحابه تولي القضاء لفترة طويلة مما كان له أعظم الأثر في نشر المذهب ولكن لم يصل إلينا من كتب إلا كتاب الخراج ( 6 ) توفي – رحمه الله – سنة 183 هـ 0
محمد بن الحسن الشيباني : هو الإمام محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني ، ولد سنة 132 هـ نشأ بالكوفة والتقي بأبي حنيفة وأخذ عنه ، ولكنه تتلمذ علي أبي يوسف ونبغ في علم الفقه حتي فاق أستاذه أبا يوسف ونجد في كتب الحنفيه (( الصاحبين )) التي تفسر علي أنها : أبو يوسف ، ومحمد اللذان هما من أشهر أصحاب أبي حنيفة 0
وقد رحل محمد بن الحسن إلي مالك بالمدينة المنورة فسمع منه ، وأخذ عنه ولازمه ثلاث سنين ، وروي عنه الموطأ 0
وتولي الشيباني القضاء مدة وجيزة 0وإليه يرجع الفضل في تكوين البمذهب الحنفي ونقله إلي القرون التالية فمن كتبه التي يبني عليها المذهب : (( الأصل ( 7 ) والجامع الصغير ، والجامع الكبير والزيادات ( 8 ) والسير الصغير والسير الكبير )) وتسمي هذه الكتب عند الحنفية كتب ظاهر الرواية ( 9 ) وقد انتشر المذهب الحنفي في بلاد كثيرة وهو في الوقت الحالي المذهب الغالب في تركيا وباكستان وأفغانستان وفي سوريا ومذهب السنيين في العراق وبعض المتعلمين في مصر وهو أيضا المذهب الغالب بين مسلمي الهند 0
المذهب المالكي :
ينسب هذا المذهب إلي الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث (( سليل بيت العلم ، فجده مالك تابعي كبير وجده الاعلي أبو عامر صاحبي جليل (10) ولد بالمدينة سنة 93 هـ وتلقي الفقه والحديث عن أكابر علمائها (11) فلما تم تكوينه العلمي لم يتقدم للفتوي إلا بعد أن شهد له سبعون بأنه أهل لذلك 0
فكان t إماما بارعا وفقيها مجتهدا ومحدثا ثبتا ثقته مأمونا ، حتي قال عنه البخاري : (( من أصح الأسانيد مالك عن نافع عن أبن عمر )) (12) ولقد اشتهر هذا السند بأنه سلسلة الذهب 0
ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله : ((مالك حجة الله تعالي – علي خلقه بعد التابعين))(13) ويوقل حماد بن سلمة : (14) لو قيل لي : اختر لأمة محمد إماما يأخذون عنه العلم لرأيت مالكا موضعا وأهلا )) (15) وقد سبق أن فصلنا القول بخصوص كتاب ( الموطأ ) الذي صنفه الإمام مالك 0
ومن كتبه التي وصلت إلينا وكانت ذات أثر عظيم في حفظ المذهب المالكي كتاب ( المدونة الكبري ) التي رواها سحنون عن أبن القاسم عن الإمام مالك t توفي سنة 179 هـ - رحمه الله 0
أصول المذهب المالكي :
يعتمد الإمام مالك علي الأصول الاتيه :
1- الكتاب 0
2- السنة 0
3- الإجماع 0
4- عمل أهل المدينة 0
5- القياس 0
6- المصلحة المرسلة وما في معناها 0
أما فيما يتعلق بالكتاب والسنة الصحيحة الثابتة فقد سبق أن أشرنا إلي أن جميع الأمة ملتزمة بهما ولا يتصور من مسلم أن يخالف فيهما ، فهذان هما الاصلان اللذان يقوم عليهما كل بحث أو اجتهاد أو مذهب فقهي ثم الإجماع ويقصد به إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – ولو ثبت إجماع التابعين لوجب الأخذ به في مذهبه ، إلا أن الإمام مالكا – رحمه الله – يعطي أهمية خاصة لإجماع أهل المدينة (16) كما أنه يقدم عمل أهل المدينة علي خبر الواحد عند التعارض ووجهه نظره في ذلك أن عمل أهل المدينة هو عبارة عن : سنة عملية نقلها جمع عن جمع عن النبي r فهي أقوي بلا شك من الرواية الفردية التي يعبر عنها بخبر الواحد كما سيأتي 0 ومن باب أولي فإنه يقدم عمل أهل المدينة علي القياس 0 بل إنه كان يقدم قول الصحابي علي القياس ، إذا كان صاحب هذا القول من أعلام الصحابة كالخلفاء الراشدين ، أو كان مشهورا بالفقه ، مثل : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وبشرط أن يكون سنده صحيحا وأن لا يخالف حديثا 0
ومن أصول مالك أيضا : القول بالمصلحة المرسلة وهي : المصلحة التي ليس فيها نص من الشارع بخصوصها ولكنها مصلحة حقيقة تجلب للأمة نفعا أو تدرأ عنها ضررا كما كان الإمام مالك – رحمه الله – يقول : بالاستحسان في بعض المسائل مثل تضمين الصناع والإجراء بالنسبة لما في أيديهم من أموال الناس 0 وينسب إليه القول بسد الذرائع أي بالمبدأ القائل بتحريم الوسائل التي تؤدي إلي ارتكاب المحرمات ، مثل بيع العنب لمن يعصره خمرا أو بيع السلاح في زمن الفتنه 0
أصحاب مالك :
سبق أن أشرنا إلي أن الذين تلقوا العلم عن مالك لا يحصي عددهم ، غير أن هذا العدد الغفير كان في الحقيقة بسبب رواية الموطأ عنه ، ولكن للإمام مالك تلاميذ كثيرون تلقوا عنه الفقه بجانب الحديث وأسهموا معه في بناء المذهب المالكي وفي نشره في البلاد المختلفة وعلي الرغم من كثرة هؤلاء التلاميذ فإننا نقتصر علي ثلاثة فقد : ابن القاسم ، وابن وهب ، وأشهب 0
ابن القاسم : هو أبو عبد الله عبد الرحمن ابن القاسم العتقي ، ولد بالشام سنة 138 هـ تلقي العلم من الإمام مالك ولازمه مدة طويلة بلغت عشرين عاما ، ولم يخلط علم مالك بغيره (17) حتي أصبح أبرز أصحاب الإمام وأشهرهم ، قال عنه مالكابن القاسم فقيه)(18) أسهم في نشر المذهب المالكي في مصر وهو الذي روي المدونة عن مالك رواها عنه سحنون (19) توفي ابن القاسم رحمه الله بمصر سنة 191 هـ 0
ابن وهب : هو أبو محمد عبد الله وهب بن مسلم المصري – ولد سنة 125 هـ تفقه علي مالك ، والليث بن سعد (20) وسفيان بن عينيه (21) وقد طالت صحبته لمالك أيضا شهد له مالك بالعلم ولقبه بالمفتي – توفي رحمه الله سنة 197 هـ 0
أشهب بن عبد العزيز القيسي : ولد سنة 145 هـ تفقه علي مالك ، وعلي الليث بن سعد والتقي بالشافعي في مصر وقد كان أشهب فقيها بارعا 0 قال عنه الإمام الشافعي ( ما رأيت مثل أشهب ) انتهت إليه رياسة المذهب المالكي بمصر بعد وفاة ابن القاسم توفي أشهب – رحمه الله – بمصر سنة 204 هـ 0
وقد انتشر المذهب المالكي انتشارا كبيرا في سائر أنحاء الارض تبعا لكثرة تلاميذ الإمام مالك ، وخاصة الجمع الغفير الذي روي عنه الموطأ 0
وهو الاَن سائد في بلاد المغرب وفي صعيد مصر ، وفي السودان ، وفي قطر والبحرين والكويت والمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية 0
3- المذهب الشافعي :
ينسب هذا المذهب إلي الإمام محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع (22) ينتهي نسبه إلي عبد مناف الجد الثالث لرسول الله r ولد y بغزه سنة 150 هـ حيث كان والداه بها في بعض الشئون ثم نقلته أمه إلي مكه موطن آبائه ، فنشأ بها وحفظ القراَن واستفاد من البادية الفصاحة والأدب 0 تفقه في مكه علي مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكه ثم رحل إلي المدينة فتلقي الفقه والحديث عن مالك حيث تتلمذ عليه وصار أحد رجال مدرسته وفي سنة 184 هـ سافر الشافعي إلي العراق فأخذ عن محمد بن الحسن واطلع علي فقه أهل العراق وناظرهم باعتباره أحد تلاميذ مالك ولا شك أنه استفاد من فقه أهل العراق فائدة كبيرة ثم سافر إلي مصر سنة 188 هـ ثم عاد إلي بغداد مرة ثانية سنة 195 هـ حيث صارت له طريقة جديدة في الفقه وآراء جدية مستقلة عن آراء مالك (24)
ثم عاد إلي مصر سنة 199 هـ وظل بها إلي أن توفي – رحمه الله سنة 204 هـ وقد اجمع شيوخه وقرناؤه وتلاميذه الذين تلقوا عليه أنه كان علما بين العلماء لا يُجاري ولا يُباري فمالك شيخه يثني عليه في وقت لم يكن قد تكامل نموه وبلغ شأوه (25) وقال داود بن علي الظاهري : للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره (26) 0
أصول مذهب الشافعي :
تتلخص أصول مذهب الشافعي – رحمه الله فيما يأتي
1- الكتاب 0
2- السنة الثابتة 0
3- الإجماع 0
4- أقول الصحابة 0
5- القياس 0
وفيما يتعلق بالكتاب والسنة فإنهما أساس كل مذهب كما أسلفنا 0 غير أم الإمام الشافعي y كان يعطي للسنة أهمية عظيمة ولا يقدم عليها أي مصدر آخر حتي ولو كانت أخبار آحاد وقد انتقد مذهب الحنفية الذي يقدم القياس أحيانا علي خبر الواحد عندما لا تتوافر الشروط التي وضعوها كما عاب علي مالك تقديم عمل أهل المدينة علي الحديث ومن أقواله في هذا الشأن ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ( وإذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط ) 0 ومن ناحية أخري لم يأخذ بالاستحسان ولا بالمصلحة المرسلة ، ومما ينقل عنه في هذا : ( من استحسن فقد شرع ) وله في ذلك بحث معروف أسماه ( كتاب إبطال الاستحسان ) 0 وهو حين يعتبر الإجماع حجة فإنه يجعل إجماه الصحابة في المقدمة ، ثم الإجماع من علماء المسلمين في سائر الاقطار ، فأن أمكن وقوعه وجب العمل به وهو لا يجزم بذلك كما أنه لا يعترف بإجماع طائفة معينة من الأمة ولا بأهل بلد معين 0
وأول مَنُ دوّن علم أصول الفقه الإمام الشافعيy حيث وضع في ذلك كتابه المعروف بـ ( الرسالة )
ومن كتبه العظيمة كتاب ( الأم ) المعروف والمذهب الشافعي منتشر في الوجه البحري من جمهورية مصر العربية ، كما ينتشر في اليمن وموجود بقلة في العراق وباكستان ، وهو المذهب الغالب في إندونيسيا 0
أصحاب الشافعي :
كان للشافعي تلاميذ بالعراق ، وتلاميذ بمصر وهم ولا شك كثيرون 0 ونكتفي بثلاثة من أصحابة الذين أسهموا في نقل فقه الشافعي بمصر وهم : البويطي ، والمزني والمرادي 0
البويطي : هو يوسف بن يحيي البويطي نسبة إلي إحدي القري بصعيد مصر (27) وقد استخلفه الشافعي في حلقته وكان البويطي عالما فقيها زاهدا – توفي رحمه الله سنة 231هـ 0
المزني : هو إسماعيل بن يحيي المزني المصري – تفقه علي الإمام وكان مع ذلك يخالفه في بعض ارائه من مؤلفاته ( المختصر ) وهو مطبوع بهامش كتاب الأم توفي رحمه الله سنة 264هـ 0
المرادي : هو أبو محمد الربيع بن سليمان ابن عبد الجبار بن كامل المرادي المؤذن صحب الشافعي طويلا وأخذ عنه كثيرا حدَّث بكتب الشافعي ونقلها الناس عنه وكتاب الأم للشافعي من رواية المرادي توفي رحمه الله سنة 270هـ 0
4- المذهب الحنبلي :
ينسب هذا المذهب إلي الإمام الحافظ الحجة : أبي عبد الله : أحمد بن محمد ابن حنبل بن هلال الشيباني ولد ببغداد سنة 164هـ بدأ في صغره بدراسة السنة علي أيدي رجالها والثقافة من عليمائها رحل في طلب العلم إلي الكوفة والبصرة ومكة والمدينة والشام واليمن ثم التقي بالشافعي بعد عودته إلي بغداد وقد شهد له الشافعي بقوله : خرجت من بغداد فما خلّفت فيها رجلا أفضل ولا أعلم ولا أفقه من أحمد ابن حنبل فقد كان t فقيها بارعا ومحدثا فاضلا وحافظا مكثرا ثقة ثبتا وروعا زاهدا فاق أهل زمانه في معرفة مذاهب الصاحبة والتابعين شهد له بذلك شيوخه وأقرانه وعرفوا فضله (28) فهو رحمه الله – فقيه صاحب مذهب غلبت عليه نزعة الحديث بدليل أن تلاميذه من بعده جمعوا مسائله في الفقه ودونوها في مجاميع كبيرة 00 ومن ينظر في الفقه الحنبلي يجده في أبواب المعاملات أيسر من غيره حيث يسير مع النصوص والآثار متي وجدت فإذا لم يكن أثر كانت الإباحة فالقاعدة فيه أن الأشياء مباحة في أصلها ما لم يقم دليل الحظر (29)
ومن أعظم آثار الإمام أحمد بن حنبل كتاب ( المسند ) وهو أعظم المسانيد وأحسنها فإنه لم يدخل فيه إلا ما يحتج به كونه انتقاه من سبمعامئة وخمسين الف حديث (30) وقد توفي رحمه الله سنة 241هـ 0
أصول المذهب الحنبلي :
تتلخص أصول المذهب الحنبلي فيما يأتي 0
1- نصوص الكتاب والسنة الثابتة 0
2- فتاوي الصحابة المتفق عليها بينهم 0
3- يختار من فتاوي الصحابة عند اختلافهم ما هو أقرب إلي الكتاب والسنة 0
4- يأخذ بالحديث المرسل (31) أو الحديث الضعيف بشرط أن لا يكون الراوي معروفا بالكذب أو الفسق ولم يوجد ما يعارض الحديث 0
5- لا يأخذ بالقياس إلا عند الضرورة وقد ثبت عنه العمل بالاستصحاب (32) وقد توسع فيه الحنابلة بعد ذلك كما ينسب إليه العمل بالمصالح المرسلة وهذت كله عند الضرورة القصوي 0
أصحاب أحمد :
له رحمه الله – تلاميذ كثيرون منهم ابنه صالح بن أحمد المتوفي سنة 266هـ وأبنه عبد الله بن احمد المتوفي سنة 290هـ وأبو بكر الاشرم : أحمد بن محمد بن هاني الخرساني البغدادي وهو من الفقهاء الحافظ الاعلام وله كتاب السنن في الفقه علي مذهب الإمام أحمد – توفي رحمه الله سنة 273هـ 0
ولكن من أشهر فقهاء المذهب الحنبلي الذين أسهموا في تدوين المذهب هم من الرجال الذين جاءوا بعد الطبقة الأولي من تلاميذ الإمام مثل : أبي القاسم بن أبي الحسن الخرقي البغدادي المتوفي سنة 334هـ حيث صنف المختصر المنسوب إليه وعبد العزيز بن جعفر المتوفي سنة 363هـ صاحب كتاب المقنع 0
( ثم جاء بعد ذلك العالم الجليل العلامة ابن تيمية صاحب الرسائل والفتاوى المشهورة ( المتوفي سنة 728هـ ) وتلميذه ابن القيم ( المتوفي سنة 751هـ ) وقد كان لهذين العالمين الكبيرين أثر ملحوظ في تجديد المذهب ونشره في الآفاق بل لقد كان لجهودهما العلمية أثر جليل علي الفقه الإسلامي بوجه عام 0
وفي القرن الثاني عشر الهجري قام الإمام محمد بن عبد الوهاب بحركته التجديدية متبعا طريقة ابن تيمية في عقيدته وفقه الحنبلي فقام التجديديون من بعده بنشر تعاليم هذا المذهب حتي صار هو المذهب الرسمي للملكة العربية السعودية وهو مذهب الغالبية من أهل السنة بالإحساء مع مذهب المالكية كما أنه موجود مع المذهب الشافعي في بعض مدن الشام 0
هذه هي المذاهب الأربعة المشهورة والتي لها أتباع في كثر من البلدان الإسلامية كما رأينا وقد سبق أن أشرنا إلي أن مذهب داود الظاهري كاد يندثر لولا أبحاث ومؤلفات العلامة ابن حزم التي نقلت إلينا هذا المذهب وفيما يلي نبذه مختصره عنه 0
مذهب الظاهرية :
ينسب هذا المذهب الي أبي سليمان داود ابن علي بن خلف الاصفهاني الظاهري المتوفي سنة 270هـ بني مذهبه علي ظواهر النصوص من القراَن والسنة يأخذ بإجماع الصحابة وينكر القياس وقد انتصر له من بعده علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي المتوفي سنة 450هـ حيث كان له الفضل في حفظ المذهب ونقله إلي الأجيال القادمة بما قام به من مؤلفات جليلة مثل كتاب ( المحلي في الفقه والأحكام في أصول الأحكام ) في علم أصول الفقه 0
<br>
كاره اليهود- عضو مشارك
-
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 98
نقاط : 5182
السٌّمعَة : 0
رد: نشأة المذاهب الفقهية
بارك الله فيكم ياأخي
ولكن هل يعني ذلك أن الحنابلة يرون تساوي الدليل القرآني والنبوي؟
أيضا أري تشابه بين المذهبين الحنفي والشافعي في الأصول فهل اختلافهم نابع من توجه المُحدثين واتباعهم للمذاهب أم أن المحدثين أجلوا نقطة المذهبية في عملهم جانبا
ولكن هل يعني ذلك أن الحنابلة يرون تساوي الدليل القرآني والنبوي؟
أيضا أري تشابه بين المذهبين الحنفي والشافعي في الأصول فهل اختلافهم نابع من توجه المُحدثين واتباعهم للمذاهب أم أن المحدثين أجلوا نقطة المذهبية في عملهم جانبا
عدل سابقا من قبل كاره اليهود في الأحد أبريل 24, 2011 12:51 am عدل 2 مرات (السبب : السبب أن اهل السنة والجماعة مجمعين على حجية السنة بلاد خلاف)
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: نشأة المذاهب الفقهية
فهل اختلافهما في مدي حجية السنه
عذرا أثارتنى هذه الكلمة هلا أبنت مقصدك منها
<br>
كاره اليهود- عضو مشارك
-
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 98
نقاط : 5182
السٌّمعَة : 0
رد: نشأة المذاهب الفقهية
يعني هل للمحدثين دورا في نشأة المذاهب واختلافهم؟
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: نشأة المذاهب الفقهية
يعني هل للمحدثين دورا في نشأة المذاهب واختلافهم؟
حياكم الله أخى الحبيب
لاشك ان المحدثين هم أهم أسباب نشوء الخلاف بين المذاهب الفقهية وبعضها
فمثلا أخى الحبيب
خلاف أرباب المذاهب الفقهية فى قبول الحديث المرسل والعمل به
وهو القبول وقال به مالـك بن أنس، وأبو حنيفة، وجمهور أصحابهما, وأكثر المعتزلة كأبي هاشم، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه وابن القيم وابن كثير وغيرهم،
والقول الثانى الرفض
وقال به قال الإمام مسلم- رحمه الله- في مقدمة صحيحه: "والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة وهو قول عبد الرحمن بن مهدي ويحي بن سعيد القطان وابن المديني وأبي خيثمة زهير بن حرب ويحي بن معين وابن أبى شيبة والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم من أئمة الحديث قال ابن أبى حاتم: "سمعت أبي وأبـا زرعـة يقـولان: لا يحتـج بالمراسيل ولا لقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة". وهو قول جمهور الشافعية واختيار إسماعيل القاضي وابن عبد البر وغيرهما من المالكية والقاضي أبي بكر الباقلاني وجماعة كثيرون من أئمة ا لأصول.
والثالث
التفصيل فى الأمر وبه قال الامام الشافعى وغيره
فالخلاف حول الحديث المرسل فقط كفيل باحداث خلاف كبير بين الفقهاء فما بالك ان تحدثنا عن التصحيح والتضعيف وعمل الفقهاء بالضعيف والحديث الحسن والخلاف فى مفهومه و.....و....و....عشرات المسائل
ولا اجد أحد أجاد وأبدع فى الحديث عن أثر الحديث فى احتلاف الفقهاء كشيخنا العلامة محمد عوامة فى كتابه الماتع أثر الحديث فى اختلاف الفقهاء
راجعه اخى الحبيب للأهمية ففيه الكفاية والوفاية
جزاكم الله خيرا
أخوك المحب جدا فى الله
كاره اليهود
<br>
كاره اليهود- عضو مشارك
-
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
عدد المساهمات : 98
نقاط : 5182
السٌّمعَة : 0
مواضيع مماثلة
» نشأة العلوم الإسلامية وتطورها:تأسيس علم مقاصد الشريعة أنموذجاً/ د. الحسان شهيد
» نشأة الاختلاف وأدبه بقلم أ د السيد فرج
» بدايات نشأة الحركة العقلية في الإسلام
» الإسلام برئ من المذاهب
» التقريب بين المذاهب وإشكالية المنهج
» نشأة الاختلاف وأدبه بقلم أ د السيد فرج
» بدايات نشأة الحركة العقلية في الإسلام
» الإسلام برئ من المذاهب
» التقريب بين المذاهب وإشكالية المنهج
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى