الحديث عن الوحي
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
الحديث عن الوحي
عالم متحرك عنيف. فيبدو من
يتحدث فيه عن الوحي والنبوة ناشزا حالما. يبدو للغافل عن الله الإخبار عن
المنهاج النبوي، وذكر الله ورسوله وسط هذه الأحداث الصاخبة انفلاتا من حلبة
المواجهة. ذلك أن قيادة العالم أفلتت من الأمة التي جالت في العالم قرونا
تحكم باسم الله وتتبع خُطا رسول الله، حتى ألفت الآذان أن تسمع ضوضاء
العالم بمعزل تام عن خالق العالم ورسالة الله للعالم وصفوة الله من العالم
محمد صلى الله عليه وسلم.
نكتب هذا إلحاحا على أن المنهاج النبوي مسلك يعبر الدنيا بما فيها من
قوى واصطدام واضطراب ونشاط ولا يتجنبها. وأن القرآن كلام الله، الله الذي
يسير العالم ويحكم ما يريد. قدر الله يجري في العالم كما يشاء الله، ونحن
مغلوبون منهوبون مقهورون بما كسبت أيدينا. هذا الكسب ومسؤوليتنا عن هزيمتنا
هما شرع الله. ورجوعنا لشرع الله نعظمه ونقدسه ونعمل بمقتضاه يسدد خطانا
على صراط الله المستقيم المؤدي للحسنيين. واتباع الرسول الذي يوحى إليه هو
المنهاج. فهذا علاقة عنوان هذا الفصل بما يجري في العالم.
قال الله تعالى يخاطب حبيبه صلى الله عليه وسلم: ﴿
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ
تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً
نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى
صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾
[2].
روح من الله إلى رسول الله. نور محمول إلينا، باق بين ظهرانينا. به فقط
يستنير لنا المنهاج، الصراط المستقيم، صراط الله الذي له ما في السماوات من
غيب نؤمن به، وما في الأرض من حقائق محرقة تصطلي الأمة بنارها. والله
ورسوله الملجأ. فأين نذهب؟ كل المذاهب الضالة جربت فينا ففتكت بنا. ونور
الله بين أيدينا. يا للهلكة! هلكة من يتحدث عن محمد العبقري بطل القومية.
قال تعالى يخاطب أمثال هؤلاء: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
[3].
عبد يوحى إليه. والوحي والرسالة مناط الإيمان كله. لذلك
يركز وَثنيو القومية وأساتذتهم من المستشرقين هجومهم على الوحي والرسالة
ليتعتعوا المسلمين عن يقينهم بأن الرسول مبعوث مأمور من لدن خالق الأرض
والسماء، خالق الإنسان ومصيره من الدنيا للآخرة. وبنعوت خبيثة كالعبقرية
والبطولة يحاولون أن يمحوا وجه العبد الذي فزع لما باغته الوحي ورأى جبريل،
ثم استأنس، ثم تلقى القرآن، ثم دعا قومه، ثم أوذي في الله فصبر، ثم ربى
وجاهد، وهدى الله به العالم إلى يوم القيامة. عبد لا يشرع من عنده، وإن خطط
فتطبيقا للوحي يصحبه التوفيق الإلهي. وإن حمل السلاح فاستجابة للأمر
الإلهي. وإن قال فبالله، وإن تحرك فبإذنه، وإن غضب فله، وإن أحب ففيه. عبد
رباني إلهي. عبد يوحى إليه.
كان القرآن ينزل طريا مواكبا للمسيرة التاريخية موجها لها. هو العلم،
وهو المنهاج، وهو البرنامج، وهو النور الهادي إلى صراط الله. وكانت نظرة
العبد الرسول صلى الله عليه وسلم ونظرة أصحابه مجتمعة لا تشتت فيها. لم يكن
القرآن تراثا يحتل حيزا من الفكر ورفوفا من المكتبة، بل كان هو الفهم، وهو
العلم، وهو الحياة. كان تناقض صارخ بين أحوال الجاهلية وبين ما يدعو إليه
القرآن. فنهض أهل القرآن. خرقوا كل سياج يصد عن سبيل الله. حطموا المنكر
وغيروا الواقع حتى يستقيم على ما يأمر به الله. كانت وحدة مشخصة في العبد
الصادق الرسول، ممثلة في كلمة الله الموحى بها، ماثلة في جماعة هي جيل
القرآن كما يقول سيد قطب رحمه الله.
لم تكن الحياة أشتاتا ونتفا في سلوك أهل القرآن. الحياة والموت، الدنيا
والآخرة، العابد والمعبود، كانت جميعا يلفها في عقيدة التوحيد والرسالة
والملائكة والبعث والقدر شرعة واحدة. يسير بها في صراط الله منهاج واحد. لم
تكن العاطفة في واد والعقل تائها في التحليل الفلسفي. كان الإنسان جميعا.
نحن أشتات اليوم. فمعنى اتباعنا المنهاج النبوي أن نجتمع عقلا وعاطفة،
ماضيا وحاضرا ومصيرا، دينا ودنيا وآخرة، أفرادا على بينة من هويتهم
وعبوديتهم لله ومسؤوليتهم أمامه، وجماعة على بينة من مصيرها التاريخي فيها
استعداد وقدرة على الجهاد. بالقرآن انكشف لجيل القرآن ما في النفس البشرية
والكيان البشري الكلي من أسرار كانت غامضة حتى علمهم إياها الوحي. وبه
ارتفع عن أعينهم التناقض الظاهر العقلاني بين الإنسان والإنسان، بين
الإنسان والجماعة، بين البشر والكون. بالقرآن ابتنيت نفوس مؤمنة، ومجتمع
مؤمن، وحركة في العالم إيمانية. بالقرآن عرف أهل القرآن الله عز وجل، وبه
استناروا في سلوكهم النفسي ومعراجهم الروحي في معارج الإيمان. وبالقرآن
كانوا القوة التي حطمت باطل الشرك، وبه أقاموا العدل.
يتحدث فيه عن الوحي والنبوة ناشزا حالما. يبدو للغافل عن الله الإخبار عن
المنهاج النبوي، وذكر الله ورسوله وسط هذه الأحداث الصاخبة انفلاتا من حلبة
المواجهة. ذلك أن قيادة العالم أفلتت من الأمة التي جالت في العالم قرونا
تحكم باسم الله وتتبع خُطا رسول الله، حتى ألفت الآذان أن تسمع ضوضاء
العالم بمعزل تام عن خالق العالم ورسالة الله للعالم وصفوة الله من العالم
محمد صلى الله عليه وسلم.
نكتب هذا إلحاحا على أن المنهاج النبوي مسلك يعبر الدنيا بما فيها من
قوى واصطدام واضطراب ونشاط ولا يتجنبها. وأن القرآن كلام الله، الله الذي
يسير العالم ويحكم ما يريد. قدر الله يجري في العالم كما يشاء الله، ونحن
مغلوبون منهوبون مقهورون بما كسبت أيدينا. هذا الكسب ومسؤوليتنا عن هزيمتنا
هما شرع الله. ورجوعنا لشرع الله نعظمه ونقدسه ونعمل بمقتضاه يسدد خطانا
على صراط الله المستقيم المؤدي للحسنيين. واتباع الرسول الذي يوحى إليه هو
المنهاج. فهذا علاقة عنوان هذا الفصل بما يجري في العالم.
قال الله تعالى يخاطب حبيبه صلى الله عليه وسلم: ﴿
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ
تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً
نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى
صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾
[2].
روح من الله إلى رسول الله. نور محمول إلينا، باق بين ظهرانينا. به فقط
يستنير لنا المنهاج، الصراط المستقيم، صراط الله الذي له ما في السماوات من
غيب نؤمن به، وما في الأرض من حقائق محرقة تصطلي الأمة بنارها. والله
ورسوله الملجأ. فأين نذهب؟ كل المذاهب الضالة جربت فينا ففتكت بنا. ونور
الله بين أيدينا. يا للهلكة! هلكة من يتحدث عن محمد العبقري بطل القومية.
قال تعالى يخاطب أمثال هؤلاء: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
[3].
عبد يوحى إليه. والوحي والرسالة مناط الإيمان كله. لذلك
يركز وَثنيو القومية وأساتذتهم من المستشرقين هجومهم على الوحي والرسالة
ليتعتعوا المسلمين عن يقينهم بأن الرسول مبعوث مأمور من لدن خالق الأرض
والسماء، خالق الإنسان ومصيره من الدنيا للآخرة. وبنعوت خبيثة كالعبقرية
والبطولة يحاولون أن يمحوا وجه العبد الذي فزع لما باغته الوحي ورأى جبريل،
ثم استأنس، ثم تلقى القرآن، ثم دعا قومه، ثم أوذي في الله فصبر، ثم ربى
وجاهد، وهدى الله به العالم إلى يوم القيامة. عبد لا يشرع من عنده، وإن خطط
فتطبيقا للوحي يصحبه التوفيق الإلهي. وإن حمل السلاح فاستجابة للأمر
الإلهي. وإن قال فبالله، وإن تحرك فبإذنه، وإن غضب فله، وإن أحب ففيه. عبد
رباني إلهي. عبد يوحى إليه.
كان القرآن ينزل طريا مواكبا للمسيرة التاريخية موجها لها. هو العلم،
وهو المنهاج، وهو البرنامج، وهو النور الهادي إلى صراط الله. وكانت نظرة
العبد الرسول صلى الله عليه وسلم ونظرة أصحابه مجتمعة لا تشتت فيها. لم يكن
القرآن تراثا يحتل حيزا من الفكر ورفوفا من المكتبة، بل كان هو الفهم، وهو
العلم، وهو الحياة. كان تناقض صارخ بين أحوال الجاهلية وبين ما يدعو إليه
القرآن. فنهض أهل القرآن. خرقوا كل سياج يصد عن سبيل الله. حطموا المنكر
وغيروا الواقع حتى يستقيم على ما يأمر به الله. كانت وحدة مشخصة في العبد
الصادق الرسول، ممثلة في كلمة الله الموحى بها، ماثلة في جماعة هي جيل
القرآن كما يقول سيد قطب رحمه الله.
لم تكن الحياة أشتاتا ونتفا في سلوك أهل القرآن. الحياة والموت، الدنيا
والآخرة، العابد والمعبود، كانت جميعا يلفها في عقيدة التوحيد والرسالة
والملائكة والبعث والقدر شرعة واحدة. يسير بها في صراط الله منهاج واحد. لم
تكن العاطفة في واد والعقل تائها في التحليل الفلسفي. كان الإنسان جميعا.
نحن أشتات اليوم. فمعنى اتباعنا المنهاج النبوي أن نجتمع عقلا وعاطفة،
ماضيا وحاضرا ومصيرا، دينا ودنيا وآخرة، أفرادا على بينة من هويتهم
وعبوديتهم لله ومسؤوليتهم أمامه، وجماعة على بينة من مصيرها التاريخي فيها
استعداد وقدرة على الجهاد. بالقرآن انكشف لجيل القرآن ما في النفس البشرية
والكيان البشري الكلي من أسرار كانت غامضة حتى علمهم إياها الوحي. وبه
ارتفع عن أعينهم التناقض الظاهر العقلاني بين الإنسان والإنسان، بين
الإنسان والجماعة، بين البشر والكون. بالقرآن ابتنيت نفوس مؤمنة، ومجتمع
مؤمن، وحركة في العالم إيمانية. بالقرآن عرف أهل القرآن الله عز وجل، وبه
استناروا في سلوكهم النفسي ومعراجهم الروحي في معارج الإيمان. وبالقرآن
كانوا القوة التي حطمت باطل الشرك، وبه أقاموا العدل.
[1] | من شهر صفر 1403 |
[2] | الشورى: 52-53 |
[3] | النجم: 1- |
<br>
عمرالحسني- كـاتــــب
-
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6490
السٌّمعَة : 12
رد: الحديث عن الوحي
الضلالة لا توافق الهدى
كان القرآن مصدر العلم للجيل القرآني. يعلمون أنه
العروة الوثقى. به يستمسكون والهدى منه يلتمسون. يُثَوِّرونه -كما يقول عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه- ليستنبطوا منه الحق. ويحكمون بحكمه في صغير
الأمر وكبيره. في الحيض والنفاس أخص خصوصيات الإنسان، وفي قتال العدو
وتمكين دين الله في الأرض أعم الشؤون وأوسعها مدى. واليوم طرد القرآن وطرد
أهله. فانكسف وجه الإسلام حتى في عين أمة الإسلام. هذا رجل من الجيل
القرآني يتحدث عن القرآن ويتخوف على الأمة الظلام إن نبذت القرآن. يقول
الإمام علي عليه السلام:
"فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وآله بالحق ليخرج عباده من عبادة
الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بينه وأحكمه.
ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، وليُقِرّوا به إذ جحدوه، وليثبتوه إذ أنكروه".
وتحدث عن زمان يخاف أن ينبذ فيه القرآن. يقول: "فالكتاب وأهله في ذلك
الزمان في الناس وليسا فيهم (وجود جسم المصحف وتلاوة التالي بمعزل عن أمر
الأمة)، ومعهم وليسا معهم. لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا. فاجتمع
القوم على الفرقة، وافترقوا على الجماعة. كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب
إمامهم. فلم يبق عندهم منه إلا اسمه"[1].
يقول الإمام علي كرم الله وجهه: "أرسله على حين فترة من
الرسل، وطول هجعة من الأمم، وانتقاض من المبرم. فجاءهم بتصديق الذي بين
يديه، والنور المقتدى به. ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق. ولكن أخبركم عنه:
ألا إنَّ فيه علم ما يأتي، والحديث على الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما
بينكم".
كيف نعود ونتخذ القرآن إماما، وكيف نجتمع عليه علما وعملا، وكيف "ننظم"
به ما بيننا. هذه هي الأسئلة الجوهرية. ولله در الإمام إذ يقول: "أرسله
بحجة كافية، وموعظة شافية، ودعوة متلافية (تداركت الناس قبل هلاكهم). أظهر
به الشرائع المجهولة، وقمع به البدع المدخولة، وبين به الأحكام المفصولة
(المفصّلة). فمن يتبع غير الإسلام دينا تتحقق شقوته، وتنفصم عروته، وتعظم
كبوته (سقطته)، ويكن مآبه إلى الحزن الطويل والعذاب الوبيل"[2].
عروتنا منفصمة وكبوتنا هزائم فظيعة في كل ميدان والاسم الإسلام على
الواجهة. والكتاب يتلى في المذياع والأشرطة. والشقوة تزداد تحققا. ودواء
دائنا في القرآن ودولة القرآن. ودولة القرآن إنما تستحق الاسم إن اتخذنا
القرآن إماما، كل القرآن، في كل المجالات، فإن الضلالة لا توافق الهدى.
كان القرآن مصدر العلم للجيل القرآني. يعلمون أنه
العروة الوثقى. به يستمسكون والهدى منه يلتمسون. يُثَوِّرونه -كما يقول عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه- ليستنبطوا منه الحق. ويحكمون بحكمه في صغير
الأمر وكبيره. في الحيض والنفاس أخص خصوصيات الإنسان، وفي قتال العدو
وتمكين دين الله في الأرض أعم الشؤون وأوسعها مدى. واليوم طرد القرآن وطرد
أهله. فانكسف وجه الإسلام حتى في عين أمة الإسلام. هذا رجل من الجيل
القرآني يتحدث عن القرآن ويتخوف على الأمة الظلام إن نبذت القرآن. يقول
الإمام علي عليه السلام:
"فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وآله بالحق ليخرج عباده من عبادة
الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بينه وأحكمه.
ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه، وليُقِرّوا به إذ جحدوه، وليثبتوه إذ أنكروه".
وتحدث عن زمان يخاف أن ينبذ فيه القرآن. يقول: "فالكتاب وأهله في ذلك
الزمان في الناس وليسا فيهم (وجود جسم المصحف وتلاوة التالي بمعزل عن أمر
الأمة)، ومعهم وليسا معهم. لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا. فاجتمع
القوم على الفرقة، وافترقوا على الجماعة. كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب
إمامهم. فلم يبق عندهم منه إلا اسمه"[1].
يقول الإمام علي كرم الله وجهه: "أرسله على حين فترة من
الرسل، وطول هجعة من الأمم، وانتقاض من المبرم. فجاءهم بتصديق الذي بين
يديه، والنور المقتدى به. ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق. ولكن أخبركم عنه:
ألا إنَّ فيه علم ما يأتي، والحديث على الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما
بينكم".
كيف نعود ونتخذ القرآن إماما، وكيف نجتمع عليه علما وعملا، وكيف "ننظم"
به ما بيننا. هذه هي الأسئلة الجوهرية. ولله در الإمام إذ يقول: "أرسله
بحجة كافية، وموعظة شافية، ودعوة متلافية (تداركت الناس قبل هلاكهم). أظهر
به الشرائع المجهولة، وقمع به البدع المدخولة، وبين به الأحكام المفصولة
(المفصّلة). فمن يتبع غير الإسلام دينا تتحقق شقوته، وتنفصم عروته، وتعظم
كبوته (سقطته)، ويكن مآبه إلى الحزن الطويل والعذاب الوبيل"[2].
عروتنا منفصمة وكبوتنا هزائم فظيعة في كل ميدان والاسم الإسلام على
الواجهة. والكتاب يتلى في المذياع والأشرطة. والشقوة تزداد تحققا. ودواء
دائنا في القرآن ودولة القرآن. ودولة القرآن إنما تستحق الاسم إن اتخذنا
القرآن إماما، كل القرآن، في كل المجالات، فإن الضلالة لا توافق الهدى.
[1] | نهج البلاغة ج2 ص30-31. هذا كتاب نفيس يعتبره الشيعة أوثق مصادرهم. وعندنا من يشك في نسبته. واقرأ مقدمة الشيخ محمد عبده للكتاب لتطلع على مدى تأثير الكتاب ببيانه وصولته |
[2] | نفس المصدر ص61- |
<br>
عمرالحسني- كـاتــــب
-
الديانه : الاسلام
البلد : المغرب
عدد المساهمات : 1169
نقاط : 6490
السٌّمعَة : 12
مواضيع مماثلة
» ما الفرق بين علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية ؟
» السنة وحي من الوحي
» الحديث القدسيّ
» الحديث المردود
» الحديث الصحيح
» السنة وحي من الوحي
» الحديث القدسيّ
» الحديث المردود
» الحديث الصحيح
شبكة واحة العلوم الثقافية :: الساحات العلمية والثقافية والحوارية :: ساحة الفقه والعلوم والحوارات الشرعية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى