بين الإيمان والانتماء
صفحة 1 من اصل 1
بين الإيمان والانتماء
بين الإيمان والانتماء
شاكر حميد
للإيمان أكثر من استخدام ، فهو معنى مقارب للاعتقاد أو الثقة والتأكد من فكرة ما. ولكن بخلاف هذه المصطلحات فان كلمة إيمان تشير إلى علاقة متعدية للشخص-بدل أن تكون داخلية- مع الإله أو مع قوة علوية ..كما يعرف الإيمان بأنه ماصدق به القلب ونطق به اللسان وعملت به الجوارح..يمكن أن يكون موضوع الإيمان شيء مجرد أو شخص أو شيء غير حي، أو مجموعة من المقولات ولكن الانتماء يمكن أن يكون بمجموعة من الأفكار أو نسق فكري يشكل فلسفة أو حتى مجرد ممارسات حياتية انطلاقا من افكارمعينة قد تنطلق بالروح مثل المدارس الروحانية أو يمكن أن تكون مدرسة فلسفية مثالية لو مادية أو حتى فلسفات لادينية مثل الماركسية و الشيوعية وأحيانا يكون الإيمان بالإيديولوجيات سواءا الفلسفية أو السياسية مثل الاشتراكية أو الديمقراطية، وهذا أيضا لابد وان يأخذنا إلى أفق غير بعيد عن مبحثنا، فالدراسات أكدت أن الإنسان ورغم عدم استخدامه سوى 5% من طاقاته العقلية – هذا للسبعة آلاف سنة الأخيرة – فان قدرته على الفصل الحاسم بين الوهم والحقيقة لايمكن أن تتوفر إلا ببذل جهود ابعد وأصعب وأرقى في استخدام الإنسان جهازه العقلي وصولا إلى نسب أعلى ..وبهذا يصح ماجرى لفته للفلاسفة السابقين الذين لم يدركوا أو لم يستطيعوا إدراك نقطة الالتقاء بين السماء والأرض..
وبعد أن فتحنا الباب على الموضوع قاصدين دخوله حيث تفتحت أمامنا مصا ريعه رويدا رويدا ، لا بد إذا قبل البدء أن نعرج على بعض من أساسيات وثوابت هذا المنحى الذي اعتقد أن الولوج فيه عكس حقيقته المتناقلة ربما باليقين أو اللاإرادية في الفهم على اعتبار أن الأمر من المسلمات به بالنسبة لنا كمسلمين، لكن الأمر فيه اختلاف كبير غير موازي لما نسير عليه..وله أيضا مواقع اختلاف أو خلاف لا اقتراب بينهما.. نحن في هذا شيء..وهم ،اعني الآخرين غيرنا شيء آخر.. وبما أننا أشرنا إلى الإيمان والانتماء ، فمن الأجدر أن نبدأ بالإيمان على اعتبار أن الأسلوب الاطروحي في البحث يستوجب أو يتطلب منا أن نساير المنهج العلمي في البحث...
الإيمان من وجهة نظر إسلامية شرقية عربية محدودة الجغرافية لواقع تعريفها وحدودها، تلك المفاهيم التي تشترك ربما مع أخريات في الفهم فقط ، حيث لايرتقي هذا الالتقاء في بعض المفاصل إلى الاندماج أو التوحد..عل سائل يثيره هذا فيدور في خلده سؤال ؛ ماالضير من الالتقاء والتوحد في الفكرة إذا كان هناك مجال للاعتراف بان احدهما يكمل الآخر ؟
هذا السؤال بحد ذاته نقطة افتراق على العكس من تفاؤل السائل، فلو لم يكن هناك خلاف أو اختلاف أو افتراق في سبل وطرق الفهم لما كان لهذه الكلمة أن تنشطر إلى شطرين لا ثالث لهما ؛ أما إيمان مبني على أسس روحية ترتقي فيما بعد إلى دلالات اثباتية تأتي متأخرة عن الفهم الأول للإيمان وحتى وإن كانت تلك الدلالات مقومات للإيمان في المنحنى الآخر والاتجاه الثاني..أو إيمان مبني على أسس مادية تتجرد عن الفهم الأول بالتخلي عن البعد الروحي الذي لا وجود له إطلاقا في قاموس الثاني ولو كان ذلك موجودا ولو من باب الاحتمال لما احتاج سقراط مثلا أو غيره من كبار الفلاسفة إلى القول إن هناك نقطة ارتباط بين السماء والأرض ولكن ماهي تلك النقطة ؟؟ لاندري..! هذا هو خلاصة الفهم الثاني لحقيقة لم يستطيعوا إثباتها آنذاك لعدة أسباب ولا غرابة لو وضعنا في أسباب عدم إثباتها ربما قصورا ذهنيا في التشوف أو كان ذلك مقصودا في عدم الولوج إلى ساحتها أصلا، مع أن مخاضهم كان نفس العالم الميتافيزيقي الكبير المترامي الأطراف والمتباعد الأرجاء والذي لا حدود له ، ولربما كان تأخرهم عن واقع الرسالات أو ابتعادهم عنها رغبة منهم في ذلك أو فسرية العوامل الأخرى التي أجبرت ذوي الشأن الابتعاد عن الخوض في غمار ذلك السؤال (نقطة الارتباط) أو الالتقاء..فالذي يبحث فيما وراء الطبيعة ويدرس الفلك دراسة مستفيضة لهو اقرب إلى الإجابة من غيره لأنه في صلب الحقيقة ( ولا يهم هنا نوع الإجابة وما عساها أن تكون- فهذا وحده مبحث آخر منفصل- ) فإثبات الأبعد للقريب هو أصعب من إثبات الأقرب للبعيد , وعلى هذا استند الأعرابي في الفهم فكان اكبر فهما من الفلاسفة رغم بداوته وربما بساطته التي لا يمكن لأحد من أولئك الفلاسفة أن يفكر يوما بان يتدنى أو يتنازل عرفانا لذلك البدوي وحقيقة أن ( البعرة تدل على البعير ).. والعرفان هنا شامل ممثل بالأعرابي ، في ذات الوقت فان إنكاره شامل كذلك ، ونعني بالأعرابي في بداوته هو الأول الشامل والخارطة لكل جغرافية المكان ونعني بالطرف الآخر ، الثاني الشامل والخارطة لكل جغرافية المكان الآخر الذي سينفتح في حدوده على مساحات أخرى ...
وبما إننا ومازلنا لم نغادر المكان المحدد لنا ولن نغادره إلى الآخر،الثاني،لكي لانتقاطع ويتبدد الفهم ونبتعد عن ضالتنا المنشودة من هذا البحث .. إذا لنذهب إلى أوليات المعنى ، فالإيمان لدينا هو التصديق ، ولكنه التصديق الذي امن، والإيمان يحقق الأمن الفردي والجماعي ، ولا نريد أن نقول الآن وفي البدء ( الدنيوي والأخروي ) لأننا نريد أن نقترب من خطوط الفهم الذي سيكون متأخرا عنا أو في الحقيقة سنكون بحكم أنشطة وزوايا البحث بعيدين أو متأخرين ولو مؤقتا عنه إلى أن نصله فيما بعد .. لقد استعاض العلماء في فترة ما عن هذه اللفظة ( الإيمان ) بلفظة ( العقيدة) والتي تدل على الجزم والتصديق ، وتبقى لفظة الإيمان التي نص عليها القران الكريم والسنة النبوية الغالبة في البحث على اللفظ الثاني لأنه يخص الطرف الثاني أكثر من خاصيته لنا..
والإيمان معرفة وهي ذاتها التي تتعدد طرق استلهامها والاستدلال عليها بالنسبة للعقل البشري ، وهذه المعرفة تقع في مثلث العقل والحس والخبر الصادق .. فالمبادئ الرياضية عن طريق العقل والألوان عن طريق الحس والمعارف التاريخية عن طريق الخبر الصادق – هذا طبعا إذا تجردنا عما نحن عليه من واقع أطرته الحدود الجغرافية لخارطة تواجدنا الذي اشرنا إليه – أما إذا أردنا التمسك بمواقع تلك الجغرافية فالأمر في البحث سيختلف تمام الاختلاف لكنه لن يبتعد قطعا ولن يفترق أو يتقاطع مع ما نريد ..فان كان الإيمان يتعلق بالمسائل الغيبية ولا يتعلق بالمحسوسات ، فالمعارف التي تؤخذ عن طريق الحس لايتعلق بها إيمان ، فلا نقول : نؤمن بوجود اللون الأحمر مثلا ، ولا نقول : نؤمن بان النار تحرق ، أو أن الماء يروي وبذلك سنثبت خطا من ينكر بعض القضايا الإيمانية بذريعة أنها غير محسوسة لان الحس هو طريق من ثلاث طرق تؤخذ بواسطتها المعرفة، وكل طريق يقودنا إلى معرفة تختلف تماما عن المعارف التي تقودنا إليها الطرق الأخرى ، فمعلوم انه يستحيل على الأعمى،مثلا، أن يدرك حقيقة الألوان ، لكنه يؤمن بوجودها عن طريق الخبر الصادق .. فالألوان بالنسبة للمبصر هي حقيقة حسية غير إيمانية وهي بالنسبة للأعمى قضية إيمانية غير حسية ..وهذا هو الفرق بين الإيمان الروحي (الديني ) والإيمان الفلسفي ( المادي) فالإيمان الفلسفي لايستلزم سلوكا ، ولا يوجب التزاما ، أما الإيمان الروحي فلا يصح حتى ينعكس سلوكا ، فهو لايقبل أن يكون الإيمان ترفا فكريا ، وهو الذي يموت إذا لم يصدقه عمل ، لان الفكرة كالجسد إذا لم تعمل تمت ، وليس غريبا أو من دواعي أو نسج الخيال أن نجد في الواقع أن اشد الناس إيمانا أشدهم التزاما ، وان قوة الإيمان تتجلى في الذين يتحركون بالفكرة...على عكس الانتماء الذي ليس له تلك القوة المقابلة في أي بعد من أبعادها..وعلى ضوء ماتقدم تتضح أمامنا صورة من البيان والكشف غير قابلة للتجزئة ، بان الإيمان يمتلك مساحة جغرافية مفتوحة الأفق والأبعاد ليس على صعيد البلاغة واللفظ إنما في صميم وبؤرة المعنى ، في حين إن الانتماء يمتلك مساحة ضيقة الحدود ، بينها وبين الإيمان كما هو بين السماء والأرض، والإيمان كحصيلة لهذا البحث ثابت راسخ – قد يتغير لظروف تتواءم وحالة المؤمن (لسنا بصددها هنا )- أما الانتماء فبقدر مايمتلك الإيمان من رسوخ يكون معياره في الناحية المقابلة تماما ، فهو وارد وطبيعي تغييره، لأنه ولما أوردنا سلفا غير راسخ بالقوة التي كان عليها الإيمان، فمن الطبيعي جدا تغيره بل ثبوته هو الذي يخالف النظرية التي أوصلتنا إليها سطور بحثنا ...
هذا ما أردنا أن نقول، وللقارئ مايريد أن يقول، فكل له وجهة نظر هي قبل كل شيء محترمة ، فلنرى..
تحياتي
شاكر حميد
للإيمان أكثر من استخدام ، فهو معنى مقارب للاعتقاد أو الثقة والتأكد من فكرة ما. ولكن بخلاف هذه المصطلحات فان كلمة إيمان تشير إلى علاقة متعدية للشخص-بدل أن تكون داخلية- مع الإله أو مع قوة علوية ..كما يعرف الإيمان بأنه ماصدق به القلب ونطق به اللسان وعملت به الجوارح..يمكن أن يكون موضوع الإيمان شيء مجرد أو شخص أو شيء غير حي، أو مجموعة من المقولات ولكن الانتماء يمكن أن يكون بمجموعة من الأفكار أو نسق فكري يشكل فلسفة أو حتى مجرد ممارسات حياتية انطلاقا من افكارمعينة قد تنطلق بالروح مثل المدارس الروحانية أو يمكن أن تكون مدرسة فلسفية مثالية لو مادية أو حتى فلسفات لادينية مثل الماركسية و الشيوعية وأحيانا يكون الإيمان بالإيديولوجيات سواءا الفلسفية أو السياسية مثل الاشتراكية أو الديمقراطية، وهذا أيضا لابد وان يأخذنا إلى أفق غير بعيد عن مبحثنا، فالدراسات أكدت أن الإنسان ورغم عدم استخدامه سوى 5% من طاقاته العقلية – هذا للسبعة آلاف سنة الأخيرة – فان قدرته على الفصل الحاسم بين الوهم والحقيقة لايمكن أن تتوفر إلا ببذل جهود ابعد وأصعب وأرقى في استخدام الإنسان جهازه العقلي وصولا إلى نسب أعلى ..وبهذا يصح ماجرى لفته للفلاسفة السابقين الذين لم يدركوا أو لم يستطيعوا إدراك نقطة الالتقاء بين السماء والأرض..
وبعد أن فتحنا الباب على الموضوع قاصدين دخوله حيث تفتحت أمامنا مصا ريعه رويدا رويدا ، لا بد إذا قبل البدء أن نعرج على بعض من أساسيات وثوابت هذا المنحى الذي اعتقد أن الولوج فيه عكس حقيقته المتناقلة ربما باليقين أو اللاإرادية في الفهم على اعتبار أن الأمر من المسلمات به بالنسبة لنا كمسلمين، لكن الأمر فيه اختلاف كبير غير موازي لما نسير عليه..وله أيضا مواقع اختلاف أو خلاف لا اقتراب بينهما.. نحن في هذا شيء..وهم ،اعني الآخرين غيرنا شيء آخر.. وبما أننا أشرنا إلى الإيمان والانتماء ، فمن الأجدر أن نبدأ بالإيمان على اعتبار أن الأسلوب الاطروحي في البحث يستوجب أو يتطلب منا أن نساير المنهج العلمي في البحث...
الإيمان من وجهة نظر إسلامية شرقية عربية محدودة الجغرافية لواقع تعريفها وحدودها، تلك المفاهيم التي تشترك ربما مع أخريات في الفهم فقط ، حيث لايرتقي هذا الالتقاء في بعض المفاصل إلى الاندماج أو التوحد..عل سائل يثيره هذا فيدور في خلده سؤال ؛ ماالضير من الالتقاء والتوحد في الفكرة إذا كان هناك مجال للاعتراف بان احدهما يكمل الآخر ؟
هذا السؤال بحد ذاته نقطة افتراق على العكس من تفاؤل السائل، فلو لم يكن هناك خلاف أو اختلاف أو افتراق في سبل وطرق الفهم لما كان لهذه الكلمة أن تنشطر إلى شطرين لا ثالث لهما ؛ أما إيمان مبني على أسس روحية ترتقي فيما بعد إلى دلالات اثباتية تأتي متأخرة عن الفهم الأول للإيمان وحتى وإن كانت تلك الدلالات مقومات للإيمان في المنحنى الآخر والاتجاه الثاني..أو إيمان مبني على أسس مادية تتجرد عن الفهم الأول بالتخلي عن البعد الروحي الذي لا وجود له إطلاقا في قاموس الثاني ولو كان ذلك موجودا ولو من باب الاحتمال لما احتاج سقراط مثلا أو غيره من كبار الفلاسفة إلى القول إن هناك نقطة ارتباط بين السماء والأرض ولكن ماهي تلك النقطة ؟؟ لاندري..! هذا هو خلاصة الفهم الثاني لحقيقة لم يستطيعوا إثباتها آنذاك لعدة أسباب ولا غرابة لو وضعنا في أسباب عدم إثباتها ربما قصورا ذهنيا في التشوف أو كان ذلك مقصودا في عدم الولوج إلى ساحتها أصلا، مع أن مخاضهم كان نفس العالم الميتافيزيقي الكبير المترامي الأطراف والمتباعد الأرجاء والذي لا حدود له ، ولربما كان تأخرهم عن واقع الرسالات أو ابتعادهم عنها رغبة منهم في ذلك أو فسرية العوامل الأخرى التي أجبرت ذوي الشأن الابتعاد عن الخوض في غمار ذلك السؤال (نقطة الارتباط) أو الالتقاء..فالذي يبحث فيما وراء الطبيعة ويدرس الفلك دراسة مستفيضة لهو اقرب إلى الإجابة من غيره لأنه في صلب الحقيقة ( ولا يهم هنا نوع الإجابة وما عساها أن تكون- فهذا وحده مبحث آخر منفصل- ) فإثبات الأبعد للقريب هو أصعب من إثبات الأقرب للبعيد , وعلى هذا استند الأعرابي في الفهم فكان اكبر فهما من الفلاسفة رغم بداوته وربما بساطته التي لا يمكن لأحد من أولئك الفلاسفة أن يفكر يوما بان يتدنى أو يتنازل عرفانا لذلك البدوي وحقيقة أن ( البعرة تدل على البعير ).. والعرفان هنا شامل ممثل بالأعرابي ، في ذات الوقت فان إنكاره شامل كذلك ، ونعني بالأعرابي في بداوته هو الأول الشامل والخارطة لكل جغرافية المكان ونعني بالطرف الآخر ، الثاني الشامل والخارطة لكل جغرافية المكان الآخر الذي سينفتح في حدوده على مساحات أخرى ...
وبما إننا ومازلنا لم نغادر المكان المحدد لنا ولن نغادره إلى الآخر،الثاني،لكي لانتقاطع ويتبدد الفهم ونبتعد عن ضالتنا المنشودة من هذا البحث .. إذا لنذهب إلى أوليات المعنى ، فالإيمان لدينا هو التصديق ، ولكنه التصديق الذي امن، والإيمان يحقق الأمن الفردي والجماعي ، ولا نريد أن نقول الآن وفي البدء ( الدنيوي والأخروي ) لأننا نريد أن نقترب من خطوط الفهم الذي سيكون متأخرا عنا أو في الحقيقة سنكون بحكم أنشطة وزوايا البحث بعيدين أو متأخرين ولو مؤقتا عنه إلى أن نصله فيما بعد .. لقد استعاض العلماء في فترة ما عن هذه اللفظة ( الإيمان ) بلفظة ( العقيدة) والتي تدل على الجزم والتصديق ، وتبقى لفظة الإيمان التي نص عليها القران الكريم والسنة النبوية الغالبة في البحث على اللفظ الثاني لأنه يخص الطرف الثاني أكثر من خاصيته لنا..
والإيمان معرفة وهي ذاتها التي تتعدد طرق استلهامها والاستدلال عليها بالنسبة للعقل البشري ، وهذه المعرفة تقع في مثلث العقل والحس والخبر الصادق .. فالمبادئ الرياضية عن طريق العقل والألوان عن طريق الحس والمعارف التاريخية عن طريق الخبر الصادق – هذا طبعا إذا تجردنا عما نحن عليه من واقع أطرته الحدود الجغرافية لخارطة تواجدنا الذي اشرنا إليه – أما إذا أردنا التمسك بمواقع تلك الجغرافية فالأمر في البحث سيختلف تمام الاختلاف لكنه لن يبتعد قطعا ولن يفترق أو يتقاطع مع ما نريد ..فان كان الإيمان يتعلق بالمسائل الغيبية ولا يتعلق بالمحسوسات ، فالمعارف التي تؤخذ عن طريق الحس لايتعلق بها إيمان ، فلا نقول : نؤمن بوجود اللون الأحمر مثلا ، ولا نقول : نؤمن بان النار تحرق ، أو أن الماء يروي وبذلك سنثبت خطا من ينكر بعض القضايا الإيمانية بذريعة أنها غير محسوسة لان الحس هو طريق من ثلاث طرق تؤخذ بواسطتها المعرفة، وكل طريق يقودنا إلى معرفة تختلف تماما عن المعارف التي تقودنا إليها الطرق الأخرى ، فمعلوم انه يستحيل على الأعمى،مثلا، أن يدرك حقيقة الألوان ، لكنه يؤمن بوجودها عن طريق الخبر الصادق .. فالألوان بالنسبة للمبصر هي حقيقة حسية غير إيمانية وهي بالنسبة للأعمى قضية إيمانية غير حسية ..وهذا هو الفرق بين الإيمان الروحي (الديني ) والإيمان الفلسفي ( المادي) فالإيمان الفلسفي لايستلزم سلوكا ، ولا يوجب التزاما ، أما الإيمان الروحي فلا يصح حتى ينعكس سلوكا ، فهو لايقبل أن يكون الإيمان ترفا فكريا ، وهو الذي يموت إذا لم يصدقه عمل ، لان الفكرة كالجسد إذا لم تعمل تمت ، وليس غريبا أو من دواعي أو نسج الخيال أن نجد في الواقع أن اشد الناس إيمانا أشدهم التزاما ، وان قوة الإيمان تتجلى في الذين يتحركون بالفكرة...على عكس الانتماء الذي ليس له تلك القوة المقابلة في أي بعد من أبعادها..وعلى ضوء ماتقدم تتضح أمامنا صورة من البيان والكشف غير قابلة للتجزئة ، بان الإيمان يمتلك مساحة جغرافية مفتوحة الأفق والأبعاد ليس على صعيد البلاغة واللفظ إنما في صميم وبؤرة المعنى ، في حين إن الانتماء يمتلك مساحة ضيقة الحدود ، بينها وبين الإيمان كما هو بين السماء والأرض، والإيمان كحصيلة لهذا البحث ثابت راسخ – قد يتغير لظروف تتواءم وحالة المؤمن (لسنا بصددها هنا )- أما الانتماء فبقدر مايمتلك الإيمان من رسوخ يكون معياره في الناحية المقابلة تماما ، فهو وارد وطبيعي تغييره، لأنه ولما أوردنا سلفا غير راسخ بالقوة التي كان عليها الإيمان، فمن الطبيعي جدا تغيره بل ثبوته هو الذي يخالف النظرية التي أوصلتنا إليها سطور بحثنا ...
هذا ما أردنا أن نقول، وللقارئ مايريد أن يقول، فكل له وجهة نظر هي قبل كل شيء محترمة ، فلنرى..
تحياتي
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» مفهوم الإيمان عند أهل السنة والجماعة
» قراءة فى كتاب النظام من الإيمان
» قراءة فى كتاب المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود
» نقد كتاب تنبيه أهل الإيمان إفك دعوى لبس الصحابة الصلبان في الفتوح
» قراءة في كتاب ( رحلتي من الشك إلى الإيمان ) للدكتور مصطفي محمود
» قراءة فى كتاب النظام من الإيمان
» قراءة فى كتاب المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود
» نقد كتاب تنبيه أهل الإيمان إفك دعوى لبس الصحابة الصلبان في الفتوح
» قراءة في كتاب ( رحلتي من الشك إلى الإيمان ) للدكتور مصطفي محمود
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى