مفهوم الإيمان عند أهل السنة والجماعة
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
مفهوم الإيمان عند أهل السنة والجماعة
بقلم الدكتور : ياسين مخدوم
(1) مفهوم الإيمان ودلالاته في اصطلاح أهل السنة والجماعة :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
فنظراً لعِظَمِ هذه الكلمة وهي " الإيمان " وخطر ما رتَّب الله عز وجل عليها من أحكام ؛فجعلها أصل الدين ، ومعقد الولاء والبراء ، والفارق بين أهل السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة ؛اعتنى أهل السنة والجماعة ببيان معناها ودلالتها ، وتوضيح ما يترتب على ذلك من أحكام عقدية وعملية ، وفيما يلي سأذكر كلام أهل العلم في ذلك بأسلوب سهل موجز ، وبالله التوفيق .
الإيمان لغة هو : التصديق . قال الأزهري : " اتفق أهل العلم واللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه التصديق ، ومنه قوله تعالى : " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " ( سورة يوسف آية 17) أي بمصدِّق لنا 1.
مع ملاحظة أن لفظ الإيمان فيه زيادة دلالة لغوية على مجرد التصديق ، ففيه إشارة إلي طمأنينة القلب والإذعان والإتباع والانقياد ، ولذلك استعملت كلمة الإيمان للتصديق بالأخبار عن الأمور الغائبة أو الغيبية ولم تستعمل في جميع الأخبار قال تعالى : ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) (سورة البقرة آية 5) 2. .
وأما معنى الإيمان اصطلاحاً : -
فقد عرَّفَه أهل السنة بأنه : " تصديق بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان " 3 .
قال الإمام البغوي :" اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة علي أن الأعمال من الإيمان وقالوا: " إن الإيمان قول وعمل ونية " 4 .
وقد عبَّر بعض أهل العلم عن هذا المعنى بقولهم :" الإيمان قول وعمل " ، أي : قول القلب واللسان ، وعمل القلب والجوارح " .
فالقول قسمان : قول القلب وهو الاعتقاد، وقول اللسان وهو النطق بكلمة الإسلام الشهادتين .
والعمل قسمان : عمل القلب وهو الإخلاص والمحبة ونحو ذلك ، وعمل الجوارح أي الأعضاء كالصلاة والحج 5.
ومن هذا التعريف يتبين أن الإيمان ليس شيئاً واحداً ؛ بل هو مركب من ثلاثة أمور ، كلها لازمة وواجبة لتتحقق الإيمان وهي : اعتقاد القلب ، وإقرار اللسان ، وعمل الجوارح .
ويتفرع عن هذه الأمور الثلاثة أعمال وشُعَب وأجزاء متفاوتة ، ولذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم في حديث ابن هريرة : " الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها شهادة لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان ) متفق عليه.
قال الإمام الشافعي : " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركناهم : أن الإيمان قول وعمل ونية ، لا يُجزي واحد من الثلاثة إلا بالآخَرَ " 6.
الأدلة على أن أعمال الجوارح داخلة في الإيمان :
(1) قوله تعالى : " وما كان الله ليضيع إيمانكم " (سورة البقرة 143) .
قال أهل العلم في تفسيرها : أي صلاتكم ؛ لأن الآية نزلت لما سأل المسلمون النبي صلي الله عليه وسلم عمن مات قبل تحويل القبلة إلى مكة ما حكم صلاتهم ؟ ، فنزلت الآية 7.
(2) وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد ابن القيس :" آمركم بالإيمان بالله ، أتدرون ما الإيمان بالله ؟ شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس " متفق عليه .
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والزكاة والصوم وهي من أفعال الجوارح جزءاً من الإيمان .
(3) وجاء في حديث أبي هريرة مرفوعاً : " الإيمان بضع وستون أو وسبعون شعبة أعلاها : قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " . (أخرجه مسلم ) ، فجعل إماطة الأذى عن الطريق وهو من أعمال الجوارح جزءا من الإيمان .
والدليل على أن اعتقاد القلب وتصديقه داخل في الإيمان :
(1) قوله تعالى : " ولما يدخل الإيمان في قلوبكم " (سورة الحجرات 14).
(2) قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي برزة رضي الله عنه :" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه – وفي لفظ : ولم يؤمن بقلبه – لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ..." رواه البيهقي ، فنفى عن هؤلاء دخول الإيمان في قلوبهم .
والدليل على أن قول اللسان يدخل في مسمى الإيمان :
(1) قوله تعالى : " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " ( سورة النور 51 ).
(2) وقوله تعالى : " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا .." (سورة آل عمران آية رقم 7) .
(3) قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة المتفق عليه : " الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قـول لا إله إلا الله - وهذا قول باللسان - وأدناها إماطة الأذى عن الطريق - وهذا عمل بالجوارح - والحياء شعبة من شعب الإيمان " وهذا عمل القلب .
الهوامش = = = = = = = = = = = = = =
1 انظر : تهذيب اللغة 15/513 ، تفسير ابن كثير 2/453.
2 انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام 7/530.
3 انظر : التمهيد لابن عبد البر 9/238 ، تفسير ابن كثير 1/39 ، شرح العقيدة الطحاوية 2/ 459 ،
3 مختصر معارج القبول177.
4 شرح السنة للبغوي 1/38.
5 شرح العقيدة الواسطية 179.
6 جامع العلوم والحكم لابن رجب 1/104.
7 كما جاء ذلك في صحيح البخاري من حديث البراء رضي الله عنه ، وانظر : أحكام القرآن لابن العربي 1/62.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» قاعدة أهل السنة والجماعة : الاعتصام بالكتاب والسنة وعدم التفرقة / الامام ابن تيميه
» بين الإيمان والانتماء
» قراءة فى كتاب النظام من الإيمان
» قراءة فى كتاب المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود
» مفهوم السُنّة العقائدي
» بين الإيمان والانتماء
» قراءة فى كتاب النظام من الإيمان
» قراءة فى كتاب المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود
» مفهوم السُنّة العقائدي
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى