مصر وإيران محاور لا يمكن تجاوزهم

من طرف **سامح عسكر** الجمعة يناير 29, 2016 5:41 am

بوضوح

أقوى دول المنطقة هم من لا يمكن تجاوزهم، ومن لا يمكن تجاوزه هو من يستحق لقب.."محور "..فشروط القوة فيه من الحضور والتأثير وفاعلية الأوراق والحكمة يجب أن تكون حاضرة ومميزة..

وبعد البحث تبين أن هناك دولتين فقط من يتحقق فيهما تلك الشروط ويستحق أن يطلق عليهما لقب.."محاور"..أو.."أقطاب"..

هاتين الدولتين هما .."مصر وإيران"..

عناصر القوة فيهم فاعلة وطبيعة الدولتين تتحمل معظم أنواع الضغوط..وحجم الولاء فيهم للدولة كبير غير مرتبط بأشخاص أو أحزاب..وشعوب الدولتين متحضرة ..والسياسة لديهم متفوقة وممتدة لجبهات..

تركيا دولة قوية..سوريا كذلك..السعودية..إسرائيل..الجزائر..لكن تبقى عناصر قوتهم محدودة

تركيا بتورطها في سوريا فقدت كثير من عناصر قوتها..إضافة لتورطها الأخير مع روسيا أفقدها الكثير..كانت لها أذرع وحضور إقليمي قوي..ذهب كله بحماقات أردوجان.

سوريا عمليا دولة منكوبة وإن كان شعبها متحضر إلا إن تمكن الرجعية والتطرف منها كسر أهم عناصر قوتها وهي.."المدنية والوحدة"..لكن يبقى انتمائها لمحور الممانعة الإقليمي من يحفظ كيانها الآن.

السعودية دولة قوية وغنية لكن بتورطها في سوريا فقدت كثير من عناصر قوتها وامتدادها الإقليمي..خسرت إقليم الشام والعراق بالكامل..وبتورطها أخيرا في اليمن فقدت أكثر من نصف قوتها ولم يبق لها سوى عنصر المال..أما عنصر الدين فقد سقط أو أوشك على الزوال..خصوصا بعد الحرب السورية وثورة مصر على الإخوان..وأخيرا فسادها فيما يخص أزمة قتل الحجاج بمنى

وما يحدث الآن من علاقات معلنة مع بعض الدول هو مجرد مجاملات..

إسرائيل كذلك دولة قوية لكنها غريبة الهوية ولا حضور لها في الأفق العربي..لذلك كل عناصر قوتها تنتمي خارج الحدود..

الجزائر كذلك دولة قوية ومؤثرة في المغرب العربي وحلقة وصل بين العرب وفرنسا والغرب الإفريقي..لكنها سلبية فيما يخص قضايا العرب وهذا جعل تأثيرها محدود.

لكن مصر وإيران وضع آخر

أولا: مصر بثقلها عندما تدخلت في سوريا نجحت في تعديل الكفة لصالح الجيش السوري ..إعلامها قوي وحضورها مؤثر في الذاكرة العربية والإقليمية..شعبها كثير ونشط ثقافيا وإعلاميا.

مصر لو لم تدعم حرب اليمن لما تجرأت السعودية على إشعالها..ولو وقفت ضدها ستفض كل تحالفات آل سعود..وهذا معنى كونها محور إقليمي..يعني قوتها تناسب حضورها في وعي الشعوب..

مصر تمتلك أقوى جيش عربي..وسلاح مشاه هو الأفضل في الشرق الأوسط..مصر تمتلك مقومات إعلامية واقتصادية تجعلها رائدة...

عرفتوا ليه السعودية تحرص على عدم خسارة مصر رغم تأكدهم إن السيسي يخذلهم؟!

ثانيا: إيران هي المحور الثاني والمؤثر في الشرق الأوسط والشام والعراق بالخصوص..قوتها عسكرية ودينية معا..لها حضور أيدلوجي لقيادتها محور الممانعة الإقليمي ضد أمريكا وإسرائيل..لها حضور كذلك في قلب وعقل كثير من مثقفي العرب لتبنيها خط الوحدة الإسلامية ونداء التعايش بين الأديان والمذاهب..

إيران بتدخلها في سوريا نجحت في إضعاف جبهة المعارضة عسكريا..ورغبت كل من يملك ميول المقاومة فيها..وكسبت سوريا على الأقل لعقدين قادمين .ونجحت في تحييد حماس عن الأزمة برمتها بعدما أوشكت حماس على إعلان الجهاد ضد الأسد.

إيران تملك أقوى جيوش المنطقة وأقوى بحريتها بحسابات المادة والعقيدة..لديها اقتصاد قوي ووضعها السياسي والأمني مستقر

إيران تخطى تأثيرها المنطقة العربية بل قوتها فاعلة وحاضرة في وجدان شعوب القوقاز والهند والبلقان..وامتدادها عابر للبحار ليشمل دول أمريكا اللاتينية ومجموعة البريكس...

إيران هي الحليف الأقوى لروسيا عالميا..وتحالفها شمل بعض دول الخليج كقطر وعمان..لها مؤيدين وحلفاء في كل دول المنطقة أشهرهم لبنان واليمن والعراق والبحرين..أضف لذلك نقطة قوة أخرى أن من يحكمها الآن جناح إصلاحي سيؤثر بالإيجاب على انفتاحها الدولي والإقليمي..

لكن مع كل ذلك العلاقة مقطوعة بين القطبين..لذا تسود الحروب والنزاعات المنطقة..وتتوسع بمرور الزمن

إمكانيات مصر وإيران تجعلهما في المقدمة ونشر السلام..ولكن بشرط واحد وهو وجود سلطة قوية ومستقلة في كلا البلدين..وهذا غير موجود..وإلى أن يتحقق لا تسألني عن العقل والتسامح..بل اسأل عن الكراهية والجنون.. فتجاوز أي من هذه القوى يعني عدم الاستقرار وما ظهور داعش إلا بغياب مصر كمحور..وبالتصعيد ضد إيران كمذهب وقومية..واسأل من الذي تحكم في العرب في ظل غياب مصر..ستفهم معنى كون المنطقة بحاجة لمحاور لا يمكن تجاوزهم..