أدلة القائلين بعدم جواز التفسير بالرأي والاجتهاد
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
أدلة القائلين بعدم جواز التفسير بالرأي والاجتهاد
أدلة القائلين بعدم جواز التفسير بالرأي والاجتهاد
1- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ" ، رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال فيه : هذا حديث غريب ، والنسائي.
2- ما روي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "اتقوا الحديث عليَّ إلا ما علمتم ؛ فمن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". رواه الترمذي وأبو داود.
3- ما روي عن السلف الصالح من الصحابة ، فمن بعدهم من التحرج من الكلام في تفسير القرآن ، فمن ذلك ما رواه ابن أبي مليكة ، قال : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن تفسير حرف من القرآن فقال : "أي سماء تظلني ؟ ، وأي أرض تقلني ؟ ، وأين أذهب ؟ ، وكيف أصنع إذا قلت في حرف1 من كتاب الله بغير ما أراد الله ؟ ، وفي رواية : "إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم ؟".
ومنه : ما ورد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : "أنا لا أقول في القرآن شيئا" ، وكان سعيد إذا سئل عن الحلال والحرام تكلم ، وإذا سئل عن تفسير آية من القرآن سكت ، كأن لم يسمع شيئا.
ومنه : ما روي عن الشعبي أنه قال : "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت : القرآن ، والروح : والرؤى2" وما روي عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة : يعني السلماني -وهو تابعي جليل- عن آية من القرآن فقال : "ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن ، فاتق الله وعليك بالسداد"3 ، وروي عن مسروق : أنه قال : اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله". إلى نحو ذلك من النقول4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي كلمة.
2 تفسير الأحلام وفي بعض الكتب "والرأي".
3 أي الصوب وهو عدم الخوص في تفسير القرآن.
4 تفسير القرطبي جـ1 ص 34 ، تفسير ابن كثير والبغوي جـ1 ص 12-14.
مناقشة هذه الأدلة :
وقد ناقش المجوزون للتفسير بالرأي والاجتهاد هذه الأدلة فقالوا :
1- أما الحديث الأول : ففي صحته وثبوته نظر ؛ لأن أحد رواته وهو : سهيل بن أبي حزم القطيعي قد تكلم فيه ، وعلى فرض صحتهما والتسليم بهما ، فقد أجاب عنهما العلماء بما يأتي :
أ- أن المراد من يقول في القرآن بمجرد رأيه وهواه ، بأن يجعل الرأي أصلًا والقرآن تبعًا ؛ وذلك بأن يكون له في المسألة رأي ، وإليه ميل بطبعه وهواه ، فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه ؛ ليحتج به على تصحيح غرض ، ولو لم يكن ذلك الرأي والهوى لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى ، ومثل هذا إن صادف الحق والصواب في الواقع ونفس الأمر فإنما هو اتفاق من غير قصد ، ورمية من غير رامٍ ، وهذا الصنف من الناس قد يكون معه علم وذلك : كالذين يحتجون ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته ، كالمعتزلة ، والشيعة ، والخوارجن وأمثالهم ، وقد يكون مع الجهل ، وذلك ، كالمعتزلة ، والشيعة والخوارج ، وأمثالهم ، وقد يكون مع الجهل ، وذلك : كما يصنع بعض الذين يدعون العلم اليوم ، ويتهجمون على تفسير كتاب الله بالهوى والاستحسان ، فيحرفون الكلم عن مواضعه ، ويخرجون بالقرآن عن منهجه الواضح المستقيم.
ب- أن المراد بالحديثين من يفسر المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
جـ- أو الذي يفسر القرآن ، ولم يعرف من العلوم اللغوية والشرعية ما يؤهله لهذا ، فمثل هذا ، وإن أصاب الصواب فقد أخطأ الطريق الصحيح في تفسيره1.
1 أما ما ذكرتموه عن السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين : فهو معارض بما يخالفه ، فقد روي عن الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الكلالة فقال :
أقول فيها برأيي ؛ فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه ، الكلالة : من لا ولد له ، ولا والد" ، فلما ولي الخلافة الفاروق عمر رضي الله عنه قال : "إني لأستحي أن أخالف أبا بكر في رأي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تفسير ابن كثير والبغوي جـ 1 ص 12.
رآه" ، رواه ابن جرير ، وغيره1 ، وهذا يدل على أنه قوله : "أي سماء تظلني....." إنما أراد به ما لم يقم عليه دليل ، وما لا علم له به ، أو تخوفا من أن لا يصيب مراد الله ، وكذلك : يحمل ما روي عن بعض السلف مما ذكروه على هذا.
قال الإمام الحافظ ابن كثير في تفسيره : "فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف ، محمولة على تحرجهم من الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا : فلا حرج عليه2 ، ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة ؛ لأنهم تكلموا فيما علموه ، وسكتوا عما جهلوه ، وهذا هو الواجب على كل أحد ؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به ، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه ، مما يعلمه ، لقوله تعالى : {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَه}3 ، ولما جاء في الحديث الذي جاء من طرق : "من سئل عن علم فكتمه ، أُلجم يوم القيامة بلجام من نار"4 رواه الترمذي.
وأيضا : فقد روي عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم القول في تفسير القرآن ، وذلك كالسادة الأخيار : علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأنس ، وأبي هريرة ، وغيرهم ، فلولا أن تفسير القرآن جائز لمن تأهل له لما فعلوه ؛ لأنهم كانوا أشد الناس ورعا ، وتقوى ، ووقوفا عند حدود الله.
وكذلك : ورد تفسير القرآن عن كثير من خيار التابعين ، كسعيد بن جبير ، ومجاهد بن جبر ، وعكرمة ، وقتادة ، والحسن البصري ، ومسروق ، والشعبي ، وغيرهم ، مما يدل على أن من امتنع منهم من تفسير القرآن إنما كان زيادة احتياط ، ومبالغة في التورع.
ولعلهم رضي الله عنه أرادوا بهذا أن يتريث من يريد تفسير كلام الله ، ثم يتريث قبل أن يتكلم فيه ، ويحجم قبل أن يقدم ، وأن يكونوا قدوة حسنة لمن سيجيء بعدهم ، وعسى أن يكونوا في موقفهم هذا مع جلالتهم وعلمهم بالقرآن مذكر لهؤلاء الذين يتجاورون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإتقان جـ 2 ص 179 ، 183.
2 تفسير ابن كثير والبغوي جـ 2 ص 370 ، 371.
3 آل عمران : 187.
4 تفسير ابن كثير والبغوي جـ 1 ص 14.
طورهم ويتهجمون على تفسير القرآن بغير علم ، ويتطاولون على من يبصرهم بالحق ، والمنهج الرشيد ، بالسفاه والهجر من القول.
81 | 348
دكتور/ محمد بن محمد أبو شهبة
1- ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ" ، رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال فيه : هذا حديث غريب ، والنسائي.
2- ما روي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "اتقوا الحديث عليَّ إلا ما علمتم ؛ فمن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". رواه الترمذي وأبو داود.
3- ما روي عن السلف الصالح من الصحابة ، فمن بعدهم من التحرج من الكلام في تفسير القرآن ، فمن ذلك ما رواه ابن أبي مليكة ، قال : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن تفسير حرف من القرآن فقال : "أي سماء تظلني ؟ ، وأي أرض تقلني ؟ ، وأين أذهب ؟ ، وكيف أصنع إذا قلت في حرف1 من كتاب الله بغير ما أراد الله ؟ ، وفي رواية : "إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم ؟".
ومنه : ما ورد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : "أنا لا أقول في القرآن شيئا" ، وكان سعيد إذا سئل عن الحلال والحرام تكلم ، وإذا سئل عن تفسير آية من القرآن سكت ، كأن لم يسمع شيئا.
ومنه : ما روي عن الشعبي أنه قال : "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت : القرآن ، والروح : والرؤى2" وما روي عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة : يعني السلماني -وهو تابعي جليل- عن آية من القرآن فقال : "ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن ، فاتق الله وعليك بالسداد"3 ، وروي عن مسروق : أنه قال : اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله". إلى نحو ذلك من النقول4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي كلمة.
2 تفسير الأحلام وفي بعض الكتب "والرأي".
3 أي الصوب وهو عدم الخوص في تفسير القرآن.
4 تفسير القرطبي جـ1 ص 34 ، تفسير ابن كثير والبغوي جـ1 ص 12-14.
مناقشة هذه الأدلة :
وقد ناقش المجوزون للتفسير بالرأي والاجتهاد هذه الأدلة فقالوا :
1- أما الحديث الأول : ففي صحته وثبوته نظر ؛ لأن أحد رواته وهو : سهيل بن أبي حزم القطيعي قد تكلم فيه ، وعلى فرض صحتهما والتسليم بهما ، فقد أجاب عنهما العلماء بما يأتي :
أ- أن المراد من يقول في القرآن بمجرد رأيه وهواه ، بأن يجعل الرأي أصلًا والقرآن تبعًا ؛ وذلك بأن يكون له في المسألة رأي ، وإليه ميل بطبعه وهواه ، فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه ؛ ليحتج به على تصحيح غرض ، ولو لم يكن ذلك الرأي والهوى لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى ، ومثل هذا إن صادف الحق والصواب في الواقع ونفس الأمر فإنما هو اتفاق من غير قصد ، ورمية من غير رامٍ ، وهذا الصنف من الناس قد يكون معه علم وذلك : كالذين يحتجون ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته ، كالمعتزلة ، والشيعة ، والخوارجن وأمثالهم ، وقد يكون مع الجهل ، وذلك ، كالمعتزلة ، والشيعة والخوارج ، وأمثالهم ، وقد يكون مع الجهل ، وذلك : كما يصنع بعض الذين يدعون العلم اليوم ، ويتهجمون على تفسير كتاب الله بالهوى والاستحسان ، فيحرفون الكلم عن مواضعه ، ويخرجون بالقرآن عن منهجه الواضح المستقيم.
ب- أن المراد بالحديثين من يفسر المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
جـ- أو الذي يفسر القرآن ، ولم يعرف من العلوم اللغوية والشرعية ما يؤهله لهذا ، فمثل هذا ، وإن أصاب الصواب فقد أخطأ الطريق الصحيح في تفسيره1.
1 أما ما ذكرتموه عن السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين : فهو معارض بما يخالفه ، فقد روي عن الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الكلالة فقال :
أقول فيها برأيي ؛ فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه ، الكلالة : من لا ولد له ، ولا والد" ، فلما ولي الخلافة الفاروق عمر رضي الله عنه قال : "إني لأستحي أن أخالف أبا بكر في رأي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تفسير ابن كثير والبغوي جـ 1 ص 12.
رآه" ، رواه ابن جرير ، وغيره1 ، وهذا يدل على أنه قوله : "أي سماء تظلني....." إنما أراد به ما لم يقم عليه دليل ، وما لا علم له به ، أو تخوفا من أن لا يصيب مراد الله ، وكذلك : يحمل ما روي عن بعض السلف مما ذكروه على هذا.
قال الإمام الحافظ ابن كثير في تفسيره : "فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف ، محمولة على تحرجهم من الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا : فلا حرج عليه2 ، ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة ؛ لأنهم تكلموا فيما علموه ، وسكتوا عما جهلوه ، وهذا هو الواجب على كل أحد ؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به ، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه ، مما يعلمه ، لقوله تعالى : {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَه}3 ، ولما جاء في الحديث الذي جاء من طرق : "من سئل عن علم فكتمه ، أُلجم يوم القيامة بلجام من نار"4 رواه الترمذي.
وأيضا : فقد روي عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم القول في تفسير القرآن ، وذلك كالسادة الأخيار : علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأنس ، وأبي هريرة ، وغيرهم ، فلولا أن تفسير القرآن جائز لمن تأهل له لما فعلوه ؛ لأنهم كانوا أشد الناس ورعا ، وتقوى ، ووقوفا عند حدود الله.
وكذلك : ورد تفسير القرآن عن كثير من خيار التابعين ، كسعيد بن جبير ، ومجاهد بن جبر ، وعكرمة ، وقتادة ، والحسن البصري ، ومسروق ، والشعبي ، وغيرهم ، مما يدل على أن من امتنع منهم من تفسير القرآن إنما كان زيادة احتياط ، ومبالغة في التورع.
ولعلهم رضي الله عنه أرادوا بهذا أن يتريث من يريد تفسير كلام الله ، ثم يتريث قبل أن يتكلم فيه ، ويحجم قبل أن يقدم ، وأن يكونوا قدوة حسنة لمن سيجيء بعدهم ، وعسى أن يكونوا في موقفهم هذا مع جلالتهم وعلمهم بالقرآن مذكر لهؤلاء الذين يتجاورون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإتقان جـ 2 ص 179 ، 183.
2 تفسير ابن كثير والبغوي جـ 2 ص 370 ، 371.
3 آل عمران : 187.
4 تفسير ابن كثير والبغوي جـ 1 ص 14.
طورهم ويتهجمون على تفسير القرآن بغير علم ، ويتطاولون على من يبصرهم بالحق ، والمنهج الرشيد ، بالسفاه والهجر من القول.
81 | 348
دكتور/ محمد بن محمد أبو شهبة
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» جواز التفسير بالرأي والاجتهاد
» جواز الترحّم على موتى غير المسلمين
» عشرة أدلة تنفي حد الحرابة عن الإسلام
» تعارض القول بعدم التفويض مع التنزيه والعقل
» دعوي عدم جواز التقليد لأقوال المذاهب
» جواز الترحّم على موتى غير المسلمين
» عشرة أدلة تنفي حد الحرابة عن الإسلام
» تعارض القول بعدم التفويض مع التنزيه والعقل
» دعوي عدم جواز التقليد لأقوال المذاهب
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى