دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات
مقدمة
رغم حداثة عهد البنوك الإسلامية التى بدأت فى الخمسينات من القرن الماضي، إلا أن التقديرات الحالية تشير إلي تزايد عدد هذه البنوك ونموها بشكل كبير. وتشير بيانات المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إلى أن عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بلغ 267خلال عام 2001بحجم أصول بلغ 262مليار دولار فقط وبمعدل نمو وصل إلى 23%([1]).
والمتابع لنشأة هذه البنوك يدرك أنها مرت بأربعة مراحل هى([2]):
المرحلة الأولى: المرحلة التمهيدية لنشأة البنوك الإسلامية وتمتد هذه المرحلة من 1950 إلى 1970
وقد تميزت هذه المرحلة بعدة ملامح فالبداية الحقيقية لتأسيس أول مصرف إسلامى تمت من خلال جهود فردية وتلقائية من قبل عدد من العلماء والمفكرين المسلمين للتخلص من سطوة البنوك التقليدية التى عمت العالم الإسلامى فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى. وبدأت دعوة للمناداة بتجنب استيراد النظام المصرفى الغربى. وبدأت أقلام الباحثين والكتاب المسلمين تكشف عن مساوئ هذا النظام المصرفى وتبين عدم مشروعيته. وقد تميزت هذه المساهمات بالدعوة إلى البحث عن البديل الإسلامى للبنوك الربوية.
وصاحب هذه الدعوة تنظيم عدد من المؤتمرات لبيان حكم الإسلام فى الربا، ومنها: أسبوع الفقه الإسلامى المنعقد لأول مرة فى باريس 1951، حلقة الدراسات الاجتماعية للدول العربية بدمشق 1952، المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة 1965، مؤتمر الفقه الإسلامى الأول بالمغرب سنة 1969، وغيرها من المؤتمرات والندوات التى أخذت على عاتقها الدعوة لإنشاء بنوك إسلامية.
وقد كانت البداية للبنوك الإسلامية فى كل من باكستان وماليزيا ومصر، ورغم أن باكستان ومصر كان لهما السبق فى هذا المجال إلا أن التجربة بهما انتهت فى وقت مبكر، على عكس الحال فى التجربة الماليزية التى مازالت مستمرة حتى الآن
المرحلة الثانية: مرحلة تأسيس البنوك الإسلامية وتمتد هذه المرحلة من 1970 إلى 1980
[b][size="4"][COLOR="Blue"]وقد تم تأسيس أول بنك إسلامى بشكله الرسمى عام 1971 بمصر وهو بنك ناصر الاجتماعى. وقد نص قانون الإنشاء على عدم تعامل البنك بالفائدة أخذاً وإعطاءً، وعلى هوية البنك الاجتماعية، وعلى استثناء معاملاته من الخضوع للقوانين المصرفية الجارى العمل بها.
ولكن هذه المحاولات الإقليمية الفردية صاحبتها دعوة دولية إسلامية ففى مؤتمر وزراء مالية الدول الإسلامية عام 1973 تم التأكيد على سلامة الجوانب النظرية و العملية لإقامة نظام للبنوك الإسلامية والاتفاق على تأسيس بنك إسلامى دولى. وبالفعل تم تأسيس البنك الإسلامى للتنمية فى جدة عام 1975م، وهو بنك دولى تشترك فيه كل الدول الإسلامية الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى، وقد تم افتتاحه عام 1976. ويهدف البنك الإسلامى للتنمية إلى دعم التنمية الاقتصادية الاجتماعية لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ([3])..
ثم توالى بعد ذلك تأسيس النماذج الأولى للبنوك الإسلامية حيث أنشئ بنك دبى الإسلامى بالإمارات عام 1975، وبنك فيصل الإسلامى المصرى وبنك فيصل الإسلامى السودانى وبيت التمويل الكويتى عام 1977، والبنك الإسلامى الأردنى عام 1978، وبنك البحرين الإسـلامى عام 1979، وكذلك تأسيس أول بنك إسلامى فى الغرب عام 1987 وهو المصرف الإسلامى الدولى فى الدانمرك([4]).
وصاحب هذا كله انعقاد المؤتمر العالمى الأول للاقتصاد الإسلامى عام 1976 وهو أول تجمع علمى ضم عدداً كبيرًا من الباحثين والمهتمين بقضايا الاقتصاد الإسلامى من مختلف أنحاء العالم، وقد تناول هذا المؤتمر بين موضوعاته فكرة البنوك الإسلامية.
ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذى لعبته هذه البنوك الإسلامية آنذاك فى تنمية مجتمعاتها من خلال المساهمة فى تقديم التمويل الإسلامى بكافة أشكاله لدعم أوجه النشاط الاقتصادى ودعم المشروعات الاستثمارية والصناعية والتى شكلت فى مجملها نواة جيدة للدور الذى يمكن أن تلعبه البنوك الإسلامية فى عمليات التنمية.
مقدمة
رغم حداثة عهد البنوك الإسلامية التى بدأت فى الخمسينات من القرن الماضي، إلا أن التقديرات الحالية تشير إلي تزايد عدد هذه البنوك ونموها بشكل كبير. وتشير بيانات المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إلى أن عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بلغ 267خلال عام 2001بحجم أصول بلغ 262مليار دولار فقط وبمعدل نمو وصل إلى 23%([1]).
والمتابع لنشأة هذه البنوك يدرك أنها مرت بأربعة مراحل هى([2]):
المرحلة الأولى: المرحلة التمهيدية لنشأة البنوك الإسلامية وتمتد هذه المرحلة من 1950 إلى 1970
وقد تميزت هذه المرحلة بعدة ملامح فالبداية الحقيقية لتأسيس أول مصرف إسلامى تمت من خلال جهود فردية وتلقائية من قبل عدد من العلماء والمفكرين المسلمين للتخلص من سطوة البنوك التقليدية التى عمت العالم الإسلامى فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى. وبدأت دعوة للمناداة بتجنب استيراد النظام المصرفى الغربى. وبدأت أقلام الباحثين والكتاب المسلمين تكشف عن مساوئ هذا النظام المصرفى وتبين عدم مشروعيته. وقد تميزت هذه المساهمات بالدعوة إلى البحث عن البديل الإسلامى للبنوك الربوية.
وصاحب هذه الدعوة تنظيم عدد من المؤتمرات لبيان حكم الإسلام فى الربا، ومنها: أسبوع الفقه الإسلامى المنعقد لأول مرة فى باريس 1951، حلقة الدراسات الاجتماعية للدول العربية بدمشق 1952، المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة 1965، مؤتمر الفقه الإسلامى الأول بالمغرب سنة 1969، وغيرها من المؤتمرات والندوات التى أخذت على عاتقها الدعوة لإنشاء بنوك إسلامية.
وقد كانت البداية للبنوك الإسلامية فى كل من باكستان وماليزيا ومصر، ورغم أن باكستان ومصر كان لهما السبق فى هذا المجال إلا أن التجربة بهما انتهت فى وقت مبكر، على عكس الحال فى التجربة الماليزية التى مازالت مستمرة حتى الآن
المرحلة الثانية: مرحلة تأسيس البنوك الإسلامية وتمتد هذه المرحلة من 1970 إلى 1980
[b][size="4"][COLOR="Blue"]وقد تم تأسيس أول بنك إسلامى بشكله الرسمى عام 1971 بمصر وهو بنك ناصر الاجتماعى. وقد نص قانون الإنشاء على عدم تعامل البنك بالفائدة أخذاً وإعطاءً، وعلى هوية البنك الاجتماعية، وعلى استثناء معاملاته من الخضوع للقوانين المصرفية الجارى العمل بها.
ولكن هذه المحاولات الإقليمية الفردية صاحبتها دعوة دولية إسلامية ففى مؤتمر وزراء مالية الدول الإسلامية عام 1973 تم التأكيد على سلامة الجوانب النظرية و العملية لإقامة نظام للبنوك الإسلامية والاتفاق على تأسيس بنك إسلامى دولى. وبالفعل تم تأسيس البنك الإسلامى للتنمية فى جدة عام 1975م، وهو بنك دولى تشترك فيه كل الدول الإسلامية الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى، وقد تم افتتاحه عام 1976. ويهدف البنك الإسلامى للتنمية إلى دعم التنمية الاقتصادية الاجتماعية لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ([3])..
ثم توالى بعد ذلك تأسيس النماذج الأولى للبنوك الإسلامية حيث أنشئ بنك دبى الإسلامى بالإمارات عام 1975، وبنك فيصل الإسلامى المصرى وبنك فيصل الإسلامى السودانى وبيت التمويل الكويتى عام 1977، والبنك الإسلامى الأردنى عام 1978، وبنك البحرين الإسـلامى عام 1979، وكذلك تأسيس أول بنك إسلامى فى الغرب عام 1987 وهو المصرف الإسلامى الدولى فى الدانمرك([4]).
وصاحب هذا كله انعقاد المؤتمر العالمى الأول للاقتصاد الإسلامى عام 1976 وهو أول تجمع علمى ضم عدداً كبيرًا من الباحثين والمهتمين بقضايا الاقتصاد الإسلامى من مختلف أنحاء العالم، وقد تناول هذا المؤتمر بين موضوعاته فكرة البنوك الإسلامية.
ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذى لعبته هذه البنوك الإسلامية آنذاك فى تنمية مجتمعاتها من خلال المساهمة فى تقديم التمويل الإسلامى بكافة أشكاله لدعم أوجه النشاط الاقتصادى ودعم المشروعات الاستثمارية والصناعية والتى شكلت فى مجملها نواة جيدة للدور الذى يمكن أن تلعبه البنوك الإسلامية فى عمليات التنمية.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات
المرحلة الثالثة: مرحلة توسع نشاط البنوك الإسلامية، تمتد هذه المرحلة من 1980 إلى 1990
وقد تميزت هذه المرحلة بظهور مجموعات مالية إسلامية منظمة تتكون من عدد من البنوك الإسلامية ومن شركات الاستثمار المنتشرة حول العالم، كما تتميز بالمحاولات الرائدة لأسلمة النظام المصرفى فى بعض الدول الإسلامية مثل السودان وباكستان وإيران حيث أصبحت جميع الوحدات المصرفية لديها تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ولا تتعامل بالفائدة أخذاً أو إعطاءً.
وتعتبر دار المال الإسلامى أول مجموعة مالية إسلامية ظهرت بقيادة الأمير السعودى محمد الفيصل الذى دعم مادياً ومعنوياً حركة البنوك الإسلامية عبر اهتمامه وتشجيعه ودعمه لتأسيس البنك الإسلامى للتنمية بجده. وقد كان لمجموعة دار المال العديد من البنوك (بنوك فيصل) فى مصر والسودان والبحرين وتركيا والنيجر وغينيا والسنغال وسويسرا وغيرها.
ولكن الأمر لم يتوقف عند دار المال الإسلامى فقد نشأت بجانبه المجموعة المالية الثانية التى حملت لواء البنوك الإسلامية وهى مجموعة البركة بقيادة مؤسسها الشيخ صالح عبد الله كامل، حيث أسست هذه المجموعة العديد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية (بنوك البركة) فى البحرين وتونس والسودان ومصر والجزائر وتركيا وجنوب إفريقيا وغيرها. وقامت بالإضافة لذلك بجهود علمية كبيرة لدعم فكرة البنوك الإسلامية من خلال تأسيسها لعدد من مراكز الأبحاث فى الاقتصاد الإسلامى، وعقدها لندوتها الفقهية الاقتصادية السنوية لمعالجة المستجدات المصرفية ونشرها العديد من الكتب والمطبوعات العلمية والرسائل الجامعية.
وبالفعل أصبحت المصارف والبنوك الإسلامية واقعاً فبنهاية عقد الثمانينات كان هناك ما يزيد عن تسعين مصرفا ومؤسسة مالية إسلامية فى العالم. ونذكر من بين هذه البنوك والمؤسسات التى تم تأسيسها خلال هذه الفترة، بنك التضامن الإسلامى السودان 1981، مصرف قطر الإسلامى 1982، بنك إسلام ماليزيا برهاد، بيت التمويل التونسى السعودى، بيت البركة التركى التمويل، بنك بنجلاديش الإسلامى 1983، بنك البركة الإسلامى البحرينى، بنك غرب السودان الإسلامى، بنك البركة السودانى 1984، بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامى، بنك الوفاء الموريتانى الإسلامى 1985، شركة الراجحي 1986، بنك الأمين البحرينى 1987، بنك التمويل السعودى المصرى 1988، بنك قطر الإسلامى الدولى 1990([5])]
المرحلة الرابعة: مرحلة انتشار البنوك الإسلامية، تمتد هذه المرحلة من 1990 إلى الآن.
شهدت هذه المرحلة نوع من النمو السريع لنشاط البنوك الإسلامية، وظهور عدد كبير من الأوعية الاستثمارية المشتركة التى تدار بالطرق المشروعة، وبشكل خاص صناديق الاستثمار الإسلامية العاملة فى مجال التأجير والعقارات والأسهم والسلع، وغيرها...
وبدأت البنوك التقليدية تهتم بشكل متزايد بمجال العمل المصرفى الإسلامى، واستجابت للتعامل مع البنوك الإسلامية بالصيغ والعقود والمنتجات المقبولة شرعاً والمصممة خصيصا لهذا التعاون، والتى تم تنظيمها لهذا النشاط الجديد من خلال تكوينها لنوافذ إسلامية تدير تلك المنتجات. كما لجأت البنوك التقليدية فى الدول الإسلامية إلى توسيع دائرة نشاطها الإسلامى تلبية لرغبة العملاء لاجتناب التعامل الربوي.
وظهر ذلك فى إنشاء العديد من البنوك التقليدية أقساماً إسلامية متخصصة، وأسس البعض الآخر فروعاً إسلامية تتبعها إدارياً وتستقل عنها فى النشاط كالبنك الأهلى التجارى السعودى، واتجهت بعض البنوك الأخرى لتحويل كامل نشاطها للعمل المصرفى الإسلامى مثل بنك الشارقة الوطنى، أو العمل على تحويل البنك من خلال أسلمة منتجاتها كما فى تجربة بنك الجزيرة، وبادرت بنوك تقليدية أخرى إلى تأسيس بنوك إسلامية مستقلة تماما عنها من حيث رأس مالها وميزانيتها
ونشاطها كبنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامى، وسيتى بنك الإسلامى، وبنك نوريبا التابع لبنك يو بى اس السويسرى([6]).
وسعت البنوك والمؤسسات الإسلامية إلى عقد المؤتمرات والندوات حول البنوك الإسلامية على مستوى العالم، وبدأت المؤسسات المصرفية الغربية تشييد بأهمية هذه التجربة وسرعة نجاحها، وقد جاء تأكيد ذلك فى تقرير صندوق النقد الدولي الذى صرح أن النظام المالى الإسلامى المرتكز على المشاركة فى الربح والخسارة دون حساب سعر الفائدة أكثر استقراراً من النظام المالى الغربى.
وما لبث أن ظهر مع نهاية التسعينات من القرن المنصرم جيل ثانى من المؤسسات المالية الإسلامية التى تميزت بالحيوية والفعالية فى مجالات الاستثمار والتمويل والإجارة، ومن المؤسسات التى تأسست فى هذه الفترة دار الاستثمار- الكويت 1994، بنك الاستثمار الإسلامى الأول – البحرين، البنك الإسلامى اليمنى 1996، مصرف أبو ظبي الإسلامى، دبنك التضامن الإسلامى – اليمن، الأولى للاستثمار – الكويت، بنك سبأ الإسلامى – اليمن 1997، بيت الاستثمار الخليجي – الكويت 1998، بيت التمويل الخليجي – البحرين، شركة أعيان للإجارة والاستثمار – الكويت، الشركة الدولية للإجارة والاستثمار – الكويت، الأولى للتمويل – قطر، شركة أصول للإجارة والتمويل – الكويت، بنك معاملات ماليزيا برهاد 1999، بنك شريعة مانديرى- إندونيسيا.
ولكن هذا التزايد الملحوظ فى عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وجه بتحديات عدة منها:
1ـ عدم وجود هيئة عليا على مستوى دولى أو إقليمى تقوم بدور التنسيق بين هذه البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية.
2ـ الحاجة إلى وجود معايير شرعية موحدة تصدر عن مجلس دولى معتمد تلتزم بها الهيئات الشرعية بهذه البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية.
ومن هنا جاءت دعوة عدد كبير من القائمين على الصناعة المالية الإسلامية إبان الاجتماع الحادى والعشرين للبنك الإسلامى للتنمية مع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والذى انعقد بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 1/11/1999 لوجود هيئة تأخذ على عاتقها متابعة وتطوير الصناعة المصرفية الإسلامية والقيام برعاية شؤون المؤسسات المالية الإسلامية وتوثيق العلاقة بينها وتعمل على دعم قواعد العمل المصرفى الإسلامى وتطوير الصناعة المالية الإسلامية بما يؤكد الهوية الإسلامية لمؤسساتها ودورها التنموى وتحقق مصالح الأعضاء فى مواجهة الصعوبات والتحديات المشتركة، وكذلك القيام بنشر صورة صحيحة عن هذه الصناعة لدى الأفراد والجماعات المؤثرة مما يسهم فى توليد الانطباعات والمواقف الجيدة والايجابية نحوها.
وبالفعل وفى مايو من عام 2001 ظهر فى أفق العمل المصرفى الإسلامى المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية. وبدأ هذا المجلس يمارس دوره ويعمل على تحقيق الأهداف التى أنشئ من أجلها.
ونظراً لأن دراستنا تهتم فى المقام الأول بدور هذا المجلس فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية. إلا أن الحديث يفرض علينا أن نعرض بداءة لنشأة المجلس وأهدافه ووسائل تحقيقها. ولهذا نجد لزاماً علينا أن نقسم ورقة العمل تلك إلى مبحثين:
المبحث الأول: نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وأهدافه
المبحث الثانى: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية.
المرحلة الثالثة: مرحلة توسع نشاط البنوك الإسلامية، تمتد هذه المرحلة من 1980 إلى 1990
وقد تميزت هذه المرحلة بظهور مجموعات مالية إسلامية منظمة تتكون من عدد من البنوك الإسلامية ومن شركات الاستثمار المنتشرة حول العالم، كما تتميز بالمحاولات الرائدة لأسلمة النظام المصرفى فى بعض الدول الإسلامية مثل السودان وباكستان وإيران حيث أصبحت جميع الوحدات المصرفية لديها تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ولا تتعامل بالفائدة أخذاً أو إعطاءً.
وتعتبر دار المال الإسلامى أول مجموعة مالية إسلامية ظهرت بقيادة الأمير السعودى محمد الفيصل الذى دعم مادياً ومعنوياً حركة البنوك الإسلامية عبر اهتمامه وتشجيعه ودعمه لتأسيس البنك الإسلامى للتنمية بجده. وقد كان لمجموعة دار المال العديد من البنوك (بنوك فيصل) فى مصر والسودان والبحرين وتركيا والنيجر وغينيا والسنغال وسويسرا وغيرها.
ولكن الأمر لم يتوقف عند دار المال الإسلامى فقد نشأت بجانبه المجموعة المالية الثانية التى حملت لواء البنوك الإسلامية وهى مجموعة البركة بقيادة مؤسسها الشيخ صالح عبد الله كامل، حيث أسست هذه المجموعة العديد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية (بنوك البركة) فى البحرين وتونس والسودان ومصر والجزائر وتركيا وجنوب إفريقيا وغيرها. وقامت بالإضافة لذلك بجهود علمية كبيرة لدعم فكرة البنوك الإسلامية من خلال تأسيسها لعدد من مراكز الأبحاث فى الاقتصاد الإسلامى، وعقدها لندوتها الفقهية الاقتصادية السنوية لمعالجة المستجدات المصرفية ونشرها العديد من الكتب والمطبوعات العلمية والرسائل الجامعية.
وبالفعل أصبحت المصارف والبنوك الإسلامية واقعاً فبنهاية عقد الثمانينات كان هناك ما يزيد عن تسعين مصرفا ومؤسسة مالية إسلامية فى العالم. ونذكر من بين هذه البنوك والمؤسسات التى تم تأسيسها خلال هذه الفترة، بنك التضامن الإسلامى السودان 1981، مصرف قطر الإسلامى 1982، بنك إسلام ماليزيا برهاد، بيت التمويل التونسى السعودى، بيت البركة التركى التمويل، بنك بنجلاديش الإسلامى 1983، بنك البركة الإسلامى البحرينى، بنك غرب السودان الإسلامى، بنك البركة السودانى 1984، بنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامى، بنك الوفاء الموريتانى الإسلامى 1985، شركة الراجحي 1986، بنك الأمين البحرينى 1987، بنك التمويل السعودى المصرى 1988، بنك قطر الإسلامى الدولى 1990([5])]
المرحلة الرابعة: مرحلة انتشار البنوك الإسلامية، تمتد هذه المرحلة من 1990 إلى الآن.
شهدت هذه المرحلة نوع من النمو السريع لنشاط البنوك الإسلامية، وظهور عدد كبير من الأوعية الاستثمارية المشتركة التى تدار بالطرق المشروعة، وبشكل خاص صناديق الاستثمار الإسلامية العاملة فى مجال التأجير والعقارات والأسهم والسلع، وغيرها...
وبدأت البنوك التقليدية تهتم بشكل متزايد بمجال العمل المصرفى الإسلامى، واستجابت للتعامل مع البنوك الإسلامية بالصيغ والعقود والمنتجات المقبولة شرعاً والمصممة خصيصا لهذا التعاون، والتى تم تنظيمها لهذا النشاط الجديد من خلال تكوينها لنوافذ إسلامية تدير تلك المنتجات. كما لجأت البنوك التقليدية فى الدول الإسلامية إلى توسيع دائرة نشاطها الإسلامى تلبية لرغبة العملاء لاجتناب التعامل الربوي.
وظهر ذلك فى إنشاء العديد من البنوك التقليدية أقساماً إسلامية متخصصة، وأسس البعض الآخر فروعاً إسلامية تتبعها إدارياً وتستقل عنها فى النشاط كالبنك الأهلى التجارى السعودى، واتجهت بعض البنوك الأخرى لتحويل كامل نشاطها للعمل المصرفى الإسلامى مثل بنك الشارقة الوطنى، أو العمل على تحويل البنك من خلال أسلمة منتجاتها كما فى تجربة بنك الجزيرة، وبادرت بنوك تقليدية أخرى إلى تأسيس بنوك إسلامية مستقلة تماما عنها من حيث رأس مالها وميزانيتها
ونشاطها كبنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامى، وسيتى بنك الإسلامى، وبنك نوريبا التابع لبنك يو بى اس السويسرى([6]).
وسعت البنوك والمؤسسات الإسلامية إلى عقد المؤتمرات والندوات حول البنوك الإسلامية على مستوى العالم، وبدأت المؤسسات المصرفية الغربية تشييد بأهمية هذه التجربة وسرعة نجاحها، وقد جاء تأكيد ذلك فى تقرير صندوق النقد الدولي الذى صرح أن النظام المالى الإسلامى المرتكز على المشاركة فى الربح والخسارة دون حساب سعر الفائدة أكثر استقراراً من النظام المالى الغربى.
وما لبث أن ظهر مع نهاية التسعينات من القرن المنصرم جيل ثانى من المؤسسات المالية الإسلامية التى تميزت بالحيوية والفعالية فى مجالات الاستثمار والتمويل والإجارة، ومن المؤسسات التى تأسست فى هذه الفترة دار الاستثمار- الكويت 1994، بنك الاستثمار الإسلامى الأول – البحرين، البنك الإسلامى اليمنى 1996، مصرف أبو ظبي الإسلامى، دبنك التضامن الإسلامى – اليمن، الأولى للاستثمار – الكويت، بنك سبأ الإسلامى – اليمن 1997، بيت الاستثمار الخليجي – الكويت 1998، بيت التمويل الخليجي – البحرين، شركة أعيان للإجارة والاستثمار – الكويت، الشركة الدولية للإجارة والاستثمار – الكويت، الأولى للتمويل – قطر، شركة أصول للإجارة والتمويل – الكويت، بنك معاملات ماليزيا برهاد 1999، بنك شريعة مانديرى- إندونيسيا.
ولكن هذا التزايد الملحوظ فى عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وجه بتحديات عدة منها:
1ـ عدم وجود هيئة عليا على مستوى دولى أو إقليمى تقوم بدور التنسيق بين هذه البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية.
2ـ الحاجة إلى وجود معايير شرعية موحدة تصدر عن مجلس دولى معتمد تلتزم بها الهيئات الشرعية بهذه البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية.
ومن هنا جاءت دعوة عدد كبير من القائمين على الصناعة المالية الإسلامية إبان الاجتماع الحادى والعشرين للبنك الإسلامى للتنمية مع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والذى انعقد بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 1/11/1999 لوجود هيئة تأخذ على عاتقها متابعة وتطوير الصناعة المصرفية الإسلامية والقيام برعاية شؤون المؤسسات المالية الإسلامية وتوثيق العلاقة بينها وتعمل على دعم قواعد العمل المصرفى الإسلامى وتطوير الصناعة المالية الإسلامية بما يؤكد الهوية الإسلامية لمؤسساتها ودورها التنموى وتحقق مصالح الأعضاء فى مواجهة الصعوبات والتحديات المشتركة، وكذلك القيام بنشر صورة صحيحة عن هذه الصناعة لدى الأفراد والجماعات المؤثرة مما يسهم فى توليد الانطباعات والمواقف الجيدة والايجابية نحوها.
وبالفعل وفى مايو من عام 2001 ظهر فى أفق العمل المصرفى الإسلامى المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية. وبدأ هذا المجلس يمارس دوره ويعمل على تحقيق الأهداف التى أنشئ من أجلها.
ونظراً لأن دراستنا تهتم فى المقام الأول بدور هذا المجلس فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية. إلا أن الحديث يفرض علينا أن نعرض بداءة لنشأة المجلس وأهدافه ووسائل تحقيقها. ولهذا نجد لزاماً علينا أن نقسم ورقة العمل تلك إلى مبحثين:
المبحث الأول: نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وأهدافه
المبحث الثانى: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات
المبحث الأول
نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وأهدافه
يعد المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية هو البداية الحقيقية لوجود كيان إسلامى يُعنى بتنظيم المعاملات المصرفية الإسلامية ويهتم بدراسة كل ما يمس هذه المعاملات من قريب أو بعيد.
ولكن كيف كانت نشأة هذا المجلس ؟ وما الدوافع لإنشائه؟ وما هى أهدافه التى يسعى إلى تحقيقها؟ وما هى وسائل تحقيق هذه الأهداف؟ أسئلة كثيرة يتعين علينا الإجابة عليها بوصفها المدخل الجوهرى للبحث عن دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات الإسلامية.
وعلى هذا الأساس نقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المطلب الثانى: أهداف المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المطلب الأول
نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية هو مؤسسة مالية لا تهدف إلى للربح قام على تأسيسها بنك التنمية الإسلامى والعديد من المؤسسات المالية الإسلامية الأخرى، وقد حصل المجلس على الرخصة الخاصة به بناء على مرسوم أميري صادر فى مملكة البحرين فى شهر مايو 2001. ورغم أن المجلس أنشئ عام 2001 إلا أن السعى لتأسيس هذا المجلس قد بدأ فى يوليو 1999. ويضم المجلس عددًا كبيرًا من البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية المسجلة فى مختلف دول العالم والخاضعة لرقابة البنوك المركزية([7]).
يقع المركز الرئيسى للمجلس العام فى دولة البحرين وقد تم اختيار دولة البحرين لاستضافة المجلس العام من قبل المؤسسين لما لها من مكانة مرموقة كونها تمثل المركز الرئيسى للمال فى منطقة الشرق الأوسط([8]).
ويتمثل الهيكل التظيمى للمجلس فى الجمعية العمومية للمجلس العام وهى أعلى سلطة وتضم جميع البنوك المنضوية تحت عضوية المجلس العام، يلى ذلك مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء يمثلون تسع بنوك ومؤسسات مالية هى: البنك الإسلامى للتنمية و هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية كعضوين دائمين، ثم مجموعة دله البركة، بيت التمويل الكويتي، بنك البحرين الإسلامى، بنك إسلام ماليزيا، مصرف البحرين الشامل، بنك بنجلاديش الإسلامى ومجموعة بنك
النيلين بالسودان. ويرأس مجلس الإدارة الشيخ صالح عبد الله كامل رئيس مجموعة دله البركة. ثم يأتي بعد ذلك سكرتارية المجلس العام ويرأسها الأمين العام للمجلس([9]). علماً بأن مجلس الإدارة قد اختار من بين أعضائه أربعة يشكلون لجنة تنفيذية بصلاحيات محددة بهدف تفعيل أعمال الأمانة العامة وتقوم مقام المجلس فى متابعة ووضع سياسات الأمانة العامة وترفع توصياتها وقراراتها للمصادقة من قبل المجلس.
بدأ المجلس فى العام الأول بعدد 39 عضواً شاركوا فى الاجتماع التأسيسى للمجلس الذى انعقد فى نوفمبر 2001 ببيروت، وفي العام التالى وهو عام 2002م تمكنت الأمانة العامة من الارتفاع بالعضوية إلى 54 عضواً بزيادة 15 عضواً جديداً، وفى عام 2003 تقدمت 6 مؤسسات مالية جديدة للانضمام إلى المجلس بحيث إنه بعد اعتماد عضويتهم فى الجمعية العمومية المنعقدة بكازاخستان فى سبتمبر 2003 أصبح العدد الإجمالى للأعضاء 60 عضوًا.
المطلب الثانى
أهداف المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
يمكن القول بان المجلس منذ نشأته جعل نصب عينيه عدد من الأهداف سعى نحو تحقيقها فى محاولة منه لخلق كيان إسلامى مصرفى متكامل، ويمكن تلخيص هذه الأهداف فى التالى([11]):
1ـ العمل على التعريف بالخدمات المالية الإسلامية وكذلك بيان أهم المعاملات المصرفية الإسلامية.
2ـ التأكيد على نشر المفاهيم والقواعد والأحكام المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية.
3ـ العمل على تنمية وتطوير الصناعة المالية الإسلامية فى جميع دول العالم الإسلامى.
4ـ تعزيز التعاون بين أعضاء المجلس والمؤسسات المشابهة فى المجالات التى تخدم الأهداف المشتركة بالوسائل المتاحة.
5ـ العمل على توفير المعلومات المتعلقة بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والهيئات الإسلامية ذات الصلة.
6ـ العمل على رعاية مصالح الأعضاء ومواجهة الصعوبات والتحديات المشتركة وتعزيز التعاون فيما بين الأعضاء بعضهم مع بعض، وبين الأعضاء والجهات الأخرى، وعلى وجه الخصوص الجهات الرقابية.
ولابد أن نلاحظ هنا أن هذه الأهداف لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا إذا كانت مصحوبة بوسائل تكفل العمل على تحقيقها ووجودها على ارض الواقع فى محاولة لتفعيل دور المجلس وتحقيقه لأهدافه.
فالحديث إذن عن الأهداف لا يكتمل إلا بالحديث عن وسائل تحقيقها، ومن هنا فإنه يمكننا القول بأن وسائل المجلس فى تحقيق أهدافه يتمثل فى الآتى([12]):
1ـ إصدار النشرات التعريفية، والكتب، والدوريات، والموسوعات الفقهية المصرفية، والدراسات والبحوث، وغيرها من وسائل النشر الحديثة المعنية بالمعاملات المصر فية الإسلامية.
2ـ عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات واللقاءات وورش العمل لتحقيق أهداف المجلس .
3ـ التعاون مع الجهات المختصة لإصدار القوانين الخاصة بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والهيئات الإسلامية ذات الصلة.
4ـ تشجيع إصدار الأدوات المالية الحكومية وغير الحكومية.
5ـ إنشاء قاعدة للمعلومات لتقديم رسالة المجلس والعمل المالى والاقتصادى الإسلامى بصورة قوية وفعالة من خلال وسائل التقنية المتاحة.
6ـ المشاركة فى إعداد برامج للتدريب لرفع المستوى المهنى للعناصر العاملة فى الحقل المصرفى والمالى الإسلامى.
هذه الوسائل ما هى إلا عملة من خلالها يستطيع المجلس أن يرتاد بها الأسواق المالية فى محاولة منه لتحقيق أهداف إنشائه والتى تتكامل من اجل هدف واحد هو توحيد قواعد المعاملات المصرفية الإسلامية. وهو الأمر الذى نعرض له فى المبحث التالى.
المبحث الأول
نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وأهدافه
يعد المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية هو البداية الحقيقية لوجود كيان إسلامى يُعنى بتنظيم المعاملات المصرفية الإسلامية ويهتم بدراسة كل ما يمس هذه المعاملات من قريب أو بعيد.
ولكن كيف كانت نشأة هذا المجلس ؟ وما الدوافع لإنشائه؟ وما هى أهدافه التى يسعى إلى تحقيقها؟ وما هى وسائل تحقيق هذه الأهداف؟ أسئلة كثيرة يتعين علينا الإجابة عليها بوصفها المدخل الجوهرى للبحث عن دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات الإسلامية.
وعلى هذا الأساس نقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المطلب الثانى: أهداف المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المطلب الأول
نشأة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية هو مؤسسة مالية لا تهدف إلى للربح قام على تأسيسها بنك التنمية الإسلامى والعديد من المؤسسات المالية الإسلامية الأخرى، وقد حصل المجلس على الرخصة الخاصة به بناء على مرسوم أميري صادر فى مملكة البحرين فى شهر مايو 2001. ورغم أن المجلس أنشئ عام 2001 إلا أن السعى لتأسيس هذا المجلس قد بدأ فى يوليو 1999. ويضم المجلس عددًا كبيرًا من البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية المسجلة فى مختلف دول العالم والخاضعة لرقابة البنوك المركزية([7]).
يقع المركز الرئيسى للمجلس العام فى دولة البحرين وقد تم اختيار دولة البحرين لاستضافة المجلس العام من قبل المؤسسين لما لها من مكانة مرموقة كونها تمثل المركز الرئيسى للمال فى منطقة الشرق الأوسط([8]).
ويتمثل الهيكل التظيمى للمجلس فى الجمعية العمومية للمجلس العام وهى أعلى سلطة وتضم جميع البنوك المنضوية تحت عضوية المجلس العام، يلى ذلك مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء يمثلون تسع بنوك ومؤسسات مالية هى: البنك الإسلامى للتنمية و هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية كعضوين دائمين، ثم مجموعة دله البركة، بيت التمويل الكويتي، بنك البحرين الإسلامى، بنك إسلام ماليزيا، مصرف البحرين الشامل، بنك بنجلاديش الإسلامى ومجموعة بنك
النيلين بالسودان. ويرأس مجلس الإدارة الشيخ صالح عبد الله كامل رئيس مجموعة دله البركة. ثم يأتي بعد ذلك سكرتارية المجلس العام ويرأسها الأمين العام للمجلس([9]). علماً بأن مجلس الإدارة قد اختار من بين أعضائه أربعة يشكلون لجنة تنفيذية بصلاحيات محددة بهدف تفعيل أعمال الأمانة العامة وتقوم مقام المجلس فى متابعة ووضع سياسات الأمانة العامة وترفع توصياتها وقراراتها للمصادقة من قبل المجلس.
بدأ المجلس فى العام الأول بعدد 39 عضواً شاركوا فى الاجتماع التأسيسى للمجلس الذى انعقد فى نوفمبر 2001 ببيروت، وفي العام التالى وهو عام 2002م تمكنت الأمانة العامة من الارتفاع بالعضوية إلى 54 عضواً بزيادة 15 عضواً جديداً، وفى عام 2003 تقدمت 6 مؤسسات مالية جديدة للانضمام إلى المجلس بحيث إنه بعد اعتماد عضويتهم فى الجمعية العمومية المنعقدة بكازاخستان فى سبتمبر 2003 أصبح العدد الإجمالى للأعضاء 60 عضوًا.
المطلب الثانى
أهداف المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
يمكن القول بان المجلس منذ نشأته جعل نصب عينيه عدد من الأهداف سعى نحو تحقيقها فى محاولة منه لخلق كيان إسلامى مصرفى متكامل، ويمكن تلخيص هذه الأهداف فى التالى([11]):
1ـ العمل على التعريف بالخدمات المالية الإسلامية وكذلك بيان أهم المعاملات المصرفية الإسلامية.
2ـ التأكيد على نشر المفاهيم والقواعد والأحكام المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية.
3ـ العمل على تنمية وتطوير الصناعة المالية الإسلامية فى جميع دول العالم الإسلامى.
4ـ تعزيز التعاون بين أعضاء المجلس والمؤسسات المشابهة فى المجالات التى تخدم الأهداف المشتركة بالوسائل المتاحة.
5ـ العمل على توفير المعلومات المتعلقة بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والهيئات الإسلامية ذات الصلة.
6ـ العمل على رعاية مصالح الأعضاء ومواجهة الصعوبات والتحديات المشتركة وتعزيز التعاون فيما بين الأعضاء بعضهم مع بعض، وبين الأعضاء والجهات الأخرى، وعلى وجه الخصوص الجهات الرقابية.
ولابد أن نلاحظ هنا أن هذه الأهداف لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا إذا كانت مصحوبة بوسائل تكفل العمل على تحقيقها ووجودها على ارض الواقع فى محاولة لتفعيل دور المجلس وتحقيقه لأهدافه.
فالحديث إذن عن الأهداف لا يكتمل إلا بالحديث عن وسائل تحقيقها، ومن هنا فإنه يمكننا القول بأن وسائل المجلس فى تحقيق أهدافه يتمثل فى الآتى([12]):
1ـ إصدار النشرات التعريفية، والكتب، والدوريات، والموسوعات الفقهية المصرفية، والدراسات والبحوث، وغيرها من وسائل النشر الحديثة المعنية بالمعاملات المصر فية الإسلامية.
2ـ عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات واللقاءات وورش العمل لتحقيق أهداف المجلس .
3ـ التعاون مع الجهات المختصة لإصدار القوانين الخاصة بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والهيئات الإسلامية ذات الصلة.
4ـ تشجيع إصدار الأدوات المالية الحكومية وغير الحكومية.
5ـ إنشاء قاعدة للمعلومات لتقديم رسالة المجلس والعمل المالى والاقتصادى الإسلامى بصورة قوية وفعالة من خلال وسائل التقنية المتاحة.
6ـ المشاركة فى إعداد برامج للتدريب لرفع المستوى المهنى للعناصر العاملة فى الحقل المصرفى والمالى الإسلامى.
هذه الوسائل ما هى إلا عملة من خلالها يستطيع المجلس أن يرتاد بها الأسواق المالية فى محاولة منه لتحقيق أهداف إنشائه والتى تتكامل من اجل هدف واحد هو توحيد قواعد المعاملات المصرفية الإسلامية. وهو الأمر الذى نعرض له فى المبحث التالى.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات
المبحث الثانى
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية
إن البحث عن دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية يستلزم منا بداءة البحث عن أسس هذا التوحيد والتى أخذ المجلس على عاتقه إدخالها حيز النفاذ. ولكن هذا ما كان له أن يتحقق دون تعاون جميع الأعضاء فى المجلس. بالإضافة إلى ما تبذله الأمانة العامة فى توثيق العلاقات بين الدول الأعضاء ونشر الثقافة الخاصة بهذا التوحيد بينهم.
ولكن يمكننا القول بأن ما مارسه المجلس من نشاطات كان هو السبيل الوحيد لوضع القواعد الموحدة موضع التنفيذ. وهو الأمر الذى كشف عنه العديد من المؤتمرات والندوات التى عقدها المجلس. ولكن المجلس لا يستطيع أن يقوم بدوره منفردًا بل لابد من تعاون بينه وبين الجهات الدولية المعنية.
ولهذا يفرض علينا بحث دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: أسس وقواعد توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية على صعيد الهيئات الدولية المعنية
المطلب الثانى: فاعليات توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية فى ظل المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المطلب الأول
أسس وقواعد توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية على صعيد الهيئات الدولية المعنية
اقترن إنشاء المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بفترة عصيبة فى العالم، فقد كان إنشائه تالى على أحداث 11 سبتمبر التى كان لها أثر مهم فى الكثير من المتغيرات العالمية فى السنوات الأخيرة. ولهذا صاحب الإنشاء فكرة سامية قوامها تصحيح المفاهيم وتصحيح الصورة عن العمل المصرفى الإسلامى لدى المجتمع الغربى بصفة عامة، والأمريكيين بصفة خاصة.
فقد كشفت أحداث الحادى من سبتمبر أن البنوك الإسلامية كانت تتحرك وتتفاعل مع مجتمعاتها وبيئتها الضيقة ولا تتفاعل مع المستوى العالمى لذلك كان من أهداف المجلس العمل على وضع قواعد موحدة وأسس للعمل المصرفى تلنزم بها المؤسسات والبنوك الإسلامية، وربما كان لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية دور فى دعم عمل المجلس بحيث يتكامل العمل فيما بينهم بغرض وضع أسس للمعاملات المصرفية الإسلامية. ولهذا كان الحرص على جعل الهيئة عضواً دائماً بمجلس إدارة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية([13]).
والسؤال الآن ما هى الأسس التى يقوم عليها توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية؟ يمكننا القول بأن أولى هذه اتتمثل فى وجود الرقابة أو الهيئة الشرعية وهى ميزة من بين المزايا المتعددة التى تحسب بشكل كبير للعمل المصرفى الإسلامى. فعمل البنوك الإسلامية لكي يكون متوافقا ومنسجما مع أحكام الشريعة الإسلامية كان لا بد أن يكون له جهاز يتولى آلية التوفيق التى هى من ضمن مهام الرقابة والهيئة الشرعية.
ولهذا نجد أن أغلب المؤسسات والبنوك الإسلامية فى أنظمتها الأساسية تنص على وجود مثل هذه الهيئة الشرعية، بل إن بعض الدول أصدرت تعليماتها بأنه على أى مؤسسة تريد أن تسجل فى دولتها كمؤسسة مالية إسلامية لا بد أن يكون لها هيئة شرعية كما هو الحال فى إيران، وبعض الدول قننت وجود الهيئات الشرعية بتحديد حتى عدد أفرادها واختيارهم وغير ذلك كما هو الوضع فى ماليزيا([14]).
ولكن تبقى هذه الهيئة الشرعية للمؤسسة المالية تعمل ضمن ميثاق دولتها، إذ كل مؤسسة مالية تعمل ضمن نطاق الدولة التى توجد فيها وينبغى ألا نفكر فى إخضاعها لإشراف هيكلى دولى، فالبنوك الإسلامية هى جزء من النظام المالى المحلي لكل دولة وبالتالي يجب أن تخضع كل مؤسسة مالية إلى إشراف ومتابعة جهات
الإشراف فى الدولة التى توجد بها، وإن كان هذا لا يحول دون وجود دور للهيئات والمجالس الدولية التى أخذت على عاتقها مهمة توحيد قواعد المعاملات المصرفية، حيث تعمل هذه الهيئات والمجالس على وضع الأطر العامة التى يقع على الدول والمؤسسات المالية الالتزام بها عند وضع قوانينها ونظمها الداخلية..
فالإشراف الإقليمى لا يعنى أن هذه المؤسسات ستنغلق على نفسها فهناك عمل دولى مكمل لا غنى عنه. نحن الآن نعيش فى عصر أصبحت الصناعة المالية الإسلامية لها اليوم ما يسمى مؤسسات البنية التحتية. هذه المؤسسات الأخيرة هى التى تعمل من أجل التنسيق فى ما بين هذه المؤسسات المالية الإسلامية والتي من بينها هيئة المحاسبة والمراجعة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية التى أنشئت منذ التسعينيات وتقوم بإصدار معايير خاصة بمحاسبية ومعايير شرعية وقد قامت بدور مؤثر فى هذا النطاق.
لابد وأن نوضح هنا أن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بينها صعيد مشترك وهو انبثاق أنشطتها من الشريعة الإسلامية عامة، ومن فقه المعاملات بوجه خاص. وهى لا تتأثر كثيراً باختلاف النظم فى البلاد التى تتخذ مقرها فيها أو البيئات التى تنشأ فيها وهذا يقتضى التطابق أو التقارب والتنسيق بينها وفضلاً عن ذلك فإنه لابد من التعاون بينها وتشكيل نقاط ارتكاز فيما بينها وهذا التنسيق والتعاون بين إدارات المصارف رهين بالتنسيق بين المعطيات الشرعية والانسجام بين الفتاوى الصادرة فى شان المعاملات المصرفية.
ورغم ذلك فقد وجهت كثير من الأوساط الرسمية والفردية النقد أحياناً للاختلاف بين المرئيات الشرعية فى الموضوع الواحد لدى المصارف الإسلامية، كما حصل للبنك المركزى فى بريطانيا والسبب فى هذا عدم التنسيق بين الهيئات الشرعية التى ترجع إليها المصارف، وبالرغم من أن معظم النقد غير وارد لأنه لا يأخذ فى الاعتبار اختلاف العرض للتصورات وما يترتب عليه من اختلاف التكييفات الشرعية والأحكام، فإن التنسيق بين البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية يزيل جانباً كبيراً من أسباب الاختلاف غير المبررة، ويصبح أمراً لا يمكن الاستغناء عنه.
وهذا لا يتأت إلا من خلال وضع أسس العمل المصرفى الإسلامى وقواعده وصيغة وإيجاد بدائل للتطبيقات المصرفية المخالفة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وطرح حلول للمشكلات العملية، وهو جانب لا تخفى أهميته، لكن النجاح فيه يتوقف على توحيد أو تنسيق منهجية المعالجة، حتى لا يحصل التناقض بين الموقف تجاه تلك التطبيقات، مما قد يحدث نوعاً من البلبلة أو التشكيك فى مصداقية عمل الهيئات، كما وقع فعلا فى بعض التصريحات لمؤسسات رقابية معروفة.
إن وضع آلية للتنسيق بين الهيئات الشرعية للمؤسسات والبنوك الإسلامية يمكن أن يتم بطرق عديدة يمكن إجمالها فيما يلى([15]):
أ- إيجاد هيئة شرعية عليا على مستوى دولى أو قطرى وإعطاؤها الدور التنسيقى والصفة الإلزامية لمقرراتها وهو ما حصل فى السودان على الصعيد الإقليمى.
ب- تبادل الآراء بين الهيئات الشرعية فى المنتجات والتطبيقات، لمقرراتها وهو ما يتم أحياناً فى عمليات التمويل المجمع.
ج- إيجاد معايير شرعية موحدة تصدر عن مجلس دولى معتمد تلتزم بها الهيئات الشرعية وهو ما تم تحقيقه بتكوين المجلس الشرعى لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وقيامه بإصدار المعايير الشرعية وهذه الطريقة الأخيرة
هى الجديرة بالتعويل وليس هذا من قبيل المبالغة فى تقدير أهمية المجلس والمعايير الشرعية الصادرة عنه بل هو ما أثبته الواقع([16]).
فتجربة إيجاد هيئة رقابة شرعية عليا على مستوى دولى تم تطبيقها عملياً فى إطار الاتحاد الدولى للبنوك الإسلامية سابقاً وبقيت بضع سنوات وعقدت عدة اجتماعات صدر عنها قرارات محدودة ولم تستمر هذه الهيئة لأسباب إجرائية وعوائق تتعلق بالتكفل بأعباء اجتماعاتها. بالإضافة إلى أن وجود هيئة رقابة شرعية عليا لدولة معينة لا تخفى محدودية الأثر الذى ينشأ عنها، وهو لا يتعدى نطاق تلك الدولة. كذلك تبادل الآراء فيما بين الهيئات الشرعية فى عمليات التمويل المجمع ليس له كبير جدوى، لأنه إما أن تعتمد الهيئة فى مصرف ما الرأى الذى انتهت إليه هيئة مصرف آخر، وإما أن تختلف معها وليس هناك ما يحسم هذا الخلاف للتكافؤ - نظريا - بين الهيئتين.
وعليه، لم يبق إلا وجود مرجعية معتمدة للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وإصدارها معايير شرعية فى الصيغ والقضايا المصرفية للتسديد والمقاربة بين وجهات النظر التى من المتوقع طرحها.
ولأن المجلس العام كان إنشائه تالى على إنشاء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الماليـة الإسلامية فكان لابد من التنسيق بينهما وهو الأمر الذى تفرضه الضرورات العملية. ولهذا لا يتسنى لنا الحديث عن أسس توحيد القواعد المصرفية دون أن نعرض لماهية المعايير الشرعية وطبيعتها تلك المعايير التى وضعها المجلس الشرعى المنبثق عن هيئة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات الماليـة الإسلامية بوصفه أحد أجهزة الهيئة. هذه المعايير فى حقيقتها هى أساس عمل العديد من الهيئات الإسلامية المعنية بتوحيد قواعد المعاملات المصرفية وفى مقدمتها المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.
فقد تم تكوين المجلس الشرعى ضمن الأجهزة التابعة لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بدلاً عن اللجنة الشرعية التى كان منوطاً بها القيام بالجوانب الشرعية المتعلقة بعمل الهيئة، وأهمها دراسة المعايير المحاسبية واعتمادها من الناحية الشرعية.
وقد عهد للمجلس بالإضافة للمهمة السابقة عدة مهام أخرى أهمها إصدار المعايير الشرعية، بالإضافة إلى إيجاد المزيد من صيغ الاستثمار والتمويل، والنظر فيما يحال إلى المجلس من المؤسسات المالية الإسلامية للفتوى بشأنه.
ونعود لسؤالنا الذى طرحناه حول المعايير الشرعية فنقول أن المعايير الشرعية هى صيغ معتمدة من المجلس الشرعى لبيان الأحكام الشرعية المختارة المتعلقة بمختلف الأنشطة المصرفية من تمويل واستثمار وخدمات، وما يتصل بذلك من قضايا كثرت فيها الاتجاهات الفقهية وذلك لترجيح أحدهما للعمل به فى المؤسسات.
ويشتمل المعيار الشرعى على التعريف بالموضوع المعّد بشأنه وحكمه التكليفي وأقسامه وأحكامه الأساسية. وتدور موضوعات المعايير الشرعية - فى ضوء ما صدر منها، وما هو قيد الإصدار – فى الآتي([17]):
أ- معايير بشأن صيغة الاستثمار والتمويل، وقد صدر بعضها سابقاً باسم المتطلبات الشرعية لصيغ الاستثمار والتمويل، مثل: المرابحة، والإجارة، والاستصناع.
ب- معايير بشأن بعض العقود المستجدة، مثل: عقود الصيانة، وعقود الامتياز.
ج- معايير بشأن بعد الخدمات المصرفية مثل: بطاقات الائتمان، والحسم الآجل.]
د- معايير بشأن قضايا تمثل مبادئ شرعيّة أساسية، مثل: المدين المماطل، وتحول البنك التقليدى إلى مصرف إسلامى.
هـ ـ معايير بشأن أدوات مساعدة لصيغ الاستثمار والتمويل، مثل: الضمانات، والمقاصة.
إذا كانت هذه هى المعايير الشرعية فإن على المؤسسات المالية والبنوك الإسلامية الالتزام بها وهنا يأتى دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الذى بدأ يعمل على خروج هذه القواعد إلى النور وقد كان من شأن إنشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية الذى تم تأسيسه فى نوفمبر 2002 ما يضعد هذا الدور([18]).
فقد كان لمجلس الخدمات المالية الإسلامية دوراً مهماً فى حسم مشكلة تؤرق كيان أى مؤسسة مالية إسلامية ألا وهى قضية الاعتراف القانونى بها، لأن البنوك الإسلامية تاريخياً تعمل ضمن قوانين جزئية أو ضمن تراخيص جزئية ولم تأخذ البعد الدولى، ولكى تستطيع البنوك الإسلامية أن تؤدى دورها بالكامل وأن تسعى فى مجتمعها وتتوحد القواعد الشرعية للعمل المصرفى بها لا بد أن نضمن لها وجوداً فى النظام المالى الداخلى متوازياً مع ما نعطيه من فرص للبنوك التقليدية.
وهذه خطوة كبيرة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية عندما عمل مع البنوك المركزية العربية لتبني معايير الإشراف والرقابة التى تكون صادرة عن جهات معتمدة دولياً وفى مقدمتها الهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الماليـة الإسلامية والمجلس
العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وكذلك القواعد الموافق عليها من قبل الدول العربية والإسلامية ذاتها. وحينما نعترف بهذا الأمر سنتمكن من أن نقول إن البنوك الإسلامية اجتازت الخطوة أو العقبة الكبيرة لأنه لا يمكن لأى شخص إذا كان يعيش فى بيئة غير معترف بها بشكل كامل أن يؤدي المهام والأهداف المرجوة منه. فعملية الاعتراف بهذه الجهات والتنسيق الدولي على مستوى معايير الإشراف والرقابة التى اعتبرت خطوة جادة لتحقق قفزة هائلة فى تاريخ العمل المصرفى الإسلامى.
تلك كانت محاولة لعرض أهم أسس ومبادئ التوحيد فى ظل القواعد الموصوعة من قبل الهيئات الدولية الإسلامية المعنية بهذا الشأن. ولا نكون مبالغين إن قلنا أن مثلث توحيد القواعد المصرفية الإسلامية يقوم اليوم على ثلاثة أضلاع هى هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الماليـة الإسلامية والمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية. فلا يمكن القول بإمكانية توحيد قواعد العمل المصرفى دون تكامل هذه المؤسسات الثلاث فى منظومة واحدة.
المبحث الثانى
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية
إن البحث عن دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية يستلزم منا بداءة البحث عن أسس هذا التوحيد والتى أخذ المجلس على عاتقه إدخالها حيز النفاذ. ولكن هذا ما كان له أن يتحقق دون تعاون جميع الأعضاء فى المجلس. بالإضافة إلى ما تبذله الأمانة العامة فى توثيق العلاقات بين الدول الأعضاء ونشر الثقافة الخاصة بهذا التوحيد بينهم.
ولكن يمكننا القول بأن ما مارسه المجلس من نشاطات كان هو السبيل الوحيد لوضع القواعد الموحدة موضع التنفيذ. وهو الأمر الذى كشف عنه العديد من المؤتمرات والندوات التى عقدها المجلس. ولكن المجلس لا يستطيع أن يقوم بدوره منفردًا بل لابد من تعاون بينه وبين الجهات الدولية المعنية.
ولهذا يفرض علينا بحث دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات المصرفية تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: أسس وقواعد توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية على صعيد الهيئات الدولية المعنية
المطلب الثانى: فاعليات توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية فى ظل المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
المطلب الأول
أسس وقواعد توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية على صعيد الهيئات الدولية المعنية
اقترن إنشاء المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بفترة عصيبة فى العالم، فقد كان إنشائه تالى على أحداث 11 سبتمبر التى كان لها أثر مهم فى الكثير من المتغيرات العالمية فى السنوات الأخيرة. ولهذا صاحب الإنشاء فكرة سامية قوامها تصحيح المفاهيم وتصحيح الصورة عن العمل المصرفى الإسلامى لدى المجتمع الغربى بصفة عامة، والأمريكيين بصفة خاصة.
فقد كشفت أحداث الحادى من سبتمبر أن البنوك الإسلامية كانت تتحرك وتتفاعل مع مجتمعاتها وبيئتها الضيقة ولا تتفاعل مع المستوى العالمى لذلك كان من أهداف المجلس العمل على وضع قواعد موحدة وأسس للعمل المصرفى تلنزم بها المؤسسات والبنوك الإسلامية، وربما كان لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية دور فى دعم عمل المجلس بحيث يتكامل العمل فيما بينهم بغرض وضع أسس للمعاملات المصرفية الإسلامية. ولهذا كان الحرص على جعل الهيئة عضواً دائماً بمجلس إدارة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية([13]).
والسؤال الآن ما هى الأسس التى يقوم عليها توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية؟ يمكننا القول بأن أولى هذه اتتمثل فى وجود الرقابة أو الهيئة الشرعية وهى ميزة من بين المزايا المتعددة التى تحسب بشكل كبير للعمل المصرفى الإسلامى. فعمل البنوك الإسلامية لكي يكون متوافقا ومنسجما مع أحكام الشريعة الإسلامية كان لا بد أن يكون له جهاز يتولى آلية التوفيق التى هى من ضمن مهام الرقابة والهيئة الشرعية.
ولهذا نجد أن أغلب المؤسسات والبنوك الإسلامية فى أنظمتها الأساسية تنص على وجود مثل هذه الهيئة الشرعية، بل إن بعض الدول أصدرت تعليماتها بأنه على أى مؤسسة تريد أن تسجل فى دولتها كمؤسسة مالية إسلامية لا بد أن يكون لها هيئة شرعية كما هو الحال فى إيران، وبعض الدول قننت وجود الهيئات الشرعية بتحديد حتى عدد أفرادها واختيارهم وغير ذلك كما هو الوضع فى ماليزيا([14]).
ولكن تبقى هذه الهيئة الشرعية للمؤسسة المالية تعمل ضمن ميثاق دولتها، إذ كل مؤسسة مالية تعمل ضمن نطاق الدولة التى توجد فيها وينبغى ألا نفكر فى إخضاعها لإشراف هيكلى دولى، فالبنوك الإسلامية هى جزء من النظام المالى المحلي لكل دولة وبالتالي يجب أن تخضع كل مؤسسة مالية إلى إشراف ومتابعة جهات
الإشراف فى الدولة التى توجد بها، وإن كان هذا لا يحول دون وجود دور للهيئات والمجالس الدولية التى أخذت على عاتقها مهمة توحيد قواعد المعاملات المصرفية، حيث تعمل هذه الهيئات والمجالس على وضع الأطر العامة التى يقع على الدول والمؤسسات المالية الالتزام بها عند وضع قوانينها ونظمها الداخلية..
فالإشراف الإقليمى لا يعنى أن هذه المؤسسات ستنغلق على نفسها فهناك عمل دولى مكمل لا غنى عنه. نحن الآن نعيش فى عصر أصبحت الصناعة المالية الإسلامية لها اليوم ما يسمى مؤسسات البنية التحتية. هذه المؤسسات الأخيرة هى التى تعمل من أجل التنسيق فى ما بين هذه المؤسسات المالية الإسلامية والتي من بينها هيئة المحاسبة والمراجعة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية التى أنشئت منذ التسعينيات وتقوم بإصدار معايير خاصة بمحاسبية ومعايير شرعية وقد قامت بدور مؤثر فى هذا النطاق.
لابد وأن نوضح هنا أن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بينها صعيد مشترك وهو انبثاق أنشطتها من الشريعة الإسلامية عامة، ومن فقه المعاملات بوجه خاص. وهى لا تتأثر كثيراً باختلاف النظم فى البلاد التى تتخذ مقرها فيها أو البيئات التى تنشأ فيها وهذا يقتضى التطابق أو التقارب والتنسيق بينها وفضلاً عن ذلك فإنه لابد من التعاون بينها وتشكيل نقاط ارتكاز فيما بينها وهذا التنسيق والتعاون بين إدارات المصارف رهين بالتنسيق بين المعطيات الشرعية والانسجام بين الفتاوى الصادرة فى شان المعاملات المصرفية.
ورغم ذلك فقد وجهت كثير من الأوساط الرسمية والفردية النقد أحياناً للاختلاف بين المرئيات الشرعية فى الموضوع الواحد لدى المصارف الإسلامية، كما حصل للبنك المركزى فى بريطانيا والسبب فى هذا عدم التنسيق بين الهيئات الشرعية التى ترجع إليها المصارف، وبالرغم من أن معظم النقد غير وارد لأنه لا يأخذ فى الاعتبار اختلاف العرض للتصورات وما يترتب عليه من اختلاف التكييفات الشرعية والأحكام، فإن التنسيق بين البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية يزيل جانباً كبيراً من أسباب الاختلاف غير المبررة، ويصبح أمراً لا يمكن الاستغناء عنه.
وهذا لا يتأت إلا من خلال وضع أسس العمل المصرفى الإسلامى وقواعده وصيغة وإيجاد بدائل للتطبيقات المصرفية المخالفة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وطرح حلول للمشكلات العملية، وهو جانب لا تخفى أهميته، لكن النجاح فيه يتوقف على توحيد أو تنسيق منهجية المعالجة، حتى لا يحصل التناقض بين الموقف تجاه تلك التطبيقات، مما قد يحدث نوعاً من البلبلة أو التشكيك فى مصداقية عمل الهيئات، كما وقع فعلا فى بعض التصريحات لمؤسسات رقابية معروفة.
إن وضع آلية للتنسيق بين الهيئات الشرعية للمؤسسات والبنوك الإسلامية يمكن أن يتم بطرق عديدة يمكن إجمالها فيما يلى([15]):
أ- إيجاد هيئة شرعية عليا على مستوى دولى أو قطرى وإعطاؤها الدور التنسيقى والصفة الإلزامية لمقرراتها وهو ما حصل فى السودان على الصعيد الإقليمى.
ب- تبادل الآراء بين الهيئات الشرعية فى المنتجات والتطبيقات، لمقرراتها وهو ما يتم أحياناً فى عمليات التمويل المجمع.
ج- إيجاد معايير شرعية موحدة تصدر عن مجلس دولى معتمد تلتزم بها الهيئات الشرعية وهو ما تم تحقيقه بتكوين المجلس الشرعى لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وقيامه بإصدار المعايير الشرعية وهذه الطريقة الأخيرة
هى الجديرة بالتعويل وليس هذا من قبيل المبالغة فى تقدير أهمية المجلس والمعايير الشرعية الصادرة عنه بل هو ما أثبته الواقع([16]).
فتجربة إيجاد هيئة رقابة شرعية عليا على مستوى دولى تم تطبيقها عملياً فى إطار الاتحاد الدولى للبنوك الإسلامية سابقاً وبقيت بضع سنوات وعقدت عدة اجتماعات صدر عنها قرارات محدودة ولم تستمر هذه الهيئة لأسباب إجرائية وعوائق تتعلق بالتكفل بأعباء اجتماعاتها. بالإضافة إلى أن وجود هيئة رقابة شرعية عليا لدولة معينة لا تخفى محدودية الأثر الذى ينشأ عنها، وهو لا يتعدى نطاق تلك الدولة. كذلك تبادل الآراء فيما بين الهيئات الشرعية فى عمليات التمويل المجمع ليس له كبير جدوى، لأنه إما أن تعتمد الهيئة فى مصرف ما الرأى الذى انتهت إليه هيئة مصرف آخر، وإما أن تختلف معها وليس هناك ما يحسم هذا الخلاف للتكافؤ - نظريا - بين الهيئتين.
وعليه، لم يبق إلا وجود مرجعية معتمدة للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وإصدارها معايير شرعية فى الصيغ والقضايا المصرفية للتسديد والمقاربة بين وجهات النظر التى من المتوقع طرحها.
ولأن المجلس العام كان إنشائه تالى على إنشاء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الماليـة الإسلامية فكان لابد من التنسيق بينهما وهو الأمر الذى تفرضه الضرورات العملية. ولهذا لا يتسنى لنا الحديث عن أسس توحيد القواعد المصرفية دون أن نعرض لماهية المعايير الشرعية وطبيعتها تلك المعايير التى وضعها المجلس الشرعى المنبثق عن هيئة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات الماليـة الإسلامية بوصفه أحد أجهزة الهيئة. هذه المعايير فى حقيقتها هى أساس عمل العديد من الهيئات الإسلامية المعنية بتوحيد قواعد المعاملات المصرفية وفى مقدمتها المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.
فقد تم تكوين المجلس الشرعى ضمن الأجهزة التابعة لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بدلاً عن اللجنة الشرعية التى كان منوطاً بها القيام بالجوانب الشرعية المتعلقة بعمل الهيئة، وأهمها دراسة المعايير المحاسبية واعتمادها من الناحية الشرعية.
وقد عهد للمجلس بالإضافة للمهمة السابقة عدة مهام أخرى أهمها إصدار المعايير الشرعية، بالإضافة إلى إيجاد المزيد من صيغ الاستثمار والتمويل، والنظر فيما يحال إلى المجلس من المؤسسات المالية الإسلامية للفتوى بشأنه.
ونعود لسؤالنا الذى طرحناه حول المعايير الشرعية فنقول أن المعايير الشرعية هى صيغ معتمدة من المجلس الشرعى لبيان الأحكام الشرعية المختارة المتعلقة بمختلف الأنشطة المصرفية من تمويل واستثمار وخدمات، وما يتصل بذلك من قضايا كثرت فيها الاتجاهات الفقهية وذلك لترجيح أحدهما للعمل به فى المؤسسات.
ويشتمل المعيار الشرعى على التعريف بالموضوع المعّد بشأنه وحكمه التكليفي وأقسامه وأحكامه الأساسية. وتدور موضوعات المعايير الشرعية - فى ضوء ما صدر منها، وما هو قيد الإصدار – فى الآتي([17]):
أ- معايير بشأن صيغة الاستثمار والتمويل، وقد صدر بعضها سابقاً باسم المتطلبات الشرعية لصيغ الاستثمار والتمويل، مثل: المرابحة، والإجارة، والاستصناع.
ب- معايير بشأن بعض العقود المستجدة، مثل: عقود الصيانة، وعقود الامتياز.
ج- معايير بشأن بعد الخدمات المصرفية مثل: بطاقات الائتمان، والحسم الآجل.]
د- معايير بشأن قضايا تمثل مبادئ شرعيّة أساسية، مثل: المدين المماطل، وتحول البنك التقليدى إلى مصرف إسلامى.
هـ ـ معايير بشأن أدوات مساعدة لصيغ الاستثمار والتمويل، مثل: الضمانات، والمقاصة.
إذا كانت هذه هى المعايير الشرعية فإن على المؤسسات المالية والبنوك الإسلامية الالتزام بها وهنا يأتى دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الذى بدأ يعمل على خروج هذه القواعد إلى النور وقد كان من شأن إنشاء مجلس الخدمات المالية الإسلامية الذى تم تأسيسه فى نوفمبر 2002 ما يضعد هذا الدور([18]).
فقد كان لمجلس الخدمات المالية الإسلامية دوراً مهماً فى حسم مشكلة تؤرق كيان أى مؤسسة مالية إسلامية ألا وهى قضية الاعتراف القانونى بها، لأن البنوك الإسلامية تاريخياً تعمل ضمن قوانين جزئية أو ضمن تراخيص جزئية ولم تأخذ البعد الدولى، ولكى تستطيع البنوك الإسلامية أن تؤدى دورها بالكامل وأن تسعى فى مجتمعها وتتوحد القواعد الشرعية للعمل المصرفى بها لا بد أن نضمن لها وجوداً فى النظام المالى الداخلى متوازياً مع ما نعطيه من فرص للبنوك التقليدية.
وهذه خطوة كبيرة لمجلس الخدمات المالية الإسلامية عندما عمل مع البنوك المركزية العربية لتبني معايير الإشراف والرقابة التى تكون صادرة عن جهات معتمدة دولياً وفى مقدمتها الهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الماليـة الإسلامية والمجلس
العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وكذلك القواعد الموافق عليها من قبل الدول العربية والإسلامية ذاتها. وحينما نعترف بهذا الأمر سنتمكن من أن نقول إن البنوك الإسلامية اجتازت الخطوة أو العقبة الكبيرة لأنه لا يمكن لأى شخص إذا كان يعيش فى بيئة غير معترف بها بشكل كامل أن يؤدي المهام والأهداف المرجوة منه. فعملية الاعتراف بهذه الجهات والتنسيق الدولي على مستوى معايير الإشراف والرقابة التى اعتبرت خطوة جادة لتحقق قفزة هائلة فى تاريخ العمل المصرفى الإسلامى.
تلك كانت محاولة لعرض أهم أسس ومبادئ التوحيد فى ظل القواعد الموصوعة من قبل الهيئات الدولية الإسلامية المعنية بهذا الشأن. ولا نكون مبالغين إن قلنا أن مثلث توحيد القواعد المصرفية الإسلامية يقوم اليوم على ثلاثة أضلاع هى هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الماليـة الإسلامية والمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية. فلا يمكن القول بإمكانية توحيد قواعد العمل المصرفى دون تكامل هذه المؤسسات الثلاث فى منظومة واحدة.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى وضع قواعد موحدة للمعاملات
المطلب الثانى
فاعليات توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية فى ظل المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
لا يمكن لأسس وقواعد أن تنفذ لأرض الواقع دون أن يصاحبها فاعليات ونشاطات تكفل لها الخروج إلى النور. وبالفعل أخذ المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على عاتقه القيام بهذا الدور([19]).
وتمثلت فاعليات هذا الدور فى عدة أمور تعد هى المدخل الحقيقى لعملية التوحيد فلكى يبدأ التوحيد لابد من دراسة الواقع ولهذا عكفت الأمانة العامة للمجلس على القيام بدراسة مقارنة لقوانين العمل المصرفى الموجودة حالياً فى بعض التجارب، ثم عكفت بعد ذلك على القيام بإعداد مشروع نموذجى لتنظيم العمل المصرفى الإسلامى فى محاولة منها لتقديمه للمؤسسات المالية الإسلامية لكى يتسنى لها الأخذ بما جاء فيه من أجل توحيد القواعد المصرفية فيما بينها([20]).
كما سعى المجلس إلى إصدار دليل عن المؤسسات المالية الإسلامية، حيث إن العدد الإجمالى لهذه المؤسسات بلغ 250 مؤسسة مالية، ويقوم هذا الدليل ببيان النظام المالى والإدارى للمؤسسة وربما كان هذا مفيداً للتنسيق بين هذه المؤسسات فى مجال العمل المصرفى([21]).
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فالمجلس يسعى إلى تصميم أول دليل تسويقى تعريفى بالمنتجات المالية الإسلامية، حيث يهدف الدليل إلى تصنيف تلك المنتجات بحسب طبيعتها ونوعية الحاجات التى تلبيها والجهات التى تطرحها بغرض تفعيل دور المؤسسات المالية الإسلامية بصورة أكبر([22]).
وربما كان للمؤتمرات التى يعقدها المجلس دور فى نشر ثقافة توحيد القواعد المصرفية الإسلامية وهو الأمر الذى بدى جلياً فى المؤتمرين الذين عقدا فى 2002 و2003 ([23]) حيث استهدفا إيجاد منتدى مثالى للتواصل مع الرأى العام الغربى والأمريكى لتعريفهم بأسس ومزايا العمل المصرفى الإسلامى وتوضيح المسائل الأساسية والهامة المتعلقة بالممارسات المصرفية الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مثل هذه المؤتمرات ستؤدى إلى تعزيز التوعية بالممارسات الفريدة للقطاع المصرفى والتمويل الإسلامى فى العالم كما ستعمل على حث الكثير من المؤسسات المالية الإسلامية إلى الانضمام للمجلس والسعى نحو توحيد قواعد العمل المصرفى فيما بينها وفقاً للمعايير الشرعية المتفق علي
كذلك سعى المجلس نحو تنسيق العمل بينه وبين غيره من المؤسسات والهيئات المعنية بتوحيد القواعد المصرفية الإسلامية وهو الأمر الذى يظهر جلياً منذ نشأته ففى إبريل 2002 نظمت الأمانة العامة للمجلس بالتنسيق مع هيئة المحاسبة والمراجعة ندوة المدققين الشرعيين فى البحرين لبحث آليات التدقيق فى المؤسسات المالية الاسلامية, والتنسيق في صياغة دليل الرقابة والتنسيق فى صياغة دليل الرقابة الشرعية من أجل تلبية الحاجة الملحة لهذا النوع من المنتجات ([24]).
كما نظمت الأمانة العامة فى يوليو 2002 الملتقى الأول للرؤساء التنفيذيين بالمؤسسات المالية الإسلامية فى تونس حضره ممثلين من كل من البحرين، والسعودية، والكويت وقطر، والأردن، ومصر، والجزائر، وتونس، وماليزيا... ويهدف هذا النوع من الملتقيات لإيجاد منبر يجتمع فيها قادة العمل المصرفى لبحث القضايا المستجدة وقد خصص الملتقى الأول لموضوع "تحسين الصورة" الذى أصبح من الموضوعات ذات الأولوية القصوى خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر، وقد تم استضافة خبيرين فى هذا المجال من دولة قطر وتركيا([25]).
إن الحديث عن فاعليات المجلس ليس بالحديث الطويل فعمره لا يجاوز العامين وبضعة أشهر ورغم ذلك يظهر دوره واضحاً ولهذا نجد الأمانة العامة تسعى نحو تنفيذ العديد من المشروعات يأتى فى مقدمتها([26]):
1ـ التركيز على المجالين الإعلامى والمعلوماتى، وذلك من خلال متابعة وتطوير المشروعات السابقة مثل موقع الإنترنت، والنشرة الإلكترونية، وتحديث المعلومات والبيانات المالية عن المؤسسات المالية الإسلامية.
2ـ كما يعتزم المجلس العام إعداد النسخة الإنجليزية من موقع الإنترنت والنشرة الإلكترونية لطرحها وتمكين الناطقين بهذه اللغة من الإطلاع على مسيرة العمل المصرفى الإسلامى وإنجازاته وأخباره وكل ما يتعلق بمستجداته.
3ـ يعتزم المجلس أيضا متابعة عرض الفيلم الوثائقى الذى تم إنتاجه فى عدد من القنوات الفضائية، وكذلك إعداد نسخة مختصرة من الفيلم وتوزيعها على صناع القرار وكبار المسئولين المستهدفين.
4ـ يسعى المجلس العام إلى إطلاق " برنامج للتفكير الاستراتيجي يعنى بقضايا الصناعة المالية الإسلامية " ( Think Tank Program )، وهو عبارة عن ملتقى دوري بين قادة العمل المصرفية الإسلامى يتم تدعيمه بخبرات مفكرين وأكاديميين ورجالات دولة من رؤساء أو وزراء سابقين أو حاليين ممن يكونوا مشهود لهم بالقدرة على بناء الاستراتيجيات وتفعيلها. ويهدف هذا البرنامج إلى عرض ومناقشة القضايا الأساسية التى تخص مسيرة الصناعة المالية الإسلامية.
5ـ يعتزم المجلس العام خلال المرحلة المقبلة التخطيط لمجموعة من مشروعات التواصل الجماهيري من خلال برامج تلفزيونية إعلامية متكاملة تحقق قدراً أكبر من التفاعل بين المؤسسات المالية الإسلامية وجمهور المسلمين. ويأتي هذا التوجه فى ضوء اليقظة الجديدة فى نفوس المسلمين الناتجة عن المناخ الدولى المعادى للإسلام والمسلمين مما جعل قضية الهوية الإسلامية مطروحة بجدية لدى أبناء الأمة. ولذلك فإن هذا الظرف هو الأنسب للتوجه برسالة البنوك الإسلامية والتبشير بأهميتها، وبيان تميزها، وتصحيح الأفكار حول أسلوب عملها، خاصة وأننا نعلم جميعا أن الكثيرين لا يرون فرقاً واضحاً بين المعاملات المصرفية الإسلامية والمعاملات التقليدية، بل إن عدد من العاملين فى الصناعة نفسهم غير ملمين بهذه الفوارق وبالتالى عاجزين عن التأثير الفعال فى جمهور عملائهم. وسيقوم المجلس بوضع التصورات النهائية والأولويات لهذه البرامج وعرضها على المؤسسات الأعضاء للحصول على الرعايات وحشد الموارد.
إن المطالع لكل هذه البرامج والخطط الذى أخذت الأمانة العامة على عاتقها تنفيذها يلاحظ أن توفير المعلومات المتعلقة بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والهيئات الإسلامية ذات الصلة من أهم الأعمال الموكلة للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إن لم يكن أهمها. وهو أحد الأهداف التى سعى المجلس منذ تأسيسه إلى تحقيقها رغم الظروف الخاصة والضغوطات التى رافقت نشأته والناتجة عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر مما أدى إلى تركيز الكثير من الوقت والجهد على العمل لدرء تلك الهجمة الإعلامية الشرسة التى تعرضت لها المؤسسات المالية الإسلامية فى الغرب. ولكن الأمانة العامة واصلت عملها الدءوب وجهودها الحثيثة لتحقيق هذا الهدف وملء الفراغ الناتج عن عدم توافر أى معلومات موثوقة عن الصناعة المصرفية الإسلامية للسنوات الأربع الأخيرة منذ عام 1998([27])
ولقد استهدفت الأمانة العامة فى خطواتها الأولى الاتصال بعدة جهات مهتمة بمجال المعلومات عن الصناعة المالية الإسلامية لإيجاد آلية تعاون وتنسيق معها والبدء من حيث انتهى إليه الآخرون. ولكن بعد الاتصالات والمناقشات اتضح أن مجالات التعاون محدودة ومكلفة حيث إن تلك الجهات قد بدأت فى مشاريعها المعلوماتية منذ سنوات وترتفع تكلفة مشاريعها إلى مئات الآلاف من الدولارات لا يمكن للمجلس العام أن يشارك فيها([28]).
وعلى هذا الأساس اتجهت الأمانة العامة لتنفيذ هذا العمل بمواردها المحدودة، واعتمدت فى ذلك على خطة تدريجية فى تنفيذها لبرنامج المعلومات ولاسيما بعد مواجهتها لعوائق كثيرة فى بداية عملها تمثلت فى عدم استجابة المؤسسات المالية لتقديم بياناتها المالية نتيجة أولاً كثرة التفاصيل المطلوبة وطول الاستبيان الذى تم إرساله بادئ الأمر، وثانياً لظروف المرحلة التى تميزت بتخوف بعض تلك المؤسسات من تقديم بياناتها بعد الحملة الشرسة على العمل المصرفى الإسلامى عموماً. ولكن تمكنت الأمانة العامة بعد ذلك من الحصول على ردود إيجابية واسعة بعد استقرار الوضع نسبياً واستبدال الاستبيان المطول باستبيان آخر مختصر. كما استطاعت أن تبنى أيضاً خلال عام 2003 علاقة متينة مع عدد كبير من هذه المؤسسات المالية التى عينت لها عنصر اتصال للتنسيق فى مجال المعلومات.
وانطلاقاً من ذلك حققت الأمانة العامة إنجازاً ملموساً فى مرحلة الجمع والتصنيف والإدخال للبنوك وشركات الاستثمار التى بلغ عددها حسب إحصاءات المجلس حوالي 264 مؤسسة بعد أن كان عددها فى عام 1997 حوالى 176 ( ويتضمن هذا العدد جميع البنوك الباكستانية بينما لم يتم اعتبارها ضمن إحصاءات المجلس العام التى تعتمد على ما يردها من البنوك المركزية واعتمدت فى مكانها شركات المضاربة الإسلامية) ([29]).
وتجدر الإشارة إلى أن الأمانة العامة انتهت من إدخال البيانات الإدارية والمالية للبنوك وشركات الاستثمار الإسلامية بما يغطى السنوات الأربعة الأخيرة من 1998 إلى عام 2001، كما أنها قطعت شوطا كبيرا فى تجميع البيانات المالية لعام 2002 وذلك بالاستفادة من شبكة العلاقات التى تم تكوينها فى هذا الخصوص.
وقد تم من ناحية ثانية نشر البيانات الإدارية والمالية فى موقع المجلس العام بالإنترنت الذيى تم تدشينه رسميا بالتزامن مع مؤتمر دبى 2003، وستعمل الأمانة العامة على طباعة دليل سنوي إدارى ومالى للمؤسسات المالية الإسلامية بدءاً من البيانات المالية الخاصة بعام 2002. كما سينتقل العمل بعد ذلك إلى جمع المعلومات المتعلقة بالقطاعات الأخرى فى الصناعة والمتمثلة فى شركات التأمين الإسلامية وصناديق الاستثمار الإسلامية.
ويمكننا القول بأن جهود الأمانة العامة أثمرت بالرغم من قصر عمرها وقلة مواردها نسبياً سواء أكانت موارد بشرية أو مالية حيث إن تمويل هذا العمل المعلوماتى اقتصر فقط على الموارد التشغيلية المتواضعة للمجلس والناتجة عن اشتراكات الأعضاء، وهى أموال لم تكن مخصصة للمعلومات وحدها.
كل هذه النشاطات وغيرها، والتى توالت منذ نشأة المجلس مع بدايات هذا القرن إنما هى دليل حقيقى على صحوة إسلامية فى مجال العمل المصرفى الإسلامى وجدت صداها لدى المهتمين وفى تقديرنا فإننا نؤكد بأن ما توصل إليه المجلس العام حتى الآن يعتبر هو الخطوة الصحيحة فى الاتجاه السليم.خاصة أنه ما زال يخطو خطواته الولى على الصعيد الدولى. وإن كان يحدونا الأمل فى أن تتكاتف الدول الإسلامية ببنوكها ومؤسساتها المالية، وكذلك الهيئات الإسلامية من أجل تقديم العون والمشورة للمجلس بغية تحقيق المجلس لأهدافه التى يصبو إليها
كتبه أ.د / رشا على الدين
المطلب الثانى
فاعليات توحيد المعاملات المصرفية الإسلامية فى ظل المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
لا يمكن لأسس وقواعد أن تنفذ لأرض الواقع دون أن يصاحبها فاعليات ونشاطات تكفل لها الخروج إلى النور. وبالفعل أخذ المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على عاتقه القيام بهذا الدور([19]).
وتمثلت فاعليات هذا الدور فى عدة أمور تعد هى المدخل الحقيقى لعملية التوحيد فلكى يبدأ التوحيد لابد من دراسة الواقع ولهذا عكفت الأمانة العامة للمجلس على القيام بدراسة مقارنة لقوانين العمل المصرفى الموجودة حالياً فى بعض التجارب، ثم عكفت بعد ذلك على القيام بإعداد مشروع نموذجى لتنظيم العمل المصرفى الإسلامى فى محاولة منها لتقديمه للمؤسسات المالية الإسلامية لكى يتسنى لها الأخذ بما جاء فيه من أجل توحيد القواعد المصرفية فيما بينها([20]).
كما سعى المجلس إلى إصدار دليل عن المؤسسات المالية الإسلامية، حيث إن العدد الإجمالى لهذه المؤسسات بلغ 250 مؤسسة مالية، ويقوم هذا الدليل ببيان النظام المالى والإدارى للمؤسسة وربما كان هذا مفيداً للتنسيق بين هذه المؤسسات فى مجال العمل المصرفى([21]).
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فالمجلس يسعى إلى تصميم أول دليل تسويقى تعريفى بالمنتجات المالية الإسلامية، حيث يهدف الدليل إلى تصنيف تلك المنتجات بحسب طبيعتها ونوعية الحاجات التى تلبيها والجهات التى تطرحها بغرض تفعيل دور المؤسسات المالية الإسلامية بصورة أكبر([22]).
وربما كان للمؤتمرات التى يعقدها المجلس دور فى نشر ثقافة توحيد القواعد المصرفية الإسلامية وهو الأمر الذى بدى جلياً فى المؤتمرين الذين عقدا فى 2002 و2003 ([23]) حيث استهدفا إيجاد منتدى مثالى للتواصل مع الرأى العام الغربى والأمريكى لتعريفهم بأسس ومزايا العمل المصرفى الإسلامى وتوضيح المسائل الأساسية والهامة المتعلقة بالممارسات المصرفية الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مثل هذه المؤتمرات ستؤدى إلى تعزيز التوعية بالممارسات الفريدة للقطاع المصرفى والتمويل الإسلامى فى العالم كما ستعمل على حث الكثير من المؤسسات المالية الإسلامية إلى الانضمام للمجلس والسعى نحو توحيد قواعد العمل المصرفى فيما بينها وفقاً للمعايير الشرعية المتفق علي
كذلك سعى المجلس نحو تنسيق العمل بينه وبين غيره من المؤسسات والهيئات المعنية بتوحيد القواعد المصرفية الإسلامية وهو الأمر الذى يظهر جلياً منذ نشأته ففى إبريل 2002 نظمت الأمانة العامة للمجلس بالتنسيق مع هيئة المحاسبة والمراجعة ندوة المدققين الشرعيين فى البحرين لبحث آليات التدقيق فى المؤسسات المالية الاسلامية, والتنسيق في صياغة دليل الرقابة والتنسيق فى صياغة دليل الرقابة الشرعية من أجل تلبية الحاجة الملحة لهذا النوع من المنتجات ([24]).
كما نظمت الأمانة العامة فى يوليو 2002 الملتقى الأول للرؤساء التنفيذيين بالمؤسسات المالية الإسلامية فى تونس حضره ممثلين من كل من البحرين، والسعودية، والكويت وقطر، والأردن، ومصر، والجزائر، وتونس، وماليزيا... ويهدف هذا النوع من الملتقيات لإيجاد منبر يجتمع فيها قادة العمل المصرفى لبحث القضايا المستجدة وقد خصص الملتقى الأول لموضوع "تحسين الصورة" الذى أصبح من الموضوعات ذات الأولوية القصوى خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر، وقد تم استضافة خبيرين فى هذا المجال من دولة قطر وتركيا([25]).
إن الحديث عن فاعليات المجلس ليس بالحديث الطويل فعمره لا يجاوز العامين وبضعة أشهر ورغم ذلك يظهر دوره واضحاً ولهذا نجد الأمانة العامة تسعى نحو تنفيذ العديد من المشروعات يأتى فى مقدمتها([26]):
1ـ التركيز على المجالين الإعلامى والمعلوماتى، وذلك من خلال متابعة وتطوير المشروعات السابقة مثل موقع الإنترنت، والنشرة الإلكترونية، وتحديث المعلومات والبيانات المالية عن المؤسسات المالية الإسلامية.
2ـ كما يعتزم المجلس العام إعداد النسخة الإنجليزية من موقع الإنترنت والنشرة الإلكترونية لطرحها وتمكين الناطقين بهذه اللغة من الإطلاع على مسيرة العمل المصرفى الإسلامى وإنجازاته وأخباره وكل ما يتعلق بمستجداته.
3ـ يعتزم المجلس أيضا متابعة عرض الفيلم الوثائقى الذى تم إنتاجه فى عدد من القنوات الفضائية، وكذلك إعداد نسخة مختصرة من الفيلم وتوزيعها على صناع القرار وكبار المسئولين المستهدفين.
4ـ يسعى المجلس العام إلى إطلاق " برنامج للتفكير الاستراتيجي يعنى بقضايا الصناعة المالية الإسلامية " ( Think Tank Program )، وهو عبارة عن ملتقى دوري بين قادة العمل المصرفية الإسلامى يتم تدعيمه بخبرات مفكرين وأكاديميين ورجالات دولة من رؤساء أو وزراء سابقين أو حاليين ممن يكونوا مشهود لهم بالقدرة على بناء الاستراتيجيات وتفعيلها. ويهدف هذا البرنامج إلى عرض ومناقشة القضايا الأساسية التى تخص مسيرة الصناعة المالية الإسلامية.
5ـ يعتزم المجلس العام خلال المرحلة المقبلة التخطيط لمجموعة من مشروعات التواصل الجماهيري من خلال برامج تلفزيونية إعلامية متكاملة تحقق قدراً أكبر من التفاعل بين المؤسسات المالية الإسلامية وجمهور المسلمين. ويأتي هذا التوجه فى ضوء اليقظة الجديدة فى نفوس المسلمين الناتجة عن المناخ الدولى المعادى للإسلام والمسلمين مما جعل قضية الهوية الإسلامية مطروحة بجدية لدى أبناء الأمة. ولذلك فإن هذا الظرف هو الأنسب للتوجه برسالة البنوك الإسلامية والتبشير بأهميتها، وبيان تميزها، وتصحيح الأفكار حول أسلوب عملها، خاصة وأننا نعلم جميعا أن الكثيرين لا يرون فرقاً واضحاً بين المعاملات المصرفية الإسلامية والمعاملات التقليدية، بل إن عدد من العاملين فى الصناعة نفسهم غير ملمين بهذه الفوارق وبالتالى عاجزين عن التأثير الفعال فى جمهور عملائهم. وسيقوم المجلس بوضع التصورات النهائية والأولويات لهذه البرامج وعرضها على المؤسسات الأعضاء للحصول على الرعايات وحشد الموارد.
إن المطالع لكل هذه البرامج والخطط الذى أخذت الأمانة العامة على عاتقها تنفيذها يلاحظ أن توفير المعلومات المتعلقة بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والهيئات الإسلامية ذات الصلة من أهم الأعمال الموكلة للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إن لم يكن أهمها. وهو أحد الأهداف التى سعى المجلس منذ تأسيسه إلى تحقيقها رغم الظروف الخاصة والضغوطات التى رافقت نشأته والناتجة عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر مما أدى إلى تركيز الكثير من الوقت والجهد على العمل لدرء تلك الهجمة الإعلامية الشرسة التى تعرضت لها المؤسسات المالية الإسلامية فى الغرب. ولكن الأمانة العامة واصلت عملها الدءوب وجهودها الحثيثة لتحقيق هذا الهدف وملء الفراغ الناتج عن عدم توافر أى معلومات موثوقة عن الصناعة المصرفية الإسلامية للسنوات الأربع الأخيرة منذ عام 1998([27])
ولقد استهدفت الأمانة العامة فى خطواتها الأولى الاتصال بعدة جهات مهتمة بمجال المعلومات عن الصناعة المالية الإسلامية لإيجاد آلية تعاون وتنسيق معها والبدء من حيث انتهى إليه الآخرون. ولكن بعد الاتصالات والمناقشات اتضح أن مجالات التعاون محدودة ومكلفة حيث إن تلك الجهات قد بدأت فى مشاريعها المعلوماتية منذ سنوات وترتفع تكلفة مشاريعها إلى مئات الآلاف من الدولارات لا يمكن للمجلس العام أن يشارك فيها([28]).
وعلى هذا الأساس اتجهت الأمانة العامة لتنفيذ هذا العمل بمواردها المحدودة، واعتمدت فى ذلك على خطة تدريجية فى تنفيذها لبرنامج المعلومات ولاسيما بعد مواجهتها لعوائق كثيرة فى بداية عملها تمثلت فى عدم استجابة المؤسسات المالية لتقديم بياناتها المالية نتيجة أولاً كثرة التفاصيل المطلوبة وطول الاستبيان الذى تم إرساله بادئ الأمر، وثانياً لظروف المرحلة التى تميزت بتخوف بعض تلك المؤسسات من تقديم بياناتها بعد الحملة الشرسة على العمل المصرفى الإسلامى عموماً. ولكن تمكنت الأمانة العامة بعد ذلك من الحصول على ردود إيجابية واسعة بعد استقرار الوضع نسبياً واستبدال الاستبيان المطول باستبيان آخر مختصر. كما استطاعت أن تبنى أيضاً خلال عام 2003 علاقة متينة مع عدد كبير من هذه المؤسسات المالية التى عينت لها عنصر اتصال للتنسيق فى مجال المعلومات.
وانطلاقاً من ذلك حققت الأمانة العامة إنجازاً ملموساً فى مرحلة الجمع والتصنيف والإدخال للبنوك وشركات الاستثمار التى بلغ عددها حسب إحصاءات المجلس حوالي 264 مؤسسة بعد أن كان عددها فى عام 1997 حوالى 176 ( ويتضمن هذا العدد جميع البنوك الباكستانية بينما لم يتم اعتبارها ضمن إحصاءات المجلس العام التى تعتمد على ما يردها من البنوك المركزية واعتمدت فى مكانها شركات المضاربة الإسلامية) ([29]).
وتجدر الإشارة إلى أن الأمانة العامة انتهت من إدخال البيانات الإدارية والمالية للبنوك وشركات الاستثمار الإسلامية بما يغطى السنوات الأربعة الأخيرة من 1998 إلى عام 2001، كما أنها قطعت شوطا كبيرا فى تجميع البيانات المالية لعام 2002 وذلك بالاستفادة من شبكة العلاقات التى تم تكوينها فى هذا الخصوص.
وقد تم من ناحية ثانية نشر البيانات الإدارية والمالية فى موقع المجلس العام بالإنترنت الذيى تم تدشينه رسميا بالتزامن مع مؤتمر دبى 2003، وستعمل الأمانة العامة على طباعة دليل سنوي إدارى ومالى للمؤسسات المالية الإسلامية بدءاً من البيانات المالية الخاصة بعام 2002. كما سينتقل العمل بعد ذلك إلى جمع المعلومات المتعلقة بالقطاعات الأخرى فى الصناعة والمتمثلة فى شركات التأمين الإسلامية وصناديق الاستثمار الإسلامية.
ويمكننا القول بأن جهود الأمانة العامة أثمرت بالرغم من قصر عمرها وقلة مواردها نسبياً سواء أكانت موارد بشرية أو مالية حيث إن تمويل هذا العمل المعلوماتى اقتصر فقط على الموارد التشغيلية المتواضعة للمجلس والناتجة عن اشتراكات الأعضاء، وهى أموال لم تكن مخصصة للمعلومات وحدها.
كل هذه النشاطات وغيرها، والتى توالت منذ نشأة المجلس مع بدايات هذا القرن إنما هى دليل حقيقى على صحوة إسلامية فى مجال العمل المصرفى الإسلامى وجدت صداها لدى المهتمين وفى تقديرنا فإننا نؤكد بأن ما توصل إليه المجلس العام حتى الآن يعتبر هو الخطوة الصحيحة فى الاتجاه السليم.خاصة أنه ما زال يخطو خطواته الولى على الصعيد الدولى. وإن كان يحدونا الأمل فى أن تتكاتف الدول الإسلامية ببنوكها ومؤسساتها المالية، وكذلك الهيئات الإسلامية من أجل تقديم العون والمشورة للمجلس بغية تحقيق المجلس لأهدافه التى يصبو إليها
كتبه أ.د / رشا على الدين
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: دور المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية
نحن بحاجة الى جهد متواصل وفعال من قبل الباحثين والمختصين في المصارف الاسلامية لرصد وتوثيق نشأة وتطور العمل المصرفي الاسلاميبارك الله في الاستاذ الدكتور رشا على الدين[b]
<br>
oqool- عضو جديد
- الديانه : الاسلام
البلد : الاردن
عدد المساهمات : 1
نقاط : 4976
السٌّمعَة : 0
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب الصورة الذهنية والمؤسسات الخيرية
» الادارة المالية ( بحث كامل )
» 53 مليون جنيه أرباح المالية والصناعية
» نقد المجلس الثاني من الفوائد المدنية من حديث علي بن هبة الله الشافعي
» المجلس الأعلى للطرق الصوفية يرفض مليونية الجمعة 12 أغسطس
» الادارة المالية ( بحث كامل )
» 53 مليون جنيه أرباح المالية والصناعية
» نقد المجلس الثاني من الفوائد المدنية من حديث علي بن هبة الله الشافعي
» المجلس الأعلى للطرق الصوفية يرفض مليونية الجمعة 12 أغسطس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى