محاضرة الداعية الشيعي غريب رضا في أحد مساجد السنة في إيران
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الحوار الموضوعي بين الأديان :: ساحة التقارب السني الشيعي
صفحة 1 من اصل 1
محاضرة الداعية الشيعي غريب رضا في أحد مساجد السنة في إيران
بسم الله الرحمن الرحیم
هذه الكلمة ألقيتها في مسجد من مساجد إخواننا أهل السنة في أيام عيد الفطر المبارك و المسجد بالقرب من مدينة ميناب في محافظة هرمزكان. هذه المحافظة على شاطئ الخليج و تحتضن أتباع المذاهب الإسلامية شيعة و سنة و هم يتعايشون بسلم و أمان. و من أجمل ظواهر التعايش السلمي في هذه المحافظة أنّ هناك نماذج متعددة من الزواج بين الشيعة و السنة
لقد شاركت في صلاة الجمعة و اقتديت بإمام المسجد أنا و من كان معي. و الإمام من أتباع المذهب الحنفي. و بعد الصلاة ألقيت هذه المحاضرة و إليكم ترجمة نصّ الكلمة:
الأخوة نعمة إلهية
الحمد لله رب العالمين و صلي الله على سيدنا و نبينا حبيب إله العالمين أبي القاسم المصطفى محمد و على أهل بيته الطيبين الطاهرين و أصحابه المنتجبين. و أمّا بعد قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- :
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران:103)
نشكر الله لما منحنا توفيق العبودية منّ علينا بطاعته في هذا الشهر المبارك. و أشكر الله خاصّة لما وفّقني للحضور بين إخواني أهل السنّة الأعزاء في هذه القرية المباركة المؤمن أهلها و الذين استقبلونا بكل رحابة الصدر و الرحمة و الأخوة الإسلامية. و كذلك أشكر سماحة الشيخ الجليل إمام هذا المسجد و نحن تشرفنا قبل الصلاة بمحضره و تكلمنا في شتى المواضيع و رأينا فيه الأخلاق الإسلامية النبيلة و الحمدلله.
نحمدلله حمداَ كثيراَ متواصلا على هذه الأخوة. هذه نعمة جسيمة رزقها الله لأهل هذه المنطقة. أعزائي! لقد منّ الله عليكم بهذه النعمة الكبيرة فاغتنموها و قدّروها حقّ قدرها!
الآية المباركة التي استهلت بها كلامي تذكّرنا بهذه النعمة نفسها.
يقول الله تبارك و تعالي: (و اذكروا).
ما معنى الذكر؟ أحيانا بل في كثير من الأحيان، تغرّنا الدينا و زينتها و نغفل عن الحقائق التي هي سنن الله في الكون و لذلك تجد في القرآن دائماً أنّ الله يذكّرنا بأمور كثيرة طالما نغفل أن نتغافل عنها. إذن علينا أن نتذكر ماذا؟ أذكروا جهلكم و هوانكم قبل الإسلام و اذكروا الجاهلية الأولى: إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً
الأوس و الخزرج في المدينة كانوا يتقاتلون في الجاهلية. ينهبون الأموال و يئدون البنات. فكانت تسود عليهم الكراهية و البغضاء و يحكم عليهم الظلم و الجور إلى أن جاء الإسلام فقرّب الله هذه المسافة بين القلوب بنعمة الإسلام فأصبح الجميع إخوة متحابّين.
و على ضوء هذه الآية يعرّف الله لنا الجاهلية بمواصفات مثل التفرقة و العداوة و الحقد و تحقير الناس و عدم تكريم الإنسان كرامة فضلها الله بها على كثير ممن خلق.
و بالمقابل يحدد الله لنا الإسلام بنعمة الأخوة و المحبة و الإنسجام
و نحن اليوم نعيش ظروفاَ مثلما عاشها السلف في صدر الإسلام على حد سواء حذو القذة بالقذة و مطابقة النعل بالنعل.
يحاول الكثير أن يرجعونا إلى الوراء و أن يجعلنا ننقلب على أعقابنا بعد أن هدانا الله بنعمة الوحدة الإسلامية و الأخوة الإنسانية. التفرقة هي في الحقيقة حياة جاهلية بل هي موت و ليست الحياة. يسعون بكل ما لديهم من إمكانيات أن يفرّقوا بين أهل القبلة.
كلّ من يجهر بالشهادتين و يقول أشهد أن لاإله إلا الله و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله فهو مسلم و ماله و دمه و عرضه في حصن الإسلام.
لماذا سمّى سماحة آية الله الخامنئي هذه السنة بسنة الإنسجام الإسلامي؟ لأنّ هناك تخطيطات شيطانية كبيرة للنيل بوحدة الأمة و أموال طائلة تبذل بهذا الصدد. تارة يقولون لبعض الناس أنتم عرب و للآخرين أنتم فرس بغية التفرقة و النزاع. و تارة أخرى يلعبون بوتر النزاع المذهبي فيقولون للبعض أنتم أحناف أو مالكية أو شيعة أو كذا و كذا. يحرّضون الناس على أساس انتماءهم المذهبي أو القومي و إذا كانت المذاهب و اللغات واحدة يوسوسون بأنّكم في الإتجاه اليسار و الفلان من الحزب اليمين و ... حتى في أسرة واحدة يوقع شياطين الإنس و الجن الخلاف بين أخوين من أب و أم واحد
و قد روي عن حبيبنا محمد صلى الله عليه و آله قال في حديث رواها الشيعة و السنة: إختلاف أمّتي رحمة.
الخلاف عندما يقتصر في دائرة الرأي و النظر فهي رحمة حقيقة لأنّه يؤدي إلى النضج الفكري: إضربوا بعض الرأي ببعض يتولّد منه الصواب
يريد الرسول الأعظم عليه صلوات الله و صلوات الخلق جميعاً، يريد أن يقول لنا: عندما يختلف أبناء أمتي لايؤدي خلافهم إلى الفتنة و النقمة بل يجب أن يمثّل الخلاف بينهم ضرباً من الرحمة و المودة.
و هذا أمر ممكن لأنّه معقول و إنساني إضافة إلى أنّ هذه الحالة جزء من سماحة الأخلاق الإسلامية. لاضير أن يجلس الإخوة المختلفون فكريا أو مذهبيا جنب بعض و يتحاورون فيما اختلفوا حتى إذا لم يتفقوا على نقطة محددة فإنّ الخلاف في الرأي لايفسد في الود قضية، نتعاون فيما اشتركنا و نعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا.
لقد قرأنا جميعا في القرآن الكريم هذه الآية المباركة: (من قتل نفساَ بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاَ )
قتل الإنسان البرئ جريمة بهذا الحد. فكمأنما قتل الناس جمعياً. لكن هناك جريمة أبشع من ذلك و هي إثارة الفتنة و هي أشدّ من قتل الناس جميعاًُ. الفتنة و ما أدراك ما الفتنة (الفتنة أشدّ من القتل)
اعزائي هذه النعمة التي أنعمها الله لكم تستحق ألف شكر. أنتم بحمدلله من أنصار الوحدة و الأخوة الإسلامية و أشكرالله مرة أخرى للحضوربينكم و الصلاة في هذا المسجد المبارك مسجد إخواني أهل السنة و هذا ايضا من مصاديق الأخوة الإسلامية إن شاء الله.
أقول من هنا و من هذا المنبر المبارك من مسجد إخواني و اوجّه كلامي للذين يفرّقون بين الشيعة و السنة أقول لهم: رغم أنفوكم، السنة و الشيعة إخوة و سيبقون إخوة في الدين إن شاء الله. تأتون بالأموال و تبذلونها علينا؟ لو تصرفون ملايين و ميليارات الدولار لاتستعطيون إزالة الأخوة الإسلامية من قلوبنا لأنها من صميم ديننا!
أعطيكم نماذج قليلة لتشاهدوا أنّ كبارنا و سلفنا كيف كانوا يعيشون مع بعض بالأخوة و لم تك بينهم الفتن
يعترف الجميع بأنّ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) كان من كبار أئمة أهل البيت. الشيعة و السنّة يقرّون بمكانته العلمية و زهده و صلاحه. و أيضاَ تعرفون أنّ الإمام أبا حنيفة و الإمام مالك بن أنس تتلمذا على يد الإمام جعفر الصادق(ع)
يقول الإمام أبوحنيفة: لولا السنتان لهلك النعمان فكان يحترم الإمام الصادق و معنى ذلك أنّ هناك إحترام بين أئمة فقه أهل السنة و أئمة الشيعة مع أنّهم كانوا يختلفون في فهم الدين. و حوار الإمام الصادق و أبي حنيفة مشهور في موضوع القياس لكن مع ذلك الإمام الصادق كان يستقبله في درسه.
يقول الإمام مالك بن أنس و قد روى هذا الكلام في كتب الشيعة و السنة:
(كنت أرى جعفر بن محمد و كان كثير الدعابة و التبسم. فإذا ذكر عنده النبي اخضر و اصفر. و لقد اختلفت إليه زماناَ فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال إما مصليا و إمّا قائما و إمّا يقرأ القرآن. و ما رأيته يحدّث عن رسول الله إلا على الطهارة. و كان من العلماء و العبّاد و الزهاد الذين يخشون الله. و ما رأيته قط إلا و يخرج وسادة من تحته و يجعلها تحتي).
على كل حال أنتم سكّان هذه المنطقة التي بارك الله فيها شيعة و سنة لكم أواصر أسرية طيبة و لديكم أسر كثيرة التي تعددت مذاهب أفرادها و تعايشون سلميا. هناك مؤتمرات متعددة تقام كل سنة و يأتي إليها ضيوف من مختلف أرجاء العالم ليبحثوا كيفية تحقيق الوحدة الإسلامية المنشودة لكني قلت لهم و أكررها اليوم تعالوا أيها العلماء و النخب و المفكّرين. تعالوا إلى هذه القرى و المدن اتركوا تضليل الفضائيات المنحرفة التي تصوّر إيران محل صراع بين الأحبة و تكذب علينا واتركوا قاعة الندوات لتشاهدوا عن قريب صفاء الأخوة الإسلامية بيننا
الخّص كلامي و الوقت ضيق و لاأقصد مزاحمتكم ندعوا ربنا في هذا اليوم المبارك أن يعيد إلينا وعينا و بصيرتنا و يجعلنا نتمسّك بحبل الله و لانتفرّق و يدالله مع الجماعة
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المصدر
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?55109-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%AA%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%AC%D8%AF-%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%86%D8%A7-%D8%A3%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» أهل السنة في إيران
» مواعظ ابن الجوزى فى مساجد بغداد
» أخي السني الشيعي
» الجامع الأموي بدمشق... درّة مساجد الشرق
» الشيعي ومرجعه الديني
» مواعظ ابن الجوزى فى مساجد بغداد
» أخي السني الشيعي
» الجامع الأموي بدمشق... درّة مساجد الشرق
» الشيعي ومرجعه الديني
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الحوار الموضوعي بين الأديان :: ساحة التقارب السني الشيعي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى