شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة واحة العلوم الثقافية
أسعدتنا زيارتك و أضاءت الدنيا بوجودك

أهلا بك فى شبكة واحة العلوم الثقافية

يسعدنا تواجدك معنا يدا بيد و قلبا بقلب

لنسبح معا فى سماء الإبداع

ننتظر دخولك الآن
شبكة واحة العلوم الثقافية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)

اذهب الى الأسفل

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)  Empty الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)

مُساهمة من طرف سامح عسكر الخميس نوفمبر 11, 2010 10:00 am

* القاعدة العاشرة :
الابتعاد عن اللعن والسب لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن لعن بعض المسلمين العصاة، مثل قوله في الرجل السكير الذي كان يلقب "حمارا" لما لعنه بعض القوم: »فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله« (146). كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن سب المسلم عموما في قوله: »سباب المسلم فسوق وقتاله كفر« (147) والنهي عن سب الأموات: »لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا« (148) »لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا به الأحياء« (149) بل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن سب الدهر (150) وسب الريح (151) وسب الديك (152). ولعل بعض الحكمة من لك تنزيه لسان المؤمن عن قول السوء مطلقا.

وقد وردت نصوص مخصوصة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن سب أصحابه رضي الله عنهم، أشهرها حديث أبي سعيد الخدري أنه »كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحُد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه« (153).

وبناء على هذه النصوص النبوية، كره أغلب علماء السنة السب واللعن، ونهجوا نهج التورع عن لعن الشخص المعين بالاسم مهما كانت ذنوبه كبيرة. وقد رسخ ابن تيمية هذه القاعدة وأصلها وطبقها، فقال رحمه الله: »نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله نقول كما قال القرآن: "ألا لعنة الله على الظالمين"، ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه. وقد لعنه [يعني الحجاج] قوم من العلماء، وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد. لكن ذلك المذهب [الأول] أحب إلينا وأحسن. وأما من قتََل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا« (154). وما كان شيخ الإسلام بالذي يدافع عن رجل مثل الحجاج ارتكب من المظالم والفظائع ما لا يعلمه إلا الله، بل ورد عنه ما يفيد استحلالها والعياذ بالله: »عن عاصم، قال: سمعت الحجاج وهو على المنبر يقول: … والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب من أبواب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم . والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان لي ذلك من الله حلالا … « (155). وإنما قصد ابن تيمية هنا التأدب بأدب الإسلام، وتنزيه اللسان عن اللعن والسب والتكفير، وليس دفاعا عن الظلمة كالحجاج ويزيد ومن لف لفهم، كما نجد لدى مدرسة "التشيع السني" المعاصرة بكل أسف.

إن موقف ابن تيمية هنا هو امتداد لموقف الإمام أحمد الذي »ثبت عنه أن الرجل إذا ذكر الحجاج ونحوه من الظلمة وأراد أن يلعن يقول: "ألا لعنة الله على الظالمين"، وكره أن يلعن المعيَّن باسمه« (156).

وقصة الفقيهيْن الحنبلييْن عبد المغيث الحربي وأبي الفرَج بن الجوزي تكشف عن حساسية هذا الموضوع، وعمق الخلاف حوله، فقد »وقع بينه [أي عبد المغيث] وبين ابن الجوزي نفرة بسبب الطعن على يزيد بن معاوية، فإن عبد المغيث كان يمنع من سبه [لعنه] وصنف في ذلك مصنفا وأسمعه، وصنف ابن الجوزي مصنفا [في الرد عليه] وسماه "الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد" وقرىء عليه، ومات الشيخ عبد المغيث وهما متهاجران« (157).

على أن هذا الجدل الفقهي بين علماء أهل السنة في هذا الموضوع، إنما يتناول من ليسوا بصحابة، مثل الحجاج ويزيد، وأما الصحابة فلا خلاف بين أهل السنة في عدم جواز لعن أي منهم، لخصوص النهي عن سبهم في نصوص السنة.

والعجب أن بعض المعاصرين من ذوي المكانة في علوم السنة لا يزالون يتعاملون مع أحداث الصدر الأول بأسلوب اللعن والسب. ومن هؤلاء الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي الذي يقول: »..وثمة بدعة أخرى كريهة ظهرت في عهد معاوية، وهي أن معاوية نفسه وسائر ولاته بأمره كانوا يكيلون السب والشتم لسيدنا علي بن أبي طالب في خطبهم على المنابر، لدرجة أنهم كانوا يلعنونه – لعنهم الله – وهو أحب أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قلبه الشريف من فوق منبر المسجد النبوي نفسه، وأمام الروضة النبوية ذاتها. وكان أولاد سيدنا علي وأقرب أقربائه يسمعون هذا اللعن بآذانهم« (158).

ويشير الدكتور قلعجي إلى أحاديث صحيحة – بكل أسف - تفيد بأن معاوية وأمراءه كانوا يسبون ويلعنون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على المنابر، ويأمرون الناس بذلك، ومنها:

»عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب [عليا] ، فقال [سعد] : أمَّا ما ذكرتُ ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي وخلفَه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال [سعد]: فتطاولنا لها فقال: ادع لي عليا فأتاه وبه رمد فبصق في عينه فدفع الراية إليه ففتح الله عليه، ولما أنزلت هذه الآية "قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم" الآية .. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي… « (159) زادت بعض الروايات: »فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة« (160) أو :» فلا والله ما ذكره ذلك الرجل بحرف حتى خرج من المدينة« (161) »وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا« (162).

»عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: استُعمِل على المدينة رجل من آل مروان، قال: فدعا سهل بن سعد، فأمره أن يشتم عليا، قال: فأبى سهل، فقال له: أمَّا إذ أبيتَ، فقل: لعن الله أبا تراب، فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب، وإن كان ليفرح إذا دعي بها« (163). و»عن عمير بن إسحاق قال كان مروان أميرا علينا ست سنين فكان يسب عليا كل جمعة ثم عزل ثم استعمل سعيد بن العاص سنتين فكان لا يسبه ثم أعيد مروان فكان يسبه« (164).

»عن عبدالرحمن بن الأخنس أن المغيرة بن شعبة خطب، فنال من علي، قال: فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم بالعاشر، ثم ذكر نفسه. ورواه الإمام أحمد أيضا عن وكيع عن شعبة« (165) و»عن عبدالله بن السهو قال: لما بويع لمعاوية بالكوفة أقام المغيرة بن شعبة خطباء يلعنون عليا رضي الله عنه، قال: فأخذ بيدي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال: ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم يأمر بلعن رجل من أهل الجنة أشهد على تسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم أبال..« (166).

وليس من ريب أن سب ولعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بدعة شنيعة، كما قال الدكتور قلعجي، لكن الرد عليه بالسب واللعن لا يقل شناعة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: »ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش« (167). * القاعدة الحادية عشرة :
الابتعاد عن التكفير وعن الاتهام بالنفاق لقد درج جهلة الشيعة على اتهام جل الصحابة بالكفر والنفاق، وبالارتداد عن الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وركز هؤلاء الجهلة على أشخاص كانت بينهم وبين أمير المؤمنين علي خلافات سياسية أفضت إلى مقاتلة بعضهم، مثل معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، أو من لهم صلة بهؤلاء مثل أبي سفيان بن حرب.

وقد تصدى شيخ الإسلام ابن تيمية لهؤلاء بقلمه، وبيَّن لهم بالبرهان الساطع والِحجاج المقنع أن هؤلاء رجال مؤمنون، ظلوا على إيمانهم منذ أن دخلوا الإسلام. بل أسلم بعضهم – مثل عمرو بن العاص - في ظروف لا تدع مجالا لتهمة النفاق. أما الأخطاء التي ارتكبوها والذنوب التي أصابوها فهي لا تنفي عنهم صفة الإيمان وحب الله ورسوله.

أما عمرو بن العاص فيكفي في صدق إيمانه وبراءته من النفاق أنه من المهاجرين، والهجرة والنفاق نقيضان، كما يبرهن شيخ الإسلام في تحليله المنطقي المفحم، فيقول: »فعمرو بن العاص وأمثاله ممن قدم مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، هاجروا إليه من بلادهم طوعا لا كرها. والمهاجرون لم يكن فيهم منافق، وإنما كان النفاق في بعض من دخل من الأنصار. وذلك أن الأنصار هم أهل المدينة، فلما أسلم أشرافهم وجمهورهم احتاج الباقون أن يظهروا الإسلام نفاقا، لعز الإسلام وظهوره في قومهم. وأما أهل مكة فكان أشرافهم وجمهورهم كفارا، فلم يكن يُظهر الإسلام إلا من هو مؤمن ظاهرا وباطنا، فإنه كان مَن أظهر الإسلام يُؤْذَى ويُهجَر. وإنما المنافق يظهر الإسلام لمصلحة دنياه، وكان مَن أظهر الإسلام بمكة يتأذَّى في دنياه … « (168). فإذا أضفنا دلالة النص النبوي إلى هذا التحليل المنطقي الذي تذعن له العقول، علمنا أن عمرو بن العاص كان مؤمنا حقا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: »ابنا العاص مؤمنان: عمرو وهشام« (169). و»عن عمرو بن العاص قال: كان فزع بالمدينة، فأتيت سالما مولى أبي حذيفة، وهو محتبٍ بحمائل سيفه، فأخذت سيفا فاحتبيت بحمائله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، ألا كان مَفْزَعكم إلى الله ورسوله؟ ألا فعلتم كما فعل هذان المؤمنان« (170). وقد قال عمرو بين يديْ رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو صادق في ذلك مصدَّق-: »يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكني أسلمتُ رغبة في الإسلام، ولِأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم...« (171). ثم جاء الفعل النبوي معضدا للشهادة القولية، فعمرو بن العاص »قد أمَّره النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يول على المسلمين منافقا« (172). وفي ندم عمرو بن العاص وتحسره على سيرته السياسية وهو يحتضر دليل كاف على إيمانه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: »من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن« (173) ومن الأخبار التي وردت في ندم عمرو بن العاص رضي الله عنه على سيرته السياسية: »عن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه، أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ قال: فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. إني قد كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحدٌ أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار. فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال: مالك يا عمرو؟ قال قلت: أردت أن أشترط، قال: تشترط بماذا؟ قلت: أن يُغفَرَ لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله. وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة. ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها. فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي« (174).» وعن عمرو بن العاص قال: لئن كان أبو بكر وعمر تركا هذا المال، لقد غُبِـنَا وضلَّ رأيهما، وأيم الله ما كانا مغبونين ولا ناقصي الرأي. وإن كان لا يحل لهما فأخذناه بعدهما لقد هلكنا. وأيم الله ما جاء الوهم إلا من قِبَلنا« (175) »وعن أبي نوفل بن أبي عقرب قال: جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعا شديدا، فلما رأى ذلك ابنه عبدالله قال: يا أبا عبد الله ما هذا الجزع وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك؟ قال أَيْ بنيَّ قد كان ذلك وسأخبرك عن ذلك، أما والله ما أدري أحبا كان ذلك أم تألفا يتألفني، ولكن أشهدُ على رجلين أنه فارق الدنيا وهو يحبهما: ابن سمية [عمار بن ياسر] وابن أم عبد [عبد الله بن مسعود]. فلما حزبه الأمر جعل الأغلال من ذقنه، وقال: اللهم أمرتنا فتركنا، ونهيتنا فركبنا، ولا يسعنا إلا مغفرتك. وكانت تلك هجِّيرَاهُ حتى مات« (176).

وأما معاوية، فيكفي تولية عمر له دليلا على براءته من النفاق، قال ابن تيمية: »وكان عمر بن الخطاب من أعظم الناس فراسة، وأخبرهم بالرجال، وأقومهم بالحق وأعلمهم به … ولا استعمل عمر قط - بل ولا أبو بكر – على المسلمين منافقا، ولا استعملا من أقاربهما، ولا كان تأخذهما في الله لومة لائم. بل لما قاتلا أهل الردة وأعادوهم إلى الإسلام منعوهم ركوب الخيل وحمل السلاح، حتى تظهر صحة توبتهم. وكان عمر يقول لسعد بن أبي وقاص وهو أمير العراق: "لا تستعمل أحدا منهم، ولا تشاورهم في الحرب". فإنهم كانوا أمراء أكابر مثل طليحة الأسدي، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، والأشعث بن قيس الكندي، وأمثالهم. فهؤلاء لما تخوف أبو بكر وعمر منهم نوع نفاق لم يولُّوهم على المسلمين« (177) »وكيف يكون رجلا متوليا على المسلمين أربعين سنة نائبا [أميرا] ومستقلا [خليفة]، يصلي بهم الصلوات الخمس، ويخطب ويعظهم، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويقيم فيهم الحدود، ويقسم بينهم فيئهم ومغانمهم وصدقاتهم، ويحج بهم، ومع هذا يخفى نفاقه عليهم كلهم، وفيهم من أعيان الصحابة جماعة كثيرة؟« (178).

صحيح أن مجرد تولية عمر لأي شخص لا تعني براءته من ارتكاب ظلم أو إتيان معصية، وقد أوردنا قول ابن تيمية من قبل: »كان عمر يستعمل من فيه فجور لرجحان المصلحة في عمله، ثم يزيل فجوره بقوته وعدله«. ولكنها تعني براءته من النفاق. فما كان عمر ليولي منافقا، وما كان لينخدع بنفاق المنافقين لهذا الحد.

وأما أبو سفيان – وإن كان شيخ الإسلام ابن تيمية يروي عن بعض أهل العلم توقفا في حسن إسلامه (179) فقد ثبت عنه ما يفيد حسن الإسلام، بل والمشاركة في الجهاد. وقد أورد الذهبي قصة اشتراك أبي سفيان في الجهاد يوم اليرموك تحت راية ابنه يزيد بن أبي سفيان، ثم قال: »فإن صح هذا عنه فإنه يغبط بذلك« (180) وقد وجدنا بحمد الله أن القصة صحيحة، قال الحافظ ابن حجر: »روى يعقوب بن سفيان وابن سعد بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب عن أبيه، قال: فُقِدت الأصوات يوم اليرموك إلا صوت رجل يقول: "يا نصر الله اقترب"، قال فنظرت فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه يزيد [بن أبي سفيان]« (181). كما استدل الذهبي على صدق إيمان أبي سفيان بحواره مع هرقل، ضمن الحديث الطويل الجميل الذي رواه البخاري وبعض أهل السنن والمسانيد، فقال: »ولا ريب أن حديثه عن هرقل وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على إيمانه ولله الحمد« (182) وهو كما قال، فقد ورد في ختام ذلك الحديث: » قال أبو سفيان: والله ما زلت ذليلا مستيقنا بأن أمره [صلى الله عليه وسلم] سيظهر حتى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره« (183). أما ابن تيمية فقد استدل على إيمان أبي سفيان بأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على نجران »وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان عامله على نجران« (184) وهذا وهم من أوهام شيخ الإسلام رحمه الله، فالحديث الذي ورد فيه طلب أبي سفيان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوليه وموافقته له على ذلك هو حديث ابن عباس: »قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان [بعد فتح مكة] ولا يقاعدونه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها، قال نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال نعم، قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال نعم، قال أبو زميل ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك، لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال نعم« وهذا حديث معلول المتن، وفي سنده متهم بالكذب، رغم أنه في صحيح مسلم (185)، فقد أعلَّه العديد من أهل الحديث، منهم ابن حزم وابن الجوزي اللذان جزما بأن الحديث موضوع، واتهما أحد رواته (عكرمة بن عمار) بالكذب. وقد أفرد الحافظ ابن القيم هذا الحديث بمناقشة ضافية (186) ثم توصل إلى النتيجة التالية: »فالصواب أن الحديث غير محفوظ، بل وقع فيه تخليط والله أعلم«. وقد جزم ابن حجر بعدم صحة هذه التولية فقال: »ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على نجران، ولا يثبت« (187).

ومهما يكن، فإن تهمة الكفر والنفاق منتفية عن أولئك القوم بأدلة الشرع والعقل. ومهما يؤخذْ عليهم من مآخذ، في سلوكهم السياسي وفي دورهم في هدم أركان الخلافة الراشدة، فإنها لا تنفي عنهم صفة الإسلام والإيمان. وكل من اتهمهم بالنفاق فهو متخرص بظن، و مدع بكذب. فحري بالباحث عن الحق أن يتجنب هذا الأسلوب، ويكل السرائر إلى عالِم السرائر. * القاعدة الثانية عشرة : التحرر من الجدل وردود الأفعال لقد تحكمت ردود الأفعال في كثيرين ممن تعاملوا مع الخلافات السياسية بين أهل الصدر الأول، وسادت نزعة المراء والجدل. وردة الفعل بطبيعتها لا تكون متزنة، لأنها فعل لا إرادي. وهكذا كانت الردود على الشيعة تنحرف أحيانا لدى عوام أهل السنة وبعض محدِّثيهم وفقهائهم، فتتحول إلى نوع من "التشيع السني" الذي لا يقف عند الدفاع عن الخلفاء الراشدين ضد المتطاولين عليهم من جهلة الشيعة، بل يتجاوز ذلك إلى الدفاع عن انحرافات الملوك الأمويين وتبرير ظلمهم. وكان محمد بن الحنفية رحمه الله من أول من حذروا الناس هذا التشيع المتبادل، فقد ورد عنه أنه كان يقول: »أهل بيتين من العرب يتخذهم الناس أنداد من دون الله: نحن وبني عمنا هؤلاء: يريد بني أمية« (188).

قال الحافظ ابن كثير يصور مشهدا من هذا التشيع المتبادل: »وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادب تُضرب ببغداد ونحوها من البلاد يوم عاشوراء، ويُذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتُعلَّق المسوح على الدكاكين، ويُظهِر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين، لأنه قتل عطشان. ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق … وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية، لأنه قتل في دولتهم. وقد عاكس الروافضَ النواصبُ من أهل الشام، فكانوا في يوم عاشوراء يطبخون الحبوب، ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيدا، يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم« (189).

كما صور ابن تيمية جانبا منه فقال: »وقد كان من شيعة عثمان من يسب عليا، ويجهر بذلك على المنابر وغيرها، لأجل القتال الذي كان بينهم وبينه، وكان فيهم من يؤخر الصلاة عن وقتها ... وغلت شيعة علي في الجانب الآخر، حتى صاروا يصلون العصر مع الظهر دائما قبل وقتها الخاص، ويصلون العشاء مع المغرب دائما قبل وقتها الخاص« (190).

وقد تناول شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الأمر وبيَّن خطأ الطرفين، وأكد على أن الحق لا ينتصر بباطل، والسنة لا تنتصر بابتداع، فقال: »صارت البدع والأهواء تزداد، حتى حدث أمور يطول شرحها مثل ما ابتدعه كثير من المتأخرين يوم عاشوراء: فقوم [من الشيعة] يجعلونه مأتما يظهرون فيه النياحة والجزع، وتعذيب النفوس، وظلم البهائم … وقوم من المتسننة روَوْا ورُوِيتْ لهم أحاديث موضوعة، بنوا عليها ما جعلوه شعارا في هذا اليوم، يعارضون به شعار أولئك القوم، فقابلوا باطلا بباطل، وردوا بدعة ببدعة« (191).

وقد مات الإمام النسائي صاحب السنن – رحمه الله - ضحية لردود الأفعال هذه، لأنه ألف كتاب "الخصائص" في فضل علي بن أبي طالب، ولم يكن النسائي متشيعا، بل إمام من أئمة السنة، ولم يعتمد الروايات المكذوبة فيما رواه من أحاديث في فضل علي، بل »جمع من ذلك شيئا كثيرا بأسانيد أكثرها جياد« كما يقوا ابن حجر (192). لكن كل ذلك لم يشفع له: »قال الدارقطني: خرج [النسائي] حاجا، ومر على دمشق، فسئل بها عن فضل معاوية بن أبي سفيان، فقال: ألا يرضى رأسا برأس حتى يُفضَّل؟ … فما زالوا به يدفعونه في خصييه حتى أخرجوه من المسجد، فاعتل على إثر ذلك، فقال: احملوني إلى مكة، وتوفي بها« (193).

ولو أن ردود الأفعال هذه ظهرت عند بعض عوام أهل السنة فقط لهان الأمر، ولكنها تجاوزت إلى بعض أهل العلم، فدفعتهم إلى ارتكاب أخطاء علمية فادحة أحيانا، دفعهم إليها المراء والجدل. ومن هذه الأخطاء ما سبق أن ذكرناه من قبل من ميل إلى تضعيف الصحيح وتصحيح الضعيف والسكوت على الروايات الباطلة، تأييدا لرأي يريح الضمير، وإن لم يكن له مستند مكين. ويمكن أن نضيف هنا أمثلة أخرى منها:

أولا: اتهام علماء أجلاء بالتشيع والرفض ظلما. فقد اتهم البعض إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري بالتشيع بسبب تصحيحه لحديث غدير خم: »من كنت مولاه فعلي مولاه « رغم أن الحديث رواه جمع من الصحابة منهم زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو أيوب، وابن عباس، وعلي نفسه (194) وأخرجه جمع من الحفاظ منهم أحمد وابن ماجه والحاكم والترمذي وابن أبي شيبة والنسائي وابن حبان (195) بطرق كثيرة جلها »صحاح وحسان« كما قال الحافظ ابن حجر (196). وزاد ابن حجر: »وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلَّف فيه أضعاف من ذُكر. وصححه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابيا« (197). وقد تكشَّف أن التهمة التي ألصقت بالطبري كانت وراءها مواقف مذهبية لا علاقة لها بالدفاع عن الصحابة، أو بالتحقيق العلمي في الحديث. وذلك أن الطبري جمع كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء، ولم يذكر فيه الإمام أحمد بن حنبل، فقيل له في ذلك، فقال: لم يكن فقيها، إنما كان محدِّثا. فاشتد ذلك على الحنابلة، فبدأوا يطعنون فيه ويتهمونه بالرفض والتشيع تعصبا لإمامهم. ولذلك كان الحافظ ابن خزيمة يقول إن الطبري »ظلمته الحنابلة« (198). ولم يكن الإمام الطبري آخر من اتهم بتهمة الرفض ظلما وبغيا، فقد اتهم بها أكابر آخرون من علماء السنة، منهم الدارقطني والحاكم والنسائي وابن عبد البر. ويكفي أن الإمام الشافعي اتُّهِم بالتشيع ظلما لأنه كان يفعل أمورا رأى أنها من السنة وافقت عمل الشيعة، مثل الجهر بالبسملة »وبعض الناس تكلم في الشافعي بسببها، وبسبب القنوت، ونسبه إلى قول الرافضة« (199).

ثانيا: تحريم أمور رغَّب فيها الشرع أو أباحها، لمجرد مخالفة الشيعة، وهو خطأ وقع فيه كثيرون نتيجة لردود الأفعال. لكن شيخ الإسلام ابن تيمية – تمسكا بمنهج الاتزان والاعتدال - رفض ذلك، فقال: »الذي عليه أئمتنا أن ما كان مشروعا لم يُترك لمجرد فعل أهل البدع، لا الرافضة ولا غيرهم. وأصول الأئمة [الأربعة] كلهم توافق هذا« (200) ثم أورد أمثلة فقهية على ذلك منها:

- تسنيم القبور عند أبي حنيفة وأحمد.

- الجهر بالبسملة والقنوت عند الشافعي.

- تضعيف مالك للقول بالمسح على الخفين في الحضر.

- الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي حنيفة.

وقد اشتهر الشيعة بكل هذه الأمور حتى كرهها بعض أهل السنة، لكن ابن تيمية لا يرى لتلك الكراهة وجها، خصوصا إذا تحولت من موقف عارض إلى فتوى دائمة. وهو يشرح ذلك بقوله: »إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحبا. ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم [الشيعة] فإنه لم يترك واجبا بذلك، لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم، فلا يتميز السني من الرافضي، ومصلحة التميز عنهم أعظم من مصلحة هذا المستحب. وهذا الذي ذهب إليه يُحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على فعل ذلك المستحب. لكن هذا الأمر عارض، لا يقتضي أن يُجعل المشروع غير مشروع دائما« (201).

ويروي ابن تيمية عن الإمام أحمد رفضه الحاسم الانسياق مع ردود الأفعال هذه »قال سلمة بن شبيب للإمام أحمد: يا أبا عبد الله، قوَّيتَ قلوب الرافضة، لما أفتيت أهل خراسان بالمتعة [من الحج؟] فقال: يا سلمة، كان يبلغني عنك أنك أحمق، والآن قد ثبت عندي أنك أحمق. عندي أحد عشر حديثا صحاحا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أتركها لقولك ؟!؟« (202) وسنورد أمثلة أخرى على "التشيع السني" من كتاب ابن العربي "العواصم من القواصم" فيما بعد إن شاء الله.

ومهما يكن من أمر، فإن التحرر من ردود الأفعال ضرورة شرعية ومنهجية للتعامل مع تلك الخلافات تعاملا علميا منصفا، يحفظ للرجال حقهم، وللحق حقه. * القاعدة الثالثة عشرة : إدراك الطبيعة المركبة للفتن السياسية إن من أسباب دقة شيخ الإسلام في هذه النقطة التي عمم فيها كثيرون، هي إدراكه للطبيعة المركبة للفتنة، وتأثير كل من الشهوات والشبهات فيها، وهو يشرح ذلك بقوله: »إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، فبالهدى يُعرَف الحق، وبدين الحق يُقصَد الخير ويُعمَل به، فلا بد من علم بالحق وقصد له وقدرة عليه. والفتنة تضاد ذلك: فإنها تمنع معرفة الحق أو قصده أو القدرة عليه، فيكون فيها من الشبهات ما يُلبس الحق بالباطل حتى لا يتميز لكثير من الناس أو أكثرهم، ويكون فيها من الأهواء والشهوات ما يمنع قصد الحق وإرادته، ويكون فيها من ظهور الشر ما يضعف القدرة على الخير« (203).

وأهم أسباب الفتن السياسية في نظر ابن تيمية هو الظلم السياسي، وأكبر عاصم منها هو الوقوف في وجه الظلم، والأخذ على يد الظالم ابتداء قبل استفحال الأمر وخروجه من أيدي الصالحين. قال تعالى: »واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة« (204) وقد فسر ابن تيمية الآية بما يخدم هذا المعنى فقال: »إن الظالم يظلم فيُبتَلى الناس بفتنة تصيب من لم يظلِم، فيعجز عن ردها حينئذ، بخلاف ما لو مُنع الظالم ابتداء، فإنه كان يزول سبب الفتنة« (205).

وبفضل هذه الرؤية المركبة، ابتعد شيخ الإسلام عن التبسيط والنظرة الآحادية المشوِّهة للحقائق، ونظر إلى الأمور نظرة شاملة، أدرك من خلالها تعقيداتها وتشابكها: فبينما يفسر البعض – مثلا - مقتل عثمان رضي الله عنه بسبب واحد، هو تآمر اليهود أو المجوس أو غيرهم، يفسره ابن تيمية بجملة أسباب متعاضدة: منها حب الدنيا لدى القتلة ولدى بعض أقارب عثمان وأمرائه، ومنها الواقع الاجتماعي المتغير وأثر فيض المال عليه، ومنها شخصية ذي النورين غير الحازمة وبعض الأخطاء السياسية التي تراكمت في أواخر خلافته. يقول ابن تيمية: »وأما عثمان فإنه بنى على أمر قد استقر قبله بسكينة وحلم وهدى ورحمة وكرم، ولم يكن فيه قوة عمر ولا سياسته، ولا فيه كمال عدله وزهده، فطُمِع فيه بعض الطمع، وتوسعوا في الدنيا، وأدخل من أقاربه في الولايات والمال، ودخلت بسبب أقاربه في الولايات والأموال أمور أُنكرتْ عليه. فتولد من رغبة بعض الناس في الدنيا، وضعف خوفهم من الله، ومنه، ومن ضعفه هو، وما حصل من أقاربه في الولاية والمال، ما أوجب الفتنة، حتى قُتِل مظلوما شهيدا« (206) وفي موضع آخر يقول: »فلما كان آخر خلافة عثمان زاد التغير والتوسع في الدنيا، وحدثت أنواع من الأعمال لم تكن على عهد عمر، فحصل بين القلوب تنافر حتى قُتِل عثمان« (207).

فتأوُّل ابن تيمية لعثمان ليس مبنيا على تصويب لسياسات عثمان رضي الله عنه، وإيثاره لأقاربه بالولايات والمال، بل هو مبني على أن »عثمان بن عفان رضي الله عنه تاب توبة ظاهرة من الأمور التي صاروا ينكرونها ويَظهر أنها منكر، وهذا مأثور عنه رضي الله عنه وأرضاه« (208) »عن إبراهيم – يعني بن عبد الرحمن بن عوف – قال: قال عثمان: "إن وجدتم في كتاب الله عز وجل أن تضعوا رجلي في القيد فضعوها« (209).

أما الذين لم يدركوا الطبيعة المركبة للفتنة، فقد نحوا منحى الآحادية في التفسير، والتبسيط في الوصف، والتعميم في الأحكام: فالشيعة اقتصروا على جانب الشهوة في الفتنة، ففسروا به كل شيء ، واتهموا نيات الجميع – غير أهل البيت طبعا – وطعنوا فيهم وبغوا عليهم. وبعض المتصدين لهم من أهل السنة – ممن لم يلتزموا بمنهج العلم والعدل - اقتصروا على جانب الشبهة، ففسروا به كل شيء، وغالوا في التكلف والتأول لتسويغ غير المستساغ، وتبرير ما لا مبرر له. حتى بلغ الأمر بابن العربي أن يتأول لقتلة الحسين وأهل بيته، كما سنرى فيما بعد. * القاعدة الرابعة عشرة : التركيز على العوامل الداخلية لقد درج العديد من الأقدمين والمعاصرين على تفسير الفتنة بالعوامل الخارجية، أعني بنظرية التآمر، مغفلين أهم العوامل التي سببت الفتنة، وهي العوامل الداخلية النابعة من أحشاء المجتمع الإسلامي الأول. وقد وجد هؤلاء في شخصية عبد الله بن سبأ أحسن تفسير لكل ما جرى. لكن هؤلاء نسوا أنهم بذلك يغُضُّون من قدر الصحابة رضي الله عنهم – من حيث لا يشعرون – حينما يصورونهم في صورة جماعة من المغفلين يتلاعب به يهودي مجهول النسب والأصل، ويدفع بعضهم إلى قتال بعض دون علم منهم أو فطنة، كما يحولون التاريخ الإسلامي إلى أساطير، بدلا من تاريخ بشر من لحم ودم. وكيف لعاقل أن يصدق أن الصحابة الذين بنوا دولة الإسلام، وهزموا أقوى الجيوش في العالم، وهدوا عروش كسرى وقيصر، يستطيع غِرٌّ يهودي التلاعب بعقولهم لهذه الدرجة. ومع ذلك يوجد من يتبنى هذا الطرح بحسن نية، خوفا من مواجهة الحقيقة المرة. لكن نظرية المؤامرة لا تستقيم، وكثيرا ما يضطر أصحابها إلى إعمال الخيال والافتراض لسد الثغرات فيها. فبدلا من تفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدى معاوية وعمرو، وتجاوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طالبا بها الأخذ بدم عثمان، ثم رفضهما ما ارتآه أبو موسى الأشعري من الصلح وتأمير عبد الله بن عمر وخلع كل من علي ومعاوية، يحاول الكثيرون إيجاد عناصر متآمرة داخل المعسكرين هي المسؤولة عن كل شيء.





صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28717
السٌّمعَة : 23
العمر : 45
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)  Empty رد: الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)

مُساهمة من طرف سامح عسكر الخميس نوفمبر 11, 2010 10:02 am

لقد رأينا منذ قليل كيف فسر ابن تيمية مقتل عثمان رضي الله عنه بأسباب داخلية، كلها ترجع إلى تسيير الدولة، وما طرأ على المجتمع من مسالك وتطورات، دون أن يشير من قريب أو من بعيد إلى ابن سبإ أو غيره من العناصر الخارجية. وها نحن الآن نعرض تلخيصا لأسباب مقتل عثمان كما رآها الحافظ ابن حجر، وسنرى كيف حصر ابن حجر تلك الأسباب في عوامل داخلية، وخلا عرضه من ذكر لابن سبأ أو غير ذلك من عناصر نظرية المؤامرة، التي وجد فيها كثيرون ملاذا للتهرب من مواجهة حقيقة ما جرى، فانساقوا وراء افتراضات لا تعين المسلمين على فهم تاريخهم والاعتبار به. يقول ابن حجر: »وكان سبب قتله أن أمراء الأمصار كانوا من أقاربه: كان بالشام كلها معاوية، وبالبصرة سعيد بن العاص، وبمصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وبخراسان عبد الله بن عامر. وكان من حج منهم [من المسلمين في هذا الأقطار] يشكو من أميره، وكان عثمان لين العريكة كثير الإحسان والحلم، وكان يستبدل بعض أمرائه فيرضيهم، ثم يعيده بعد، إلى أن رحل أهل مصر يشكون من ابن أبي سرح، فعزله وكتب له كتابا بتولية محمد بن أبي بكر الصديق، فرضوا بذلك، فلما كانوا في أثناء الطريق رأوا راكبا على راحلة فاستخبروه، فأخبرهم أنه من عند عثمان باستقرار ابن أبي سرح، ومعاقبة جماعة من أعيانهم، فأخذوا الكتاب ورجعوا وواجهوا به عثمان، فحلف أنه ما كتب ولا أذن، فقالوا: سلمنا كاتبك، فخشى عليه منهم القتل، وكان كاتبه مروان بن الحكم وهو ابن عمه، فغضبوا وحصروه في داره، واجتمع جماعة يحمونه منهم، فكان ينهاهم عن القتال، إلى أن تسوروا عليه من دار إلى دار فدخلوا عليه فقتلوه« (210). وقال ابن حجر: »ثم إن قتل عثمان كان أشد أسبابه الطعن على أمرائه، ثم عليه بتوليته لهم« (211). وكلام ابن حجر هنا عن إحسان عثمان ولين عريكته، هو صياغة مهذبة لما وصفه ابن تيمية من قبل بـ"ضعف عثمان" وعدم خوف الناس منه.

والحق أن من يقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: »هلكة أمتي على يد غلمة من قريش« (212) ليس في حاجة إلى التكلف في إيجاد تفسير تآمري خارجي للفتن السياسية التي حدثت في تلك الحقبة التاريخية. * القاعدة الخامسة عشرة :
اجتناب الصياغة الاعتقادية للخلافات الفرعية لقد بالغ بعض السلف في صياغة خلافاتهم مع المبتدعة صياغة اعتقادية »حتى أن سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة، لأنه كان عندهم من شعار الرافضة، كما يذكرون [في عقائدهم] المسح على الخفين، لأن تركه كان من شعار الرافضة« (213). وهذه مجرد ردة فعل مغالية، لا يمكن أن نبني عليها مفاصلة في المعتقد. ولذلك رفض الإمام الشافعي هذا المنحى، وأعلن عن تبني كل ما ثبت أنه سنة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإن وافق فعل الشيعة أو غيرهم، وتحمل الشافعي ثمن ذلك تهما باطلة. بل إن الأئمة الأربعة رفضوا هذا النهج كما أوضحناه في كلام شيخ الإسلام من قبل.

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم أبعد الناس عن تضخيم الخلافات الفرعية، أو تحويلها إلى أمور اعتقادية: »عن طارق بن شهاب أن خالد بن الوليد كان بينه وبين سعد بن أبي وقاص كلام، فذُكر خالد عند سعد [بسوء] فقال: مه ! فإن ما بيننا لم يبلغ ديننا« (214).

وإليك هذه القصة التي أخرجها البخاري في صحيحه: »دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار حين بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: "ما رأيناك أتيت أمرا أكره عندنا من مسارعتك في هذا الأمر منذ أسلمتَ" فقال عمار: "ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما في هذا الأمر، وكساهما حلة حلة، ثم راحوا إلى المسجد« (215). فانظر كيف يكون أدب الخلاف في أمر ينبني عليه حمل السيف والقتال، وكيف لم يتهم أي من الطرفين الآخر في معتقده. و»عن أبي البختري قال: سئل علي رضي الله عنه عن أهل الجمل أمشركون هم؟ قال: من الشرك فروا، قيل: أمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. قيل: فما هم؟ قال: إخواننا بغوا علينا« (216) وفي رواية »عن عبد خير قال: سئل علي رضي الله عنه عن أهل الجمل فقال: إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم، وقد فاؤوا وقد قبلنا منهم« (217). و»عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال: انتهينا إلى علي رضي الله عنه، فذكر عائشة، فقال: خليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم« قال الحافظ الذهبي بعد أن أورد هذا الأثر:»هذا حديث حسن... وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما، فرضي الله عنهما« (218). كما ورد في خبر طويل أن أهل صفين كانوا إذا وضعوا السيف وتوادعوا أيام القتال »دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، وهؤلاء في عسكر هؤلاء« (219). وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهو يتقاتلون لم يصوغوا خلافاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحريٌّ بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ. فحُسْن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة – وبين المسلمين عموما – أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة. * القاعدة السادسة عشرة :
الابتعاد عن منهج التهويل والتعميم لقد أسلفنا إدراك شيخ الإسلام لتعقيدات هذا الموضوع وطبيعته المركبة. ومن أدرك ذلك لا بد أن يتسع صدره لقبول تفسيرات مختلفة لما حدث، بعضها يميل إلى التأول والتبرير، وبعضها إلى الصراحة والنقد، ما دام الجميع يستصحبون فضل الصحابة رضي الله عنهم، ويعتمدون منهجا علميا في التناول. لكن كثيرين ممن درسوا تلك الحقبة يميلون إلى التهويل والتعميم: فيحذِّرون ويُنذِرون، ويرغِّبون ويرهِّبون، ويردون روايات صحيحة، وينقلون نصوصا وأقوالا، ويغفلون أخرى، ويحسمون القول حسما في أمور خلافية، ويدَّعون الإجماع في غير موضعه.

وقد اشتهر عدد من أهل العلم بهذه التجاوزات المنهجية، لا في دراستهم لتاريخ المسلمين السياسي فقط، بل حتى في مواقفهم الفقهية. ومنهم من فقهاء المالكية ابن عبد البر فيما ينقله من إجماعات، وابن رشد فيما ينقله من اتفاقات، ولذلك قال "النابغة الشنقيطي" في نظم له عن المعتمد من مؤلفات المالكية وأقوالهم:

وحذر الشيوخ من إجماعِ عن ابن عبد البر ذي السماعِ

وحذروا أيضا من اتفـاقِ عن ابن رشد عالِم الآفــاقِ (220)

والذي يتأمل كتابات أعلام أمثال الإمام النووي والحافظ ابن حزم رحمهما الله يدرك نزعتهم إلى الإطلاق والحسم ونقل الإجماع – لا إجماع العلماء فقط، بل إجماع الأمة – في أمور فيها اختلاف جدي مبناه تعارض الأدلة. وهذا يغر طالب العلم المبتدئ الذي يقرأ كلامهم، فيسد عقله عما عداه.

وسنذكر فيما بعد ما أخذه الحافظ ابن حجر على القاضي أبي بكر ابن العربي من نزوع إلى التهويل والتعميم، وبعض الآثار السلبية لذلك على منهج ابن العربي في دراسة الخلافات السياسية بين أهل الصدر الأول.

أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد نأى بنفسه عن هذه المزالق المنهجية، لأنها تخرج عن حد الاتزان والاعتدال الذي حرص عليه. فهو يدرك أكثر من غيره أن جمهور أهل السنة يتأولون للصحابة فيما كان بينهم من خلاف، وقد تأول لهم فيما كان التأول فيه سائغا، لكنه لا يصوغ ذلك بلغة حدية إطلاقية، ولا يحوله إلى مسألة اعتقادية، كما فعل كثيرون في الماضي والحاضر. بل يقول: »فائدة: ومما ينبغي أن يُعلَم أنه وإن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة والاستغفار للطائفتين جميعا وموالاتهم، فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسكر لم يكن إلا مجتهدا متأولا كالعلماء، بل فيهم المذنب والمسيء، وفيهم المقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى. لكن إذا كانت السيئة في حسنات كثيرة كانت مرجوحة مغفورة« (221).

والذي يستقرئ موقف أهل السنة من الفتنة، فلن يجد مذهبا واحدا، كما يريد أن يقنعنا به أصحاب التهويل والتعميم، بل سيجد مذاهب خمسة على الأقل:

1. مذهب الممسكين عن الخوض في الخلاف مطلقا، وهذا الذي عليه متكلمو أهل السنة، فهم أقل الناس خوضا وكتابة في الموضوع، رغم ولعهم بالجدل وتشقيق الكلام في مواطن أخرى.

2. مذهب الداعين إلى الإمساك عنه، مع خوضهم فيه، كالذهبي في "تاريخ الإسلام" و"سير أعلام النبلاء" وابن كثير في "البداية والنهاية". ويحمل خوضهم على أنه ترخص لغرض تعليمي، أو أن المراد بالخوض عندهم هو ما كان على سبيل الذم والقدح.

3. مذهب الخائضين في الخلاف مع التأول لكل الأطراف بأن كلا منها مجتهد مأجور، وهذا مذهب مشهور ذائع اتبعته جماهير الأمة عبر القرون، خصوصا غير المتمكنين من خلفيات الأحداث ومراميها.

4. مذهب الخائضين دون تأول، وقد اشتهر من أهله بعض علماء التابعين أمثال الحسن البصري والربيع بن نافع وغيرهما.. وهذا الذي أشار إليه شيخ الإسلام بقوله: »فائدة : ومما ينبغي أن يعلم …«

5. مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة وغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه "التشيع السني". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون.

وهذا المذهب الأخير هو الأعلى صوتا اليوم، والأقوى نبرة، لأسباب سياسية ومذهبية كثيرة ليس هذا مكان عرضها. كما يغذيه جهل أبناء الأمة بتاريخها في هذا العصر.

أما شيخ الإسلام ابن تيمية، فلم يلزم نفسه بمذهب مخصوص، بل خاض في الأمر عن دراية، وتأول – من غير تكلف في الغالب - في مواطن، وانتقد نقدا صريحا في مواطن أخرى، وعرف للرجال حقهم وللحق حقه. وتجنب التعميم والتهويل، وحرص على أن لا ينصر حقا بباطل، أو يرد بدعة ببدعة.. وكذلك فليكن مذهب الباحثين عن الحق. * القاعدة السابعة عشرة :
التمييز بين السابقين وغير السابقين إن ابتعاد شيخ الإسلام عن أسلوب التعميم والتبسيط جعله يتعامل مع الفتنة من منطلق التمييز بين السابقين وغيرهم. وهو يميل إلى اعتماد القول القائل إن حرب "الجمل" كانت قتال فتنة، وأن حرب "صفين" كانت قتالا بين أهل بغي وعدل. ولذلك فهو يلتزم التأول لقادة جيش الجمل: عائشة وطلحة والزبير، أما قادة جيش الشام في صفين كمعاوية وعمرو فهو يتأول لهم أحيانا، وأحيانا لا يتأول، ويروي مذاهب مختلفة لأهل السنة في شأنهم، ثم يقول: »وهذا في حرب أهل الشام. والأحاديث تدل على أن حرب الجمل فتنة، وأن ترك القتال فيها أولى، فعلى هذا نصوص أحمد وأكثر أهل السنة« (222).

وهذا التمييز من حسن فقه شيخ الإسلام ودقة فهمه، لأن قادة جيش الجمل من الأكابر الذين ثبت لهم من السابقة، ومن التزكية على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يجعل حمل قتالهم على الطموح الشخصي أمرا لا يحتمل. ومن هذه التزكية قوله صلى الله عليه في طلحة: »من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله« (223) وقوله فيه يوم أُحُد »أوجَبَ طلحة« (224) وقوله في الزبير: »لكل نبي حواريٌّ، وحواريَّ الزبير« (225) وقوله له: »فداك أبي وأمي« (226) وقوله صلى الله عليه وسلم حينما »كان على [جبل]حِراء فتحرك: فقال: اسكنْ حراء، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. وكان عليه [معه] أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير« (227). أما علي فقد ورد فيه ما يعسر حصره، وقد جمع الحافظ النسائي منه كتابا »فجمع من ذلك شيئا كثيرا بأسانيد أكثرها جياد« (228). وأما عائشة فليس بعد ثناء الله تعالى عليها ثناء.

كما أن هؤلاء السابقين انتقلوا إلى الله دون حصول على ثمرة دنيوية من قتالهم يمكن لمتهم أن يتهم نياتهم بها، ومن بقي منهم حيا بعد الحرب – عائشة – ندم واستغفر، وأعلن خطأه وتوبته. وكانت عائشة رضي الله عنها »إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها« (229).

إن استصحاب النصوص الدالة على فضل هؤلاء السابقين خير معين للباحث المنصف على فهم مقاصد القوم ونياتهم. ولذلك التزم شيخ الإسلام بالتأول لما وقع بينهم من قتال.

وليست مكانة قادة حرب الجمل وسابقتهم هي السبب الوحيد في تأول ابن تيمية لهم - فقد برهن ابن تيمية على أنه يكره التكلف في التأول حتى للسابقين - وإنما تأول لقادة جيش "الجمل" لوجود نصوص أخرى كثيرة دلت على حسن نياتهم، وعدم قصدهم أي مصلحة دنيوية في خروجهم إلى العراق. ومنها:

1. »لما أقبلت عائشة [يعني إلى البصرة] فلما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا ؟ قالوا ماء الحوأب. قالت: ما أظن إلا أنني راجعة. قال بعض مَن كان معها: بل تقدمين ، فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟« (230). وفي رواية أن الذي قال لها ذلك هو الزبير (231).

2. »عن محمد بن قيس قال: ذُكر لعائشة يوم الجمل، قالت: والناس يقولون يوم الجمل؟ قالوا: نعم، قالت: وددت أني جلست كما جلس أصحابي، وكان أحب إلي [من] أن أكون وَلِدْتُ من رسول الله صلى الله عليه بضع عشرة، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ومثل عبد الله بن الزبير« (232) و»قالت عائشة – وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها – [مع النبي صلى الله عليه وسلم وخليفتيه] فقالت: إني أحدثتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثًا، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت في البقيع رضي الله عنها« (233) قال الحافظ الذهبي: »قلت: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية، وتابت من ذلك. على أنها ما خرجت إلا متأولة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع« (234) وقال في موضع آخر: »ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ« (235).

3. »عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل: يا ابن صفية، هذه عائشة تملِّك الملك طلحة، فأنت علامَ تقاتل قريبك عليا. زاد فيه غير ابن شهاب: فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله« (236). و»عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير يوم الجمل، وكانوا يسلِّمون عليه بالإمرة، إلى أن قال: فطعنه ابن جرموز ثانيا فأثبته فوقع، ودفن بوادي السباع، وجلس علي رضي الله عنه يبكي عليه هو وأصحابه« (237). وهناك بعض القرائن على أن الزبير رضي الله عنه بدأ يندم على خروجه حتى قبل بدء الحرب: » عن مطرف قال: قلنا للزبير رضي الله عنه: يا أبا عبد الله، ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل، ثم جئتم تطلبون بدمه. قال الزبير رضي الله عنه: إنا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" لم نكن نحسب أنا أهلها، حتى وقعت منا حيث وقعت« (238).

4. »عن قيس بن سعد بن عبادة قال: سمعت عليا يوم الجمل يقول لابنه الحسن: "يا حسن، وددت أني مت منذ عشرين سنة"« (239) »وعن طلحة بن مصرف أن عليا انتهى إلى طلحة بن عبيد الله وقد مات، فنزل عن دابته، وأجلسه، فجعل يمسح الغبار عن وجهه ولحيته وهو يترحم عليه، ويقول: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة« (240) وفي رواية »عن الشعبي قال: رأى عليٌّ طلحةَ في واد ملقىً، فنزل فمسح التراب عن وجهه وقال: عزيزٌ علي أبا محمد أن أراك مجدَّلا في الأودية تحت نجوم السماء. إلى الله أشكو عُجَري وبُجَري [=عجزي وضعفي]« (241).

وواضح من هذه النصوص أن أم المؤمنين عائشة بدأت تستشعر الخطأ في خروجها وهي في الطريق إلى البصرة، وأنها لم تواصل مسيرها إلا حرصا على إصلاح ذات البين، ولا أحد يستطيع اتهامها بالطموح إلى قيادة الأمة. وواضح كذلك أن الزبير ندم ورجع قبل بدء القتال، وأن عليا ندم على القتال وبكى على القتلى من خصومه، وأن اقتتالهم كان بدءا وانتهاء قتال فتنة »وقتال الفتنة مثل قتال الجاهلية، لا تنضبط مقاصد أهله واعتقاداتهم« (242) كما يقول ابن تيمية بحق.

من هنا تأول شيخ الإسلام للسابقين الذين شاركوا في حرب الجمل، فقال: »فإن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها. وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم، فإنه لما تراسل علي وطلحة والزبير، وقصدوا الاتفاق على المصلحة، وأنهم إذا تمكنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة، وكان عليٌّ غير راض بقتل عثمان ولا معينا عليه … فخشي القتلةُ أن يتفق علي معهم على إمساك القتلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن عليا حمل عليهم، فحملوا دفعا عن أنفسهم، فظن علي أنهم حملوا عليه فحمل دفعا عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم« (243) وقال: »وأما الحرب التي كانت بين طلحة والزبير وبين علي، فكان كل منهما يقاتل عن نفسه ظانا أنه يدفع صول غيره عليه: لم يكن لعلي غرض في قتالهم، ولا لهم غرض في قتاله، بل كانوا قبل قدوم علي يطلبون قتلة عثمان، وكان للقتلة من قبائلهم من يدفع عنهم، فلم يتمكنوا منهم. فلما قدم علي وعرَّفوه مقصودهم، عرَّفهم أن هذا أيضا رأيه، لكن لا يتمكن حتى ينتظم الأمر. فلما علم بعض القتلة ذلك حمل على أحد المعسكرين، فظن الآخرون أنهم بدأوا القتال، فوقع القتال بقصد أهل الفتنة، لا بقصد السابقين الأولين، ثم وقع قتال على الملك« (244). وقال شيخ الإسلام: »لم يكن علي – مع تفرق الناس عليه – متمكنا من قتل قتلة عثمان إلا بفتنة أشد شرا وبلاء. ودفع أفسد الفاسديْن بالتزام أدناهما أوْلى من العكس، لأنهم كانوا عسكرا، وكانت لهم قبائل تغضب لهم، والمباشر منهم للقتل – وإن كان قليلا – فكان ردؤهم أهل الشوكة، ولولا ذلك لم يتمكنوا« (245). ومثله قول الحافظ بدر الدين العلائي: »فلو أقاد [علي] من أحدهم لنفرت قبائلهم كلها، وكثرت الفتن، وزاد الهرج« (246).

وتأوُّل ابن تيمية لعائشة وطلحة والزبير هو من نوع تأوله لعثمان رضي الله عنه، فهو لم يصوب سياسات عثمان في إيثار الأهل والأقارب بالمناصب والأموال – كما يفعل المتكلفون اليوم – بل صرح على الملإ: »نحن لا ننكر أن عثمان رضي الله عنه كان يحب بني أمية، وكان يواليهم ويعطيهم أموالا كثيرة« (247) »نعم! كان يعطي أقاربه عطاء كثيرا، ويعطي غير أقاربه أيضا، وكان محسنا إلى جميع المسلمين« (248) »وكان عثمان في السنين الأُول من ولايته لا ينقمون منه شيئا، ولما كانت السنين الآخرة نقموا منه أشياء، بعضها هم معذورون فيه، وكثير منها كان عثمان هو المعذور فيه« (249) لكن ابن تيمية يبين أن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما شهيدا، ولم يكن في كل ما فعله ما يسوِّغ سفك دمه الطاهر. كما أنه هنا لم يصوب خروج هؤلاء الأكابر من قادة جيش الجمل على الإمام الشرعي، وتسرعهم في المطالبة بدم عثمان بطريقة الثأر الجاهلي، بدلا من احترام الإجراءات الشرعية في رفع الدعوى لدى الحاكم، وصدور حكم قضائي، ثم تنفيذ الحكم على يد سلطة شرعية.. لكن ابن تيمية يبين أيضا أن من يتهم نيات أولئك الأكابر ظالم متعد، بعدما ثبت عنهم من صدق النية وسلامة الطوية، وحب الله ورسوله، والندم على خطئهم في الخروج على الجماعة وإمامها.

أما قادة جيش الشام في صفين فليست لهم مثل تلك السابقة والمكانة، وقد جنوا ثمرة وقوفهم في وجه خلافة علي ملكا امتد أعواما مديدة، بل دولا ورَّثوها أبناءهم وأحفادهم عقودا عديدة. ويروي ابن تيمية الخلاف بين أهل العلم في تكييف قتالهم ليالي صفين، فيقول: »وإنما كان القتال قتال فتنة عند كثير من العلماء، وعند كثير منهم هو من باب قتال أهل العدل والبغي« (250). وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أفاد دون ريب أن أهل الشام بغاة، حين قال عن عمار بن ياسر: »تقتله الفئة الباغية« (251) وهو حديث متواتر. ورواية البخاري للحديث لا تدع لبسا حول بغي أهل الشام في تلك الحرب، فقد ورد فيها: »ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار« (252). ونظرا لذيوع هذا الحديث، فإن عمارا كان منارة للحق يأوي إليها من التبس عليه أمر الفتنة، حتى قال ابن العماد الحنبلي إن »عمار بن ياسر ميزان العدل في تلك الحروب« (253).

ولذلك يميل ابن تيمية – أحيانا - إلى عدم التأول لقادة جيش الشام في صفين، لكن الغالب عليه هو التكلف في التأول لهم. ويظل ذلك التكلف في الدفاع عن قادة الشام بصفين – خصوصا معاوية – من نقاط الضعف الأساسية في تحليلات ابن تيمية، كما نبينه في "الملاحظات على منهج ابن تيمية" التي تلي هذه القواعد. * روابط ذات صلة :

- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (6/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (5/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (4/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (2/6)
- الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (1/6) الهوامش :

[146] صحيح البخاري 6/2489 وقارن مع مسند أبي يعلى 1/161
[147] صحيح البخاري 1/27 ومسلم 1/81
[148] صحيح البخاري 1/470
[149] الحاكم 3/371 وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقارن مع النسائي 2/227
[150] البخاري 5/2286 ومسلم 4/1763
[151] الحاكم 2/298 والترمذي 4/521 وابن ماجه 2/1828 وابن أبي شيبة 5/302 وأحمد 2/250
[152] ابن حبان 13/37 وأبو داود 4/327 والنسائي 6/234 وأحمد 5/192
[153] البخاري 3/ 1343 مسلم 4/1967
[154] مجموع الفتاوى 4/487
[155] الألباني: صحيح سنن أبي داود 3/878
[156] منهاج السنة 4/573
[157] ابن مفلح: المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد 2/ 136
[158] ورد هذا الكلام في تعليقات الدكتور قلعجي على كتاب ابن كثير: جامع المسانيد والسنن 11/566
[159] مسلم 4/1871 والحاكم 3/117 والنسائي 5/107 والبزار 3/324 والترمذي 5/638 والألباني: صحيح سنن الترمذي - أبواب المناقب
[160] الحاكم 3/117 والنسائي 5/122
[161] البزار 3/324
[162] فتح الباري 7/74
[163] مسلم 4/1874 و البيهقي 2/446
[164] أحمد بن حنبل: العلل ومعرفة الرجال 3/176
[165] المقدسي: الأحاديث المختارة 3/288-289 وقال محقق الكتاب: " إسناده حسن" وانظر مسند الشاشي 1/247 وأحمد 1/188 وأبو يعلى 2/259 وانظر أيضا ابن أبي عاصم: السنة 2/619 وسير أعلام النبلاء 1/104 وتهذيب الكمال 16/504
[166] ابن أبي عاصم: السنة 2/618-619
[167] ابن حبان 1/421 والحاكم 1/57 والترمذي 4/350 والبيهقي 10/243
[168] ابن تيمية: الخلافة والملك ص 75-76
[169] أخرجه أحمد 2/304 والحاكم 3/268 وصححه، ووافقه الذهبي. انظر: سير أعلام النبلاء 1/314 و3/56 وقال محقق الكتاب الشيخ شعيب الأرنؤوط: "إسناده حسن"
[170] ابن حبان 15/566 والنسائي في الكبرى 5/85 والهيثمي: مجمع الزوائد 9/300 وقال: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح" وسير أعلام النبلاء 3/64-65 وقال محققه الشيخ شعيب الأرنؤوط: "إسناده حسن"
[171] جزء من حديث رواه أحمد 4/197 والطبراني في الكبير وفي الأسط، وأبو يعلى، والبخاري في الأدب المفرد 1/112، والبيهقي في شعب الإيمان 2/91] وقال الهيثمي "رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح" (مجمع الزوائد 4/64) وقال ابن حجر في حديث أحمد "إسناده حسن" (الإصابة 4/653) وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: "أخرجه البخاري في الأدب المفرد من طرق عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عمرو بن العاص. وهذا سند صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي" (انظر سير أعلام النبلاء 3/66 هامش الصفحة)
[172] ابن تيمية: الخلافة والملك ص 78
[173] الحاكم 1/59 والترمذي 4/465 والنسائي 5/388 والبزار 8/72 وأبو يعلى 1/131 والمقدسي في الأحاديث المختارة 1/192 وقال الحاكم: "صحيح" وقال محقق المختارة: "إسناده صحيح"
[174] مسلم 1/112 وأبو عوانة 1/70
[175] مجمع الزوائد 5/232 وقال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح"
[176] أحمد 4/199 وقال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح" (مجمع الزوائد 9/353) وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح" (سير أعلام النبلاء 3/75 هامش الصفحة)
[177] ابن تيمية: الخلافة والملك ص 77-78
[178] مجموع الفتاوى 4/477
[179] انظر: مجموع الفتاوى 4/477
[180] سير أعلام النبلاء 2/107
[181] ابن حجر: الإصابة 2/173
[182] سير أعلام النبلاء 2/107
[183] روى حديثَ أبي سفيان عن قيصر وكتابِ النبي صلى الله عليه وسلم البخاري 1/7 والبيهقي 9/178 والنسائي 6/310 وأحمد 1/262 وأبو يعلى 5/8 وأبو عوانة 4/269 والطبراني في الكبير 8/17
[184] مجموع الفتاوى 4/454
[185] صحيح مسلم 4/1945
[186] انظر كتابه: "جلاء الأفهام" ص 245 وما بعدها
[187] الإصابة 2/172
[188] سير أعلام النبلاء 4/116
[189] ابن كثير: البداية والنهاية 8/202
[190] منهاج السنة 6/201
[191] مجموع الفتاوى 4/511-513
[192] الإصابة 2/501
[193] الإمام النسائي: فضائل الصحابة ص 40 من مقدمة محقق الكتاب د. فاروق حمادة
[194] انظر سير أعلام النبلاء 19/328 الهامش 1
[195] انظر: أحمد 1/84 وابن ماجه 1/45 والحاكم 3/119والترمذي 5/633 وابن أبي شيبة 6/633 والنسائي 5/130 وابن حبان 15/376
[196] فتح الباري 7/74
[197] ابن حجر: تهذيب التهذيب 7/294
[198] انظر الذهبي: سير أعلام النبلاء 14/273 وابن حجر: لسان الميزان 5/102 والخطيب: تاريخ بغداد 2/164
[199] منهاج السنة 4/150
[200] منهاج السنة 4/150
[201] منهاج السنة 4/154-155
[202] منهاج السنة 4/152
[203] منهاج السنة 4/547-548
[204] سورة الأنفال، الآية 25
[205] منهاج السنة 4/323
[206] منهاج السنة 7/452
[207] الفتاوى 14/158
[208] منهاج السنة 6/208
[209] مجمع الزوائد 7/227 وقال الهيثمي :رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ورجال الصحيح
[210] الإصابة 4/458
[211] فتح الباري 13/13
[212] البخاري 3/2985
[213] منهاج السنة 4/151
[214] مجمع الزوائد 7/ 223 وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
[215] صحيح البخاري 6/2601
[216] البيهقي 8/173 وابن أبي شيبة 7/535
[217] البيهقي 8/182
[218] سير أعلام النبلاء 2/176
[219] مستدرك الحاكم 3/436 ومجمع الزوائد 7/240 وقال الهيثمي : رواه الطبراني باختصار وأبو يعلى بنحو الطبراني ، والبزار … ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات
[220] من نسخة مخطوطة لدى المؤلف
[221] مجموع الفتاوى 4/434
[222] مجموع الفتاوى 35/51
[223] الألباني: صحيح سنن الترمذي 5/644
[224] صحيح ابن حبان 15/436 ومستدرك الحاكم 3/28 والترمذي 4/201 وصححه الحاكم والألباني
[225] صحيح البخاري 6/2650 وصحيح مسلم 4/1879
[226] صحيح البخاري 3/1362
[227] صحيح مسلم 4/1880
[228] ابن حجر: الإصابة 2/501
[229] الذهبي : المنتقى ص 236
[230] حديث صحيح . انظر: سير أعلام النبلاء 2/177-178
[231] مجمع الزوائد 7/234 وقال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح
[232] مجمع الزوائد 7/238 وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه أبو نجيح وهو ضعيف يكتب حديثه، وبقية رجاله ثقات
[233] صححه الحاكم ووافقه الذهبي . سير أعلام النبلاء 2/193 (الهامش)
[234] سير أعلام النبلاء 2/193
[235] سير أعلام النبلاء 2/177
[236] صححه ابن حجر ، انظر سير أعلام النبلاء 1/59 (الهامش)
[237] رجاله ثقات . انظر :سير أعلام النبلاء 1/61 (الهامش)
[238] أحمد 1/165 وقال الهيثمي: "رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح" مجمع الزوائد 7/27 والمقدسي: الأحاديث المختارة 3/66 وقال محققه عبد الملك بن دهيش: "إسناده حسن" والذهبي: سير أعلام النبلاء 1/57 وقال محققه شعيب الأرنؤوط: "سنده حسن"
[239] أخرجه الطيراني وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : "رجاله ثقات وقال الهيثمي إسناده جيد" . انظر: سير أعلام النبلاء 1/37 ومجمع الزوائد 9/150
[240] مجمع الزوائد 9/150 وقال الهيثمي : رواه الطبراني وإسناده حسن
[241] سير أعلام النبلاء 1/36
[242] منهاج السنة 4/468
[243] منهاج السنة 4/316-317 والمنتقى ص 419-420 ولاحظ نفس التحليل عند ابن حجر: فتح الباري 13/57)
[244] منهاج السنة 6/339
[245] منهاج السنة 4/407
[246] العلائي : تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شرف الصحبة ص 103
[247] منهاج السنة 6/ 356
[248] منهاج السنة 6/249
[249] منهاج السنة 6/252
[250] منهاج السنة 6/328 وقارن مع مجموع الفتاوى 4/444
[251] ممن أخرجه البخاري 1/172 وابن حبان 15/554 والحاكم 2/162 والبيهقي 8/198 والنسائي 5/155 وابن أبي شيبة 7/548 وأحمد 2/206 وغيرهم.. وصرح العديد من المحدثين بتواتره
[252] البخاري 1/172
[253] ابن العماد: شذرات الذهب 1/213

المصدر: خاص - الوحدة الإسلامية




صفحتي على الفيس بوك

الحرية هي مطلب العُقلاء..ولكن من يجعل نفسه أسيراً لردود أفعال الآخرين فهو ليس حُرّاً....إصنع الهدف بنفسك ولا تنتظر عطف وشفقة الناس عليك..ولو كنت قويا ستنجح....سامح عسكر



سامح عسكر
سامح عسكر
المدير العام
المدير العام

الخلافات السياسية بين الصحابة : رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ (3/6)  Empty
الديانه : الاسلام
البلد : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 14253
نقاط : 28717
السٌّمعَة : 23
العمر : 45
مثقف

https://azhar.forumegypt.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى