هل الإصلاح ممكن في العالم الإسلامي؟
صفحة 1 من اصل 1
هل الإصلاح ممكن في العالم الإسلامي؟
قد يظن البعض أن لسلطات رجل الدين الكبيرة والموغلة في المجتمع عائق أبدي عن الإصلاح، أو بسطوة المتشددين والسياسات الخاطئة في منظومات الحكم أثر في عرقلة ذلك الهدف المنشود، لكني أظن غير ذلك
فانتشار العلم كفيل بوضع رجال الدين في دائرة محدودة تعرفها الجماهير مسبقا، مثلا إذا تيقن المسلمون من صحة التطور انشغلوا تلقائيا عن قصص آدم وحواء التوراتية، وخُلقت في أذهانهم صورة أخرى عن البشر لم يتناولها الخطاب الديني الإسلامي منذ نشأته، فبعد حملة الغزالي على العقل نزل الخط الفكري للمسلمين إلى منتهاه الحاضر، وبعد محنة ابن رشد رأى العقلانيون خطورة ما هم عليه فتولّد حاجزا نفسيا يمنعهم من التضحية، وبعد أن تمكّن الفقه الإسلامي على أيدي ابن تيمية وابن الصلاح أصبح الإيمان بالعلم شئ قبيح
الآن تغير الوضع..فالعلم ينتشر لا إراديا ودلالات انتشاره في ظهور حركات التأويل والتوفيق بين العلم والدين التي بدأت في السبعينات مع مصطفى محمود وغيره، حتى وصل الآن لذاكر نايك وزغلول النجار، هذه ضريبة يدفعها المشايخ حتما لشرعنة وجودهم الاجتماعي، وبغض النظر عن تربحهم فلجوئهم للتأويل أمر طبيعي بعد ثبوت التعارض بين العلم ونسخة الدين لديهم.
العلم هو القيمة الأزلية والحقيقية الوحيدة مع الموت، فلا يوجد إنسان ينكر الآن أن الشمس أكبر من الأرض، وأن القمر ليس طَبَقَا من المهلبية كما كان يعتقد بعض القدماء، أو أن الليل والنهار ينتجان من حركة سجود الشمس تحت العرش، وأن تاريخ الخلق والكائنات الحية يسبق البشر بملايين السنين، ولدينا نموذج الديناصورات شاهد على تغير وجهة نظر العلم عن السائد في المعتقد الديني الإسلامي، والذي تأثر كثيرا بالعهد القديم وشروح التوراة بالتلمود والهاجادة وغيرهم
العلم هو الذي كسر الخلط الشائع بين العقيدة والتاريخ وفصل بينهم لتقرير حقيقة فلسفية مؤكدة وهي أن تاريخ منتسبي الأديان لا يعكس بالضرورة حقيقة معتقدهم الديني، بيد أن العامل المؤثر والأكبر على التاريخ هو السياسة، والخليفة قديما لم يكن يهتم بأمور التوحيد من عدمه بل لا يمكنه ضبطها في نفوس البشر، وغاية الخليفة هو ضبط المجتمع لإرادته هو فيستخدم رجال الدين ويشيع قيم الطاعة والخوف بينهم فتنتقل هذه المشاعر تلقائيا عند الجماهير، ولو كان حاكما نبيلا يجمع بين قيم الطاعة والاحترام بإشاعة نموذجه وأسلوبه في العدالة.
كذلك كسر العلم الخلط الشائع بين الدين كونه (وظيفة) وبين كونه (ممارسة) أو بتعبير آخر بين الدين والتدين، فوظيفة الدين هي البحث عن نموذج حياة أفضل وأكثر استقرارا وعدالة واتفاقا مع قيم الروح والعقل، بينما الممارسة هذا شئ آخر، والخلط بين الاثنين نتج من تقديس الشيوخ والكهنة منذ العصر الأموي، وظهور طبقة رجال الدين نافذة في البلاطين الأموي والعباسي، وهذا الخلط كان سبب في انتشار قيم (رفض الآخر وكراهيته) في تاريخ المسلمين، وتم تعريف هذا الآخر ليس فقط دينيا بل سياسيا وعرقيا واجتماعيا أيضا، فصار أي معارض سياسي للخليفة في حكم الكافر في الدين، والعرب هم شرف الإسلام، والعبودية حالة دينية وليست اجتماعية.
أما كيف كسر العلم ذلك فبسهولة الحصول على الرأي الآخر مكتوبا أو مقروءا ومسموعا، قديما لم يكن متاح ذلك للحد الذي نراه الآن، وتكاد تكون مصادر المعلومات حصرية في أيدي السلطات الدينية والسياسية، الآن أصبح بإمكانك قراءة كتاب لشيخ ونقضه معا، أو الاستماع لكاهن وخصمه معا، وهذا أثر على صورة رجل الدين بشكل عام، فضلا عن الأزمات والفتن التي يشعلها الكهنة وفضحهم إعلاميا بصورة حماسية..هذا ساهم في وضع الشيخ في صورة شعبية أقل قداسة مما مضى.
كذلك فبالفلسفة التحليلية التي سادت عقول البشر منذ أواخر القرن 19 معها فقط بدأ الإنسان بالتفكير الدقيق والتحليلي العميق ووضع الإصبع على موضع الخطأ ،وتجريد كل مشكلة وفهمها من عدة جوانب فهما مستقلا، فمثلا عندما تناول التحليليون الدين فصلوا بين مبدأه وطبيعته العامة وبين صورته في نفوس البشر، وبين جوانبه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبالاستقراء حصلوا على نتائج مؤكدة أن الدين شئ والتدين شئ آخر، لكن ما يجعل الدين أزمة هو تناول نصوصه المقدسة بطريقة حرفية مانعة للتأويل والاجتهاد، كذلك في الإضافات اللاحقة على الكتب المقدسة من رسائل وأحاديث وشروح وتفاسير..هذا يوضع حسب التحليليون ضمن التدين وليس الدين.
كذلك فظهور داعش والحركات الإرهابية وجذورها مع الإخوان ساهم في اختزال كل القضايا التراثية المركبة وإعادة إنتاجها بشكل علمي، فمثلا في الستينات عندما كتب أبو رية .."شيخ المضيرة"..لم تكن فكرة نقد التراث تبلورت بعد ولم يفهم الأغلبية مراد الكاتب وسارعوا باتهامه بالكُفر، رغم أن الرجل تحدث من بطون وأمهات كتب المسلمين وحاول استدعاء هذه القضايا المركبة بصورة حكائية عن أبي هريرة والبخاري..ولكن بصورة نقدية تحاكم عقل المسلمين.
والآن بعد سقوط ملايين الضحايا نتيجة هذا الفكر التراثي أصبح من المهم والضروري أن يبحث المسلمون عن نظام أخلاقي أكثر عدالة مما وُجِد في التراث وفتاوى الأئمة، فالفقيه نفسه الذي يستدل بفشل الشيوعية على ضرورة إعطاء الفرصة للإخوان والجماعات ينكر في نفس الوقت إعطاء الفرصة للعلمانيين والليبراليين بدعوى أن تجربته لم تفشل بعد..رغم أنها ظهرت منذ 40 عاما وطُبّقت في أكثر من 10 دول ولم تنتج سوى الدمار والخراب، بل لكي لا يستدلون بعدم إعطائهم الفرصة توجد دول نظامها حتى الآن إسلامي / إخواني/ تراثي ولم تتقدم هذه الدول بل تخلفت وتفككت.
لقد فرض العلم نفسه وعلا صوته في آذان المسلمين أن عودوا لإنسانيتكم وعقولكم واعملوا للإصلاح، فسياسة القمع وحرق الكتب لا تُجدي في عصر الإنترنت وال pdf وتطبيقات الأندرويد، وتحريم الاشتغال بالعلوم لم يعد يُجدي في عالم لا يؤمن سوى بالعلم، واضطهاد المرأة والأقليات والشعوب لم يعد يجدي في عصر حقوق الإنسان، وقد برئت ساحة الدين من هذه الأخطاء بفضل العلم، وحملتها على التدين وطُرق الكهنة في السيطرة، وآن الأوان لتبني نموذج إصلاحي حقيقي بدلا من الانشغال بحروب وصراعات ديوك لم تنتهي منذ 1400 سنة.
نعم الإصلاح في العالم الإسلامي ممكن، بل في تقديري هو (حالة) وتخطى حاجز سؤال الإمكان، فالطرق التقليدية المملة للشيوخ في عرض خطابهم الديني أصبح مستهجنا وسأل الناس عن الجديد، وقصة هذا صليبي وشيعي وشيوعي وصهيوني وملحد لتبرير الفشل والانحطاط لم تعد مقنعة لدى تيار الشباب، فقط ما زالت تُردد بين أوساط الحكومة وداعميها من المنافقين لشرعنة وجودهم، وصار البحث عن نموذج استرشادي يعالج أسباب التخلف شئ مطلوب.
فانتشار العلم كفيل بوضع رجال الدين في دائرة محدودة تعرفها الجماهير مسبقا، مثلا إذا تيقن المسلمون من صحة التطور انشغلوا تلقائيا عن قصص آدم وحواء التوراتية، وخُلقت في أذهانهم صورة أخرى عن البشر لم يتناولها الخطاب الديني الإسلامي منذ نشأته، فبعد حملة الغزالي على العقل نزل الخط الفكري للمسلمين إلى منتهاه الحاضر، وبعد محنة ابن رشد رأى العقلانيون خطورة ما هم عليه فتولّد حاجزا نفسيا يمنعهم من التضحية، وبعد أن تمكّن الفقه الإسلامي على أيدي ابن تيمية وابن الصلاح أصبح الإيمان بالعلم شئ قبيح
الآن تغير الوضع..فالعلم ينتشر لا إراديا ودلالات انتشاره في ظهور حركات التأويل والتوفيق بين العلم والدين التي بدأت في السبعينات مع مصطفى محمود وغيره، حتى وصل الآن لذاكر نايك وزغلول النجار، هذه ضريبة يدفعها المشايخ حتما لشرعنة وجودهم الاجتماعي، وبغض النظر عن تربحهم فلجوئهم للتأويل أمر طبيعي بعد ثبوت التعارض بين العلم ونسخة الدين لديهم.
العلم هو القيمة الأزلية والحقيقية الوحيدة مع الموت، فلا يوجد إنسان ينكر الآن أن الشمس أكبر من الأرض، وأن القمر ليس طَبَقَا من المهلبية كما كان يعتقد بعض القدماء، أو أن الليل والنهار ينتجان من حركة سجود الشمس تحت العرش، وأن تاريخ الخلق والكائنات الحية يسبق البشر بملايين السنين، ولدينا نموذج الديناصورات شاهد على تغير وجهة نظر العلم عن السائد في المعتقد الديني الإسلامي، والذي تأثر كثيرا بالعهد القديم وشروح التوراة بالتلمود والهاجادة وغيرهم
العلم هو الذي كسر الخلط الشائع بين العقيدة والتاريخ وفصل بينهم لتقرير حقيقة فلسفية مؤكدة وهي أن تاريخ منتسبي الأديان لا يعكس بالضرورة حقيقة معتقدهم الديني، بيد أن العامل المؤثر والأكبر على التاريخ هو السياسة، والخليفة قديما لم يكن يهتم بأمور التوحيد من عدمه بل لا يمكنه ضبطها في نفوس البشر، وغاية الخليفة هو ضبط المجتمع لإرادته هو فيستخدم رجال الدين ويشيع قيم الطاعة والخوف بينهم فتنتقل هذه المشاعر تلقائيا عند الجماهير، ولو كان حاكما نبيلا يجمع بين قيم الطاعة والاحترام بإشاعة نموذجه وأسلوبه في العدالة.
كذلك كسر العلم الخلط الشائع بين الدين كونه (وظيفة) وبين كونه (ممارسة) أو بتعبير آخر بين الدين والتدين، فوظيفة الدين هي البحث عن نموذج حياة أفضل وأكثر استقرارا وعدالة واتفاقا مع قيم الروح والعقل، بينما الممارسة هذا شئ آخر، والخلط بين الاثنين نتج من تقديس الشيوخ والكهنة منذ العصر الأموي، وظهور طبقة رجال الدين نافذة في البلاطين الأموي والعباسي، وهذا الخلط كان سبب في انتشار قيم (رفض الآخر وكراهيته) في تاريخ المسلمين، وتم تعريف هذا الآخر ليس فقط دينيا بل سياسيا وعرقيا واجتماعيا أيضا، فصار أي معارض سياسي للخليفة في حكم الكافر في الدين، والعرب هم شرف الإسلام، والعبودية حالة دينية وليست اجتماعية.
أما كيف كسر العلم ذلك فبسهولة الحصول على الرأي الآخر مكتوبا أو مقروءا ومسموعا، قديما لم يكن متاح ذلك للحد الذي نراه الآن، وتكاد تكون مصادر المعلومات حصرية في أيدي السلطات الدينية والسياسية، الآن أصبح بإمكانك قراءة كتاب لشيخ ونقضه معا، أو الاستماع لكاهن وخصمه معا، وهذا أثر على صورة رجل الدين بشكل عام، فضلا عن الأزمات والفتن التي يشعلها الكهنة وفضحهم إعلاميا بصورة حماسية..هذا ساهم في وضع الشيخ في صورة شعبية أقل قداسة مما مضى.
كذلك فبالفلسفة التحليلية التي سادت عقول البشر منذ أواخر القرن 19 معها فقط بدأ الإنسان بالتفكير الدقيق والتحليلي العميق ووضع الإصبع على موضع الخطأ ،وتجريد كل مشكلة وفهمها من عدة جوانب فهما مستقلا، فمثلا عندما تناول التحليليون الدين فصلوا بين مبدأه وطبيعته العامة وبين صورته في نفوس البشر، وبين جوانبه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبالاستقراء حصلوا على نتائج مؤكدة أن الدين شئ والتدين شئ آخر، لكن ما يجعل الدين أزمة هو تناول نصوصه المقدسة بطريقة حرفية مانعة للتأويل والاجتهاد، كذلك في الإضافات اللاحقة على الكتب المقدسة من رسائل وأحاديث وشروح وتفاسير..هذا يوضع حسب التحليليون ضمن التدين وليس الدين.
كذلك فظهور داعش والحركات الإرهابية وجذورها مع الإخوان ساهم في اختزال كل القضايا التراثية المركبة وإعادة إنتاجها بشكل علمي، فمثلا في الستينات عندما كتب أبو رية .."شيخ المضيرة"..لم تكن فكرة نقد التراث تبلورت بعد ولم يفهم الأغلبية مراد الكاتب وسارعوا باتهامه بالكُفر، رغم أن الرجل تحدث من بطون وأمهات كتب المسلمين وحاول استدعاء هذه القضايا المركبة بصورة حكائية عن أبي هريرة والبخاري..ولكن بصورة نقدية تحاكم عقل المسلمين.
والآن بعد سقوط ملايين الضحايا نتيجة هذا الفكر التراثي أصبح من المهم والضروري أن يبحث المسلمون عن نظام أخلاقي أكثر عدالة مما وُجِد في التراث وفتاوى الأئمة، فالفقيه نفسه الذي يستدل بفشل الشيوعية على ضرورة إعطاء الفرصة للإخوان والجماعات ينكر في نفس الوقت إعطاء الفرصة للعلمانيين والليبراليين بدعوى أن تجربته لم تفشل بعد..رغم أنها ظهرت منذ 40 عاما وطُبّقت في أكثر من 10 دول ولم تنتج سوى الدمار والخراب، بل لكي لا يستدلون بعدم إعطائهم الفرصة توجد دول نظامها حتى الآن إسلامي / إخواني/ تراثي ولم تتقدم هذه الدول بل تخلفت وتفككت.
لقد فرض العلم نفسه وعلا صوته في آذان المسلمين أن عودوا لإنسانيتكم وعقولكم واعملوا للإصلاح، فسياسة القمع وحرق الكتب لا تُجدي في عصر الإنترنت وال pdf وتطبيقات الأندرويد، وتحريم الاشتغال بالعلوم لم يعد يُجدي في عالم لا يؤمن سوى بالعلم، واضطهاد المرأة والأقليات والشعوب لم يعد يجدي في عصر حقوق الإنسان، وقد برئت ساحة الدين من هذه الأخطاء بفضل العلم، وحملتها على التدين وطُرق الكهنة في السيطرة، وآن الأوان لتبني نموذج إصلاحي حقيقي بدلا من الانشغال بحروب وصراعات ديوك لم تنتهي منذ 1400 سنة.
نعم الإصلاح في العالم الإسلامي ممكن، بل في تقديري هو (حالة) وتخطى حاجز سؤال الإمكان، فالطرق التقليدية المملة للشيوخ في عرض خطابهم الديني أصبح مستهجنا وسأل الناس عن الجديد، وقصة هذا صليبي وشيعي وشيوعي وصهيوني وملحد لتبرير الفشل والانحطاط لم تعد مقنعة لدى تيار الشباب، فقط ما زالت تُردد بين أوساط الحكومة وداعميها من المنافقين لشرعنة وجودهم، وصار البحث عن نموذج استرشادي يعالج أسباب التخلف شئ مطلوب.
صفحتي على الفيس بوك
الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر
مواضيع مماثلة
» فرص الإصلاح في إيران
» هل التقريب بين السنة والشيعة.. ممكن؟!
» حقيقة التمويل الإسلامي
» نظرات في الاقتصاد الإسلامي
» كيف تستثمر اموالك في الذهب لتحقيق اكبر مكسب ممكن؟
» هل التقريب بين السنة والشيعة.. ممكن؟!
» حقيقة التمويل الإسلامي
» نظرات في الاقتصاد الإسلامي
» كيف تستثمر اموالك في الذهب لتحقيق اكبر مكسب ممكن؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى