أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
صفحة 1 من اصل 1
أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
بقلم: حسين عطوي
"الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة انحدار"... هذا ما يمكن إطلاقه على الحالة التي تشهدها أمريكا هذه الأيام، والتي أماطت اللثام عنها، أزمة الدين الأمريكي الذي تجاوز عتبة الـ(14.5) تريليون دولار، وهو الرقم الذي يساوي حجم الناتج القومي الأمريكي.
فأمريكا الدولة العظمى، والأقوى في العالم أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها، وتمويل الاستحقاقات المالية المترتبة عليها، وحتى الإنفاق على حروبها الفاشلة، إلا بواسطة اللجوء إلى مزيد من الاستدانة التي تغرق الاقتصاد الأمريكي في مستنقع من الركود، والتراجع المتواصل الذي تسجله معدلات النمو عاماً بعد عاماً مؤذنة بأفول عصر القوة الأمريكية التي تنبع أولاً وأخيراً من القوة الاقتصادية.
لقد أدى الصراع بين الحزبين الديمقراطي، والجمهوري بشأن مشروع الرئيس الأمريكي باراك اوباما السماح لإدارته بتجاوز عتبة الـ(14.5) تريليون للاستدانة عبر إصدار سندات الخزينة بقيمة 4.5 تريليون دولار لتوفير المال اللازم لدفع استحقاقات خدمة الدين، وحتى رواتب الجنود الذين يقاتلون في أفغانستان، إلى انكشاف عمق الأزمة الاقتصادية، والمالية التي تعاني منها أمريكا، والتي انفجرت عام 2008 على شكل إفلاس وانهيارات أصابت البورصة، والمؤسسات المالية والعقارية، وشركات صناعة السيارات، والتأمين وغيرها، والتي أدت إلى إحداث أزمة عالمية لما يشكِّله الاقتصاد الأمريكي من حجم في الاقتصاد الدولي، ومن تشابك مع اقتصادات معظم دول العالم، وتمثّلت الأزمة في انهيار أسعار الأسهم في هذه الدول، وبالتالي انتقال الأزمة إليها.
وإذا كانت التسوية بين الحزبين قد أدت إلى الإجازة لإدارة أوباما باستدانة 2.5 تريليون دولار إلا أن التسوية لا تعدو كونها تسوية مؤقتة سرعان ما تعود الأزمة إلى الانفجار مع انتهاء مفعول هذا المبلغ، والذي رفع سقف حجم الدين ليبلغ حوالي الـ17 تريليون دولار، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة الهامة.
ـ ما هي أسباب العجز المتواصل الذي تعاني منه أمريكا، ويدفعها إلى مزيد من الاستدانة؟
ـ ما هو تأثير هذه الاستدانة على الأزمة الاقتصادية، والمالية التي تعاني منها أمريكا منذ عام 2008؟
ـ هل سوف تساعد في معالجتها أم سوف تزيد من تفاقمها؟
ـ ما هي انعكاسات الأزمة على الحروب الأمريكية الخارجية، وحجم الانتشار العسكري الأمريكي في أنحاء مختلفة من العالم؟
ـ واستطراداً ما هي آثارها على هيبة وسطوة الولايات المتحدة على المسرح الدولي؟
ـ وبالتالي ماذا يعني تراجع القوة الأمريكية، وما هو انعكاسه على موازين القوى الدولية، والإقليمية؟
ـ وكيف سيكون تأثيره على واقع الصراع العربي الصهيوني، وتحديداً على أمن الكيان الصهيوني، والمصالح الأمريكية في الوطن العربي؟ واستطراداً ما هي الاستخلاصات التي يمكن الخروج بها من هذه الأزمة؟.
"الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة انحدار"... هذا ما يمكن إطلاقه على الحالة التي تشهدها أمريكا هذه الأيام، والتي أماطت اللثام عنها، أزمة الدين الأمريكي الذي تجاوز عتبة الـ(14.5) تريليون دولار، وهو الرقم الذي يساوي حجم الناتج القومي الأمريكي.
فأمريكا الدولة العظمى، والأقوى في العالم أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها، وتمويل الاستحقاقات المالية المترتبة عليها، وحتى الإنفاق على حروبها الفاشلة، إلا بواسطة اللجوء إلى مزيد من الاستدانة التي تغرق الاقتصاد الأمريكي في مستنقع من الركود، والتراجع المتواصل الذي تسجله معدلات النمو عاماً بعد عاماً مؤذنة بأفول عصر القوة الأمريكية التي تنبع أولاً وأخيراً من القوة الاقتصادية.
لقد أدى الصراع بين الحزبين الديمقراطي، والجمهوري بشأن مشروع الرئيس الأمريكي باراك اوباما السماح لإدارته بتجاوز عتبة الـ(14.5) تريليون للاستدانة عبر إصدار سندات الخزينة بقيمة 4.5 تريليون دولار لتوفير المال اللازم لدفع استحقاقات خدمة الدين، وحتى رواتب الجنود الذين يقاتلون في أفغانستان، إلى انكشاف عمق الأزمة الاقتصادية، والمالية التي تعاني منها أمريكا، والتي انفجرت عام 2008 على شكل إفلاس وانهيارات أصابت البورصة، والمؤسسات المالية والعقارية، وشركات صناعة السيارات، والتأمين وغيرها، والتي أدت إلى إحداث أزمة عالمية لما يشكِّله الاقتصاد الأمريكي من حجم في الاقتصاد الدولي، ومن تشابك مع اقتصادات معظم دول العالم، وتمثّلت الأزمة في انهيار أسعار الأسهم في هذه الدول، وبالتالي انتقال الأزمة إليها.
وإذا كانت التسوية بين الحزبين قد أدت إلى الإجازة لإدارة أوباما باستدانة 2.5 تريليون دولار إلا أن التسوية لا تعدو كونها تسوية مؤقتة سرعان ما تعود الأزمة إلى الانفجار مع انتهاء مفعول هذا المبلغ، والذي رفع سقف حجم الدين ليبلغ حوالي الـ17 تريليون دولار، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة الهامة.
ـ ما هي أسباب العجز المتواصل الذي تعاني منه أمريكا، ويدفعها إلى مزيد من الاستدانة؟
ـ ما هو تأثير هذه الاستدانة على الأزمة الاقتصادية، والمالية التي تعاني منها أمريكا منذ عام 2008؟
ـ هل سوف تساعد في معالجتها أم سوف تزيد من تفاقمها؟
ـ ما هي انعكاسات الأزمة على الحروب الأمريكية الخارجية، وحجم الانتشار العسكري الأمريكي في أنحاء مختلفة من العالم؟
ـ واستطراداً ما هي آثارها على هيبة وسطوة الولايات المتحدة على المسرح الدولي؟
ـ وبالتالي ماذا يعني تراجع القوة الأمريكية، وما هو انعكاسه على موازين القوى الدولية، والإقليمية؟
ـ وكيف سيكون تأثيره على واقع الصراع العربي الصهيوني، وتحديداً على أمن الكيان الصهيوني، والمصالح الأمريكية في الوطن العربي؟ واستطراداً ما هي الاستخلاصات التي يمكن الخروج بها من هذه الأزمة؟.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
أولاً: أسباب العجز المالي الأمريكي
عندما انفجرت الأزمة الاقتصادية، والمالية في الولايات المتحدة عام 2008، كانت مؤشراً على عمق الأزمة وبلوغها مستويات متقدمة، وتعكس مستوى التراجع في حجم الاقتصاد الأمريكي بالقياس للناتج العالمي من 50% إلى ما دون الـ20%، وذلك نتيجة عوامل عديدة يأتي في مقدمتها اشتداد التنافس الاقتصادي الدولي الذي تمثل في تقدم وصعود دول على المسرح الاقتصادي الدولي مثل الصين، اليابان، الاتحاد الأوروبي، البرازيل، والهند وغيرها.
وفي الوقت التي يسجل فيها الخط البياني للاقتصاد الأمريكي والأوروبي تراجعاً ملحوظا في معدلات النمو، فان مؤشرات الخط البياني لمعدلات نمو اقتصادات الصين والبرازيل على سبيل المثال تسجل تقدماً مضطرداً يؤشر إلى انتهاء مرحلة تسيد الاقتصاد الأمريكي وسيطرته على الأسواق الدولية. وبدلاً من أن تلجأ الإدارات الأمريكية إلى معالجة هذه الأزمة البنيوية بإعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي، والحد من الإنفاق العالي المبني على مرحلة ازدهار الاقتصاد الأمريكي وحجم ناتجة الكبير بالنسبة للاقتصاد الدولي، استمرت في هذا الإنفاق الذي أدى بدوره إلى توليد عجز في الميزانية عاماً بعد عاماً جرى سداده عبر الاستدانة من خلال فتح الاكتتاب بسندات الخزينة من ناحية. فيما عملت من ناحية ثانية على محاولة معالجة الأزمة الاقتصادية عبر شن الحروب الاستعمارية للسيطرة على موارد الطاقة والأسواق فكانت الحرب على أفغانستان، والعراق التي شنت بذريعة محاربة الإرهاب إثر أحداث 11 أيلول.
وجرى تمويل هذه الحروب عبر الاستدانة أيضاً، غير أن نتيجة هذه الحروب كانت مخيبة للآمال، حيث استنزفت أمريكا، وأرهق اقتصادها نتيجة تعاظم كلفتها التي قدرت حسب صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية بـ 3 تريليون دولار في نهاية عام 2008، فيما قدرت مجموعة أمريكية مستقلة أسمها rethink afganistan تكلفة الحرب في أفغانستان، والعراق سنوياً بواحد تريليون دولار.
وكشف الاقتصادي الأمريكي البارز، الحائز على جائزة نوبل للسلام، جوزيف ستيغليتز، في كتاب جديد أن تكلفة حرب العراق، التي في عام 2008 تضاعفت ثلاث مرات بالمقارنة مع الأعوام السابقة، لتصل إلى 12 مليار دولار شهرياً في العام الحالي.
وتوقع سيتغليتز، والكاتبة المساعدة، ليندا بيلميز، أن تكلّف حربا العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى التواجد العسكري طويل الأمد في الدولتين الذي تخطط له واشنطن، الخزانة الأمريكية ما بين 1700 مليار دولار إلى 2700 مليار دولار، أو أكثر بحلول عام 2017، وذلك في أفضل الأحوال وإذا ما تم تطبيق سيناريوهات واقعية ومعتدلة. وقد تضيف الفائدة على قروض تمويل الحرب تلك وحدها مبلغ 816 مليار دولار إلى التكلفة، وفق المصدر.
وتفوق تلك التصورات توقّعات مكتب الموازنة بالكونغرس الذي رجّح أن تصل تكلفة الحربين إلى ما بين 1200 - 1700 مليار دولار بحلول عام 2017، سيذهب ثلاثة أرباعها للعراق. وقال مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي في هذا السياق: على الرغم من تباين التوقعات إلا أن التكلفة ستكون هائلة.
وهكذا.. بدلاً من أن تؤدي الحروب إلى إخراج الاقتصاد الأمريكي من أزمته، وإعادة الازدهار إليه أدت إلى زيادة تأزمه وإرهاقه بمزيد من الديون، ما أسفر عن تفجر الأزمة الاقتصادية والمالية عام 2008 على شكل انهيارات في أسواق المال، وإفلاس المؤسسات، المالية الكبرى.
ومع ذلك استمرت سياسة الاستدانة، والإيغال في تمويل المؤسسات المفلسة عبر هذه الاستدانة لإنقاذها، وإعادة تعويمها، على حساب الشعب الأمريكي الذي يدفع ثمن هذه الاستدانة لمصلحة الشركات الرأسمالية الاحتكارية الفاسدة، وكانت النتيجة ازدياد الدين العام وتفاقم العجز في الميزانية حتى بلغ الدين مستوى يساوي حجم الناتج القومي البالغ 14.5 تريليون ما جعل أمريكا غير قادرة على سداد استحقاقاتها المالية إلا عبر تجاوز هذا السقف من الاستدانة المالية، وانخفاض التصنيف الائتماني الأمريكي في الأسواق، وذلك لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، وبالتالي دخولها في مرحلة جديدة من أزمتها الاقتصادية، والمالية التي ستجعل من أمريكا دولة غارقة في الديون تكافح لأجل سداد فوائدها ما يرهق اقتصادها، ويزيد من حدة الأزمة، خصوصاً وأن آفاق التوسع الاستعماري عبر الحروب لحل الأزمة، قد وصلت إلى طريق مسدود، الأمر الذي يجعل الاستدانة الجديدة مجرد مخدّر مؤقت للازمة يؤجل استحقاق انفجارها، أما اللجوء إلى سياسة طباعة النقود لمواجهة عجزاً طويل الأمد في الميزانية فإنه سيؤدي إلى نتائج سلبية تتمثل في تراجع قيمة الدولار على المدى البعيد حسب خبراء صينيون.
وهكذا يمكن القول إن الولايات المتحدة دخلت في حلقة مفرغة من خلال إقدامها على تمويل حروبها وإنفاقها العسكري ومعالجة أزماتها الداخلية وإفلاس المؤسسات المالية والعقارية عبر الاستدانة، وكذلك معالجة العجز بالموازنة بمزيد من الاستدانة ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في حجم الدين وإرهاق وانكماش الاقتصاد، وبالتالي تفاقم الأزمة الاقتصادية، والمالية، وحصول المزيد من الانعكاسات الاجتماعية السلبية المتمثلة في ازدياد البطالة وتراجع القدرة الشرائية للأمريكيين، فيما أدت سياسة الاستدانة إلى أن تصبح أمريكا دولة تابعة للصين التي تشتري سندات الخزينة التي من دونها لا تستطيع أمريكا دفع رواتب موظفيها بما يذكر بمرحلة الخديوي إسماعيل في مصر عندما اغرق البلاد بالديون وجعلها تابعة لبريطانيا، وفرنسا.
عندما انفجرت الأزمة الاقتصادية، والمالية في الولايات المتحدة عام 2008، كانت مؤشراً على عمق الأزمة وبلوغها مستويات متقدمة، وتعكس مستوى التراجع في حجم الاقتصاد الأمريكي بالقياس للناتج العالمي من 50% إلى ما دون الـ20%، وذلك نتيجة عوامل عديدة يأتي في مقدمتها اشتداد التنافس الاقتصادي الدولي الذي تمثل في تقدم وصعود دول على المسرح الاقتصادي الدولي مثل الصين، اليابان، الاتحاد الأوروبي، البرازيل، والهند وغيرها.
وفي الوقت التي يسجل فيها الخط البياني للاقتصاد الأمريكي والأوروبي تراجعاً ملحوظا في معدلات النمو، فان مؤشرات الخط البياني لمعدلات نمو اقتصادات الصين والبرازيل على سبيل المثال تسجل تقدماً مضطرداً يؤشر إلى انتهاء مرحلة تسيد الاقتصاد الأمريكي وسيطرته على الأسواق الدولية. وبدلاً من أن تلجأ الإدارات الأمريكية إلى معالجة هذه الأزمة البنيوية بإعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي، والحد من الإنفاق العالي المبني على مرحلة ازدهار الاقتصاد الأمريكي وحجم ناتجة الكبير بالنسبة للاقتصاد الدولي، استمرت في هذا الإنفاق الذي أدى بدوره إلى توليد عجز في الميزانية عاماً بعد عاماً جرى سداده عبر الاستدانة من خلال فتح الاكتتاب بسندات الخزينة من ناحية. فيما عملت من ناحية ثانية على محاولة معالجة الأزمة الاقتصادية عبر شن الحروب الاستعمارية للسيطرة على موارد الطاقة والأسواق فكانت الحرب على أفغانستان، والعراق التي شنت بذريعة محاربة الإرهاب إثر أحداث 11 أيلول.
وجرى تمويل هذه الحروب عبر الاستدانة أيضاً، غير أن نتيجة هذه الحروب كانت مخيبة للآمال، حيث استنزفت أمريكا، وأرهق اقتصادها نتيجة تعاظم كلفتها التي قدرت حسب صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية بـ 3 تريليون دولار في نهاية عام 2008، فيما قدرت مجموعة أمريكية مستقلة أسمها rethink afganistan تكلفة الحرب في أفغانستان، والعراق سنوياً بواحد تريليون دولار.
وكشف الاقتصادي الأمريكي البارز، الحائز على جائزة نوبل للسلام، جوزيف ستيغليتز، في كتاب جديد أن تكلفة حرب العراق، التي في عام 2008 تضاعفت ثلاث مرات بالمقارنة مع الأعوام السابقة، لتصل إلى 12 مليار دولار شهرياً في العام الحالي.
وتوقع سيتغليتز، والكاتبة المساعدة، ليندا بيلميز، أن تكلّف حربا العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى التواجد العسكري طويل الأمد في الدولتين الذي تخطط له واشنطن، الخزانة الأمريكية ما بين 1700 مليار دولار إلى 2700 مليار دولار، أو أكثر بحلول عام 2017، وذلك في أفضل الأحوال وإذا ما تم تطبيق سيناريوهات واقعية ومعتدلة. وقد تضيف الفائدة على قروض تمويل الحرب تلك وحدها مبلغ 816 مليار دولار إلى التكلفة، وفق المصدر.
وتفوق تلك التصورات توقّعات مكتب الموازنة بالكونغرس الذي رجّح أن تصل تكلفة الحربين إلى ما بين 1200 - 1700 مليار دولار بحلول عام 2017، سيذهب ثلاثة أرباعها للعراق. وقال مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي في هذا السياق: على الرغم من تباين التوقعات إلا أن التكلفة ستكون هائلة.
وهكذا.. بدلاً من أن تؤدي الحروب إلى إخراج الاقتصاد الأمريكي من أزمته، وإعادة الازدهار إليه أدت إلى زيادة تأزمه وإرهاقه بمزيد من الديون، ما أسفر عن تفجر الأزمة الاقتصادية والمالية عام 2008 على شكل انهيارات في أسواق المال، وإفلاس المؤسسات، المالية الكبرى.
ومع ذلك استمرت سياسة الاستدانة، والإيغال في تمويل المؤسسات المفلسة عبر هذه الاستدانة لإنقاذها، وإعادة تعويمها، على حساب الشعب الأمريكي الذي يدفع ثمن هذه الاستدانة لمصلحة الشركات الرأسمالية الاحتكارية الفاسدة، وكانت النتيجة ازدياد الدين العام وتفاقم العجز في الميزانية حتى بلغ الدين مستوى يساوي حجم الناتج القومي البالغ 14.5 تريليون ما جعل أمريكا غير قادرة على سداد استحقاقاتها المالية إلا عبر تجاوز هذا السقف من الاستدانة المالية، وانخفاض التصنيف الائتماني الأمريكي في الأسواق، وذلك لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، وبالتالي دخولها في مرحلة جديدة من أزمتها الاقتصادية، والمالية التي ستجعل من أمريكا دولة غارقة في الديون تكافح لأجل سداد فوائدها ما يرهق اقتصادها، ويزيد من حدة الأزمة، خصوصاً وأن آفاق التوسع الاستعماري عبر الحروب لحل الأزمة، قد وصلت إلى طريق مسدود، الأمر الذي يجعل الاستدانة الجديدة مجرد مخدّر مؤقت للازمة يؤجل استحقاق انفجارها، أما اللجوء إلى سياسة طباعة النقود لمواجهة عجزاً طويل الأمد في الميزانية فإنه سيؤدي إلى نتائج سلبية تتمثل في تراجع قيمة الدولار على المدى البعيد حسب خبراء صينيون.
وهكذا يمكن القول إن الولايات المتحدة دخلت في حلقة مفرغة من خلال إقدامها على تمويل حروبها وإنفاقها العسكري ومعالجة أزماتها الداخلية وإفلاس المؤسسات المالية والعقارية عبر الاستدانة، وكذلك معالجة العجز بالموازنة بمزيد من الاستدانة ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في حجم الدين وإرهاق وانكماش الاقتصاد، وبالتالي تفاقم الأزمة الاقتصادية، والمالية، وحصول المزيد من الانعكاسات الاجتماعية السلبية المتمثلة في ازدياد البطالة وتراجع القدرة الشرائية للأمريكيين، فيما أدت سياسة الاستدانة إلى أن تصبح أمريكا دولة تابعة للصين التي تشتري سندات الخزينة التي من دونها لا تستطيع أمريكا دفع رواتب موظفيها بما يذكر بمرحلة الخديوي إسماعيل في مصر عندما اغرق البلاد بالديون وجعلها تابعة لبريطانيا، وفرنسا.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
ثانياً: انعكاسات الأزمة على الحروب الأمريكية والانتشار العسكري الأمريكي
بالقدر الذي أرادت فيه أمريكا أن تشكل حروبها في أفغانستان، والعراق مدخلاً لحل الأزمة فإن هذه الحروب التي تحوّلت إلى حروب استنزاف مكلفة أصبحت عبئاً ثقيلاً على الولايات المتحدة في كل المجالات، فهي تسببت بخسائر مادية، وبشرية لا تستطيع أمريكا تحملها، فيما الانتشار العسكري الأمريكي في العديد من دول العالم أصبح هو أيضاً عبئاً يجب تقليصه، ولذلك فإن اتجاه الإدارة الأمريكية مؤخراً هو الخروج من الحروب وتقليص الانتشار العسكري لتخفيف فاتورة الإنفاق العسكري. وهذا ما تمثل في إقدام إدارة أوباما على سحب تعزيزاتها العسكرية من أفغانستان في إطار خطة وضعت لأجل الانسحاب من أفغانستان بنهاية عام 2014، فيما حُدِّدَ أجل الانسحاب الأمريكي من العراق في نهاية العام الحالي بعد أن تم سحب حوالي 100 ألف جندي العام الماضي.
أما في ليبيا فإن أمريكا بعد أن أدركت أن حرب الناتو دخلت في مسار استنزاف سارعت إلى الانسحاب منها. ويؤشر ذلك إلى قدرة أمريكا على شن الحروب باتت ضعيفة نتيجة عدم توافر الموارد المادية لتغطية أكلافها، فإذا كانت أمريكا بحاجة للاستدانة لدفع خدمة دينها، ورواتب موظفيها وجنودها، فكيف ستتمكن من مواصلة الإنفاق على حروبها في العراق وأفغانستان حيث كلفة الحرب باهظة جداً، ولم تعد قادرة على تحملها.
من هنا فإن خط الانسحاب الأمريكي من هذه الحروب وعدم التورط في حروب جديدة، خصوصاً في هذه المرحلة من الأزمة، سيكون هو الخط الذي يحكم السياسة الأمريكية في الفترة القادمة.
وفي ذات السياق فان أمريكا سوف تكون مضطرة أيضاً إلى الحد من حجم انتشار قواتها العسكرية في خارج الولايات المتحدة، في إطار سياسة تقشف مجبرة عليها للحد من العجز المتزايد في الميزانية.
ثالثاً: أثر الأزمة على هيبة وسطوة وحضور أمريكا على الصعيد الدولي
من نافل القول إن القوة الاقتصادية هي أساس القوة العسكرية، والسياسية لأي دولة في العالم، والإمبراطوريات عبر التاريخ نشأت وفرضت وجودها وسيطرتها وسطوتها على المسرح الدولي انطلاقاً من القوة الاقتصادية التي وفرت الموارد لنمو وتعاظم قوتها العسكرية التي شكلت ذراعها القوي لتوسيع، وفرض سيطرتها الاستعمارية وإخضاع خصومها، وتطويع المعترضين على سياساتها.
والولايات المتحدة التي خرجت بعد الحرب العالمية الثانية أقوى دولة اقتصادية في العالم تمكنت من بناء قوة عسكرية، وتحقيق التقدم التقني والتكنولوجي الذي أمّن لها التفوق عسكرياً على كل دول العالم ما مكنها من التمدد خارج حدودها، وفرض سيطرتها على العديد من المناطق الحيوية في العالم، لاسيما الدول التي تحوز على موارد الطاقة، والثروات، وذات الموقع الجغرافي الهام، وقد تمكّنت أمريكا عبر ذلك من فرض هيبتها وسطوتها على المسرح الدولي، واستطاعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي من فرض هيمنتها على القرار الدولي، والتحكم بمؤسسات الأمم المتحدة وإصدار القرارات التي تحقق أجندتها الاستعمارية.
من هنا فإن ضعف القوة الاقتصادية يؤثر على عناصر القوة العسكرية، والسياسة، ويؤدي بالضرورة إلى تراجع الهيبة، والسطوة واستطراداً إلى الدخول في مرحلة الانحدار.
والولايات المتحدة التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية، وتراجع وتقلص في حجم مواردها لم تعد قادرة على الاحتفاظ بعناصر قوتها العسكرية، والسياسية بنفس المستوى الذي كانت عليه عندما كانت مزدهرة ، وفي مرحلة صعود اقتصادي، وهي دخلت في مرحلة الانحدار بعد هزيمتها في العراق، وخسارتها الحرب في أفغانستان، وعجزها عن مواصلتها لعدم القدرة على تحمل أكلافها من جهة، وانسداد الأفق أمامها في إمكانية تحقيق النصر.
فأمريكا لم تعد قادرة على الاحتفاظ بموقعها الدولي كقوة مهيمنة، ومسيطرة على القرار الدولي لأنها أصبحت غير قادرة على توفير الموارد اللازمة لذلك، وهي باتت تفتقد لوضعية التفوق المطلق الذي كانت تتمتع به، بعد دخول وتقدم العديد من الدول في العالم إلى موقع المنافسة، وهي تملك الإمكانيات، والقدرات التي تؤهلها لذلك إلى جانب كونها في مرحلة صعود، الصين، الهند، البرازيل، فيما أمريكا دخلت في مرحلة الانحدار، والأفول لتأخذ حجمها الطبيعي كدولة كبرى إلى جانب دول كبرى أخرى تتشارك معها في صنع القرار الدولي، بعد أن بدأت تفقد القدرة على الاحتفاظ بالسيطرة الأحادية على هذا القرار، وهو ما ظهر بشكل واضح في اجتماعات مجلس الأمن الأخيرة حيث تكشّف العجز الأمريكي عن استصدار قرار ضد سورية نتيجة الاعتراض الروسي، والصيني القوي كمؤشر على دخول العالم مرحلة جديدة من التعددية القطبية لم يعهدها من قبل.
وعكست الصحافة الصهيونية نقاشاً حول عواقب الأزمة الاقتصادية الأمريكية على مكانة الولايات المتحدة في الحلبة الدولية، وهل سيعيد ذلك تنظيم العالم على أسس جديدة تبرز فيه أقطاب متعددة، ومن هي هذه الأقطاب، والأهم ما هي الآثار المباشرة لذلك على إسرائيل من الناحيتين السياسية والاقتصادية.
وفي هذا السياق يقول عضو الكنيسيت الصهيوني البروفيسور أفيشاي برفرمان إن إسرائيل" مبنية على الضمانات الأمريكية، وعندما ينخفض التصنيف الائتماني الأمريكي فسوف تضطر لدفع فوائد أكبر على القروض التي تحصل عليها بضمانات أمريكية". ويضيف: "ولا يقل أهمية عن ذلك الخشية من أن الركود الاقتصادي في أوروبا وأمريكا قد يعزز الفاشية الجديدة التي قد تقلب المعادلات في الغرب، كما أن الخشية حتى من عالم الأقطاب المتعدد قد يقود إلى نوع من الفوضى قبل أن تستقر الأوضاع.. والمفارقة أن إسرائيل مضطرة لأن تعيش هذه الأيام في بحر متلاطم يشهد تغييرات دولية مقلقة وتطورات إقليمية مزعجة، وهيجاناً داخلياً لا أحد يعلم كيف سينتهي".
بالقدر الذي أرادت فيه أمريكا أن تشكل حروبها في أفغانستان، والعراق مدخلاً لحل الأزمة فإن هذه الحروب التي تحوّلت إلى حروب استنزاف مكلفة أصبحت عبئاً ثقيلاً على الولايات المتحدة في كل المجالات، فهي تسببت بخسائر مادية، وبشرية لا تستطيع أمريكا تحملها، فيما الانتشار العسكري الأمريكي في العديد من دول العالم أصبح هو أيضاً عبئاً يجب تقليصه، ولذلك فإن اتجاه الإدارة الأمريكية مؤخراً هو الخروج من الحروب وتقليص الانتشار العسكري لتخفيف فاتورة الإنفاق العسكري. وهذا ما تمثل في إقدام إدارة أوباما على سحب تعزيزاتها العسكرية من أفغانستان في إطار خطة وضعت لأجل الانسحاب من أفغانستان بنهاية عام 2014، فيما حُدِّدَ أجل الانسحاب الأمريكي من العراق في نهاية العام الحالي بعد أن تم سحب حوالي 100 ألف جندي العام الماضي.
أما في ليبيا فإن أمريكا بعد أن أدركت أن حرب الناتو دخلت في مسار استنزاف سارعت إلى الانسحاب منها. ويؤشر ذلك إلى قدرة أمريكا على شن الحروب باتت ضعيفة نتيجة عدم توافر الموارد المادية لتغطية أكلافها، فإذا كانت أمريكا بحاجة للاستدانة لدفع خدمة دينها، ورواتب موظفيها وجنودها، فكيف ستتمكن من مواصلة الإنفاق على حروبها في العراق وأفغانستان حيث كلفة الحرب باهظة جداً، ولم تعد قادرة على تحملها.
من هنا فإن خط الانسحاب الأمريكي من هذه الحروب وعدم التورط في حروب جديدة، خصوصاً في هذه المرحلة من الأزمة، سيكون هو الخط الذي يحكم السياسة الأمريكية في الفترة القادمة.
وفي ذات السياق فان أمريكا سوف تكون مضطرة أيضاً إلى الحد من حجم انتشار قواتها العسكرية في خارج الولايات المتحدة، في إطار سياسة تقشف مجبرة عليها للحد من العجز المتزايد في الميزانية.
ثالثاً: أثر الأزمة على هيبة وسطوة وحضور أمريكا على الصعيد الدولي
من نافل القول إن القوة الاقتصادية هي أساس القوة العسكرية، والسياسية لأي دولة في العالم، والإمبراطوريات عبر التاريخ نشأت وفرضت وجودها وسيطرتها وسطوتها على المسرح الدولي انطلاقاً من القوة الاقتصادية التي وفرت الموارد لنمو وتعاظم قوتها العسكرية التي شكلت ذراعها القوي لتوسيع، وفرض سيطرتها الاستعمارية وإخضاع خصومها، وتطويع المعترضين على سياساتها.
والولايات المتحدة التي خرجت بعد الحرب العالمية الثانية أقوى دولة اقتصادية في العالم تمكنت من بناء قوة عسكرية، وتحقيق التقدم التقني والتكنولوجي الذي أمّن لها التفوق عسكرياً على كل دول العالم ما مكنها من التمدد خارج حدودها، وفرض سيطرتها على العديد من المناطق الحيوية في العالم، لاسيما الدول التي تحوز على موارد الطاقة، والثروات، وذات الموقع الجغرافي الهام، وقد تمكّنت أمريكا عبر ذلك من فرض هيبتها وسطوتها على المسرح الدولي، واستطاعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي من فرض هيمنتها على القرار الدولي، والتحكم بمؤسسات الأمم المتحدة وإصدار القرارات التي تحقق أجندتها الاستعمارية.
من هنا فإن ضعف القوة الاقتصادية يؤثر على عناصر القوة العسكرية، والسياسة، ويؤدي بالضرورة إلى تراجع الهيبة، والسطوة واستطراداً إلى الدخول في مرحلة الانحدار.
والولايات المتحدة التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية، وتراجع وتقلص في حجم مواردها لم تعد قادرة على الاحتفاظ بعناصر قوتها العسكرية، والسياسية بنفس المستوى الذي كانت عليه عندما كانت مزدهرة ، وفي مرحلة صعود اقتصادي، وهي دخلت في مرحلة الانحدار بعد هزيمتها في العراق، وخسارتها الحرب في أفغانستان، وعجزها عن مواصلتها لعدم القدرة على تحمل أكلافها من جهة، وانسداد الأفق أمامها في إمكانية تحقيق النصر.
فأمريكا لم تعد قادرة على الاحتفاظ بموقعها الدولي كقوة مهيمنة، ومسيطرة على القرار الدولي لأنها أصبحت غير قادرة على توفير الموارد اللازمة لذلك، وهي باتت تفتقد لوضعية التفوق المطلق الذي كانت تتمتع به، بعد دخول وتقدم العديد من الدول في العالم إلى موقع المنافسة، وهي تملك الإمكانيات، والقدرات التي تؤهلها لذلك إلى جانب كونها في مرحلة صعود، الصين، الهند، البرازيل، فيما أمريكا دخلت في مرحلة الانحدار، والأفول لتأخذ حجمها الطبيعي كدولة كبرى إلى جانب دول كبرى أخرى تتشارك معها في صنع القرار الدولي، بعد أن بدأت تفقد القدرة على الاحتفاظ بالسيطرة الأحادية على هذا القرار، وهو ما ظهر بشكل واضح في اجتماعات مجلس الأمن الأخيرة حيث تكشّف العجز الأمريكي عن استصدار قرار ضد سورية نتيجة الاعتراض الروسي، والصيني القوي كمؤشر على دخول العالم مرحلة جديدة من التعددية القطبية لم يعهدها من قبل.
وعكست الصحافة الصهيونية نقاشاً حول عواقب الأزمة الاقتصادية الأمريكية على مكانة الولايات المتحدة في الحلبة الدولية، وهل سيعيد ذلك تنظيم العالم على أسس جديدة تبرز فيه أقطاب متعددة، ومن هي هذه الأقطاب، والأهم ما هي الآثار المباشرة لذلك على إسرائيل من الناحيتين السياسية والاقتصادية.
وفي هذا السياق يقول عضو الكنيسيت الصهيوني البروفيسور أفيشاي برفرمان إن إسرائيل" مبنية على الضمانات الأمريكية، وعندما ينخفض التصنيف الائتماني الأمريكي فسوف تضطر لدفع فوائد أكبر على القروض التي تحصل عليها بضمانات أمريكية". ويضيف: "ولا يقل أهمية عن ذلك الخشية من أن الركود الاقتصادي في أوروبا وأمريكا قد يعزز الفاشية الجديدة التي قد تقلب المعادلات في الغرب، كما أن الخشية حتى من عالم الأقطاب المتعدد قد يقود إلى نوع من الفوضى قبل أن تستقر الأوضاع.. والمفارقة أن إسرائيل مضطرة لأن تعيش هذه الأيام في بحر متلاطم يشهد تغييرات دولية مقلقة وتطورات إقليمية مزعجة، وهيجاناً داخلياً لا أحد يعلم كيف سينتهي".
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
رابعاً: الانعكاسات على موازين القوى الدولية والإقليمية
من دون شك أن لتراجع القوة الأمريكية انعكاسات مباشرة على موازين القوى الدولية، والإقليمية التي تبلورت بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي، وتمدد القوة الأمريكية في إنحاء مختلفة من العالم. وسوف يؤدي تراجع القوة الأمريكية إلى عودة تبلور ميزان قوى جديد في منطقة آسيا الوسطى يعيد الحضور الروسي الناهض بعد مرحلة من الغياب، فيما سيؤدي هذا التراجع إلى تعزيز حضور الصين، كلاعب دولي قوي يملك القدرات الاقتصادية إلى جانب القدرات العسكرية لمد نفوذها في إفريقيا في إطار ما يطلق عليه القوة الناعمة على حساب النفوذ الأمريكي والغربي الاستعماري الخشن.
أما في منطقة الشرق الأوسط فإن الدول الإقليمية سوف يزداد حضورها ودورها بعد الانسحاب الأمريكي من العراق، وخصوصاً إيران التي تملك القدرات، والإمكانيات الذاتية والتكنولوجية التي تؤهلها للعب دور متعاظم إلى جانب تحالفها مع سورية حيث سيشكل التحالف السوري الإيراني إلى جانب المقاومة العربية ضد الاحتلال الصهيوني وعودة العراق إلى موقعه العربي الممانع، ميزان قوى جديد في غير مصلحة الكيان الصهيوني الذي سيجد نفسه في ظل بيئة إستراتيجية أكثر خطورة بالنسبة لأمنه، ومستقبل وجوده بعد انتهاء حرب العراق إلى نتيجة معاكسة لما خططت له واشنطن وتل أبيب اللتين كانتا تريدان أن تشكل هذه الحرب محطة لإعادة رسم خارطة المنطقة بما ينسجم مع مصالح أمريكا والكيان الصهيوني.
من دون شك أن لتراجع القوة الأمريكية انعكاسات مباشرة على موازين القوى الدولية، والإقليمية التي تبلورت بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي، وتمدد القوة الأمريكية في إنحاء مختلفة من العالم. وسوف يؤدي تراجع القوة الأمريكية إلى عودة تبلور ميزان قوى جديد في منطقة آسيا الوسطى يعيد الحضور الروسي الناهض بعد مرحلة من الغياب، فيما سيؤدي هذا التراجع إلى تعزيز حضور الصين، كلاعب دولي قوي يملك القدرات الاقتصادية إلى جانب القدرات العسكرية لمد نفوذها في إفريقيا في إطار ما يطلق عليه القوة الناعمة على حساب النفوذ الأمريكي والغربي الاستعماري الخشن.
أما في منطقة الشرق الأوسط فإن الدول الإقليمية سوف يزداد حضورها ودورها بعد الانسحاب الأمريكي من العراق، وخصوصاً إيران التي تملك القدرات، والإمكانيات الذاتية والتكنولوجية التي تؤهلها للعب دور متعاظم إلى جانب تحالفها مع سورية حيث سيشكل التحالف السوري الإيراني إلى جانب المقاومة العربية ضد الاحتلال الصهيوني وعودة العراق إلى موقعه العربي الممانع، ميزان قوى جديد في غير مصلحة الكيان الصهيوني الذي سيجد نفسه في ظل بيئة إستراتيجية أكثر خطورة بالنسبة لأمنه، ومستقبل وجوده بعد انتهاء حرب العراق إلى نتيجة معاكسة لما خططت له واشنطن وتل أبيب اللتين كانتا تريدان أن تشكل هذه الحرب محطة لإعادة رسم خارطة المنطقة بما ينسجم مع مصالح أمريكا والكيان الصهيوني.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
القلق في دوائر القرار في الكيان الصهيوني
وهذا الفشل الأمريكي الإسرائيلي يترافق أيضاً ومع انهيار وسقوط نظام حسني مبارك الذي كان يشكّل الركن الأساسي في محور ما يسمى الاعتدال العربي، واحتدام صراع على إعادة تشكيل نظام جديد في مصر سيكون للحركة الشعبية والوطنية المصرية دوراً مهماً في إعادة صياغته، وبالتالي تشكيل ميزان قوى جديد يحول دون إمكانية عودة مصر إلى أن تكون جزءاً من الحلف الأمريكي الصهيوني، خصوصاً وأن الانسحاب الأمريكي من العراق، وتراجع سطوة القوة الأمريكية على الصعيد الدولي، وعلى صعيد المنطقة سيقود إلى تعزيز محور المقاومة، والممانعة، والنهج الوطني، والقومي الاستقلالي البعيد عن التبعية للغرب الاستعماري.
وهذا الفشل الأمريكي الإسرائيلي يترافق أيضاً ومع انهيار وسقوط نظام حسني مبارك الذي كان يشكّل الركن الأساسي في محور ما يسمى الاعتدال العربي، واحتدام صراع على إعادة تشكيل نظام جديد في مصر سيكون للحركة الشعبية والوطنية المصرية دوراً مهماً في إعادة صياغته، وبالتالي تشكيل ميزان قوى جديد يحول دون إمكانية عودة مصر إلى أن تكون جزءاً من الحلف الأمريكي الصهيوني، خصوصاً وأن الانسحاب الأمريكي من العراق، وتراجع سطوة القوة الأمريكية على الصعيد الدولي، وعلى صعيد المنطقة سيقود إلى تعزيز محور المقاومة، والممانعة، والنهج الوطني، والقومي الاستقلالي البعيد عن التبعية للغرب الاستعماري.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
رد: أزمة الدين الأمريكي وموازين القوى الدولية والإقليمية
خامساً: الخلاصات
إن ما تقدم يؤكد جملة من الخلاصات المهمة الآتية:
الخلاصة الأولى: إن القوة العظمى مهما بلغت من طغيان، وقوة وجنوح نحو السيطرة الأحادية المطلقة هي عاجزة عن الاستمرار في فرض هذه السيطرة لأن العالم لا يمكن أن يحكم برأس واحد، وسوف يقاوم ويحول دون ذلك، انطلاقاً من مصالح الدول والشعوب التي ترفض مثل هذه الهيمنة. وهذا درس تاريخي تأكد مع كل الإمبراطوريات التي انهارت وبدأت مرحلة انحدارها وأفولها عندما تجاوزت هذا القانون وسعت إلى بسط سلطانها الأحادي وتجاهل مصالح الدول والشعوب.
الخلاصة الثانية: إن استقلال الدول، وحرية قرارها، والمحافظة على قوتها مرتبط بالضرورة باستقلالها الاقتصادي، وعدم تبعيتها، وعندما تفقد أي دولة هذا الاستقلال الاقتصادي وتصبح بحاجة إلى مساعدة خارجية فأنها تصبح دولة تابعة، ولا تملك حرية قرارها لأنها مضطرة ومكرهة على تقديم التنازلات في سبيل الحصول على هذه المساعدات، وبالتالي فإن الكأس الذي تشرب منه الدول التي تعتاش على المساعدات الأمريكية باتت تشرب منه أمريكا نفسها بعد أن أصبحت بحاجة ماسة للصين لتستدين كي تستند منها عبر سندات الخزينة لأنه من دون إقدام الصين على شراء سندات الخزينة الأمريكية لا تستطيع واشنطن دفع رواتب موظفيها، وتأمين دفع مستحقاتها المالية، وخدمة دينها.
الخلاصة الثالثة: إن مرحلة الاستعمار العسكري المباشرة لم تعد ممكنة بعد الغزو الاستعماري الأمريكي لكل من أفغانستان، والعراق، ومحاولات حلف الأطلسي الفاشلة لاستعمار ليبيا، وأن اللجوء إلى الحروب الاستعمارية لإخضاع الشعوب أصبح عملية مكلفة يؤدي الاستمرار فيها إلى سرعة توليد الأزمات داخل الدول التي تشن هذه الحروب.
الخلاصة الرابعة: إن أفول الإمبراطورية الأمريكية وانحدار قوتها سيؤدي إلى إعادة تشكيل النظام الدولي على قواعد جديدة ترتكز إلى التعددية الدولية والإقليمية في ظل عدم إمكانية وقدرة أي دولة كبرى اللجوء إلى فرض الهيمنة، والسيطرة الاستعمارية، وسوف يحكم هذا النظام الدولي الجديد لغة المصالح، والتعاون المرتكز إلى المصالح المشتركة، وهذا الأمر سوف يسهم في تعزيز خط ونهج الاستقلال الوطني والاقتصادي للدول التي ترفض التبعية، والتفريط بحرية قرارها.
إن ما تقدم يؤكد جملة من الخلاصات المهمة الآتية:
الخلاصة الأولى: إن القوة العظمى مهما بلغت من طغيان، وقوة وجنوح نحو السيطرة الأحادية المطلقة هي عاجزة عن الاستمرار في فرض هذه السيطرة لأن العالم لا يمكن أن يحكم برأس واحد، وسوف يقاوم ويحول دون ذلك، انطلاقاً من مصالح الدول والشعوب التي ترفض مثل هذه الهيمنة. وهذا درس تاريخي تأكد مع كل الإمبراطوريات التي انهارت وبدأت مرحلة انحدارها وأفولها عندما تجاوزت هذا القانون وسعت إلى بسط سلطانها الأحادي وتجاهل مصالح الدول والشعوب.
الخلاصة الثانية: إن استقلال الدول، وحرية قرارها، والمحافظة على قوتها مرتبط بالضرورة باستقلالها الاقتصادي، وعدم تبعيتها، وعندما تفقد أي دولة هذا الاستقلال الاقتصادي وتصبح بحاجة إلى مساعدة خارجية فأنها تصبح دولة تابعة، ولا تملك حرية قرارها لأنها مضطرة ومكرهة على تقديم التنازلات في سبيل الحصول على هذه المساعدات، وبالتالي فإن الكأس الذي تشرب منه الدول التي تعتاش على المساعدات الأمريكية باتت تشرب منه أمريكا نفسها بعد أن أصبحت بحاجة ماسة للصين لتستدين كي تستند منها عبر سندات الخزينة لأنه من دون إقدام الصين على شراء سندات الخزينة الأمريكية لا تستطيع واشنطن دفع رواتب موظفيها، وتأمين دفع مستحقاتها المالية، وخدمة دينها.
الخلاصة الثالثة: إن مرحلة الاستعمار العسكري المباشرة لم تعد ممكنة بعد الغزو الاستعماري الأمريكي لكل من أفغانستان، والعراق، ومحاولات حلف الأطلسي الفاشلة لاستعمار ليبيا، وأن اللجوء إلى الحروب الاستعمارية لإخضاع الشعوب أصبح عملية مكلفة يؤدي الاستمرار فيها إلى سرعة توليد الأزمات داخل الدول التي تشن هذه الحروب.
الخلاصة الرابعة: إن أفول الإمبراطورية الأمريكية وانحدار قوتها سيؤدي إلى إعادة تشكيل النظام الدولي على قواعد جديدة ترتكز إلى التعددية الدولية والإقليمية في ظل عدم إمكانية وقدرة أي دولة كبرى اللجوء إلى فرض الهيمنة، والسيطرة الاستعمارية، وسوف يحكم هذا النظام الدولي الجديد لغة المصالح، والتعاون المرتكز إلى المصالح المشتركة، وهذا الأمر سوف يسهم في تعزيز خط ونهج الاستقلال الوطني والاقتصادي للدول التي ترفض التبعية، والتفريط بحرية قرارها.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» عن موازين القوى نتحدث
» التحديات الدولية في الإسلام
» الفرق بين القوى العظمى والقوى الكبرى
» القوى الغير مرئية في عمليات التنوير
» أزمة السنة في العراق
» التحديات الدولية في الإسلام
» الفرق بين القوى العظمى والقوى الكبرى
» القوى الغير مرئية في عمليات التنوير
» أزمة السنة في العراق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى